الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
أيوب: هو أيوب بن أموص اصطفاه الله وبسط الدنيا وكثر أهله وماله، ثم ابتلاه بموت أولاده بسقوط البيت وبذهاب أمواله وبالمرض فى بدنه ثمانى عشرة سنة، وسنه إذ ذاك سبعون سنة، ثم آتاه الله من الأولاد ضعف ما كان وأزال عنه ما به من مرض، وسيأتى تفصيل قصصه فى سورة ص، والضرر: شائع فى كل ضرر، والضر (بالضم) : خاص بما فى النفس من مرض وهزال ونحوهما، والذكرى: التذكرة.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر قصص داود وسليمان وما كان منهما من شكر على النعماء- أردف ذلك قصص أيوب لما فيه من صبر على البلاء، فداود وسليمان شكرا على النعم المترادفة، وأيوب صبر على النقم النازلة، فأزيلت عنه.
وإن فى قصصه الذي ذكر هنا وفى مواضع من الكتاب الكريم لعبرا له ولغيره ممن سمع به، ولفتا لأنظارهم إلى أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن الواجب على المرء أن يصبر على ما يناله من البلاء فيها ويجتهد فى القيام بحق الله ويصبر فى حالى السراء والضراء.
الإيضاح
(وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) أي واذكر نبأ أيوب حين دعا ربه وقد مسه الضر والبلاء فقال: رب إنى قد مسنى الضر وأنت أعظم رحمة من كل رحيم.
وقد وصف أيوب نفسه بما يستحق به الرحمة، ووصف ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بمطلوبه إيماء منه بأن ربه به عليم، فكأنه يقول: أنا أهل لأن أرحم، وأنت
الكريم الجواد الذي يرحم، فأفض علىّ من جودك ورحمتك ما يسعفنى ويدفع الضر عنى فأنت أرحم الراحمين.
وهذا أسلوب من الطلب دقيق المسلك حكيم المنحى.
روى أن امرأته قالت له يوما لو دعوت الله، فقال: كم كانت مدة الرخاء؟ فقالت ثمانين سنة، فقال أستحيى من الله أن أدعوه، ما بلغت مدة بلائي مدة رخائى.
(فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) أي فاستجبنا له دعاءه فكشفنا ضره، وقد كان الذي نزل به امتحانا من الله واختبارا له.
(وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) أي وأعطيناه فى الدنيا مثل أهله عددا مع زيادة مثل آخر، فولد له من الأولاد ضعف ما كان.
(رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) أي آتيناه ما ذكر رحمة منا لأيوب، وتذكرة للعابدين ليصبروا كما صبر فيثابوا كما أثيب فى الدنيا والآخرة.
وخلاصة ما سلف- إن أيوب ابتلى فى نفسه وولده وماله، فابتلى بالمرض وهلاك الأولاد وضياع الأموال امتحانا منه تعالى واختبارا له، ثم كشف عنه ما به من ضر فشفى من أمراضه التي أصيب بها، وأنجب من الأولاد ضعف ما كان، وحسن حاله فى ماله فزال ما به من عدم وإقتار.
ولم يصرح القرآن الكريم بما صار إليه من سعة فى المال كما صرح بما صار إليه أمره من كثرة الولد.
وما روى من مقدار ما لحقه من الضر فى نفسه حتى وصل إلى حد النفرة منه، وأن الناس جميعا تحاموه وطردوه من مقامه إلى ظاهر المدينة فى موضع الكناسة ولم يكن يتصل به إلا امرأته التي تذهب إليه بالزاد والقوت- فكل ذلك من الإسرائيليات التي يجب الاعتقاد بكذبها، لأنه ليس لها من سند صحيح يؤيدها، ولأن من شروط النبوة ألا يكون فى النبي من الأمراض والأسقام ما ينفر الناس منه، ولأنه متى كان كذلك لا يستطيع الاتصال بهم وتبليغ الشرائع والأحكام إليهم، وسيأتى لهذا مزيد إيضاح فى سورة ص.