الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وتقول في لعانها): ما زنيت (ولقد غلبت) هذا (إن صدقته) وتقول: ما زنيت (وما غلبت إن أنكرت، وحُدَّ الناكل [1] منهما) في هذه الحالة.
(وحكمه) أي اللعان أي ثمرته المترتبة عليه (رفع الحد) عن الزوج إن كانت الزوجة حرة مسلمة، (أو) رفع (الأدب) عنه (في) الزوجة (الأمة والذمية، وإيجابه) أي الحد (عليها إن نكلت، وقطع النسب) بولدها عنه (وبلعانها) أي بتمامه (يجب تأييد [2] حرمتها عليه وإن ملكت) له بعد ذلك بشراء أو إرث أو غيرهما إذا كانت أمة، (أو انفشّ حملها) الذي لاعن لأجله.
(وإن استلحق) الزوج الملاعن (أحد التوأمين لحقا) معاً وحد لأنهما كالشيء الواحد، (وإن كان بينهما) أي الولدين (ستة) من الأشهر فأكثر (فبطنان)، أي ليسا بتوأمين فاستلحاق الأول لا يستلزم استلحاق الثاني، والثاني من زِنى قطعاً فلا يصح استلحاقه ولا يحتاج في ذلك لسؤال النساء.
ثم انتقل يتكلم على العدة وأحكامها فقال:
باب في العدة وأحكامها
(العدة) للمطلقة أو من توفي عنها زوجها (مدة) من الزمن (معينة شرعاً) أي عينها الشارع، (لمنع المطلقة المدخول بها) دون غيرها، (و) لمنع (المتوفى عنها) أي من مات زوجها (من النكاح): متعلق بمنع، أي لأجل منعها من نكاح غيره؛ فسببها طلاق أو موت.
وأنواعها ثلاثة: وضع حمل، وأقراء، وأشهر بينها في قوله:(وهي) أي العدة (للحامل مطلقاً) مطلقة أو متوفى عنها (وضع حملها كله) فإن كان متعدداً فبانفصال الأخير عنها، وإن كان واحداً فبانفصاله ولزوجها مراجعتها بعد بروزه، وقبل انفصاله عنها فإذا وضعته حلت للأزواج ولو بعد لحظة بعد الموت، أو الطلاق، بخلاف ما إذا وضعت قبلهما ولو بلحظة،
ــ
نكل عن اللعان حد فلا ينتفي الحد عنه بنكوله إلا إذا كانت لا توطأ، فقول شارحنا في المسائل الثلاث لا يظهر في الأخيرة.
قوله: [وتقول في لعانها ما زنيت] إلخ: حاصله أنه إذا لم يثبت بالبينة ولم يظهر للناس فتلاعن الزوجة ولو صدقته على الغصب أو وطء الشبهة، وتقول في لعانها: ما زنيت ولقد غلبت وإني لمن الصادقين، وتقول في خامستها: غضب الله عليها إن كانت من الكاذبين، هذا إن صدقته، وتقول إن كذبته: ما زنيت وما غلبت وإنه لمن الكاذبين، وتقوله في خامستها: غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ويقول الزوج: لقد غصبت أو وطئت وطء شبهة. وثمرة لعانه نفي الولد عنه، وثمرة لعانها نفي الحد عنها لأنها إن نكلت حدت، سواء صدقته أو كذبته لأنها حينئذ اعترفت بالوطء غصباً أو شبهة، ومن اعترف بالزنا على وجه الغصب أو الشبهة حد كذا في الحاشية.
قوله: [وحد الناكل منهما في هذه الحالة]: حد الرجل لا يظهر إلا إذا كانت مكذبة له في دعوى الغصب أو الشبهة.
قوله: [أي ثمرته المترتبة عليه]: وهي ستة: ثلاثة مرتبة على لعان الزوج. الأول: رفع الحد عنه إن كانت الزوجة حرة مسلمة، أو رفع الأدب عنه في الأمة والذمية. والثاني: إيجاب الحد أو الأدب على المرأة إن نكلت بعد لعانه. والثالث: قطع نسبه من حمل ظاهر أو سيظهر، وثلاثة مرتبة على لعانها: الأول تأبيد حرمتها عليه وفسخ النكاح ورفع الحد عنها.
قوله: [إن كانت الزوجة مسلمة]: أي مطيقة للوطء وإن لم تكن بالغة، قوله "وإن ملكت" إلخ مبالغة في تأبيد حرمتها أي فبمجرد تمام لعانها بعد لعانه تتأبد حرمتها، وإن ملكت له بعد ذلك بشراء أو إرث أو انفش حملها الذي لاعن لأجله فلا تحل أبداً.
قوله: [لأنهما كالشيء الواحد]: أي حيث كان بين وضعيهما أقل من ستة أشهر إلا خمسة أيام، وإلا لم يكونا توأمين.
قوله: [ستة من الأشهر]: أي أو ستة إلا خمسة أيام.
قوله: [فاستلحاق الأول لا يستلزم استلحاق الثاني]: أي والفروض أنه أقر بالأول ونفى الثاني.
قوله: [ولا يحتاج في ذلك لسؤال النساء]: رد بذلك على خليل ومن تبعه من أنه يسأل فيه النساء، ووجه عدم سؤال النساء أن الستة حيث كانت قاطعة شرعاً للثاني عن الأول، فلا معنى للرجوع للنساء. وأجيب بأن الستة قاطعة وموجبة للحد ما لم تسأل النساء وقلن: يتأخر، فإن وقع ذلك درئ الحد؛ لأن سؤالهن شبهة فمفاد هذا الجواب أن النساء لا يطلب سؤالهن ابتداء، بل لو وقع ونزل وسئل النساء وقلن يتأخر درئ الحد.
باب في العدة وأحكامها
لما أنهى الكلام على النكاح وعلى محللاته من طلاق وفسخ، شرع في الكلام على توابعه من عدة واستبراء ونفقة وسكنى وغيرها، وبدأ بالكلام على العدة المأخوذة من العدد بفتح العين، لأنها آكد توابع النكاح.
قوله: [المدخول بها]: أي حيث كانت مطيقة والزوج بالغ كما يأتي.
قوله: [ولمنع المتوفى عنها]: أي وإن لم يكن مدخولاً بها، بل وإن كان الزوج صبياً.
قوله: [وأنواعها ثلاثة]: أي وأما أصحابها فمعتادة وآيسة وصغيرة ومرتابة لغير سبب. أو به من رضاع أو مرض أو استحاضة.
قوله: [وضع حملها كله]: أي لا بعضه ولو كان ذلك البعض ثلثيه، خلافاً لابن وهب القائل:
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
قوله: (وحد الناكل) في ط المعارف: (وحداً لناكل).
[2]
في ط المعارف: (تأبيد)، ولعلها الصواب.
وهذا إذا كان الولد لاحقاً بالزوج، فإن تحقق أنه من زنا فأقصى الأجلين الأشهر أو الأقراء أو وضع الحمل، وتحتسب بالأشهر من يوم الوفاة وبالأقراء من يوم الطلاق، فلو حاضت حال حملها فلا تعتد به.
(ولو) وضعت (علقة) وهو دم اجتمع، وعلامة أنه علقة أنه لو صب عليه ماء حار لا يذوب.
(وإلا) تكن حاملا فلا يخلو، إما أن تكون مطلقة أو متوفى عنها من ذوات الحيض أو لا، حرة أو أمة.
وقد أشار لبيان ذلك بقوله: (فللمطلقة الآيسة) من الحيض كبنت سبعين سنة (أو التي لم تر الحيض) أصلاً لصغرها، أو لكون عادتها عدم الحيض، وتسمى في عرف بعض النساء بالبغلة (ثلاثة أشهر، ولو) كانت (رقيقاً وتمم الكسر من) الشهر (الرابع، وألغي يوم الطلاق) فلا يحسب من العدة؛ فإن طلقها بعد الفجر لم يحسب بخلاف ما لو طلقها قبله، فإن كان مبدأ العدة أول شهر فالثلاثة الأشهر، سواء كانت كاملة أو ناقصة، أو بعضها وإن كان مبدؤها ليس أول الشهر، فالشهران بعده على ما هما عليه من نقص أو كمال، والذي طلقت فيه إن جاء كاملاً فظاهر، وإن جاء ناقصاً زادت يوماً من الرابع.
(ولذات الحيض) المطلقة (ثلاثة قروء أطهار) أقله خمسة عشر يوماً، وهو بيان للقروء، والقرء -بفتح القاف وقد تضم- يطلق على الحيض وعلى الطهر، (إن كانت) المطلقة (حرة، وإلا) تكن حرة بأن كانت أمة ولو بشائبة (فقرآن) بفتح القاف وجاز ضمها.
ثم شرع في بيان شروط عدة المطلقة بالأشهر أو الأقراء بقوله: (إن اختلى بها) زوج (بالغ) لا صبي إذ خلوته كالعدم، ولو وطئها، وسواء خلوة الاهتداء أو خلوة الزيارة، ولو حال حيضها أو صومها أو صومه أو نحو ذلك من الموانع الشرعية، (غير مجبوب) فخلوة المجبوب كالعدم.
(وهي) أي والحال أن الزوجة (مطيقة) للوطء لا إن لم تكن
ــ
إنها تحل بوضع ثلثي الحمل بناء على تبعية الأقل للأكثر، وخولفت قاعدة تبعية الأقل للأكثر على مشهور المذهب للاحتياط وتظهر فائدة الخلاف فيما لو مات الولد بعد خروج بعضه وقطع ذلك البعض الخارج، فعلى المعتمد عدتها باقية ما دام فيها عضو منه، وعند ابن وهب تحل إذا كان الباقي أقل من الخارج.
قوله: [وهذا إذا كان الولد لاحقاً بالزوج]: أي لاحقاً بالفعل أو يصح استلحاقه كالمنفي بلعان، فتحل بوضعه وإن لم يستلحقه.
قوله: [فإن تحقق أنه من زنا] إلخ: أي كما لو استبرأها زوجها من وطئه بحيضة ثم زنت وظهر بها حمل ومات زوجها أو طلقها، ووضعت، ذلك الحمل لستة أشهر من وطء الزنا.
قوله: [الأشهر]: أي في المطلقة الآيسة أو المتوفى عنها، وقوله:"أو الأقراء"، أي في المطلقة فقط، وقوله:"أو وضع الحمل"، أي في المطلقة والمتوفى عنها.
قوله: [من يوم الطلاق]: الذي قاله في الأصل أنها تعتبر الأقراء من يوم الوضع، ويؤيده تفريعه هنا بقوله:"فلو حاضت" إلخ، وتحسب الوضع قرءاً أول كما قال في المجموع، وكل هذا إذا كان الحمل من زنا أو غصب، وأما من شبهة فيهدم أثر نفسه وأثر الطلاق كما يأتي في آخر باب تداخل العدد.
قوله: [كبنت سبعين سنة]: أي وسئل النساء فيما بين الخمسين والسبعين في الدم النازل، فإن قلن ليس بحيض اعتدت بالأشهر، وأما من انقطع حيضها بعد الخمسين فلا عدة لها إلا بالأشهر اتفاقاً.
قوله: [لصغرها]: أي والموضوع أنها مطيقة لأن غير المطيقة لا عدة عليها إلا في الوفاة.
قوله: [وتسمى في عرف بعض النساء بالبغلة]: يكنون بذلك عن عدم ولادتها، لأن الغالب على من لا تحيض عدم الولادة فلها شبه بالبغلة من حيث عدم الولادة غالباً.
قوله: [ثلاثة قروء]: أي سواء كان النكاح الذي اعتدت من طلاقه صحيحاً أو فاسداً، مختلفاً في فساده أو مجمعاً على فساده، وكان يدرأ الحد كما لو تزوج أخته غير عالم بذلك وفسخ نكاحها، وإلا كان الواجب فيه يسمى استبراء لا عدة.
قوله: [أطهار]: اعلم أن كون الأقراء هي الأطهار مذهب الأئمة الثلاثة، خلافاً لأبي حنيفة وموافقيه في أن الأقراء هي الحيض، واستدل الثلاثة أن وجود التاء في قوله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [1] [البقرة: 228] يدل على أن المعدود مذكر وهو الطهر. وأخذ أبي حنيفة بأن الذي به براءة رحمها حقيقة إنما هو الحيض لا الطهر، والأطهار بدل أو بيان من قروء، وليس نعتاً لعدم انطباق تعريف النعت عليه لكونه غير مشتق ولا مؤولاً به، وأيضاً الأصل في النعت التخصيص فيوهم أن لنا أقراء أطهار، أو أقراء غير أطهار وليس كذلك، وكونه صفة كاشفة خلاف الأصل، ولا يصح قراءته بالإضافة لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه وهي ممنوعة عند البصريين، وإن أجازها الكوفيون عند اختلاف المتضايفين لفظاً والقرء بمعنى الطهر يجمع على قروء كثيراً وعلى أقراء قليلاً.
قوله: [عدة المطلقة]: أي وأما عدة المتوفى عنها فتقدم أنه لا يشترط فيها بلوغ زوج ولا دخول ولا إطاقة منها.
قوله: [فخلوة المجبوب كالعدم]: قال القرافي: إذا أنزل الخصي أو المجبوب اعتدت زوجتهما حيث حصلت خلوة، والذي قاله الأشياخ: أن المقطوع ذكره يسأل فيه أهل الطب إن كان ينزل، فإن قالوا: تحمل زوجته، اعتدت. والمقطوع أنثياه تعتد من غير سؤال أحد.
قوله: [مطيقة للوطء]: أي وإن لم يتوقع حملها كبنت سبع
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
الذي في الحلبية: (فعدتهن ثلاثة قروء).
مطيقة (خلوة يمكن فيها الوطء) عادة (وإن تصادقا على نفيه) أي الوطء، لأنها حق لله تعالى فلا [1] يسقطها ما ذكر، (وأخذا بإقرارهما) أي أن كل واحد منهما إن أقر بنفيه أخذ بإقراره فيما هو حق له، فلا رجعة له عليها ولا نفقة لها ولا يتكمل لها الصداق.
(وإلا) بأن اختل شرط مما ذكر (فلا عدة) عليها.
(إلا أن تقر) الزوجة (به) أي بالوطء فتعتد، بخلاف إقراره وحده مع تكذيبها له ولم تعلم خلوة فلا عدة عليها ويؤخذ بإقراره فيتكمل عليه الصداق وتلزمه النفقة والكسوة.
(أو يظهر بها حمل ولم ينفه) بلعان فتعتد بوضعه، فإن نفاه به فلا عدة وإن كانت لا تحل للأزواج إلا بوضعه.
(وإن استحاضت) مطلقة (ولم تميز) الحيض من غيره، (أو تأخر حيضها) أي المطلقة (لغير) عذر أو لعذر غير (رضاع، تربصت): أي مكثت (سنة) كاملة، (ولو) كانت (رقيقاً وحلت) للأزواج فعدة المستحاضة غير المميزة ومن تأخر عنها الحيض لا لعلة أو لعلة غير رضاع سنة كاملة وفي الحقيقة تمكث تسعة أشهر لزوال الريبة لأنها مدة الحمل غالباً تعتد بثلاثة أشهر، وعبارة الشيخ:"تربصت تسعة ثم اعتدت بثلاثة".
(فإن رأته) أي رأت من تتأخر حيضها لغير رضاع الحيض (فيها) أي في أثناء السنة (انتظرت) الحيضة (الثانية والثالثة أو تمام سنة) بعد الثانية، فتحل بأقرب الأجلين الحيض أو تمام السنة، وهذا فيمن تأخر حيضها لغير رضاع كما هو الموضوع، وأما من عادتها الحيض في كل سنة أو سنتين أو ثلاثة مرة واحدة فتعتد بالأقراء قطعاً.
(ثم إن احتاجت) من تأخر حيضها لغير رضاع ومكثت سنة وتزوجت (لعدة) من طلاق، (فثلاثة أشهر) عدتها (إن لم تحض فيها) أي في الثلاثة الأشهر، (وإلا) بأن حاضت فيها (انتظرت) الحيضة (الثانية والثالثة أو تمام السنة) أي سنة بيضاء لا دم فيها.
ثم صرح بمفهوم قوله: "وإن استحاضت إلخ" زيادة في الإيضاح بقوله: (وإن ميزت مستحاضة أو تأخر حيض لرضاع فالأقراء وللزوج) المطلق (انتزاع ولدها) الرضيع منها ليتعجل حيضها (لغرض) من الأغراض، كالفرار من إرثها له إن مات، وكتزويج أختها أو رابعة،
ــ
أو ثمان.
قوله: [يمكن فيها الوطء عادة]: احتراز عما إذا كان معها نساء شأنهن العفة والعدالة، وعن خلوة تقصر عن زمن الوطء كلحظة فلا عدة عليها، وأما لو كان معها في الخلوة شرار النساء لوجبت عليها العدة لأنها قد تمكن من نفسها بحضرتهن كما قال في حاشية الأصل.
قوله: [فلا رجعة له عليها]: مفرع على إقراره، وقوله "ولا نفقة لها ولا يتكمل لها الصداق" مفرع على إقرارها.
قوله: [إلا أن تقر الزوجة به]: أي بوطء البالغ من غير أن يعلم بينهما خلوة، وسواء كذبها أو صدقها وليس هذا مكرراً مع قوله:"وأخذا بإقرارهما" لأن هذا في غير الخلوة وذاك فيها، والمقر به سابقاً النفي والمقر به هنا الوطء.
قوله: [وتلزمه النفقة والكسوة]: أي والسكنى مدة العدة على فرض لزومها لها، والحق أن مؤاخذته بتكميل الصداق إنما تكون إن كانت سفيهة أو رشيدة على أحد القولين، وأما النفقة والكسوة والسكنى فلا يؤاخذ بها مطلقاً إلا إذا صدقته كذا في (بن) نقله محشي الأصل.
قوله: [فتعتد بوضعه]: أي ولها النفقة والسكنى في العدة.
قوله: [فإن نفاه به فلا عدة]: أي لا يترتب عليه أحكام العدة من توارث ورجعة ونفقة وسكنى، وقوله:" وإن كانت لا تحل للأزواج إلا بوضعه " فلا بد من وضعه على كل حال لكنه يسمى استبراء ولا يترتب عليه أحكام العدة.
قوله: [ولو كانت رقيقاً]: رد بـ " لو " على من يقول إن الأمة المستحاضة التي لم تميز بين الدمين والتي تأخر حيضها بلا سبب أو بسبب مرض عدتها شهران، وعلى من يقول شهر ونصف. ووجه المشهور أن الحمل لما كان لا يظهر في أقل من ثلاث قلنا باشتراك الحرة والأمة في السنة، وعدم اختلافهما فيها كالأقراء كذا في التوضيح.
قوله: [وفي الحقيقة تمكث تسعة أشهر]: الصواب أن الخلاف لفظي كما تفيده عبارة الأئمة، إذ يبعد كل البعد أن يقال بعدم التأبيد إذا تزوجت في التسعة، والتأبيد إذا تزوجت بعدها كما يبعد أن يقال بمنع النفقة والكسوة والرجعة في التسعة، ولزوم ذلك بعدها تأمل كذا في (بن).
قوله: [والثالثة]: هذا في الحرة. وأما الأمة فلا تنتظرها لأن عدتها قرءان.
قوله: [فتعتد بالأقراء قطعاً]: مثلها من عادتها خمس سنين، وأما من عادتها أن يأتيها الحيض فوق الخمس فالذي لأبي الحسن عن المدونة وغيره: أنها هل تعتد بسنة بيضاء قياساً على من يأتيها في عمرها مرة أو بثلاثة أشهر؟ لأن التي تعتد بسنة محصورة في مسائل تقدمت ليست هذه منها، وقيل: تعتد بالأقراء كمن عادتها الخمس فدون، ثم إن جاء وقت حيضها ولم تحض حلت وإلا انتظرت الثانية، فإن لم تحض وقت مجيئها حلت وانتظرت الثالثة، فإن جاء وقت حيضها حلت على كل حال هكذا نصوا اهـ. من الأصل.
وقوله: "ثم إن جاء وقت حيضها " إلخ: مرتبط بقوله "كمن عادتها الخمس فدون" فتأمل.
قوله: [انتزاع ولدها] إلخ: هذا إن تأخر حيضها عن زمنه المعتاد لأجل الرضاع، أما إن علم أن حيضها يأتيها في زمنه المعتاد ولم يتأخر من أجل الرضاع فليس له حينئذ انتزاعه لتبين أنه أراد ضرره.
وحاصل فقه المسألة: أن من طلق زوجته المرضع طلاقاً رجعياً ومكثت سنة لم تحض لأجل الرضاع، فإنه يجوز أن ينتزع منها ولده خوفاً من أن
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
ليست في ط المعارف.
(إن لم يضر) النزع (بالولد) بأن وجد غيرها وقبلها الولد، (و) له (منعها من إرضاع غير ولدها) بأجرة أو مجاناً.
(و) له (فسخ الإجارة إن أجرت نفسها) للرضاع.
(ووجب) على الحرة المطيقة ويتعلق الوجوب بولي غير البالغ (قدرها) أي قدر العدة فذات الأقراء ثلاثة قروء، وذات الأشهر ثلاثة، والمرتابة سنة (استبراء) لرحمها (إن وطئت بزنا أو شبهة أو غاب عليها غاصب أو ساب أو مشتر) اشتراها جهلاً أو تعمداً للضلال.
(ولا يطؤها زوج) لها أي يحرم عليه وطؤها ما لم تكن ظاهرة الحمل، (ولا يعقد) عليها زوج إن كانت خلية، فإن عقد وجب فسخه فإن انضم للعقد تلذذ بها تأبد تحريمها عليه كما تقدم (ولا تصدق) المرأة (في نفيه): أي الوطء حيث غاب عليها من ذكر.
(واعتدت) المطلقة (بطهر الطلاق وإن لحظة)، بل وإن اتصل كما لو قال: أنت طالق، فنزل الدم بعد نطقه بالقاف، (فتحل بأول) نزول (الثالثة و) أما (إن طلقت بحيض) أي في حال حيضها (فبالرابعة) تحل.
(وينبغي أن لا تعجل) العقد على أحد (برؤيته) أي بمجرد رؤية الدم، بل تصبر يوماً أو جل يوم لئلا ينقطع قبل ذلك فلا يعتد به، ورجع في (قدرها) أي الحيضة (هنا) أي في العدة والاستبراء؛ (هل هو) أي الحيض أي هل أقله (يوم أو بعضه): أي بعض يوم له بال؟
ــ
يموت فترثه إن لم يضر ذلك بالولد، وإلا فلا يجوز، وإذا كان له انتزاعه رعياً لحق غيره من الورثة فأحرى لحق نفسه بأن ينتزعه ليتعجل حيضها لسقوط نفقتها، أو ليتزوج من لا يحل جمعه معها كأختها أو رابعة بدلها كما قال الشارح قوله:[إن لم يضر النزع بالولد]: لا يقال إن الحق في الرضاع للأم إذا طلبته فمقتضاه أنه ليس له انتزاعه منها لأنا نقول هذا عذر يسقط حقها في إرضاعه، وأما حضانته فباقية وعلى الأب أن يأتي له بمن ترضعه عندها كذا في (بن) اهـ. من حاشية الأصل.
قوله: [على الحرة]: أي وأما الأمة فسيأتي حكم استبرائها.
قوله: [اشتراها جهلاً]: أي بحريتها وقوله "أو تعمداً للضلال" أي علم أنها حرة واشتراها فإنه ضلال.
قوله: [ما لم تكن ظاهرة الحمل]: أي من قبل وطئها بالزنا أو الشبهة وإلا فلا يحرم. بل قيل بكراهة الوطء وقيل بجوازه ذكره ابن يونس، لكن في البيان أن المذهب حرمته، نقله أبو علي المسناوي، ومثله في فتاوى البرزلي نقلاً عن نوازل ابن الحاجب، وعللوه بأنه ربما ينفش الحمل فيكون قد خلط ماء غيره بمائه وهو ظاهر اهـ (بن) وهذا الخلاف في الظاهرة الحمل من زوجها، وأما لو حملت من الزنا أو من الغصب لحرم على زوجها وطؤها قبل الوضع اتفاقاً.
قوله: [تأبد تحريمها عليه]: وسواء كان التلذذ في زمن الاستبراء أو بعده إن كان بالوطء أو بالمقدمات، وكان في زمنه لا بعده كما مر.
قوله: [حيث غاب عليها من ذكر]: أي الغيبة التي يمكن فيها الوطء منه وإلا فتصدق ولا شيء عليها.
تنبيه: اختلف في الاستبراء على من تزوجت بغير إذن وليها الغير المجبر وهي شريفة ودخل بها الزوج، ثم اطلع الولي على ذلك فأمضاه، وكذا سفيه تزوج بغير إذن وليه، أو عبد بغير إذن سيده ودخل كل فأمضاه الولي أو السيد بعد العلم، فقيل يجب الاستبراء نظراً لفساد الماء، وقيل: لا يجب لأن الماء ماؤه وقيل في فسخه وإرادة الزوج تزوجها بعده بإذنه، وفي الإمضاء لا يجب والراجح عدم الإيجاب مطلقاً.
قوله: [بطهر الطلاق]: أي بالطهر الذي طلق فيه وإن كان قد وطئها فيه.
قوله: [وإن لحظة]: إن قلت يلزم على ذلك أن العدة قرءان، وبعض ثالث وقد قال المولى:{والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228] أجيب بأن إطلاق الجمع على مثل ذلك شائع قال تعالى: {الحج أشهر معلومات} [البقرة: 197] مع أنه شهران وبعض ثالث فهو نظير ما هنا.
قوله: [وينبغي أن لا تعجل العقد] إلخ: حاصل المسألة: أنه ذكر في المدونة قول ابن القاسم: تحل بمجرد رؤية الدم، وقول ابن وهب: إنها لا تحل برؤية أول الدم، وقال أشهب: ينبغي أن لا تعجل النكاح بأول الدم، فاختلف هل هو وفاق لابن القاسم بناء على حمل "ينبغي" على الاستحباب؟ وهو تأويل أكثر الشيوخ واختاره ابن الحاجب، لأن ندب عدم التعجيل لا ينافي الحلية بأول رؤية الدم، أو خلاف بحمل "ينبغي" على الوجوب؟ وهو تأويل غير واحد، وإليه ذهب سحنون بقوله: وهو خير من رواية ابن القاسم، فإذا علمت ذلك فكلام شارحنا ما زال محتملاً للوفاق والخلاف، ولكن قوله فتحل بأول الثالثة قرينة تعين حمل "ينبغي" على الندب، فيكون مختاراً للتوفيق.
قوله: [ورجع في قدرها] إلخ: إن قلت هذا الرجوع يعارض قوله فيما تقدم "فتحل بأول الثالثة"، فإن مقتضى حلها بأول الثالثة أنه لا يرجع للنساء في قدره. أجيب بأنه لا معارضة لأن معنى قوله:"فتحل بأول الثالثة" نظراً إلى أن الأصل الاستمرار، فإن انقطع رجع فيه للنساء فإن قلن إن كان أول الدم يعد حيضاً كان متزوجاً لها بعد العدة، وإن لم يعد حيضاً كان متزوجاً لها فيها ولذلك تأول بعضهم كلام ابن القاسم بحمله على أن الحيض عنده في باب العدة كباب العبادة، فالمصنف
بأن زاد على ساعة (للنساء) العارفات، (ولا تعد الدفعة [1] ونحوها) هنا (حيضاً) حتى تحل للأزواج، بخلاف العبادة: فإن الدفعة تعد حيضاً توجب الغسل وتبطل الصوم.
والحاصل: أن دم الحيض إذا لازمها يوماً فأكثر فإنها تحل للأزواج به على ما تقدم، وإن أتاها بعض يوم وانقطع فهل يعد هنا حيضاً تحل به؟ يرجع في ذلك للنساء وعادتهن في بلادهن، فإن قلن: يعد حيضاً لأنا شاهدنا بعض النساء أن حيضهن كذلك، عمل بقولهن. وإن قلن: إن شأن الحيض لا يكون كذلك، عمل بقولهن، ولا يعد حيضاً.
(و) أما (الطهر) فهو (كالعبادة): أقله خمسة عشر يوماً.
(وإن أتت) المطلقة (بعدها): أي العدة.
(بولد دون أقصى أمد الحمل) كما لو ولدته بعد انقضاء العدة بسنة أو سنتين أو ثلاثة (لحق به): أي الزوج المطلق، لأن الحامل قد تحيض (ما لم ينفه) الزوج عن نفسه (بلعان وإن ارتابت معتدة): أي شكت في حملها (تربصت): أي مكثت (إليه): أي إلى منتهى أمد الحمل، ثم حلت للأزواج.
(وفي كونه): أي أقصى أمد الحمل (أربعة أعوام أو خمساً خلاف).
ثم شرع في بيان عدة الوفاة بقوله:
(ولمن توفي زوجها وإن رجعية): أي مطلقة طلاقاً رجعياً لا بائناً (أو) كانت (غير مدخول بها أربعة أشهر وعشر) إذا كانت حرة، كان الزوج صغيراً أو كبيراً، حراً أو عبداً، كانت هي صغيرة أو كبيرة.
ــ
مشى أولاً على قول ابن القاسم ومشى في الرجوع للنساء على القول المشهور
قوله: [بأن زاد على ساعة]: أي فلكية فإن كان ساعة فأقل فلا تعتد به قطعاً ولا يسأل عنه، لكن يوجب الغسل ويبطل الصوم، ويسقط الصلاة كما سيأتي في الشرح، وعدتها حينئذ من الطلاق بثلاثة أشهر، حيث كان هذا القدر عادة ويلغز بها فيقال: امرأة طلقت وهي تحيض كل شهر مرة وعدتها بثلاثة أشهر.
قوله: [يرجع في ذلك للنساء]: الجمع في كلامه غير مقصود فتكفي واحدة بشرط سلامتها من جرحة الكذب، لأن طريقها الإخبار لا الشهادة.
قوله: [أقله خمسة عشر يوماً]: فإذا عاودها الدم قبل تمامه لم تحتسب بذلك الطهر وضمته إلى ما قبله من الدم.
قوله: [وإن أتت المطلقة]: لا مفهوم للمطلقة بل المدار على كونها معتدة من طلاق أو وفاة.
قوله: [بعدها]: مفهومه لو أتت بولد قبل كمالها ففيه تفصيل أشار له ابن يونس بقوله: قال مالك وإن نكحت امرأة وهي في العدة قبل حيضة ثم ظهر بها حمل فهو للأول فتحرم على الثاني، وإن نكحت بعد حيضة فهو للثاني إن وضعته لستة أشهر، فأكثر من يوم دخل بها الثاني، وإن وضعته لأقل فهو للأول، وقال ابن شاس: إذا نكحت ثم أتت بولد لزمن يحتمل كونه من الزوجين لحق بالثاني إن وضعته بعد حيضة من العدة، إلا أن ينفيه بلعان فيلحق الأول، ولا يلزمها لعان لأنه نفاه إلى فراش، فإن نفاه الأول، ولاعن أيضاً لاعنت، وانتفى عنهما جميعاً وإن كانت وضعته قبل حيضة فهو للأول إلا أن ينفيه بلعان فيلحق بالثاني، وتلاعن هي وإن نفاه الثاني أيضاً ولاعن ولاعنت انتفى عنهما جميعاً.
قوله: [دون أقصى أمد الحمل]: فإن أتت به بعد العدة لأزيد من أقصى أمد الحمل، فإن كانت ولدته قبل ستة أشهر من دخول الثاني لم يلحق بواحد.
قوله: [لأن الحامل قد تحيض]: أي ودلالة الأقراء على البراءة أكثرية.
قوله: [وإن ارتابت معتدة]: أي من طلاق أو وفاة.
قوله: [أي شكت في حملها]: أي بسبب حس في بطنها.
قوله: [خلاف]: ابن عرفة في كون أقصاه أربع سنوات أو خمساً ثالث روايات القاضي سبعاً وروى أبو عمر ستاً واختار ابن القصار الأولى وجعلها القاضي المشهور، وعزا الباجي الثانية لابن القاسم وسحنون المتيطي في الخمس القضاء.
تنبيه: إن مضت المدة المذكورة وزادت الريبة مكثت حتى ترتفع، ومثل ذلك لو تحققت حركة الحمل في بطنها بخلاف ما لو بقيت على شكها فإنها تحل للأزواج بمضي أقصى أمد الحمل، وفي المدونة لو تزوجت قبل الخمس بأربعة أشهر فولدت لخمسة أشهر من وطء الثاني لم يلحق الولد بواحد منهما، أما عدم لحوقه بالأول فلزيادته على الخمس سنين بشهر، وأما الثاني فلولادتها لأقل من ستة وحدت المرأة للجزم بأنه من زنا، واستشكل بعض الشيوخ عدم لحوقه بالأولى وحدها، حيث زادت على الخمس بشهر إذ التقدير بالخمس ليس بفرض من الله ورسوله، حتى إن الزيادة عليها بشهر تقتضي عدم اللحوق اهـ. من الأصل.
قوله: [وإن رجعية]: أي، وتنتقل من عدة الطلاق بالأقراء لعدة الوفاة بالأشهر، ولو حصلت الوفاة قبل تمام الطهر الثالث بيوم.
قوله: [وعشر]: أي عشرة أيام، وإنما حذف التاء لحذف المعدود ولا يقدر المعدود ليالي لئلا يلزم محذور شرعي وهو جواز العقد عليها في اليوم العاشر، وليس كذلك إذ قد يقال إنما يلزم لو كان المعدود المقدر الليالي وحدها، وليس كذلك إذ قولهم - أهل التاريخ - تراعى الليالي مرادهم به أنهم يغلبون حكمها على الأيام لسبقها عليها، وهذا
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (الدفقة)، ولعلها الصواب، كما في أقرب المسالك.
(إلا) الكبيرة (المدخول بها إن ارتفعت حيضتها) بأن لم تأتها على عادتها، ولم ترها (فيها): أي في الأربعة أشهر وعشر، (أو ارتابت): أي حصل لها ريبة في حملها (فتنتظرها) أي الحيضة، فإذا رأتها حلت (أو) تنتظر (تسعة أشهر) من يوم الوفاة لأنها مدة الحمل غالباً.
(فإن زالت) الريبة حلت: (وإلا) تزل الريبة (فأقصى أمد الحمل. وتنصفت بالرق) ولو بشائبة فهي شهران وخمس ليال إذا كانت لا تحيض لصغر أو يأس أو غيرهما، أو كانت غير مدخول بها أو مدخولاً بها ورأت الحيض فيها.
(فإن) دخل بها وهي من ذوات الحيض و (لم تر الحيض) فيها (فثلاثة أشهر إلا أن ترتاب فكما مر) من أنها تنتظرها، أو تسعة أشهر. إلخ. (ولا ينقلها العتق) بعد وفاة زوجها (لعدة حرة)، بل تستمر على عدة الرقيق.
(وإن أقر صحيح بطلاق متقدم) زمنه؛ كأن كان يقر في شهر رجب أنه طلقها في المحرم (استأنفت العدة من) يوم (الإقرار، و) إذا ماتت (لا يرثها إذا انقضت) العدة (على) مقتضى (دعواه و) لو مات هو (ورثته) إن مات (فيها): أي في العدة المستأنفة إذا كان الطلاق رجعياً (إلا أن تشهد له بينة) بأنه طلق في الوقت الذي استند إليه طلاقه فلا ترثه، كما أنها لا تستأنف عدة، والمريض كالصحيح عند قيام البينة، فإذا لم تكن للمريض بينة ورثته أبداً إن مات من ذلك المرض.
(ولا يرجع مطلق) لزوجته طلاقاً بائناً أو رجعياً، وانقضت عدتها ولم تعلم بطلاقها، (بما أنفقته) على [1] نفسها (قبل علمها) بطلاقها (وغرم) لها (ما تسلفت) إن كانت تسلفت شيئاً لنفقتها على نفسها، (و) غرم لها ما أنفقته من مالها على نفسها.
(بخلاف المتوفى عنها، و) بخلاف (الوارث) ينفق على نفسه من مال الميت قبل علمه بموته؛ فإن بقية الورثة لهم الرجوع لانتقال المال لهم بمجرد الموت ولو لم يعلم بموته.
ثم انتقل يتكلم على حكم الإحداد على المتوفى عنها فقال: (ووجب على) المرأة (المتوفى عنها) دون المطلقة (الإحداد في) مدة (عدتها؛ وهو): أي الإحداد: (ترك ما يتزين به
ــ
لا ينافي أن المعدود مجموع الليالي وأيامها.
قوله: [إلا الكبيرة المدخول بها]: حاصله أن المعتدة الحرة المتقدمة وهي غير حامل المتوفى عنها تعتد بأربعة أشهر وعشرة أيام بشرطين، حيث كانت مدخولاً بها: الأول أن تتم تلك المدة قبل زمان حيضتها، أو حاضت بالفعل في تلك المدة. الثاني أن تقول النساء لا ريبة بها، وأما غير المدخول بها فتعتد بهذه المدة من غير شرط.
قوله: [إن ارتفعت حيضتها]: أي لغير رضاع، وأما ذات الرضاع فهي كالتي حاضت بالفعل تحل بانقضاء الأربعة الأشهر والعشرة الأيام. قوله:[أو تنتظر تسعة أشهر]: أي فتنتظر أول الأجلين، فإن حاضت أولاً لا تنتظر تمام التسعة، وإن تمت التسعة المذكورة أولاً حلت.
قوله: [فإن زالت الريبة حلت]: المناسب أن يقول فإن لم تزل الريبة لأجل أن يكون ماشياً على المعتمد من أن بقاءها على حالها مثل زوالها كما أفاده محشي الأصل والمجموع.
قوله: [وتنصفت بالرق]: أي عدة الوفاة إذا كان المتوفى عنها غير حامل، وإلا فهي وضع حملها كله كما تقدم، والتنصف المذكور سواء كان زوجها حراً أو عبداً وهذا محض تعبد.
قوله: [إذا كانت لا تحيض لصغر] إلخ: ظاهره سواء كان لا يمكن حيضها كبنت ست أو سبع، أو كان يمكن حيضها ولم تحض كبنت تسع، أما الأولى فعدتها شهران وخمس ليال اتفاقاً، وأما الثانية فقيل كذلك مطلقاً، وقيل ثلاثة أشهر إن كان مدخولاً بها وهو المعتمد.
قوله: [ولا ينقلها العتق]: حاصله أن الأمة إذا طلقها زوجها طلاقاً رجعياً أو بائناً أو مات عنها، ثم إنها عتقت في أثناء عدتها فإنها لا تنتقل من عدة الطلاق التي هي قرءان، ولا عن عدة الوفاة التي هي شهران وخمس ليال، إلى عدة الحرة التي هي ثلاثة أقراء في الطلاق، وأربعة أشهر وعشر في الوفاة، فإذا علمت ذلك فلا مفهوم لقول الشارح:" بعد وفاة زوجها ".
قوله: [وإن أقر صحيح] إلخ: حاصل ما في هذه المسألة أن الشخص إذا أقر بطلاق مقدم، إما أن يقر به في حال الصحة أو في حال المرض، وفي كل إما أن تكون له بينة تشهد له بما أقر به أو لا، فهذه أربعة أحوال، وإما أن ينكر وقوع الطلاق منه وهو صحيح أو مريض مع شهادة البينة عليه بذلك، وهاتان حالتان فجملة الأحوال ست؛ فمتى شهدت البينة له أو عليه بأن الطلاق وقع في الصحة كان وقت أداء الشهادة صحيحاً أو مريضا، فالعدة من يوم أرخت البينة، وترثه في تلك العدة إن كان الطلاق رجعياً وإلا فلا ميراث لها، لأنه وإن كان إقراره في المرض وإنكاره فيه لكن البينة أسندت الطلاق للصحة، فالعدة من يوم أرخت على الراجح خلافاً لابن محرز، وأما إن أقر ولا بينة له فإن كان مريضاً فالعدة من يوم الإقرار وترثه في العدة وبعدها، ولو كان الطلاق بائناً، وإن كان صحيحاً ورثته في العدة المستأنفة إن كان الطلاق رجعياً، ولا يرثها إذا انقضت على دعواه، وكل هذا ما لم تصدقه على دعواه وإلا فلا توارث بينهما حيث انقضت العدة على دعواه.
قوله: [وغرم لها ما تسلفت]: لكنه لا يلزم بالغبن اتفاقاً مثل أن تشتري ما قيمته دينار بأكثر من دينار لأجل فتبيعه بدينار في نفقتها، فلا يلزمه ما زادته في الشراء على الدينار الذي باعت به باتفاق كما نقله (ح) عن سماع أشهب اهـ (بن).
قوله: [وغرم لها ما أنفقته] إلخ: أي على قول الجمهور خلافاً لابن وهب القائل بأنه لا يغرم لها إلا ما تسلفته.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (عن).
من الحلي والطيب، وعمله): أي الطيب أي لأن بعمله يتعلق بها (والتجر فيه، و) ترك (الثوب المصبوغ) مطلقاً لما فيه من التزين، (إلا الأسود) ما لم يكن زينة قوم كأهل مصر القاهرة وبولاق، فإنهن يتزين في خروجهن بالحرير الأسود، (و) ترك (الامتشاط بالحناء والكتم) - بفتحتين: صبغ معلوم يذهب بياض الشعر ولا يسوده، (بخلاف نحو الزيت) من كل ما لا طيب فيه (السدر والاستحداد) أي حلق العانة. ومثله نتف الإبط فلا يطلب ترك ذلك.
ولا (تدخل حماماً ولا تطلي جسدها): بنورة، (ولا تكتحل إلا لضرورة) فتكتحل (وإن بطيب): أي بكحل فيه طيب، (وتمسحه نهاراً) وجوباً.
واعلم أن المعتدة من وفاة أو طلاق بائن لا نفقة لها على زوجها، لأن النفقة في نظير الاستمتاع وقد عدم، إلا إذا كانت حاملاً فلها النفقة من أجل الحمل، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى، وأما السكنى فهي واجبة لها اتفاقاً مطلقاً في المطلقة، وعلى تفصيل في المتوفى عنها.
ثم شرع في بيان ذلك بقوله:
(وللمعتدة من طلاق) بائن أو رجعي وجوباً على الزوج. (أو المحبوسة) أي الممنوعة من النكاح (بسببه): أي بسبب الرجل بغير طلاق - كالمزني بها غير عالمة، أو اشتبه بها، والمعتقة، ومن فسخ نكاحها لفساد أو لعان - (السكنى) في المحل الذي كانت فيه، قال تعالى:{لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن} [الطلاق: 1] إلخ أي لا يجوز لها الخروج إلا لضرورة تقتضيه كما يأتي.
(وللمتوفى عنها) السكنى في عدتها. بشرطين أشار لهما بقوله: (إن دخل بها أو) لم يدخل بها و (أسكنها معه) في بيته (ولو لكفالة) ككونها صغيرة، وله عليها الكفالة لتنزيل إسكانها معه منزلة الدخول، وقولنا:"ولو" إلخ فيه رد على المصنف رحمه الله حيث قال إلا لكفالة [1].
(والمسكن له) الواو للحال، وهو إشارة للشرط الثاني: أي إن دخل بها إلخ وكان المسكن الذي مات فيه ملكاً له، (أو) بأجرة و (نقد كراءه) في المستقبل؛ فلو نقد البعض فلها السكنى بقدره فقط،
ــ
تتمة: إن اشتريت أمة معتدة طلاق وهي من تحيض، ولم يحصل لها ريبة حلت إن مضى قرءان للطلاق وقرء للشراء، فإن اشتريت قبل أن تحيض شيئاً من عدة الطلاق حلت للمشتري بقرأين عدة الطلاق، أو بعد مضي قرء منها حلت منهما بالقرء الباقي، أو بعد مضي القرأين حلت للمشتري بقرء ثالث، وأما للتزويج فلا تحتاج له كما سيأتي في الاستبراء، هذا إذا لم ترتفع حيضتها، أما إن ارتفعت حيضتها بأن تأخرت لغير رضاع، حلت؛ إن مضت لها سنة للطلاق، وثلاثة أشهر من يوم الشراء. فحاصله أنها تحل بأقصى الأجلين فإن اشتريت بعد تسعة أشهر من طلاقها حلت بمضي سنة من يوم الطلاق، وبعد عشرة أشهر فبمضي سنة وشهر، وبعد أحد عشر شهراً فبمضي سنة وشهرين، وبعد سنة فبمضي ثلاثة أشهر من يوم الشراء، وأما من تأخر حيضها لرضاع فلا تحل إلا بقرأين كمعتادة الحيض التي لم ترتب. والمستحاضة التي ميزت، وإن اشتريت أمة معتدة من وفاة فأقصى الأجلين وهما شهران وخمس ليال عدة الوفاة، وحيضة الاستبراء إن لم تسترب، أو ثلاثة أشهر إن تأخرت حيضتها، فإن ارتابت تربصت تسعة أشهر من يوم الشراء اهـ من الأصل.
قوله: [من الحلي والطيب]: فإن تطيبت قبل وفاة زوجها قال ابن رشد بوجوب نزعه وغسله كما إذا أحرمت، وقال الباجي وعبد الحق عن بعض شيوخه: لا يلزمها نزعه، وفرق عبد الحق بينها وبين من أحرمت، بأن المحرمة أدخلت الإحرام على نفسها بخلاف الموت
قوله: [فإنهن يتزين في خروجهن بالحرير الأسود]: وفي الحقيقة لا مفهوم للحرير والمدار على كون الأسود زينة على حسب العادة.
قوله: [ولا تدخل حماماً]: قال ابن ناجي: اختلف في دخولها الحمام فقيل لا تدخل أصلاً ظاهره ولو من ضرورة، وقال أشهب: لا تدخله إلا من ضرورة ونحوه في التوضيح، وهذا هو الراجح فقول المصنف الآتي:" إلا لضرورة " يرجع له أيضاً.
قوله: [إلا إذا كانت حاملاً فلها النفقة]: راجع للمطلقة طلاقاً بائناً فقط.
قوله: [مطلقاً في المطلقة]: أي كان الطلاق بائناً أو رجعياً كان المسكن له أو لا نقد كراء أو لا.
قوله: [كالمزني بها غير عالمة]: أي فإن لها الصداق والسكنى. وأما لو كانت عالمة فلا صداق لها ولا سكنى.
قوله: [إن دخل بها]: أي وهي مطيقة للوطء، وأما غير المطيقة فلا سكنى لها إلا إذا أسكنها قبل الموت فلها السكنى، دخل بها أم لا. ويدل لذلك قول المدونة: ومن دخل بصغيرة لا يجامع مثلها فلا عدة عليها ولا سكنى لها في الطلاق، وعليها عدة الوفاة، ولها السكنى إن كان ضمها إليه وإن لم يكن نقلها اعتدت عند أهلها.
قوله: [فيه رد على المصنف]: أي وخليل تبع ابن يونس حيث قال نقلاً عن أبي بكر بن عبد الرحمن، وإن كان إنما أخذها
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (الكفالة).
(وإلا) ينقد (فلا) سكنى لها، (ولو كان) الكراء (وجيبة) على الراجح، (وسكنت) المعتدة مطلقة أو متوفى عنها (على ما كانت عليه) قبل الطلاق أو الموت، ولا تنتقل لغيره. (ورجعت له) وجوباً (إن نقلها) لغيره ثم طلقها، أو مات من مرضه (واتهم) على أنه إنما نقلها ليسقط سكناها في المكان الأول، (أو كانت) حال الطلاق أو الموت مقيمة (بغيره) لغرض من الأغراض، فإنها ترجع لمحلها الأصلي،
(ولو) كانت إقامتها بغيره واجبة (لشرط) اشترطه عليها أهل رضيع (في إجارة رضاع): أي اشترطوا عليها أن لا ترضعه إلا عندهم في دارهم لأن عدتها في بيتها حق لله، وهو مقدم على حق الآدمي.
(وانفسخت) الإجارة إذا لم يرضوا برضاعها بمنزلها.
(أو خرجت لضرورة): أي وكذا ترجع لمسكنها لتعتد فيه إذا خرجت مع زوجها أو غيره لحجة الفريضة فطلقها، أو مات زوجها (في كالثلاثة الأيام) أدخلت الكاف رابعاً لا أزيد: فلا ترجع كما لو تلبست بالإحرام، (و) رجعت إن خرجت (لتطوع) من الحج (أو غيره كرباط، ولو وصلت) ذلك المحل (أو أقامت) به ولو (عاماً) على ما رجحه بعضهم، ومحل رجوعها فيما تقدم إنما هو (مع ثقة) من الناس لا مجردة، (وأمن طريق) لا إن كانت مخوفة (إن أدركت شيئاً من العدة) في منزلها. ولو قل (لا) ترجع إن خرجت (لانتقال) ورفض لسكنى بلدها (فحيث شاءت) إما أن ترجع لبلدها أو في المكان الذي طرأت فيه العدة. أو للمنتقلة إليه أو غيره.
(ولا سكنى لأمة) طلقت أو مات عنها (لم تبوأ): أي لم يكن لها مع زوجها بيت تسكن فيه مع زوجها، بأن كانت عند سيدها يأتيها زوجها عنده، فإن أخذها زوجها عنده وهيأ لها منزلاً تقوم معه فيه فلها السكنى، وإذا لم يكن لها سكنى (فلها الانتقال مع ساداتها) إذا انتقلوا (كغيرها) أي غير الأمة التي لم تبوأ، وهي الحرة والأمة المبوأة لها الانتقال من محل عدتها (لعذر لا يمكن المقام معه) فيه (كسقوطه): أي انهدامه، (أو خوف لص أو جار سوء، و) إذا انتقلت (لزمت ما انتقلت له) إلا لعذر (و) للمعتدة (الخروج في حوائجها) الضرورية كتحصيل قوت أو ماء أو نحوهما، لا لزيارة ولا تجارة ولا تهنئة ولا تعزية.
(وسقطت) السكنى (إن سكنت غيره بلا عذر) فلا يلزمه أجرة ما انتقلت إليه، وقد استوفى المصنف المسألة فراجعه إن شئت، وشبه في السقوط قوله:(كنفقة ولد) له (هربت به) المطلقة أماً أو غيرها، ومثل الأب الوصي (ولم يعلم موضعها) مدة هروبها،
ــ
ليكفلها ثم مات لم يكن لها سكنى.
قوله: [وإلا ينقد] إلخ: الحاصل أنه إن نقد الكراء كان لها السكنى كانت وجيبة أو مشاهرة اتفاقاً وإن لم ينقد ففي المشاهرة لا سكنى لها اتفاقاً، وفي الوجيبة على الراجح من التأويلين.
قوله: [ولو وصلت]: أي ما لم تتلبس بالإحرام.
قوله: [إن أدركت شيئاً من العدة في منزلها]: إن قلت هذا الشرط لا يتوهم بالنسبة لمن خرجت للحج ضرورة فمات زوجها أو طلقها، فإن الشرط أن ترجع من أربعة أيام فأقل، ومعلوم أن العدة باقية فلا معنى لذلك الشرط.
أجيب بأنه يمكن إقامتها في محل الطلاق أو الموت لمرض اعتراها، أو انتظار رفقة حتى ضاق الوقت، أو في حامل أشرفت على الوضع فتأمل.
قوله: [فحيث شاءت]: أي هي مخيرة تعتد بأقربهما أو أبعدهما أو بمكانها الذي هي فيه وقت الموت أو الطلاق وما قرر به شارحنا من التخيير تبع فيه غيره من الشراح، وظاهر كلام ابن عرفة أنها أقوال وحيث وجب عليها الرجوع لوطنها لزم المطلق لها أجرة الرجوع، لأنه أدخله على نفسه، وأما في موته فالكراء عليها لانتقال ماله للورثة، كما لا كراء عليه إذا رجعت لمكان تخير فيه.
قوله: [ولا سكنى لأمة]: حاصل فقه المسألة: أن الأمة التي لم يسكنها زوجها في بيت لا سكنى لها على الزوج، لا في عدة طلاق ولا وفاة، بل تعتد عند سادتها ولها الانتقال معهم إذا انتقلوا كما كان لها ذلك، وهي في عصمته حيث لم تبوأ كما تقدم أول باب النكاح، وأما التي بوئت مع زوجها فلها السكنى في طلاق أو موت، وليس لساداتها نقلها معهم عند أبي عمران خلافاً لابن يونس وابن عرفة حيث لم يتعذر لحوقها بهم بعد وفاء العدة، وإلا فيتفق على انتقالها معهم.
قوله: [لها الانتقال من محل عدتها لعذر]: أي وتنتقل لما أحبت من الأمكنة، ولو أراد الزوج خلافه إلا لغرض شرعي قوله:[وللمعتدة الخروج في حوائجها]: أي طرفي النهار أو وسطه فلا مفهوم لقول خليل "طرفي النهار"، بل المدار على أي وقت فيه الأمن.
قوله: [ولا تهنئة]: هكذا قال الشارح كما هو ظاهر خليل، ولكن ظاهر النقل جواز خروجها في غير حوائجها، فإنه قال في المدونة، وإذا خرجت لحوائجها أو لعرس فلا تبيت بغير مسكنها
قوله: [فراجعه إن شئت]: حاصل ما في ذلك المقام أنه ليس من العذر شكوى المرأة في الحضر ضرر الجوار، بل إن شكت رفع أمرها للحاكم ليكفهم عنها، فإن ظهر ظلمها زجرها أو ظلمهم زجرهم، فإن زال الضرر فظاهر وإلا أخرج الظالم، وأقرع بينهم لمن يخرج إن أشكل الأمر على الحاكم، واختلف: هل لا سكنى في العدة لمن سكنت زوجها قبل الطلاق استصحاباً للأصل، أو يلزمه أجرة المسكن لها مدة
فإنها تسقط عنه فإن علم وقدر على ردها لم تسقط.
(ولأم ولد في الموت): أي موت سيدها، (و) في تنجيز (العتق) لها من سيدها وهو حي (السكنى) مدة استبرائها بحيضة أو وضع (وزيد) لها (في العتق نفقة الحمل) إن كانت حاملاً، بخلاف الموت لأن الولد وارث.
(كالمرتدة)، وهي متزوجة لها السكنى مدة استبرائها قبل قتلها بحيضة أو وضع، ويزاد لها في الحمل نفقته، (والمشتبهة): أي الموطوءة وطء شبهة إما غلطاً يظنها زوجته وهي غير ذات زوج، أو لم يدخل بها زوجها ولم تعلم حال وطئها لنحو نوم وإلا كانت زانية لا نفقة لها ولا سكنى، وإما لنكاح فاسد إجماعاً يدرأ الحد؛ كمن تزوج أخته من نسب أو رضاع بلا علم منهما فلها السكنى ونفقة الحمل مدة الاستبراء.
(ونفقة ذات الزوج) الغير المدخول بها الموطوءة بشبهة (إذا لم تحمل) تكون (عليها) نفسها دون الواطئ لها.
فصل في بيان عدة من فُقد زوجها ولم يعلم أهو حي أو ميت
وهو إما مفقود في بلاد الإسلام في زمن الوباء أو غيره، أو بين مقاتلة بين أهل الإسلام أو بين المسلمين والكفار
ــ
العدة، لأن المكارمة قد زالت؟ قولان، أظهرهما الثاني ويجوز للغرماء بيع الدار في عدة المتوفى عنها بشرط استثناء مدة عدتها أو أربعة أشهر وعشراً، أو يبين البائع الذي هو الغريم للمشتري أن الدار فيها معتدة، ويرضى المشتري لأن البيان يقوم مقام الاستثناء؛ فإن لم يبين ولم يستثن لم يجز البيع ابتداء ولكنه صحيح ويثبت للمشتري الخيار، فإن باع بالشرط المذكور وارتابت المرأة بحس بطن أو تأخر حيض فهي أحق بالسكنى فيها من المشتري، إذ لا دخل لها في التطويل وله الفسخ عن نفسه إن شاء، وكذلك يجوز للزوج بيع الدار في عدة المطلقة ذات الأشهر، كالصغيرة واليائسة بشرط استثناء مدة العدة، أو بيان ذلك للمشتري إن لم يكن الحيض متوقعاً منها كبنت ثلاث عشرة سنة أو خمسين وإلا فقولان: بالمنع والجواز، بخلاف ذات الأقراء والحمل فإنه لا يجوز للزوج أن يبيعها لجهل المدة، ولو باع الغريم في المتوفى عنها والزوج في الأشهر في متوقعة الحيض المرتابة بالفعل أو بالقوة، ودخل مع المشتري على أنه إن زالت الريبة فالبيع لازم وإلا فمردود فسد البيع للجهل بزوالها وللتردد بين السلفية والثمنية وامرأة الأمير ونحوه، كالقاضي إذا مات وهي في بيت الإمارة وتولى غيره بعده لا يخرجها القادم حتى تتم عدتها به، وإن ارتابت بحس بطن أو تأخر حيض إلى خمس سنين كالمحبسة على رجل مدة حياته فيطلق أو يموت، لا يخرجها المستحق بعده حتى تتم عدتها وإن ارتابت، بخلاف دار محبسة على إمام مسجد يموت فإن لمن جاء بعده إخراج زوجة الأول، والفرق أن دار الإمارة من بيت المال والمرأة لها فيه حق، بخلاف دار الإمامة اهـ من الأصل.
قوله: [فإنها تسقط عنه]: إنما سقطت لأنها لما تركت ما كان واجباً لها من غير عذر فلا يلزمه بعدولها عنه عوض.
قوله: [ولأم ولد] إلخ: حاصله أنه إذا مات عن أم ولده فلها السكنى مدة استبرائها ولا نفقة لها، ولو كانت حاملاً، ما لم يعتقها وهو حي وإلا كان لها السكنى والنفقة إذا كانت حاملاً.
قوله: [كالمرتدة]: استشكل ثبوت السكنى للمرتدة بأنها تسجن حتى تتوب أو تقتل، وأجاب في الحاشية بأنه يفرض فيما إذا غفل عن سجنها أو كان السجن في بيتها أو كان لموضع السجن أجرة.
قوله: [والمشتبهة] إلخ: حاصل ما في هذه المسألة أن المرأة التي غلط بها تارة يكون لها زوج أو لا، فإن كان لها زوج فإما مدخولاً بها أو لا، فإن لم يكن لها زوج فإن حملت فالنفقة والسكنى على الغالط، وإن لم تحمل فالسكنى عليه والنفقة عليها، وإن كانت ذات زوج ولم يدخل بها فإن حملت من الغالط فسكناها ونفقتها عليه، وإن لم تحمل فالسكنى على الغالط والنفقة عليها كالخلية على الراجح، خلافاً لمن يقول على الزوج، وأما لو دخل بها زوجها فنفقتها وسكناها عليه حملت أم لا، إلا أن ينفي حملها بلعان فلا نفقة لها عليه، ولها السكنى والنفقة عليها إلا أن يلحق بالثاني، فإن عليه نفقتها وسكناها ما لم ينفه الثاني أيضاً بلعان، فإن نفاه فلا نفقة عليه أيضاً ولها السكنى عليه فيما يظهر، وأما إذا كان لا يلحق بالثاني لقصر المدة مثلاً فإن سكناها على الأول قطعاً ولا نفقة لها على واحد منهما - أفاده في الحاشية.
فصل في بيان عدة من فقد زوجها
لما أنهى الكلام على العدة - وكان سببها أمرين: طلاقاً ووفاة - شرع في بيان ما يحتملهما وهي عدة امرأة المفقود في بعض صوره.
والمفقود: من انقطع خبره مع إمكان الكشف عنه، فيخرج الأسير لأنه لم ينقطع خبره، والمحبوس الذي لا يستطاع الكشف عنه. قوله:[وهو إما مفقود في بلاد الإسلام] إلخ: أي فأقسام المفقود خمسة: مفقود في بلاد الإسلام في غير زمن الوباء أو فيه، ومفقود في مقاتلة بين أهل الإسلام، ومفقود في أرض الشرك، ومفقود في مقاتلة بين المسلمين والكفار.
أما الأول فهو الذي قال فيه: " وتعتد زوجة المفقود في أرض الإسلام " إلخ، وأما الثاني فهو الآتي في قوله: " وفي المفقود
أشار لذلك بقوله:
(وتعتد زوجة المفقود) حرة أو أمة صغيرة أو كبيرة (في أرض الإسلام)، متعلق بالمفقود (عدة وفاة) على ما تقدم، ابتداؤها بعد الأجل الآتي بيانه (إن رفعت أمرها للحاكم) إن كان ثم حاكم شرعي، (أو لجماعة المسلمين عند عدمه) ولو حكماً كما في زمننا بمصر؛ إذ لا حاكم فيها شرعي ويكفي الواحد من جماعة المسلمين إن كان عدلاً عارفاً شأنه أن يرجع إليه في مهمات الأمور بين الناس، لا مطلق واحد وهو محمل كلام العلامة الأجهوري وهو ظاهر لا خفاء به، والاعتراض عليه تعسف.
(ودامت نفقتها): من ماله بأن ترك لها ما تنفق على نفسها منه، وإلا فلها التطليق عليه لعدم النفقة بشرطه المعلوم في محله.
وفائدة الرفع للحاكم الكشف عن حال زوجها بالسؤال والإرسال للبلاد التي يظن بها ذهابه إليها للتفتيش عنه إن أمكن الإرسال، والأجرة عليها.
(فيؤجل الحر أربعة أعوام، والعبد نصفها) عامين لعله أن يظهر خبره (بعد العجز عن خبره): بالبحث عنه في الأماكن التي يظن ذهابه إليها.
فإذا تم الأجل دخلت في عدة وفاة ولا تحتاج إلى نية دخول فيها، ولها الرجوع إلى التمسك بزوجها قبل الشروع فيها لفرض حياته عندها.
(وليس لها بعد الشروع فيها) أي العدة (الرجوع) إلى عصمة زوجها، والبقاء عليها لفرض موته عندها بالشروع فيها، وهو قول أبي عمران ورجح، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن: لها ما لم تخرج من العدة، فلو خرجت منها فليس لها الرجوع اتفاقاً.
(ولا نفقة) لها في عدتها، بل تسقط عن زوجها لفرضها موته بشروعها فيها، (وقدر به): أي بالشروع في العدة (طلاق) من المفقود عليها يفيتها عليه، (يتحقق) وقوعه (بدخول) الزوج (الثاني) عليها وعليه (فتحل للأول) إن جاء (بعصمة جديدة بعد الثاني) بأن طلقها أو مات عنها (إن كان) الأول - أي المفقود - (طلقها اثنتين) قبل دخول الثاني بها: أي وإن وطئها الثاني وطئاً يحل المبتوتة فـ (إن جاء) المفقود بعد عقد الثاني عليها (أو تبين حياته أو موته؛
ــ
زمن الطاعون بعد ذهابه "، وأما الثالث: فهو الآتي في قوله: " واعتدت في مفقود المعترك بين المسلمين من يوم التقاء الصفين "، وأما الرابع: فهو الآتي في قوله: " ومفقود أرض الشرك فإنها تمكث لمدة التعمير " إلخ، وأما الخامس: فهو الآتي في قوله: " وفي الفقد بين المسلمين والكفار بعد سنة بعد النظر ".
قوله: [أشار لذلك]: أي شرع يفصل تلك الأقسام الخمسة وإن لم يصرح بمفقود أرض الشرك في الدخول، لكنه فصل الجميع بأوضح عبارة.
قوله: [وتعتد زوجة المفقود] إلخ: أي إن كان فقده في غير زمن الوباء.
قوله: [صغيرة أو كبيرة]: أي مسلمة أو كتابية.
قوله: [إن كان ثم حاكم شرعي]: أي حاكم سياسة سواء كان والياً أو غيره.
قوله: [أو لجماعة المسلمين]: هكذا عبارة الأئمة، وعبر عنه بعضهم بقوله فلصالحي جيرانها.
قوله: [والاعتراض عليها تعسف]: أي اعترض [1] الشيخ أبو علي المسناوي قائلاً لم أر من ذكره ولا أظنه يصح.
قوله: [ودامت نفقتها]: أي ولم تخش العنت وإلا فتطلق عليه للضرر فهي أولى من معدومة النفقة كذا قال الأشياخ.
قوله: [فيؤجل الحر أربعة أعوام]: أي سواء كانت الزوجة مدخولاً بها أم لا، دعته قبل غيبته للدخول أم لا. والحق أن تأجيل الحر بأربعة أعوام والعبد نصفها تعبدي أجمع الصحابة عليه. وحيث ضرب الأجل المذكور لواحدة من نساء المفقود قامت دون غيرها سرى الضرب لبقيتهن وإن امتنعت الباقيات من كون الضرب لمن قامت ضرباً لهن وطلبن ضرب أجل آخر فلا يجبن لذلك، بل يكفي أجل الأولى ما لم يخترن المقام معه، فإن اخترنه فلهن ذلك وتستمر لهن النفقة.
قوله: [بعد العجز عن خبره بالبحث عنه]: من هنا نقل المشذالي عن السيوري أن المفقود اليوم ينتظر مدة التعمير لعدم من يبحث عنه الآن، وأقره تلميذه عبد الحميد كما في البدر القرافي. ولكن محل هذا كله عند دوام النفقة وعدم خوف العنت كما علمت، ودين الله يسر ولا ضرر ولا ضرار.
قوله: [دخلت في عدة وفاة]: أي وعليها الإحداد عن ابن القاسم خلافاً لعبد الملك.
واعلم أنه بمجرد انقضاء العدة المذكورة تحل للأزواج، ولا يأتي هنا قوله سابقا "إن تمت قبل زمن حيضتها، وقال النساء لا ريبة بها ولا انتظرتها أو تمام تسعة أشهر"، وذلك لانقضاء أمد الحمل من حين التأجيل كذا في (عب).
قوله: [وقدر به] إلخ: أي فيقدر وفاته فتعتد عدة وفاة، وتأخذ جميع المهر وإن لم يكن قد دخل بها وهذا قول مالك وبه القضاء، وروى عيسى عن ابن القاسم: أنه لا يكمل لها المهر بل لها نصفه إلا إذا مضت مدة التعمير أو ثبت موته، وعلى الأول إذا كان الصداق مؤجلاً فهل يعجل جميعه، وهو قول سحنون، أو يبقى على تأجيله وهو قول مالك، وهو الراجح. وإنما لم يكن الأول أرجح مع حلول ما أجل بالموت لأن هذا تمويت لا موت حقيقة، وثمرة تقدير طلاقه أشار له المصنف بقوله "فتحل للأول" إلخ.
فالحاصل أنه يقدر وفاته لأجل أن تعتد عدة وفاة، ويكمل لها الصداق ولا نفقة لها في العدة، ويقدر طلاق لأجل أن تفوت على الأول بدخول الثاني، ولحليتها للأول إذا كان طلقها طلقتين
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(اعتراض).
فكذات الوليين): فتفوت عليه إن تلذذ بها الثاني غير عالم بمجيئه أو حياته، أو بكونها في عدة وفاة الأول، فإن تلذذ بها عالماً بواحد من هذه الأمور فهي للمفقود. وفائدة كونها للمفقود في الثالث فسخ نكاحها من الثاني، وتأبيد حرمتها على الثاني وإرثها للأول.
(بخلاف المنعي لها): وهي من أخبرت بموت زوجها الغائب، فاعتدت وتزوجت ثم قدم زوجها أو تبين حياته فلا تفوت بدخول الثاني غير عالم، ولو ولدت الأولاد أو حكم بموته حاكم.
(و) بخلاف (المطلقة) لعدم النفقة بشروطه ثم ظهر سقوطها عن الزوج بأن أثبت أنه ترك عندها ما يكفيها، أو أنه وكل وكيلاً موسراً يدفعها عنه، أو أنها أسقطتها عنه في المستقبل فلا تفوت بدخول الثاني.
(و) بخلاف (ذات المفقود) المتقدم ذكره (تزوجت في عدتها) المفروضة لها، (ففسخ) النكاح لذلك فاستبرأت وتزوجت بثالث فثبت أن المفقود كان قد مات وانقضت عدتها منه في الواقع قبل عقد الثاني، فلا تفوت على الثاني بدخول الثالث.
(أو) تزوجت امرأة (بدعواها الموت) لزوجها أي بمجرد دعواها، (أو بشهادة غير عدلين) على موت زوجها (ففسخ) نكاحها لعدم شهادة العدلين بموته، فثبت بالعدول أنه مات فتزوجت بثالث. (ثم ظهر أنه): أي نكاح الثاني في المسألتين كان (على الصحة) فلا تفوت على الثاني بدخول الثالث.
فقوله: (فلا تفوت بدخول): راجع للمنعي لها وما بعدها.
(و) إذا اعتدت امرأة المفقود وحلت للأزواج (بقيت أم ولده) على ما هي عليه، (و) بقي (ماله) فلا: يورث (للتعمير): أي لانتهاء مدته فيورث ماله، وتخرج أم ولده حرة.
(كزوجة الأسير ومفقود أرض الشرك) فإنها تمكث لمدة التعمير إن دامت نفقتها وإلا فلها التطليق لعدمها.
ــ
قبل فقده بعصمة جديدة فتأمل.
قوله: [فكذات الوليين]: أي في الصور الثلاث؛ وهي: مجيئه أو تبين حياته أو موته.
قوله: [في الثالث]: أي وهو تبين موته ولو لم تنقض عدتها منه في الواقع، ونفس الأمر لكونه مات منذ شهر مثلاً وهو معنى قولهم ذات الوليين، ولم تكن في عدة وفاة من الأول.
قوله: [وهي من أخبرت بموت زوجها الغائب]: أي سواء كان المخبر لها بالموت عدولاً أو غير عدول.
قوله: [أو حكم بموته حاكم]: أي حيث كان المخبر بالموت عدولاً إذ لا يتصور حكم الحاكم بغير العدلين والفرق بين ذات المفقود والتي حكم بموت زوجها حاكم أن الحكم في المفقود استند إلى اجتهاد الحاكم بثبوت فقده، ولم يتبين خطؤه فلم يبال بمجيئه بعد الدخول لكونه مجوزاً لذلك عند ضرب الأجل، والتي حكم فيها الحاكم بموته فقد استند إلى شهادة ظهر خطؤها، أما إذا لم يحكم بذلك حاكم فواضح، وما ذكره المصنف من أن المنعي لها زوجها والمحكوم بموته لا تفوت بدخول الثاني هو المشهور من المذهب، وقيل تفوت على الأول بدخول الثاني مطلقاً حكم بالموت حاكم أم لا، وقيل تفوت إن حكم به، وعلى المفتي به إن رجعت للأول اعتدت من الثاني إن دخل بها كعدة النكاح الصحيح، فإن مات القادم اعتدت منه عدة وفاة ولا حد عليها لأن النعي شبهة.
قوله: [فلا تفوت بدخول الثاني]: أي ولو ولدت أولاداً من ذلك الثاني، وكذا يقال فيما بعد.
قوله: [فلا تفوت بدخول] إلخ: فجملة المسائل التي لا تفوت فيها على الزوج بالدخول سبعة، ذكر المصنف خمسة.
وبقي مسألتان: الأولى منهما: ما إذا قال الزوج: عمرة طالق مدعياً زوجة غائبة اسمها كذلك قصد طلاقها به، وله زوجة حاضرة شريكتها في الاسم ولم يعلم بها فطلقت عليه الحاضرة، لعدم معرفة الغائبة، فاعتدت وتزوجت، ثم أثبت أن له زوجة غائبة تسمى عمرة فترد إليه الحاضرة ولا يفيتها دخول الثاني.
الثانية: ذو ثلاث زوجات وكل وكيلين على أن يزوجاه فزوجه كل منهما واحدة وسبق عقد أحدهما الآخر، ففسخ نكاح الأولى منهما ظناً أنها الثانية لكونها خامسة فاعتدت وتزوجت، ودخل بها الثاني ثم تبين أنها الرابعة لكونها ذات العقد الأول فلا تفوت على الأول، وأما الثانية فيتعين فسخ نكاحها لكونها خامسة، ولو دخل بها وليس كلامنا فيها.
قوله: [أي لانتهاء مدته]: أي أو ثبوت موته وظاهره أن انتهاء مدة التعمير يورث بها ماله وتعتق أم ولده ولو لم يحكم بمضيها حاكم وليس كذلك، بل المراد انتهاء مدة التعمير مع الحكم بموته والمعتبر في ورثته الموجود يوم الحكم بموته لا وارثه يوم الفقد ولا يوم بلوغه مدة التعمير بدون حكم كما نقله (ح) عن ابن عرفة، ونصه وأقوال المذهب واضحة بأن مستحق إرثه وارثه يوم الحكم بموته لا يوم بلوغه سن تمويته ا. هـ من حاشية الأصل؛ فإذا علمت ذلك فلا ميراث لزوجاته اللاتي ضرب لهن الأجل، لأن حالة موته لم يكن في عصمته وإن كن أحياء، بل بمجرد شروعهن في العدة انقطع ميراثهن منه إن لم يثبت موته قبل شروعهن في العدة فتأمل.
قوله: [كزوجة الأسير] إلخ: أي ولا بد من الحكم بموت الأسير ومفقود أرض الشرك أيضاً بعد تلك المدة، واعتدت زوجة كل عدة وفاة وقسم ماله على ورثته فإن جاء
(وهو سبعون سنة) من ولادته فيورث ماله وتعتد زوجته عدة وفاة وتخرج أم ولد حرة، قال المصنف: وإن اختلفت الشهود في سنه فالأقل أي لأنه الأحوط.
(واعتدت) الزوجة عدة وفاة (في مفقود المعترك بين المسلمين من يوم التقاء الصفين) على قول مالك وابن القاسم، وقال المصنف: بعد انفصال الصفين والأرجح الأول، إلا أن الأظهر في النظر هو الثاني فيجب التعويل عليه، وهذا إذا شهدت البينة أنه حضر صف القتال وإلا فكالمفقود في بلاد الإسلام المتقدم ذكره.
(وورث ماله حينئذ): أي حين شروع زوجته في العدة.
واعتدت عدة وفاة (في الفقد بين) صفي (المسلمين والكفار بعد سنة بعد النظر) في شأنه بالسؤال والتفتيش حتى يغلب على الظن عدم حياته، ويورث ماله حينئذ (و) تعتد (في المفقود زمن الطاعون بعد ذهابه وورث ماله) لغلبة الظن بموته: والله أعلم.
فصل [1]
(يجب استبراء الأمة) بحيضة إن كانت من ذوات الحيض أو بثلاثة أشهر إن كانت من غيرهن كما سيأتي بيانه (بالملك): أي بحصول ملكها بشراء أو غيره ولو بانتزاعها من عبده لا بالزواج،
ــ
بعد القسم لتركته لم يمض القسم ويرجع له متاعه.
قوله: [وهو سبعون سنة]: أي وهو مشهور المذهب، واختار الشيخان ثمانين وحكم بخمس وسبعين، بقي لو فقد الرجل وقد بلغ مدة التعمير أو جاوزها كمن فقد وهو ابن سبعين أو ثمانين، ابن عرفة: إذا فقد وهو ابن سبعين زيد له عشرة أعوام، أبو عمران: وكذا ابن الثمانين إذا فقد ابن خمس وسبعين زيد له خمس سنين، وإن فقد ابن مائة اجتهد فما يزاد له. اهـ (بن).
قوله: [وإن اختلفت الشهود] إلخ: وتجوز شهادتهم على التخمين للضرورة وحلف الوارث حيث كانت الشهادة على التخمين بأن ما شهدوا به حق، ويحلف على البت معتمداً على شهادتهم، وإنما يحلف من يظن به العلم. فإن أرخت البينة الولادة فلا يمين.
قوله: [إلا أن الأظهر في النظر هو الثاني]: أي لأنه الأحوط، على أن ما قاله مالك، وابن القاسم يمكن تأويله بأن المراد من يوم التقاء الصفين آخر يوم التقائهما وهو يوم الانفصال.
قوله: [بعد سنة بعد النظر] اعترضه (ر) بأن الذي في عبارة المتيطي وابن رشد وابن شاس وغيرهم بأن السنة من يوم الرفع للسلطان، لا من بعد النظر والتفتيش عليه. وأجيب بأن ما قاله المصنف تابعاً فيه لخليل التابع لابن الحاجب التابع للمتيطية عن بعض الموثقين، ووقع القضاء به في الأندلس.
قوله: [زمن الطاعون] أي وما في حكمه مما يكثر الموت به كسعال ونحوه، ولو عبر بالوباء لشمل ذلك كله، والطاعون: بثرة من مادة سمية مع لهب واسوداد حولها، يحدث معها ورم في الغالب وقيء وخفقان في القلب يحصل غالباً في المواضع الرخوة والمغابن، كتحت الإبط وخلف الأذن. والوباء: كل مرض عام، بقي شيء آخر: وهو أن الطاعون بإرادة الله تعالى لا بإذنه، وحاصله أنه إذا أراد الله هذا الأمر لكثرة الزنا يحرك الجن بحصول ذلك المعنى، كما يتحرك العدو لإهلاك عدوه في بعض الأزمان دون بعض بإرادة الله تعالى، إلا أن الله لا يمكنهم من ذلك في بعض الناس، وتمكينهم في ذلك من بعض الناس لبعد الملك عنه كذا في الحاشية.
فصل في استبراء الأمة
لما أنهى الكلام على العدة من طلاق ووفاة وتوابعها أتبعها بالكلام على الاستبراء المشتق من التبري وهو التخليص؛ وهو لغة الاستقصاء والبحث والكشف عن الأمر الغامض، وشرعاً قال في توضيحه: الكشف عن حال الأرحام عند انتقال الأملاك مراعاة لحفظ الأنساب، وقال ابن عرفة: مدة دليل براءة الرحم لا لرفع عصمة أو طلاق؛ لتخرج العدة ويدخل استبراء الحرة وهو اللعان، والموروثة لأنه للملك لا لذات الموت. اهـ. خرشي. قال في الحاشية. ثم هذا صريح في أن المراد بالاستبراء نفس الحيض، والظاهر أنه نفس الحيض، فكما أن العدة نفس الطهر يكون الاستبراء نفس الحيض. ثم إن الاستبراء إذا كان بالأشهر يكون نفس الأشهر. فيكون إضافة مدة لما بعده للبيان، وإذا كان للحيض فالإضافة حقيقية ا. هـ. وحيث علق المصنف الوجوب بالاستبراء علم أن المراد به الكشف عن حال الرحم لأنه هو الواجب لا المدة.
قوله: [أي بحصول ملكها] أي بسبب الملك الحاصل أي المتجدد. واعلم أن الجارية لا تصدق في دعواها الاستبراء بحيض أو وضع حمل حتى ينظرها النساء كذا في الحاشية.
قوله: [لا بالزواج] إنما لم يجب استبراؤها بالزواج؛ لأن شرط عقد النكاح أن يكون على امرأة خالية من جميع الموانع حرة كانت أو أمة، فمعلوم أنه لا يصح العقد عليها إلا
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
زاد بعدها في ط المعارف: (في استبراء الإماء ومواضعتهن).
إن أراد وطأها بشروط أربعة أشار لأولها بقوله:
(إن لم تعلم براءتها) فإن علم براءتها من الحمل؛ كمودعة عنده أو مرهونة أو مبيعة بالخيار تحت يده، وحاضت زمن ذلك - ولم تخرج ولم يلج عليها سيدها، ثم اشتراها فلا استبراء عليه، وأشار للشرط الثاني بقوله:(ولم تكن مباحة الوطء) حال حصول الملك - كزوجته يشتريها مثلاً - فلا استبراء عليه.
وللثالث بقوله: (ولم يحرم في المستقبل): وطؤها، كعمته وخالته من نسب أو رضاع، وكأم زوجته فلا استبراء لعدم حل وطئها،
وللرابع بقوله: (أو طاقت الوطء) احترازاً من صغيرة كبنت خمس سنين لعدم إمكانه عادة.
ويجب الاستبراء لكل ما استوفت الشروط (ولو وخشاً) كالعلية أو بكراً (أو متزوجة طلقت قبل البناء) وإن كان لا استبراء على زوجها لو دخل بها (أو أساء الظن) بها، (كمن): أي كأمة (عنده) بإيداع أو رهن (تخرج) لقضاء الحوائج، فإذا اشتراها من سيدها مثلاً وجب عليه استبراؤها، بخلاف مملوكة تخرج فلا يجب للمشقة، (أو كانت) مملوكة (بغائب [1] أو مجبوب ونحوه) كمقطوع الأنثيين أو البيضة اليسرى، (أو مكاتبة عجزت) عن أداء النجوم فرجعت رقيقاً لسيدها، (أو أبضع فيها) بأن أعطى إنساناً ثمن أمة ليشتريها من بلد سافر إليه (فأرسلها) البضع معه (مع غير مأذون) له في الإرسال معه، فإنه يجب عليه استبراؤها، بخلاف ما لو جاء بها أو أرسلها مع مأذون.
(و) يجب الاستبراء (على المالك) لأمة (إن باع) موطوءته، (أو زوج موطوءته): أي من وطئها بالفعل، وإلا فله بيعها وتزويجها بلا استبراء للأمن من حملها منه، ما لم يظن بها الزنا في التزويج فيجب استبراؤها عليه، (أو وطئت) أمته (بشبهة) أو زنا، (أو رجعت له من غصب) يمكن وطؤها فيه.
(وبالعتق) عطف على بالملك: أي ويجب الاستبراء على الجارية بعتقها
ــ
بعد العلم ببراءة رحمها، بخلاف انتقال الملك فلا يشترط العلم ببراءة الرحم، ولا يتوقف على ذلك فيه.
قوله: [إن أراد وطأها] أي فإذا اشترى جارية أو وهبت له أو تصدق بها عليه فلا يجب عليه استبراؤها بالشروط المذكورة إلا إذ أراد وطأها، ففي الجلاب: من اشترى أمة يوطأ مثلها فلا يطؤها حتى يستبرئها بحيضة، وفي المقدمات: استبراء الإماء في البيع واجب لحفظ النسب، ثم قال: فوجب على من انتقل إليه ملك أمة ببيع أو هبة أو بأي وجه من وجوه الملك ولم يعلم براءة رحمها أن لا يطأها حتى يستبرئها رفيعة كانت أو وضيعة اهـ.
قوله: [فإن علم براءتها من الحمل]: أي من الوطء فلا مفهوم لقوله الحمل.
قوله: [ولم يلج عليها سيدها]: أي لم يكن متردداً عليها في الدخول والخروج، ومن ذلك أيضاً ما إذا اشتراها بائعها قبل غيبة المشتري عليها وقبل أن يختلي بها، قوله:[ولم تكن مباحة الوطء] أي في نفس الأمر، والظاهر كما مثل الشارح احترازاً مما لو كشف الغيب أن وطأها حرام كأن يطأ أمة ثم تستحق فيشتريها من مستحقها فلا يطؤها حتى يستبرئها، لأن الوطء الأول وإن كان مباحاً في الظاهر إلا أنه فاسد في نفس الأمر.
قوله: [مثلاً] راجع لقوله يشتريها فقط، والكاف في قوله:"كزوجته" استقصائية.
قوله: [ولم يحرم في المستقبل]: أي بعد الشراء والدخول في الملك، وأما قبل الشراء والدخول في الملك فالحرمة عامة لعدم الملك لا للمحرمية وعدمها.
قوله: [وأطاقت الوطء]: أي وإن لم يمكن حملها عادة كبنت ثمان.
والحق أن إطاقة الوطء لا تنضبط بسن، بل تختلف باختلاف الأشخاص. فإن قلت: إن التي لا يمكن حملها عادة قد تيقن براءة رحمها، وشرط وجوب الاستبراء أن لا تتيقن البراءة؟ أجيب: بأن شرط الاستبراء عدم تيقن البراءة من الوطء لا من الحمل، فمتى لم تتيقن براءتها من الوطء وجب الاستبراء، تيقن براءة رحمها من الحمل أم لا، فعلى هذا الجواب اشتراط البراءة من الوطء في غير ممكنة الحمل تعبدي.
قوله: [أو بكراً]: أي لاحتمال إصابتها خارج الفرج وحملها مع بقاء البكارة.
قوله: [كمن أي كأمة عنده] إلخ: هذه الأمثلة من هنا إلى قوله: أو أبضع فيها كلها من أمثلة سوء الظن.
قوله: [أو كانت مملوكة]: معطوف على ما في حيز المبالغة.
قوله: [أو البيضة اليسرى]: إنما بالغ عليه لأنه يبعد حملها منه، لأن البيضة اليسرى هي التي تطبخ المني، فإذا قطعت كان الشأن عدم الحمل، ولكن قد علمت أن أحكام الاستبراء يراعى فيها التعبد.
قوله: [فإنه يجب عليه استبراؤها]: أي ولو حاضت مع ذلك الرسول فلا يكتفي بذلك الحيض؛ لأن الرسول ليس بأمينه، بخلاف لو قدم بها المبضع معه فحاضت مع ذلك المبضع، أو أرسلها بإذن وحاضت مع الرسول.
قوله: [ما لم يظن بها الزنا] إنما وجب عليه الاستبراء في التزويج؛ لأن شرط العقد الخلو من الموانع
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (لغائب)، ولعلها الصواب.
إن أرادت الزواج بغير معتقها، وهذا إن وطئت قبل عتقها ولم تر الحيض بعده، وإلا فلا استبراء عليها إن كانت غير أم الولد.
(واستأنفت) الاستبراء (أم الولد فقط) دون غيرها إذا مات سيدها أو أعتقها، (إن استبرأت أو اعتدت) من طلاق أو موت زوج قبل عتقها، (أو غاب سيدها غيبة علم أنه لم يقدم منها) فأرسل بعتقها، أو مات فلا بد من استئنافها الاستبراء. ولا يكفي الاستبراء أو العدة السابقة على عتقها لأنها فراش للسيد، فالحيضة في حقها كالعدة في الحرة. فكما أن الحرة تستأنف العدة لموت أو طلاق باستبراء أو عدة شبهة سبقت، فكذا أم الولد.
فتحصل أن عتق أم الولد موجب لاستبرائها مطلقاً في جميع الصور كغيرها إن وطئت قبله ولم تستبرأ، وتخرج من عدة (بحيضة) متعلق بقوله:"يجب الاستبراء" أي يجب الاستبراء "بالملك [1] "، و "على المالك" إلخ، و"بالعتق" بحيضة فقط إن كانت من ذوات الحيض.
(وكفت) الحيضة (إن حصل الموجب) أي موجب الاستبراء من ملك أو بيع أو عتق، (قبل مضي أكثرها): أي الحيضة (اندفاعاً)، فإذا ملكها إنسان بهبة أو غيره وهي حائض في أول نزول الحيض كفت. وإن ملكها بعد نزول الأكثر اندفاعاً ولو أقل أياماً؛ كاليومين الأولين من خمسة لم تكف ولا بد من حيضة أخرى، كما أشار له بقوله:(وإلا) بأن حصل الموجب بعد مضي الأكثر (فلا) يكفي. (و) كفى (اتفاق البائع) لموطوءته (والمشتري على) حيضة (واحدة) بأن توضع بعد الشراء تحت يد أمين كما سيأتي. (فإن تأخرت) الحيضة عن عادتها (ولو لرضاع أو مرض أو استحيضت ولم تميز) الحيض من غيره (فثلاثة أشهر) استبراؤها.
(كالصغيرة) المطيقة (واليائسة)، استبراء كل منهما ثلاثة أشهر، وكذا من عادتها الحيض بعد التسعة. وإن كان عادتها الحيض بعد ثلاثة أشهر، فهل تكتفي بثلاثة أشهر، أو لا بد من الحيضة؟ اختلف قول ابن القاسم في ذلك ولعل الأظهر الثاني، (إلا أن تقول النساء: بها ريبة) الأخصر: إلا أن ترتاب من تأخر حيضها أو استحيضت ولم تميز (فتسعة أشهر) استبراؤها.
(وبالوضع) عطف على بحيضة: أي وبوضعها إن كانت حاملاً (كالعدة) أي بتمام وضعها كله.
(وحرم) على المالك (الاستمتاع) بوطء أو مقدماته (في زمنه): أي الاستبراء.
ثم ذكر بعض مفاهيم القيود المتقدمة زيادة في الإيضاح بقوله:
(ولا استبراء على من هي تحت يده بكوديعة): أدخلت الكاف: المرهونة وأمة زوجته، (أو مبيعة بخيار إن حصلت) الحيضة عند من هي تحت يده أيام الإيداع، ونحوه وأيام الخيار عند المشتري (ولم تخرج)[2] الأمة لحاجة أو غيرها، (ولم يلج عليها سيدها) وإلا وجب لإساءة الظن كما تقدم. (و) لا استبراء (على من أعتق) أمته الموطوءة له، (وتزوج) بها بعد العتق،
ــ
كما تقدم.
قوله: [إن أرادت الزواج بغير معتقها]: أي وأما المعتق فله تزوجها بغير استبراء إذا كانت خالية من عدة، وهذا إذا كان يطؤها قبل العتق، وأما إذا اشتراها وأعتقها عقب الشراء وأراد العقد عليها فلا بد من استبرائها، ولا يكفي في إسقاط الاستبراء عتقه.
قوله: [فتحصل] إلخ: اعلم أنه إذا مات السيد فلا بد من الاستبراء كانت أم ولد أو غيرها، ولو استبرأت قبل الموت أو انقضت عدتها قبله، كان سيدها غائباً عنها قبله غيبة لا يمكنه فيها الوصول إليه، وأما إن أعتقها فأم الولد لا بد من استبرائها، ولو كانت قد استبرئت قبله أو انقضت عدتها قبله، أو كان سيدها غائباً ثم أرسله لها، وأما غير أم الولد فتستبرأ ما لم تكن استبرئت قبله أو انقضت عدتها قبله، أو كان غائباً قبله وإلا اكتفت بذلك، ولا تحتاج لاستئناف استبراء.
قوله: [متعلق بقوله يجب الاستبراء]: أي فهو راجع لجميع ما تقدم من أول الباب، وعلم من قوله بحيضة أن القرء هنا ليس هو الطهر كالعدة بل الدم، فبمجرد رؤيته تحصل البراءة، فللمشتري التمتع بغير ما بين السرة والركبة والباء في قوله بحيضة للتعدية. وفي قوله: بملك للسببية، فلم يلزم عليه تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد.
قوله: [إن كانت من ذوات الحيض]: أي وكانت عادتها يأتيها في أقل من تسعة أشهر. وإلا فتستبرأ بالأشهر كما يأتي.
قوله: [بأن توضع بعد الشراء تحت يد أمين]: قال (بن) الذي يتبادر من النقل أن المراد استبراؤها قبل عقد الشراء فقط، وبذلك ينتفي تكراره مع المواضعة الآتية، فقول الشارح بأن توضع بعد الشراء المناسب قبل عقد الشراء.
وقوله: [كما سيأتي] لا يظهر، بل هو في المواضعة وهي مسألة أخرى.
قوله: [فتسعة أشهر استبراؤها] أي فإن لم تزد الريبة حلت، وإن زادت مكثت أقصى أمد الحمل.
والحاصل: أنه إن زالت الريبة قبل التسعة أشهر، أو بعد تمامها حلت بمجرد زوالها، وإن استمرت، الريبة بعد التسعة أشهر فإن لم تزد حلت بمجرد تمام التسعة، وإن زادت مكثت أقصى أمد الحمل، كما أفاد ذلك نقل (بن) عن ابن رشد.
قوله: [وبالوضع]: أي ولو علقه فاستبراء الحامل بالوضع حكم العدة.
قوله: [وحرم على المالك الاستمتاع] إلخ: أي إلا أن تكون في ملك سيدها وهي بينة الحمل منه واستبرأها من زنا أو غصب أو اشتباه، فلا يحرم وطؤها ولا الاستمتاع بها، بل هو مكروه
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (بالمالك).
[2]
في ط المعارف: (تحرج).
لأن وطأه الأول صحيح، (أو اشترى زوجته وإن قبل البناء) بها، وهذا مفهوم قوله:"ولم تكن مباحة الوطء". (ولو اشتراها): أي زوجته (بعد البناء) بها (فباعها) لرجل، (أو أعتقها. أو مات) عنها، (أو عجز المكاتب) عن أداء الكتابة بعد أن اشترى زوجته التي بنى بها، ورجعت لسيده بأن انتزعها منه (قبل وطء الملك) الحاصل بالشراء. هذا ظرف تنازعته الأفعال الأربعة قبله: أي باع وأعتق ومات وعجز (لم تحل لسيد) اشتراها من الزوج أو انتزعها من مكاتبه أو ورثها إذا مات، (ولا زوج) يريد تزويجها بعد العتق أو الموت أو البيع أو عجز المكاتب، فقوله:"لسيد" راجع لما عدا العتق.
وقوله: "ولا زوج" راجع للجميع (إلا بقرءين) أي طهرين (عدة فسخ النكاح) الحاصل من شراء الزوج لزوجته بعد البناء؛ لأن عدة فسخ نكاح الأمة قرءان كعدة طلاقها. وقوله: "عدة" إما بالجر بدل أو بيان لقرءين. أو بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هما عدة فسخ.
(وإلا) يحصل البيع أو العتق أو الموت أو عجز المكاتب قبل وطء المالك. بل بعده (فحيضة) فقط لمن اشتراها أو ورثها أو أراد تزويجها أو انتزاعها من مكاتبه. لأن وطء الملك هدم عدة النكاح.
(كحصوله): أي حصول شيء مما ذكر من البيع أو العتق أو الموت للزوج المشتري بعد البناء، (بعد حيضة) حصلت بعد الشراء وقبل وطئها بالملك. فإنها تكتفي بحيضة أخرى تكمل بها عدة فسخ النكاح، (أو) حصوله بعد. (حيضتين): فعليها حيضة فقط للاستبراء وهذا في غير العتق؛ لأن الأمة إذا عتقت ولم تكن أم ولد بعد الحيض فلا استبراء عليها، بخلاف أم الولد فإنها تستأنف حيضة كما تقدم.
(ولا) استبراء (على أب وطئ جارية ابنه بعد استبرائها) من غير وطء ابنه لها، لأنه قد ملكها بمجرد جلوسه بين فخذيها بالقيمة، وحرمت على ابنه فوطؤه صار في مملوكته بعد استبرائها، وهذا هو الراجح، قال: وتؤولت أيضاً على وجوبه، وعليه الأقل. فلو لم يستبرئها لوجب استبراؤها اتفاقاً.
(ولا) استبراء (على بائع إن غاب عليها مشتر بخيار له) أي للمشتري، (وردها) على بائعها وأولى إذا كان الخيار للبائع أو لأجنبي لظهور أمانته كالوديع، (وندب) الاستبراء حيث كان الخيار للمشتري،
ــ
أو خلاف الأولى، وقيل: جائز، واختار (بن) الحرمة تبعاً لابن رشد لاحتمال انفشاش الحمل، وهذا الخلاف بعينه تقدم في العدة وسيأتي في المصنف ندب الاستبراء.
قوله: [لأن وطأه الأول صحيح]: أي وهو المشهور. وقيل بوجوبه ليفرق بين ولده بوطء الملك وولده من وطء النكاح، فإن الأول لو أراد نفيه لانتفى من غير لعان، والثاني لا ينتفي إلا بلعان وقد استظهر صاحب التوضيح هذا القول.
قوله: [أو اشترى زوجته]: هذه عكس ما قبلها لأن التي قبلها كان يطؤها أولا بالملك، فصار يطؤها بالنكاح، وهذه كان يطؤها بالنكاح، فصار يطؤها بالملك.
قوله: [وإن قبل البناء بها] بالغ على ذلك لدفع توهم أنه إذا اشتراها قبل البناء يلزمه استبراؤها، وأما بعد بنائه بها فلا يتوهم وجوب استبرائه، لأن الماء ماؤه ووطؤه الأول صحيح، والاستبراء إنما يكون من الوطء الفاسد، ومحل كونه إذا اشتراها قبل البناء لا يجب عليه استبراؤها ما لم يقصد بتزوجه لها إسقاط الاستبراء الذي يوجبه الشراء، وإلا عمل بنقيض مقصوده.
قوله: [لم تحل لسيد] أي وطؤها، وقوله ولا زوج أي العقد عليها.
قوله: [عدة فسخ النكاح] أي لأنه بمجرد الشراء انفسخ النكاح.
قوله: [بعد حيضة] إلخ: حاصله أنه إذا اشترى زوجته بعد أن بنى بها فحاضت بعد الشراء حيضة فأعتقها أو باعها أو مات عنها قبل أن يطأها بالملك، فإنه يكتفي في حلها للمشتري ولمن يزوجها له المشتري، ولمن يتزوجها بعد العتق، وللوارث ولمن يزوجها له الوارث بحيضة أخرى بعد الموت أو العتق أو البيع.
قوله: [بعد حيضتين]: أي حصلتا بعد الشراء وقبل وطء الملك.
قوله: [وهذا في غير العتق] مثل العتق التزوج فإنه يجوز العقد عليها بعد الحيضتين ولا يتوقف على حيضة استبراء.
قوله: [كما تقدم]: أي تقدم أن العتق لا يوجب الاستبراء إلا إذا لم يتقدم قبله استبراء
قوله: [جارية ابنه]: المراد به فرعه من النسب ذكراً أو أنثى وإن نزل، لا ابنه من الرضاع فلا يملك الأب من الرضاع جارية ابنه منه بالوطء، بل يعد وطؤه زنا وانظر النص في ذلك.
قوله: [على وجوبه]: أي بناء على أن الأب لا يضمن قيمتها بتلذذه ولو بالوطء، بل يكون للابن التماسك بها في عسر الأب ويسره، ولكن المعتمد ما عليه الأكثر. ومحل ملك الأب لها بالوطء المذكور ما لم يكن الابن وطئها قبله، وإلا فلا يملكها بالوطء لحرمتها عليه كذا قيل، ولكن المعتمد أنها تقوم على الأب متى وطئها لأنه أتلفها على الابن وحرمها عليه، وإن كانت تحرم على الأب في هذه الصورة أيضاً، لأن القاعدة أنه إذا وطئها الأب بعد الابن تحرم عليهما، وإن لم يكن وطئها قبل وطء أبيه حرمت على الابن دون أبيه.
قوله: [ولا استبراء على بائع] إلخ: حاصله أن رب الأمة إذا باعها بخيار للمشتري ثم بعد أن غاب المشتري عليها ردها للبائع فلا يجب على البائع استبراء، وإن جاز للمشتري الوطء في مدة الخيار إذا كان الخيار
وقيل مطلقاً، وقيل يجب.
وشبه في ندبه قوله (كسيد وطئت أمته بشبهة أو زنا) حال كونها (حاملاً منه) أي من السيد.
ثم شرع يتكلم على المواضعة: وهي نوع من الاستبراء، إلا أنها تختص بمزيد أحكام، ولذا أفردها بالذكر، فقال بالعطف على استبراء أمة:(ومواضعة العلية): أي ويجب مواضعة العلية: أي الرائعة الجيدة التي شأنها أن تراد للفراش لحسنها، وسواء أقر البائع بوطئها أم لا، (أو من أقر البائع بوطئها) وهي وخش شأنها أن تراد للخدمة، فإن لم يقر بوطئها فلا تتواضع بل يستبرئها المشتري، وفسر المواضعة بقوله:(بجعلها مدة استبرائها) المتقدم (عند من يؤمن من النساء، أو رجل له أهل) من زوجة أو محرم كأم أمينة والعمدة على المرأة المأمونة كان لها رجل أو لا، (وكره) وضعها (عند أحدهما): أي أحد المتبايعين (وإن رضيا) معاً (بغيرهما) في وضعها عنده (فليس لأحدهما الانتقال) عنه، نعم إذا رضيا معاً بنقلها من عنده كان لهما ذلك، (وكفى الواحدة) أي وضعها عند امرأة واحدة، فلا يشترط التعدد.
(وشرط النقد): أي نقد ثمن المواضعة (يفسد العقد): أي عقد بيعها لتردد بين السلفية والثمنية.
(ولا مواضعة في) أمة (متزوجة، و) لا في أمة (حامل، و) لا في أمة (معتدة) من طلاق أو وفاة، إذ العدة تغني عن المواضعة والاستبراء، (و) لا في (زانية) لأن الولد فيه لا يلحق بالبائع ولا بغيره.
(بخلاف راجعة) لبائعها (بعيب أو فساد بيع، أو إقالة إن غاب عليها المشتري ودخلت في ضمانه): أي المشتري برؤية الدم، أو قبضها في البيع الفاسد، (أو ظن وطأها) فعليه الاستبراء في الوخش والمواضعة في العلية، لا إن لم يغب عليها.
ولما فرغ من الكلام على العدة منفردة والاستبراء كذلك، شرع في الكلام عليهما إذا اجتمعتا
ــ
له؛ لأنه يعد بذلك مختاراً فلا يتأتى له ردها، فهي مأمونة من وطئه؛ فلذا كان استبراء البائع لها غير واجب، بل يندب كما سيقول المصنف، وأما لو كان الخيار لأجنبي أو للبائع ورد من له الخيار البيع بعد أن غاب المشتري عليها فلا يطالب البائع باستبراء؛ لأنه إذا كان الخيار لغير المشتري كان هناك مانع شرعي من وطئه، وهم إذا لم يراعوا المانع الشرعي لزم استبراؤها إذا كانت تحت يد أمين كالمودع والمرتهن ثم ردت لربها وهم لا يقولون بذلك وهذا ما لم يكن المشتري منهما، ويسيء البائع الظن به وإلا فيجب الاستبراء.
قوله: [وقيل مطلقاً]: الحاصل أنه قيل بالوجوب مطلقاً وقيل بالاستحباب مطلقاً، وقيل مقيد بما إذا كان الخيار للمشتري خاصة وهو الذي ارتضاه شارحنا.
قوله: [كسيد] إلخ: تقدم أن هذا قول من جملة الأقوال.
قوله: [وهي نوع من الاستبراء] أي ويراد بالاستبراء المعنى الأعم وهو مطلق الكشف عن حال الرحم الشامل للمواضعة.
قوله: [إلا أنها تختص بمزيد أحكام]: وذلك كالنفقة والضمان، وشرط النقد فإن النفقة في زمن المواضعة على البائع وضمانها منه، وشرط النقد مفسد لبيعها، بخلاف الاستبراء فإن نفقتها مدته على المشتري وضمانها منه، والنقد فيه ولو بشرط لا يضر.
قوله: [ومواضعة العلية] إلخ: اعلم أن المواضعة لا يشترط فيها إرادة المشتري الوطء، فليست كالاستبراء؛ وذلك لأن العلية ينقص الحمل من ثمنها، والوخش إذا أقر البائع بوطئها يخشى أن تكون حملت منه، والظاهر أنه يعتبر كونها عليه أو وخشاً بالنظر لحالها عند الناس لا بالنظر لحالها عند مالكها، قاله في الحاشية.
قوله: [أو من أقر البائع بوطئها] أي ولم يستبرئها.
قوله: [فإن لم يقر بوطئها] أي أو أقر واستبرأها.
قوله: [بل يستبرئها المشتري] أي إذا أراد أن يطأها وإلا فلا يجب استبراء.
قوله: [مدة استبرائها المتقدم] أي سواء كان الاستبراء بحيضة أو بثلاثة أشهر أو تسعة على ما مر؛ لأن المواضعة كما تكون فيمن تحيض تكون في غيرها.
قوله: [من النساء] أي وهو الأفضل.
قوله: [أو رجل له أهل] أي وأما من لا أهل له ولا محرم فلا يكفي على المعتمد.
قوله: [فليس لأحدهما الانتقال] أي بخلاف ما إذا تنازعا ابتداء فيمن توضع عنده، فالقول للبائع فيمن توضع عنده، وبخلاف ما إذا رضيا بأحدهما وارتكب المكروه فلكل منهما الانتقال ولو من غير وجه.
قوله: [فلا يشترط التعدد] أي على الراجح، بخلاف الترجمان فلا يكفي فيه الواحد على الأرجح.
قوله: [يفسد العقد] أي وإن لم ينقد بالفعل، وإنما فسد العقد بشرط النقد إذا اشترطت المواضعة أو جرى بها العرف، فإن لم تشترط ولم يجر بها العرف كما في مصر لم يفسد البيع بشرط النقد، ويحكم بالمواضعة ويجبر البائع على رد الثمن للمشتري ولو لم يطلبه كذا في الخرشي.
قوله: [لتردده بين السلفية والثمنية] أي لأنه يحتمل أن ترى الدم فيمضي البيع ويكون ثمناً، وأن لا تراه فيرد البيع فيكون ما نقده سلفاً.
قوله: [ولا مواضعة في أمة متزوجة]: أي اشتراها غير زوجها وذلك لعدم الفائدة في مواضعتها لدخول المشتري على أن الزوج مسترسل عليها، وأولى في عدم المواضعة لو اشتراها زوجها المسترسل عليها.
قوله: [ولا في أمة حامل] أي من غير سيدها، سواء كانت حاملاً من زنا أو من زوج، نعم تستبرأ بوضع حملها، وفائدة كون وضع الحمل استبراء لا مواضعة لزوم النفقة والضمان من المشتري لا من البائع.
قوله: [إذ العدة تغني] إلخ: راجع لقوله ولا معتدة.
قوله: [ولا في زانية]: حاصله أنه إذا زنت الأمة
من نوع أو نوعين، ويسمى ذلك بباب تداخل العدد،
وحاصله: أنه تسع صور باعتبار القسمة العقلية، وسبع في الواقع، إذ موت لا يطرأ على موت ولا طلاق على موت، فالموت يطرأ عليه الاستبراء فقط، وكل من الاستبراء وعدة الطلاق يطرأ عليه أحد الثلاثة؛ فهذه سبعة فالطارئ يهدم السابق، إلا إذا كان الطارئ أو المطروء عليه عدة وفاة فأقصى الأجلين فقال:
(فصل: [1]
إن طرأ موجب عدة مطلقاً) موتاً أو طلاقاً، (أو) طرأ (استبراء قبل تمام عدة) مطلقاً (أو) قبل تمام (استبراء، انهدم الأول) الذي كان فيه من عدة أو استبراء، (واستأنفت) ما طرأ. فهذه سبع صور: طرو عدة وفاة أو طلاق أو استبراء على عدة طلاق أو استبراء، وطرو استبراء على عدة وفاة. (إلا إذا كان الطارئ أو المطرو عليه عدة [وفاة] [2] فأقصى الأجلين) تمكثه. وذلك في ثلاث صور: طرو عدة وفاة على استبراء، أو عدة طلاق، وطرو استبراء على عدة وفاة.
ثم شرع في أمثلة القاعدة التي ذكرها بقوله: (كمتزوج بائنته) بأن طلقها بعد الدخول بائناً دون الثلاث، (ثم) بعد أن تزوجها (يطلق بعد البناء) بها، (أو يموت مطلقاً) بعد البناء أو قبله، فتستأنف عدة طلاق فيما إذا طلق بعد البناء، وعدة وفاة فيما إذا مات؛ فهذا مثال ما إذا طرأت عدة طلاق أو وفاة على عدة طلاق.
ومثل لطرو عدة طلاق أو استبراء على استبراء بقوله: (وكمستبرأة من) وطء (فاسد) زنا أو غيره (يطلقها) زوجها، فتستأنف عدة الطلاق وينهدم الاستبراء، (أو توطأ بفاسد) فتستأنف استبراء وينهدم الأول. ثم ذكر مفهوم:"بائنته" بقوله: (وكمرتجع) لمطلقته الرجعية، (وإن لم يمس): أي يطأها بعد ارتجاعه (طلق أو مات)، فإنها تستأنف عدة طلاق أو وفاة لأن ارتجاعها يهدم العدة الأولى، ومثل لطرو الاستبراء على العدة من طلاق بقوله:
ــ
فباعها المالك بعد زناها فلا يجب على المشتري مواضعتها. وينتظر حيضة يستبرئها بها فنفي المواضعة عنها لا ينافي وجوب استبرائها، إذا أراد وطأها وفائدة كونها استبراء لا مواضعة ترتب النفقة والضمان على المشتري لا على البائع، وإن حملت من ذلك الزنا استبرأها بوضع الحمل.
تتمة: اختلف هل يجبر المشتري على إيقاف الثمن أيام المواضعة على يد عدل حتى تخرج من المواضعة إذا طلب إيقافه البائع أو لا يجبر؟ قولان، وإذا قلنا بالجبر فتلف كانت مصيبة بمن قضى له به وهو البائع إذا رأت الدم، والمشتري إن ظهر بها حمل أو هلكت أيام المواضعة، وعلى القول بعدم الجبر فكذلك إن وقف بتراضيهما.
قوله: [من نوع] أي كما إذا كان كل منهما بالأقراء أو بالأشهر، وقوله أو نوعين كما إذا كان أحدهما بالأقراء والآخر بالأشهر، وعكسه، أو أحدهما بالأشهر والآخر بالحمل.
قوله: [ويسمى ذلك بباب تداخل العدد] قال بعض: وهو باب يمتحن به الفقهاء كامتحان النحويين بباب الأخبار، والتصريفين بباب الأبنية
قوله: [إذ موت لا يطرأ على موت]: قد يقال: إن امرأة المفقود إذا شرعت تعتد بحكم القاضي، ثم ظهر موت زوجها في أثناء العدة، يقال فيه طرأ موت على موت وعدة الثاني تهدم الأول؟ والجواب أن قولهم لا يطرأ موت على موت، المراد: الموت الحقيقي في الواقع ونفس الأمر في المطروِّ عليه فافهم.
وقوله: [ولا طلاق على موت]: يقال فيه أيضاً -سؤالاً وجواباً- ما قيل في طرو موت على موت- فتأمل، فإننا لم نقل ذلك كانت الصور التسع كلها واقعية، ويمثل لطرو الموت أو الطلاق على الموت بمسألة المفقود.
قوله: [فالموت يطرأ عليه الاستبراء فقط]: أي الموت الحقيقي كما علمت، أي كما إذا وطئت بشبهة وهي في عدة وفاة.
قوله: [يطرأ عليه أحد الثلاثة]: أي الاستبراء والطلاق والوفاة قوله: [إلا إذا كان الطارئ أو المطرو عليه] إلخ: أي فيعتبر أقصى الأجلين في ثلاث صور، لأنه إذا كان الطارئ عدة وفاة فالمطرو عليه إما طلاق أو استبراء، وإذا كان المطرو عليه وفاة فالطارئ استبراء لا غير وسيأتي.
فصل: إن طرأ موجب عدة
فصل قوله: [قبل تمام عدة مطلقاً] الإطلاق بالنسبة لطرو الاستبراء فقط، وإلا فطرو الوفاة على الوفاة أو الطلاق على الوفاة لا يمكن، ويدل لهذا التقييد قول الشارح فهذه سبع ولو بقيت العبارة على حالها لكانت الصور تسعاً، وقد علمت أنه لا يتصور إلا سبع فاتكل الشارح على ما قدمه في الدخول.
قوله: [كمتزوج بائنته]: بالإضافة والتنوين.
قوله: [يطلق بعد البناء]: أي وأما لو طلقها قبل البناء فإنها تبقى على عدة الطلاق الأول؛ لأنه في الحقيقة لا يهدم العدة الأولى إلا الدخول ولم يحصل.
قوله: [وعدة وفاة فيما إذا مات]: أي مطلقاً بعد البناء أو قبله.
قوله: [وإن لم يمس] إلخ: أي هذا إذا مسها بعد ارتجاعه، بل وإن لم يمسها بعد ارتجاعه، وقوله طلق أو مات أي قبل تمام العدة.
قوله: [فإنها تأتنف عدة طلاق أو وفاة]: أي من يوم طلق أو مات.
وقوله: [لأن ارتجاعها يهدم العدة] هذا ظاهر إذا مسها، وأما عند عدم المس يقال: ما الفرق بينها وبين من تزوج بائنته ثم طلقها قبل البناء؟ فإنها تبني على عدة طلاقها الأول. وأجيب: بأن البائنة أجنبية، ومن تزوج أجنبية وطلقها قبل البناء فلا عدة عليها بخلاف الرجعية
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
زاد بعدها في ط المعارف: (في تداخل العدد).
[2]
زيادة من ط المعارف، وأقرب المسالك.
(وكمعتدة طلاق وطئت) وطأً (فاسداً) بشبهة أو زنا أو غصب، (وإن) كان (من المطلق) أو نكاح من غيره فتستأنف الاستبراء وتنهدم العدة، (وأما) المعتدة (من موت) توطأ وطأً فاسداً (فأقصى الأجلين): عدة الوفاة وعدة الاستبراء، (كعكسه): وهو طرو عدة وفاة على استبراء كمستبرأة من وطء فاسد مات زوجها أيام الاستبراء، فتمكث أقصى الأجلين تمام الاستبراء وعدة الوفاة، (وكمشتراة في عدة) من وفاة فإنها تمكث أقصى الأجلين تمام العدة، ومدة الاستبراء وهذه كالأولى طرأ فيها الاستبراء على عدة وفاة. وبقي ما إذا طرأت عدة وفاة على عدة طلاق، كأن يموت زوج الرجعية في عدتها فأقصى الأجلين وهي تمام الصور الثلاث.
(وهدم) أي أبطل (الوضع) الكائن (من نكاح صحيح) بأن كانت معتدة من طلاق أو وفاة فوطئت وطأً فاسداً بنكاح في العدة، أو بزنا أو بشبهة. فظهر بها حمل من صاحب العدة (غيره) مفعول هدم، وغير الوضع هو الاستبراء من الوطء الفاسد في العدة؛ أي هدم الوضع من النكاح الصحيح الاستبراء الكائن من الوطء الفاسد في العدة، لأنه إنما كان لخوف الحمل وقد أمن منه بالوضع. (و) هدم الوضع (من) وطء (فاسد) ولو وطئها الثاني وهي معتدة بعد حيضة وأتت به بعد ستة أشهر من وطء الثاني ولم ينفه، (أثره): أي الفاسد وهو الاستبراء منه (و) هدم (عدة طلاق لا) يهدم (عدة وفاة) وإذا لم يهدم عدة الوفاة. (فالأقصى) من الأجلين يلزمها. أما الوضع من الفاسد أو تمام عدة الوفاة فإن قيل: كيف يتصور أقصى الأجلين مع أن مدة الحمل من الفاسد دائماً أكثر من عدة الوفاة: فالجواب: أنه قد يكون الوضع سقطاً، ويتصور أيضاً في المنعي لها زوجها، ثم بعد حملها من الفاسد تبين أنه مات الآن فاستأنفت العدة.
ــ
فإنها كالزوجة، فطلاقه الواقع فيها بعد الرجعة طلاق زوجة مدخول بها فتعتد منه، ولا تبني على عدة الطلاق الأول؛ لأن الارتجاع هدمها وكل هذا ما لم يفهم منه الضرر بالتطويل عليها كأن يراجعها إلى أن يقرب تمام العدة فيطلقها، فإنها تبني على عدتها الأولى إن لم يطأ بعد الرجعة معاملة له بنقيض قصده.
قوله: [وكمعتدة طلاق] إلخ: يجب تخصيص هذه بالحرة؛ لأن الأمة عدتها قرءان واستبراؤها حيضة، فإذا وطئت باشتباه عقب الطلاق وقبل أن تحيض فلا بد من قرأين كمال عدتها، ولا ينهدم الأول إذا علمت هذا، فقول (عب): وكمعتدة حرة أو أمة فيه نظر، كذا في (بن).
قوله: [أو نكاح من غيره] أي ولا يكون إلا فاسداً لكونها معتدة.
قوله: [فأقصى الأجلين عدة الوفاة]: أي وهي أربعة أشهر وعشر، وقوله: ومدة الاستبراء أي وهي ثلاثة أقراء، أو الشهور إن كانت من أهلها، ولا يتعين فرض هذا المثال في الحرة بخلاف المعتدة من طلاق كما علمت.
قوله: [وكمشتراة في عدة من وفاة]: يعني أن من اشترى أمة معتدة من وفاة فإنها تمكث أقصى الأجلين عدة الوفاة شهران وخمس ليال، وحيضة الاستبراء لنقل الملك أو ما يقوم مقامها من الشهور، ومفهومه لو اشترى أمة معتدة من طلاق فلا بد فيها من تمام العدة الأولى وحصول الاستبراء، فإذا ارتفعت حيضتها لغير رضاع فلا تحل إلا بمضي سنة للطلاق، وثلاثة للشراء، وأما لو ارتفعت لرضاع فلا تحل إلا بقرءين إن قلت المشتراة المعتدة من طلاق تحرم في المستقبل على مشتريها بسبب العدة التي هي فيها، فكان مقتضاه أنه لا استبراء عليها، وأنها تحل بتمام العدة. أجيب بأن هذه مستثناة مما يحرم في المستقبل؛ لأن حرمتها غير مستمرة، بخلاف حرمة نحو المحرم والمتزوجة.
قوله: [كأن يموت زوج الرجعية] أي ولم يراجعها وإلا فتنهدم الأولى وتأتنف عدة وفاة كما تقدم، ومثل الذي راجعها البائنة إذا عقد عليها ومات عنها، فقوله في الدخول إلا إذا كان الطارئ إلخ أي على رجعية ولم يراجعها، ولا فرق بين كونها حرة أو أمة.
قوله: [وهي تمام الصور الثلاث] ويزاد على الصور الثلاث مسألة الأمة المشتراة في عدة طلاق، فإنها تنتظر أقصى الأجلين.
قوله: [من نكاح صحيح] أي الملحق بذي النكاح الصحيح، والمراد كون الحمل ملحقاً بأبيه كان من نكاح صحيح أو من ملك، فحينئذ لا مفهوم لقول الشارح بأن كانت معتدة من طلاق، بل مثلها استبراؤها من ملك ولحوقه بأبيه إن ولدته لدون ستة أشهر من الوطء الفاسد الطارئ، أو لستة أشهر منه ولم تحض قبل ذلك الوطء الفاسد، فمتى احتمل أن يكون من الصحيح السابق ومن الفاسد المتأخر ألحق بالصحيح، بخلاف ما إذا حاضت قبل الوطء الفاسد وأتت به لستة أشهر فأكثر من الوطء الفاسد، فإنه ملحق بالفاسد وسيأتي حكمه.
قوله: [وهدم عدة طلاق] أي سواء كان الطلاق متقدماً على الفاسد أو متأخراً عنه كما استصوبه (بن) خلافاً لـ (عب) القائل: إن كان الطلاق متأخراً عن الفاسد فالوضع لا يهدم أثره، ومحل كون الفاسد يهدم أثره وعدة الطلاق إن كان وطء شبهة، فإن كان زنا أو غصباً فيحسب قرء في عدة الطلاق كذا في المجموع.
قوله: [دائما أكثر من عدة الوفاة]: أي لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر وعدة الوفاة أربعة أشهر وعشر أو شهران وخمس ليال.
قوله: [إنه قد يكون الوضع سقطاً]