الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة (56) : في بيان العالي والنازل وأنواعهما
…
مسألة: [في بيان العالي والنازل وأنواهما]
"العالي" أي الإسناد العالي وهو الذي قلت: الوسائط في سنده أو قدم سماع روايته وزمانه "والنازل" وهو يقابله.
واعلم أنه طوى المنصف من كلام الزين آداب المحدث وآداب طالب الحديث وهو نحو من كراس في القطع الكنعان متنا وشرحا.
ثم اعلم أن أصل الإسناد من حيث هو خصيصة خاصة من خصائص هذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكذة وروى السخاوي1 عن محمد بن حاتم بن المظفر أنه يقول إن الله أكرم هذه الأمة وفضلها وشرفها بالإسناد وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد وإنما هو صحف في أيديهم وخلطوا بكتبهم أخبارهم فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما أخفوه بكتبهم من الأخبار عن غير الثقات وهذه الأمة إنما ينص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة والضبط عن مثله حتى تنتهي أخبارهم ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ والأضبط والأطول مجالسة يميزونه ممن كان أقل مجالسة ثم يكتبون الحديث من أكثر من عشرين وجها حتى يهذبوه من الغلط والخلل ويحفظون حروفه ويعدونها عدا فهذا من أغظم نعم الله على هذه الأمة فنستوزع الله شكر هذه النعمة.
قال المصنف "استحب أكثر أهل الحديث الإسناد العالي" قال أحمد بن حنبل طلب الإسناد العالي سنة ممن سلف2 وقال محمد بن أسلم الطوسي قرب الإسناد قرب أوقربة إلى الله تعالى وقال الحاكم3 طلب الإسناد العالي سنة صحيحة وحكى
1 3/331.
2 الجامع 1/123، والرحلة ص 89.
3 معرفة علوم الحديث ص 5،6.
حديث أنس في مجيء الأعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا محمد أنانا وسولك فزعم كذا الحديث قالوا فلو كان طلب العلو في الإسناد غير مستحب أنكر عليه سؤاله عما أخبره رسوله عنه ولأمره بالاقتصار على ما أخبره به الرسول وفيه احتمالات أخر لا يتهم معها به الاستدلال لما ذكر.
"ولم يحك الحاكم اختلافا في تفضيل العلو" لما ذكر "و" لكنه "حكى الخطيب في ذلك اختلافا" وحكاه قبله ابن خلاد1 عن بعض أهل النظر أنه قال الأسناد النازل أفضل "مبناه على أن الإسناد أكثر مشقة لكثرة رجاله والعناية بمعرفة عدالتهم" لأنه يجب على الراوي معرفة عدالة من يروي عنه وتعديله والإجتهاد في أحوال رواة النازل أكثر قطعا.
"قال ابن الصلاح2: وهو مذهب ضغيف الحجة قال ابن دقيق العيد لأن كثرة المشقة" التي عللوا بها أفضلية النازل "ليست مطلوبة لنفسها ومراعاة المعنى المقصود من الرواية وهي الصحة أولى. انتهى".
قال ابن دقيق العيد3 ولا أعلم وجها لترجيح العو إلا أنه أقرب إلى الصحة وقلة الخطأ فإن الطالبين يتفاوتون في الإتفاق والغالب عدم الإتقان فإذا كثرت الوسائط ووقع من كل واسطة تساهل كثر الخطأ والزلل وإذا قلت: الوسائط قل. انتهى.
"وهذا" أي تفضيل العالي "كله مع الثقات أما إذا كان العالي ضعيفا فالنازل خير منه بغير شك" قال ابن دقيق العيد4 وحينئذ فمحل الخلاف عند التساوي في جميع الأوصاف ما عدا العلو.
واعلم أنهم قسموا العلو إلى خمسة أقسام ذكرها الزين في نظمه وشرحه5.
1 المحدث الفاضل ص 216.
2 علوم الحديث ص 238.
3 الاقتراح ص 302.
4 الاقتراح ص 302.
5 فتح المغيث 3/99- 105.