الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفشلهم في ساعة من ساعات الدهر، واذا تمكن هذا الذل من نفوس أمة، فقد ماتت وان كنت تراها تغدو وتروح، وتأكل وتعيش.
ابتلاء المسلمين بعبادة المادة وحب الدنيا
وابتلي المسلمون في هذه المرة بتأثير الحضارة الغربية .. والفلسفة الغربية، بعبادة المادة وحب الدنيا، والجري وراء النفع العاجل، وتقديم المصالح الشخصية والمنافع المادية على المبادئ والأخلاق، شأن الأمم الأوربية الجاهلية، فكانت هذه الأخلاق وهذه النفسية والتربية مانعا من الجهاد في سبيل الله واعلاء كلمته، ومن تحمل المشاق، وتجرع المرائر، ومكابدة الأهوال والخسائر في سبيل المبدأ الصحيح والعقيدة السامية.
أسوأ جيل عرفه تاريخ الإسلام
كان نتيجة هذا كله أن ظهر جيل في المسلمين: متنور الذهن، ولكن مظلم الروح. أجوف القلب، ضعيف اليقين، قليل الدين، قليل الصبر والجلد، ضعيف الارادة والخلق، يبيع دينه بدنياه، وأجله بعاجله، ويبيع أمته وبلاده بمنافعه الشخصية، وبجاه وعزة وهمية، ضعيف الثقة بنفسه وأمته، عظيم الاتكال، كثير الاستناد الى غيره:{وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم} [المنافقون: 04].
هؤلاء هم الذين نشروا في المسلمين الجبن والوهن، وصرفوا المسلمين عن الاتكال على الله، ثم الاعتماد على أنفسهم الى الاعتماد على
غيرهم والتكفف لديهم والالتجاء في مواقع الخطر اليهم، وأطفئوا في قلوبهم شعلة الجهاد في سبيل الله، والحمية للدين، وأبدلوها بالوطنية العليلة، والقومية الناعسة، وأبدلوا جنونها الذي بعث الحكمة من مرقدها وأطلق العقل من أساره، والذي تمكن مما لم يتمكن منه العقل والعلم ف آلاف من السنين، أبدلوها هذا "الجنون" الحكيم بعقل ناقص عليل، لا يعرف الا الموانع والعراقيل.
وقد ظهر هذا التحول العظيم في العقيدة والنفسية، والافلاس في الروح والايمان، في شر مظاهره في حرب فلسطين، فكان فضيحة للعالم العربي في القرن الرابع عشر الهجري، كما كان انكسار المسلمين وفشلهم الذريع أمام الزحف التتاري فضيحة للعالم الاسلامي في القرن الثامن، فقد اجتمعت سبع دول عربية لتحارب الصهيونية وتدافع عن وطن عربي اسلامي مقدس، عن القبلة الأولى، وعن المسجد الثالث الذي تشد اليه الرحال، وعن جزيرة العرب والأقطار العربية التي أصبحت مهددة بالخطر اليهودي، فكانت حرب فلسطين دفاعاً عن حياة وشرف وعن دين وعقيدة، وكان العالم العربي بأسره ازاء دويلة صغيرة لم تستقر بعد، واتجهت الانظار الى مسرح فلسطين، وانتظر الناس معركة مثل معركة اليرموك، أو وقعة مثل وقعة حطين، ولماذا لا ينتظرونها والامة هي الامة، والعقيدة هي العقيدة، مع زيادة فائقة في العدد والعُدد. فلماذا لا ينتصر العرب وهم عالم؟ ولماذا لا يقضون على عدوهم وهو حفنة من المشردين؟
ولكنهم نسوا ما فعلت الايام وما فعلت التربية، وما فعلت الدول والزعامة السياسية، وما فعلت المادية بالأمة العربية في هذا العصر. لقد تقدم العرب الى معركة اليرموك حقا، ولكن بغير الايمان الذي تقدم به أسلافهم الى هذه المعركة في العصر الأول.
لقد تقدموا الى وقعة كانت وقعة حاسمة كحطين - لو ظفر