الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حطبا للنار حين يردونها، وأنهم من شدة العذاب فيها يكون لهم أنين وزفير، حتى لا يسمع بعضهم أصوات بعض، لفظاعة ما هم فيه من العذاب.
أما من كتبت له السعادة والنجاة من النار فأولئك يكونون مبعدين عنها لا يسمعون صوت لهيبها، ولا يخافون من أهوالها وآلامها، بل يكونون فى نعيم دائم وتستقبلهم الملائكة مهنئين لهم قائلين: هذا يومكم الذي كنتم توعدون فى الدنيا.
ثم أعقب ذلك بذكر حال السماء حينئذ، وأنها تطوى طيا وكأنها لم تكن كما يطوى الكاتب الطومار الذي يكتب فيه، ويحوّل ذلك العالم المشاهد إلى عالم آخر فيخلق الله أرضا جديدة وكواكب جديدة ويعيد الناس للحساب، وهو القادر على ذلك، فكما قدر على خلقه أول مرة يعيده فى حال أخرى كما قال:«يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ» .
الإيضاح
(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) أي إنكم أيها المشركون بالله العابدون من دونه الأوثان والأصنام، وما تعبدون من دونه من الآلهة- وقود جهنم، وإنكم واردوها وداخلون فيها.
ونحو الآية قوله: «فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ» .
والحكمة فى أن الآلهة تقرن بهم وتدخل معهم فى النار:
(1)
إنهم كلما رأوهم ازدادوا غما وحسرة، لأنهم ما وقعوا فى العذاب إلا بسببهم وقد قالوا: النظر إلى وجه العدوّ باب من أبواب العذاب (2) إنهم قد كانوا فى الدنيا يظنون أنهم يشفعون لهم فى الآخرة ويدفعون عنهم العذاب، فإذا استبان لهم أن الأمر على عكس ما كانوا يظنون لم يكن شىء أبغض إليهم منهم.
(3)
إن إلقاءهم فى النار استهزاء بهم وبعبادتهم.
ثم بين لهم بالدليل خطأ ما يعتقدون فقال:
(لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) أي لو كان هؤلاء الأصنام آلهة كما تزعمون أيها العابدون- ما وردوا النار ولا دخلوها، لكنه قد اتضح لكم على أتمّ وجه أنهم وردوها، إذ صاروا حطبها، فامتنع كونهم آلهة.
وقصارى ذلك- إن الأصنام إذا كانت لا تنفع نفسها، ولا تدفع الضر عنها، فهى أبعد من أن تدفع الضر عن غيرها، ومن جرّاء ذلك فهى جديرة بالتحقير والإهانة، لا بالتعظيم والعبادة.
(وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ) أي وكل من الآلهة ومن عبدوها ما كثون فى النار أبدا، لا خلاص لهم منها.
ثم بين أحوالهم فيها فقال:
(1)
(لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ) أي لهم فى النار أنين ونفس متقطع، من شدة ما ينالهم من العذاب.
(2)
(وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) أي وهم فى النار لا يسمع بعضهم زفير بعض، لعظم الهول وفظاعة العذاب.
وبعد أن ذكر حال أهل النار وعذابهم بسبب شركهم بالله، عطف عليه بيان أحوال السعداء من المؤمنين بالله ورسوله وقد أسلفوا صالح الأعمال فقال:
(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) أي إن الذين سبق لهم التوفيق للطاعة، وأخبتوا لله وأخلصوا له العمل- لا يدخلون النار ولا يقربونها البتة.
ثم ذكر أوصافهم حينئذ فقال:
(1)
(لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) أي لا يسمعون صوت النار الذي يحسّ من حركتها، ولا يرون اضطرابها من شدة توهّجها.
(2)
(وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) أي إنهم فى حبور دائم، ونعيم لا ينقطع.
(3)
(لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) أي لا يخيفهم هول النفخة الأخيرة فى الصور