المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة: 57 [في بيان الغريب والعزيز والمشهور] - توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار - جـ ٢

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌مسألة (37) : في بيان حقيقة المنكر وأقسامه

- ‌مسألة: 38 [في بيان حقيقة الأفراد]

- ‌مسألة: 39 [في بيان حقيقة الاعتبار والمتابعات والشواهد]

- ‌مسألة: 40 [في زيادة الثقات]

- ‌مسألة: 41 [في بيان المعل، وأقسامه، وحكمه]

- ‌مسألة: 42 [في حقيقة المضطرب وأنواعه وحكمه]

- ‌مسألة: 43 [في بيان حقيقة المدرج وأنواعه وحكمه]

- ‌مسألة (44) : في الموضوع وحكمه

- ‌مسألة (45) : فيما يعرف به أن الحديث موضوع

- ‌مسألة: 46 [في المقلوب وأنواعه وحكمه]

- ‌مسألة: 47 [في بيان من تقبل روايته ومن ترد روايته]

- ‌مسألة: 48 [في المجهول وأنواع الجهالة وأحكامها]

- ‌مسألة: 49 [في قبول رواية الفساق المتأولين]

- ‌مسألة: 50 [في ذكر مراتب التعديل]

- ‌مسألة: 51 [في مراتب الجرح]

- ‌مسألة: 52 [في بيان السن التي يصلح تحمل الحديث فيها]

- ‌مسألة: 53 [في بيان أقسام التحمل]

- ‌مسألة: 54 [في كتابة الحديث وضبطه]

- ‌مسألة: 55 [في بيان صفات راوي الحديث وآدابه]

- ‌مسألة (56) : في بيان العالي والنازل وأنواعهما

- ‌مسألة: 57 [في بيان الغريب والعزيز والمشهور]

- ‌مسألة: 58 [في بيان غريب الحديث]

- ‌مسألة: 59 [في بيان المسلسل]

- ‌مسألة: 60 [في بيان الناسخ والمنسوخ]

- ‌مسألة: 61 [في بيان التصحيف]

- ‌مسألة: 62 [في مختلف الحديث]

- ‌مسألة: 63 [في معرفة الصحابة]

- ‌[فوائد غزيرة وعلوم عزيزة]

الفصل: ‌مسألة: 57 [في بيان الغريب والعزيز والمشهور]

‌مسألة: 57 [في بيان الغريب والعزيز والمشهور]

"الغريب والعزيز والمشهور" قسم الحافظ ابن حجر في النخبة1 الحديث أربعة أقسام الأول المتواتر فقال الأول أن يكون للخبر طرق بلا عدد معين أو مع حصر بما فوق الإثنين أو بهما أو بواحد فالأول المتواتر المفيد للعلم اليقيني بشروطه وهو المستفيض على رأي والثاني المشهور والثالث العزيز والرابع الغريب وكلها آحاد ما عدا الأول.

"قال ابن الصلاح2: الغريب هو الذي ينفرد به بعض الرواة وسواء انفرد بالحديث كله أو بشيء منه أو في سنده وقال ابن منده ما معناه الغريب من الحديث انفراد الراوي بالحديث عن إمام قد جمع حديثه وحفظ" وذلك الإمام "مثل قتادة" ابن دعامة "و" محمد بن شهاب "الزهري" ممن حفظت أحاديثهم وجمعت "فإذا انفرد الراوي عن أحدهم" من بين من أخذ عنهم "بحديث سمي غريبا فإذا روى عنهم رجلان أو ثلاثة واشتركوا سمي عزيزا".

واعلم أن العزيز على تفسير ابن منده يكون بينه وبين المشهور عموم وخصوص من وجه وخص بعضهم المشهور بالثلاثة ولاعزيز بالإثنين واختاره الحافظ ابن حجر كما عرفت من كلامه السابق وسمي عزيزا إما لعزة وجوده من قولهم عز الشيء يعز عزا وعزازة إذا قل بحيث لا يكاد يوجد وإما من قولهم عز يعز بفتح المهملة فيه عزا وعزازة إذا اشتد وقوى ومنه قوله تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} لمجيئه من طريق أخرى كما أفاده في النخبة وشرحها3.

1 ص 18، 23:25.

2 علوم الحديث ص 243.

3 ص 24.

ص: 229

"فإذا روى الجماعة" ثلاثة أو أكثر "عنهم سمي مشهورا عند المحدثين" احترازا عن المشهور على ألسنة العامة سمي بذلك لوضوحه أي شهرته لكونه رواية أكثر من أثنين.

قال الحافظ ابن حجر: وهو المستفيض على رأي جماعة من أئمة الفقهاء سمي بذلك لانتشاره من فاض الماء يفيض قبضا أي زاد حتى خرج من جوانب الأناء كما في شمس العلوم وقد ذكر الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها1 الخلاف في هذا وبيان إطلاقه على غيره.

"قال الزين وهكذا ذكر محمد بن طاهر المقدسي وكأنه أخذه من كلام ابن منده قال زين الدين وليست الغرابة والعزة والشهرة تنافي صحة الحديث ولا تنافي ضعفه" إذ قد علم من رسمها أنه لا منافاة بينها وبينهما.

"قال" زين الدين "ومثل ابن الصلاح المشهور الذي ليس بصحيح بحديث: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" 2 وتبع" ابن الصلاح الحاكم في ذلك فإنه مثل به له قال زين الدين "وقد صحح بعض الأئمة طرق الحديث هذا كما بينه في كتاب تخريج أحاديث الأحياء" يعني فلم يتم التمثيل به لما ذكر:

قلت: بحثت في تخريج أحاديث الأحياء للحافظ الزين رحمه الله من نسخة فيها يخطه الكثير وقد ذكر الحديث الغزالي في الجزء الأول من باب العلم فلم أجد فيه له عليه كلاما أصلا فراجعت الجامع الكبير للسيوطي فرأيته نسب تخريجه إلى ابن عدي3 والحاكم في الكني وابن عبد البر في العلم والطبراني في الكبير الخطيب وابن عساكر4 وابن النجار من طرق متعددة عن أنس والبيهقي وتمام عن ابن مسعود والطبراني في الأوسط وتمام عن ابن عباس وتمام وابن عساكر والخليلي والرافعي عن ابن عمر قال ابن عساكر غريب جدا والخطيب وابن عساكر عن علي والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان وتمام والخطيب وابن عساكر عن أبي سعيد والخطيب وابن السمان عن الحسن بن علي انتهى كلامه.

1 ص 23.

2 الطبراني 10/240، وبنحوه: ابن ماجة 224، والخطيب 10/375.

3 6/2091.

4 6/278.

ص: 230

"قال وذكر ابن الصلاح1 في أمثلته ما بلغه عن أحمد بن حنبل" ما أخرجه عنه ابن الجوزي في آخر باب الجهاد من موضوعاته أنه "قال أربعة أحاديث تدور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق لا أصل لها".

الأول: "من بشرني بخروج أذار بشرته بالجنة2" وأذار بفتح الهمزة فذال معجمة فألف فراء قال في القاموس هو السادس من الشهور الرومية.

"و" الثاني: "من آذى ذميا فأنا خصمة يوم القيامة3".

"و" الثالث: "نحركم يوم صومكم4".

"و" الرابع: "للسائل حق ولو" أي جاء "على فرس5 قال زين الدين" في شرح الألفية "لا يصح هذا عن أحمد بن حنبل فقد أخرج هذا الحديث الرابع في مسنده بإسناد جيد من حديث الحسين بن علي وأخرجه أبو داود" أي من حديث الحسين بن علي عليهما السلام "وسكت عنه وأخرجه أبو داوداي من حديث علي عليه السلام وفي إسناده من لم يسم ورويناه من حديث ابن عباس والهرماس بن زياد".

"وأما حديث من آذى ذميا" وهو الثاني "فقد رواه بنحوه أبو داود وكست عنه وأسناده جيد" ولفظه: "ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة". "وإن كان فيه من لم يسم فأنهم عنده من أبناء الصحابة يبلغون حد التواتر الذي لا يشترط فيه العدالة فقد روينا عن البيهقي" لفظ الزين فقد رويناه في سنن البيهقي "وفيه عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".

"وأما الحديثان الآخران" وهما الثالث والرابع "فلا أصل لهما كما ذكر" أي عن أحمد فالمراد من قوله ولا يصح هذا عن أحمد أي لا يصح كله لا بعضه ويحتمل أن يقرأ كما ذكر مغير الصيغة أي ذكره من نقله عن أحمد وأما مثال المشهور الصحيح فلم يذكره لكثرته.

1 ص 239.

2 التذكرة 116، واللآلئ 2/78.

3 الموضوعات 2/236، واللآلئ 2/78، وتنزيه الشريعة 2/181.

4 الموضوعات 2/236. والتذكرة 221، والأسرار397.

5 أبو داود 1665، 1666. وأحمد 1/201. والبيهقي 7/23.

ص: 231

"وأما أمثال الغريب الصحيح" وهو القسم الأول "فأفراد الصحيح كثيرة منها حديث مالك عن يحيى بن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا: "السفر قطعة من العذاب" تمامه: "يدع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى أحدكم نهمته من وجه فليعجل الرجوع إلى أهله" أخرجه مالك وأحمد والبخاري وابن ماجه1 عن أبي هريرة عن عائشة.

"وأما" مثال "الغريب الذي ليس بصحيح" وهوالقسم الثاني "فهو الغالب على الغرائب قال أحمد لا تكتبوا هذه الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء2 وقال مالك شر العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس3 وروينا عن عبد الرزاق أنه قال كنا نرى غريب الحديث خير فإذا هو شر4".

قال زين الدين وقسم الحاكم الغريب إلى ثلاثة أنواع غرائب الصحيح وغرائب الشيوخ وغرائب المتون5 وقسمه ابن طاهر إلى خمسة أنواع ونقل عن ابن الصلاح تقسيما للغريب باعتبار سنده ومتنه وأطال في ذلك.

"قلت: روى الذهبي في النبلاء في ترجمة الزهري عن الزهري أنه قال حدثت علي بن الحسين" أي ابن علي "حديثا فلما فرغت قال أحسنت بارك الله فيك هكذا حدثناه" بالنباء المجهول ويصح للمعلوم "قال الزهري أراني حدثتك بحديث أنت أعلم به مني قال لا تقل ذلك فليس من العلم ما لا يعرف وإنما العلم ما عرفت وتواطأت عليه الألسن" فأفاد ما أفاده كلام من تقدم قبله.

"فهذا" التقسيم "في الغريب والمشهور يقابله وهو" أي المشهور "ينقسم" أيضا كما انقسم إلى صحيح وضعيف فهو ينقسم "إلى" مشهور "متواتر و" مشهور "غير متواتر فالمتواتر ما تعلم صحته بالضرورة لكثرة رواته في الطرفين والوسط ذكره الأصوليون" ولهم فيما فيده خلاف هل ضروري أم لا "و" ذكره "من المحدثين جماعة منهم الحاكم وابن حزم وابن عبد البر".

"ومن أمثلته" ما يأتي قال ابن الصلاح: ومن سئل عن إبراز مثال ذلك أعياه

1 مالك 980، وأحمد 2/236، والبخاري 3/10، 4/ 71. وابن ماجة 2882.

2 فتح المغيث للسخاوي 4/10.

3 المصدر السابق.

4 الكفاية ص 142، والمحدث الفاصل ص 562.

5 علوم الحديث ص 244- 245.

ص: 232

تطلبه ثم قال نعم "حديث "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" 1 فإنه رواه بعض المحدثين" وهو أبو بكر البزار في مسنده كما قاله زين الدين "عن نيف" في القاموس النيف الفضل والإحسان ومن واحد إلى ثلاثة "وأربعين من الصحابة فيهم العشرة رضي الله عنهم" المبشرة بالجنة الذين يجمعهم قول المصنف:

للمصطفى خير صحب نص أنهمو

في جنة الخلد نصا زادهم شرفا

هم طلحة وابن عوف والزبير مع

أبو عبيدة والسعدان والخلفا

ثم قال وليس في الدنيا حديث اجتمعت على روايته العشرة غير هذا ذكره زين الدين.

قلت: بل حديث رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام رواه خمسون صحابيا منهم العشرة.

"ورواه بعضهم عن نيف وستين" المراد به ابن الجوزي فإنه أخرجه كذلك ثم قال لا يعرف حديث في الدنيا عن ستين من الصحابة غير هذا الحديث الواحد ذكره زين الدين.

"وصنف" الحافظ أبو الحجاج يوسف ابن خليل "المزي" تقدم ضبطه "في طرقه جزءين فرواه عن مائة صحابي واثنين وروى عن بعض الحفاظ" وكما قاله الزين ابن الجوزي "أنه رواه ما ئتان من الصحابة واستبعده زين الدين" هكذا ذكره في شرح ألفيته2 وذكر هذه الرواية الحافظ ابن حجر في شرح النخبة3.

واعلم أن النزاع في عزة المتواتر كما قاله ابن الصلاح والمراد المتواتر لفظا لا التواتر المعنوي فهو كثير وقد جمع الحافظ السيوطي كتابا في ذلك وفي الأبحاث المسددة للعلامة المقبلى شيء من ذلك كثير وقد تعقب الحافظ ابن حجر في شرح النخبة كلام ابن الصلاح في العزة وأتى في تعقبه بغير المراد لابن الصلاح فراجعه.

"ومن أمثلة ذلك حديث رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام بالصلاة فإنه روي عن طرق كثيرة قال ابن عبد البر رواه ثلاثة عشر من الصاحبة وقال السلفي أربعة عشر وقال ابن كثير عشرون أو نيف وعشرون وجمع زين الدين رواته فبلغوا خمسين" عبارة

1 سبق تخريجه.

2 فتح المغيث 4/8.

3 ص 22.

ص: 233

زين الدين قلت: وقد جمعت رواته فبلغوا نحو الخمسين ولله الحمد انتهى كلامه.

وأما قوله "فيهم العشرة" المبشرة "رضي الله عنهم" فليس من كلام الزين بل قاله عن ابن منده وغيره "وكذلك قال الحاكم ابن البيع أن العشرة" المبشرة "اجتمعوا على روايته وجعل ذلك من خصائص هذه السنة الشريفة" قال البيهقي سمعته أي شيخه الحاكم يقول لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلافء الأربعة ثم العشرة الذي شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنة قال البيهقي هو كما قال أستاذنا أبو عبد الله رضي الله عنه فقد رويت هذه السنة عن العشرة وغيرهم انتهى.

واعلم أنه لايكفي كثرة رواية أول رتبة في التواتر حتىيستمر ذلك في الطرق كلها فكان الأحسن أن يزيد المنصف في هذه الأمثلة ولم تزل طرقها متكاثرة الطرقة تكاثرا تواتريا إلى الآن وكأن تركه للعلم به.

"ومن أمثلة ذلك حديث المسح على الخفين قال صاحب الإمام عن ابن المنذر روينا عن الحسن البصري أنه قال حدثنا سبعون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين وذكر ابن عبد البر أنها من السنن المتواترة قال زين الدين رواه اثر من ستين من الصحابة منهم العشرة رضي الله عنهم ذرك ذلك أبو القسام عبد الرحمن بن محمد بن أسحاق بن منده في كتباب له سماه المستخرج من كتب الناس".

"ومنها" أي ومن أمثلة المتواتر لفظا "حديث تقتلك يا عمار الفئة الباغية" قال الذهبي في النبلاء إنه متواتر.

"وغير ذلك مما يكثر تعداده" هذا لا يتم إلا في المتواتر المعنوي كما عرفت "وتعرف صحته" صحة دعوى التواتر فيما ذكر "من البحث عن طرق هذه الأحاديث والله أعلم" وقد يحصل التواتر لبحاث دون باحث لأن المدار على كثرة الإطلاع وليس الناس فيه سواء.

ص: 234