المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌نور من الرحمن

‌نور من الرحمن

نور من الرحمن جل جلاله

زاهٍ بهيّ نوره متألق

ما أجمل الدين الذي صرنا به

بين الهداية والضلال نفرق!

ما أكمل الدين الذي قد جاءنا

من ربنا يدري بذاك موفق!

هو نعمة محمودة من منعم

ما عابه إلا الذي يتزندق

والعيب في الجعل الذي من طبعه

بغض الروائح إن تطيب وتعبق

ويدحرج النتن الخبيث بأنفه

هذا الذي بالجعل حتماً أليق

ما أحسن الدين الذي صرنا له

متنكرين بضده نتعلق!

عصفت عليه عواصف في عصرنا

لا رسمه تبقي ولا تترفق

ما مثلها شيء يكون مشابه

في كيفها وبكمها تتدفق

حق على رب العباد بأنه

يضع الذي في خِسّة يتسلق

ما كان من دنياً طغغت وتزينت

إلا أتاها موعد متحقق!

لقد شغلتنا دنيا الكفار لما تشبهنا بهم وأثرت في قلوبنا آثار سوء كريهة، فصارت أعمالنا بأعمالهم شبيهة، حتى رحل من القلوب بغضهم والبراءة منهم واسْتهنا بالملة الحنيفة.

ص: 63

ولا عجب فالتشبه في الظاهر يدعو إلى المودة في الباطن وهذه إشارة لطيفة يدري بها الرجل العاقل والمرأة الحصيفة.

لقد شغلتنا دنياهم عن ديننا وأفسدت علينا دنيانا، وذلك بإيثارنا الدنيا واتباع هوانا.

دنيانا الطيبة السهلة البسيطة محقتها دنياهم محقا، وسحقتها سحقا، وحلّت محلها لا لنسعد بها وإنما لنشقى، فهي والله لا تناسب طباعنا، ولا تلائم أبداننا، إستبدلناها بدنيانا الطبيعية، فحلت بنا البلية، حيث كما ركنوا ركنا إلى الدنيا الدنيّة.

دنياهم أُنشئت على مقتضى اتباع الهوى وحب الخلود، فلما تشبهنا بهم وردنا حوضهم المورود، فلا دنيانا صالحة ولا ديننا سليم، وإنما الصراط المستقيم وَضْع الدنيا حيث وضعها الله ورسوله الكريم، فهي مركب موصل للآخرة، ولكنها ركبتنا بدلاً من أن نركبها، وجعلتنا من أي طريق نطلبها، فالله المستعان، وعليه التكلان.

ص: 64