الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة الثانية
إن الحمد للَّه نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
فإن من أشرف ما شُغلت به الأوقات، وأجل ما بُذلت فيه الجهود، وعُلقت به الهمم والعزائم؛ طلب العلم الشرعي؛ المستمد من كتاب اللَّه -جل وعلا-، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حفظًا، وتفقهًا، وتطبيقًا.
ومن أول ذلك فقه الأحكام، الذي هو تفسير لتلك النصوص، وتنزيل لها على الوقائع والنوازل؛ لشدة حاجة الناس إليه في كل زمان ومكان، فهو الطريق لتصحيح العبادات التي يتقرب بها الناس إلى اللَّه -جلا وعلا-، لتكون مبنية على الحق، ومقامة على بصيرة، ولتصحيح معاملات الناس، وتجاراتهم وتبادلهم المنافع، ولتأمين المجتمع من شرور الفوضى، والحفاظ على دماء الناس وأعراضهم وأموالهم؛ بمعرفة حكم اللَّه وكيفية تطبيقه على المعتدين والمجرمين، وضبط قواعد القضاء والتحاكم والدعاوى والبينات في ذلك كله.
لذا تعلقت أنفس العلماء وطلاب العلم بهذا الفن، واتجهت أنظارهم وهممهم إليه سلفًا وخلفًا، يدرسونه ويقررونه، استنباطًا من النصوص، ومقارنة يين المذاهب، وإقامة للمناظرات والمناقشات في ذلك؛ طلبًا للوصول إلى الحق فيه، فنشأ لذلك
علم الفقه، وكثرت فيه المصنفات؛ ما بين مختصرات ومطولات، ومتون وشروح لها وحواش عليها، وتبارى جهابذة هذا الفن من كل المذاهب في هذا الميدان، فتكونت فيه ثروة عريضة مشرفة، بقيت منارًا للأجيال اللاحقة، ولم يزل هذا المدُّ -بفضل اللَّه تعالى- مستمرًا في العطاء والتجدد.
وكان من فضل اللَّه عليَّ أن تخصصت في هذا الفن في دراستي الجامعية وما بعدها، وقد تشرفت بالانتساب إلى هذه الجامعة المباركة، في المعهد العلمي، ثم كلية الشريعة، ثم المعهد العالي للقضاء في مرحلتَي الماجستير والدكتوراه.
وقد أنهيت متطلبات الماجستير عام 1417 هـ، ولم أزل أتلفت عن موضوع يصلح لتسجيله أطروحة لنيل درجة الدكتوراه، حتى وجدت بغيتي -بحمد اللَّه- في حاشية العلامة محمد بن أحمد البهوتي الخَلوتي المصري المتوفى سنة ثمان وثمانين وألف بعد الهجرة، على منتهى الإرادات للعلامة محمد بن أحمد الفتوحي الشهير بابن النجار المتوفى سنة اثنتين وسبعين وتسعمئة. فسعدت بهذه الحاشية، وعزمت على تحقيقها بعد أن اطلعت عليها، وذلك لما يلي:
1 -
شهرة المنتهى ومنزلته الرفيعة بين أهل المذهب، وتقديمه على غيره عند المتأخرين في الفتوى والقضاء، ولا شك أن هذه الحاشية ستستمد هذه القوة من ذلك إضافة إلى ما أطبق عليه الحنابلة من مكانتها المميزة بين شروح المنتهى وحواشيه.
2 -
مكانة مصنف الحاشية بين علماء المذهب وشهرته وتميزه بالتحرير والتحقيق والتدقيق.
3 -
ما لهذه الحاشية من ميزات كالعناية بنقل الأقوال ونسبتها، وكثرة مصادرها، واشتمالها على فوائد وزيادات كثيرة في فنون متنوعة، وظهور شخصية مؤلفها، ووضوح رأيه -كما فصلته في موضعه-.
4 -
توفر النسخ الكافية لهذه الحاشية مما يعني خروجها نصًّا على أحسن صورة -إن شاء اللَّه تعالى- وقد اعتمدت أربع نسخ خطية -كما سيأتي-.
5 -
استشهاد المصنف في الحاشية بأحاديث وآثار كثيرة مما يقوي الكتاب ويثري مادته.
وقد كانت خطة العمل في هذه الأطروحة على النحو التالي:
* أولًا- القسم الدراسي: وتحته ستة فصول:
الفصل الأول: التعريف بمؤلف كتاب منتهى الإرادات.
الفصل الثاني: التعريف بكتاب منتهى الإرادات - القسم الأول.
الفصل الثالث: التعريف بكتاب منتهى الإرادات - القسم الثاني.
الفصل الرابع: التعريف بمؤلف حاشية منتهى الإرادات.
الفصل الخامس: التعريف بحاشية منتهى الإرادات - القسم الأول.
الفصل السادس: التعريف بحاشية منتهى الإرادات - القسم الثاني.
* ثانيًا- منهجي في تحقيق حاشية الخَلوتي على المنتهى:
وقد التزمت فيه بالمنهج الموحد لتحقيق المخطوطات في قسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء وذلك على النحو التالي:
1 -
نسخ المخطوط حسب قواعد الإملاء مع مراعاة علامات الترقيم المعروفة.
2 -
مقارنة النسخ الخطية المتوفرة والتي قد ذكرتها عند كلامي عن النسخ.
3 -
اختيار النسخة الأصل مراعيًا قواعد الاختيار.
4 -
إثبات الفروق بين النسخ في الهامش.
5 -
عزو الآيات القرآنية إلى مواضعها في الكتاب الكريم.
6 -
تخريج الأحاديث والآثار من المصادر الأصلية فإن كان الحديث في الصحيحَين أو أحدهما اكتفيت بذلك وإلا فألتزم ببيان درجته.
7 -
ذكر الأدلة التي يشير إليها المصنف إشارة دون ذكر.
8 -
توثيق الروايات والنصوص التي يذكرها المؤلف من مصادرها الأصلية.
9 -
شرح الغريب من الألفاظ الواردة في الحاشية.
10 -
توثيق ما يحتاج إلى توثيق من المقادير أو غيرها.
11 -
التعريف بالبقع والأماكن من المصادر المعتمدة في ذلك.
12 -
الترجمة للأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب.
13 -
وضع فهارس كافية كشافات للنص المحقق وهي:
1 -
فهرس الآيات القرآنية.
2 -
فهرس الأحاديث.
3 -
فهرس الآثار.
4 -
فهرس الأشعار.
5 -
فهرس المصطلحات والكلمات الغريبة.
6 -
فهرس الأماكن.
7 -
قائمة المصادر والمراجع.
8 -
فهرس الموضوعات.
14 -
وقد كان مصطلحي في ذكر المصادر كما يلي:
أ- إذا كانت المسألة نصًّا بتمامها في بعض المصادر، وبالمعنى أو ناقصة في الأخرى، ذكرت الأولى مباشرة ثم أذكر الأخرى مسبوقة بكلمة:(وانظر).
ب- إذا قلت: انظر المصادر السابقة أو: المصدر السابق في تحقيق كلام صاحب الحاشية فالمقصود آخر مصدر مذكور متعلق بالحاشية دون المنتهى، وكذلك إذا ذكرته في تحقيق المنتهى فالمقصود آخر مصدر مذكور متعلق بالمنتهى دون الحاشية. وقد ألجأني إلى ذلك ما استحسنته أخيرًا من دمج مصادر الكتابَين لئلا يكثر تقسيم الصفحة مما يبدد الفائدة، ويشتت ذهن القارئ.
15 -
ميزت كل نص بنوع من الأقواس؛ فالآيات الكريمة بين قوسين هكذا {} ، والأحاديث بين قوسين هكذا:" "، والنصوص المنقولة عن العلماء بين قوسين هكذا:()، كما وضعت الكلمات الساقطة وأرقام لوحات وصفحات النسخ بين قوسَين هكذا:[].
وبعد:
فأحمد اللَّه -جل وعلا- أولًا وآخرًا على ما مَنَّ به من تيسير هذا العمل، ووفق لاتمامه، وأساله -سبحانه- أن يوفقني لاخلاص النية فيه، وأن يتقبله مني، وأن ينفع به، وييسرني للخير واليسرى إنه سميع مجيب.
ثم أتقدم بخالص شكري وامتناني لهذه الجامعة العريقة جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، التي احتضنتني في مراحل التعليم، ممثلة بمعالي مديرها ومسؤوليها في كافة قطاعاتها، واخص منها المعهد العالي للقضاء، الذي لم يزل نتاجه موفورًا ومشكورًا وظاهرًا في كل ميدان، وأسال اللَّه -تعالى- أن يرفع منارها، وأن يعلي شأنها، ويزيدها عزًّا وتمكينًا.
والشكر موصول لكل من أسدى إليَّ معروفًا وأعانني على إتمام هذا العمل، وعلى رأسهم صاحب الفضيلة الدكتور سليمان بن عبد اللَّه بن حمود أبا الخيل وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمشرف على الرسالة، الذي غمرني بفضله وتوجيهه، ونصحه، ولا أجد من الكلام ما يوفي بما في النفس له، لكني أسال اللَّه
-تعالى- أن يتولى مثوبته.
اللهم ارزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وزدنا علمًا وعملًا يا أرحم الراحمين، والحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
وكتبه
الدكتور محمد بن عبد اللَّه بن صالح اللحيدان
* * *