المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الشاشة إذا كانت النار لا تحرق، والبحر لا يُغْرق، فالشاشة للدين - جالب السرور لربات الخدور

[عبد الكريم الحميد]

الفصل: ‌ ‌الشاشة إذا كانت النار لا تحرق، والبحر لا يُغْرق، فالشاشة للدين

‌الشاشة

إذا كانت النار لا تحرق، والبحر لا يُغْرق، فالشاشة للدين لا توبق.

ويحك يا من أطلقت البصر في النظر، لقد أحاط بك الخطر، واستجلبت عظيم الضرر.

معاول تهدم حصن العفاف والحياء، وتقتل الغيرة وتُظل عن الهدى.

لا تعمل جيوش الغزاة الحانقين، مثل عمل الشاشات في إفساد الدين، ولقد بلغ الأمر غايته، والشر نهايته، حيث صرنا نسمع عن المحارم الأمور العظائم، وهذا من موجبات الدمار والبوار.

أين العقول وأين الدين أين هما

وهل نعيش بلا عقل ولا دين!

تعاظم الخطب حتى صار عالمنا

كأنما حشوه رجس الشياطين

مُقارب الشر لا يأمن عواقبه

وزارع الشوك لا يجني جنى التين

وشاشة هُينت تُعطي لناظرها

معاول الهدم للأخلاق والدين

ص: 54

خوارق غيّرت أحوال أمتنا

عجائب طبقت راجت بتزيين

لا يرتجى الخير من شر ولو كثرت

فيه الأقاويل من مدح وتهوين

وشاشة دمرت ما لا تُدمره

أمراض سُلّ وأمراض الطواعين

سهامها سُددت للدين تجعله

مهازلاً مضحكات كل مفتون

ويعكف القلب ساعات مطولة

على الغناء وحكم بالقوانين

كذا الإباحية النكراء ديدنهم

وصاحب العقل من جنس المجانين

ويُعرض الشر مقبولاً وحُقّ له

فالقلب بات بلا حصن وتحصين

مُسيّب مهمل من شاء يدخله

وإنما خرْزه قُفْل الشياطين

من عطل القلب عن ذل لخالقه

فإنه دائب يسعى لسجَين

من عطل القلب عن حب لمالكه

فإنه للهوى ينقاد بالهون

وفطرة القلب بالتغيير فاسدة

وأصلها صالح لم يرض بالدون

وإنما جاءها التغيير تربية

وما عسى شاشة تبقي من الدين!

كم من عفيف أطلق بصره في الشاشات، فرأى ما استخفه من ألوان الضلالات، وقد كان في عافية لولا عظم الفتنة، وشدة المحنة، ولولا تهوين من يهونون العظيم، ويصغرون شأن الجسيم، اتباعاً لأهوائهم ليضل بهم أشباههم وأمثالهم، أمر الإله بغض البصر، حفظاً للعبد من الضرر، وإبعاداً له من مكامن الخطر.

ص: 55

وأخبر سبحانه أن العبد مسؤول عن سمعه وبصره وفؤاده، فكم ممن رتع في المحرمات ناسياً يوم معاده، مات فاستقبلته الأهوال والشدائد كان للحق يعاند، وللباطل يعين ويساند.

إن في الموت مجال فكر واعتبار لا ينتفع به إلا أولوا الأبصار، لكن حجاب الذنوب كثيف، كذلك فإن الحق ثقيل والباطل على النفوس خفيف، وإنما الشأن بالعاقبة حتى في هذه الدار.

فقرين الحق انشراح الصدر واستنارة القلب، وقرين الباطل ضد هذا لا سيما مع التمادي والإصرار، ولو نعلم أثر السيئات على قلوبنا كما نعلم أثر الأوساخ على ثيابنا لما قر لنا قرار. فإلى الله المشتكى.

عيناك تسئل عنهما يا ناظراً

ما لا يحل وسامع البطلان

والقلب خطْرته بعلم إلهنا

فاحذر وساوس ماكر شيطان

إن التقي يخاف يوماً شره

هو مستطير موعد الثقلان

إن النجاة عزيزة إن لم تكن

متحلياً في حلية الإيمان

كم من يُغر بأنه متمسك

بالدين وهو مُغَرّر بأماني!!

ص: 56