الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمراد بالجهاد هنا ما يشمل الأنواع الثلاثة، كما يؤيده ما روى عن الحسن أنه قرأ الآية وقال:«إن الرجل ليجاهد فى الله تعالى وما ضرب بسيف» .
واجتباكم: أي اختاركم، حرج: أي ضيق بتكليفكم ما يشق عليكم، واعتصموا بالله أي استعينوا به وتوكلوا عليه، مولاكم: أي ناصركم.
المعنى الجملي
بعد أن تكلم فى الإلهيات ثم فى النبوات- أتبعهما بالكلام فى الشرائع والأحكام.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ، وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، اخضعوا لله، وخروا له سجدا، واعبدوه بسائر ما تعبّدكم به، وافعلوا الخير الذي أمركم بفعله من صلة الأرحام ومكارم الأخلاق، لتفلحوا وتفوزوا من ربكم بما تؤمّلون من الثواب والرضوان.
(وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ) أي وجاهدوا فى سبيل الله جهادا حقا خالصا لوجهه لا تخشون فيه لومة لائم.
(هو اجتباكم) أي هو اختاركم من سائر الأمم، وخصكم بأكرم رسول، وأكمل شرع.
(وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) أي وما جعل عليكم فى الدين الذي تعبدكم به ضيقا لا مخرج لكم منه، بل وسّع عليكم وجعل لكم من كل ذنب مخلصا، فرخص لكم فى المضايق فالصلاة وهى أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين تجب فى الحضر أربعا وفى السفر تقصر إلى اثنتين، ويصليها المريض جالسا، فإن لم يستطع فعلى جنبه،
وأباح الفطر حين السفر وحين الإرضاع والحمل والشغل فى شاقّ الأعمال، ولم يوجب علينا الجمعة فى المساجد حين السفر أو الخوف من عدو أو سبع أو مطر إلى نحو أولئك، كما فتح لكم باب التوبة وشرع لكم الكفارات فى حقوقه ودفع الدية بدل القصاص إذا رضى الولي.
ونحو الآية قوله سبحانه: «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وقوله: «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» وقوله: «رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا» .
(مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) أي وملتكم هى ملة أبيكم إبراهيم الحنيفية السمحة التي لم يعتورها جنف ولا إشراك.
ونحو الآية قوله تعالى: «قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً» الآية.
(هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ، وَفِي هذا) أي إن الله سماكم يا معشر من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم المسلمين فى الكتب المتقدمة وفى هذا الكتاب.
وخلاصة هذا- إنه تعالى ذكر أنه اختارهم من بين سائر الأمم، ثم حثهم على اتباع ما جاءهم به الرسول، لأنه ملة أبيهم إبراهيم، ثم نوّه بذكره والثناء عليه فى كتب الأنبياء قبله وفى القرآن.
(لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي إنما جعلكم هكذا أمة وسطا عدولا مشهودا بعدالتكم بين الأمم، ليكون محمد صلى الله عليه وسلم شهيدا عليكم يوم القيامة بأنه قد بلغكم ما أرسل به إليكم، وتكونوا شهداء على الناس بأن الرسل قد بلغوهم ما أرسلوا به إليهم.