الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
البدن: واحدها بدنة، وهى الناقة أو البقرة التي تنحر بمكة، وتطلق على الذكر والأنثى، وشعائر الله: أعلام دينه التي شرعها لعباده، صوافّ: أي قائمات قد صفت أيديهن وأرجلهن، واحدها صافة، وجبت جنوبها: أي سقطت جنوبها على الأرض ويراد بذلك زهقت أرواحها وفقدت الحركة، القانع: أي الراضي بما عنده وبما يعطى من غير مسألة، قال لبيد:
فمنهم سعيد آخذ بنصيبه
…
ومنهم شقىّ بالمعيشة قانع
والمعترّ:
أي المتعرض للسؤال، المحسنين: أي المخلصين فى كل ما يأتون وما يذرون في أمور دينهم.
المعنى الجملي
بعد أن حث سبحانه على التقرب بالأنعام كلها، وبين أن ذلك من تقوى القلوب، خص من بينها الإبل، لأنها أعظمها خلقا، وأكثرها نفعا، وأنفسها قيمة.
الإيضاح
(وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ) امتن سبحانه على عباده بأن خلق لهم البدن وجعلها من شعائره، فتهدى إلى بيته الحرام، بل جعلها أفضل ما يهدى إليه.
وإطلاق البدنة على البعير والبقرة هو قول معظم أئمة اللغة وهو مذهب أبى حنيفة وقول عطاء وسعيد بن المسيّب من التابعين، وروى عن بعض الصحابة فقد أثر عن ابن عمر رضى الله عنهما: لا تعلم البدن إلا من الإبل والبقر.
وتجزىء البدنة عن سبعة لما رواه أبو داود عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة» .
(لكم فيها خير) أي لكم فيها نفع فى الدنيا كالركوب واللبن، وأجر فى الآخرة بنحرها والتصدق بها.
(فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ) أي فاذكروا اسم الله على البدن حين نحركم إياها قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن، وقولوا: بسم الله والله أكبر، اللهم منك وإليك.
(فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) أي فإذا سقطت وزهقت أرواحها ولم يبق لها حركة، فكلوا منها وأطعموا القانع المستغنى بما تعطونه وهو فى بيته بلا مسألة، والمعترّ الّذى يتعرض لكم، ويأتى إليكم لتطعموه من لحمها.
وخلاصة ذلك- كلوا وأطعموا.
(كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي هكذا سخرنا البدن لكم مع عظم أجرامها وكمال قوتها، فلا تستعصى عليكم، بل تأتى إليكم منقادة فتعقلونها وتحبسونها صافة قوائمها ثم تطعنونها فى لباتها، لتشكروا إنعامنا عليكم بالتقرب والإخلاص فى أعمالكم.
ولما حث سبحانه على التقرب بها مذكورا اسمه عليها- بيّن السبب فقال:
(لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) أي لن ينال رضا الله اللحوم المتصدق بها ولا الدماء المهراقة بالنحر، ولكن ترفع إليه الأعمال الصالحة والإخلاص فيها بإرادة وجهه تعالى فحسب.
والخلاصة- لن يرضى المضحّون ربهم إلا إذا أحسنوا النية وأخلصوا له فى أعمالهم، فإذا لم يراعوا ذلك لم تغن عنهم التضحية والتقرب بها شيئا وإن كثر ذلك،
فقد جاء فى الصحيح: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» .
ثم كرر سبحانه التنبيه على عظم تسخيرها، لافتا أنظارهم إلى ما أوجب عليهم بقوله: