الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العرب - ولكنهم تقدموا بغير الروح التي تقدم بها صلاح الدين وجنده المؤمن المجاهد. تقدموا بقلوب خاوية تكره الموت وتحب الحياة، وأهواء مشتة، وكلمة متفرقة. يريدون أن يربحوا النصر ولا يخسروا شيئا، وأن يحافظوا على شرفهم ولا يخاطروا بشيء، كل يعتقد أن غيره هو المسئول عن الحرب، وعن الغلبة والهزيمة، ثم هم يقاتلون وحبلهم في يد غيرهم. اذا أرخى قليلا تقدموا، واذا جره تأخروا، واذا قال حارِبوا حاربوا، واذا قيل اصطِلحوا اصطلحوا، وما هكذا يكتسب الظفر ويقهر العدو.
أوردها سعد، وسعد مشتمل
…
ما هكذا يا سعد تورد الابل
وبقي العالم متطلعا الى ما قرأه في تاريخ الجهاد الاسلامي من روائع الايمان، وخوارق الشجاعة والصبر، والاستهانة بالحياة والبسالة والبطولة، والاستقبال للموت، والتمني للشهادة، وحسن النظام، وروح الاطاعة والايثار، فلم ير من ذلك شيئا، الا لمعات واشراقات للايمان كانت تظهر من بعض المتطوعين في حرب فلسطين، والاخوان المجاهدين، تجندوا وتطوعوا للحرب بدافع الايمان، والدفاع عن الاسلام، وحملتهم الحمية الدينية على المغامرة، ودفعتهم الى ميدان الحرب، فشرفوا الدين وأرعبوا القلوب، وأعادوا التاريخ القديم، وبرهنوا على أن الايمان لا يزال المنبع الفياض للقوة والنظام، وأن عنده من القوة والنفوذ، والتنظيم وروح المقاومة والجهاد، ما ليس عند الدول الكبيرة المنظمة.
خاتمة
بين الصُورة والحقيقة
لقد ثبت مما ذكرناه في هذا المقال، وما سردناه من الأمثلة والاخبار، وشهادات التاريخ ومشاهدات هذا العصر - وما حرب فلسطين منا ببعيد - أن المد والجزر في تاريخ الاسلام وأحوال المسلمين تابعان
للمد والجزر في الايمان، وقوة معنوياتهم التي تنبثق من الدين، وان منبع قوة هذه الأمة في باطنها، وهو القلب والروح، فاذا عمر القلب بالايمان بالله ورسوله واليوم الآخر، وتزكت الروح بتعاليم الدين والاخلاق الاسلامية، وجاش الصدر بالحمية الدينية جيشان المرجل، وأخذ المسلمون عدتهم من القوة المادية، وأعدوا للعدو ما استطاعوا وأدركوا ما عليه العالم من جور وظلم، ومن جهالة وسفاهة، وضلال في الدين والدنيا، وعلموا أن الزمان قد استدار كهيئته يوم جاء الاسلام، والعالم قد عاد جاهليا كما بدأ:{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} [الروم: 41]. فانعطفوا عليه ورأوا كأن العالم في حريق ولا ماء الا عندهم، فسعوا به يطفئون النار التي عمت الدنيا، ونسوا في سبيل ذلك لذاتهم، وتكدر عيشهم، وطار نومهم، وجن جنونهم، فعند ذلك يتحولون قوة خارقة للعادة، لا يغلبها العالم، ولو سعى بأسره وجيمع شعوبه وجنوده، ودوله، ويصيرون قضاء الله الغالب وقدره المحتوم وكلمته العليا.
{ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنهم لهم المنصورون. وإن جندنا لهم الغالبون} [الصافات: 171 - 173].
{ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} [آل عمران: 139].