المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة (45) : فيما يعرف به أن الحديث موضوع - توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار - جـ ٢

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌مسألة (37) : في بيان حقيقة المنكر وأقسامه

- ‌مسألة: 38 [في بيان حقيقة الأفراد]

- ‌مسألة: 39 [في بيان حقيقة الاعتبار والمتابعات والشواهد]

- ‌مسألة: 40 [في زيادة الثقات]

- ‌مسألة: 41 [في بيان المعل، وأقسامه، وحكمه]

- ‌مسألة: 42 [في حقيقة المضطرب وأنواعه وحكمه]

- ‌مسألة: 43 [في بيان حقيقة المدرج وأنواعه وحكمه]

- ‌مسألة (44) : في الموضوع وحكمه

- ‌مسألة (45) : فيما يعرف به أن الحديث موضوع

- ‌مسألة: 46 [في المقلوب وأنواعه وحكمه]

- ‌مسألة: 47 [في بيان من تقبل روايته ومن ترد روايته]

- ‌مسألة: 48 [في المجهول وأنواع الجهالة وأحكامها]

- ‌مسألة: 49 [في قبول رواية الفساق المتأولين]

- ‌مسألة: 50 [في ذكر مراتب التعديل]

- ‌مسألة: 51 [في مراتب الجرح]

- ‌مسألة: 52 [في بيان السن التي يصلح تحمل الحديث فيها]

- ‌مسألة: 53 [في بيان أقسام التحمل]

- ‌مسألة: 54 [في كتابة الحديث وضبطه]

- ‌مسألة: 55 [في بيان صفات راوي الحديث وآدابه]

- ‌مسألة (56) : في بيان العالي والنازل وأنواعهما

- ‌مسألة: 57 [في بيان الغريب والعزيز والمشهور]

- ‌مسألة: 58 [في بيان غريب الحديث]

- ‌مسألة: 59 [في بيان المسلسل]

- ‌مسألة: 60 [في بيان الناسخ والمنسوخ]

- ‌مسألة: 61 [في بيان التصحيف]

- ‌مسألة: 62 [في مختلف الحديث]

- ‌مسألة: 63 [في معرفة الصحابة]

- ‌[فوائد غزيرة وعلوم عزيزة]

الفصل: ‌مسألة (45) : فيما يعرف به أن الحديث موضوع

‌مسألة (45) : فيما يعرف به أن الحديث موضوع

مسألة: 45 [فيم يعرف به أن الحديث موضوع]

ولما كان الوضع دعوى تحتاج إلى معرفة لها ودال عليها قال المصنف "قال زين الدين وابن الصلاح" كان الأولى تقديمه إذ القول له وهو السابق "ويعرف الوضع بالإقرار من واضعه وما يتنزل منزلة إقراره" مثل ذلك الزين بما إذا حدث محدث عن شيخ ثم ذكر أن مولده في تاريخ يعلم تأخره عن وفاة ذلك الشيخ واعترض هذا بعين ما يأتي قريبا أنه يجوز أن يكذب في تاريخ مولده بل يجوز أن يغلط في التاريخ ويكون في نفس الأمر صادقا.

قال الحافظ ابن حجر: الأولى أن يمثل لذلك بما رواه البيهقي في المدخل بسنده الصحيح أنهم اختلفوا بحضور أحمد بن عبيد الله الجوبياري في سماع الحسن بن أبي هريرة فروى لهم حديثا بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سمع الحسن عن أبي هريرة.

"قال ابن الصلاح" وزين الدين أيضا "وقد يفهمون" أئمة الحديث "الوضع" للحديث "من قرينة حال الراوي أو المروي".

قال الحافظ ابن حجر: هذا الثاني هو الغالب وأما الأول فنادر قال ابن دقيق العيد وكثيرا ما يحكمون بذلك باعتبار يرجع إلى المروي وألفاظ الحديث وحاصله أنها حصلت لهم بكثرة محاولة ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم هيئة نفسانية وملكة يعرفون بها ما يجوز أن يكون من ألفاظه وما لا يجوز ثم مثل لقرينة حال الراوي بقصة عثمان بن ابراهيم مع المهدي وهذا أولى من التسوية بينهما فإن معرفة الوضع من قرينة حال المروي أكثر من قرينة حال الراوي.

ومن جملة القرائن الدالة على الوضع الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر اليسير أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير وهذا كثير موجود في حديث القصاص والصوفية.

ص: 72

"فقد وضعت أحاديث طويلة يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها" اعترض على هذا بأن ركاكة اللفظ لا تدل على الوضع حيث جوزت الرواية بالمعنى نعم أن صرح الراوي بأن هذه صيغة لفظ الحديث وكانت تخل بالفصاحة أولا وجه لها في الإعراب دل على ذلك وقد روى الخطيب وغيره عن الربيع بن خثيم التابعي الجليل بأن الحديث ضوء اكضوء النهار يعرف وظلمة كظلمة الليل ينكر.

قلت: ومما رد بوضعه لركاكة ألفاظه ونحوها وجزم العلماء بوصعه الكتاب الذي أبرزه يهود خيبر وزعموا أنه كتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسقاط الجزية وقد ساقه بلفظه الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي وذكر أن من يعرف فصاحة ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرالتها يعرف أنه موضوع وإن كان لوضعه ادلة واضحة ذكر منها إثنى عشر وجها أحدها ما ذكر وقد استوفيت ذلك في رسالة جواب سؤال يحمد الله.

"وقد استشكل إبن دقيق العيد الاعتماد على إقرار الراوي بالوضع" لأن فبه عملا بقوله بعد إعترافه بالوضع "فقال هذا كاف في رده" أي الحديث "ولكن ليس بقاطع في كونه موضوعا لجواز أن يكذب في هذا الاقرار بعينه" فهم إبن الجزرى من كلام إبن دقيق العيد أنه لا يعمل بذلك الاقرار أصلا لاقطعا ولا ظناورد هذا الفهم الحافظ إبن حجر فقال كلام إبن دقيق العيد ظاهر في أنه لايستشكل الحكم بالوضع لأن الأحكام لايشترط فيها القطعيات ولم يقل أحد إنه يقطع بكون الحديث موضوعا بمجرد الإقرار لأن إقرار الواضع بأنه وضع يقتضي موجب الحكم العمل بقوله وإنما نفى إبن دقيق العيد القطع يكون الحديث موضوعا بمجرد إقرار الراوي بأنه وضعه فقط ولم يتعرض لتعليل ذلك ولم يقل إنه لا يلزم العمل بقوله بعد إعترافه لأنه لا مانع من يعمل بذلك لأن إعترافه بذلك يوجب ثبوت فسقه وثبوت فسقه لا يمنع العمل باقراره كالقاتل مثلا إذا إعترف بالقتل عمدا من غير تأويل فإن ذلك يوجب فسقه ومع ذلك نقتله عملا بموجب إقراره مع إحتمال كونه في باطن الأمر كاذبا في ذلك الأقرار بعينه ولذلك حكم الفقهاء علىمن أقر أنه شهد الزور بمقتضى إقراره مع إعترافه وهذا كله مع إعترافه المجرد أما إذا إانضم إلى ذلك قرائن تقتضى صدقه في ذلك الاقرار كمن روى عن مالك عن نافع عنإبن عمر حديث الأعمال بالنيات فلا نقطع أنه ليس من رواية مالك ولا نافع ولا إبن عمر مع ترددنا في كون الراوي له على هذه

ص: 73

الصفة كذب أو غلط فإذا أقر غلط لم نرتب في ذلك.

قال الحافظ ابن حجر: في نكته علىابن الصلاح بعد سرده لما ذكر ما لفظه:

تنييه: أخل المصنف بذكر أشياء ذكرها غيره مما تدل على الوضع من غير إقرارالواضع.

منها: جعل الأصوليين من دلائل الوضع أن يخالف العقل ولا يقبل تأويلا بحال لأنه لا يجوز أن يرد الشرع بما ينافي مقتضى العقل وقد حكى الخطيب هذا في أول كتابه الكفاية تبعا للقاضي أبي بكر الباقلاني وأقره فإنه قسم الأخبار إلى ثلاثة أقسام ما تعرف صحته وما يعلم فساده وما يتردد بينهما ومثل الثاني بما يدفع العقل صحته بموضوعها والأدلة المنصوصة فيها نحو الأخبار عن قدم الأجسام وما أشبه ذلك ويلحق به ما يدفعه الحس والمشاهدة كالخبر بالجمع بين الضدين كقول الإنسان أنا الآن طائر في الهواء ومكة لا وجود لها.

ومنها: أن يكون خبرا عن أمر جسيم كحصر العدو للحاج عن البيت ثم لا ينقله منهم إلا واحد لأن العادة جارية بتظاهر الأخبار في مثل ذلك.

قلت: ويمثله الأصوليون بقتل الخطيب على المنبر ولا ينقله إلا واحد من الحاضرين.

ومنها: ما يصرح بتكذيب روايته جمع كثير يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب وتقليد بعضهم بعضا.

ومنها: أن يكون مناقضا لنص الكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي.

ومنها: أن يكون فيما يلزم المكلفين علمه وقطع العذر فيه فينفرد به واحد.

وفي تقييدنا السنة بالمتواترة احتراز عن غر المتواترة فقد أخطأ من حكم بالوضع بمجرد مخالفة مطلقا وأكثر من ذلك الجوزقاني في كتاب الأباطيل وهذا إنما يأتي حيث لا يمكن الجمع بوجه من الوجوه أما مع إمكان الجمع فلا كما زعم بعضهم أن الحديث الذي رواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة لايؤمن عبد قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم1 موضوع لأنه قدصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعائه: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب" 2 وغير ذلك لأنا نقول يمكن حمله على مالم يشرع

1 في: الصلاة: ب 148. وأحمد 5/260.

2 البخاري 1/189. ومسلم في: المساجد: حديث 147. وأبو داود في: الافتتاح: ب 8، وأحمد 2/231.

ص: 74

للمصلي من الأدعية لأن الإمام والمأموم يشتركان فيه بخلاف مالم يؤثر وكما زعم ابن حبان في صحيحه أن قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لست كأحدكم أطعم وأسقى"1 جال على أن الأخبار التي فيها أنه كان صلى الله عليه وسلم يضع الحجر على بطنه من الجوع باطلة وقد رد عليه ذلك الحافظ ضياء الدين فشفى وكفى.

ومنها: ما ذكره الإمام فخر الدين الرازي أن الخبر إذا روى في زمن قد استقرت فيه الأخبار فإذا فتش عنه لم يوجد في بطون الأسفار ولا في صدور الرجال علم بطلانه فأما في عصر الصحابة حين لم تكن الأخبار قد استقرت فإنه يجوز أنه يروى أحدهم مالم يوجد عند غيره قال العلائي وهذا إنما تقوم به الحجة بتفتيش الحافظ الكبير الذي قد أحاط حفظه بجميع الحديث أو بمعظمه كالإمام أحمد وابن المديني ويحيى بن معين ومن بعدهم كالبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة ومن دونهم كالنسائي ثم الدارقطني لأن المأخذ الذي يحكم به غالبا على الحديث أنه موضوع إنما هي الملكة النفسانية الناشئة عن جمع الطرق والإطلاع على غالب المروي في البلدان المتباينة بحيث يعرف بذلك ما هو من حديث الرواة مما ليس من حديثهم وأما من لم يصل إلى هذه المرتبة فكيف يقضي لعدم وجدانه للحديث بأنه موضوع هذا مما يأباه تصرفهم انتهى.

* * *

1 مسلم 774، وأبو داود 2360. وأحمد 2/102، 143.

ص: 75