الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علما معاً أم لا (إلا أن تعلم قبله): أي قبل الدخول بالرضاع (فقط) دونه (فربع دينار) بالدخول.
(وقبل إقرار أحد أبوي صغير) بأن أقر أبوه أو أمه بالرضاع (قبل العقد عليه فقط) فلا يصح العقد بعد الإقرار، (فلا يقبل اعتذاره بعده): أي بعد العقد بأن يقول: إنما أقريت بالرضاع بينهما قبل العقد لعدم قصد النكاح، ويفسخ العقد، ومثل الصغيرة المجبرة ولو كبيرة، ويؤخذ مما يأتي أن إقرار الأم وحدها لا بد معه من فشو قبله
ثم أشار للثاني بقوله:
(وثبت) الرضاع (برجل وامرأة): أي مع امرأة إن فشا منهما أو من غيرهما قبله، لا إن لم يحصل فشو قبل ذلك، (وبامرأتين إن فشا) ذلك منهما وأولى من غيرهما (قبل العقد) لا إن لم يفش أو فشا بعده، فلا يثبت بما ذكر. (ولا تشترط معه) أي مع الفشو (عدالة) عند ابن رشد، وعزاه لابن القاسم وروايته عن مالك ولذا قال:(على الأرجح) ومقابله للخمي أنها تشترط معه، وشمل كلامه الأب مع الأم في البالغين، والأم مع امرأة أخرى، والأمين في البالغين.
(و) ثبت (بعدلين أو عدل وامرأتين مطلقاً) قبل العقد وبعده فشا أم لا، (لا) يثبت (بامرأة) فقط (ولو فشا) منها أو من غيرها قبل العقد، (إلا أم صغير معه): أي مع الفشو فيجب التنزه، ولا يصح العقد معه كما تقدم.
(وندب التنزه في كل ما لا يقبل) مما تكلم به لأنه صار من الشبهات التي من اتقاها فقد استبرأ لدينه وعرضه
باب ذكر فيه [1] وجوب النفقة على الغير
ــ
فيه إلا نكاح الدرهمين. وفرقة المتلاعنين وفسخ المتراضعين.
قوله: [علما معاً]: يتصور في المتصادقين عليه، وفيما إذا قامت بينة على إقرار أحدهما به قبل العقد، وقوله أم لا يتصور فيما إذا قامت عليهما بينة أنهما أخوان من الرضاع من غير علمهما ولا إقرارهما قبل ذلك.
قوله: [فربع دينار بالدخول] أي كالغارة بالعيب وإنما جعل لها ربع دينار لئلا يخلو البضع عنه.
قوله: [وقبل إقرار أحد أبوي صغير] قال (ر): يقبل إقرار أحد الأبوين فيمن يعقد عليه الأب بغير إذنه وهو الابن الصغير والابنة البكر، كذا النقل في المدونة وغيرها فلا وجه للتقييد بالصغر في البنت، وإن وقع في عبارة ابن عرفة، فلذا قال شارحنا ومثل الصغيرة المجبرة ولو كبيرة.
قوله: [لا بد معه من فشو] إلخ: هذا تقييد لقول المصنف، وقبل إقرار أحد أبوي صغير قصد به الفرق بين إقرار الأب والأم قوله:[ثم أشار للثاني]: أي وهو الثبوت بغير إقرار.
قوله: [ومقابله للخمي] أي وعزاه لابن القاسم أيضاً.
قوله: [إلا أم صغير معه]: ومثله المجبرة ولو كبيرة كما تقدم، واختلف في معنى الفشو في حق المرأة، قيل هو فشو قولها ذلك قبل شهادتها، وقيل هو فشو ذلك عند الناس من غير قولها.
قوله: [وندب التنزه في كل ما لا يقبل]: أي كإقرارها بعد العقد إذا لم يصدقها، ولم يثبت، وكما إذا شهد رجل وامرأة أو امرأتان من غير فشو قبل ذلك، أو حصل فشو ولم توجد عدالة عند اللخمي، أو شهادة امرأة واحدة ولو مع الفشو غير الأم، ومثلها رجل واحد غير الأب في الصغير والمجبرة، فكل هذه المسائل يندب فيها التنزه لما في الحديث الشريف:«ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» ، وفي الحديث أيضاً:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» وفي الحديث أيضاً: «كيف وقد قيل» ، قاله النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الصحابة اسمه عقبة بن الحارث تزوج بامرأة، فأخبرته امرأة أنها أرضعتهما، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال له ذلك»، ومعناه كيف تباشرها وتفضي إليها، وقد قيل: إنك أخوها من الرضاع، فإنه بعيد من المروءة والورع، قاله الشافعي كأنه لم يره شهادة فكره له المقام معها تورعاً. فأمره بفراقها لا من طريق الحكم بل الورع؛ لأن شهادة المرضعة على فعلها لا تقبل عند الجمهور انتهى من المناوي على الجامع الصغير.
تتمة: قال صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن أنهى الناس عن الغيلة حتى سمعت أن الروم وفارس يصنعون ذلك، ولا يضر أولادهم ذلك» ، أي فتركت النهي عنها، واختلف العلماء في المراد بالغيلة في الحديث، فقيل: هي وطء المرضع، وقيل رضاع الحامل، وسياق الحديث يقوي الأول، فلذا قال خليل:"والغيلة وطء المرضع وتجوز".
باب ذكر فيه وجوب النفقة على الغير
لما أنهى الكلام على النكاح وشروطه وموانعه شرع في الكلام على النفقات، والنفقة مطلقاً كما قال ابن عرفة: ما به قوام معتاد حال الآدمي دون سرف، فأخرج ما به قوام معتاد غير الآدمي، كالتبن للبهائم وأخرج أيضاً ما ليس بمعتاد في قوت الآدمي كالحلوى والفواكه، فإنه ليس بنفقة شرعية، وأخرج بقوله دون سرف: ما كان سرفاً فإنه ليس بنفقة شرعية ولا يحكم به الحاكم، والمراد بالسرف الزائد على العادة بين الناس بأن يكون زائداً على ما ينبغي، والتبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي.
قوله: [على الغير]: أي لا على النفس، لأن وجوب حفظ النفس أمر ضروري وحكمه ظاهر
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
قوله: (ذكر فيه) ليس في ط المعارف.
وأسبابها ثلاثة: نكاح، وقرابة خاصة، وملك.
وأقوى أسبابها النكاح، ولذا بدأ به فقال:
(تجب نفقة الزوجة المطيقة للوطء): حرة أو أمة بوئت الأمة بيتاً مع زوجها أم لا، (على) الزوج (البالغ) حراً أو عبداً ونفقة زوجة العبد عليه من غير خراجه وكسبه؛ كصدقة ونحوها إلا لعرف - كما تقدم - (الموسر) بها على قدر حاله كما يأتي، (إن دخل بها ومكنته) من نفسها بعد الدخول بها، لا إن منعت نفسها منه (أو) لم يدخل بها و (دعته) هي أو مجبرها أو وكيلها (له) أي للدخول، ولو عند غير حاكم، (وليس أحدهما): أي الزوجين (مشرفاً) على الموت عند الدعاء إلى الدخول، وإلا فلا نفقة لها لعدم القدرة على الاستمتاع بها، فإن دخل فعليه النفقة ولو حال الإشراف.
ولا نفقة لغير مطيقة ولو دخل كما هو ظاهر كلام بعضهم، والأوجه أنه إذا دخل لزمه النفقة إن كان بالغاً، ولا على صبي ولو دخل وافتضها لأن وطأه كلا وطء. والذي قرر به الشيخ كلام ابن الحاجب: أن هذه الشروط في غير المدخول بها إذا دعي للدخول، وأما المدخول بها فتجب لها النفقة من غير اعتبار هذه الشروط، واستظهره الشيخ ميارة - قاله المحشي.
وبين النفقة بقوله:
(من قوت): وهو ما يؤكل من خبز أو غيره كقوت غالب السودان من قمح أو غيره على مجرى عادة أهل محلهم، (وإدام): من أدهان أو مرق أو غيرهما على مقتضى عادتهم، (وإن) كانت (أكولة) فيلزمه شبعها. (وكسوة ومسكن، بالعادة): راجع للأربعة، فلا يجاب لأنقص منها إن قدر، ولا تجاب المرأة لأكثر إن طلبته.
وتعتبر العادة (بقدر وسعه): أي الزوج، (وحالها): أي الزوجة؛ فإن كان غنياً رفعها عن الفقراء إن كانت فقيرة، وإن كان فقيراً لزمه أن ينفق عليها نفقة معتبراً فيها حالها من فقر أو غنى. فليس على الموسر أن ينفق على الفقيرة ما يساوي نفقة الغنية، ولا يكفي من غير المتسع في الغنية نفقة الفقيرة، بل لا بد من رفعها عن حال الفقيرة بقدر وسعه، (وحال البلد): فإذا كانت عادتهم أكل الذرة فلا تجاب إلى طلب أكل القمح، (و) حال (البدو) والحضر؛ فإذا كانت عادة البدو عدم الخبز فلا تجاب إلى الخبز، وكذا فيه وفيما قبله، (و) حال (السفر) فإذا كانت العادة فيه أكل الخبز اليابس فلا تجاب إلى خلافه.
ــ
فلا يحتاج لباب يخصه.
قوله: [وأسبابها ثلاثة] أي التي تعرض لها هنا وإلا فأسبابها أربعة، والرابع الالتزام وإنما تركه؛ لأن مراده بيان ما يجب في أصل الشرع.
قوله: [وأقوى أسبابها النكاح] إنما كان أي الأسباب؛ لأنه لا يسقط عن الموسر بمضي زمنه حكم به حاكم أم لا، بخلاف نفقة الوالدين والولد فإنها تسقط بمضي الزمن إن لم يحكم بها حاكم كما تقدم في الزكاة، ونفقة المملوك تسقط أيضاً بمضي الزمن عاقلاً أو غيره.
قوله: [المطيقة للوطء] إلخ: شروع في شروط وجوب النفقة وسيأتي تحقيق المقام وأن هذه الشروط في غير المدخول بها إذا دعيت للدخول، وأما المدخول بها فتجب لها النفقة مطلقاً وإن لم تكن الزوجة مطيقة ولا الزوج بالغاً إلى آخر الشروط.
قوله: [على الزوج البالغ]: سيأتي محترزه في قوله ولا على صبي
…
إلخ.
قوله: [إلا لعرف]: أي أو شرط فلو جرى العرف بأنها من خراجه أو كسبه، أو اشترط ذلك على سيده عمل بذلك.
قوله: [لا إن منعت نفسها منه] أي ابتداء أو دواماً ففي زمن الامتناع لا نفقة لها لأنها تعد ناشزاً.
قوله: [وليس أحدهما] إلخ: أي بخلاف ما إذا كان المرض خفيفاً واختلف في الشديد الذي لم يبلغ صاحبه حد السياق، فمذهب المدونة الوجوب خلافاً لسحنون.
قوله: [والذي قرر به الشيخ] إلخ: حاصل ما ذكره في التوضيح أنه جعل السلامة من الإشراف، وبلوغ الزوج، وإطاقة الزوجة للوطء شروطاً في وجوب النفقة لغير المدخول بها، حيث دعيت للدخول فإن اختل شرط فلا تجب النفقة لها، وأما المدخول بها فتجب لها النفقة من غير شرط، وجعل اللقاني الشروط المذكورة في وجوب النفقة للمرأة مطلقاً كانت مدخولاً بها أو دعت [1] للدخول، لكنه لم يعضده بنقل، قال (بن): الظاهر ما في التوضيح وهو مراد الشارح بقوله قاله المحشي، فقد علمت أن الشروط المخصوصة بالدعوى للدخول ثلاثة: وهي إطاقة الزوجة، وبلوغ الزوج، وعدم الإشراف لأحدهما، وأما اليسار والتمكين فهما عامان في الدخول والدعوى اتفاقاً، لأن من ثبت إعساره لا يقول أحد بوجوب النفقة عليه، وكذا المرأة الناشز فلا يجب لها النفقة، سواء كان نشوزها بالفعل كمن منعته من الوطء بعد الدخول أو بالعزم، كمن قالت له عند الدعوى ادخل ولكن لا أمكنك فليفهم.
قوله: [كقوت غالب السودان]: راجع لقوله: "أو غيره" فإنهم يستعملون السويق بدل الخبز.
قوله: [أو غيره] أي كباقي الحبوب المقتاتة، وما ألحق بها من كل ما يقتات ويدخر.
قوله: [فيلزمه شبعها]: أي وهي مصيبة نزلت به فعليه كفايتها أو يطلقها، لكن يقيد كلامه بما إذا لم يشترط كونها غير أكولة وإلا فله ردها إلا أن ترضى بالوسط، وهذا بخلاف من استأجر أجيراً بطعامه فوجده أكولاً، فإن المستأجر له الخيار في إبقاء الإجارة وفسخها إلا أن يرضى بطعام وسط وإن لم يشترط ذلك عليه في العقد.
قوله: [ولا تجاب المرأة لأكثر] المراد بالأكثرية التي لا تجاب لها هي طلبها لحالة
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
لعل الصواب: (دعيت).
(وتزاد المرضع ما تقوى به) على الرضاع من نحو الأدهان. واستثنى من قوله: "بالعادة" قوله: (إلا قليلة الأكل والمريضة) إذا قل أكلها (فلا يلزمه إلا قدر أكلها) لا المعتاد للناس، (إلا أن يقرر لها شيء) عند حاكم يرى ذلك فيلزمه ما قرر أي قدر لها.
(لا فاكهة ودواء) لمرض أو جرح، (وأجرة حمام أو) أجرة (طبيب) فلا يلزمه إلا أن تكون جنباً، وليس عنده من الماء ما تغتسل به، أو كان بارداً يضر بها في الشتاء مثلاً، وليس عنده ما تسخنه به ونحو ذلك فيلزمه أجرة الحمام لتوقف إزالة الجنابة عليه، ولا يلزمه (حرير) ولو اعتاده قوم على المذهب. (و) لا (ثوب مخرج).
وإذا علمت أنه يجب على الزوج النفقة بالعادة (فيفرض) لها (الماء) للشرب والغسل، وغسل الثوب والإناء واليد والوضوء (والزيت) للأدهان والأكل، (والوقود) من حطب أو غيره على العادة، (ومصلح طعام) من ملح وبصل وأبزار (ولحم المرة فالمرة) في الجمعة على مقتضى الحال لا كل يوم، وهذا في غير الفقير، وأما الفقير فعلى حسب قدرته (وحصير) لفرشها.
(وأجرة قابلة) لحرة ولو مطلقة لأنها من تعلقات الولد.
(وزينة تستضر) الزوجة (بتركها ككحل ودهن) من زيت أو غيره (معتادين) لا غير معتادين، ولا غير ما يستضر بتركها (ومشط) بفتح الميم: ما يخمر به الرأس من دهن وحناء ونحوهما، وأما المشط بالضم وهو الآلة كالمكحلة فلا تلزمه.
(و) يلزمه (إخدام الأهل) للإخدام، لا غير أهل الإخدام، (وإن) كان الإخدام لها (بكراء) ولو لحرة [1] تخدمها (أو أكثر من واحدة)، حيث كانت أهلاً لذلك كما هو الموضوع، (وقضى لها) عند التنازع مع الزوج (بخادمها) التي تخدمها بشراء أو كراء لأنه أطيب لنفسها، (إلا لريبة) في خادمها تضر بالزوج في الدين أو الدنيا.
(وإلا) تكن الزوجة أهلاً للإخدام (فعليها) الخدمة
ــ
الأغنياء فلا ينافى أنه إذا كان غنياً وهي فقيرة يلزمه رفعها لحال وسط.
قوله: [وتزاد المرضع] محل لزوم ذلك الزائد إذا كانت الزوجة حرة، أما لو كان ولدها رقاً فالزائد على سيدها كأجرة القابلة.
قوله: [لا المعتاد للناس] أي فليس لها أن تأخذ منه طعاماً كاملاً تأكل منه بقدر كفايتها، وتصرف الباقي منه في مصالحها، خلافاً لأبي عمران، وكذلك لو زاد أكلها بالمرض فإنه لا يلزمه الزائد.
قول: [عند حاكم يرى ذلك] أي كحنفي، وأما مذهب مالك فلا يرى الحكم بتقرير النفقة في المستقبل؛ لأن حكم الحاكم لا يدخل المستقبلات عنده.
قوله: [فيلزمه ما قرر]: أي باتفاق أبي عمران وغيره وتصنع به ما شاءت.
قوله: [إلا أن تكون جنباً] أي وإن لم تكن الجنابة منه، بل ولو كانت من زنا ولا غرابة في إلزامه الماء لغسلها من الزنا، فإن النفقة واجبة عليه زمن الاستبراء، واعتمد ذلك في الحاشية ولا مفهوم للجنابة، بل الغسل المطلوب واجباً أو غيره كذلك.
قوله: [ولو اعتاده قوم على المذهب] أي ولو كان شأنها لبسه، فإذا تزوج إنسان من شأنه لبس الحرير فلا يلزمه إلباسها جرت العادة بلبسه أم لا، كان قادراً عليه أم لا، ومثل الحرير الخز، وانظر هل إذا شرط في صلب العقد يلزم لأنه مما لا ينافي العقد وهو الظاهر.
قوله: [ولا ثوب مخرج] أي فلا يلزمه أن يأتي لها بالتزييرة ولو جرت بها العادة، والظاهر: إلا لشرط.
قوله: [ولحم] قال بعضهم أي من ذوات الأربع لا من الطير والسمك إلا أن يكون ذلك معتاداً فيجري على العادة.
قوله: [على مقتضى الحال] أي فيفرض في حق القادر ثلاث مرات في الجمعة يوماً بعد يوم، وفي حق المتوسط مرتان في الجمعة، وفي حق المنحط مرة في الجمعة كذا قال بعضهم.
قوله: [فعلى حسب قدرته] أي ولو في الشهر مرة كذا في الحاشية.
قوله: [وحصير] أي من سمر أو غيره.
قوله: [لفراشها]: أي لتكون هي الفراش أو توضع تحت الفراش.
قوله: [وأجرة قابلة] إلخ: القابلة هي التي تولد النساء وأجرتها لازمة للزوج على المشهور حيث كان الولد حرّاً، ولو كانت مطلقة طلاقاً بائناً، ولو نزل الولد ميتاً، وأما التي ولدها رقيق فأجرة القابلة لازمة لسيده قولاً واحداً كأجرة رضاعه، ويجب لها ما جرت به العادة عند الولادة كالفراخ والحلبة والعسل، وما يصنع من المفتقة بحسب الطاقة.
قوله: [تستضر الزوجة بتركها] أي يحصل لها الشعث عند تركها ولا يشترط المرض لأجلها.
قوله: [معتادين] الأولى حذفه لأن هذا تمثيل للزينة التي تستضر بتركها ولا تستضر إلا إذا كان معتاداً.
قوله: [بالضم وهو الآلة] أي على ما للنووي وهو خلاف قاعدة أن اسم الآلة مكسور، غير أن صاحب القاموس قال المشط مثلثة كذا في الحاشية.
قوله: [وإن كان الإخدام لها بكراء] أي هذا إن كان بشراء، بل وإن كان بكراء، والظاهر أنها لا تملك الرقيق الذي اشتراه لخدمتها إلا إذا حصل التمليك بالصيغة.
قوله: [أو أكثر من واحدة] أي خلافاً لما قاله ابن القاسم في الموازية من أنه لا يلزمه أكثر من خادم واحد، واعلم أنه إذا عجز عن الإخدام لم تطلق عليه لذلك على المشهور، وإذا تنازعا في كونها أهلاً للإخدام أو ليست أهلاً، فهل البينة عليها أو عليه؟ قولان كذا في الحاشية.
قوله: [في الدين]: أي بأن كانت يخشى منها الإتيان برجال للمرأة يفسدونها، وقوله أو الدنيا أي بأن
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
ليست في ط المعارف.
في أمور خاصة (نحو العجن والطبخ والكنس) لمحل النوم ونحوه، (والغسل) لثوبه والإناء والفرش وطيه كما جرت به عادة غالب الناس.
(لا) يلزمها (الطحن والنسج والغزل) ونحوها من كل ما هو حرفة للاكتساب عادة، فهي واجبة عليه لها.
(وله) أي الزوج (التمتع) أي الانتفاع (بشورتها) بفتح الشين المعجمة: ما تجهزت به من متاع البيت من فرش وغطاء وآنية، فيستعمل من ذلك ما يجوز له استعماله. (وله) أي الزوج (منعها) أي الزوجة (من كبيعها) وهبتها والتصدق بها لأنه يفوت عليه الاستمتاع بذلك، وهو حق له به. وقيده بعضهم بما إذا لم يمض زمن يرى أنه قد انتفع به الزوج انتفاعاً تاماً كالأربع سنين ونحوها، فلها التصرف بعد ذلك ما لم يزد على الثلث.
(كأكل نحو الثوم) بضم المثلثة من كل ما له رائحة كريهة، فله منعها منه (ولا يلزمه) إذا خلقت شورتها (بدلها) إلا الغطاء والفرش وما لا بد منه عادة.
(وليس له منع أبويها وولدها من غيره أن يدخلوا لها)، وكذا الأجداد وولد الولد والإخوة من النسب، بخلاف الأبوين وما بعدهما من الرضاع فله المنع منه.
(وحنث) بضم الحاء المهملة وكسر النون المشددة بالبناء للمفعول: أي قضى بتحنيثه (إن حلف) على الأبوين والأولاد فقط أن لا يدخلوا لها، (كحلفه أن لا تزور والديها) فإنه يحنث (إن كانت مأمونة ولو شابة)، والأصل الأمانة حتى يظهر خلافها ولا يحنث إلا بالدخول عليها أو بزيارتها بالفعل، لا بمجرد يمينه ولا بمجرد الحكم.
(لا إن حلف) عليها (أن لا تخرج)، وأطلق لفظاً ونية فلا يقضى بتحنيثه وخروجها ولو لأبويها (وقضي للصغار) من أولادها بالدخول عليها (كل يوم) مرة لتتفقد حالهم، (وللكبار) منهم (كل جمعة) مرة (كالولدين) يقضي لهما كل جمعة مرة، (ومع أمينة) من جهته (إن اتهمهما) بإفسادها عليه، ولا يقضي لأخ وعم وخال.
(وللشريفة) أي ذات القدر: ضد الوضيعة
ــ
كانت يخشى منها السرقة من مصالح البيت.
قوله: [في أمور خاصة] أي: لها وله لا لضيوفه ولا لأولاده ولا لعبيده وأبويه.
قوله: [لثوبه] أي أو ثوبها قال بعضهم: إن غسل ثيابه وثيابها ينبغي جريانه على العرف والعادة، وقال الأبي إن ذلك من حسن العشرة ولا يلزمها وظاهره، ولو جرت به العادة.
قوله: [لا يلزمها الطحن] إلخ: أي باتفاق ولو كانت عادة نساء بلدها جارية بذلك، وقال الشافعية: لا يلزم المرأة شيء في الخدمة مطلقاً، ويلزمه أن يخدمها أو يأتي بخادم وإن لم تكن أهلاً للإخدام.
تنبيه: في الحاشية أن الذي يفهم من كلامهم ترجيح القول بعدم لزوم خياطة ثوبه، وثوبها، وقال بعضهم: إنه يجري على العرف والعادة فإن جرى العرف به لزمها وإلا فلا.
قوله: [بفتح الشين المعجمة] أي وأما بالضم فهي الجمال.
قوله: [وقيده بعضهم] مراده به ابن زرب وذكر ذلك عن ابن رشد.
قوله: [كالأربع سنين]: أي وما دون ذلك فهو قليل.
قوله: [ما لم يزد على الثلث] أي فله منعها من هبة ما زاد على الثلث أو التصدق به في جميع أموالها، لا في خصوص جهازها به، ومحل منعها من بيعها ابتداء إن دخلت له بعد قبض مهرها، وأما إن لم تقبض منه شيئاً وجهزت من مالها فليس له منعها من بيعها، وإنما له الحجر عليها إذا تبرعت بزائد ثلثها كسائر أموالها.
قوله: [فله منعها منه] أي ما لم يأكله معها أو يكن فاقد الشم، وأما هي فليس لها منعه من ذلك ولو لم تأكله، ويدخل في ذلك مثل شرب النشوق والدخان، والفرق أن الرجال قوامون على النساء.
قوله: [ولا يلزمه إذا خلقت شورتها بدلها] أي فلو جدد شيئاً في المنزل بدل شورتها وطلقها فلا يقضى لها بأخذه. كذا في الحاشية.
قوله: [ولو شابة] رد بلو قول ابن حبيب: لا يحنث في الشابة إذا حلف لا تخرج لزيارة أبويها، قال ابن رشد: وهذا الخلاف في الشابة المأمونة، وأما المتجالة المأمونة فلا خلاف أنه يقضي لها، وأما غير المأمونة فلا يقضي بخروجها شابة أو متجالة.
قوله: [ولا بمجرد الحكم] أي فإذا حكم القاضي بدخولهم لها فلا يحنث بمجرد ذلك، بل حتى يدخلوا بالفعل وكذا يقال في زيارتها.
قوله: [وأطلق]: أشار بعضهم للفرق بين حال التخصيص وحال الإطلاق، بأنه في حال التخصيص يظهر منه قصد الضرر فلذا حنث، بخلاف حال الإطلاق ومفهوم قوله: لفظاً ونية، أنه لو أطلق لفظاً وخصص نية فحكمه كالتخصيص لفظاً فيحنث لظهور قصد الضرر.
قوله: [ومع أمينة] إلخ: قال (عب) وأجرتها على الزوج على الظاهر وفيه نظر، بل الظاهر أن الأجرة على الأبوين لأن زيارتهما لها لمنفعتهما، وقد توقفت على الأمينة فتكون الأجرة عليهما، وذكر بعض المحققين أن الذي يظهر أنه إذا ثبت ضرر الأبوين ببينة فأجرة الأمينة عليهما؛ لأنهما ظالمان، والظالم أحق بالحمل عليه، وقد انتفعا بالزيادة وإن كان مجرد اتهام من الزوج، فالأجرة عليه كما قال (عب) لانتفاعه بالحفظ.
قوله: [ولا يقضي لأخ وعم وخال]: أي فله منعهم وإن لم يتهمهم على المذهب، وقيل إنه ليس له منعهم وعليه فيمكنون من زيارتها في كل جمعتين أو في كل شهر كذا في الحاشية.
(الامتناع من السكنى مع أقاربه) ولو الأبوين في دار واحدة لما فيه من الضرر عليها باطلاعهم على حالها والتكلم فيها، (إلا لشرط) عند العقد أن تسكن معهم، فليس لها امتناع ما لم يحصل منهم الضرر أو الاطلاع على عوراتها، وأما الوضيعة فليس لها الامتناع من ذلك إلا لشرط أو حصول ضرر، وشبه في جواز الامتناع قوله:
(كصغير) أي كولد صغير (لأحدهما) أي الزوجين (لم يعلم به) الآخر منهما (حال البناء، وله) أي والحال أنه له (حاضن) يحضنه فله الامتناع من السكنى به معه، (وإلا) بأن علم به الآخر وقت البناء أو لم يعلم به وليس له حاضن (فلا) امتناع له من السكنى معه.
(وقدرت) النفقة على الزوج (بحاله): أي بحسب حاله من حيث تحصيلها، وما تقدم من أنه يراعى وسعه وحالها فمن حيث ذاتها قلة وكثرة (من يوم) كأرباب الصنائع والأجراء (أو جمعة) كبعض الدلالين بالأسواق، (أو شهر) كأرباب الوظائف من إمامة أو تدريس، وأرباب العلوفات كالجند (أو سنة) كأرباب الرزق والحوائط والزرع.
(و) قدرت (كسوة الشتاء والصيف) بما يناسب كلاً، وليس المراد أنه في كل شتاء وفي كل صيف يكسوها ما يناسب الوقت، بل المراد أنها إن احتاجت لكسوة كساها في الشتاء ما يناسبه، وفي الصيف ما يناسبه إن جرت عادتهم بذلك في كل بلد بما يناسب أهلها [1] بقدر وسعه وحالها.
(كالغطاء) والوطاء في الشتاء بما يناسبه والصيف بما يناسبه بحسب عرفهم وعادتهم (وضمنت) النفقة المقدرة باليوم أو الجمعة أو الشهر أو السنة، وكذا الكسوة (بقبضها) من الزوج (مطلقاً) ماضية كانت أو مستقبلة قامت على هلاكها بينة أو لا فرطت في ضياعها أو لا.
(كنفقة) الولد (المحضون) إذا قبضتها الحاضنة وضاعت منها فإنها تضمنها.
(إلا لبينة) على الضياع بلا تفريط فلا تضمنها لأنها لم تقبضها لحق نفسها، ولا هي متمحضة للأمانة، بل قبضتها لحق المحضون فتضمنها ضمان الرهان والعواري، وأما ما قبضته المرضع من أجرة الرضاع فالضمان منها مطلقاً كالنفقة، لأنها قبضتها لحق نفسها.
(وجاز) للزوج (إعطاء الثمن عما لزمه) من النفقة لزوجته من الأعيان المتقدم ذكرها.
(ولها الأكل معه): أي مع زوجها (فتسقط) عنه الأعيان المقررة لها، (و) لها (الانفراد) بالأكل عنه.
(وسقطت) نفقتها عنه (بعسره) فلا تلزمه نفقة ما دام معسراً، ولا مطالبة لها بما مضى إن أيسر، ولها التطليق عليه حال العسر بالرفع للحاكم وإثباته عنده.
(وبمنعها الاستمتاع) ولو بدون الوطء إذا لم تكن حاملاً وإلا لم تسقط، (وخروجها) من بيته (بلا إذن) منه (ولم يقدر عليها):
أي على ردها ولو بحاكم: أي أو لم يقدر على منعها ابتداء، فإن خرجت وهو حاضر قادر على منعها لم تسقط لأنه كخروجها بإذنه.
ــ
قوله: [الامتناع من السكنى] أي ولو بعد رضاها ابتداء بسكناها معهم ولو لم يثبت الضرر لها بالمشاجرة ونحوه، كما في الحاشية، وانظر هل لها الامتناع من السكنى مع خدمه وجواريه؟ قال (بن): لها ذلك ولم يحصل بينها وبينهم مشاجرة، ويدل لذلك تعليل ابن رشد وغيره وعدم السكنى مع الأهل بقوله لما عليها من الضرر باطلاعهم على أمرها.
قوله: [وقدرت النفقة على الزوج بحاله] أي: قدر زمن قبضها أي الزمن الذي تدفع فيه لا تقدير ذاتها، فإنه قد تقدم كما قال الشارح.
قوله: [من يوم] إلخ: أي وتقبضها معجلة وتضمن جميع ما قبضته بدليل قول الآتي، وضمنت بقبضها هذا إذا كان الحال التعجيل، وأما إذا كان الحال التأخير فتنتظر حتى تقبضها ولا يكون عدم قدرته الآن عسراً بالنفقة.
قوله: [كنفقة الولد المحضون] ظاهر كلام المصنف الشمول لما قبضته من نفقة الولد لمدة مستقبلة، أو عن مدة ماضية وعلى ذلك التتائي، واعتمده (ر)، وقال البساطي: إذا قبضته لمدة مستقبلة، قال السوداني: وهو المتعين، وأما ما قبضته من نفقة الولد عن مدة ماضية فإنها تضمنها مطلقاً كنفقتها؛ لأنه كدين لها قبضته، فالقبض لحق نفسها لا للغير حتى تضمن ضمان الرهان والعواري، وارتضى ذلك في الحاشية.
قوله: [ولا هي متمحضة للأمانة] أي: لأنها تأخذها قهراً عنه لوجود حقها في الحضانة.
قوله: [وأما ما قبضته المرضع] هذا تقييد لما تقدم في نفقة المحضون، أي محل التفصيل في نفقة المحضون ما لم تكن أجرة الرضاع فالضمان مطلقاً كما علمت.
قوله: [وجاز للزوج] محل الجواز إن رضيت وإلا فالواجب لها ابتداء إنما هو الأعيان لكن يجوز له دفع الأثمان إن رضيت بها، وظاهره جواز دفع الأثمان ولو عن طعام وهو المعتمد بناء على أن علة منع بيع الطعام قبل قبضه غيبته عن البائع، وكونه ليس تحت يده وهي مفقودة بين الزوجين؛ لأن طعام الزوج تحت يدها غير غائب عنها، ويلزم الزوج أن يزيدها إن غلا سعر الأعيان بعد أن قبضت ثمنها، وله الرجوع عليها إن نقص سعرها ما لم يسكت مدة وإلا حمل على أنه أراد التوسعة عليها، وهذا كله ما لم تكن اشترت الأعيان قبل غلوها أو رخصها، وإلا فلا يزيدها شيئاً في الأول، ولا يرجع عليها بشيء في الثاني.
تنبيه: يجوز له المقاصة بدينه الذي له عليها عما وجب لها من النفقة إن كان فرض ثمناً، أو كانت النفقة من جنس الدين إلا لضرورة عليها بالمقاصة بأن تكون فقيرة يخشى ضيعتها بالمقاصة فلا يجوز له فعل ذلك.
قوله: [فتسقط عنه الأعيان] أي المدة التي تأكل معه، فلو أكلت معه ثلاثة أيام وطلبت الفرض بعد ذلك سقطت نفقة الأيام الثلاث عنه، وقضى لها بالفرض بعد الملك.
قوله: [المقررة لها]: وأولى في السقوط لها إن كانت غير مقررة ولا فرق بين كونها محجوراً عليها أو لا؛ لأن السفيه لا يحجر عليه في نفقته
قوله: [وبمنعها الاستمتاع] أي: لغير عذر، وأما العذر كامتناعها لمرض فلا تسقط
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (أهله).
(إن لم تكن حاملاً) راجع للخروج المذكور ولما قبله، وإلا لم تسقط لأن النفقة حينئذ للحمل، وكذا الرجعية لا تسقط نفقتها (كالبائن) بخلع أو بتات فتسقط نفقتها إن لم تكن حاملاً، فإن كانت حاملاً فلها النفقة للحمل.
(فإن كانت) الحامل البائن (مرضعاً فلها أجرة الرضاع أيضاً): أي كما أن لها نفقة الحمل، (ولا نفقة) لها (بدعواها) الحمل، (بل بظهوره وحركته)، فإن ظهر الحمل (فمن): أي فلها النفقة من (أوله) أي الحمل، والمراد من يوم الطلاق. (كالكسوة) أي كما أن لها الكسوة من أوله (إن طلقت أوله): أي من أول الحمل، (وإلا) تطلق أوله بل طلقت حاملاً بعد أشهر من حملها، (فقيمة ما بقي) من أشهر الحمل بأن يقوم ما يصير لتلك الأشهر الباقية من الكسوة، لو كسيت أول الحمل فتأخذها. (واستمر لها): أي الحامل (المسكن فقط) دون النفقة (إن مات) زوجها المطلق لها قبل وضعها، لأنه حق تعلق بذمته فلا يسقطه الموت، سواء كان المسكن له أم لا، نقد كراءه أم لا. وأما البائن غير الحامل فلانقضاء العدة، والأجرة فيهما من رأس المال. بخلاف الرجعية والتي في العصمة فلا يستمر لها المسكن إن مات، إلا إذا كان له أو نقد كراءه كما مر، وتسقط الكسوة والنفقة. والحاصل أن البائن يستمر لها المسكن حتى تخرج من العدة بوضع الحمل أو تمام الأشهر فيمن لا تحيض، أو الأقراء فيمن تحيض، ولو لم يكن المسكن له ولا نقد كراءه، وأن التي في العصمة أو الرجعية يستمر لها إن كان له أو نقد كراءه، وأن النفقة والكسوة يسقطان في الجميع بالموت، (لا إن ماتت) المطلقة فلا سكنى؛ أي لا شيء لوارثها من كراء المسكن. (وترد) بالبناء للمفعول (النفقة) نائب الفاعل فيشمل موته وموتها (مطلقاً) سواء فيهما كانت في العصمة أو رجعية أو بائناً وهي حامل، أو كانا حيين وطلقها بائناً بعد قبضها النفقة وليست بحامل، (كانفشاش الحمل) فترد نفقته إن قبضتها من أول الحمل، بخلاف التي قبلها فمن يوم الموت وكذا ترد كسوته. (بخلاف كسوة) كساها لها وهي في عصمته فلا تردها، (إن أبانها أو مات أحدهما بعد) مضي (أشهر) من قبضها. ومفهوم أشهر: أنه لو أبانها أو مات أحدهما بعد شهرين فأقل فإنها ترد.
ــ
نفقتها، فلو منعته لغير عذر مدة ومكنته مدة سقطت نفقتها مدة المنع فقط. واعلم أن القول قولها في عدم المنع، فإذا ادعى الزوج أنها تمنعه من الاستمتاع وقالت لم أمنعه كان القول قولها، ولا يقبل قوله لأنه يتهم على إسقاط حقها من النفقة، فيلزمه أن يثبت عليها بأن تقر بذلك بحضرة عدلين أو عدل وامرأتين، أو أحدهما ويمين. كذا في الخرشي.
قوله: [أي على ردها ولو بحاكم]: أي محل سقوط النفقة عنه إن انتفت قدرته على ردها ولو بالحكم، وإن تمكن ولو بالحكم وفرط وجبت عليه النفقة، وبقي من الشروط أيضاً أن تكون ظالمة لا إن خرجت لظلم ركبها فلها النفقة ولا تسقط.
قوله: [إن طلقت أوله]: أي فإذا طلقها أول الحمل طلاقاً بائناً وصدقها الزوج على الحمل قبل ظهوره، أو لم يصدقها وانتظر ظهوره وحركته، فإن لها كسوتها المعتادة، ولو كانت تبقى بعد وضع الحمل ومحل وجوب الكسوة إذا كانت محتاجة لها، وأما لو كانت عندها كسوتها فلا.
قوله: [فقيمته ما بقي] حاصله: أنه إذا أبانها بعد مضي أشهر من حملها فلها مناب الأشهر الباقية من الكسوة، فيقوم ما يصير لتلك الأشهر الماضية من الكسوة لو كسيت في أول الحمل فيسقط، وتعطى ما ينوب الأشهر الباقية القيمة دراهم.
قوله: [إن مات زوجها المطلق لها] إلخ: أي وأما إن مات الولد في بطنها قبل وضعه فلا نفقة لها ولا سكنى من يوم موته؛ لأن بطنها صار قبراً له، وإن كانت لا تنقضي عدتها إلا بنزوله كذا في (شب) خلافاً لما في الشامل من استمرار النفقة والسكنى إذا مات الولد في بطنها.
قوله: [وأما البائن غير الحامل] إلخ: هذا كلام ناقص ركيك، ولكنه وضحه في الحاصل الآتي.
قوله: [وترد بالبناء للمفعول النفقة] أي وسواء كان الإنفاق بحكم حاكم أم لا، وقيل: إنها لا ترد مطلقاً وقيل إن كان الإنفاق بحكم حاكم ردتها وإلا فلا، فالأول رواية ابن الماجشون، والثاني رواية محمد، والثالث سماع عيسى بن القاسم، قال ابن حارث: اتفقوا على أن من أخذ من رجل مالاً وجب له بقضاء أو غيره، ثم ثبت أنه لم يجب له شيء أنه يرد ما أخذ وهذا يرجح القول الأول كذا في (بن).
قوله: [مطلقاً]: تفسيره الإطلاق بما ذكره غير مناسب للمتن، وحق التفسير أن يقول: سواء كان الميت هو أو هي كانت في العصمة أو رجعياً أو بائناً وهي حامل، ثم يقول: كذا إن كانا حيين إلى آخر ما قال، فإن إدخاله الحيين في الإطلاق لم يكن موضوع المصنف وإخراجه موته أو موتها من الإطلاق خروج عن موضوع المصنف.
قوله: [كانفشاش الحمل] المراد بانفشاشه تبين أنه لم يكن ثم حمل بها، بل كان علة أو ريحاً كما يفيده التوضيح، وليس المراد به فساده واضمحلاله بعد تكونه، بل هذا ترد نفقته من يوم انعدامه.
(وشرط) وجوب (نفقة الحمل) على أبيه: (حريته) أي الحمل، فإن كان رقيقاً بأن كانت أمه [1] رقيقة لأجنبي فنفقته على سيده لا على أبيه.
(وحرية أبيه) فإن كان أبوه عبداً فلا نفقة لحمل مطلقته البائن، فإن عتق وجبت عليه من يوم عتقه إن كانت حرة.
(ولحوقه) أي الحمل (به): أي بأبيه فلا نفقة لحمل ملاعنة محبوسة بسببه،
(و) لا تسقط النفقة بمضي زمنها إذا كان موسراً، وإذا لم تسقط (رجعت) على زوجها (بما تجمد عليه) منها (زمن يسره) ولو تقدمه عسر يوجب سقوطها، أو تأخر عن عسره فما تجمد عليه حال يسره في ذمته تطالبه به، (وإن لم يفرضه) عليه (حاكم) ولا يسقط العسر إلا زمنه خاصة.
(و) رجعت الزوجة على زوجها (بما أنفقته عليه) إذا كان (غير سرف) بالنسبة إليه، وإلى الإنفاق زمن، (وإن) كان (معسراً) حال إنفاقها عليه إلا لصلة:
(كأجنبي) أنفق على كبير، فإنه يرجع عليه بغير السرف وإن كان المنفق عليه معسراً (إلا لصلة) من الزوجة لزوجها أو من الأجنبي على غيره، (أو إشهاد) عليه بأنها أو أنه عند الإنفاق أقر بأن لا يرجع بما أنفق فلا رجوع، (ومنفق) عطف على "أجنبي" أي: كما يرجع من أنفق (على صغير) ذكر أو أنثى، (إن كان له): أي للصغير (مال) حين الإنفاق، (أو) كان له (أب) موسر (وعلمه المنفق، وتعسر الإنفاق منه) على الصغير لغيبته أو عدم تمكن الإنفاق منه ككونه عرضاً أو عقاراً، (وبقي) المال (للرجوع): أي لوقت الرجوع، فإن ضاع وتجدد غيره فلا رجوع كما إذا لم يكن له مال وقت الإنفاق وتجدد بعده. (وحلف أنه أنفق ليرجع) ومحل حلفه:(إن لم يشهد) حال الإنفاق أنه يرجع بما أنفق وإلا فلا يمين عليه.
(ولها): أي للزوجة (الفسخ إن عجز) زوجها (عن نفقة حاضرة لا ماضية) ترتبت في ذمته (إن لم تعلم) الزوجة (حال العقد فقره): أي عسره؛ فإن علمت فليس لها الفسخ، ولو أيسر بعد ثم أعسر (إلا أن يشتهر بالعطاء): أي أن يكون من السؤال ونحوهم، ويشتهر بين الناس بالعطاء (وينقطع) عنه، فلها الفسخ لأن اشتهاره بذلك ينزل منزلة اليسار، (فإن أثبت) الزوج (عسره) عند الحاكم (تلوم له): أي أمهل (بالاجتهاد) من الحاكم بحسب ما يراه من حال الزوج، لعله أن يحصل النفقة في ذلك الزمن (وإلا) يثبت عسره عند الحاكم (أمر) الزوج:
ــ
قوله: [وشرط وجوب نفقة الحمل]: أي فشروطه ثلاثة: حرية الحمل، وحرية أبيه، ولحوق الحمل بأبيه.
قوله: [فلا نفقة لحمل ملاعنة] أي لعدم لحوقه به بسبب قطع نسبه هذا إذا كان اللعان لنفي الحمل لا لرؤية الزنا، وإلا فلها النفقة إذا كانت حاملاً يوم الرمي ما لم تأت به لستة، وما في حكمها من يوم الرؤية وإلا فلا نفقة لها.
قوله: [إذا كان غير سرف] فإن كان سرفاً فإنها ترجع عليه بقدر المعتاد فقط.
قوله: [وإن كان معسراً حال إنفاقها عليه] أي هذا إذا كان زمن الإنفاق عليه موسراً، بل وإن كان معسراً؛ لأن العسر لا يسقط عن الزوج إلا ما وجب عليه لنفقة غيره لا ما وجب عليه لنفقة نفسه.
قوله: [إلا لصلة من الزوجة]: أي إلا أن تقصد به الصلة فلا ترجع عليه بشيء، فمحل رجوعها عليه إن قصدت الرجوع أو لم تقصد شيئاً.
قوله: [أو إشهاد عليه] إلخ: محصل ذلك أن عدم الرجوع مقيد بأحد أمرين، إما ببقاء المنفق على اعترافه أنه صلة، أو بالإشهاد عليه إن أنكر، ولا فرق بين الزوج والأجنبي في ذلك على المعتمد.
قوله: [على صغير ذكر أو أنثى] الذي في المعيار أن الربيب الصغير كالصغير الأجنبي إلا أن تثبت الأم أنه التزم الإنفاق على الربيب فلا رجوع له، وقيل بعدم الرجوع على الربيب مطلقاً والراجح الأول كما في الحاشية.
قوله: [وعلمه المنفق] شرط في المال وفي الأب الموسر، أي فلا بد من علمه بأن له مالاً أو أن له أباً موسراً، أو محل اشتراط علم الأب الموسر ما لم يتعمد الأب طرحه وإلا فله الرجوع عليه إذا علم به بعد ذلك كما يأتي في اللفظة، ومفهوم علمه أنه لو أنفق عليه ظاناً أنه لا مال له أو لا أب له موسراً، ثم علم فلا رجوع وقيل له الرجوع، والقولان قائمان من المدونة.
قوله: [الفسخ] أي القيام وطلب الفسخ فلا ينافي قوله الآتي، فإن أثبت عسره تلوم له بالاجتهاد وحاصل المراد لها أولاً طلب الفسخ والقيام به فإذا طلبته فعل ما يأتي.
قوله: [إن عجز] أي إن ادعى العجز عن ذلك أثبته أم لا.
قوله: [حاضرة] مثل الحاضرة المستقبلة إذا أراد سفراً على ما للأجهوري وسيأتي ذلك.
قوله: [فإن أثبت الزوج عسره] حاصل فقه المسألة أن الزوج إذا امتنع من النفقة وطولب بها؛ فإما أن يدعي الملاء ويمتنع من الإنفاق، وإما أن لا يجيب بشيء، وإما أن يدعي العجز. فإن لم يجب بشيء طلق عليه حالاً، وإن قال: أنا موسر ولكن لا أنفق فقيل يعجل عليه الطلاق، وقيل: يحبس، وإذا حبس ولم ينفق طلق عليه، وهذا كله إذا لم يكن له مال ظاهر وإلا أخذ منه. وإن ادعى العجز وهي مسألة المصنف، فإما أن يثبت أو لا، فإن لم يثبت العجز قيل له طلق أو أنفق، فإن امتنع من الطلاق والإنفاق تلوم له ثم طلق عليه، وقيل يطلق عليه حالاً من غير تلوم وهو المعتمد
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
ليست في ط المعارف.
أي أمره الحاكم (بها): أي بالنفقة (أو بالطلاق بلا تلوم) بأن يقول له: إما أن تنفق وإما أن تطلقها، (فإن طلق أو أنفق) فالأمر ظاهر، (وإلا طلق عليه) بأن يقول الحاكم: فسخت نكاحه، أو: طلقتك منه أو يأمرها بذلك ثم يحكم به؛ (وإن) كان الزوج (غائباً) ولم يترك لها شيئاً ولا وكل وكيلاً بها. ولا أسقطت عنه النفقة حال غيبته، وتحلف على ذلك. وهذا إن كانت غيبته بعيدة كعشرة أيام، وأما قريب الغيبة فيرسل له: إما أن يأتي أو يرسل النفقة أو يطلق عليه، (كأن وجد ما يسد الرمق): أي ما يحفظ الحياة خاصة دون شبع معتاد ومتوسط، فإنه يطلق عليه إذ لا صبر لها عادة على ذلك.
(لا) يطلق عليه (إن قدر على القوت) ولو من خشن المأكول، وهي علية القدر أو خبز بغير أدم، (و) على (ما يواري العورة) ولو من غليظ الصوف (وإن) كانت (غنية) شأنها لبس الحرير. وما مر من أنه يراعي وسعه وحالها فهو من متعلقات اليسر والقدرة؛ وما هنا من فروع العجز فالمعنى أنه إن عجز عن النفقة التي تليق بها بالمرة: بأن لم يقدر على شيء أو قدر على ما يسد الرمق فلها التطليق عليه، وإن قدر على مطلق قوت وما يواري العورة لم يطلق عليه. (وله) أي للزوج الذي طلق عليه لعسره (رجعتها إن وجد في العدة يساراً يقوم بواجب مثلها عادة) لا دونه فلا رجعة له، بل لا تصح.
(ولها حينئذ): أي حين إذ حصل يسر في عدتها (النفقة فيها): أي في العدة؛ لأن الرجعية لها النفقة دون البائن (وإن لم يرتجع ولها): أي للزوجة (مطالبته) أي مطالبة زوجها لا بقيد المعسر (عند سفره بمستقبلة) مدة غيابه عنها، (أو يقيم لها كفيلاً) يدفعها لها. (وإلا) بأن أبى من ذلك (طلق عليه) إن شاءت.
(وفرضت) النفقة للزوجة (في مال الغائب) ولو وديعة عند غيره، (و) في (دينه الثابت) على مدينه (وبيعت داره) في نفقتها (بعد حلفها باستحقاقها) للنفقة على زوجها الغائب، وأنه لم يوكل لها وكيلاً في دفعها لها، وأنها لم تسقطها عنه. والظرف متعلق بقوله:"وفرضت" إلخ.
(وإن تنازعا): أي الزوجان بعد قدومه من سفره (في إرسالها) فقال: أرسلت لك النفقة، وقالت: لم ترسلها (أو تركها) بأن قال: تركتها لك قبل سفري، وقالت: لا (فالقول لها) بيمين (إن رفعت لحاكم من يوم الرفع) متعلق بقوله: "فالقول لها"(لا) إن رفعت (لغيره) أي لغير الحاكم من عدول وجيران فليس القول قولها (إن وجد) حاكم (وإلا) ترفع
ــ
أو إن أثبت عسره تلوم له على المعتمد ثم طلق عليه.
قوله: [أي أمره الحاكم بها] فإن لم يكن حاكم فجماعة المسلمين العدول يقومون مقامه في ذلك، وفي كل أمر يتعذر فيه الوصول إلى الحاكم العدل والواحد منهم كاف كما قاله في الحاشية تبعاً لـ (عب)، وتقدم ذلك عن المؤلف في أول باب المفقود.
قوله: [وإن كان الزوج غائباً] اعلم أن الغائب يطلق عليه للعسر بالنفقة دخل بها أو لم يدخل دعي للدخول أم لا على المعتمد خلافاً لما في بهرام حيث قال: لا بد من دخوله أو دعوته، فظهر لك أن الدخول أو الدعوة إنما تشترط في إيجاب النفقة على الزوج إذا كان حاضراً لا غائباً كما في (ح) خلافاً لبهرام.
قوله: [أو يطلق عليه]: أي إن لم يطلق هو بنفسه.
قوله: [رجعتها إن وجد في العدة يساراً] أي لما تقرر أن كل طلاق أوقعه الحاكم يكون بائناً إلا طلاق المولى والمعسر بالنفقة.
قوله: [يقوم بواجب مثلها] أي فيعتبر فيها ما يعتبر في ابتداء النكاح، فإذا كانت غنية شأنها أكل الضأن فلا تصح الرجعة إلا إذا قدر على ذلك، فإذا قدر على خشن الطعام فقط فلا تصح الرجعة، ولو رضيت على المعتمد وقيل تصح إن رضيت، وإنما اعتبر في الرجعة اليسار الكامل مع أنها لا تطلق عليه إذا وجد ما تيسر من خشن القوت، لأن أبغض الحلال إلى الله الطلاق فلا يقدم عليه إلا بالضيق الشديد، بخلاف لو صارت أجنبية فلا ترد إلا باليسار المناسب. قوله:[بل لا تصح] أي ولو رضيت كما في السليمانية عن سحنون؛ لأن الطلقة التي أوقعها الحاكم إنما كانت لأجل ضرر فقره فلا يمكن من الرجعة إلا إذا زال الموجب والحكم يدور مع العلة.
قوله: [وإن لم ترتجع] أي على المشهور، ومقابله ما رواه ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون أنه لا نفقة لها حتى ترتجع.
قوله: [وفرضت النفقة للزوجة في مال الغائب] أي يفرضها الحاكم إذا رفعت له أمرها أو جماعة المسلمين إن لم يكن حاكم.
قوله: [والظروف متعلق بقوله وفرضت] إلخ: أي إنما يفرض لها في ماله ودينه الثابت، ويبيع داره بعد حلفها، ومثل الزوجة في فرض نفقتها الأولاد والأبوان فتفرض نفقتهم في هذه الأشياء كما تفرض للزوجة بشروطها.
قوله: [وإن تنازعا] إلخ: حاصله أن الزوج إذا قدم من السفر فطالبته زوجته بنفقتها مدة غيبته فقال: أرسلتها لك أو تركتها لك عند سفري فلم تصدقه على ذلك، ولا بينة له فالقول قولها بيمين إن رفعت أمرها للحاكم في شأن ذلك، وأذن لها في الإنفاق على نفسها والرجوع لها
أو رفعت لغير حاكم مع وجوده، (فقوله كالحاضر) يدعي الإنفاق عليها وهي تدعي عدمه. فالقول له (بيمين): راجع لجميع ما قبله، والكسوة كالنفقة، أو أراد بالنفقة ما يشمل الكسوة. (وحلف: لقد قبضت) نفقتها مني أو من رسولي أو وكيلي، ويعتمد في الرسول أو الوكيل على غلبة الظن بقوة القرائن.
(و) إن تنازعا (فيما فرض) لها من النفقة لدى حاكم، فقالت: عشرة، وقال: بل ثمانية مثلاً، (فـ) القول (قوله إن أشبه بيمين) أشبهت هي أم لا. (وإلا) يشبه، (فقولها إن أشبهت، وإلا) يشبه واحد منهما (ابتدئ الفرض) لما يستقبل.
ثم شرع في بيان النفقة بالسببين الباقيين وهما الملك والقرابة، فقال:
(ويجب على المالك نفقة رقيقه) لا رقيق رقيقه ولا رقيق أبويه إلا إذا كانا معسرين على ما سيأتي (ودوابه) من بقر وإبل وغنم وخيل وحمير وغيرها.
(وإلا) ينفق على ما ذكر من الرقيق والدواب بأن أبى أو عجز عن الإنفاق، (أخرج): أي حكم عليه بإخراجه (عن ملكه) ببيع أو صدقة [1] أو هبة أو عتق (كتكليفه): أي المملوك من رقيق أو دواب، (من العمل ما لا يطيق) عادة فيخرج عن ملكه (إن تكرر) منه ذلك لا بأول مرة، بل يؤمر بالرفق.
(وجاز) الأخذ (من لبنها ما لا يضر بولدها)، فإن أخذ ما يضر به منع؛ لأنه من باب ترك الإنفاق الواجب.
(و) تجب (بالقرابة): أي بسببها وهو عطف على محذوف، أي وتجب بالملك على المالك إلخ [2]، وبالقرابة: أي الخاصة بدليل ما بعده لا مطلق قرابة. (على) الولد (الحر الموسر) كبيراً أو صغيراً، ذكراً أو أنثى، مسلماً أو كافراً (نفقة والديه الحرين) لا الرقيقين فعلى سيدهما (المعسرين) بالكل
ــ
بذلك على زوجها، لكن القول قولها من يوم الرفع لا من يوم السفر، فإذا سافر في أول السنة وحصل الرفع في نصفها فلها النفقة من يوم الرفع، وأما النصف الأول فالقول قول الزوج بيمين، فإن رفعته لعدول وجيران مع وجود الحاكم العدل فلا يقبل قولها مطلقاً إلا ببينة هذا هو المشهور، وعليه العمل وروي عن مالك قبول قولها حيث رفعته ولو للعدول، والجيران مع وجود الحاكم، وذكر ابن عرفة أن عمل قضاة بلدة تونس أن الرفع للعدول بمنزلة الحاكم وللجيران لغو، وحكم نفقة أولادها الصغار حكم نفقتها في التفصيل، وأما أولادها الكبار فالقول قولهم وإن لم يحصل رفع. اهـ ملخصاً من حاشية الأصل.
قوله: [ويعتمد في الرسول أو الوكيل على غلبة الظن] هذا جواب عما يقال كيف يصح حلفه لقد قبضتها إذا كان يدعي إرسالها لها وهو غائب، مع أنه يحتمل أن الرسول لم يوصلها، وحاصل الجواب ما قاله الشارح.
قوله: [وإن تنازعا فيما فرض] إلخ: إن قلت يرجعان للقاضي ولا يحتاجان للتنازع. فالجواب أنه يفرض ذلك في حالة موته أو عزله أو نسيانه.
قوله: [فالقول قوله إن أشبه] ظاهره لا فرق في ذلك بين أن يكون اختلافهما فيما فرضه قاضي وقتهما أو قاض سابق عليه كذا في الخرشي.
قوله: [فقولها إن أشبهت] أي انفردت بالشبه، وقوله بيمين راجع لهذه أيضاً فيكون حذفه من الثاني لدلالة الأول عليه وهذا على الأرجح من التأويلين.
تتمة: إن تنازع الزوجان بعد قدومه من السفر فقال: كنت معسراً وقالت: بل كنت موسراً فيلزمك نفقة ما مضى، اعتبر حال قدومه فيعمل عليه إن جهل حال خروجه، فإن قدم معسرا فالقول قوله بيمين، وإلا فقولها بيمين، فإن علم حال خروجه عمل عليه حتى يتبين خلافه، ونفقة الأبوين والأولاد في هذا كالزوجة. اهـ من الأصل.
قوله: [لا رقيق رقيقه]: أي فنفقته على سيده الأدنى الرقيق من غير خراج وكسب كهبة تأتيه أو كسب عبيده.
قوله: [ولا رقيق أبويه] أي فلا يجب الإنفاق عليهما باعتبار الملك فلا ينافي وجوب الإنفاق من حيث خدمتهما للأبوين كما يأتي، ولا فرق في الرقيق الذي تجب له النفقة بين كونه قناً أو مشتركاً أو مبعضاً، والنفقة فيهما بقدر الملك. وأما المكاتب فنفقته على نفسه ونفقة المخدم على مخدمه بفتح الدال فيهما على المشهور وقيل على سيده إن كانت الخدمة يسيرة وإلا فعلى ذي الخدمة.
قوله: [ودوابه]: اعلم أن نفقة الدابة إذا لم يكن مرعى واجبة ويقضى بها؛ لأن تركها منكر خلافاً لقول ابن رشد يؤمر من غير قضاء، ودخل في الدابة هرة عمياء فتجب نفقتها على من انقطعت عنده، حيث لم تقدر على الانصراف، فإن قدرت عليه لم تجب لأن له طردها.
قوله: [أو عتق] أي بالنسبة للرقيق، فإن كان لا يمكنه شيء من ذلك أجبر على ذكاته في غير الآدمي واختلف في الرقيق الذي لا يصح بيعه كأم الولد ففيها ثلاثة أقوال: حيث عجز عن نفقتها، أو غاب عنها، فهل تسعى في معاشها أو تتزوج أو ينجز عتقها؟ واختير هذا، وأما المدبر والمعتق لأجل فيؤمران بالخدمة بقدر نفقتهما إن كان لهما قوة عليها ووجدا من يخدمهما وإلا حكم بتنجيز عتقهما.
قوله: [وهو]: الضمير عائد على القرابة وذكر باعتبار كونها سبباً وصفة القرابة محذوفة كما بينها الشارح بقوله أي الخاصة.
قوله: [على الولد الحر الموسر] أي فتجب عليه نفقة الوالدين مما فضل عنه وعن زوجاته ولو أربعاً لا عن نفقة خدمه ودابته، إذ نفقة الأبوين مقدمة على نفقتهما ما لم يكن مضطراً لهما، وإلا قدمت نفقتهما على الأبوين.
قوله: [صغيراً]: إن قلت: إن الصغير
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
قوله: (أو صدقة) في ط المعارف: (وضدقه).
[2]
ليست في ط المعارف.
أو البعض (ولو كافرين) والولد مسلم كالعكس، وأما إذا كان الجميع كفاراً فلا نحكم بينهم إلا إذا ترافعوا إلينا ورضوا بأحكامنا. ومحل وجوب نفقة الوالدين على [1] الولد: ما لم يقدرا على الكسب ويتركاه، وإلا لم تجب عليه على الراجح. (لا) يجب على الولد المعسر لوالديه (تكسب) لينفق عليهما (ولو قدر) على التكسب. (وأجبرا): أي الوالدان (عليه): أي على الكسب إذا قدرا عليه (على الأرجح و) تجب نفقة (خادمهما): أي خادم الوالدين حراً كان الخادم أو رقيقاً، بخلاف خادم الوالد [2] فلا تلزم الأب، (و) تجب نفقة (خادم زوجة الأب) المتأهلة لذلك (و) يجب على الولد (إعفافه): أي الأب (بزوجة ولا تتعدد) نفقة زوجات الأب بتعددهن (ولو كانت إحدى زوجتيه) أو زوجاته (أمه، وتعينت) الأم حيث كانت إحداهما أمه ولو غنية، (وإلا) تكن إحداهما أمه (فالقول للأب) فيمن ينفق عليها الولد. (لا) تجب نفقة ولد على (زوج أمه) الفقير، بل على أمه فقط.
(ولا) تجب نفقة على (جد) أو جدة (و) لا على (ولد ابن ووزعت) النفقة (على الأولاد) الموسرين (بقدر اليسار) حيث تفاوتوا فيه، وقيل: على الرؤوس فالذكر كالأنثى، وقيل على الميراث فالذكر مثل حظ الأنثيين.
(و) تجب (نفقة الولد الحر على أبيه فقط): لا على أمه، ونفقة الرقيق على سيده، ولا يجب على الأم إلا الرضاع على ما يأتي تفصيله، (حتى يبلغ الذكر قادراً على الكسب) فإذا بلغ قادراً عليه سقطت عن الأب، ولا تعود بطرو جنون أو زمانة أو مرض أو عمى.
(أو يدخل الزوج بالأنثى)
ــ
لا يتعلق به الوجوب. فالجواب أن المراد بتعلق الوجوب به خطابه الوضعي لا التكليفي كتعلق الزكاة بماله.
قوله: [أو البعض]: أي فيجب عليه تمام الكفاية.
قوله: [ولو كافرين]: أي هذا إذا كانا مسلمين والولد مسلم، بل ولو كانا كافرين والولد مسلم أو مسلمين والولد كافر.
قوله: [ما لم يقدرا على الكسب]: أي ولو كان تكسبهما بصنعة تزري بالولد ولا تزري بهما وإلا وجب عليه الإنفاق؛ لأن في تركه حينئذ عقوقاً كما هو الظاهر.
قوله: [وأجبرا] إلخ: أي ما لم يزر بهما كما تقدم.
قوله: [وتجب نفقة خادمهما] أي وإن كانا غير محتاجين إليه لقدرتهما على الخدمة بأنفسهما.
قوله: [بخلاف خادم الولد] أي فلا تلزم الأب ولو احتاج له، واعلم أن نفقة الولد ذكراً أو أنثى آكد من نفقة الأبوين؛ لأنه إذا لم يجد إلا ما يكفي الأبوين أو الأولاد فقط فقيل يقدم نفقة الأولاد، وقيل يتحاصان والقول بتقديم الأبوين ضعيف إذا علمت هذا فكان مقتضاه لزوم نفقة خادم الولد ولو لم يحتج كالأبوين بل أولى. ويجاب بأن نفقة الولد على الوالدين مأمور بها الاحترام والتعظيم، ولا يتم إلا بالنفقة على الخادم، بخلاف نفقة الوالد على الولد فمن باب الحفظ وهو لا يتوقف على الخادم؛ ولذلك قال في الحاشية المعتمد كلام المدونة، وهو أن على الأب إخدام ولده في الحضانة إن احتاج لخادم، وكان الأب ملياً فإن لم يكن في الحضانة أو كان فيها ولم يحتج، أو كان الأب غير ملي فلا يجب عليه إخدامه.
تنبيه: إذا ادعى الوالدان الفقر وطلبا من الولد النفقة وأنكر الولد فقرهما لزم الوالدين الإثبات بعدلين، لا بشاهد وامرأتين أو أحدهما ويمين، ولا يكلف الأبوان اليمين مع العدلين، وهل الابن إذا طولب بالنفقة على والده الفقير، وادعى الابن الفقر محمول على الملاء فعليه إثبات الفقر أو على العدم، فعلى والده إثبات الملاء؟ قولان محلهما إذا كان الولد منفرداً ليس له أخ أو له وادعى مثله، وأما لو كان له أخ موسر فعلى الولد إثبات العدم باتفاق القولين. اهـ من الأصل.
قوله: [بزوجة] فإن لم تعفه الواحدة زيد عليها من يحصل به العفاف.
قوله: [ولا تتعدد نفقة زوجات الأب] أي إن عفته الواحدة منهن وإلا تعددت لمن تعفه.
قوله: [وتعينت الأم] أي حيث كان يحصل بها إعفافه.
قوله: [ولو غنية] أي لأن نفقتها هنا للزوجة لا للقرابة.
قوله: [على زوج أمه الفقير] أي ولو توقف إعفافها عليه نفقته ليست واجبة عليها، بخلاف زوجة الأب هذا هو ظاهر المدونة وهو المشهور، وقيل يلزمه مطلقاً دخل معسراً أو طرأ له الإعسار، وقيل إن دخل معسراً لم يلزمه وإن طرأ له الإعسار لزمه.
قوله: [وقيل على الرؤوس] إلخ: أي فالأقوال ثلاثة: الأول نقله اللخمي عن ابن الماجشون، والثاني لابن حبيب ومطرف، والثالث لمحمد وأصبغ، وفي (ح) عن البرزلي أن المشهور هو الثالث، واعتمد المؤلف في تقريره الأول وهو الأوجه.
قوله: [الولد الحر] أي الفقير العديم الصنعة، وأما لو كان له مال أو صنعة لا معرة فيها عليه ولا على أبيه لم تجب على أبيه، فإن طرأ له كساد صنعة أو ضياع مال قبل بلوغه وجبت للبلوغ.
قوله: [بطروِّ جنون أو زمانة] إلخ: أي بخلاف هذه الأشياء إذا اتصلت بالبلوغ، فإن النفقة على الأب باقية، ومحل لزوم نفقة نحو الأعمى البالغ لأبيه ما لم يكن يعرف صنعة يمكن تعاطيها، وتقوم به وإلا سقطت عن أبيه نفقته ببلوغه.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
ليست في ط المعارف.
[2]
في ط المعارف: (الولد)، ولعلها الصواب.
ولو لم يكن بالغاً (أو يدعى) الزوج (له): أي للدخول بعد مضي زمن يتجهز فيه مثلها له إن كان بالغاً وهي مطيقة، وإلا فللدخول بالفعل (وعادت) النفقة على الأب لابنته (إن عادت) له صغيرة دون البلوغ، (أو بكراً) ولو بالغاً (أو زمنة وقد دخل بها كذلك): أي زمنة، فإن دخل بها صحيحة ثم طرأت عليها الزمانة وعادت لأبيها زمنة لم تجب عليه، وكذا إن صحت بعد الدخول بها ثم عادت زمنة لم تعد النفقة على الأب،
(وتسقط) النفقة عن الولد أو الوالد (بمضي الزمن)، فليس لمن وجبت له رجوع على من وجبت عليه، لأنها لسد الخلة، بخلاف الزوجة فلها الرجوع بما مضى زمنه، لأنها في نظير الاستمتاع كما تقدم.
(إلا لقضاء) من حاكم بها، ومعناه: أنها تجمدت في الماضي فرفع مستحقها من والد أو ولد لحاكم لا يرى السقوط بمضي زمنها، فحكم بلزومها، وليس المراد أنه حكم بها في المستقبل، لأن حكم الحاكم لا يدخل المستقبلات؛ إذ لا يجوز للحاكم أن يفرض شيئاً في المستقبل يقرره على الدوام؛ لأنه يختلف باختلاف الأزمان. (أو) إلا أن (ينفق على الولد) خاصة دون الوالدين إنسان (غير متبرع) بالنفقة، بل أنفق ليرجع على أبيه، فله الرجوع؛ لأن وجود الأب موسراً كوجود المال للولد لا إن كان الأب معسراً أو أنفق متبرع فلا يرجع على الوالد.
(وعلى الأم المتزوجة) بأبي الرضيع (أو الرجعية رضاع ولدها) من ذلك الزوج (بلا أجر) تأخذه من الأب، (إلا لعلو قدر): بأن كانت من أشراف الناس الذين شأنهم عدم إرضاع نسائهم أولادهن، فلا يلزمها رضاع، فإن أرضعت فلها الأجرة في مال الولد إن كان له في مال وإلا فعلى الأب. (كالبائن): لا يلزمها إرضاع فإن أرضعت فلها الأجرة، (إلا أن لا يقبل) الولد (غيرها): أي غير عالية القدر أو البائن فيلزمها رضاعه للضرورة، ولها الأجرة، (أو) إلا أن (يعدم الأب): بأن يفتقر (أو يموت، ولا مال للصبي) فيلزمها (و) إذا لزمها (استأجرت) بمالها من يرضعه (إن لم ترضعه) بنفسها، (ولا رجوع لها) على الأب أو الولد إذا أيسر، (ولمن لا يلزمها إرضاعه أجرة المثل) في مال الولد إن كان له مال وإلا فعلى أبيه، (ولو قبل) الولد (غيرها أو وجد الأب من يرضعه عندها): أي عند أمه مجاناً. والحاصل: أن من يلزمها إرضاعه فأمرها ظاهر، وأن من لا يلزمها إرضاعه إذا أرادت أن ترضعه وترجع بأجرة المثل، وقال أبوه: عندي من ترضعه مجاناً ولا أنزعه منك، بل ترضعه عندك، فالقول للأم على الأرجح، ومقابله: أن القول للأب.
ولما أنهى الكلام على النفقات أتبعها بالكلام على الحضانة - لما بينهما من المناسبة من حيث النفقة على الولد - فقال: (وحضانة الذكر) المحقق؛ وهي: القيام بشأنه في نومه ويقظته (للبلوغ)، فإن بلغ ولو زمناً أو مجنوناً سقطت عن الأم. واستمرت النفقة على الأب إذا بلغ زمناً أو مجنوناً كما مر، وعليه القيام بحقه ولا تسقط حضانتها عن المشكل ما دام مشكلاً. (و) حضانة (الأنثى للدخول): أي دخول الزوج بها كائنة (للأم) وليس مثل الدخول الدعاء له وهي مطيقة، (ولو) كانت الأم (كافرة أو أمة والولد حر) وهذا في الأم المطلقة، أو من مات زوجها، وأما من في عصمة زوجها فهي حق لهما، وقوله:"والولد حر" من جملة المبالغة، دفع به توهم أن الولد الحر لا تحضنه الأمة فإذا لم توجد الأم - بأن ماتت (فأمها):
أي أم الأم وهي جدة الولد، فإذا لم توجد (فجدتها): أي جدة الأم أحق بالحضانة من غيرها وإن علت، فإن لم توجد (فخالته) أخت أمه، فإن لم توجد (فخالتها) أي خالة أمه أحق من غيرها (فعمة الأم) وقد أسقطها الشيخ، فإن لم توجد (فجدته لأبيه): أي جدته من قبل أبيه، وهي أم
ــ
قوله: [ولو لم يكن بالغاً]: أي على المعتمد كما تقدم أول الباب من أن الشروط إنما تعتبر في الدعاء للدخول.
قوله: [وإلا فللدخول بالفعل] أي فعند الدخول بالفعل تجب النفقة مطلقاً كانت مطيقة أم لا.
قوله: [لحاكم لا يرى السقوط] أي غير مالكي.
قوله: [لأن حكم الحاكم لا يدخل المستقبلات] ظاهره مطلقاً مالكياً أو غيره، ولكن ينافيه قول الشارح فيما تقدم إلا أن يقرر لها شيء عند حاكم يرى ذلك، أي يرى التقرير في المستقبل، ولا يكون مالكياً لقول المؤلف في تقريره، وأما مذهبنا فحكم الحاكم لا يدخل العبادات مطلقاً ولا يدخل غير العبادات من الأحكام المستقبلة.
قوله: [لأنه يختلف باختلاف الأزمان] أي بحسب رخص الأسعار وغلوها.
قوله: [أو إلا أن ينفق على الولد] تقدمت شروطه في قوله: ومنفق على صغير إن كان له مال أو أب.
قوله: [ولها الأجرة]: أي في مال الولد، فإن لم يكن ففي مال الأب، فإن لم يكن له مال وجب عليها الإرضاع مجاناً بنفسها، أو تستأجر من يرضعه كما يفيده الشارح.
قوله: [وحضانة الذكر] قال ابن عرفة: هي محصول قول الباجي هي حفظ الولد في مبيته ومؤنة طعامه ولباسه ومضجعه، وتنظيف جسمه.
قوله: [ولو زمناً] نحوه في التوضيح تبعاً لما حرره ابن عبد السلام؛ إذ قال المشهور في غاية أمد النفقة أنها البلوغ في الذكر بشرط السلامة من الجنون والزمانة، والمشهور في غاية أمد الحضانة أنها البلوغ في الذكر من غير شرط، ومقابل المشهور ما قاله ابن شعبان: إن أمد الحضانة في الذكر حتى يبلغ عاقلاً غير زمن.
قوله: [ولا تسقط حضانتها عن المشكل] أي لتغليب جانب الأنوثة، والأنثى لا تسقط حضانتها إلا بالدخول، ولا يتأتى هنا ذلك.
قوله: [وليس مثل الدخول الدعاء له] أي فتفترق النفقة والحضانة في ذلك وفي الحقيقة بين الحضانة
الأب، فأمها، فأم أمها [1] فأم أبيه، فالتي من جهة أم الأب تقدم على التي من جهة أم أبيه، فإن لم توجد (فأبوه) أي أبو المحضون، (فأخته) أي أخت المحضون (فعمته فعمة أبيه، فخالته): أي خالة أبيه، (فبنت أخيه): أي المحضون شقيقة أو لأم أو لأب، (و) بنت (أخته) كذلك فإن لم تكن واحدة ممن ذكر (فالوصي، فالأخ) شقيقاً أو لأم أو لأب، (فالجد للأب): أي من جهة الأب الأقرب فالأقرب وقد أسقطه الشيخ، (فابن الأخ) للمحضون (فالعم، فابنه لا جد لأم و) لا (خال): أي لا حضانة لهما وقال اللخمي: الجد للأم له الحضانة لأن له شفقة وحناناً، (فالمولى الأعلى) وهو من أعتق المحضون، فعصبته نسباً فمواليه (فالأسفل) وهو من أعتقه والد المحضون، (وقدم) في الحضانة الشخص (الشقيق) ذكراً أو أنثى على الذي للأم، (فللأم) لأن الشأن أن من كان من جهة الأم أشفق ممن كان من جهة الأب فقط، (فللأب في الجميع) أي جميع المراتب التي يتأتى فيها ذلك كالإخوة والعمومة وبنيهم، (و) قدم (في المتساويين) كأختين وخالتين وعمتين (بالصيانة والشفقة) فإن تساويا فالأسن.
ــ
والنفقة عموم وخصوص من وجه فيسقطان بدخول الزوج البالغ، وتسقط الحضانة فقط بدخول غير البالغ على إحدى الطريقتين، وتسقط النفقة فقط بدعاء البالغ بالدخول وهي مطيقة، ويقال مثل ذلك في الذكر فيسقطان إن بلغ قادراً، وتسقط النفقة فقط إن اغتنى قبل البلوغ، وتسقط الحضانة فقط إن بلغ عاجزاً عن الكسب.
قوله: [أي جدة الأم] إلخ: أي: وتقدم جدات الأم من جهة أمهاتها على جداتها من جهة آبائها؛ لأن جهة الأم دائماً مقدمة، فإذا وجدت جدة من جهة الأم بعيدة فإنها تقدم على التي من جهة أبي الأم، وإن كانت قريبة وهذه طريقة اللقاني، وقال الأجهوري تقدم جهة الأم ما لم تكن التي من جهة الأب أقرب وما قيل في الجدات من قبل أم الطفل يقال في الجدات من قبل أبيه كما يؤخذ ذلك من الشارح.
قوله: [فإن لم توجد فأبوه] تقديم الجدة على الأب دون غيرها من قراباته هو مذهب المدونة، ابن عرفة فإن لم تكن قرابات الأم ففي تقديم الأب على قراباته وعكسه ثالثها الجدات من قبله أحق منه، وهو أحق من سائرهن، وعزى هذا القول لابن القاسم.
قوله: [فالوصي] أراد به ما يشمل مقدم القاضي ووصي الوصي. واعلم أن المحضون إذا كان ذكراً أو كان أنثى غير مطيقة فإن الحضانة تثبت لوصيه اتفاقاً إذا كان له أنثى؛ وكذا إن كان المحضون أنثى مطيقة وكان الحاضن أنثى أو ذكراً وتزوج بأم المحضونة أو جدتها وتلذذ بها بحيث صارت المحضونة من محارمه وإلا فلا حضانة له على ما رجحه الشيخ خليل في التوضيح، ورجح ابن عرفة أن له الحضانة من غير قيد وهذا هو المتبادر من الشارح.
قوله: [أي من جهة الأب الأقرب فالأقرب] حاصله أن الجد من جهة الأب إن كان قريباً من المحضون وهو الجد له دنية أو عالياً فإنه يتوسط بين الأخ وابنه لأن القريب متوسط بينهما، والبعيد متوسط بين العم وابنه، والأبعد منه متوسط بين عم الأب وابنه، والأبعد منه متوسط بين عم الجد وابنه، كما هو أحد احتمالين وتقدم نظم الأجهوري في ذلك وهو يقول:
بغسل وإيصاء ولاء جنازة
…
نكاح أخاً وابناً على الجد قدم
وعقل ووسطه بباب حضانة
…
وسوه مع الآباء في الإرث والدم
قوله: [وقال اللخمي]: قال بعضهم: الظاهر أن قول اللخمي جار في الجد للأم مطلقاً قريباً أو بعيداً لا في خصوص القريب، وحينئذ فيكون متوسطاً بين الجد للأب وابن الأخ.
قوله: [فالمولى الأعلى]: أي ذكراً أو أنثى، وما ذكره من ثبوت الحضانة له هو المشهور، خلافاً لما قرره ابن محرز من أنه لا حضانة له ذكراً أو أنثى إذ لا رحم له.
قوله: [فعصبته نسباً] أي كابن المعتق وابن ابنه وأبيه وأخيه وجده وعمه وابن عمه.
قوله: [فمواليه] أي معتق معتقه وعصبته كذلك.
قوله: [أي جميع المراتب التي تتأتى فيها ذلك] احترازاً عن الأب والوصي والجد والمولى.
قوله: [بالصيانة والشفقة] فإن كان في أحد المتساويين صيانة فقط وفي الآخر شفقة فالظاهر تقديم ذي الشفقة كما يفيده كلام الرجراجي، لكن يقيد بما إذا كان عند هذا الشفيق أصل الصيانة وإلا فيقدم الصَّيِّن ارتكاباً لأخف الضررين.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
قوله: (فأم أمها) ليس في ط المعارف.
(وشرطها) أي الحضانة: (العقل): فلا حضانة لمجنون ولو كان يفيق في بعض الأحيان ولا لمن به طيش وعته.
(والكفاءة): فلا حضانة لمن لا قدرة له على صيانة المحضون؛ كمسنة.
(والأمانة) في الدين: فلا حضانة لسكير أو مشتهر بالزنا أو اللهو الحرام.
(وأمن المكان): فلا حضانة لمن بيته مأوى للفساق، أو بجوارهم بحيث يخاف على البنت المطيقة منهم الفساد، أو سرقة مال المحضون أو غصبه.
(والرشد) فلا حضانة لسفيه مبذر لئلا يتلف مال المحضون أو ينفق عليه منه ما لا يليق.
(وعدم كجذام مضر) وبرص فلا حضانة لمن به شيء من ذلك، وهذه الشروط الستة في الحاضن الذكر أو الأنثى.
(و) يزاد (للذكر) الحاضن من أب أو غيره أن: يكون عنده (من يحضن من الإناث) كأم أو زوجة أو أمة أو خالة أو عمة، لأن الرجال لا قدرة لهم على أحوال الأطفال كما للنساء.
(وكونه محرماً) كأب أو أخ أو عم (لمطيقة) وإلا فلا ولو مأموناً.
(و) يزاد (للأنثى) الحاضنة: (عدم سكنى مع من سقطت حضانتها)، فلا حضانة للجدة إذا سكنت مع بنتها أم الطفل إذا تزوجت، إلا إذا انفردت بالسكنى عنها.
(والخلو عن زوج دخل بها) فإذا لم تدخل لم تسقط حضانتها، فإن دخل بها سقطت لاشتغالها بأمر زوجها، وتنتقل لمن يليها في الرتبة (إلا أن يعلم) من يليها بدخولها بزوج (ويسكت) بعد علمه (العام) بلا عذر. فلا تسقط حضانة المتزوجة وليس لمن يليها أخذ المحضون منها، فإن لم يعلم بالدخول، أو علم ولم يمض بعد العلم عام، أو مضى عام وكان سكوته لعذر يمنعه من التكلم - ومنه جهله باستحقاقه الحضانة بدخول الزوج بها - فله أخذ المحضون من الأم المدخول بها ما لم تتأيم قبل القيام عليها. (أو) إلا أن (يكون) الزوج الذي دخل بها (محرماً) للمحضون وله حضانة كعم، بل (وإن كان) المحرم (لا حضانة له كالخال) يتزوج بحاضنة أجنبية منه، أو يكون الزوج ولياً للمحضون له حق في الحضانة (كابن عم) للمحضون تتزوجه الحاضنة، فلا تسقط حضانتها فليس لمن يليها أخذه منها. (أو لا يقبل الولد) المحضون (غيرها): أي غير الحاضنة، سواء كانت أماً أم لا، فلا تسقط بدخولها للضرورة.
(أو) قبل غيرها و [1](لم ترضعه) المرضعة التي قبلها: أي أبت أن ترضعه (عند بدلها): أي بدل الحاضنة التي تزوجت، وبدلها من استحق الحضانة بعدها بأن قالت: أنا لا أرضعه عندك، بل في بيتي أو في بيت أمه التي تزوجت بأجنبي، فلا تسقط حضانة الأم المتزوجة به.
ــ
قوله: [وشرطها]: أي شرط ثبوت الحضانة للحاضن، فالشرط لاستحقاق الحضانة لا لمباشرتها.
قوله: [لمن به طيش] أي خفة في العقل.
قوله: [والأمانة في الدين] أي وأما حفظ المال فسيأتي في قوله: والرشد، وإن كانت الأمانة في الأصل حفظ المال والدين.
قوله: [والرشد] اعلم أن الرشد يطلق على حفظ المال المصاحب للبلوغ، وعلى حفظ المال وإن لم يصاحبه بلوغ، فالرشد أمر كلي تحته فردان، فأراد المصنف ذلك الأمر الكلي الصادق بأي نوع منه، فلذلك تثبت للصبي الحضانة لغيره حيث كان حافظاً للمال عاقلاً مستوفياً لباقي الشروط.
قوله: [أن يكون عنده من يحضن من الإناث]: أي متبرعة أو بأجرة.
قوله: [وكونه محرماً كأب] قال في الأصل ويشترط في الحاضن الذكر لمطيقة أن يكون محرماً لها ولو في زمن الحضانة كأن يتزوج بأمها، وإلا فلا حضانة له ولو مأموناً ذا أهل عند مالك. اهـ.
قوله: [والخلو عن زوج دخل بها]: صادق بأن لا يكون لها زوج أصلاً، أو لها زوج ولم يدخل بها.
قوله: [فإن دخل بها سقطت] إلخ: أي ما لم يخف على الولد بنزعه منها الضرر وإلا بقي عندها، ولا تسقط حضانتها.
قوله: [إلا أن يعلم من يليها] هذا استثناء من المفهوم أي فإن لم تخل عن زوج دخل سقطت حضانتها وانتقلت لمن يليها في الرتبة إلا أن يعلم
…
إلخ.
قوله: [ما لم تتأيم] أي تطلق أو يموت زوجها الذي قد دخل بها، وقوله قبل القيام أي قيام من له الحضانة بعدها.
قوله: [وإلا أن يكون الزوج] إلخ: حاصله أنه إذا كان الزوج الذي دخل بها محرماً للمحضون كان له حق في الحضانة أو لا أو كان له حق في الحضانة، وكان غير محرم فلا تسقط حضانتها بدخوله.
قوله: [أو لا يقبل الولد المحضون غيرها] أي فإذا تزوجت الحاضنة برجل أجنبي من المحضون ولم يقبل الولد غيرها فإنها تبقى على حضانتها، وظاهره كان المحضون رضيعاً أو غيره، واختاره الأجهوري وقصره الشيخ أحمد على الرضيع.
قوله: [أي بدل الحاضنة التي تزوجت] أي أعم من أن تكون أماً أو غيرها، وهذا أحد روايتين وهو ظاهر ما لابن عبد السلام والتوضيح، وقال شيخ مشايخنا العدوي: مفاد النقل أن عدم سقوط الحضانة في هذه المسألة مخصوص بالأم، فلو كانت الحضانة للجدة ثم تزوجت وامتنعت المرضعة أن ترضعه عند الخالة، وقالت: لا أرضعه إلا عندي أو عند الجدة، فإن هذا لا يوجب استمرار الحضانة للجدة بل تنتقل للخالة، وهذا هو المتبادر من كلام شارحنا. تأمل.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
قوله: (غيرها و) في ط المعارف: (غيرها).
(أو لا يكون للولد حاضن) غير المتزوجة فلا تسقط حضانتها.
(أو كان) الحاضن الذي يليها [1](غير مأمون)، أو كان (عاجزاً أو كان الأب) للمحضون (عبداً) فلا تسقط حضانة أمه المتزوجة بأجنبي كانت أمه حرة أو أمة؛ فلا حاجة لقوله:"وهي حرة".
(و) شرط الحضانة لمن يستحقها: (أن لا يسافر الولي الحر) فهذا عطف على: "عقل"، وكان الأولى تقديمه قبل قوله:"وللذكر" إلا أنه أخره لما فيه من التفصيل (عن المحضون) وسواء كان الولي ولي مال كالأب والوصي، أو ولي عصوبة كالعم والمعتق؛ فالمحضون أعم من أن يكون ولداً للولي خلافاً لما يوهمه كلام الشيخ، (وإن) كان المحضون (رضيعاً) فأولى غيره.
(أو تسافر هي): أي الحاضنة (سفر نقلة) وانقطاع من بلد إلى بلد (لا كتجارة) وزيارة (ستة برد) فأكثر: أي إنّ شرط مسافة سفر كل من الولي والحاضنة أن يكون ستة برد فأكثر، فللولي نزعه، وتسقط حضانتها (لا أقل) من ستة برد، فلا تسقط به الحضانة وليس للولي نزعه.
ومحل جواز نزعه: (إن سافر) الولي (لأمن): أي لمكان مأمون (وأمنت الطريق) وإلا لم يكن له نزعه (إلا أن تسافر) الحاضنة (معه): أي مع الولي، فلا تسقط حضانتها، ولا تمنع من السفر معه، وهذا استثناء من مفهوم قوله:"وأن لا يسافر الولي" أي فإن سافر ستة برد سقطت حضانتها إلا أن تسافر معه.
(ولا تعود) الحضانة لمن سقطت حضانتها بدخول زوج بها، (بعد تأيمها): أي فراقها بطلاق أو موت لزوجها، أو فسخ الفاسد بعد الدخول، (أو) بعد (إسقاطها) الحضانة الثابتة لها بلا عذر، أو بعد إسقاط الحضانة، فيجوز أن يكون المصدر مضافاً للفاعل أو المفعول وهو أظهر، فإذا أسقطت حقها منها ثم أرادت العود لها فلا كلام لها، لأن الحضانة حق للحاضن على المشهور، وقيل: حق للمحضون فلهما الرجوع فيها.
(بخلاف لو سقطت) حضانتها (لعذر) كمرض وخوف مكان أو سفر ولي بالمحضون سفر نقلة، (وزال) ذلك العذر فلها الرجوع فيها (واستمرت) الحضانة للحاضنة إذا دخل بها زوج، (إن تأيمت) بطلاق أو فسخ نكاح أو موت زوجها
ــ
قوله: [أو لا يكون للولد حاضن] أي شرعي فيشمل ما إذا كان غير مأمون أو عاجزاً أو الأب عبداً، فتصريحه بهذه المسائل الثلاث زيادة إيضاح.
قوله: [أن لا يسافر] إلخ، حاصله أن شرط ثبوت الحضانة للحاضن أن لا يسافر ولي حر عن محضون حر سفر نقلة ستة برد فأكثر، فإن أراد الولي السفر المذكور كان له أخذ المحضون من حاضنته، ويقال لها: اتبعي محضونك إن شئت، واحترز بقوله الولي الحر عما لو كان ولي المحضون عبداً وأراد السفر فليس له أخذه معه، بل يبقى عند حاضنته لأن العبد لا قرار له ولا مسكن، واحترزنا بالمحضون الحر عن العبد إذا سافر وليه فلا يأخذه معه؛ لأن العبد تحت نظر سيده أي مالك أمه حضراً أو سفراً.
قوله: [وإن كان المحضون رضيعاً]: مبالغة في المفهوم أي فإن سافر الولي الحر عن المحضون الحر السفر المذكور سقط حقها من الحضانة، ويأخذه وليه معه ولو كان الولد رضيعاً على المشهور، وقيل لا يأخذ الرضيع وإنما يؤخذ الولد إذا أثغر، وقيل يأخذه بعد انقطاع الرضاع.
قوله: [لا كتجارة وزيارة] أي فلا تسقط الحضانة لمن لها الحضانة، بل إن كانت الحاضنة مسافرة أخذته، وإن كان الولي مسافراً لا يأخذه منها، وظاهره كان السفر ستة برد أو أقل أو أكثر وهو ما قاله الأجهوري وتبعه (عب)، وقال اللقاني: محل هذا إذا كان السفر قريباً كبريد لا إن بعد فلا تأخذه إن أرادت السفر، وإن كانت حضانتها باقية، وتبعه الخرشي على ذلك واعتمده في الحاشية، واعلم أنها إذا سافرت لكتجارة وأخذت الولد معها فحقه في النفقة باق على الولي، ولا تسقط نفقته عنه بسفره معها على ظاهر المذهب كما في (عب).
قوله: [إن سافر الولي لأمن] إلخ: هذان الشرطان وهما كون السفر لموضع مأمون والأمن في الطريق معتبران أيضاً في سفر الزوج بزوجته، ويزاد عليهما كونه مأموناً في نفسه وغير معروف بالإساءة عليها، وكونه حرّاً وكون البلد المنتقل إليه قريبة بحيث لا يخفى على أهلها خبرها وأن تقام في تلك البلد الأحكام، فإذا وجدت تلك الشروط وطلب الرجل السفر بزوجته قضي له بسفرها معه، وإن تخلف شرط منها فلا جبر.
قوله: [ولا تعود الحضانة] إلخ أي سواء كانت التي سقطت حضانتها أماً أو غيرها، بل الحق في الحضانة باق لمن انتقلت له، فإن أراد من له الحضانة رد المحضون لمن انتقلت عنه الحضانة فله ذلك، فقول المصنف ولا تعود أي جبراً على من انتقلت إليه.
قوله: [أو فسخ الفاسد] إلخ: يعني أن الحاضنة إذا سقطت حضانتها بالتزويج وأخذ الولد من بعدها في المرتبة، ثم ظهر أن النكاح فاسد وفسخ لأجل ذلك بعد الدخول، فإن حضانتها لا تعود وهذا إذا كان النكاح مختلفاً في فساده، أو مجمعاً على فساده، ودرئ الحد، أما لو كان الفسخ قبل البناء أو بعده ولم يدرأ الحد، فإن الحضانة تعود لها، قال ابن يونس: وهو الأصوب، وقيل إنها إذا تزوجت وسقطت حضانتها ثم فسخ نكاحها لفساده فإن حضانتها تعود لأن المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً كان الفسخ قبل البناء أو بعده مختلفاً في فساده أو مجمعاً عليه.
قوله: [أو بعد إسقاطها]: أي بعوض أو بغيره.
قوله: [فلها الرجوع فيها]: أي ما لم تتركها بعد زوال العذر سنة وإلا فلا رجوع لها، وما لم يألف الولد من هو عندها ويشق عليه نقله من عندها.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
ليست في ط المعارف.
(قبل علم من انتقلت) الحضانة (له) بالدخول بالأم؛ فلا كلام له بعد تأيمها.
(وللحاضنة) أماً أو غيرها (قبض نفقته وكسوته) وما يحتاج إليه من أبيه (بالاجتهاد) من الحاكم أو غيره على الأب بالنظر لحاله؛ من يوم أو جمعة أو شهر أو أعيان أو أثمان، وليس للأب أن يقول للحاضنة ابعثيه ليأكل عندي، ثم يعود لك، لما فيه من الضرر بالطفل والإخلال بصيانته، وليس لها موافقته على ذلك.
(و) لها (السكنى): أي بالاجتهاد كما قال الشيخ؛ أي فيما يخصها ويخص الولد، فما يخص الولد ففي ماله أو على أبيه، وما يخصها فعليها، قال المتيطي فيما يلزم الأب للولد: وكذا يلزمه الكراء لمسكنه هذا هو القول المشهور المعمول به المذكور في المدونة وغيرها، سحنون: ويكون عليه من الكراء على قدر ما يجتهد، وقال يحيى بن عمر: السكنى على قدر الجماجم، وقال في التوضيح: إن السكنى على الأب وهو مذهب المدونة خلافاً لابن وهب، وعلى المشهور فقال سحنون: تكون السكنى على حسب الاجتهاد ونحوه لابن القاسم في الدمياطية، وهو قريب مما في المدونة، وقال يحيى بن عمر على قدر الجماجم اهـ. فقوله "والسكنى أي بالاجتهاد": أي فيما يخص الطفل وما يخصها. (لا أجرة) أي ليس لها أجرة (للحضانة): أي في نظيرها، وليس لها أن تنفق على نفسها من نفقة الولد لأجل حضانتها. وهذا هو قول مالك الذي رجع إليه، وأخذ به ابن القاسم بعد أن كان يقول: ينفق عليها من مال الغلام، نعم إن كانت الأم معسرة فلها النفقة على نفسها من ماله لعسرها لا للحضانة. والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ــ
قوله: [قبل علم من انتقلت الحضانة له]: مفهومه أنه إذا علم بزواجها وسكت عن أخذ الولد عاماً أو أقل ولم يعلم حتى تأيمت لم ينزعه منها، ولا مقال له وما تقدم في قوله إلا أن يعلم ويسكت العام، أي فليس له انتزاعه منها، فإن سكت أقل من العام كان له انتزاعه إذا لم تتأيم، فالموضوع مختلف كذا ذكره الأجهوري.
قوله: [وللحاضنة أماً أو غيرها قبض نفقته] اللام بمعنى على أي ويجب عليها قبض نفقته بدليل قول الشارح، وليس للأب
…
إلخ، وليس لها
…
إلخ، وإذا قلنا على الحاضنة قبض ما يحتاج إليه المحضون لو ادعت تلفه؛ فهل يقبل قولها في ذلك أم لا؟ ومذهب ابن القاسم أنها ضامنة إلا أن تقوم بينة على التلف كما مر؛ لأن الضمان هنا ضمان تهمة ينتفي بإقامة البينة، لا ضمان أصالة لأنه لو كان ضمان أصالة لضمنته، ولو قامت بينة على تلفه بلا تفريطه كالمقترض والمشتري بعد الشراء اللازم.
قوله: [أي فيما يخصها ويخص الولد]: أي بأن يوزعها الحاكم أو غيره عليهما، فيجعل نصف أجرة المسكن مثلاً في مال المحضون أو أبيه ونصفها على الحاضنة أو ثلثها في مال المحضون أو أبيه، وثلثيها على الحاضنة أو بالعكس.
قوله: [انتهى] أي كلام التوضيح وقد نقلها (بن) وبسطها بأوسع من هذا، فجميع عبارة التوضيح هذه عين ما قبلها.
قوله: [أي بالاجتهاد]: أي فقد حذفه من الثاني لدلالة الأول عليه، وفي العبارة تكرار لا يخفى.
قوله: [نعم إذا كانت الأم إلخ] استدراك على قوله وليس لها أن تنفق على نفسها إلخ، كأنه قال محل الخلاف إذا كانت النفقة لأجل الحضانة، وأما لغيرها وعسرها فلها النفقة على نفسها من مال الطفل حيث كان ولداً لها قلت النفقة عن أجرة المثل في الحضانة أو كثرت لأنها تستحق النفقة ولو لم تحضنه، وانظر إذا لم تكن الحاضنة أماً ولم يوجد له حاضن غيرها، وكانت فقيرة هل يقضى لها بالإنفاق من ماله أو مال أبيه إن لم يكن له مال لتوقف مصالحه على ذلك؟ وهو الظاهر والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأكرم وعلى آله وصحبه وسلم. وقد تم الجزء الأول من هذا التعليق اللطيف على يد العبد الضعيف في خدمة أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وعنى به ليلة الأربعاء لخمس بقين من المحرم سنة 1221 إحدى وعشرين ومائتين وألف من الهجرة الشريفة على صاحبها أفضل التحيات النيفة.