الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا ينصرف:
الصَّرْفُ تَنْوينٌ أَتَى مُبيِّنا
…
معنًى به يكونُ الاسمُ أَمْكَنا
ــ
قال: وأما يونس فيقول: اخشووا واخشيي يزيد الواو والياء بدلًا من النون الخفيفة من أجل الضمة والكسرة، وهو ما نقله الناظم في التسهيل، وإذا وقف على المؤكد بالخفيفة بعد الألف على مذهب يونس والكوفيين أبدلت ألفا، نص على ذلك سيبويه ومن وافقه ثم قيل: يجمع بين الألفين فيمد بمقدارهما، وقيل: بل ينبغي أن تحذف إحداهما ويقدر بقاء المبدلة من النون وحذف الأولى. وفي الغرة: إذا وقفت على اضربان على مذهب يونس زدت ألفا عوض النون فاجتمع ألفان فهمزت الثانية فقلت: اضرباء. ا. هـ. وقياسه في اضربنان اضربناء والله أعلم.
ما لا يَنْصَرِف:
قد مر في أوّل الكتاب أن الأصل في الاسم أن يكون معربًا منصرفًا، وإنما يخرجه عن أصله شبهه بالفعل أو بالحرف، فإن شابه الحرف بلا معاند بني، وإن شابه الفعل بكونه فرعًا بوجه من الوجوه الآتية منع الصرف. ولما أراد بيان ما يمنع الصرف بدأ بتعريف الصرف فقال:"الصرف تنوين أتى مبينًا مغنى به يكون الاسم أمكنا" فقوله: تنوين: جنس يشمل أنواع التنوين، وقد تقدمت أول الكتاب، وقوله: أتى مبينًا إلخ مخرج لما سوى المعبر عنه بالصرف، والمراد بالمعنى الذي يكون به الاسم أمكن، أي: زائدًا في التمكن: بقاؤه
ــ
إلا بياء واحدة وواو واحدة. قوله: "يجمع بين الألفين" أي: في النطق وفيه أن الجمع بينهما محال لتعذر التقاء الساكنين سكونًا ذاتيا، وممن صرح باستحالة اجتماع الألفين شيخ الإسلام زكريا كما سيأتي عنه في مبحث ألف التأنيث من باب: ما لا ينصرف اللهم إلا أن يراد الجمع بينهما صورة؛ لأن مد الألف بقدر أربع حركات في صورة الجمع بين ألفين، وعلى هذا يكون قول الشارح فيمد بمقدارهما عطفًا تفسيريا وقوله: بمقدارهما نائب فاعل يمد.
ما لا ينصرف:
ذكره عقب نوني التوكيد؛ لأن فيه شبه الفعل فله تعلق به كما أن لهما تعلقًا به؛ ولأن نوني التوكيد ثقيلة وخفيفة، وهذا الباب مشتمل على الثقيل وهو ما لا ينصرف والخفيف وهو المنصرف، وإن لم يكن مقصودًا من الباب بالذات. قوله:"بلا معاند" أي: معارض لشبه الحرف. قوله: "بوجه" الباء سببية متعلقة بفرعًا. قوله: "أمكنا" اسم تفضيل من مكن مكانة إذا بلغ الغاية في التمكن لا من تمكن خلافًا لأبي حيان ومن وافقه؛ لأن بناء اسم التفضيل من غير الثلاثي المجرد شاذ، تصريح. قوله:"والمراد إلخ" يرد عليه أنه حينئذٍ يلزم الدور؛ لأن معرفة هذا المعنى تتوقف على معرفة أنه لم يشبه الفعل فيمنع الصرف لأخذه في تفسيره ومعرفة ذلك تتوقف على معرفة الصرف. لا يقال هذا تعريف لفظي خوطب به من يعلم المعرف والتعريف ويجهل وضع لفظ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على أصله أي: إنه لم يشبه الحرف فيبني ولا الفعل فيمنع من الصرف.
تنبيهات: الأول ما ذكره الناظم من أن الصرف هو التنوين هو مذهب المحققين، وقيل الصرف هو الجر والتنوين معًا. الثاني تخصيص تنوين التمكين بالصرف هو المشهور، وقد يطلق الصرف على غيره من تنوين التنكير والعوض والمقابلة. الثالث يستثنى من كلامه نحو: مسلمات فإنه منصرف مع أنه فاقد للتنوين المذكور إذ تنوينه للمقابلة كما تقدم أول الكتاب. الرابع اختلف في اشتقاق المنصرف: فقيل من الصريف وهو الصوت؛ لأن في
ــ
للتعريف؛ لأنا نقول: لو كان المخاطب هنا عالمًا بهذا التعريف لكان عالمًا بالصرف؛ لأنه مذكور فيه فلا يكون جاهلًا بوضع اللفظ له. وقد يقال إنه ليس لفظيا ويمنع لزوم الدور بأن يقال المعتبر في التعريف عدم مشابهة الفعل، ويمكن ذلك بدون ملاحظة الانصراف وعدمه، وأما قول الشارح: فيمنع الصرف فليس المراد أن ذلك ملاحظ في التعريف بل المراد بيان أمر واقعي أفاده سم.
قوله: "هو التنوين" أي: وحده وأما الجرّ بالكسرة فتابع له فسقوطه بتبعية التنوين لما أسلفه الشارح عند قول المصنف:
وجر بالفتحة ما لا ينصرف
وقوله هو مذهب المحققين لوجوه: منها أنه مطابق للاشتقاق من الصريف الذي بمعنى الصوت إذ لا صوت في آخر الاسم إلا التنوين، ومنها أنه متى اضطرّ شاعر إلى صرف المرفوع أو المنصوب نونه وقيل صرفه للضرورة مع أنه لا جرّ فيه ا. هـ. يس وقوله: وقيل صرفه أي: قالوا فيه حينئذٍ: إنه صرفه للضرورة فأطلقوا على مجرد تنوينه صرفًا. قوله: "تخصيص تنوين التمكين بالصرف" الباء داخلة على المقصور. قوله: "يستثنى من كلامه" أي: من مفهوم كلامه فإن مفهومه أن فاقد التنوين المذكور المسمى صرفًا غير منصرف وهذا يشمل نحو: مسلمات مع أنه منصرف فيكون مستثنى واستشكله سم بأن المنصرف هو الذي قام به الصرف وإذا كان حقيقة الصرف هو التنوين المذكور وهو غير قائم بجمع المؤنث السالم فكيف يكون منصرفًا. قال: وقد يجاب بأن المراد أن التنوين علامة الصرف لا نفسه والعلامة لا يجب انعكاسها ا. هـ. قال شيخ الإسلام زكريا: وظاهر كلامهم أن المتصف بالانصراف وعدمه إنما هو الاسم المعرب بالحركات وإلا فينبغي أن يستثنى أيضًا ما يعرب بالحروف إذ يصدق عليه أنه فاقد لتنوين الصرف، مع أنه في الواقع منصرف حيث لا مانع ا. هـ. قوله:"نحو: مسلمات" أراد جمع المؤنث السالم ومحل ذلك قبل التسمية به أما ما سمي به منه نحو: عرفات فإنه غير منصرف ولا كلام فيه. حفيد.
قوله: "إذ تنوينه للمقابلة" هذا مذهب الجمهور، وذهب بعضهم إلى أن تنوينه للصرف وإنما لم يحذف إذ سمي به؛ لأنه لو حذف لتبعه الجرّ في السقوط فينعكس إعراب جمع المؤنث السالم فيبقى لأجل الضرورة ا. هـ.
زكريا ويرده أنه خرج بالتسمية به عن كونه جمع مؤنث حقيقة فلا بعد في انعكاس إعرابه. قوله: "في اشتقاق المنصرف" المراد بالاشتقاق هنا الأخذ من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
آخره التنوين وهو صوت، قال النابغة:
1025-
له صَرِيفٌ صَرِيفُ القَعْوِ بالمَسَدِ
أي: صوت صوت البكرة بالحبل، وقيل من الانصراف في جهات الحركات. وقيل من الانصراف وهو الرجوع، فكأنه انصرف عن شبه الفعل. وقال في شرح الكافية: سمي منصرفًا لانقياده إلى ما يصرفه عن عدم تنوين إلى تنوين، وعن وجه من وجوه الإعراب إلى غيره ا. هـ. واعلم أن المعتبر من شبه الفعل في منع الصرف هو كون الاسم إما فيه فرعيتان مختلفتان مرجع إحداهما اللفظ ومرجع الأخرى المعنى، وإما فرعية تقوم مقام الفرعيتين؛ وذلك لأن في الفعل فرعية على الاسم في اللفظ وهي اشتقاقه من المصدر، وفرعية في
ــ
المناسب في المعنى. قوله: "فقيل من الصريف إلخ" وقيل من الصرف وهو الفضل؛ لأنه له فضلًا على غير المنصرف. قوله: "من الانصراف" أي: الجريان وقوله في جهات الحركات لو حذف لفظ الحركات لكان أولى؛ لأنه بصدد المعنى اللغوي المأخوذ منه الاصطلاحي وابن إياز تنبه لذلك فحذفها ا. هـ. دنوشري. قوله: "فكأنه انصرف عن شبه الفعل" إنما قال كأنه؛ لأنه لم يكن أشبه الفعل حتى يرجع عن شبهه به حقيقة. قوله: "إلى ما يصرفه إلخ" كالتنكير فنحو: الرجل منصرف؛ لأنك تقول فيه رجل، قال شيخنا: والظاهر أن القول الأول والثالث مفرعان على أن الصرف هو التنوين وحده والثاني والرابع على أنه التنوين والجرّ. قوله: "وعن وجه من وجوه الإعراب" أي:
حركة من حركاته.
قوله: "أما فيه فرعيتان إلخ" إنما لم يقتنع في هذا الحكم بكون الاسم فرعًا من جهة واحدة؛ لأن المشابهة بالفرعية غير ظاهرة ولا قوية إذ الفرعية ليست من خصائص الفعل الظاهرة بل يحتاج في إثباتها إلى تكلف وكذا إثبات الفرعية في هذه الأسماء بسبب هذه العلل غير ظاهر فلم يكف واحدة منها إلا إذا قامت مقام اثنتين، وكان اعطاء الاسم حكم الفعل أولى من العكس مع أن الاسم إذا شابه الفعل فقد شابهه الفعل؛ لأن الاسم تطفل على الفعل فيما هو من خواص الفعل وإنما لم يبن الاسم بمشابهة الفعل فيما ذكر لضعفها إذ لم يشبه الفعل لفظًا مع ضعف الفعل في البناء ولم يعط بها عمل الفعل؛ لأنه لم يتضمن معنى الفعل الطالب للفاعل والمفعول ا. هـ يس. واعلم أن معنى فرعية الشيء كونه فرعًا عن غيره لكنها هنا تارة يراد منها الكون فرعًا وتارة يراد منها سبب الكون فرعًا وقد استعمل الشارح الأمرين فتنبه.
1025- صدره:
مقذوفة بِدَخيسِ النَّحْضِ بازِلُها
والبيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص16؛ وجمهرة اللغة ص578، 741، 944؛ والدرر 3/ 76؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 31؛ والكتاب 1/ 355؛ ولسان العرب 9/ 19 "صرف"، 277 "قذف"، 11/ 52 "بزل"، 15/ 191 "قعا"؛ وبلا نسبة في لسان العرب 6/ 77 "دخس"؛ ومجالس ثعلب ص320؛ وهمع الهوامع 1/ 193.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المعنى وهي احتياجه إليه؛ لأنه يحتاج إلى فاعل والفاعل لا يكون إلا اسمًا، ولا يكمل شبه الاسم بالفعل بحيث يحمل عليه في الحكم إلا إذا كانت فيه الفرعيتان كما في الفعل، ومن ثم صرف من الأسماء ما جاء على الأصل كالمفرد الجامد النكرة كرجل وفرس؛ لأنه خف فاحتمل زيادة التنوين وألحق به ما فرعية اللفظ والمعنى فيه من جهة واحدة كدريهم، وما تعددت فرعيته من جهة اللفظ كأجيمال، أو من جهة المعنى كحائض وطامث؛ لأنه لم يصر بتلك الفرعية كامل الشبه بالفعل، ولم يصرف نحو: أحمد؛ لأن فيه فرعيتين مختلفتين مرجع إحداهما اللفظ وهي وزن الفعل ومرجع الأخرى المعنى
وهو التعريف، فلما كمل شبهه بالفعل ثقل الفعل فلم يدخله التنوين وكان في موضع الجر مفتوحًا. والعلل المانعة من الصرف تسع يجمعها قوله:
عدل ووصف وتأنيث ومعرفة
…
وعجمة ثم جمع ثم تركيب
ــ
قوله: "وهي اشتقاقه من المصدر" وعلى القول بأن المصدر مشتق من الفعل تكون فرعية اللفظ التركيب في معناه كذا قال بعضهم وفيه تأمل؛ لأن التركيب جاء للفعل من حيث المعنى كما اعترف به، لا من حيث اللفظ على أن كثيرًا من الأسماء يدل على شيئين كضارب وأكرم ا. هـ. دنوشري. قوله:"احتياجه" أي: الفعل إليه أي: الاسم. قوله: "ولا يكمل إلخ" من تمام التعليل. قوله: "في الحكم" وهو منع التنوين الدال على الأمكنية. قوله: "ما جاء على الأصل" أي: عدم المشابهة. قوله: "ما فرعية اللفظ والمعنى فيه" أي:
ما الفرعية التي مرجعها اللفظ والفرعية التي مرجعها المعنى فيه إلخ. قوله: "كدريهم" فإن فرعية اللفظ فيه صيغة فعيعل فدريهم فرع من درهم وفرعية المعنى التحقير ا. هـ. يس أي: والتحقير فرع عن عدمه أي: وهاتان الفرعيتان من جهة واحدة وهي التصغير بمعنى أن كلا منهما نشأ عن التصغير الذي هو فعل الفاعل.
قوله: "كأجيمال" تصغير أجمال جمع جمل فإن فيه فرعيتين التصغير الذي هو فرع التكبير والجمع الذي هو فرع الإفراد وهما من جهة اللفظ. قوله: "كحائض وطامث" بمعنى حائض فإن فيهما فرعيتين التأنيث الذي هو فرع التذكير، والوصف الذي هو فرع الموصوف، وجهتهما المعنى كذا قال البعض تبعًا لزكريا. قال شيخنا: لكن فيه أنه سيأتي أن التأنيث من العلل الراجعة إلى اللفظ، والأحسن أن يقال لزوم التأنيث ا. هـ. وسيصرح هذا البعض في الكلام على قول المصنف: كذا مؤنث إلخ، بأن التأنيث مطلقًا من العلل اللفظية ووجهه أن المؤنث تأنيثًا معنويا مقدر فيه تاء التأنيث كما سيأتي. لا يقال هلا منع حينئذٍ صرف نحو: حائض للفرعيتين اللفظية والمعنوية؛ لأنا نقول سيأتي أنه لا عبرة بالتأنيث بالتاء مع الوصفية لصحة تجريد الوصف عنها بخلاف العلم. قوله: "ولم يصرف نحو: أحمد إلخ" عطف على قوله:
صرف من الأسماء ما جاء على الأصل إلخ.
قوله: "تسع" حصرها في التسع استقرائي. قوله: "عدل" أي: تقديري أو تحقيقي وقوله:
فأَلِفَ التَّأْنِيثِ مُطْلَقًا مَنَعْ
…
صَرْفَ الذي حَواهُ كَيْفَما وَقَعْ
ــ
والنون زائدة من قبلها ألفٌ
…
ووزنُ فعل وهذا القلول تقريبُ
المعنوية منها: العلمية والوصفية، وباقيها لفظي، فيمنع مع الوصف ثلاثة أشياء: العدل كمثنى وثلاث، ووزن الفعل كأحمر، وزيادة الألف والنون كسكران، ويمنع مع العلمية هذه الثلاثة: كعمر ويزيد ومروان، وأربعة أخرى وهي: العجمة كإبراهيم، والتأنيث كطلحة وزينب، والتركيب كمعد يكرب، وألف الإلحاق كأرطى، وسترى ذلك كله مفصلًا وجميع ما لا ينصرف اثنا عشر نوعًا: خمسة لا تنصرف في تعريف ولا تنكير، وسبعة لا تنصرف في التعريف وتنصرف في التنكير. ولما شرع في بيان الموانع بدأ بما يمنع في الحالتين؛ لأنه أمكن في المنع فقال:"فألف التأنيث مطلقًا منع صرف الذي حواه كيفما وقع" أي: ألف التأنيث مقصورة كانت أو ممدودة، وهو المراد بقوله: مطلقًا تمنع صرف ما هي فيه كيفما وقع، أي: سواء وقع نكرة كذكرى وصحراء، أم معرفة كرضوى وزكرياء، مفردًا كما مر، أو جمعًا كجرحى وأصدقاء، اسمًا كما مر، أم صفة كحبلى وحمراء. وإنما استقلت بالمنع؛ لأنها قائمة مقام شيئين؛ وذلك لأنها لازمة لما هي فيه، بخلاف التاء فإنها في الغالب مقدرة الانفصال، ففي المؤنث بالألف فرعية من جهة التأنيث وفرعية من جهة لزوم علامته،
ــ
وتأنيث أي: لفظي أو معنوي وقوله: ومعرفة أي: علمية وقوله: ثم تركيب أي: مزجي. وقوله: زائدة حال من النون، وقوله: من قبلها ألف أي: زائدة وقوله: وهذا القول تقريب أي؛ لأنه ليس فيه تعيين ما يستقل بالمنع وتعيين ما يمنع مع الوصفية ولا بيان الشروط المعتبرة في بعضها. قوله: "كعمرو يزيد ومروان" نشر على ترتيب اللف. قوله: "كأرطى" اسم شجر وألفه للإلحاق بجعفر. قوله: "وسبعة" وهي ما كانت إحدى علتيه العلمية. قوله: "فألف التأنيث" خرج غيرها كالألف الأصلية في نحو: مرمى وألف الإلحاق في نحو: أرطى وعلباء وألف التكثير في نحو: قبعثري نعم ألف الإلحاق المقصورة وألف التكثير يمنعان الصرف مع العلمية كما سيأتي. قوله: "مطلقًا" حال من الضمير في منع العائد على المبتدأ لا من المبتدأ؛ لأنه ممنوع عند الجمهور وإن جوزه سيبويه.
قوله: "كيفما" اسم شرط على مذهب الكوفيين من عده من أسماء الشروط ووقع فعل الشرط والجواب محذوف دل عليه قوله منع والتقدير كيفما وقع ألف التأنيث منع الصرف الذي حواه كذا في الفارضي وخالد، لكن مقتضى كلام الشارح أن ضمير وقع للاسم الذي حوى ألف التأنيث، وتقدير الجواب على هذا كيفما وقع امتنع صرفه أو نحو: ذلك ووقع في كلام البعض ما لا ينبغي. قوله: "كذكرى" مصدر ذكر وقوله: كرضوى بفتح الراء علم على جبل بالمدينة. قوله: "اسمًا كما مر" قد يقال إن جرحى وأصدقاء وصفان إلا أن يقال إنهما غلبت عليهما الاسمية. قوله: "لأنها لازمة لما هي فيه" هذا مسلم بالنسبة لألف التأنيث المقصورة دون الممدودة؛ لأنها على
تقدير الانفصال كالتاء كما سيذكره المصنف بقوله:
وألف التأنيث حيث مدا
…
وتاؤه منفصلين عدا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بخلاف المؤنث بالتاء. وإنما قلت في الغالب؛ لأن من المؤنث بالتاء ما لا ينفك عنها استعمالًا، ولو قدر انفكاكه عنها لوجد له نظير كهمزة فإن التاء ملازمة له استعمالًا ولو قدر انفكاكه عنها لكان همز كحطم لكن حطم مستعمل وهمز غير مستعمل. ومن المؤنث بالتاء ما لا ينفك عنها استعمالًا ولو قدر انفكاكه عنها لم يوجد له نظير كحِذْرِيةَ وعَرْقُوَةَ، فلو قدر سقوط تاء حذرية وتاء عرقوة لزم وجدان ما لا نظير له، إذ ليس في كلام العرب فعلى ولا فعلوه، إلا أن وجود التاء هكذا قليل فلا اعتداد به، بخلاف الألف فإنها لا تكون إلا هكذا، ولذلك عوملت خامسة في التصغير معاملة خامس أصلي، فقيل في قرقرى: قر يقر كما قيل في سفرجل سفيرج. وعوملت التاء معاملة عجز المركب فلم ينلها تغير التصغير كما لا ينال عجز المركب فقيل في زجاجة زجيجة.
فرعان: الأول إذا سميت بكلتا من قولك: قامت كلتا جاريتيك: منعت الصرف؛ لأن ألفها للتأنيث وإن سميت بها من قولك رأيت كلتيهما أو كلتي المرأتين في لغة كنانة صرفت؛ لأن ألفها حنيئذ منقلبة فليست للتأنيث. الثاني إذا رخمت حبلوى على لغة
ــ
فتأمل. قوله: "ففي المؤنث بالألف إلخ" أي: ففيه في الحقيقة فرعيتان: إحداهما من جهة اللفظ وهي الأولى والثانية من جهة المعنى وهي الثانية. قوله: " كحذرية" بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وكسر الراء بعدها
تحتية وهي القطعة الغليظة من الأرض كما في القاموس. قوله: "وعرقوة" بفتح العين المهملة وسكون الراء وضم القاف إحدى الخشبتين المعترضتين على الدلو كالصليب وهما عرقوتان قاله الجوهري. قوله: "هكذا" أي: لازمة وكذا الآتي. قوله: "في التصغير" متعلق بعوملت. قوله: "معاملة خامس أصلي" أي: فنالها تغيير التصغير حيث حذفت لمراعاة حصول صيغة فعيعل، ويدل على أن ذلك مقصوده مقابلته بما ذكره بعده من حكم التاء سم.
قوله: "زجيجة" بتشديد الياء؛ لأن زجاجة رباعي وتصغير الرباعي يكون على فعيل كما يأتي.
قوله: "إذا سميت بكلتا" قال الإسقاطي: يريد كلتا المرفوعة ا. هـ. قال شيخنا: ولعله أخذ هذا القيد من قول الشارح من قولك: قامت إلخ لكن فيه أن التعليل يقتضي أن المراد كلتا بالألف سواء المرفوعة كما في مثاله أو المنصوبة كما في رأيت كلتا جاريتيك على اللغة الفصحى ا. هـ. أي: أو المجرورة كما في مررت بكلتا جاريتيك على اللغة الفصحى أيضًا، وهذا هو المتجه وبه جزم البعض وإنما اقتضى التعليل ذلك؛ لأنه يقتضي أن المدار على كون الألف للتأنيث. قوله:"وإن سميت بها من قولك إلخ" قال الإسقاطي: يريد كلتا المنصوبة بالياء ا. هـ. قال شيخنا: وفيه أن التعليل يقتضي أن المجرورة مثلها ا. هـ. أي: لأنه يقتضي أن المدار على كون الألف منقلبة عن الياء.
قوله: "في لغة كنانة" أي: الذين يعاملون كلا وكلتا معاملة المثنى وإن أضيفا إلى ظاهر
وزائِدا فَعْلانَ في وَصْف سَلِمْ
…
من أنْ يُرَى بِتاء تأنيثٍ خُتِمْ
ــ
الاستقلال عند من أجازه فقلت: يا حبلى ثم سميت به صرفت لما ذكرت في كلتا "وزائدا فعلان" رفع بالعطف على الضمير في منع أي: ومنع صرف الاسم أيضًا زائدًا فعلان وهما الألف والنون "في وصف سلم من أن يرى بتاء تأنيث ختم" إما؛ لأن مؤنثه فعلى كسكران وغضبان وندمان من الندم، وهذا متفق على منع صرفه. وإما؛ لأنه لا مؤنث له نحو: لحيان لكبير اللحية، وهذا فيه خلاف والصحيح منع صرفه أيضًا؛ لأنه وإن لم يكن له
ــ
فقوله: في لغة كنانة راجع لقوله: أو كلتي المرأتين فقط. قوله: "عند من أجازه" تقدم أن الراجح منع ترخيمه على لغة الاستقلال لما يلزم عليه من عدم النظير إذ ليس لهم فعلى ألفه منقلبة. قوله: "فقلت يا حبلى" أي: بحذف ياء النسب للترخيم، ثم قلب الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله:"لما ذكرت في كلتا" أي: من أن الألف منقلبة فليست للتأنيث لكن انقلابها هنا عن واو وثم عن ياء. قوله: "فعلان" مضاف إليه ممنوع الصرف للعلمية على الوزن وزيادة الألف والنون ا. هـ. خالد وفعلان بفتح الفاء فخرج غيره كخمصان كما يأتي، وفي حاشية الجامي للعصام الألف والنون في الصفة لا تكون على فعلان بكسر الفاء وبضم الفاء لا تكون إلا مع فعلانة بخلاف الألف والنون في الاسم فإنه يكون على الأوزان الثلاثة. قوله:"بالعطف على الضمير في منع" وجاز العطف عليه لوجود الفصل بالمفعول ويحتمل أن يكون مبتدأ والخبر محذوف لدلالة ما تقدم عليه أي: وزائدًا فعلان كذلك في منع الصرف.
قوله: "أي: ومنع صرف الاسم" هكذا فيما رأيناه من النسخ وكأن النسخة التي وقعت للبعض فيها ويمنع بصيغة المضارع فاعترض بأن المناسب لعبارة المصنف السابقة أن يقول هنا، وفيما يأتي ومنع بصيغة الماضي نعم عبر الشارح فيما يأتي بالمضارع، فالاعتراض عليه فيما يأتي في محل. قوله:"في وصف" حال من زائدًا. قوله: "سلم إلخ" شرط فيه في الغمدة وشرحها شرطًا ثانيًا وهو أصالة الوصفية، ويمكن أن يرجع قول المصنف الآتي وألغين عارض الوصفية إلى هذا أيضًا فيفيد هذا الشرط ولا ينافي رجوعه إلى هذا ما فرعه بقوله: فالأدهم إلخ؛ لأن تفريع بعض الأمثلة والأوزان الخاصة لا يقتضي التخصيص ا. هـ. سم والاحتراز بهذا الشرط عما عرضت فيه الوصفية نحو: مررت برجل صفوان قلبه أي: قاس.
قوله: "من أن يرى" إما علمية فجملة بتاء تأنيث ختم مفعول ثان أو بصرية فهي حال بناء على مذهب الناظم من جواز وقوع الماضي حالًا خاليًا من قد كما في قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} .
قوله: "وندمان من الندم" وأما ندمان من المنادمة فمصروف؛ لأن مؤنثه ندمانة كما يأتي. قوله: "وهذا متفق على منع صرفه" أي: بين النحاة على غير لغة بني أسد وليس المراد متفق عليه بين العرب حتى يرد اعتراض شيخنا والبعض بأنه ينافي ما سيأتي في الشارح من أن بني أسد تصرف كل ما كان على فعلان لالتزامهم في مؤنثه فعلانة بالتاء فاحفظ ذلك. قوله: "نحو: لحيان" أي: كرحمن. قوله: "وهذا فيه خلاف" فمن لم يشترط لمنع صرف فعلان إلا انتفاء
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعلى وجودًا فله فعلى تقديرًا؛ لأنا لو فرضنا له مؤنثًا لكان فعلى أولى به من فعلانة؛ لأن باب فعلان فعلى أوسع من باب فعلان فعلانة، والتقدير في حكم الوجود بدليل الإجماع على منع صرف أكمر وآدر مع أنه لا مؤنث له، ولو فرض له مؤنث لأمكن أن يكون كمؤنث أرمل، وأن يكون كمؤنث أحمر، لكن حمله على أحمر أولى لكثرة نظائره. واحترز من فعلان الذي مؤنثه فعلانة فإن مصروف نحو: ندمان من المنادمة وندمانة وسيفان وسيفانة. وقد جمع المصنف ما جاء على فعلان ومؤنثه فعلانة في قوله:
أَجِزْ فَعْلَى لِفَعْلانا
…
إذا اسْتَثنَيتَ حَبلانا
ودَخْنانا وسَخْنانا
…
وسَيفانا وصَحْيانا
وصَوجانا وعَلّانا
…
وقَشْوانا ومَصّانا
ومَوتانا ونَدْمانا
…
وأَتْبعهُنّ نَصْرانا
ــ
فعلانة منعه من الصرف وهو ما مشى عليه في النظم، ومن اشترط وجود فعلى تحقيقًا صرفه. قوله:"والصحيح منع صرفه" يخالف قول أبي حيان إن الصحيح فيه صرفه؛ لأنا جهلنا النقل فيه عن العرب والأصل في الاسم الصرف فوجب العمل به ا. هـ. فهذه المسألة مما تعارض فيها الأصل والغالب فتنبه. قوله: "أكمر" لعظيم الكمرة بفتح الميم وهي الحشفة وآدر بالمد لكبير الأنثيين.
قوله: "كمؤنث أرمل" وهو أرملة والأرمل الفقير. قوله: "ندمان من المنادمة" وهو الموافق للشارب في فعله واحترز بقوله: من المنادمة عن ندمان من الندم، فإن مؤنثه ندمى وفعله ندم وفعل الأول نادم. قوله:"أجز" المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب فلا يرد أن ما عدا الألفاظ المستثناة يجب
في مؤنثها فعلى، أو يقال عبر بأجز دون أوجب نظرًا للغة بني أسد الآتية. وهذه الأبيات التي للمصنف بقطع النظر عن تذييل المرادي يحتمل أن تكون من الوافر المجزوّ وأن تكون من الهزج، لكن التذييل يعين الأول لتعين كونه من الأول؛ لأن قوله فيه على لغة بوزن مفاعلتن لا بوزن مفاعلين هذا، وقد نظم الألفاظ الاثني عشر التي في نظم المصنف الشارح الأندلسي مع زيادة تفسيرها فقال:
كل فعلان فهو أنثاه فعلى
…
غير وصف النديم بالندمان
ولذي البطن جاء حبلان أيضًا
…
ثم دخنان للكثير الدخان
ثم سيفان للطويل وصوجا
…
ن لذي قوّة على الحملان
ثم صحيان إن حوى اليوم صحوًا
…
ثم سخنان وهو سخن الزمان
ثم موتان للضعيف فؤادًا
…
ثم علان وهو ذو النسيان
ثم قشوان للذي قل لحمًا
…
ثم نصران جاء في النصراني
ثم مصان في اللئيم وفي لحـ
…
ـيان رحمن يفقد النوعان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واستدرك عليه لفظان وهما خمصان لغة في خمصان وأليان في كبش أليان أي: كبير الألية فذيل الشارح المرادي أبياته بقوله:
وزِدْ فيهنَّ خَمْصانا
…
على لُغَةٍ وأليانا
فالحبلان الكبير البطن وقيل الممتلئ غيظًا. والدخنان اليوم المظلم. والسخنان اليوم الحار. والسيفان الرجل الطويل. والصحيان اليوم الذي لا غيم فيه. والصوجان البعير اليابس الظهر. والعلان الكثير النسيان. وقيل الرجل الحقير. والقشوان الرقيق الساقين. والمصان اللئيم. والموتان البليد الميت القلب. والندمان المنادم. أما ندمان من الندم فغير مصروف إذ مؤنثه ندمى وقد مر. والنصران واحد النصارى.
تنبيهات: الأول إنما منع نحو: سكران من الصرف لتحقق الفرعيتين فيه: أما فرعية المعنى؛ فلأن فيه الوصفية وهي فرع عن الجمود؛ لأن الصفة تحتاج إلى موصوف ينسب معناها إليه والجامد لا يحتاج إلى ذلك. وأما فرعية اللفظ؛ فلأن فيه الزيادتين المضارعتين لألفي النأنيث في نحو: حمراء في أنهما في بناء يخص المذكر، كما أن ألفي حمراء في
ــ
ونظمت ما زاده المرادي مع التفسير في بيت ينبغي وضعه قبل البيت الأخير فقلت:
ولذي ألية كبيرة اليا
…
ن وخمصان جاء في الخمصان
قوله: "واستدرك" أي: زيد وقوله: فذيل الشارح أبياته بقوله، أي: جعل قوله المذكور ذيلًا لأبيات المصنف. قوله: "خمصان" يقال رجل خمصان البطن وخميصه أي: ضامره. قوله: "والصوجان البعير اليابس الظهر" في القاموس في فصل الصاد المهملة في باب الجيم الصوجان كل يابس الصلب من الدواب والناس ونخلة صوجانة يابسة ا. هـ. وقال في فصل الضاد المعجمة من باب الجيم: الضوجان الصوجان ا. هـ. فعلم أنه بالصاد المهملة والضاد المعجمة وبالجيم وعلم ما في كلام شيخنا والبعض من القصور. قوله: "والعلان" أي: بعين مهملة كما في القاموس. قوله: "وقيل الرجل الحقير" وفي القاموس امرأة علانة جاهلة وهو علان. قوله: "والقشوان" بقاف وشين معجمة. قوله: "الرقيق الساقين" الذي في خط الشارح الدقيق بالدال وفي القاموس القشوان الدقيق الضعيف وهي بهاء ا. هـ. قوله: "والمصان" بالصاد المهملة كما في القاموس. قوله: "والجامد لا يحتاج إلى ذلك" أي: وما يحتاج فرع عما لا يحتاج.
قوله: "المضارعتين لألفي التأنيث في نحو: حمراء" بناه على أن الهمزة تسمى ألفًا وهو صحيح وعلى أنها مع الألف قبلها للتأنيث ولا نظير له إذ ليس لنا علامة تأنيث بحرفين، والمنقول عن سيبويه وغيره أن الهمزة بدل من ألف التأنيث، وأن الأصل حمرى بوزن سكرى، فلما قصدوا مده زادوا قبلها ألفًا أخرى والجمع بينهما محال وحذف إحداهما يناقض الغرض المطلوب، إذ لو حذفوا الأولى لفات المد أو الثانية لفاتت الدلالة على التأنيث، وقلب الأولى مخل بالمد فقلبوا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بناء يخص المؤنث، وأنهما لا تلحقهما التاء فلا يقال: سكرانة كما لا يقال: حمراءة مع أن الأول من كل من الزيادتين ألف. والثاني حرف يعبر به عن المتكلم في أفعل ونفعل فلما اجتمع في نحو: سكران المذكور الفرعيتان امتنع من الصرف. وإنما لم تكن الوصفية فيه وحدها مانعة من أن في الصفة فرعية في المعنى كما سبق وفرعية في اللفظ وهي الاشتقاق من المصدر لضعف فرعية اللفظ في الصفة؛ لأنها كالمصدر في البقاء على الاسمية والتنكير، ولم يخرجها الاشتقاق إلى أكثر من نسبة معنى الحدث فيها إلى الموصوف والمصدر بالجملة صالح لذلك كما في رجل عدل ودرهم ضرب الأمير، فلم يكن اشتقاقها من المصدر مبعدًا لها عن معناه، فكان كالمفقود فلم يؤثر، ومن ثم كان نحو: عالم وشريف مصروفًا مع تحقق ذلك فيه، وكذا إنما صرف نحو: ندمان مع وجود الفرعيتين لضعف فرعية اللفظ فيه من جهة أن الزيادة فيه لا تخص المذكر وتلحقه التاء في المؤنث نحو: ندمانة فأشبهت الزيادة فيه بعض الأصول في لزومها في حالتي التذكير والتأنيث وقبول علامته، فلم يعتد بها. ويشهد لذلك أن قومًا من العرب وهم بنو أسد يصرفون كل صفة على فعلان؛ لأنهم يؤنثونه بالتاء، ويستغنون فيه بفعلانة عن فعلى، فيقولون: سكرانة وغضبانة وعطشانة، فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء فلم تمنع من الصرف. الثاني فهم من قوله: زائدًا فعلان أنهما لا يمنعان في غيره من الأوزان كفعلان بضم الفاء
ــ
الثانية همزة وقيل: إن الأولى للتأنيث والثانية مزيدة للفرق بين مؤنث أفعل ومؤنث فعلان ورد بأنه يفضي إلى وقوع علامة التأنيث حشوًا ا. هـ. زكريا ويمكن دفع الاعتراض بجعل الإضافة في قوله: لألفي التأنيث بالنسبة إلى الألف الأولى لأدنى ملابسة. قوله: "والثاني" أي: من كل منهما وذلك الثاني هو الهمزة في نحو: حمراء والنون في نحو: سكران. قوله: "كما سبق" أي: من أن الصفة فرع الجامد.
قوله: "والمصدر بالجملة صالح لذلك" أي: لما ذكر من نسبة الحدث إلى الموصوف إذا وقع نعتًا أم حالًا أو خبرًا وإنما قال بالجملة؛ لأن المصدر لا يصلح لذلك إلا بالتأويل. قوله: "عن معناه" أي: المصدر وقوله: فكان أي: اشتقاق الصفة. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل كون الاشتقاق فيما ذكر غير مؤثر لضعفه المتقدم بيانه كان نحو: إلخ. قوله: "مع تحقق ذلك" أي: ما ذكر من فرعية اللفظ وفرعية المعنى. قوله: "إنما صرف نحو: ندمان" بمعنى المنادم. قوله: "لا تخص المذكر" لوجودها مع المؤنث كندمانة. قوله: "في لزومها إلخ" فيه نشر على ترتيب اللف؛ لأن اللزوم راجع إلى قوله: لا تخص المذكر وقبول علامة التأنيث راجع إلى قوله: وتلحقه التاء في المؤنث. قوله: "ويشهد لذلك" أي: لكون صرف نحو: ندمان لضعف فرعية اللفظ فيه من الجهة المتقدمة وهذا أوضح مما ذكره شيخنا والبعض. قوله: "فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء" أي: في الاختصاص بواحد من المذكر والمؤنث وفي عدم لحوق التاء.
وَوَصْفٌ أصْلِيٌّ ووزْنُ أَفْعَلا
…
ممنوع تأنيثٍ بتا كأَشْهَلا
ــ
نحو: خمصان لعدم شبههما في غيره بألفي التأنيث. الثالث ما تقدم من أن المنع بزائدي فعلان لشبههما بألفي التأنيث في نحو: حمراء هو مذهب سيبويه، وزعم المبرد أنه امتنع لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث.
ومذهب الكوفيين أنهما منعا لكونهما زائدتين لا يقبلان الهاء لا للتشبيه بألفي
التأنيث "ووصف أصلي ووزن أفعلا ممنوع" بالنصب على الحال من وزن أفعلا أي: حال كونه ممنوع "تأنيث بتاء كأشهلا" أي: ويمنع الصرف أيضًا اجتماع الوصف الأصلي ووزن أفعل بشرط أن لا يقبل التأنيث بالتاء: إما؛ لأن مؤنثه فعلاء كأشهل، أو فعلى كأفضل؛ أو لأنه لا مؤنث له كأكمر وآدر، فهذه الثلاة ممنوعة من الصرف للوصف الأصلي ووزن أفعل، فإن وزن الفعل به أولى؛ لأن في أوله
ــ
قوله: "لشبههما بألفي التأنيث" إن قلت: هلا أكتفي في المنع بزيادتهما كألفي التأنيث قلت: المشبه لا يعطي حكم المشبه به من كل وجه، وقال في المغني: إنما شرطت العلمية أو الوصفية؛ لأن الشبه بألفي التأنيث إنما يتقوم بإحداهما ا. هـ. أي: لا يتحقق في الواقع إلا في علم أو صفة. قوله: "امتنع" أي: فعلان لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث، فكما لا ينصرف حمراء لا ينصرف سكران واستدل على الإبدال بقولهم: بهراني وصنعاني في النسب إلى بهراء وصنعاء. وأجيب بأن النون بدل من الواو والأصل بهراوي وصنعاوي وأيضًا المذكر سابق عن المؤنث لا العكس. قوله: "لكونهما زائدتين إلخ" إن أرادوا مطلق الزيادة ورد عليهم عفريت وإن أرادوا خصوص الألف والنون سألناهم عن علة الخصوصية فلا يجدون معدلًا عن التعليل بأنهما لا يقبلان الهاء فيرجعون إلى ما اعتبره البصريون كذا في المغني. لا يقال هلا اكتفى في علة المنع بالزيادة كما اكتفى بألف التأنيث؛ لأنا نقول المشبه به من كل وجه على أن في المغني أن تعليل منع صرف نحو: سكران بالوصفية والزيادة اشتهر بين المعربين مع أنه مذهب الكوفيين، أما البصريون فمذهبهم أن المانع الزيادة المشبهة لألفي التأنيث؛ ولهذا قال الجرجاني: ينبغي أن تعد موانع الصرف ثمانية لا تسعة.
قوله: "لا للتشبيه بألفي التأنيث" أي: وإن استلزم كونهما زائدتين لا يقبلان الهاء شبههما بألفي التأنيث في الزيادة وعدم قبول الهاء إذ فرق بين اعتبار الشيء وحصوله بدون اعتبار؛ ولهذا عبر صاحب الهمع في علة منعهما عند الكوفيين بقوله: كونهما زائدتين لا يقبلان الهاء من غير ملاحظة الشبه بألفي التأنيث ا. هـ. قوله: "ووصف" معطوف على الضمير في منع أو مبتدأ خبره محذوف على وزان ما مر في زائدًا، وقول خالد: إنه معطوف على زائدًا لا يجري على الصحيح من أن المعطوفات بحرف غير مرتب على الأول. قوله: "على الحال من وزن" وقال خالد: من أفعل قال الفارضي: لأنه علم على اللفظ ا. هـ. وشرط مجيء الحال من المضاف إليه موجود لصحة الاستغناء عن المضاف بأن يقال ووصف أصلي وأفعل أي: هذا الوزن. قوله: "كأشهلا" الشهلة في العين أن يشوب سوادها زرقة.
قوله: "فإن وزن الفعل به أولى" علة لما يفيده سابقه من مدخلية وزن أفعل في منع
وأَلغِينَّ عارِضَ الوَصْفِيَّه
…
كأَرْبَعٍ وعارِضَ الاسْمِيَّه
ــ
زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم، فكان ذلك أصلًا في الفعل؛ لأن ما زيادته لمعنى أصل لما زيادته لغير معنى، فإن أنث بالتاء انصرف نحو: أرمل بمعنى فقير، فإن مؤنثه أرملة لضعف شبهه بلفظ المضارع؛ لأن تاء التأنيث لا تلحقه، وأجاز الأخفش منعه لجريه مجرى أحمر؛ لأنه صفة وعلى وزنه. نعم قولهم عام أرمل غير مصروف؛ لأن يعقوب حكى فيه سنة رملاء، واحترز بالأصلي عن العارض فإنه لا يتعد به كما سيأتي.
تنبيهان: الأول مثل الشارح لما تلحقه التاء بأرمل وأباتر وهو القاطع رحمه، وأدابر وهو الذي لا يقبل نصحًا فإن مؤنثها أرملة وأباترة وأدابرة: أما أرمل فواضح، وأما أباتر وأدابر فلا يحتاج هنا إلى ذكرهما إذ لم يدخلا في كلام الناظم، فإن علق على المنع على وزن أفعل، وإنما ذكرهما في شرح الكافية؛ لأنه علق المنع على وزن أصلي في الفعل أي: الفعل به أولى، ولم يخصه بأفعل. ولفظه فيها:
ووصفٌ أصليٌّ ووَزْنٌ أُصِّلا
…
في الفعْلِ تا أُنْثى بِهِ لن تُوصَلا
ولهذا احترز أيضًا من يعمل ومؤنثه يعملة وهو الجمل السريع. الثاني الأولى تعليق الحكم على وزن الفعل الذي هو به أولى لا على وزن أفعل ولا الفعل مجردًا ليشمل نحو: أحيمر وأفيضل من المصغر فإنه لا ينصرف لكونه على الوزن المذكور نحو: أبيطر. ولا يرد نحو: بطل وجدل وندس فإن كل واحد منها وإن كان أصلًا في الوصفية وعلى وزن فعل
ــ
صرف الوصف المذكور لكن لو حذف لفظ وزن لكان أوضح، وأما قول البعض علة لمحذوف تقديره وإنما نسب هذا الوزن للفعل؛ لأن إلخ ففيه أنه لم يتقدم منه نسبة هذا الوزن إلى الفعل حتى يقال وإنما نسب إلخ، وفي بعض النسخ فإنه وزن الفعل به أولى وهو أوضح فتأمل. قوله:"لأن في أوله" اعترضه شيخنا والبعض فإن فيه ظرفية الشيء في نفسه فكان الأولى إسقاط في، ويمكن دفعه بأن المراد بالأول ما قابل الآخر فيكون من ظرفية الجزء في الكل. قوله:"على معنى في الفعل" وهو التكلم. قوله: "فكان ذلك" أي: وزن أفعل. قوله: "فإن أنث بالتاء إلخ" محترز قوله: ممنوع تأنيث بتا. قوله: "لضعف إلخ" علة لانصرف. قوله: "لأن تاء التأنيث" أي: المتحركة بحركة إعرابية فلا يرد المتحركة بحركة بنية في نحو: هند تقوم.
قوله: "وأجاز الأخفش منعه" أي: نحو: أرمل. قوله: "نعم إلخ" استدراك على قوله نحو: أرمل. قوله: "عام أرمل" أي: قليل المطر والنفع كما في القاموس وحينئذٍ قد يقال الكلام في أرمل بمعنى فقير إلا أن يجاب بأن تقارب المعنيين كاتحادهما فتأمل. قوله: "وأباتر" من البتر وهو القطع وأدابر من الإدبار ضد الإقبال. قوله: "من يعمل" بوزن يفرح الجمل النجيب المطبوع ويقال للناقة النجيبة المطبوعة يعملة كما في القاموس. قوله: "الذي هو" أي: الفعل به أي: الوزن. قوله: "لكونه على الوزن المذكور" أي: الذي الفعل به أولى وإن لم يكن في حال التصغير على وزن أفعل. قوله: "أبيطر"
فالأَدْهَمُ القَيْدُ لكونِهِ وُضِعْ
…
في الأَصْلِ وَصْفًا انصرافُهُ مُنِعْ
وَأَجْدَلٌ وأَخْيَلٌ وأَفْعَى
…
مصروفَةٌ وقد يَنَلنَ المَنَْعا
ــ
لكنه وزن مشترك فيه ليس الفعل أولى به من الاسم فلا اعتداد به ا. هـ "وألغين عارض الوصفية كأربع" في نحو: مررت بنسوة أربع فإنه اسم من أسماء العدد، لكن العرب وصفت به فهو منصرف نظرًا للأصل، ولا نظر لما عرض له من الوصفية، وأيضًا فهو يقبل التاء فهو أحق بالصرف من أرمل؛ لأن فيه مع قبول التاء كونه عارض الوصفية، وكذلك أرنب من قولهم: رجل أرنب أي: ذليل فإنه منصرف لعروض الوصفية إذ أصله الأرنب المعروف "وعارض الإسمية" أي: وألغ عارض الاسمية على الوصف، فتكون الكلمة باقية على منع الصرف للوصف الأصلي، ولا ينظر إلى ما عرض لها من الاسمية "فالأدهم القيد لكونه وضع في الأصل وصفًا انصرافه منع" نظرًا إلى الأصل وطرحًا لما عرض من الاسمية.
تنبيه: مثل أدهم في ذلك أسود للحية العظيمة، وأرقم لحية فيها نقط كالرقم نظرًا إلى الأصل وطرحًا لما عرض من الاسمية "وأجدل" للصقر "وأخيل" لطائر ذي نقط كالخيلان يقال له الشقراق "وأفعى" للحية "مصروفة"؛ لأنها أسماء مجردة عن الوصفية في أصل الوضع
ــ
مضارع بيطر إذا عالج الدواب. قاموس. قوله: "وجدل" بفتح الدال وتكسر الصلب الشديد وندس كعضد وكتف السريع الاستماع لصوت خفي والفهم كذا في القاموس. قوله: "وألغينّ عارض الوصفيه" هذا تصريح بمفهوم قوله: أصلي ا. هـ. مرادي وإضافة عارض الوصفية من إضافة الصفة للموصوف، أو بمعنى من ومثلها إضافة عارض الاسمية.
قوله: "وصفت به" أي: في قولهم مررت بنسوة أربع. قوله: "كونه عارض الوصفية" بخلاف أرمل بمعنى فقير فإنه متأصل الوصفية. قوله: "وكذلك أرنب" انظر هل تلحقه تاء التأنيث أولًا، وقد يؤخذ الثاني من اقتصاره في علة
انصرافه على عروض الوصفية فحرره. قوله: "فالأدهم" إلى آخره البيت تفريع على قوله: وعارض الاسمية، وما قاله البعض غير مستقيم. قوله:"القيد" عطف بيان على الأدهم من تفسير الأخفى بالأجلى كما تقول البرّ القمح والعقار الخمر سندوبي. قوله: "وأرقم" مثله أبطح وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصى وأجرع، وهو المكان المستوي وأبرق وهو أرض خشنة فيها حجارة ورمل وطين مختلطة. وذكر سيبويه أن العرب لم تختلف في منع صرف هذه الستة أعني أدهم وأسود وأرقم وأبطح وأجرع وأبرق ا. هـ. مرادي ويخالفه ما سيأتي في الشرح من أن بعض العرب يصرف الثلاثة الأخيرة.
قوله: "كالخيلان" بكسر الخاء المعجمة وسكون الياء جمع خال وهو النقطة المخالفة لبقية البدن خالد. قوله: "الشقراق" فيه لغات ذكرها في القاموس منها الشقراق كقرطاس والشرقرق كسفرجل، قال: وهو طائر معروف مرقط بخضرة وحمرة وبياض ويكون بأرض الحرم. قوله: "لأنها أسماء مجردة عن الوصفية في أصل الوضع" أي: وفي الحال وإنما اقتصر الشارح على نفي وصفيتها في الأصل؛ لأنه المعتبر فهي أسماء في الأصل والحال كما في التوضيح. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا أثر لما يلمح في أجدل من الجدل وهو الشدة، ولا في أخيل من الخيول وهو كثرة الخيلان، ولا في أفعى من الإيذاء لعروضه عليهن "وقد ينلن المنعا" من الصرف لذلك وهو في أفعى أبعد منه في أجدل وأخيل؛ لأنهما من الجدل ومن الخيول كما مر. وأما أفعى فلا مادة لها في الاشتقاق لكن ذكرها يقارنه تصور إيذائها فأشبهت المشتق وجرت مجراه على هذه اللغة. ومما استعمل فيه أجدل وأخيل غير مصروفين قوله:
1026-
كَأَنَّ العُقَيلِيِّينَ يَومَ لَقِيتُهُمْ
…
فِراخُ القَطا لاقَينَ أجْدَلَ بازِيا
وقول الآخر:
ــ
شيخنا وتبعه البعض: وبهذا فارقت نحو: أربع فإن أربع اسم في الأصل وصف في الحال وهذه أسماء لم تعرض لها الوصفية، ولكن يتخيل فيها الوصفية وكان
منع صرف أربع أحق من منع صرفها، إلا أنه لم يرد فيه وورد فيها فقبل ا. هـ. وعلى هذا يكون قول المصنف: وأجدل إلخ كلامًا مستقلًا لا مفرعًا على قوله:
وألغينّ عارض الوصفية
لأن هذه الأسماء لم تعرض لها الوصفية غاية الأمر أن الوصفية تتخيل فيها فالعارض لها تخيل الوصفية لا نفس الوصفية، إذ لا يلزم من تخيل شيء تحققه، وحينئذٍ كان الأولى للشارح في تعليل صرفها أن يقول: بدل قوله لعروضه
أي: لمح الوصفية عليهنّ لتجردها عن الوصفية رأسًا، وإن تخليت فيها ما مر عن شيخنا والبعض من توجيه عدم منع صرف أربع مع أنها أحق بالمنع من نحو: أجدل لا يصح توجيهًا بل هو تقرير للسؤال فتأمل. قوله: "لما يلمح" عبارة الفارضي وغيره لما يتخيل. قوله: "من الجدل" بسكون الدال. قوله:
"وقد ينلن" أي: يعطين. قوله: "لذلك" أي: للوصفية الملموحة المنضمة إلى وزن أفعل فيكون أجدل بمعنى شديد وأخيل بمعنى متلوّن وأفعى بمعنى مؤذ كل ذلك على سبيل التخيل. قوله: "فلا مادة لها في الاشتقاق" أي: ليس لها مادة يتأتى اشتقاقها منها، وقيل من فوعان السمّ أي: حرارته فأصل أفعى فدخله القلب المكاني، ثم قلبت الواو ألفًا وقيل من فعوة السمّ أي: شدته وعليه فلا قلب مكانيا.
قوله: "كأن العقيليين" بضم العين وقوله: لاقين بنون الإناث أي: فراخ القطا وقوله: أجدل أي: صقرًا وبازيًا صفته من بزي عليه إذا تطاول عليه ويجوز أن يريد بالبازي الطير المشهور ويكون عطفًا على أجدل بحذف العاطف للضرورة، قاله العيني وزكريا. قوله:"ذريني" أي: دعيني والواو بمعنى مع والشيمة الطبيعة والأخيل الشقراق، والعرب تتشاءم به يقال هو أشأم من أخيل قاله العيني
1026- البيت من الطويل، وهو للقطامي في ديوانه ص182؛ وشرح التصريح 2/ 214؛ والمقاصد النحوية 4/ 346؛ ولجعفر بن علبة الحارثي في المؤتلف والمختلف ص19؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 119؛ وجمهرة اللغة ص800؛ وشرح شواهد الإيضاح ص393؛ ولسان العرب 11/ 104.
ومَنْعُ عدْلٍ مَعَ وصْفٍ مُعْتَبَرْ
…
في لفظ مَثْنَى وثُلاثَ وأُخَرْ
1027- ذَرِيني وعلمي بالأمُورِ وشِيمَتي
…
فما طائري يومًا عَلَيكِ بأخْيَلا
وكما شذ الاعتداد بعروض الوصفية في أجدل وأخيل وأفعى، كذلك شذ الاعتداد بعروض الاسمية في أبطح وأجرع وأبرق فصرفها بعض العرب، واللغة المشهورة منعها من الصرف؛ لأنها صفات استغنى بها عن ذكر الموصوفات فيستصحب منع صرفها كما استصحب صرف أرنب وأكلب حين أجرى مجرى الصفات، إلا أن الصرف لكونه الأصل ربما رجع إليه بسبب ضعيف بخلاف منع الصرف فإنه خروج عن الأصل فلا يصار إليه إلا بسبب قوي "ومنع عدل مع وصف معتبر في لفظ مثنى وثلاث وأخر" منع مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى فاعله وهو عدل، والمفعول محذوف وهو الصرف ومعتبر خبره، وفي لفظ متعلق به: أي: مما يمنع الصرف اجتماع العدل والوصف وذلك في موضعين: أحدهما المعدول في العدد إلى مفعل نحو: مثنى أو فعال نحو: ثلاث والثاني في أخر المقابل لآخرين. أما المعدول في العدد
فالمانع له عند سيبويه والجمهور العدل والوصف: فأحاد
ــ
وزكريا. قوله: "بعروض الوصفية إلخ" أي: بعروض تخيل الوصفية ليوافق ما قدمناه فتفطن. قوله: "وأكلب" مقتضى سياقه أنه اسم جنس جامد لكن قد يوصف به عروضًا لا أصالة مثل: أرنب ولم أقف على الجنس المسمى به بعد مراجعة القاموس وغيره فانظره. قوله: "إلا أن الصرف إلخ" يعني أن صرف نحو: أبطح ومنع صرف نحو: أجدل وإن كانا شاذين لكن شذوذ صرف نحو: أبطح أخف من شذوذ منع صرف نحو: أجدل.
قوله: "ومنع عدل" العدل إخراج الكلمة عن صيغتها الأصلية لغير قلب، أو تخفيف أو إلحاق أو معنى زائد فخرج نحو: أيس مقلوب يئس وفخذ بإسكان الخاء مخفف فخذ بكسرها وكوثر بزيادة الواو إلحاقًا له بجعفر ورجيل بالتصغير لزيادة معنى التحقير، وفائدته تخفيف اللفظ وتمحضه للعلمية في نحو:
عمر وزفر لاحتماله قبل العدل للوصفية، وهو تحقيقي إن دل عليه غير منع الصرف وتقديري إن لم يدل عليه إلا منع الصرف قاله الحفيد، ثم هو باعتبار محله أربعة أقسام؛ لأنه إما بتغيير الشكل فقط كجمع عند من قال إنه معدول عن جمع أو بالنقص فقط فيما عدل عن ذي أل وهو سحر وأمس وكذا أخر في قول أو بالنقص وتغيير الشكل كعمر أو بالزيادة والنقص وتغيير الشكل كحذام ومثلث. قوله:"مع وصف" متعلق بمحذوف نعت عدل.
قوله: "والثاني في أخر" الأولى إسقاط في؛ لأن الموضع الثاني نفس أخر وقوله:
المقابل آخرين سيأتي محترزه في التنبيه الأول وهو صريح في أن أخر وصف لجماعة الإناث؛ لأن أخر جمع أخرى وأنه ضد آخرين الذي هو وصف لجماعة الذكور؛ لأن آخرين جمع آخر وأما نحو
_________
1027-
البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص271؛ وشرح التصريح 2/ 214؛ وشرح شواهد الإيضاح ص392؛ ولسان العرب 11/ 230 "خيل"؛ والمقاصد النحوية 4/ 348؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص300؛ وأوضح المسالك 4/ 120.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وموحد معدولان عن واحد واحد وثناء ومثنى معدولان عن اثنين اثنين وكذلك سائرها، وأما الوصف؛ فلأن هذه الألفاظ لم تستعمل إلا نكرات إما نعتًا نحو:{أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]، وإما حالًا نحو: قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، وإما خبرًا نحو: صلاة الليل مثنى مثنى. وإنما كرر لقصد التأكيد لا لإفادة التكرير. ولا تدخلها أل. قال في الارتشاف: وإضافتها قليلة. وذهب الزجاج إلى أن المانع لها العدل في اللفظ وفي المعنى: أما في اللفظ فظاهر وأما في المعنى فلكونها تغيرت عن مفهومها في الأصل إلى إفادة معنى التضعيف. ورد بأنه لو كان المانع من صرف أحاد مثلًا عدله عن لفظ واحد وعن معناه إلى معنى التضعيف للزم أحد أمرين: إما منع صرف كل اسم يتغير عن أصله لتجديد معنى فيه كأبنية المبالغة وأسماء الجموع، وإما ترجيح أحد المتساويين على الآخر واللازم منتف باتفاق، وأيضًا كل ممنوع
ــ
فعدة من أيام أخر فلتأوله بالجماعات. قوله: "معدولان عن واحد واحد" أي: لأن المقصود التقسيم ولفظ المقصود مكرر أبدًا نحو: جاء القوم رجلًا رجلًا فلما وجدنا أحاد غير مكرر لفظًا، مع أن المقصود التقسيم كما علمت حكمنا بأن أصله لفظ مكرر، ولم يأت بمعناه إلا واحد واحد فحكم بأنه أصله، وكذا يقال في الباقي أفاده الدماميني. قوله:"وأما الوصف إلخ" مقابل لقوله: فأحاد وموحد معدولان إلخ؛ لأنه في قوة أن يقال أما العدل؛ فلأن أحاد إلخ أي: أما بيان العدل فأحاد إلخ وأما بيان الوصف إلخ. ولو قال الوصفية لكان أوضح.
قوله: "لم تستعمل إلا نكرات إما نعتًا إلخ" أي: فتكون أوصافًا أصالة قال السيد: الوصفية في ثلاث مثلا أصلية؛ لأنه معدول عن ثلاثة ثلاثة وهذا المكرر لم يستعمل إلا وصفًا، فكذا المعدول إليه وهو ثلاث وإن لم تكن الوصفية في أسماء العدد واحد اثنان إلخ أصلية. قوله:"إما نعتًا إلخ" علم منه ما صرح به الفارضي من أنه لا بد أن يتقدمها شيء. قوله: "وإنما كرر إلخ" أي: فلا يرد أن مثنى يفيد التكرير فأي: فائدة في إعادته، وقوله: لا لإفادة التكرير أي: لا لتأسيس معنى زائد هو التكرير لحصوله بمثنى الأول. قوله: "ولا تدخلها أل" وادعى الزمخشري أنها تعرف فقال: يقال فلان ينكح المثنى والثلاث. قال أبو حيان: ولم يذهب إليه أحد وكما لا تعرف لا تؤنث فلا يقال مثناة مثلًا قاله الفارضي. قوله: "وذهب الزجاج إلخ" المعدول عنه على مذهبه إلى أحاد وموحد واحد وإلى ثناء ومثنى اثنان، وهكذا كما سيشير إليه الشارح بخلافه على المذهب الأول فواحد واحد واثنان اثنان وهكذا. قوله:
"كأبنة المبالغة" نحو: ضرّاب فإنه تغير عن ضارب لإفادة معنى جديد وهو التكثير.
قوله: "وأسماء الجموع" ليس المراد بها أسماء الجموع المعروفة كقوم ورهط إذ لا تغيير فيها، بل المراد الجموع نفسها فالإضافة للبيان أفاده زكريا، فالجمع تغير عن الواحد لإفادة معنى جديد وهو التعدد. قوله:"ترجيح أحد المتساويين" أي: في التغيير لإفادة معنى جديد على الآخر ومراده بأحدهما المعدود في العدد وبالآخر غيره كأبنية المبالغة والجموع. قوله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من الصرف لا بد أن يكون فيه فرعية في اللفظ وفرعية في المعنى، ومن شرطها أن يكون من غير جهة فرعية اللفظ ليكمل بذلك الشبه بالفعل، ولا يتأتى ذلك في أحاد إلا أن تكون فرعيته في اللفظ بعدله عن واحد المضمن معنى التكرار، وفي المعنى بلزومه الوصفية، وكذا القول في أخواته. وأما أخر فهو جمع أخرى أنثى آخر بفتح الخاء بمعنى مغاير فالمانع له أيضًا العدل والوصف: أما الوصف فظاهر، وأما العدل فقال أكثر النحويين: إنه معدول عن الألف واللام؛ لأنه من باب أفعل التفضيل فحقه ألا يجمع إلا مقرونًا بأل، والتحقيق أنه معدول عما كان يستحقه من استعماله بلفظ ما للواحد المذكر بدون تغير معناه، وذلك أن آخر من باب أفعل التفضيل فحقه أن لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث إلا مع الألف واللام أو الإضافة فعدل في تجرده منهما، واستعماله لغير الواحد المذكر عن لفظ آخر إلى لفظ التثنية
ــ
"ولا يتأتى ذلك" أي: الشرط المذكور للفرعية في المعنى وهو كونها من غير جهة الفرعية في اللفظ، وقوله: إلا أن تكون إلخ أي: لأن الجهة على ما ذكره الزجاج واحدة وهي العدل. قوله: "واحد المضمن معنى التكرار" يعني واحدًا المكرر أي: عن واحد واحد زكريا. قوله: "بمعنى مغاير" أي: باعتبار الحال وإلا فمعنى آخر في الأصل أشد تأخرًا، وكان في الأصل معنى جاء زيد ورجل أشد تأخيرًا في معنى من المعاني، ثم نقل إلى معنى غير فمعنى رجل آخر رجل غير زيد. دماميني.
قوله: "أما الوصف فظاهر" لأنه اسم تفضيل بمعنى مغاير باعتبار الحال، وبمعنى أشد تأخرًا باعتبار الأصل كما مر، وعلى كل فهو وصف والظاهر أن صوغه من تأخر فهو اسم تفضيل مصوغ من خماسي شذوذًا. قوله:"عن الألف واللام" أي: عن ذي الألف واللام ولا ينافي ذلك أنه نكرة فكيف يكون معدولًا عن معرفة؛ لأنه لا يلزم في المعدول عن الشيء أن يكون بمعناه من كل وجه خلافًا للفارسي. دماميني. قوله: "إلا مقرونًا بأل" أي: أو مضافًا إلى معرفة. قوله: "والتحقيق إلخ" فأخر على الأول معدول عن الآخر، وعلى هذا عن آخر بالإفراد والتذكير، ولعلّ وجه كون هذا القول هو التحقيق تطابق المعدول والمعدول عنه عليه تنكيرًا فتدبر. قوله:"عما كان يستحقه" أي: عن استعمال كان يستحقه بدليل قوله من استعماله إلخ، وقوله: بلفظ ما للواحد المذكر الإضافة للبيان أي: بلفظ هو اللفظ الذي للواحد المذكر، هكذا ينبغي تقرير عبارته لا كما قررها البعض، وكلامه صريح في أن المعدول عنه الاستعمال المذكور مع أنه لفظ الواحد المذكر، فلو قال والتحقيق أنه معدول عما كان يستحقه من لفظ الواحد المذكر لكان أخصر وأولى. وقوله: بدون تغير معناه حال من لفظ أو من ما أي: حالة كون لفظ الواحد المذكر لم يغير معناه الذي هو الواحد المذكر.
قوله: "وذلك" أي: وبيان ذلك. قوله: "أو الإضافة" أي: إلى معرفة. قوله: "فعدل في تجرده" أي: في حالة هي تجرده إلخ. فإن قلت: يجوز أن يكون بتقدير الإضافة قلت: لا؛ لأن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والجمع والتأنيث بحسب ما يراد به من المعنى، فقيل عندي رجلان آخران ورجال آخرون وامرأة أخرى ونساء أخر، فكل من هذه الأمثلة صفة معدولة عن آخر، إلا أنه لم يظهر أثر الوصفية والعدل إلا في أخر؛ لأنه معرب بالحركات بخلاف آخران وآخرون، وليس فيه ما يمنع من الصرف غيرهما بخلاف أخرى فإن فيها أيضًا ألف التأنيث. فلذلك خص أخر بنسبة اجتماع الوصفية والعدل إليه وإحالة منع الصرف إليه، فظهر أن المانع من صرف أخر كونه صفة معدولة عن آخر مرادًا به جمع المؤنث؛ لأن حقه أن يستغنى فيه بأفعل عن فعل؛ لتجرده من أل، كما يستغنى بأكبر عن كبر في قولهم: رأيتها مع نساء أكبر منها.
تنبيهان: الأول قد يكون أخر جمع أخرى بمعنى آخرة فيصرف لانتفاء العدل؛ لأن مذكرها آخر بالكسر بدليل: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 47]، {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ} [العنكبوت: 20] ، فليست من باب أفعل التفضيل، والفرق بين أخرى أنثى آخر وأخرى بمعنى آخرة أن تلك لا تدل على الانتهاء ويعطف عليها مثلها من جنسها، نحو: جاءت امرأة أخرى وأخرى، وأما أخرى بمعنى آخرة فتدل على الانتهاء، ولا يعطفع عليها مثلها من جنس واحد وهي المقابلة لأولى في قوله تعالى:{قَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: 39]، إذا عرفت ذلك فكان ينبغي أن يحترز عن هذه كما فعل في الكافية فقال:
ــ
المضاف إليه لا يحذف إلا إذا جاز إظهاره، ولا يجوز إظهاره هنا نقله الدماميني عن الرضي. وانظر وجه عدم جواز إظهاره، ولعله كونه يؤدي إلى وصف النكرة بالمعرفة في نحو: مررت بنساء ونساء أخر لكن يرد أنه بمعنى مغايرات فلا تفيده الإضافة تعريفًا، إلا أن يقال كونه بمعناه لا يقتضي أنه في حكمه من كل وجه فتأمل. قوله:"عن لفظ آخر" فيه إقامة الظاهر مقام المضمر إذ المعنى عدل في تجرد آخر عن لفظه إلى لفظ المثنى والمجوع والمؤنث. زكريا ولعل نكتة الإظهار طول الفصل. قوله: "لم يظهر أثر إلخ" فيه دلالة ظاهرة على أن جميع هذه الصيغ توصف بمنع الصرف، وإن لم يظهر أثره إلا في المعرب بالحركات فمنع الصرف عنده لا يختص بالمعرب بالحركات بل بالمختص به ظهور أثره كذا في سم. قوله:"فإن فيها أيضًا ألف التأنيث" أي: وهي تستقل بالمنع فاعتبرت؛ لأنها أوضح من الوصفية والعدل كما في زكريا. قوله: "مرادًا به جمع المؤنث" حال من آخر بفتح الهمزة، وفي هذا القيد دفع لما أورد من أن آخر يصلح للواحد والمثنى والجمع وأخر لا يصلح إلا للجمع فكيف يكون معدولًا عنه، ووجه الدفع أنه معدول عن آخر بمعنى الجماعة لا مطلقًا. قوله:"بدليل وأن عليه إلخ" مرتبط بقوله: بمعنى آخرة، ووجه الدلالة أنه وصف النشأة في هذه الآية بالأخرى وبالآخرة في الآية الثانية، وذلك يدل على أن معناهما واحد. قوله:"والفرق" أي: من جهة المعنى. قوله: "مثلها من جنسها" فلا يقال عندي رجل وحمار آخر ولا إمرأة أخرى، كذا قال شيخنا، فالمراد بالجنس الصنف. قوله:"ولا يعطف عليها مثلها" لأن
ووَزْنُ مَثْنَى وثُلاثَ كَهُمَا
…
من واحِدٍ لأَرْبَعٍ فليُعْلَما
ــ
ومَنْعَ الوَصْفُ وعَدْلٌ أُخَرَا
…
مُقابِلًا لآخَرينَ فاحْصُرا
الثاني: إذا سمي بشيء من هذه الأنواع الثلاثة -وهي ذو الزيادتين وذو الوزن وذو العلد- بقي على منع الصرف؛ لأن الصفة لما ذهبت بالتسمية خلفتها العلمية "ووزن مثنى وثلاث كهما من واحد لأربع فليعلما" يعني ما وازن مثنى وثلاث من ألفاظ العدد المعدول من واحد إلى أربع فهو مثلهما في امتناع الصرف للعدل والوصف تقول: مررت بقوم موحد وأحاد، ومثنى وثناء، ومثلث وثلاث، ومربع ورباع، وهذه الألفاظ الثمانية متفق عليها؛ ولهذا اقتصر عليها. قال في شرح الكافية: وروي عن بعض العرب مخمس وعشار ومعشر ولم يرد غير ذلك. وظاهر كلامه في التسهيل أنه سمع فيها خماس أيضًا واختلف فيما لم يسمع على ثلاثة مذاهب: أحدها أنه يقاس على ما سمع وهو مذهب الكوفيين والزجاج ووافقهم الناظم في بعض نسخ التسهيل وخالفهم في بعضها. الثاني لا يقاس بل يقتصر على المسموع وهو مذهب جمهور البصريين. الثالث أنه يقاس على فعال لكثرته لا على مفعل. قال الشيخ أبو حيان: والصحيح أن البناءين مسموعان من واحد إلى عشرة، وحكى البناءين أبو عمرو الشيباني، وحكى أبو حاتم وابن السكيت من أحاد إلى عشار ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
ــ
الانتهاء الحقيقي لا يتعدد بخلاف معنى المغايرة فيتعدد سم. قوله: "مقابلًا لآخرين" بفتح الخاء بمعنى مغايرين ومنه قوله تعالى: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3]، واحترز به عن آخر مقابل آخرين بكسر الخاء في نحو: يجمع الله الأولين والآخرين. وقوله: فاحصرا أي: احصر منع صرف آخر في أخر المقابل لآخرين بفتح الخاء.
قوله: "خلفتها العلمية" فإذا نكر بعد أن سمي به فذهب الخليل وسيبويه إلى أنه لا ينصرف؛ لأنك رددته إلى حال كان لا ينصرف فيها. وذهب الأخفش إلى أنه ينصرف؛ لأن الوصفية قد انتقلت عنه بالعلمية وسيأتي ذلك. قوله: "ووزن" أي: موازن كما أشار إليه الشارح، وقوله: كهما فيه جر الكاف للضمير. وتقدم أنه شاذ فالأولى جعلها اسمًا بمعنى مثل مضافًا إلى الضمير، وقوله: من واحد متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في الخبر أي: حالة كونه مأخوذًا من واحد وقول شيخنا: أنه بيان لوزن بمعنى موازن غير صحيح. قوله: "متفق عليها" أي: على ورودها عن العرب بدليل ما يأتي. قوله: "إلى عشرة" الغاية داخلة بقرينة ما سبق وما يأتي، وقولهم: الصحيح أن الغاية بإلى خارجة محله إذا لم تقم قرينة على دخولها، وأما قول شيخنا السيد:
الغاية خارجة ولذا عبر بإلى وأما العشرة فغير مسموع صوغ فعال ومفعل منها، كما قاله العصام فهو مخالف لما في الشرح.
قوله: "وحكى وأبو حاتم وابن السكيت من أحاد إلى عشار" ولم يتعرضا لسماع موحد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: قال في التسهيل: ولا يجوز صرفها، يعني أخر مقابل آخرين وفعال ومفعل في العدد مذهوبًا بها مذهب الأسماء خلافًا للفراء، ولا مسمى بها خلافًا لأبي علي وابن برهان، ولا منكرة بعد التسمية بها خلافًا لبعضهم ا. هـ. أما المسألة الأولى فالمعنى أن الفراء أجاز: أدخلوا ثلاث ثلاث وثلاثًا ثلاثًا وخالفه غيره وهو الصحيح. وأما الثانية فقد تقدم التنبه عليها
ــ
إلى معشر ولهذا أخر حكايتهما عن حكاية أبي عمرو الشيباني. قوله: "مذهوبًا بها مذهب الأسماء" أي: المنكرة أو الجامدة على الوجهين الآتيين عاجلًا في كلام الدماميني، وعلى الأول اقتصر في الهمع. قوله:"خلافًا للفراء" أي: فإنه زعم أن هذه الألفاظ منعت الصرف للعدل والتعريف بنية أل وأنه يجوز جعلها نكرة، ويذهب بها مذهب الأسماء المنصرفة، وظاهر تقريرهم المذكور عن الفراء أن يقال: إنها تصرف بناء على كونها أسماء نكرات وأنها في حالة المنع معارف. وكلام المصنف يقتضي أن الفراء يرى أنها حال منع الصرف صفات وحال الصرف أسماء، وأنها على حالة واحدة بالنسبة إلى التعريف والتنكير. دماميني. ورد قول الفراء بمجيئها أحوالًا وصفات للنكرات.
قوله: "ولا مسمى بها خلافًا لأبي علي وابن برهان" أي: لأن الصفة لما ذهبت خلفتها العلمية، وما نقله عن أبي علي وابن برهان نقله في التصريح عن الأخفش وأبي العباس وغيرهما، وعبارته وقال الأخفش في المعاني وأبو العباس: إنه لو سمي بمثنى أو أحد أخواته انصرف؛ لأنه إذا كان اسمًا فليس في معنى اثنين اثنين وثلاثة وثلاثة وأربعة أربعة، فليس فيه إلا التعريف خاصة، وتبعهما على ذلك الفارسي وارتضاه ابن عصفور وردّ بأن هذا مذهب لا نظير له إذ لا يوجد بناء ينصرف في المعرفة ولا ينصرف في النكرة، وإنما المعروف العكس. وعبارة الفارسي في التذكرة تخالف هذا فإنه قال: الوصف يزول فيخلفه التعريف الذي للعلم والعدل قائم في الحالين جميعًا ا. هـ. وحجة الجمهور أن شبه الأصل من العدل حاصل والعلمية محققة فسبب المنع موجود فالوجه امتناع الصرف ا. هـ.
قوله: "فالمعنى أن الفراء إلخ" مراد الشارح تصوير الذهاب بها مذهب الأسماء، وأما ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من أنه لما كان كلام التسهيل يقتضي أن الفراء يوجب صرفها لكونه جوازًا مقابلًا للمنع وهو يقتضي الوجوب، مع أن مذهب الفراء في الواقع جواز كل من الصرف وعدمه احتاج الشارح إلى بيانه بقوله: فالمعنى إلخ، فيردّ بأن الجواز الذي قالوا إنه يقتضي الوجوب هو جواز الشيء شرعًا بعد امتناعه شرعًا لا مطلق الجواز في مقابلة مطلق المنع كما في هذا المقام، ألا ترى أنه لا يفهم من مقابلة منع الصرف بجوازه وجوبه فدعوى اقتضاء كلام التسهيل إيجاب الفراء صرفها غير مسلمة.
قوله: "فقد تقدم التنبيه عليها" أي: في قوله إذا سمي بشيء من هذه الأنواع إلخ. قوله: "لجمع" اعترض بأن الجمعية ليست شرطًا كما صرح به السيوطي وغيره، بل كل ما كان على هذين الوزنين، واستوفى الشروط المذكورة في الشرح منع صرفه وإن فقدت الجمعية، فكان الأولى أن يقول للفظ ويجاب بأن الجمع في كلامه تمثيل لا تقييد، بدليل قوله: ولسراويل إلخ، وإنما آثر
وكن لجمع مشبه مفاعلا
…
أو المفاعيل بمنع كافلا
ــ
"وكن لجمع مشبه مفاعلًا أو المفاعيل بمنع كافلًا" كافلًا خبر كن، وبمنع متعلق بكافلًا، وكذا الجمع، ومفاعل مفعول بمشبه: يعني أن مما يمنع من الصرف الجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل أي: في كون أوله مفتوحًا وثالثه ألفًا غير عوض يليها كسر غير عارض ملفوظ أو مقدر على أول حرفين بعدها ثلاثة أوسطها ساكن غير منوي به وبما بعده الانفصال، فإن الجمع متى كان بهذه الصفة كان فيه فرعية اللفظ بخروجه عن صيغ الآحاد العربية وفرعية المعنى بالدلالة على الجمعية فاستحق منع الصرف. ووجه خروجه عن صيغ الآحاد العربية أنك لا تجد مفردًا ثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة إلا وأوله مضموم كعذافر، أو ألفه عوض من إحدى ياءي النسب إما تحقيقًا كيمان وشآم فإن أصلهما يمني وشآمي، فحذفت إحدى الباءين وعوض عنها الألف، أو تقديرًا نحو: تهام وثمان فإن ألفهما موجودة قبل، وكأنهم نسبوا إلى فعل أو فعل ثم
حذفوا إحدى الياءين وعرضوا عنها الألف، أو ما يلي الألف غير
ــ
الجمع بالتمثيل؛ لأنه الغالب في الوزنين. قوله: "مشبه مفاعلًا" أي: في الحال كمساجد أو في الأصل كعذارى إذ أصله عذارى بكسر الراء وتحريك الياء قلبت الكسرة فتحة والياء ألفًا كما يأتي. قوله: "بمنع" أي: لصرفه فصلة منع محذوفة لدلالة المقام عليها. قوله: "أي: في كون أوله مفتوحًا" خرج به نحو: عذافر وبقوله ثالثه ألفًا غير عوض أي: من إحدى ياءي النسب تحقيقًا أو تقديرًا نحو: يمان وشآم ونحو: تهام وثمان، وبقوله: يليها كسر خرج نحو: براكاء وتدارك وبقوله: غير عارض خرج نحو: تدان وتوان وبقوله: أوسطها ساكن خرج ملائكة وبقوله: غير منوي به وبما بعده الانفصال أي: بأن يكونا غير ياءي النسب بأن يكون الثالث غير ياء كمصابيح أو ياء من بنية الكلمة بأن يكون سابقًا على ألف التكسير ككرسي وكراسي خرج نحو: رباحي وجواري، وجملة الشروط ستة كذا قال شيخنا وتبعه البعض. وفيه أن هذه الأمور المخرجة لم تدخل في موضوع المسألة حتى تخرج بهذه القيود؛ لأن موضوع المسألة الجمع والأمور المخرجة مفردات. والجواب ما علم مما مر أن الجمع مثال لا قيد والمراد الجمع وكل لفظ على أحد الوزنين.
قوله: "فإن الجمع متى كان إلخ" تعليل لقوله: مما يمنع من الصرف الجمع إلخ ولا حاجة لجعله تعليلًا لمحذوف كما زعم البعض. قوله: "كعذافر" هو بمهملة فمعجمة الجمل الشديد واسم من أسماء الأسد. قوله: "كيمان وشآم" بحذف الياء المخففة الساكنة؛ لالتقاء الساكنين هي والتنوين. قوله: "فحذفت إحدى الياءين وعوض عنها الألف" أي: وفتحت همزة شآم لتناسب الألف.
قوله: "أو تقديرًا" قال شيخنا: هو مسلم في تهامى أما ثمان ففيه أن الجوهري قال: إنه منسوب حقيقة كما يأتي ا. هـ. قال الدماميني: والذي دعاهم إلى تقدير نسب نحو: تهام سماعه مصروفًا، فإنهم قالوا: رأيت تهاميا بتخفيف الياء والتنوين فلولا أنه على تقدير النسب لمنع الصرف، وإن كان مفردًا كما منع سراويل ولم يجعلوه كجوار في منع الصرف وجعل التنوين عوضًا؛ لأنه ليس من المنقوص. قوله:"موجودة قبل" أي: قبل ياء النسب. قوله: "وكأنهم نسبوا إلخ" أي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مكسور بالأصالة بل إما مفتوح كبرا كاء، أو مضموم كتدارك، أو عارض الكسر لأجل الاعتلال كتدان وتوان، ومن ثم صرف نحو: عبال جمع عبالة؛ لأن الساكن الذي يلي الألف فيه لا حظ له في الحركة. والعبالة الثقل يقال ألقى عبالته أي: ثقله، أو يكون ثاني الثلاثة متحرك الوسط كطواعية وكراهية، ومن ثم صرف نحو: ملائكة وصيارفة، أو هو والثالث عارضان للنسب منوي بهما الانفصال، وضابطه أن لا يسبقا الألف في الوجود سواء كانا مسبوقين بها كرباحي وظفاري، أو غير منفكين كحواري وهو الناصر وحوالي وهو المحتال
ــ
فليس هو على النسب حقيقة كما صرّح به ابن الناظم، لكن في كلام الجوهري ما يخالفه حيث قال: وهو يعني ثمان في الأصل منسوب إلى الثمن؛ لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانية فهو ثمنها، ثم فتحوا أوله؛ لأنهم يغيرون في النسب كما قالوا: دهري وسهلي، وحذفوا منه إحدى ياءي النسب وعوضوا منها الألف كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن فتثبت ياؤه عند الإضافة، كما تثبت ياء القاضي فتقول: ثماني نسوة وثماني مائة كما تقول: قاضي عبد الله، وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر وتثبت عند النصب؛ لأنه ليس بجمع فيجري مجرى جوار وسوار في ترك الصرف، وما جاء في الشعر غير مصروف فهو على التوهم ا. هـ. عبد القادر المكي وقوله: فيجري إلخ
تفريع على المنفي بالميم.
قوله: "إلى فعل" أي: بفتح العين كما نسبوا إلى يمن أو فعل أي: بسكونها كما نسبوا إلى شأم. قوله: "أو ما يلي الألف إلخ" عطف على قوله: وأوله مضموم وكذا ما يأتي. قوله: "كبراكاء" بالمد والهمز الثبات في الحرب ا. هـ. زكريا ومراده أنه ليس مما منع صرفه لكونه على وزن منتهى الجموع وإن كان مما منع صرفه لألف التأنيث الممدودة. قوله: "كتدان وتوان" أصلهما تدانى وتوانى بضم النون فيهما قلبت الضمة كسرة لتناسب الياء وأعلا إعلال قاض. قوله: "ومن ثم إلخ" أي: من أجل وجود غير كسر تالي الألف أصالة في غير وزن منتهى الجموع. قوله: "لا حظ له في الحركة" أي: لأنه ليس له أصل يرجع إليه في ذلك بخلاف نحو: دواب فإنه من دب والماضي أصل عينه التحريك. قوله: "متحرك الوسط" ينبغي حذف الوسط كما في عبارة التصريح؛ لأن الثاني هو الوسط لا شيء له وسط كما هو ظاهر. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل وجود تحرك ثاني الثلاثة في غير وزن منتهى الجموع.
قوله: "أو هو" أي: الثاني وقوله: للنسب أي: تحقيقًا كما في رباحي وظفاري أو تقديرًا كما في جواري وحوالي فالياء فيهما ملحقة بياء النسب؛ لأنهما سمعا مصروفين فقدر فيهما النسب، وإن لم يكونا منسوبين حقيقة، وقوله: منوي
بهما الانفصال صفة لازمة لعارضان للنسب. قوله: "وضابطه" أي: العروض للنسب أن لا يسبقا الألف في الوجود بأن سبقتهما الألف أو قارناها لبناء الكلمة على الجميع، فالأول ما أشار إليه بقوله: مسبوقين بها، والثاني ما أشار إليه بقوله: أو غير منفكين. قوله: "كرباحي" نسبة إلى رباح بلد يجلب منه الكافور وظفاري نسبة إلى ظفار بوزن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بخلاف نحو: قماري وبخاتي فإنه بمنزلة مصابيح، وقد ظهر من هذا أن زنة مفاعل ومفاعيل ليست إلا لجمع أو منقول من جمع كما سيأتي. وقد دخل بذكر التقدير نحو: دواب فإنه غير منصرف؛ لأن أصله دوابب فهو على وزن مفاعل تقديرًا.
تنبيهات: الأول لا فرق في منع ما جاء على أحد الوزنين المذكورين بين أن يكون أوله ميمًا نحو: مساجد ومصابيح أو لم يكن نحو: دراهم ودنانير. الثاني: اشتراط كسر ما بعد الألف مذهب سيبوبه والجمهور. قال في الارتشاف:
وذهب الزجاج إلى أنه لا يشترط ذلك فأجاز في تكسير هَبَيّ أن يقال هباي بالإدغام أي: ممنوعًا من الصرف. قال: وأصل الياء عندي السكون ولولا ذلك لأظهرتها. الثالث: اتفقوا على أن إحدى العلتين هي الجمع واختلفوا في العلة الثانية، فقال أبو علي: هي خروجه عن صيغ الآحاد وهذا الرأي هو الراجح، وهو معنى قولهم: إن هذه الجمعية قائمة مقام علتين. وقال قوم: العلة
الثانية تكرار الجمع
ــ
قطام مدينة باليمن ا. هـ. زكريا. قوله: "بخلاف قماري وبخاتي" أي: ونحوهما ككراسي فالياء المشددة في نحو: قماري موجودة قبل ألف الجمع؛ لأنها وجدت في المفرد نحو: قمري وهو سابق على الجمع.
فائدة: لو نسبت إلى نحو: قماري صرفت المنسوب؛ لأن هذه الياء الموجودة في المنسوب إليه تحذف ويؤتى بياء النسب وهي لا تؤثر المنع كما قاله الدماميني. قوله: "فإنه بمنزلة مصابيح" أي: في سبق الثاني والثالث على الألف. لا يقال ياء مصابيح لم تكن في المفرد حتى تكون سابقة على ألف الجمع؛ لأنا نقول هي بدل ألف مصباح وللبدل حكم المبدل. قوله: "وقد ظهر من هذا" أي: من عدم وجود مفرد عربي على زنة مفاعل أو مفاعيل بالشروط المذكورة، وقوله: أو منقولة من جمع فيه أنه لم يتعرض فيما مر للمنقول من جمع فكيف قال وقد ظهر من هذا إلخ إلا أن يقال: المراد من قوله سابقًا أنك لا تجد مفردًا أي: أصالة فيكون فيه إشارة إلى وجود المفرد بالنقل فتأمل وقوله كما سيأتي أي: في قوله: وإن به سمي إلخ فهو راجع للثاني فقط. قوله: "وقد دخل بذكر التقدير" أي: في قوله: نعتًا لكسر ملفوظ أو مقدر. قوله: "هبيّ" بفتح الهاء والباء والموحدة وتشديد التحتية: الصبي الصغير والأنثى هبية كذا في القاموس. قوله: "ولولا ذلك لأظهرتها" أي: بالفك لكونها متحركة حينئذٍ فكان يقال هبابي، واعترضه سم بأن اجتماع المثلين في كلمة يوجب الإدغام، وإن كان أولهما متحركًا كما في دواب ونحوه، وأجاب يس بأن الياء لو ظهرت لقيل هبايا لما ستعرفه من قول المصنف:
والمد زيد ثالثًا في الواحد
…
همزًا يرى في مثل كالقلائد
وافتح ورد الهمز يا فيما أعل.
وإذا قيل هبايا لم يحصل الإدغام، وفيه عندي نظر وإن أقره غيره لعدم دخول
نحو: هبي في قول المصنف: والمد إلخ؛ لأن ثالثه ليس مدا وإن كان لينًا. قوله:
"وهو معنى قولهم إلخ" أي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تحقيقًا أو تقديرًا فالتحقيق نحو: أكالب وأراهط إذ هما جمع أكلب وأرهط، والتقدير نحو: مساجد ومنابر فإنه وإن كان جمعًا من أول وهلة لكنه بزنة ذلك المكرر، أعني أكالب وأراهط فكأنه أيضًا جمع جمع، وهذا اختيار ابن الحاجب. واستضعف تعليل أبي علي بأن أفعالًا وأفعلا نحو: أفراس وأفلس جمعان ولا نظير لهما في الآحاد وهما مصروفان، والجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه: الأول أن أفعالًا وأفعلا يجمعان نحو: أكالب وأناعم في أكلب وأنعام. وأما مفاعل ومفاعيل فلا يجمعان، فقد جرى أفعال وأفعل مجرى الآحاد في جواز الجمع، وقد نص الزمخشري على أنه مقيس فيهما. الثاني أنهما يصغران على لفظهما كالآحاد نحو: أكيلب وأنيعام، وأما مفاعل ومفاعيل فإنهما إذا صغرا ردا إلى الواحد أو إلى جمع القلة، ثم بعد ذلك يصغران. الثالث أن كلا من أفعال وأفعل له نظير من الآحاد يوازنه في الهيئة وعدة الحروف، فأفعال نظيره -في فتح أوله وزيادة الألف رابعة- تفعال نحو: تجوال وتطواف، وفاعال نحو: ساباط وخاتام، وفعلال نحو: صلصال وخزعال. وأفعال نظيره
ــ
الخروج أي: مع الدلالة على الجماعة معنى قولهم إلخ. ولك أن تقول يحتمل قولهم المذكور أن العلة الثانية تكرارًا الجمع كما هو اختيار ابن الحاجب. قوله: "من أول وهلة" قال في المصباح: يقال لقيته أول وهلة أي: أول كل شيء. قوله: "ولا نظير لهما في الآحاد" أي: فلو كانت العلة الثانية الخروج عن صيغ الآحاد لمنعا من الصرف. قوله: "فلا يجمعان" أي: جمع تكسير وإلا فقد يجمعان جمع تصحيح كقولهم في نواكس نواكسون، وفي أيامن أيامنون وكقولهم في حدائد: حدائدات وفي صواحب صواحبات، قاله الشارح في آخر باب التكسير. قوله:"فقد جرى أفعال وأفعل إلخ" فإن قلت: هذا لا يدفع الاعتراض؛ لأن هذا لا يقتضي أن لهما نظيرًا في الآحاد قلت: حاصل الجواب أن مرادنا بالخروج عن صيغ الآحاد الخروج عن صيغها لفظًا وحكمًا وأفعال وأفعل لم يخرجا عن حكم الآحاد لجواز جمعهما كالآحاد، وكذا يقال في الجواب الثاني ا. هـ. هندي.
قوله: "وقد نص الزمخشري إلخ" أي: فليس في جمع أكلب وأنعام على أكالب وأناعم شذوذ حتى يضعف به الوجه الأول. قوله: "على أنه" أي: الجمع على مفاعل. قوله: "وأنيعام" بالألف لما سيأتي في قول الناظم:
كذاك ما مدة أفعال سبق
إلخ، فلا يقال أنيعيم بقلب الألف ياء بل تبقى الألف. قوله:"أو إلى جمع القلة" قال شيخنا: لعله أراد ما يشمل جمعي التصحيح فإنهما من جموع القلة، فتقول في تصغير مساجد: مسيجدات. قوله: "الثالث" محصله عدم تسليم خروجهما عن صيغ الآحاد لفظًا بإثبات نظائر لهما من الآحاد في الهيئة وعدة الحروف وإن لم تكن مبدوءة بالهمزة مثلهما فكان الأولى تقديمه على الجوابين الأولين؛ لأن محصلهما تسليم خروجهما عن صيغ الآحاد لفظًا وعدم إثبات خروجهما عنها حكمًا. قوله: "تجوال وتطواف" مصدران لجال وطاف وقيل لتجول وتطوف. قوله:
وذا اعْتِلالٍٍ مِنْهُ كالجَوارِي
…
رَفْعًا وجَرًّا أَجْرِهِ كَسارِي
ــ
في فتح أوله وضم ثالثه تفعل نحو: تتفل وتنضب، ومفعل نحو: مكرم ومهلك، على أن ابن الحاجب لو سئل عن ملائكة لما أمكنه أن يعلل صرفه إلا بأن له في الآحاد نظيرًا نحو: طواعية وكراهية "وذا اعتلال منه كالجواري رفعًا وجرا أحره كسارى" يعني ما كان من الجمع الموازن مفاعل معتلا فله حالتان: إحداهما أن يكون آخره ياء قبلها كسرة نحو: جوار وغواش والأخرى أن تقلب ياؤه ألفًا نحو: عذارى ومدارى، فالأول يجري في رفعه وجره مجرى قاض وسار في حذف يائه وثبوت تنوينه نحو:{وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41]{وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1] ، وفي النصب مجرى دراهم في سلامة آخره
ــ
"ساباط" هو سقيفة بين دارين تحتها طريق. قاموس. قوله: "وخاتام" لغة في الخاتم.
قوله: "نحو: صلصال" هو الطين ما لم يجعل خزفًا وخزعال بالخاء المعجمة فالزاي فالعين المهملة هو العرج، يقال ناقة بها خزعال أي: عرج. قوله: "نحو: تتفل" بفوقيتين وفاء ولد الثعلب وتنضب بفوقية فنون فضاد معجمة شجر يتخذ منه السهام. قوله: "نحو: مكرم ومهلك" مصدر أكرم وهلك ويجوز في لام مهلك الفتح والكسر أيضًا فتكون مثلثة. قوله: "على أن ابن الحاجب لو سئل إلخ" قد يقال يمكنه أن يعلل صرفه بأنه لم يتكرر لا تحقيقًا وهو ظاهر إذ هو جمع ملك من أول وهلة ولا تقديرًا؛ لأنه ليس على وزن المكرر الذي هو مفاعل أو مفاعيل؛ لتحرك الوسط في الثلاثة التي بعد الألف. سم بإيضاح. قوله: "منه" صفة لذا أو حال منه وكذا قوله: كالجواري وضمير منه للجمع المتقدم، وقوله: كساري أي: إجراؤه كإجراء ساري أو حالة كونه كسارى. قوله: "يعني ما كان إلخ" لما كان مفهوم قول المصحف كالجواري أن ما كان من معتل منتهى الجموع كالعذارى لا يجري كسار في حذف حرف العلة وثبوت التنوين، بل يبقى فيه حرف العلة ولا يثبت التنوين، قال الشارح: يعني فإتيانه بالعناية المقتضية تضمن كلام المصنف حكم نحو: جوار وحكم نحو: العذارى بالنظر إلى المنطوق والمفهوم وهذا لا ينافي ما سيذكره الشارح من خروج نحو: العذارى عن حكم نحو: جوار بقول المصنف كالجواري، كما لا يخفى على ذي بصيرة، ولغفلة البعض عما ذكرنا زعم أن في كلام الشارح تناقضًا لاقتضاء أول كلامه دخول القسمين في النظم، واقتضاه آخر كلامه خروج الثاني منه، وأنه كان الأولى حذف يعني.
قوله: "أن تقلب ياؤه ألفًا" أي: بعد قلب الكسرة قبلها فتحة كما يأتي. قوله: "نحو: عذارى" جمع عذراء بالمد وهي البكر ومدارى جمع مدرى بكسر الميم والقصر، وهو مثل الشوكة تحك به المرأة رأسها وأصلهما عذارى ومدارى بالكسرة، ثم أبدلت الكسرة فتحة أي: اتباعًا لفتحة ما قبل الألف فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ا. هـ. تصريح والذي في شرح الشارح على التوضيح أن مدارى جمع مدراء أي: كحمراء وهي المنتفخة الجنبين وفي القاموس ما يوافقه. وذكر أن الفعل مدر كفرح فهو أمدر وهي مدراء ودالها مهملة. قوله: "في حذف يائه إلخ" أي: لا في جميع الوجوه فإن جره بفتحة مقدرة وتنوينه تنوين عوض بخلاف نحو: قاض فإنه بكسرة مقدرة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وظهور فتحته نحو: {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ} [سبأ: 18] . والثاني يقدر إعرابه ولا ينون بحال، ولا خلاف في ذلك، وهذا خرج من كلامه بقول كالجواري.
تنبيهات: الأول اختلف في تنوين جوار ونحوه: فذهب سيبويه إلى أنه تنوين عوض عن الياء المحذوفة لا تنوين صرف، وذهب المبرد والزجاج إلى أنه عوض عن حركة الياء، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين. وذهب الأخفش إلى أنه تنوين صرف؛ لأن الياء لما حذفت تخفيفًا زالت صيغة مفاعل وبقي اللفظ كجناح فانصرف، والصحيح مذهب سيبويه.
وأما جعله عوضًا عن الحركة فضعيف؛ لأنه لو كان عوضًا عن الحركة لكان التعويض عن حركة الألف في نحو: موسى وعيسى أولى؛ لأن حاجة المتعذر إلى التعويض أشد من حاجة
ــ
وتنوينه تنوين صرف كما سينبه عليه الشارح. قوله: " {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ} " فليال مجرور بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة؛ لالتقاء الساكنين منع من ظهورها الثقل نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع تقديرًا أي: بحسب الأصل. قوله: "في سلامة آخره" أي: من الحذف.
قوله: "وهذا خرج من كلامه" أي: من منطوق كلامه، فلا ينافي دخوله في كلامه مفهومًا، أعني أن حكمه مستفادًا من كلامه بطريق المفهوم؛ ولهذا قال الشارح في أول عبارته: يعني كما أوضحناه سابقًا. قوله: "فذهب سيبويه إلى أنه تنوين عوض عن الياء المحذوفة" خرجه الأكثر على أن الإعلال مقدم على منع الصرف لكون سببه وهو الثقل أمرًا ظاهرًا محسوسًا بخلاف منع الصرف فإن سببه مشابهة الاسم الفعل، وهي خفية فأصل جوار على هذا جواري بالتنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة فالتقى ساكنان فحذفت الياء؛ لالتقائهما، ثم حذف التنوين لوجود صيغة منتهى الجمع تقديرًا؛ لأن المحذوف لعلة كالثابت، ثم خيف رجوع الياء فأتى بالتنوين عوضًا عنها. وخرجه بعضهم على أن منع الصرف مقدم فأصل جوار على هذا جواري بترك التنوين لصيغة منتهى الجمع، فحذفت ضمة الياء للثقل ثم الياء تخفيفًا ثم أتى بالتنوين عوضًا عنها، فعلم أن سبب الحذف على الأول التقاء الساكنين وعلى الثاني التخفيف، وعليه بنى الشارح السؤال والجواب الآتيين.
قوله: "عوض عن حركة الياء" أي: وحصل التعويض قبل حذف الياء بدليل قوله: ثم حذفت الياء، وهذا بناء على أن منع الصرف مقدم على الإعلال، فأصله على مذهب المبرد جواري بترك التنوين حذف ضمة الياء لثقلها وأتى بالتنوين عوضًا عنها، فالتقى ساكنان فحذفت الياء لالتقائهما. قوله:"لأن الياء لما حذفت تخفيفًا" أي: لالتقاء الساكنين فهو مبني على تقديم منع الصرف على الإعلال. قوله: "لأن حاجة المتعذر إلخ" وجهه أن العامل في كل من المنقوص والمقصور طالب أثرًا، وقد ظهر الأثر مع المنقوص في الجملة لظهوره حالة النصب ولم يظهر في المقصور أثر بالكلية فكان أولى بالتعويض، وبهذا سقط ما يقال كان الظاهر عكس الأولوية؛ لأن التعويض
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المتعسر، ولألحق مع الألف واللام كما ألحق معهما تنوين الترنم واللازم منتف فيهما فكذا الملزوم. وأما كونه للصرف فضعيف أيضًا إذ المحذوف في قوة الموجود، وإلا لكان آخر ما بقي حرف إعراب، واللازم كما لا يخفى منتف. فإن قلت: إذا جعل عوضًا عن الياء فما سبب حذفهما أولًا؟ قلت: قال في شرح الكافية: لما كانت ياء المنقوص قد تحذف تخفيفًا ويكتفى بالكسرة التي قبلها، وكان المنقوص الذي لا ينصرف أثقل التزموا فيه من الحذف ما كان جائزًا في الأدنى ثقلًا ليكون لزيادة الثقل زيادة أثر، إذ ليس بعد الجواز إلا اللزوم. ا. هـ. واعلم أن ما تقدم عن المبرد من أن التنوين عوض عن الحركة هو المشهور عنه، كما نقل الناظم في شرح الكافية. وقال الشارح: ذهب المبرد إلى أن فيما لا ينصرف
ــ
يقتضي حذف شيء وإقامة غيره مقامه، والمقصور لم يظهر فيه أثر حتى يقال حذف وعوض عنه التنوين بخلاف المنقوص، فإن الحركات تظهر في لفظه لكن ثقل بعضها فترك وعوض عنه التنوين أفاده البهوتي.
قوله: "ولألحق مع الألف واللام كما ألحق إلخ" أي: بجامع أن كلا من تنوين الترنم وتنوين نحو: جوار على مذهب المبرد عوض عن شيء، فتنوين الترنم عوض عن مدة الإطلاق وتنوين نحو: جوار عوض عن حركة الياء، قال البعض تبعًا لشيخنا: كان الأولى أن يقول الشارح: ولألحق مع الألف واللام؛ لأنه عنده عوض عن الحركة والحركة تجامع الألف واللام ا. هـ. ولعل وجهه أن قياس العوض على المعوض عنه أقرب من قياسه على تنوين الترنم فتأمل، ثم قال البعض: وقد يقال هذا اللازم جار على القول بأنه عوض عن الياء، بل هو أظهر فيه بأن يقال لو كان عوضًا عن الياء لألحق مع الألف واللام كما ألحق معهما تنوين الترنم بجامع أن كلا منهما عوض عن حرف ا. هـ. وقد يجاب بأن التنوين هنا ليس لمحض العوضية عن الياء بل للعوضية عنها ومنع عودها؛ لأنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه فكان كضد الياء التي تجامع الألف واللام فناسب أن لا يجامع الألف واللام فاحفظه فإنه دقيق.
قوله: "واللازم" يعني أولوية التعويض عن حركة الألف في نحو: موسى وعيسى وإلحاق التنوين مع الألف واللام، وقوله: فيهما مرتبط باللازم والضمير للقضيتين المتقدمتين، أعني قوله: لكان التعويض إلخ، وقوله: ولألحق إلخ. قوله: "إذ المحذوف" وهو الياء في قوة الموجود أي: فصيغة منتهى الجمع موجودة تقديرًا. قوله: "فإن قلت إلخ" مبني السؤال والجواب على أن منع الصرف مقدم على الإعلال كما مر. قوله: "فما سبب حذفها" أي: على سبيل الوجوب بقرينة أن الجواب يفيد تعليل حذفها على سبيل الوجوب. قوله: "قد تحذف تخفيفًا" يفيد أن حذف ياء المنقوص غير واجب، ويصرح بذلك قوله: ما كان جائزًا في الأدنى، وفيه نظر، فإن أراد المقرون بأل فليس الكلام فيه ا. هـ. سم على أن المقرون بأل يستوي فيه المنصرف وغيره.
قوله: "وقال الشارح ذهب المبرد إلخ" على هذا يكون المبرد مخالفًا لسيبويه في الساكن
ولِسَراوِيلَ بهذا الجَمْعِ
…
شَبَهٌ اقْتَضَى عُموم المَنْعِ
ــ
تنوينًا مقدرًا بدليل الرجوع إليه في الشعر، وحكموا له في جوار ونحوه بحكم الموجود وحذفوا لأجله الياء في الرفع والجر لتوهم التقاء الساكنين، ثم عوضوا عما حذف التنوين وهو بعيد؛ لأن الحذف لملاقاة ساكن متوهم الوجود مما لم يوجد له نظير ولا يحسن ارتكاب مثله. الثاني: ما ذكر من تنوين جوار ونحوه في الرفع والجر متفق عليه، نص على ذلك الناظم وغيره. وما ذكره أبو علي من أن يونس ومن وافقه ذهبوا إلى أنه لا ينون ولا تحذف ياؤه، وأنه يجر بفتحة ظاهرة وهم، وإنما قالوا ذلك في العلم وسيأتي بيانه. الثالث: إذا قلت: مررت بجوار فعلامة جره فتحة مقدرة على الياء؛ لأنه غير منصرف، وإنما قدرت مع خفة الفتحة؛ لأنها نابت عن الكسرة فاستثقلت لنيابتها عن المستثقل، وقد ظهر أن قوله: كسار إنما هو في اللفظ فقط دون التقدير، لأن سار جره بكسرة مقدرة وتنوينه تنوين التمكين لا العوض؛ لأنه منصرف. وقد تقدم أول الكتاب "ولسراويل بهذا الجمع شبه اقتضى عموم المنع" اعلم أن سراويل اسم مفرد أعجمي جاء على وزن مفاعيل فمنع من الصرف لشبهه بالجمع في الصيغة المعتبرة لما عرفت أن بناء مفاعل ومفاعيل لا يكونان في كلام العرب إلا لجمع أو منقول من جمع، فحق ما وازنهما أن يمنع من الصرف، وإن فقدت منه الجمعية إذا تم شبهه بهما، وذلك بأن لا تكون ألفه عوضًا من إحدى ياءي
ــ
الذي ردف الياء فسيبويه يقول: هو التنوين الموجود قبل حذفه، والمبرد يقول: هو التنوين المقدر في كل ممنوع من الصرف وموافقًا له في أن المعوض عنه الياء المحذوفة. قوله: "وحذفوا لأجله الياء" أي: بعد حذف حركتها المقدرة استثقالًا زكريا. قوله: "ساكن متوهم الوجود" هو التنوين المقدر. قوله: " وأنه يجر بفتحة ظاهرة" أي: ويرفع بضمة مقدرة على الياء الموجودة فيقال: جاء جواري بياء ساكنة. وقوله: وإنما قالوا ذلك في العلم أي: في المنقوص العلم كقاض علم امرأة، وقوله: وسيأتي بيانه أي: في شرح قول المصنف وما يكون منه منقوصًا إلخ. قوله: "مع خفة الفتحة" لم يضمر؛ لأنه لو أضمر لرجع الضمير إلى خصوص الفتحة المقدرة على الياء نيابة عن الكسرة فيتدافع مع قوله: فاستثقلت إلخ فالمراد بالفتحة جنسها فليس في قوله: مع خفة الفتحة إظهار في مقام الإضمار. قوله: "ولسراويل" خبر شبه وبهذا متعلق بشبه وفيه تقديم معمول المصدر عليه للوزن، كذا قال خالد وتبعه شيخنا والبعض وفيه مسامحة؛ لأن الظاهر أن شبه اسم مصدر لا مصدر. قوله:"اسم مفرد أعجمي" زاد الفارضي نكرة مؤنث، وقال في القاموس: السراويل فارسية معربة، وقد تذكر، ثم قال: والسراوين بالنون والشروال بالشين أي: المعجمة لغة.
قوله: "لما عرفت إلخ" أي: وإنما كان أعجميا لما عرفت إلخ. قوله: "أو منقول من جمع" وهو ما سمي به من هذا الجمع. قوله: "فحق ما وازنهما" أي: فحق اسم الجنس الذي وازن مفاعل أو مفاعيل، وكأنه تفريع على قوله: منع من الصرف لشبهه بالجمع في الصيغة المعتبرة صرّح به توطئة، لقوله: إذا تم شبهه إلخ. قوله: "وذلك" أي: تمام شبهه بهما بأن لا يكون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النسب ولا كسرة ما يلي ألفه عارضة، ولا بعد ألفه ياء مشددة عارضة، ولم يوجد ذلك في مفرد عربي كما مر. ولما وجد في مفرد أعجمي وهو سراويل لم يمكن إلا منعه من الصرف وجهًا واحدًا خلافًا لمن زعم أن فيه وجهين: الصرف ومنعه، وإلى التنبيه على ذلك أشار بقوله:
شَبهٌ اقتضى عمومَ المنعِ
أي: عموم منع الصرف في جميع الاستعمال خلافًا لمن زعم غير ذلك. ومن النحوين من زعم أن سراويل عربي، وأنه في التقدير جمع سروالة سمي به المفرد، ورد بأن سروالة لم يسمع. وأما قوله:
1028-
عَلَيهِ منَ اللُّؤْمِ سِرْوالةٌ
ــ
إلخ. قوله: "ولم يوجد ذلك إلخ" مرتبط بقوله: فحق ما وازنهما أن يمنع من الصرف وإن فقدت منه الجمعية إذا تم شبهه بهما، واسم الإشارة يرجع إلى تمام شبهه بهما وكذا الضمير في قوله: ولما وجد. قوله: "خلافًا لمن زعم إلخ" هو ابن الحاجب حيث قال في الكافية: وسراويل إذا لم يصرف وهو الأكثر فقد قيل إنه أعجمي حمل على موازنة، وقيل عربي جمع سروالة وإذا صرف فلا إشكال ا. هـ. وفي التوضيح ونقل ابن الحاجب أن من العرب من يصرفه وأنكر ابن مالك عليه ذلك ا. هـ. قال الحفيد: لا وجه لإنكاره؛ لأن ابن الحاجب ثقة وقد نقله.
قوله: "وأنه في التقدير إلخ" أي: يقدر أن سراويل كان جمع سروالة فنقل من الجمعية إلى تسمية المفرد به، وسيأتي وجه آخر في معنى العبارة. قوله:"سمي به المفرد" أي: أطلق اسم جنس على هذه الآلة المفردة كما عبر بذلك المرادي. قوله: "ورد بأن سروالة لم يسمع" اعترض بأنه لا يصلح ردا للقول بأنه جمع سروالة تقديرًا؛ لأن تقدير كونه جمعًا لسروالة لا يستلزم سماع سروالة وإنما يصلح ردا للقول بأنه جمع سروالة تحقيقًا كما حكاه السندوبي وغيره، وعبارة
السندوبي: وقيل إنه جمع سروالة تقديرًا أو تحقيقًا بناء على سماع سروالة كما نقل عن أهل اللغة ا. هـ. ويمكن حمل كلام الشارح على هذا القول بأن يراد بقوله في التقدير بحسب الأصل. قوله: "عليه من اللؤم سروالة" تمامه:
فليس يرقّ لمستعطف
والضمير في عليه للمذموم واللؤم الدناءة في الأصل والخساسة في الفعل. زكريا. قوله:
1028- عجزه:
فليس يَرِقُّ لمُسْتعطِفِ
والبيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 233؛ والدرر 1/ 188؛ وشرح التصريح 2/ 212؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 270؛ وشرح شواهد الشافية ص100؛ وشرح المفصل 1/ 64؛ ولسان العرب 11/ 334 "سرل"؛ والمقتضب 3/ 346؛ وهمع الهوامع 1/ 25.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فمصنوع لا حجة فيه. وذكر الأخفش أنه سمع من العرب من يقول: سروالة. ويرد هذا القول أمران: أحدهما أن سروالة لغة في سراويل؛ لأنها بمعناه فليس جمعًا لها كما ذكره في شرح الكافية، والآخر أن النقل لم يثبت في أسماء الأجناس وإنما ثبت في الأعلام.
تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: وينبغي أن يعلم أن سراويل اسم مؤنث فلو مسي به مذكر ثم صغر لقيل فيه سرييل غير مصروف للتأنيث والتعريف، ولولا التأنيث لصرف كما يصرف شراحيل إذا صغر فقيل شريحيل لزوال صيغة منتهى التكسير. الثاني شذ منع صرف ثمان تشبيهًا له بجواز. نظرًا لما فيه من معنى الجمع وأن ألفه غير عوض في الحقيقة. قال في شرح الكافية: ولقد شبه ثمانيًا بجوار من قال:
1029-
يَحْدُوا ثَمانِيَ مُولَعًا بلَقاحِها
…
حتى هَمَمْنَ بزَيفَةِ الإرْتاجِ
ــ
"فمصنوع" أي: من كلام المولدين. قوله: "وذكر الأخفش" رد للرد ولرده له احتاج إلى رد آخر فقال: ويرد هذا القول أي: القول بأن سراويل جمع سروالة في التقدير أمران إلخ. وحاصل الأول أنا لا نسلم أن سروالة وإن كانت مسموعة مفرد سراويل بل هي لغة فيه، فلا يصح كونه في التقدير جمع سروالة. وحاصل الثاني أنه لو كان في التقدير جمعًا فسمي به المفرد لاستلزم ذلك نقل الجمع إلى اسم الجنس، وهو منتف؛ لأن الثابت إنما هو نقل الجمع إلى العلم كما في مدائن، وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم وهو أنه كان في التقدير جمعًا، فسمي به المفرد هذا هو اللائق في تقرير كلامه، وبه يعلم أن دعوى البعض أن الأمر الثاني مبني على تسليم أنه جمع سروالة غير مسموعة وأن تبجحه هنا بما لا ينبغي على من لولاه ما راح ولا جاء لم يتم. نسأل الله العافية. وكيف يليق تسلم كونه جمه سروالة ومنع تسمية المفرد به مع أن الغرض ليس إلا منع كونه جمع سروالة؛ لأنه المنازع فيه لا منع تسمية المفرد به؛ لأن مجرد تسمية المفرد به محل اتفاق فلا يصح منعها فتدبر. بقي أنه قد يبحث في الأمر الأول بمنع أن سروالة بمعنى سراويل بل هي بمعنى قطعة خرقة كما في الرضي، وفي الثاني بأن اختصاص النقل بالأعلام دون أسماء الأجناس مسلم في النقل التحقيقي دون التقديري الذي كلامنا فيه، إلا أن يجاب بأن معنى قوله في التقدير بحسب الأصل كما مر إيضاحه فتنبه. قوله:"اسم مؤنث" وإنما لم تلحقه تاء التأنيث عند تصغيره؛ لأن من شرط لحاقها المؤنث تأنيثًا معنويا عند تصغيره أن يكون ثلاثيا كما سيأتي في قول المصنف:
واختم بتا التأنيث ما صغرت من
…
مؤنث عار ثلاثي كسن
قوله: "سرييل" أصله سريويل فقلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون. قوله: "للتأنيث" أي: لكون اللفظ مؤنث وضعا كزينب. قوله: "لزوال صيغة منتهى التكسير" أي: مع عدم ما يخلفها في المنع بخلاف الأول. قوله: "يحدو ثماني إلخ" الحدو سوق الإبل والغناء لها
1029- البيت من الكامل، وهو لابن ميادة في ديوانه ص91؛ وخزانة الأدب 1/ 157؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 297؛ ولسان العرب 13/ 80 "ثمن"؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص164؛ والكتاب 3/ 231؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص47؛ والمقاصد النحوية 4/ 352.
وإنْ بِهِ سُمِّيَ أو بِما لَحِقْ
…
بهِ فالانصِرافُ مَنْعُهُ يَحِقّ
ــ
والمعروف فيه الصرف لما تقدم. وقيل هما لغتان "وإن به سمي أو بما لحق به فالانصراف منعه يحق" يعني أن ما سمي به من مثال مفاعل أو مفاعيل فحقه منع الصرف، سواء كان منقولًا من جمع محقق كمساجد اسم رجل أو مما لحق به من لفظ أعجمي مثل سراويل وشراحيل، أو لفظ ارتجل للعلمية مثل هوازن. قال الشارع: والعلة منع صرفه ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية أو قيام العلمية مقامها، فلو طرأ تنكيره انصرف على
ــ
ومولعًا بفتح اللام حال من الضمير في يحدو من أولع بالشيء أغري به، واللقاح بفتح اللام ماء الفحل وأما بكسرها فجع لقحة وهي الناقة التي تحلب، وليس مرادًا هنا، والزيفة بفتح الزاي الميلة والارتاج بالكسر من ارتجت الناقة إذا أغلقت رحمها على الماء. والمعنى من شدة طربهن من الحدو هممن بميلهن عن الارتاج كذا في العيني. قوله:"من لفظ أعجمي" بيان لما لحق أي: من اسم جنس مفرد أعجمي. قوله: "وشراحيل" مقتضى سياقه أنه اسم جنس مثل سراويل لا علم ولم يذكر في القاموس إلا أنه علم فتدبر.
قوله: "أو لفظ" هكذا في النسخ بالجر عطفًا على لفظ الأول أو على جمع، قال البعض والصواب النصب عطفا على منقولًا؛ لأن العلم المرتجل مقابل للعلم المنقول لا أن الثاني منقول عن الأول ا. هـ. بإيضاح وهو تصويب في غير محله لإمكان تصحيح عبارة الشارح بجعل قوله: أو مما لحق به عطفا على منقولا وجعل من فيه تبعيضية لا صلة النقل، وجعل قوله أو لفظ عطفا على لفظ الأول. والمعنى أو كان ما سمي به من مثال مفاعل أو مفاعيل بعض ما لحق بالجمع من اسم جنس أعجمي أو لفظ ارتجل للعلمية ويرجع هذا أنه عليه يكون اللفظ المرتجل للعلمية داخلًا فيما لحق بالجمع فيكون مما شمله قول المصنف، وإن به سمي أو بما لحق إلخ بخلافه على نصب لفظ عطفا على منقولًا، فإنه يكون هذا القسم زائدًا على كلام المصنف فينافي تصدير الشارح العبارة بالعناية، فعض على هذا التحقيق والله ولي العناية. ثم لا بد من كون هذا اللفظ المرتجل للعلمية أعجميا؛ لئلا ينافي ما أسلفه الشارح من أن هذا الوزن لا يكون في العربية إلا جمعا أو منقولا عن الجمع. لا يقال يدخل هذا القسم حينئذ في قوله: من لفظ أعجمي؛ لأنا نقول قد أسلفنا أن المراد باللفظ الأعجمي اسم الجنس المفرد الأعجمي.
قوله: "مثل هوازن" كذا في نسخ وهي ظاهرة، وفي نسخ أخرى مثل كشاجم بشين معجمة ثم جيم واعترض عليها بأن كشاجم بضم الكاف اسم الشاعر المعروف. وأجيب بأنه يحتمل أن مراد الشارح اسم آخر مفتوح الكاف غير اسم الشاعر. قوله:"والعلة في منع صرفه" أي: ما سمي به من ذلك. قوله: "ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية" هذه العلة الأولى قاصرة على ما سمي به من الجمع كمساجد علم رجل، ولا تشمل نحو: سراويل وشراحييل، ولا نحو: هوازن وكشاجم ولعل العلة في هذين القسمين ما قاله البعض من وجود صيغة منتهى الجمع قبل العلمية وبعدها.
والعَلمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا
…
تَرْكيبَ مَزْجٍ نحوُ مَعْديكربا
ــ
مقتضى التعليل الثاني دون الأول ا. هـ. قال المرادي: قلت مذهب سيبويه أنه لا ينصرف بعد التنكير لشبهه بأصله. ومذهب المبرد صرفه لذهاب الجمعية، وعن الأخفش القولان، والصحيح قول سيبويه؛ لأنهم منعوا سراويل من الصرف وهو نكرة وليس جمعًا على الصحيح ا. هـ "والعلم امنع صرفه مركبًا مزج نحو معد يكربا" قد تقدم أن ما لا ينصرف على ضربين: أحدهما ما لا ينصرف في تعريف ولا تنكير، والثاني ما لا ينصرف في التعريف وينصرف في التنكير، وقد فرغ من الكلام على الضرب الأول. وهذا شروع في الثاني وهو سبعة قسام كما مر: الأول المركب تركيب المزج نحو: بعلبك وحضرموت ومعد يكرب لاجتماع فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بالتركيب، والمراد بتركيب المزج أن يجعل الاسمان اسمًا واحدًا لا بإضافة ولا بإسناد بل ينزل عجزه من الصدر منزلة تاء التأنيث ولذلك التزم فيه فتح آخر الصدر، إلا إذا كان معتلا فإنه يسكن نحو: معد يكرب؛ لأن ثقل التركيب أشد من ثقل التأنيث، فجعلوا لمزيد الثقل مزيد تخفيف بأن سكنوا ياء معد يكرب ونحوه، وإن كان مثلها قبل تاء التأنيث يفتح نحو: رامية وعارية، وقد يضاف أول جزأي: المركب إلى ثانيهما فيستصحب سكون ياء معد يكرب ونحوه
ــ
قوله: "أو قيام العلمية مقامها" أي: أو ما فيه من الصيغة مع قيام علميته مقام جمعيته التي كانت له أو جمعية غيره. قوله: "التعليل الثاني" هو ما فيه من الصيغة مع قيام العلمية مقام الجمعية. وقوله: دون الأول هو ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية. قوله: "لذهاب الجمعية" أي: بالعلمية التي خلفت الجمعية ثم زالت بلا خلف عنها.
قوله: "لأنهم منعوا سراويل إلخ" فيه رد لتعليل المبرد الصرف بذهاب الجمعية. قوله: "والعلم" مفعول لمحذوف يفسره المذكور باللزوم أي: اقصد العلم امنع صرفه فهو على حد زيدًا أكرم أخاه، قوله:"مركبًا تكريب مزج" أي: غير عددي وغير مختوم بويه كما يؤخذ من قوله نحو: معد يكرب، على ما يأتي. قوله:"ما لا ينصرف في تعريف ولا تنكير" هو ما إحدى علتيه الوصفية وهو ثلاثة وما منع صرفه لعلة واحدة وهو اثنان. قوله: "والثاني ما لا ينصرف إلخ" ضابطه ما إحدى علتيه العلمية. قوله: "بل ينزل عجزه إلخ" التعريف للمركب المزجي المعرب فلا اعتراض بأن المركب العددي والمختوم بويه، والمركب من الأحوال والظروف مركبات مزجية، مع أن التعريف لا يصدق عليها أفاده شيخنا السيد. قوله:"منزلة تاء التأنيث" أي: في أن الإعراب على العجز وما قبله ملازم لحالة واحدة وهي الفتح إلا نحو: معد يكرب كما سيذكره الشارح.
قوله: "ولذلك" أي: للتنزيل المذكور، وقوله: فإنه يسكن أي: يبقى على سكونه. قوله: "بأن سكنوا" الباء سببية متعلقة بمزيد تخفيف أو تصويرية للجعل المذكور. وقوله ونحوه كقالي قلا اسم موضع. وقوله: وإن كان مثلها أي: الياء.
قوله: "وقد يضاف أول جزأي المركب" أي: المزجي سواء كان آخر صدره ياء أو لا فأل للعهد الذكرى لكنه بعد الإضافة لا يسمى مركبًا مزجيا؛ لأن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تشبيهًا ببناء دردبيس، فيقال: رأيت معد يكرب؛ ولأن من العرب من يسكن مثل هذه الياء في النصب مع الإفراد تشبيهًا بالألف، فالتزم في التركيب لزيادة الثقل ما كان جائزًا في الإفراد، ويعامل الجزء الثاني معاملته لو كان منفردًا، فإن كان فيه مع التعريف سبب مؤثر امتنع صرفه كهرمز من رام هرمز؛ لأن فيه مع التعريف عجمة مؤثرة فيجر بالفتحة ويعرب الأول بما تقتضيه العوامل نحو: جاء رام هرمز ورأيت رام هرمز ومررت برام هرمز.
ويقال في حضرموت هذه حضرموت ورأيت حضرموت ومررت بحضرموت؛ لأن موتًا ليس فيه من التعريف سبب ثان، وكذلك كرب في اللغة المشهورة، وبعض العرب لا يصرفه حينئذٍ،
ــ
الإضافي قسيم المزجي فتسميته مزجيا باعتبار حالته الأخرى أعني حالة مزجه. واعلم أن هذه الإضافة لفظية لا معنوية؛ لأن بكا مثلًا ليس اسمًا لشيء أضيف إليه بعل حتى تظهر ثمرة الإضافة المعنوية، بل هو بمنزلة الراء من جعفر فلا فرق في المعنى بين الإضافة وعدمها، ولا فائدة لها إلا التنبيه على شدة امتزاج الكلمتين واتحادهما؛ لأن المتضايفين كالشيء الواحد، ولا ينافيه حصول هذه الفائدة بالمزج؛ لأن فائدة الشيء قد تحصل بغيره أيضًا.
قوله: "فيستصحب سكون إلخ" أي: في الأحوال الثلاثة، وقيل تفتح في النصب وتسكن في الرفع والجر. قوله "تشبيها بياء دردبيس" أي: بجامع أن كلا من الياءين وسط، وإن كان دردبيس كلمة تحقيقًا ومعد يكرب كلمة تنزيلا، ودردبيس اسم للداهية والعجوز الفانية وخرزة للحب قاله في القاموس. قوله:"ولأن من العرب من يسكن مثل هذه الياء إلخ" المتبادر أن ذلك على سبيل الجواز لا الوجوب وإن نقله البعض عن البهوتي وأقره وقوله: مع الإفراد أي: عدم التركيب كقوله:
ولو أن واش باليمامة داره
وقوله: تشبيها بالألف في نحو: الفتى بجامع؛ أن كلا حرف علة، وقوله: ما كان جائزًا في الإفراد معنى جوازه في الإفراد أن بعض العرب يجيز التسكين والفتح حال النصب، وإن كان البعض الآخر يوجب الفتح أو أن اللفظ في حد ذاته بقطع النظر عن لغة مخصوصة يجوز فيه حال النصب الفتح كما هو لغة بعض العرب، والتسكين كما هو أحد وجهين جائزين عند بعض آخر، وعلى فرض أن من يسكن يوجب التسكين معنى جوازه في الإفراد أن اللفظ في حد ذاته بقطع النظر عن لغة مخصوصة يجوز فيه حال النصب الفتح كما هو لغة بعض العرب والتسكين كما هو لغة بعض آخر. قوله:"ويعامل الجزء الثاني إلخ" معطوف على يضاف فمعاملة الجزء الثاني المذكور على لغة إضافة صدره إلى عجزه كما قاله المرادي، وقوله: معاملته أي: معاملة نفسه في الصرف وعدمه.
قوله: "فإن كان فيه مع التعريف" إنما قال: مع التعريف؛ لأن المركب لم يخرج عن العلمية بهذا الإعراب، فهو معرفة وجزء المعرفة هنا كالمعرفة سم قوله:"وبعض العرب لا يصرفه" أي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيقول في الإضافة: هذا معد يكرب فيجعله مؤنثًا. وقد يبنيان معًا على الفتح ما لم يعتل الأول فيسكن تشبيهًا بخمسة عشر. وأنكر بعضهم هذه اللغة وقد نقلها الأثبات. وقد سبق الكلام على ذلك في باب العلم.
تنبيهان: الأول أخرج بقوله: معد يكرب ما ختم بويه؛ لأنه مبني على الأشهر، ويجوز أن يكون لمجرد التمثيل، وكلامه على عمومه ليدخل على لغة من يعربه، ولا يرد على لغة من بناه؛ لأن باب الصرف إنما وضع للمعربات، وقد تقدم ذكره في باب العلم. الثاني احترز بقوله: تركيب العدد نحو: خمسة عشرة فمتحتم البناء عند البصريين، وأجاز فيه الكوفيون إضافة صدره إلى عجزه وسيأتي في بابه، فإن سمي به ففيه ثلاثة أوجه: أن يقر على حاله، وأن يعرب إعراب ما لا ينصرف، وأن يضاف صدره إلى عجزه. وأما تركيب الأحوال والظروف
ــ
كربا، حينئذ أي: حين إذ أضيف إليه معدي. قال الخبيصي: من قدر كربا اسمًا للكربة منع صرفه، ومن قدره اسما للحزن صرفه، ومن قدر بكا وقلا في بعلبك وقالى قلا، ونحو ذلك اسما للبقعة منعه من الصرف، ومن قدره اسمًا لموضع أو مكان صرفه. دماميني. قوله:"فيجعله مؤنثًا" لو قال كابن الناظم يجعله مؤنثًا لكان أولى؛ لأن جعله مؤنثًا لا يتفرع عل ما قبله، بل هو سبب لما قبله. قوله:"تشبيهًا بخمسة عشر" تعليل لبناء الجزأين على الفتح، والمعنى تشبيهًا للنوع المتكلم فيه من المزجي، وهذا النوع منه هو المعرب بنوع آخر منه ليس الكلام فيه، وهو المبنى فلا ينافي كلامه أن المركب العددي من المزجي. قوله:"وقد نقلها الأثبات" جمع ثبت بفتح المثلثة وسكون الموحدة وهو الثقة. قوله: "أخرج بقوله: معد يكربًا إلخ" فيه أن المثال لا يخصص ا. هـ. سم وأجاب شيخنا بأن الناظم كثيرًا ما يستغني بالتمثيل عن التقييد. أي: وقولهم المثال لا يخصص معناه أنه ليس نصا في التخصيص، فلا ينافي أنه راجح فيه لقرينة كعادة الناظم فافهم. قوله:"لأنه مبني" أي: على الكسر أما البناء؛ فلأن ويه اسم صوت، وأما الكسر فعلى أصل التقاء الساكنين.
قوله: "ليدخل على لغة من يعربه" اعلم أن سيبويه لا يجوز فيه البناء على الكسر وأما الجرمي فجوز إعرابه إعراب ما لا ينصرف، قال أبو حيان: وهو مشكل إلا أن يستند إلى سماع وإلا لم يقبل؛ لأن القياس البناء لاختلاط الاسم بالصوت وصيرورتهما اسمًا واحدًا. قوله: "وقد تقدم ذكره في باب العلم" أي: ذكر المختوم بويه بما فيه من اللغات بعضها في المتن وبعضها في الشرح أي: فلا حاجة إلى استقصائها هنا حتى يرد أنه لم يذكر فيه جواز الإضافة كغير المختوم بويه. قوله: "شغر بغر" بغين معجمة مفتوحة فيهما مع فتح أول كل وكسره يقال ذهب القوم شغر بغر أي: متفرقين من أشغر في البلد أبعد وبغر النجم سقط؛ لأنهم بتفرقهم تباعد بعضهم عن بعض وسقطوا في الأماكن التي تفرقوا إليها أفاده الدماميني. وهذا المثال والمثال الثاني لما ركب من الأحوال، وأما الثالث فلما ركب من الظروف الزمانية.
كَذاكَ حاوِي زائِدَيْ فَعْلانَا
…
كَغَطَفَانَ وكَأَصْبَهانَا
ــ
نحو: شعر بغر وبيت بيت وصباح مساء إذا سمي به أضيف صدره إلى عجزه وزال التركيب. هذا رأي سيبويه. وقيل يجوز فيه التركيب والبناء "كذاك حاوي زائدي فعلانا كغطفان وكأصبهانا" يعني أن زائدي فعلان يمنعان مع العلمية في وزن فعلان وفي غيره نحو: حمدان وعثمان وعمران وغطفان وأصبهان. وقد نبه على التعميم بالتمثيل.
تنبيهات: الأول علامة زيادة الألف والنون سقوطهما في بعض التصاريف كسقوطهما في رد نسيان وكفران إلى نسي وكفر، فإن كانا فيما لا يتصرف فعلامة الزيادة
ــ
قوله: "وبيت وبيت" تقول: هو جاري بيت بيت، وأصله بيتًا ملاصقًا لبيت فحذف الجار وهو اللام وركب الاسمان، وعامل الحال ما في قوله: جاري من معنى الفعل فإنه في معنى مجاوري. وجوزوا أن يكون الجار المقدر إلى وأن لا يقدر جار أصلًا بل العاطف. شرح الشذور. قوله: "وصباح ومساء" تقول فلان يأتينا صباح مساء أي: كل صباح ومساء فحذف العاطف وركب الظرفان قصدًا للتخفيف، ولو أضفت فقلت: صباح مساء لجاز أي: صباحًا مقترنًا بمساء ا. هـ. شرح الشذور وظاهره أن العاطف الذي تضمنه التركيب الواو، وفي الرضي أنه الفاء؛ لأن الفاء للتعقيب فتقيد العموم إذ المعنى يأتينا صباحًا فمساء عقبه بلا فصل إلى ما لا يتناهى، فليراجع الرضي. ومثال الظروف المكانية قولهم: سهلت الهمز بين بين وأصله بينها وبين حرف حركتها فحذف ما أضيف إليه بين الأولى وبين الثانية وحذف العاطف وركب الظرفان يس. قوله: "وقيل يجوز فيه التركيب والبناء" أي: كحالة قبل التسمية به فالتركيب والبناء وجه واحد. هذا هو المتبادر ويؤيده أن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت عينًا فيكون المراد التركيب المذكور في قوله: وزال التركيب. وفي قوله: وأما تركيب الأحوال والظروف ومن ادعى غير ذلك كالبعض والبهوتي فعليه الإثبات. قوله: "كذاك حاوي" أي: علم حاوي زائدي فعلانًا.
فائدة: قال أبو الفتح: إذا سميت رجلًا ذان صرفته؛ لأن ألفه وإن كانت زائدة فإنها لما عاقبت ألف ذا التي هي عين جرب مجرى الأصل وأما زيدان المسمى به رجل فإنه لا ينصرف؛ لأنه يبقى بعد إسقاط زائديه ثلاثة أحرف، وهذا شيء يكون وضع الأسماء المعربة عليه. وأما ذان فإنه يبقى بعد الحذف على حرف واحد نقله سم. قوله:"كغطفان" بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة اسم قبيلة من العرب سميت باسم أبيها تصريح. قوله: "وكأصبهانا" بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء الموحدة عند أهل المغرب والفاء عند أهل المشرق اسم مدينة بفارس سميت باسم أول من نزلها، وأصبه اسم فرس كذا في التصريح. قال في القاموس: وهي كلمة أعجمية وأصلها أسباهان أي: الأجناد؛ لأنهم سكنوها وفي كلامه ما يفيد أن فتح الهمزة أكثر من كسرها وأن الموحدة أكثر من الفاء.
قوله: "فعلامة الزيادة إلخ" فإذا جهل كل من زيادة الألف والنون وأصالتهما فسيبويه والخليل يمعنان الصرف لحوقًا بالأكثر وغيرهما لا يحتم الزيادة إلا بدليل ا. هـ. حفيد. قوله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن يكون قبلهما أكثر من حرفين أصولًا، فإن كان قبلهما حرفان ثانيهما مضعف فلك اعتباران: أن قدرت أصالة التضعيف فالألف والنون زائدتان، وإن قدرت زيادة التضعيف فالنون أصلية. مثال ذلك: حسان إن جعل من الحس فوزنه فعلان، وحكمه أن لا ينصرف وهو الأكثر فيه، ومن شعره:
1030-
ما هاجَ حَسَانَ رُسُومُ المَدَامْ
…
ومَظْعَنُ الحَيِّ ومَبنَى الخِيامْ
وإن جعل من الحسن فوزنه فعال، وحكمه أن ينصرف. وشيطان إن جعل من شاط يشيط إذا احترق امتنع صرفه، وإن جعل من شطن انصرف. ولو سميت برمان فذهب سيبويه والخليل إلى المنع لكثرة زيادة النون في نحو: ذلك، وذهب الأخفش إلى صرفه؛ لأن فعالًا في النبات أكثر، ويؤيده قول بعضهم: أرض مرمنة. الثاني إذا أبدل من النون الزائدة لام
ــ
"فإن كان قبلهما حرفان إلخ" يتبادر إلى الوهم أن هذا مفهوم قوله: أكثر من حرفين أصولًا، وليس كذلك؛ لأنه يلزم عليه أن يكون قوله: فإن كان قبلها حرفان إلخ، من صور ما إذا كانا فيما لا ينصرف وليس كذلك، بدليل التمثيل بحسان وحينئذ فهو كلام مستقل. قوله:"إن قدرت أصالة التضعيف" أي: أصالة ما حصل به التضعيف وهو الحرف الثاني، قيل لبعضهم: أتصرف عفان قال: إن هجوته أي: لأنه حينئذ من العفونة لا إن مدحته أي: لأنه حينئذ من العفة. قوله: "إن جعل من الحق إلخ" عبارة مستقيمة مناسبة، واعتراض البعض عليها بأن المناسب لقوله: إن قدرت إلخ أن يقول: إن جعل وزنه فعلان إلخ، وإن جعل وزنه فعال إلخ بإسقاط من الحس ومن الحسن غير ناهض كما لا يخفى ودعواه أن الكلام فيما لا ينصرف فلا يلائمه قوله: من الحس ومن الحسن قد عرفت منعه، وما يتبادر من العبارة أن المتكلم بنحو: حسان مخير في الصرف وعدمه نظرًا للاعتبارين مسلم ولا ينافيه ما سيأتي في رمان من الخلاف؛ لأن فيه وجد المرجح لأحد الاعتبارين عند القائل بصرفه، والقائل بمنع صرفه بخلاف نحو: حسان.
قوله: "وشيطان إلخ" استطراد؛ لأنه صفة والكلام في الأعلام؛ ولأنه غير مضاعف وكلام الشارح في المضاعف، وقد يبحث في العلة الأولى بأن المراد شيطان المسمى به. قوله:"من شطن" أي: بعد عن الحق وبابه قعد. مصباح. قوله: "لأن فعالًا في النبات أكثر" أي: من فعلان بالضم. قوله: "مرمنة" كذا بخط الشارح وفي بعض النسخ رمنة، والمعنى كثيرة الرمان، كذا قال شيخنا وغيره وسها البعض فعكس وضبط شيخنا السيد مرمنة بفتح الميم أي: الأولى والثانية، ويؤيده ضبطه بالقلم هكذا في النسخ الصحيحة من القاموس. قوله:"إذا أبدل من النون الزائدة لام إلخ" حاصله أن النظر للأصل لا للطارئ ا. هـ. سم أي: في الصورتين اللتين ذكرهما الشارح. قوله:
1030- البيت من السريع، وهو في ديوان حسان ص184.
كذ مُؤنَّثٌ بهاءٍ مُطْلَقا
…
وشرْطُ منعِ العار كونُهُ ارْتَقَى
فوق الثلاثِ أو كحُورَ أو سَقَرْ
…
أو زَيدٍ اسمَ امرأةٍ لا اسمَ ذَكَرْ
وَجْهانِ في العادِمِ تَذْكيرًا سَبَقْ
…
وعُجْمةً كهَنْدَ والمَنْعُ أحقّ
ــ
منع الصرف إعطاء للبدل حكم المبدل، مثال ذلك أصيلال فإن أصله أصيلان، فلو سمي به منع، ولو أبدل من حرف أصلي نون صرف بعكس أصيلال. ومثال ذلك حنان في حناء أبدلت همزته نونًا. الثالث ذهب الفراء إلى منع الصرف للعلمية وزيادة ألف قبل نون أصلية تشبيهًا لها بالزائدة نحو: سنان وبيان، والصحيح صرف ذلك "كذا مؤنث بهاء مطلقًا وشرط منع العار كونه ارتقى. فوق الثلاث أو كجور أو سقر أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر وجهان في العادم تذكيرًا سبق وعجمة كهند والمنع أحق" مما يمنع الصرف اجتماع العلمية والتأنيث بالتاء لفظًا أو تقديرًا: أما لفظًا فنحو: فاطمة وإنما لم يصرفوه لوجود العلمية في معناه ولزوم علامة التأنيث في لفظه، فإن العلم المؤنث لا تفارقه العلامة، فالتاء فيه بمنزلة الألف في حبلى وصحراء فأثرت في منع الصرف بخلافها في الصفة. وأما تقديرًا ففي المؤنث المسمى في الحال كسعاد وزينب أو في الأصل، كعناق اسم رجل وأقاموا في
ــ
"أصيلان" تصغير أصيل على غير قياس ا. هـ. تصريح والأصيل العشي كما في القاموس. قوله: "صرف" لأصالة النون حينئذ؛ لأنها بدل من أصلي. قوله: "حنان" أي: مسمى به؛ لأن الكلام في العلم. قوله: "كذا مؤنث" أي: علم مؤنث، وكذا جزء علم مؤنث كما في أبي هريرة وأبي قحافة سم. قوله:"مطلقًا" حال من الضمير في الخبر.
قوله: "وشرط منع العار" أي: المؤنث العاري من الهاء. قوله: "فوق الثلاث" على حذف مضاف أي: فوق ذي الثلاث؛ لأن الاسم لا يرتقي فوق الأحرف الثلاثة، وإنما يرتقي فوق اسم آخر ذي أحرف ثلاثة كذا في الشاطبي. قوله:"أو كجور" عطف على محل ارتقى. وقوله: أو ستقر أو زيد عطفان على جور. وقوله: اسم امرأة حال من زيد. قوله: "وجهان" مبتدأ والمسوغ كونه في معرض التقسيم وفي العادم خبر. وتذكيرًا مفعول العادم وسبق جملة في محل نصب نعت تذكيرًا وعجمة عطف على تذكيرًا وكان عليه أن يزيد وتحرك الوسط إلا أن يقال هو مأخوذ من قوله: كهند. قوله: "في معناه" أي: فيه باعتبار وضعه لمعناه المشخص ففيه مسامحة. قوله: "ولزوم علامة التأنيث في لفظه" اعترضه سم بأنه مناف لما تقدم من الفرق بين ألف التأنيث وتائه حيث استقلت الأولى بالمنع دون الثانية، بأن الأولى لازمة لما هي فيه دون الثانية. وأجيب بأن الألف لازمه مطلقا أي: في العلم وغيره كالصفة والتاء ليست كذلك بل إنما تلزم في العلم وكلامنا الآن في العلم.
قوله: "بخلافها في الصفة" أي: بخلاف التاء حالة كونها في الصفة كقائمة وقاعدة فإنها لا تؤثر فيها؛ لأنها في حكم الانفصال فإنها تارة تجرد منها وتارة تقترن بها تصريح. قوله: "ففي المؤنث المسمى" من إضافة الوصف إلى مرفوعه أي: المؤنث مسماه وقول البعض أي: المسمى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك كله تقدير التاء مقام ظهورها. إذا عرفت ذلك فالمؤنث بالتاء لفظًا ممنوع من الصرف مطلقًا: أي: سواء كان مؤنثا في المعنى أم لا، زائدًا على ثلاثة أحرف أم لا، ساكن الوسط أم لا إلى غير ذلك مما سيأتي: نحو: عائشة وطلحة وهبة. وأما المؤنث المعنوي فشرط تحتم منعه من الصرف أن يكون زائدًا على ثلاثة أحرف نحو: زينب وسعاد؛ لأن الرابع ينزل منزلة تاء التأنيث أو محرك الوسط كسقر ولظى؛ لأن الحركة قامت مقام الرابع خلافًا لابن الأنباري فإنه جعله ذا وجهين. وما ذكره في البسيط من أن سقر ممنوع الصرف باتفاق ليس كذلك، أو يكون أعجميا كجور وماه اسمي بلدين؛ لأن العجمة لما انضمت إلى التأنيث والعلمية تحتم المنع، وإن كانت العجمة لا تمنع صرف الثلاثي؛ لأنها هنا لم تؤثر منع الصرف، وإنما أثرت تحتم المنع. وحكى بعضهم فيه خلافًا فقيل: إنه كهند في جواز الوجهين أو منقولًا من مذكر نحو: زيد إذا سمي به امرأة؛ لأنه حصل بنقله إلى التأنيث ثقل عادل خفة اللفظ. هذا مذهب سيبويه والجمهور، وذهب عيسى ابن عمر والجرمي والمبرد
ــ
به؛ لأن الكلام في اللفظ غفلة ناشئة عن توهم أن المسمى صفة للمؤنث وليس كذلك كما علمت، بدليل قوله: في الحال كسعاد وزينب أو في الأصل إلخ فلا تكن من الغافلين. قوله: "وهبة" أي: علمًا. قوله: "وأما المؤنث المعنوي" أي: ما ليس علامته لفظية وإلا فالتأنيث مطلقًا راجع للفظ كما تقدم؛ لأن علامته الملفوظة أو المقدرة لفظية ا. هـ. يس وأراد باللفظية أولًا الظاهرة وثانيًا الأعم فلا تناقض، ومعنى كون المقدرة لفظية أنها ترجع للفظ والمراد المؤنث المعنوي من الأعلام؛ لأنها موضع الكلام.
قوله "لأن الحركة قامت مقام الرابع" لأن الاسم بالحركة خرج عن أعدل الأسماء وهو الثلاثي الساكن الوسط فصار كالرباعي في الثقل؛ ولأنها في النسب كالحرف الخامس، فلو نسبت إلى جمزى لقلت جمزي بحذف الألف لا غير، ولو كان الوسط ساكنًا لجاز فيه الحذف والقلب واوًا تقول في النسب إلى حبلى حبلي أو حبلوي كما سيأتي دنوشري. قوله:"اسمي بلدين" ينبغي أن يقول: اسمي بلدتين ليكون جور وماه مما نحن فيه وأما إذا جعلا اسمي بلدين كانا مذكرين فيكونان مثل نوح ولوط في الصرف. قوله: "أو منقولًا من مذكر إلخ" لي ههنا بحث وهو أنه كيف يتحتم منع نحو: زيد إذا سمي به مؤنث عند سيبويه والجمهور ولا يتحتم عندهم منع نحو: هند مع عروض تأنيث الأول وأصالة تأنيث الثاني ومع استوائهما في عدد الحروف وفي الهيئة وهلا جاز الوجهان في الأول كالثاني أو تحتم منع الثاني كالأول ومن هنا تظهر قوة مذهب عيسى بن عمر والجرمي والمبرد فتأمل. قوله: "وذهب عيسى إلخ" استدلوا بقوله تعالى: {اهْبِطُوا مِصْرًا} مع قوله: وقال {ادْخُلُوا مِصْرَ} فإن مصر في الأصل اسم لمذكر وهو ابن نوح، ثم نقل وجعل علمًا على البلدة، وهي مؤنثة فصار كزيد المذكور وجوابه أنا لا نسلم علمية المنصرف سلمنا لكن لا نسلم أنه مؤنث بل يجوز أن يكون قد لحظ فيه المكان دماميني.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى أنه ذو وجهين. واختلف النقل عن يونس، وأشار بقوله: وجهان في العادم تذكيرًا إلى آخر البيت، إلى أن الثلاثي الساكن الوسط إذا لم يكن أعجميا ولا
منقولًا من مذكر كهند ودعد يجوز فيه الصرف، ومنعه والمنع أحق، فم صرفه
نظر إلى خفة السكون وأنها قاومت أحد السببين، ومن منع نظر إلى وجود
السببين ولم يعتبر الخفة، وقد جمع بينهما الشاعر في قوله:
1031-
لَمْ تَتَلفَّعْ بفَضْلِ مِئْزَرِها
…
دَعُدٌ ولم تُسْقَ دَعْدُ في العُلَبِ
تنبيهات: الأول ما ذكره من أن المنع أحق هو مذهب الجمهور. وقال أبو علي: الصرف أفصح. قال ابن هشام: وهو غلط جلي. وذهب الزجاج قيل والأخفش إلى أنه متحتم المنع. قال الزجاج: لأن السكون لا يغير حكمًا أوجبه اجتماع علتين يمنعان الصرف. وذب الفراء إلى أن ما كان اسم بلدة لا يجوز صرفه نحو: فيد؛ لأنهم لا يرددون اسم البلدة على غيرها فلم يكثر في الكلام بخلاف هند. الثاني: لا فرق بين ما سكونه أصلي كهند أو عارض بعد التسمية كفخذ أو الإعلال كدار. الثالث: قال في شرح الكافية: وإذا سميت امرأة بيد ونحوه مما هو على حرفين جاز فيه ما جاز في هند، ذكر ذلك سيبويه، هذا لفظه. وظاهره جواز الوجهين وأن الأجود المنع وبه صرح في التسهيل، فقول صاحب البسيط في يد: صرفت بلا خلاف ليس بصحيح. الرابع: إذ صغر نحو: هند ويد تحتم منعه لظهور التاء نحو: هنيدة ويدية فإن صغر بغير تاء نحو: حريب وهي ألفاظ مسموعة انصرف.
ــ
قوله: "كهند ودعد" مثلهما بنت وأخت علمي مؤنث كما سيأتي. قوله: "والمنع أحق" أي: لوجود السببين. قوله: "لم تتلفع إلخ" يعني أنها ليست من البدو حتى يكون لها ذلك بل هي حضرية قاله شيخنا السيد. قوله: "الصرف أفصح" لمقاومة الخفة أحد السببين مع كون الصرف هو الأصل فيرجع إليه بأدنى سبب فدعوى ابن هشام أنه غلط جلي غير ظاهرة. قوله: "لأنهم لا يرددون اسم البلدة على غيرها" أي: لا يوقعون فيه الاشتراك اللفظي أي: غالبًا بخلاف أسماء الأناسي فإنهم يوقعونه فيها كثيرًا فاحتاجت إلى التخفيف وإنما قلنا أي: غالبًا؛ لأنهم قد يوقعونه في اسم البلدة. قوله: "أو الإعلال كدار" لأن أصله دور فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "وبه صرح في التسهيل" وهو ظاهر كلامه هنا أيضًا إذ يد وإن كان ثنائيا لفظًا فهو ثلاثي تقديرًا ساكن الوسط إذ أصله يدي بالإسكان كما في الصحاح زكريا. قوله: "نحو: حريب" تصغير حرب وحرب مؤنثة وقوله: وهي أي: حريب ونحوها مما سيأتي في التصغير. قوله:
1031- البيت من المنسرح، وهو لجرير في ملحق ديوانه ص1021؛ ولسان العرب 3/ 166 "دعد"، 9/ 321 "لفع"؛ ولعبيد الله بن قيس الرقيات في ملحق ديوانه ص178؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص282؛ وأمالي ابن الحاجب ص395؛ والخصائص 3/ 61؛ وشرح قطر الندى ص318؛ وشرح المفصل 1/ 70؛ والكتاب 3/ 241؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص50؛ والمنصف 2/ 77.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخامس: إذا سمي مذكر بمؤنث مجرد من التاء فإن كان ثلاثيا صرف مطلقًا خلافًا للفراء وثعلب إذ ذهبا إلى أنه لا ينصرف سواء تحرك وسطه نحو: فخذ أم سكن نحو: حرب. ولابن خروف في المتحرك الوسط وإن كان زائدًا على الثلاثة لفظًا نحو: سعاد أو تقديرًا كاللفظ نحو: جيل مخفف جيأل اسم للضبع بالنقل منع من الصرف. السادس: إذا سمي
ــ
"انصرف" قال الإسقاطي وتبعه غيره: لعل المراد جوازًا فيجوز المنع كهند ا. هـ. وهو متجه ويستفاد من كلام الشارح أن ياء التصغير لم يعتدوا بها في تصييره رباعيا وإلا كان متحتم المنع اتفاقًا.
قوله: "مطلقًا" أي: تحرك وسطه أم لا كما يؤخذ مما ذكره في القولين بعده وسكت عن كونه أعجميا أو لا واستظهر البعض أنه لا فرق قال يس، فإن قلت: لم لم يكتفوا هنا بتحريك الوسط؛ لأن حكمه حكم الزيادة كما تقدم، قلت: لأنه لما كان المسمى مذكرًا ضعف هنا معنى التأنيث جدا لكون اللفظ والمعنى مذكرين فاحتاجوا لتقوية معنى التأنيث بأقوى الأمور القائمة مقام التاء، وهو الحرف الزائد على الثلاثة فإنه في قيامه مقام التاء أقوى من تحرك الوسط ا. هـ. قوله "وإن كان زائدًا على الثلاثة إلخ" شرط في التسهيل لمنع صرفه ثلاثة شروط أن لا يسبق له تذكير انفرد به محققًا أو مقدرًا، وأن لا يحتاج تأنيثه إلى تأويل لا يلزم، وأن لا يغلب استعماله قبل العلمية في المذكر قال الدماميني: فيصرف أن سبق له تذكير انفرد به محققا كدلال علم مذكر منقولًا من مؤنث؛ لأنه في الأصل مصدر أو مقدرًا كحائض علم مذكر لسبق التذكير تقدير إذ المعنى شخص حائض، بدليل أنهم إذا صغروه لم يأتوا بالتاء، وقال الكوفيون: إذا سمي بنحو: حائض مذكر لم يصرف بناء على أن قولهم: إن نحو حائض لم تدخله التاء لاختصاصه بالمؤنث، والتاء إنما تدخل فرق ويرد عليهم أنهم إذا أرادوا بنحو: حائض معنى الفعل وهو الحدوث أدخلوا التاء، فقالوا: حائضة ومرضعة واحترز المصنف بقوله: انفرد به من نحو: ظلوم علم مذكر منقولا من مؤنث فهو ممنوع من الصرف؛ لأنه قبل التسمية به يطلق على المذكر والمؤنث تقول: مررت برجل ظلوم وامرأة ظلوم، وكذا يصرف المؤنث الزائدة على ثلاثة المسمى به مذكر إن احتاج تأنيثه إلى تأويل لا يلزم كرجال علم مذكر؛ لأن تأويله بالجماعة لا يلزم لجواز تأويله بالجمع، وكذا يصرف إن غلب استعماله قبل العلمية في المذكر كذراع علم مذكر فهو في الأصل مؤنث، لكن غلب في أعلام المذكرين ووصف به المذكر فقالوا: ثوب ذراع أي: قصير ا. هـ. باختصار.
قوله: "كاللفظ" صفة تقديرًا أي: تقديرًا كائنًا كاللفظ وبمنزلته بأن يكون الحذف قياسيا فإن حذف الهمزة بعد نقل حركتها قياسي ومنه شمل تخفيف شمأل، واحترز به مما هو على غير قياس كأيم في أيم فليس المحذوف من هذا كالملفوظ به ا. هـ. يس وعبارة الدماميني فإن الحرف المقدر بمنزلة الملفوظ به أما أولًا؛ فلأنه قد ينطق به، وأما ثانيًا؛ فلأن حركة الهمزة مشعرة به؛ ولهذا قال: كاللفظ واحترز به عن نحو: كتف فإن هاء التأنيث مقدرة فيه بدليل ظهورها في التصغير، ومع ذلك فهو مصروف وإن سمي به مذكر إذ لا يلفظ بها وليس في اللفظ مشعر بها ا. هـ. قوله:"اسم للضبع" أي: الأنثى ويقال للذكر ضبعان، وقوله بالنقل متعلق بمخفف. قوله: "إذا
والعَجَمِيُّ الوَضْعِ والتَّعرِيفِ مَعْ
…
زيدٍ على الثَّلاثِ صَرْفُهُ امْتَنَعْ
ــ
رجل ببنت أو أخت صرف عند سيبويه وأكثر النحويين؛ لأن تاءه قد بنيت الكلمة عليها وسكن ما قبلها فأشبهت تاء جبت وسحت. قال ابن السراج: ومن أصحابنا من قال إن تاء بنت وأخت للتأنيث، وإن الاسم مبنيا عليها فيمنعونهما الصرف في المعرفة، ونقله بعضهم عن الفراء. قلت: وقياس قول سيبويه إنه إذا سمي بهما مؤنث أن يكون على الوجهين في هند. السابع: كان الأولى أن يقول بتاء بدل قوله بهاء، فإن مذهب سيبويه والبصريين أن علامة التأنيث التاء والهاء بدل عندهم عنها في الوقف، وقد عبر بالتاء في باب التأنيث فقال: علامة التأنيث تاء أو ألف، وكأنه إنما فعل ذلك للاحتراز من تاء بنت وأخت، وكذا فعل في التسهيل. الثامن مراده بالعار في قوله: وشرط منع العار العاري من التاء لفظًا، وإلا فما من مؤنث بغير الألف إلا وفيه التاء إما ملفوظة أو مقدرة "والعجمي الوضع
ــ
سمي رجل ببنت أو أخت إلخ".
فائدتان: الأولى قال الدماميني: لو سمي مذكر بما هو اسم مؤنث على لغة وصفة لمؤنث على لغة. نحو: جنوب ودبور وشمال بفتح أوله فإنها عند بعض العرب أسماء للريح وعند بعضهم صفات جرت على الريح وهي مؤنثة -ففيه وجهان المنع كزينب والصرف كباب حائض ا. هـ. الثانية قال في التسهيل: صرف أسماء القبائل والأرضين والكلم ومنعه مبنيان على المعنى فإن كان أبا أو حيا أو مكانًا أو لفظًا أو قبيلة أو بقعة أو كلمة أو سورة لم يصرف وقد يتعين اعتبار القبيلة نحو: يهود ومجوس علمين أو البقعة نحو: دمشق أو المكان نحو: بدر ا. هـ. وكذا حروف الهجاء تذكر باعتبار الحرف وتؤنث باعتبار الكلمة قال الدماميني: وإطلاقهم القول بجواز الأمرين محمول على ما إذا لم يتحقق مانعان من الصرف، فإن تحققا فمنع الصرف بكل حال نحو: تغلب وباهلة وخولان وقوله: وقد يتعين إلخ يعني أن جواز الصرف وعدمه بحسب الاعتبارين إنما هو فيما لم يقتصر فيه العرب على أحدهما أما هو فلا تتجاوز فيه ما سمع زاد في الهمع وقد يتعين اعبار الحي ككلب.
قوله: "فأشبهت تاء جبت وسحت" فيه نشر على ترتيب اللف والجبت في الأصل اسم للصنم ثم استعمل في كل ما يعبد من دون الله عز وجل، والسحت هو الحرام. قوله:"وقياس قول سيبويه" أي: قوله: أن بنتا وأختا إذا سمي بهما رجل يصرفان كما في زكريا. قوله: "أن يكون على الوجهين" جزم غير الشارح بنقل ذلك عن سيبويه ا. هـ. سم؛ لأنهما حينئذ كهند وفي عبارة الشارح ركاكة ظاهرة، وكان ينبغي أن يقول إنهما إذا سمي به مؤنث كانا على الوجهين. قوله:"للاحتراز من تاء بنت وأخت" إنما يصح هذا الاحتراز على القول بأن تاءهما ليست للتأنيث أما على أن تاءهما للتأنيث فلا لوجوب منع صرفهما حينئذ مع العلمية. قوله: "وكذا فعل في التسهيل" أي: عبر هنا بالهاء، وفي باب التأنيث بالتاء كما يعلم بالوقوف عليه.
قوله: "والعجمي الوضع والتعريف" إضافته لفظية فليست على معنى حرف كما سلف أي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والتعريف مع زيد على الثلاث صرفه امتنع" أي: مما لا ينصرف ما فيه فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بكونه من الأوضاع العجمية لكن بشرطين: أن يكون عجمي التعريف أي: يكون علمًا في لغتهم، وأن يكون زئدًا على ثلاثة أحرف، وذلك نحو: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، فإن كان الاسم عجمي الوضع غير عجمي التعريف انصرف كلجام إذا سمي به رجل؛ لأنه قد تصرف فيه بنقله عما وضعته العجم له فألحق بالأمثلة العربية، وذهب قوم منهم الشلوبين وابن عصفور إلى منع صرف ما نقلته العرب من ذلك إلى العلمية ابتداء كبندار وهؤلاء لا يشترطون أن يكون الاسم علمًا في لغة العجم، وكذا ينصرف العلم في العجمة إذا لم يزد على الثلاثة بأن يكون على ثلاثة أحرف لضعف فرعية اللفظ فيه لمجيئة على أصل ما تبنى عليه الآحاد العربية. ولا فرق في ذلك بين الساكن الوسط نحو: نوح ولوط والمتحرك نحو: شتر ولمك. قال في شرح الكافية قولًا واحدًا في
ــ
العجمي وضعه وتعريفه وقوله: مع زيد حال من الضمير في العجمي وغير هذا لا يخلو عن شيء والمراد الزيادة على الثلاثة بغير ياء التصغير كما سيأتي، وإنما لم يقم تحرك الوسط هنا مقام الزيادة كا قام في المؤنث لضعف العجمة بعدم علامة لها كعلامة التأنيث عن التقوي بمجرد تحرك الوسط الذي هو مقو ضعيف، وهذا أوجه مما ذكره البعض. قوله:"من الأوضاع" أي: الموضوعات. قوله: "أي: يكو علمًا في لغتهم" وإن نقلته العرب إلى علمية أخرى كأن سمت بإسماعيل شخصًا آخر. قوله: "كلجام" بالجيم وضعه العجم اسم جنس للآلة التي تجعل في فم الفرس ومثله الفرند بكسر الفاء والراء وسكون النون كما في القاموس وغيره وضعه العجم اسم جنس للسيف وقول البعض وفتح الراء سهو. قوله: "إلى العلمية ابتداء" بأن لم تستعمله اسم جنس قبل أن تستعمله علمًا.
قوله: "كبندار" بضم الموحدة هو في لغة العجم اسم جنس للتاجر الذي يلزم المعادن ولمن يخزن البضائع للغلاء وجمعه بنادرة. قوله: "لا يشترطون أن يكون إلخ" بل الشرط عندهم أن يكون أول استعمال العرب له في العلمية. قوله: "لمجيئه على أصل ما تبنى إلخ" إضافة أصل إلى ما على معنى في وذلك الأصل هو عدم الزيادة على الثلاثة؛ لأن العرب يراعون في كلامهم التخفيف، وأما الآحاد العجمية فالأصل فيها الزيادة؛ لأن العجم يراعون في كلامهم الطول. قوله:"نحو: نوح ولوط" أي: من كل علم ثلاثي ساكن الوسط أعجمي مذكر أما المؤنث كماه وجور فممنوع الصرف لتقوي العجمة بالتأنيث، وإنما لم يجز في نوح ولوط الوجهان كما جاز في هند ودعد، مع أن كلا وجد فيه سببان؛ لأن التأنيث سبب قوي فيمكن اعتباره مع سكون الوسط بخلاف العجمة قاله ابن هشام. واعلم أن أسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ممنوعة الصرف إلا ستة. محمد وشعيب وصالح وهود ونوح ولوط؛ لخفة الأخيرين، وكون الأربعة الأول عربية، وقيل هود كنوح؛ لأن سيبويه قرنه معه فهو أعجمي وصرفه للخفة ويؤيده ما يقال من أن العرب من ولد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لغة جميع العرب، ولا التفات إلى من جعله ذا وجهين مع السكون، ومتحتم المنع مع الحركة؛ لأن العجمة سبب ضعيف فلم تؤثر بدون زيادة على الثلاثة. وقال: وممن صرح بالغاء عجمة الثلاثي مطلقًا السيرافي وابن برهان وابن خروف ولا أعلم لهم من المتقدمين مخالفًا، ولو كان منع صرف العجمي الثلاثي جائزًا لوجد في بعض الشواذ كما وجد غيره من الوجوه الغريبة ا. هـ. قلت: الذي جعل ساكن الوسط على وجهين هو عيسى بن عمر وتبعه ابن قتيبة والجرجاني. ويتحصل في الثلاثي ثلاثة أقوال: أحدهما أن العجمة لا أثر لها فيه مطلقًا وهو الصحيح. الثاني أن ما تحرك وسطه لا ينصرف وفيما سكن وسطه وجهان.
ــ
إسماعيل وما كان قبل ذلك فليس بعربي، وهود قبل إسماعيل فكان كنوح كذا في الجامي. قال العصام: ويرد على الحصر في الستة شيث وعزير، وقال البيضاوي: تنوين عزير بناء على أنه عربي وترك تنوينه بناء على أنه أعجمي ا. هـ. واستشكله سم بأن ثبوت التنوين وتركه في القرآن كما هو قضية القراءة بهما يوجب جوازهما فكيف يكون أحدهما مبنيا على أنه عربي والآخر على أنه أعجمي مع أنه في الواقع لا يكون عربيا وعجميا بل أحدهما فقط. وأجيب بأنه يكفي في تخريج القراءة المطابقة لوجه نحوي، وإن لم يوافق توجيه القراءة الأخرى، وقد قرئ تترى بالتنوين على أن الأنف للإلحاق، وتركه على أنها للتأنيث، ولا يمكن أن تكون في الواقع لهما، والياء على أعجمي ليست للتصغير؛ لأن الظاهر أن الكلمة وضعت عليها في لغة العجم فلا تكون للتصغير لاختصاص لغة العرب بياء التصغير؛ ولأنها لو كانت للتصغير لم تؤثر عجمته منع الصرف لما مر من أن الأعجمي إذا كان رباعيا بياء التصغير انصرف، ولم يعتد بالياء فعلم ما في كلام البعض على قول الشارح ولا يعتد بالياء فتأمل.
قوله: "نحو: شتر" بفتح الشين المعجمة والتاء الفوقية اسم قلعة فهو مؤنث، فيشكل على ما سلف أن العجمة إذا انضمت إلى تأنيث الثلاثي الساكن الوسط تحتم المنع فكيف لا تؤثر مع تحركه إلا أن يقال اعتبار التأنيث فيه غير متعين لجواز إرادة المكان يس. قوله:"ولمك" فسره شيخنا والبعض بما في القاموس من أنه جلاء يكتحل به وهو غير مناسب؛ لأن الكلام في العلم، ولمك بهذا المعنى اسم جنس، ونقل شيخنا السيد عن السيد في شرح اللباب: أن لمك بفتح اللام والميم هو ابن متوشلخ بن نوح الأمر عليه ظاهر. قوله: "لأن العجمة سبب ضعيف" علة لقوله ولا فرق في ذلك إلخ. قوله: "مطلقًا" أي: ساكن الوسط أو متحرك. قوله: "جائزًا" المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب في متحرك الوسط وقوله: لوجد في بعض الشواذ المناسب لمذهب من يجعل ساكن الوسط ذا وجهين ومتحركه متحتم المنع أن يقول لوجد في بعض كلامهم؛ لأن صاحب هذا المذهب لا يقول بشذوذ المنع إلا أن يقال المراد المبالغة في عدم وجوده في كلامهم رأسًا فالمعنى لوجد ولو في بعض الشواذ فتفطن. قوله: "ويتحصل" أي: من كلام النحاة لا مما تقدم إذا القول الثالث لم يتقدم.
كَذاكَ ذو وَزْنٍ يَخُصُّ الفِعْلا
…
أو غالِبٍ كأحمَدٍ ويَعْلَى
ــ
الثالث أن ما تحرك وسطه لا ينصرف، وما سكن وسطه ينصرف وبه جزم ابن الحاجب.
تنبيهات: الأول قوله زيد هو مصدر زاد يزيد زيدًا وزيادة وزيدانًا. الثاني المراد بالعجمي ما نقل من لسان غير العرب ولا يختص بلغة الفرس. الثالث إذا كان الأعجمي رباعيا وأحد حروفه ياء التصغير انصرف ولا يعتد بالياء. الرابع تعرف عجمة الاسم بوجوه: أحدها نقل الأئمة، ثانيها خروجه عن أوزان الأسماء العربية نحو: إبراهيم، ثالثها عروه من حروف الذلاقة وهو خماسي أو رباعي فإن كان في الرباعي السين فقد يكون عربيا نحو: عسجد وهو قليل، وحروف الذلاقة ستة يجمعها قولك: مر بنفل، رابعها أن يجتمع فيه من الحروف ما لا يجتمع في كلام العرب كالجيم والقاف بغير فاصل نحو: قج وجق، والصاد والجيم نحو: صولجان، والكاف والجيم نحو: أسكرجة، وتبعية الراء للنون أول كلمة نحو: نرجس والزاي بعد الدال نحو: مهندز "كذاك ذو وزن يخص الفعلان أو غالب كأحمد
ــ
قوله: "وما سكن وسطه ينصرف" أي: وجوبًا ليغاير الثاني. قوله: "مصدر زاد يزيد إلخ" الأحسن أن يقول مصدر زاد يقال زاد يزيد إلخ. قوله: "عروه من حروف الذلاقة" اعلم أن العلامة يلزم اطرادها ولا يلزم انعكاسها أي: يلزم من وجودها وجود المعلم ولا يلزم من عدمها عدمه فيلزم من وجود الخلو في الخامسي أو الرباعي وجود العجمة ولا يلزم من عدم الخلو فيما ذكر عدم العجمة فلا يرد أن يوسف أعجمي وقد وجد فيه حرف من حروف الذلاقة وهو الفاء. إذا علمت أن ما فرعه يس. وتبعه شيخنا والبعض على هذه العلامة بقوله فما فيه حرف من حروف الذلاقة عربي، وينبغي أن يقال حيث لم تنقل عجمته ولم يكن فيه سبب آخر ناشئ عن الغفلة عن حكم العلامة فتدبر. قوله:"فإن كان في الرباعي السين" أي: ما ذكر من عجمة الرباعي العاري عن حروف الذلاقة إذا لم يكن فيه السين فإن كان إلخ.
قوله: "نحو: عسجد" هو الذهب والجوهر والبعير الضخم قاموس. قوله: "بغير فاصل" لم يشترط ذلك بعضهم ومثل لما فيه الفاصل بالجرموق.
قوله: "نحو: قج وجق" الأول بقاف مفتوحة وجيم مشوبة بالشين ساكنة لغة تركية بمعنى اهرب وبمعنى كم الاستفهامية وأما بكسر القاف فبمعنى الرجل، والثاني بكسر الجيم وسكون القاف بمعنى اخرج، وقال في القاموس: الجقة بالكسر الناقة الهرمة، وجق الطائر ذرق ا. هـ. ولم يذكر قج ويؤخذ من صنيع شيخنا السيد أن مراد الشارح التمثيل بقج وجق التركيتين، وحينئذ يرد على الشارح أن كلامه في الأسماء وجق ليس في اللغة التركية اسمًا اللهم إلا أن يراد بالأسماء مطلق الكلمات فتأمل. قوله:"نحو: صولجان" بفتح الصادر واللام المحجن وجمعه صوالجة قاموس ومثله الجص والصنجة. قوله: "نحو: أسكرجة" قال البعض: بسكون السين وضم الكاف وضم الراء المشددة اسم لوعاء مخصوص ا. هـ. وانظر ما حركة الهمزة. قوله "والزاي بعد الدال" أي: وكالزاي بعد الدال، ولو قال: والزاي للدال أي: وتبعية الزاي للدال لكان أخصر وقيد في الهمع تبعية الزاي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويعلى" أي: مما يمنع الصرف مع العلمية وزن الفعل بشرط أن يكون مختصا به أو غالبًا فيه. والمراد بالمختص ما لا يوجد في غير فعل إلا في نادر أو علم أو أعجمي كصيغة الماضي المفتتح بتاء المطاوعة كتعلم أو بهمزة وصل كانطلق، وما سوى أفعل ونفعل وتفعل ويفعل من أوزان المضارع وما سلمت صيغته من مصوغ لما لم يسم فاعله وبناء فعل، وما صيغ للأمر من غير فاعل، والثلاثي نحو: أَنطلق ودحرج فإذا سمي بهما مجردين عن الضمير قيل هذا أنطلق ودحرج ورأيت أنطلق ودحرج ومررت بأنطلق ودحرج، وهكذا كل وزن من الأوزان المبنية على أنها تختص بالفعل والاحتراز بالنادر من نحو: دئل لدويبة
ــ
للدال بكونها في آخر الكلمة وقوله: نحو: مهندز، قال يس: وقد تبدل زايه سينًا.
قوله: "كذاك ذو وزن" أي: علم ذو وزن وفي البيت عطف الاسم على الفعل لكون أحدهما بمعنى الآخر، والأحسن هنا إرجاع الأولى إلى الثاني؛ لأن الأصل في الوصف الإفراد. قوله:"كأحمد" منقول من فعل ماض أو مضارع أو من اسم تفضيل ا. هـ. سم. قوله: "إلا في نادر" أي: لفظ نادر عربي غير علم بقرينة عطف العلم والعجمي عليه، والعطف يقتضي المغايرة وقوله: كصيغة الماضي إلخ تمثيل للمختص وعطف عليه قوله: وما سوى إلخ، وقوله: وما سلمت إلخ، وقوله: وبناء فعل، وقوله: وما صيغ إلخ. قوله: "أو بهمزة وصل" وحكم همزة الوصل في الفعل المسمى به القطع؛ لأن المنقول من فعل بعد عن أصله فالتحق بنظائره من الأسماء فحكم فيه بقطع الهمزة بخلاف المنقول من اسم كاقتدار فإن الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية؛ لأن المنقول من اسم لم يبعد عن أصله فلم يستحق الخروج عما هو له. تصريح.
قوله: "وما سوى أفعل ونفعل وتفعل ويفعل" أي: لأن هذه من الغالب كما يعلم مما يأتي ا. هـ. سم ومثال ما سواها يدحرج ويستخرج. قوله: "وما سلمت إلخ" احترز بالسلامة عن الغير كرد وقيل وسيأتي، وقوله: من مصوغ بيان لما سلمت إلخ، وقوله: وبناء فعل أي: بالتشديد. قوله: "من غير فاعل" أما ما صيغ للأمر من فاعل كضارب بكسر الراء أمر من ضارب بفتحها فليس من المختص، ولا من الغالب بل هو بالاسم أولى فلا يؤثر. تصريح. قوله:"والثلاثي" أي: وغير الثلاثي؛ لأن ما صيغ من الثلاثي من الغالب كما يأتي سم. قوله: "نحو: انطلق ودحرج" تمثيل لما صيغ للأمر من غير فاعل وغير الثلاثي. قوله: "مجردين عن الضمير" إذ لو اقترنا به لكانا من المحكي لا من الممنوع الصرف؛ لأن العلم حينئذ منقول من الجملة لا من الفعل وحده لكن هذا القيد لا يخص هذين المثالين كما لا يخفى. قوله: "قيل هذا أنطلق" بقطع الهمزة لما مر. قوله: "وهكذا" أي: كالمذكور من صيغة الماضي المفتتح بتاء المطاوعة وغيره مما مر وقوله: المبنية أي: الموضوعة.
قوله: "والاحتراز بالنادر من نحو: دئل" أي: من خروج وزن نحو: دئل بصيغة الماضي المجهول وينجلب وتبشر عن ضابط المختص بالفعل، وقوله: لدويبة أي: شبيهة بابن عرس أي: اسم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وينجلب لخرزة وتبشر لطائر، وبالعلم من نحو: خضم بالمعجمتين لرجل وشمر لفرس وبالأعجمي من بقم وإستبرق فلا يمنع وجدان هذه الأسماء اختصاص أوزانها بالفعل؛ لأن النادر والعجمي لا حكم لهما؛ ولأن العلم منقول من فعل فالاختصاص باق، والمراد بالغالب ما كان الفعل به أولى إما لكثرته فيه كإثمد وأصبع وأُبْلُم فإن أوزانها تقل في الاسم وتكثر في الأمر من الثلاثي؛ وإما لأن أوله زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم كأفكل وأكلب فإن نظائرهما تكثر في الأسماء والأفعال، لكن الهمزة من أفعل وأفعل تدل على معنى في الفعل نحو: أذهب وأكتب ولا تدل على معنى في الاسم فكان المفتتح بأحدهما من
ــ
لهذا النوع وكذا يقال في قوله: لخرزة وقوله: لطائر فدئل وينجلب وتبشر أسماء أجناس فلو جعلت أعلامًا منعت الصرف، وكذا بقم وإستبرق كذا قال سم، وفي التوضيح ما يؤيده وينجلب بجيم بعد النون وتبشر بضم التاء وفتح الباء وكسر الشين مشددة كما في سم. وغيره وصدر في القاموس بضم الباء الموحدة ثم حكى فتحها. قوله:"من نحو: خضم" بفتح الخاء المعجمة وتشديد الضاد المعجمة مفتوحة كما في القاموس. قوله: "من بقم وإستبرق" البقم بفتح الموحدة وتشديد القاف مفتوحة صبغ معروف وهو العندم والإستبرق الديباج الغليظ. قوله: "إما لكثرته فيه" يرد عليه أن وزن فاعل بفتح العين كضارب وقاتل أكثر في الأفعال مع أن ما على وزنه من الأسماء كخاتم بالفتح مصروف إلا أن يكون أطلق بناء على أن الغالب أن أكثرية الوزن في الفعل تقتضي المنع ومن غير الغالب قد لا تقتضيه.
قوله: "كإثمد" بكسر الهمزة والميم وسكون المثلثة وبالدال المهملة وإصبع بكسر الهمزة وفتح الباء الموحدة واحدة الأصابع وفيها عشر لغات حاصلة من ضرب ثلاثة أحوال الهمزة في ثلاثة أحوال الباء والعاشر أصبوع وأبلم بضم الهمزة واللام بينهما موحدة ساكنة سعف المقل ا. هـ. تصريح ونقل البعض عن البهوتي فتح الهمزة واللام وكسرهما أيضًا. قوله: "وإما لأن أوله" احترز بقوله: أوله من وزن فاعل بالفتح فإنه وإن اشتمل على زيادة تدل في الفعل كضارب دون الاسم كخاتم وهي ألف المفاعلة، لكن ليست أوله فليس الفعل أولى به من الاسم وإن كان أكثر في الفعل فتفطن. قوله:"زيادة إلخ" احترز بزيادة عما لو كان أوله أصليا فلا أثر له وإن ماثل حروف المضارعة كما في نرجس ونهشل. واعلم أنه يدخل في كلامه نحو: ينجلب وتبشر فلم جعل ذلك من المختص وهلا جعله من الغالب ا. هـ. سم. قلت: إنما جعل ذلك من المختص نظرًا إلى الصيغة بتمامها وهو أولى من جعله من الغالب نظرًا إلى جزئها فتأمل ا. هـ. إسقاطي والعجب من البعض حيث ذكر السؤال بلا عزو والجواب بلا عزو كما هو عادته ولم يحذف لفظ قلت: فأوهم أن الجواب له وليس كذلك كما علمت.
قوله: "كأفكل" وهو الرعدة وأكلب جمع كلب، وقوله: فإن نظائرهما إلخ نظائر أفكل من الأسماء أبيض وأسود وأفضل ومن الأفعال أذهب أوعلم وأسمع ومن نظائر أكلب من الأسماء أبحر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأفعال أصلًا للمفتتح بأحدهما من الأسماء، وقد يجتمع الأمران نحو: يرمع وتنضب فإنهما كإثمد في كونه على وزن يكثر في الأفعال ويقل في الأسماء وكأفكل في كونه مفتتحًا بما يدل على معنى في الفعل دون الاسم.
تنبيهات: الأول قد اتضح بما ذكر أن التعبير عن هذا النوع بأن يقال أو ما أصله للفعل كما فعل في الكافية، أو ما هو به أولى كما في شرحها والتسهيل أجود من التعبير عنه بالغالب. الثاني قد فهم من قوله يخص الفعل أو غالب أن الوزن المشترك غير الغالب لا يمنع الصرف نحو: ضرب ودحرج خلافًا لعيسى بن عمر فيما نقل من فعل فإنه لا يصرفه تمسكًا بقوله:
ــ
وأوجه وأعين ومن الأفعال: أنصر وأدخل وأخرج. قوله: "بأحدهما" أي: بهمزة أحدهما أي: أفعل وأفعل. قوله: "وقد يجتمع الأمران" أي: المعلل بهما الأولوية وهما الأكثرية والافتتاح بزيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم، هذا ما يدل عليه كلامه بعد وأما ما قاله سم وتبعه شيخنا والبعض من أنهما الأكثرية والأولوية فلا يناسب كلامه بعد فافهم. قوله:"نحو: يرمغ" بتحتية فراء فميم فغين معجمة بوزن يضرب اسم لحجارة بيض دقاق تلمع وتنضب بفوقية فنون فضاد معجمة فموحدة بوزن تنصر اسم شجر، فلو قال يدل قوله: فإنهما كإثمد فإنهما كاصبع وأصبع لكان أنسب نعم يرد على الشارح أن وزن أفعل بضم العين كثير في الأسماء أيضا كما قدمه فتأمل.
قوله: "قد اتضح بما ذكر إلخ" يجوز أن يحمل قول المصنف أو غالب على الغالب حقيقة لكثرته في الفعل أو حكمًا بأن يكون القياس يقتضي كثرته في الفعل؛ لأن أنسب به؛ لأن أوله زيادة تدل على معنى فيه دون الاسم ا. هـ. سم. ويدل على هذا الحمل تمثيله بأحمد ويعلى للغالب؛ لأنهما من الغالب حكمًا. قوله: "عن هذا النوع" أي: المعبر عنه هنا بالغالب. قوله: "أجود إلخ" أي: لأنه قد بان أن هذا النوع قسمان ما يغلب في الفعل وما الفعل به أولى وإن لم يغلب. وقول الناظم: أو غالب لا يشمل القسم الثاني بدون تأويل. قوله: "الثاني قد فهم من قوله إلخ" عبارة السندوبي وفهم من كلامه أن الوزن الخاص بالاسم أو الغالب فيه أو المستوى فيه هو والفعل لا يؤثر وهو كذلك، وخالف عيسى بن عمر في المنقول من الفعل ا. هـ. فقول الشارح: المشترك أي: وكذا المختص بالاسم وقوله: غير الغالب أي: في الفعل فيصدق بالغالب في الاسم والمستوى فيه هو والفعل. قوله: "لعيسى بن عمر" هو شيخ سيبويه وشيخ شيخه الخليل دماميني.
قوله: "فيما نقل من فعل" أي: من موازن فعل بفتحتين يعني من الفاعل الماضي مطلقًا أي: لا بقيد صيغة مخصوصة كما يدل عليه كلام عيسى بن عمر فإنه قال كما في الشاطبي: كل فعل ماض إذا سمي به، فإنه لا ينصرف وبدليل الرد عليه بعد بأن العرب أجمعوا على صرف كعسب اسم رجل مع أنه منقول من كعسب إذا أسرع، إذ لو كانت مخالفة عيسى في خصوص الماضي الذي على وزن فعل كأكل وضرب لم يصح الرد عليه بصرف كعسب إجماعًا؛ لأن وزن كعسب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1032-
أنا ابْنُ جَلا وطَلاعِ الثَّنايا
ولا حجة فيه؛ لأنه محمول على إرادة أنا ابن رجلا جلا الأمور وجربها، فجلا جملة من فعل وفاعل فهو محكي لا ممنوع من الصرف كقوله:
1033-
نُبِّئْتُ أخْوالِي بَنِي يَزِيدُ
والذي يدل على ذلك إجماع العرب على صرف كعسب اسم رجل مع أنه منقول من كعسب إذا أسرع. وقد ذهب بعضهم إلى أن الفعل قد يحكى مسمى به وإن كان غير
ــ
فعلل وكلامه في موازن فعل. قوله: "أنا ابن رجل جلا إلخ" فجملة جلا في موضع خفض صفة لمحذوف واعترض بأن الموصوف بالجملة لا يحذف إلا إذا كان بعض اسم مجرور بمن أو في كما مر في النعت، لكن نقل يس عن بعضهم عدم اعتبار هذا الشرط، ونقل شيخنا السيد أن اعتباره خاص بما إذا كان الموصوف مرفوعًا. قوله:"فهو محكي" نظر في تفريع هذا على سابقه بأنه إنما يتفرع كون الجملة محكية على جعلها مسمى بها لا على أنها صفة لمحذوف؛ لأن الجملة الموصوف بها لا تسمى محكية بل هما احتمالان كما تصرح به عبارة التوضيح وهي: وأجيب بأنه يحتمل أن يكون سمي بجلا من قولك: زيد جلا ففيه ضمير وهو من باب المحكيات كقوله:
نبئت أخوالي بني يزيد
وأن يكون ليس بعلم بل صفة لمحذوف أي: أنا انب رجل جلا الأمور ا. هـ. فكان الظاهر أن يقول أو هو محكي. قوله: "بني يزيد" فيزيد مسمى به وفيه ضمير مستتر بدليل رفعه على الحكاية، ولو كان مجردًا عن الضمير لجر بالفتحة تصريح. قوله:"والذي يدل على ذلك" أي: الصرف فيما نقل عن الفعل الماضي خلافًا لعيسى وما ذكره البعض من المناقشة في الدلالة المذكورة علم رده مما كتبناه على قوله فيما نقل من فعل. قوله: "إلى أن الفعل قد يحكى
1032- عجزه:
متى أضعُ العمامَةَ تَعْرفونِي
والبيت من الوافر، وهو لسحيم بن وثيل الرياحي في الاشتقاق ص224؛ والأصمعيات ص17؛ وجمهرة اللغة ص495، 1044؛ وخزانة الأدب 1/ 255، 257، 266؛ والدرر 1/ 99؛ وشرح شواهد المغني 1/ 459؛ وشرح المفصل 3/ 62؛ والشعر والشعراء 2/ 647؛ والكتاب 3/ 207؛ والمقاصد النحوية 4/ 356؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص314؛ وأمالي ابن الحاجب ص456؛ وأوضح المسالك 4/ 127؛ وخزانة الأدب 9/ 402؛ وشرح شواهد المغني 2/ 749؛ وشرح قطر الندى ص86؛ وشرح المفصل 1/ 61، 4/ 105؛ ولسان العرب 14/ 124 "ثنى"، 152 "جلا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص20؛ ومجالس ثعلب 1/ 212؛ ومغني اللبيب 1/ 160؛ والمقرب 1/ 283؛ وهمع الهوامع 1/ 30.
1033-
الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ وخزانة الأدب 1/ 270؛ وشرح التصريح 1/ 117؛ والمقاصد النحوية 1/ 388، 4/ 370؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 124؛ وشرح المفصل 1/ 28؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"، 329 "فدد"؛ ومجالس ثعلب ص212؛ ومغني اللبيب 2/ 626.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مسند إلى ضمير متمسكًا بهذا البيت. ونقل عن الفراء ما يقرب من مذهب عيسى، قال: في الأمثلة التي تكون للأسماء والأفعال إن غلبت للأفعال فلا تجره في المعرفة نحو: رجل اسمه ضرب، فإن هذا اللفظ وإن كان اسمًا للعسل الأبيض هو أشهر في الفعل، وإن غلب في الاسم فأجره في المعرفة والنكرة نحو: رجل مسمى بحجر؛ لأنه يكون فعلًا. تقول: حجر عليه القاضي ولكنه أشهر في الاسم. الثالث يشترط في الوزن المانع للصرف شرطان: أحدهما أن يكون لازمًا. الثاني أن لا يخرج بالتغيير إلى مثال هو للاسم، فخرج بالأول نحو: امرئ فإنه لو سمي به انصرف، وإن كان في النصب شبيهًا بالأمر من علم وفي الجر
ــ
مسمى به" أي: فعلى تسليم أن جلا مجرد عن الضمير مسمى به لا نسلم دلالته على منع الصرف الذي ادعاه عيسى، لاحتمال أن يكون محكيا بناء على هذا المذهب. وقوله: بهذا البيت أي: أنا ابن جلا إلخ. قوله: "وما يقرب من مذهب عيسى" إنما قال يقرب لمخالفته مذهب عيسى فيما غلب استعماله اسمًا وإن وافقه فيما غلب استعماله فعلًا؛ ولأن نظر عيسى إلى الوزن بقطع النظر عن المادة ونظر الفراء إلى المادة ذات الوزن.
قوله: "الأمثلة التي تكون إلخ" أي: الكلمات التي تارة تكون أسماء وتارة أفعالًا إن غلب استعمالها أفعالًا إلخ، ولم ينقل الشارح حكم ما استعمل اسمًا وفعلا على السواء عند الفراء، ولعله يجوز الوجهين في المعرفة فراجع. قوله:"فلا تجره" أي: بالكسرة والضمير البارز للأمثلة لتأولها بالمذكور. قوله "أن يكون لازمًا" أي: للكلمة فنحو: إثمد لازم له وزن اضرب ونحو: إصبع لازم له على إحد لغاته وزن اقطع ونحو: أبلم لازم له وزن اكتب. قال الحفيد: اعلم أن الوزن إذا كان مختصا تجب الموازنة في اللفظ والتقدير، وإن كان غالبا لكونه مبدوءًا بزيادة هي بالفعل أولى من الاسم فلا تشترط الموازنة في اللفظ؛ لأن أوله مما ينبه على الوزن؛ ولهذا امتنع صرف أهب وأشد علمين إذا علمت هذا علمت عدم عموم قوله: أن يكون لازمًا إلخ ا. هـ. وقوله: إذا كان مختصا أي: أو غالبا لكثرته في الفعل دون الاسم بدليل بقية كلامه، واللائق كتابة هذا الكلام على الشرط الثاني وإبدال قوله: علمت عدم عموم قوله: أن يكون لازمًا بقوله: علمت عدم عموم قوله: أن لا يخرج بالتغيير إلى مثال هو للاسم، ومع كون البعض تبعه في كتابة ذلك على الشرط الأول تصرف في عبارته واختصرها تصرفًا واختصارًا مخلين.
قوله: "الثاني أن لا يخرج إلخ" اعترضه البعض بأنه لا حاجة إلى هذا الشرط فإن ما أخرجه به من نحو: رد وقيل خارج من الضابط السابق للوزن المختص وخارج أيضًا بقيد السلامة في قوله سابقًا وما سلمت صيغته من مصوغ لما لم يسم فاعله؛ لأن المراد بالسالم عندهم ما سلم من الاعتلال والتضعيف ويمكن أن يدفع بأن خروجه من ضابط الوزن المختص لا يستلزم خروجه من مطلق الوزن المانع الصرف وكلامه الآن في شرط مطلق الوزن المانع وقوله: وما سلمت إلخ من مدخول كاف التمثيل والمثال لا يخصص فتدبر. قوله: "نحو: امرئ" أي: على لغة الاتباع فيه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شبيهًا بالأمر من ضرب وفي الرفع شبيهًا بالأمر من خرج؛ لأنه خالف الأفعال بكون عينه لا تلزم حركة واحدة فلم تعتبر فيه الموازنة، وخرج الثاني نحو: رد وقيل فإن أصلهما ردد وقول، ولكن الإدغام والإعلال أخرجاهما إلى مشابهة برد وقيل فلم يعتبر فيهما الوزن الأصلي. ولو سميت رجلًا بألبب بالضم جمع لب لم تصرفه؛ لأنه لم يخرج بفك الإدغام إلى وزن ليس للفعل. وحكى أبو عثمان عن أبي الحسن صرفه؛ لأنه بابن الفعل بالفك. وشمل قولنا إلى مثال هو للاسم قسمين: أحدهما ما خرج إلى مثال غير نادر ولا إشكال في صرفه نحو: رد وقيل، والآخر ما خرج إلى مثال نادر نحو: انطلق إذا سكنت لامه فإنه خرج إلى بناء انْتَحَل وهو نادر، وهذا فيه خلاف، وجوز فيه ابن خروف الصرف والمنع. وقد فهم من ذلك أن ما دخله الإعلال ولم يخرجه إلى وزن الاسم نحو: يزيد امتنع صرفه. الرابع اختلف في
ــ
فإن سمي به على لغة من يلتزم فتح عينه منع من الصرف لكون الوزن لازمًا حينئذ، وكذا الكلام في ابنم على اللغتين دماميني بحذف. قوله:"وفي الرفع شبيهًا بالأمر من خرج" رد بأن همزته مكسورة كما كانت قبل التسمية، وهمزة اخرج مضمومة فلا مشابهة وحينئذ فصرفه في هذه الحالة أقوى من صرفه في الحالين الأولين. قوله:"ولكن الإدغام" أي: في رد والإعلال أي: في قيل بالنقل والقلب.
قوله: "ولو سميت إلخ" محترز قوله: إلى مثال هو للاسم. قوله: "بالضم" أي: ضم الباء الأولى، وأما الهمزة فمفتوحة كما في الفارضي، قال الدماميني: واحترز عن ألبب بفتح الباء الأولى فإنه لا خلاف في منع صرفه؛ لأنه اسم تفضيل بمعنى أعقل فيستحق منع صرفه مطلقًا للصفة والوزن. قوله: "جمع لب" بضم اللام وتشديد الموحدة وهو العقل وجمع لب على ألبب قليل والأكثر أن يجمع على ألباب تصريح. قوله: "لأنه باين الفعل" أي: فعله الذي هو لب لا الفعل مطلقًا فإنه بوزن اكتب واقتل ا. هـ. زكريا والظاهر أنه لا حاجة إلى ذلك؛ لأن الشارح لم يدع انتفاء كونه بوزن الفعل وإنما ادعى كونه مباينًا للفعل بالفك؛ لأن الفعل الذي على وزنه مدغم نحو: أشد وأرد أي: فضعف اعتبار الوزن، قال في الهمع: والأصح وعليه سيبويه منعه ولا مبالاة بفكه؛ لأنه رجوع إلى أصل متروك فهو كتصحيح مثل: استحوذ، وذلك لا يمنع اعتبار الوزن إجماعًا فكذا الفك؛ ولأن وقوع الفك في الأفعال معهود كاشدد في التعجب ولم يردد وألل السقاء فلم يباينه. قوله:"إلى مثال نادر" ليس المراد أنه نادر في الاسم وكثير في الفعل وإلا كان من أوزان الفعل بل المراد أنه من أوزان الاسم الخاصة به إلا أنه نادر فيه سم.
قوله: "إلى بناء انتحل" قال شيخنا: بالحاء المهملة الساكنة ا. هـ. ولم أجده في القاموس. قوله: "ما دخله الإعلال ولم يخرجه إلخ" نحو: يزيد فإنه أعل إذ أصله يزيد كيضرب ولم يخرج بالإعلال إلى مثال الاسم فمنع من الصرف فإن قيل يزيد على وزن بريد، أجيب بأنه وإن كان على وزنه لكن يزيد مفتتح بياء تدل في الفعل على معنى هو الغيبة بخلاف بريد فلم يخرج يزيد
وما يَصِيرُ عَلمًا من ذي أَلِفْ
…
زِيدَتْ لإلحاقٍ فليسَ يَنْصَرفْ
ــ
سكون التخفيف العارض بعد التسمية نحو: ضرب بسكون العين مخففًا من ضرب المجهول: فمذهب سيبويه أنه كالسكون اللازم فينصرف وهو اختيار المصنف، وذهب المازني والمبرد ومن وافقهما إلى أنه ممتنع الصرف، فلو خفف قبل التسمية انصرف قولًا واحدًا "وما يصير علمًا من ذي ألف زيدت لإلحاق فليس ينصرف" أي: ألف الإلحاق المقصورة تمنع الصرف مع العلمية لشبهها بألف التأنيث من وجهين: الأول أنها زائدة ليست مبدلة من شيء بخلاف الممدودة فإنها مبدلة من ياء. والثاني أنها تقع في مثال
ــ
عن كونه من أوزان الفعل. قوله: "وهو اختيار المصنف" لأن الوزن قد زال والأصل الصرف ولصرفهم جندل بعد حذف الألف، وإن كان حذفًا عارضًا مع أن فيه ما يدل على تقديرها وهو توالي أربع متحركات دماميني. قوله:"ممتنع الصرف"
أي: لعروض السكون كما لا ينصرف جيل المخفف من جيأل. وأجيب عن هذا بأن الفتحة باقية فهي بمنزلة الهمزة دماميني. قال في الهمع: ويجري القولان في يعفر علمًا إذا ضم ياؤه اتباعًا فالأصح صرفه وعليه سيبويه، لورود السماع به فيما حكاه أبو زيد وخروجه إلى شبه الاسم والثاني منعه وعليه الأخفش لعروض الضمة فلا اعتداد بها ويجريان أيضًا في بدل همزة أفعل كهراق أصله أراق علمًا والأصح فيه المنع ولا مبالاة بهذا الإبدال.
قوله: "فلو خفف" أي: بالسكون. قوله: "لإلحاق" هو جعل كلمة على مثال أخرى رباعية الأصول أو خماسيتها كجعل أرط وعلقى على مثال جعفر وعزهى وذفرى على مثال درهم وجلبب جلببة وجلبابًا على مثال دحرج دحرجة ودحراجًا وحلتيت وحلاتيت وعفريت وعفاريت على مثال قنديل وقناديل. قوله: "المقصورة" خرج به ألف الإلحاق الممدودة كما سيأتي. قوله: "مع العلمية" ولم تستقل ألف الإلحاق بالمنع كألف التأنيث؛ لأن الملحق بغيره أحط رتبة منه سم. قوله: "لشبهها بألف التأنيث" أي: المقصورة وقوله: من وجهين أي: لا من كل وجه فإنها تفارقها من حيث أن ألف التأنيث لا يقبل ما هي فيه التنوين ولا تاء التأنيث وما فيه ألف الإلحاق يقبلهما، وقد استعمل بعض الأسماء منونًا بجعل ألفه للإلحاق وغير منون بجعل ألفه للتأنيث نحو: تترى وبالوجهين قرئ في السبع قوله: "بخلاف الممدودة" أي: ألف الإلحاق الممدودة فإنها لا تؤثر منع الصرف لعدم شبهها بألف التأنيث الممدودة؛ لأن همزة الإلحاق منقلبة عن ياء وهمزة التأنيث منقلبة عن ألف وأيضًا همزة التأنيث منقلبة عن مانع وهو الألف فتمنع، وهمزة الإلحاق منقلبة عن غير مانع وهو الياء فلا تمنع أفاده في التصريح.
قوله: "فإنها مبدلة من ياء" أي: فلم تشبه ألف التأنيث الممدودة؛ لأنها مبدلة من ألف ثانية، وظاهر هذا الجري على أن ألف الإلحاق الممدود الهمزة بعد الألف وألف التأنيث الممدودة الهمزة بعد الألف وفيه خلاف سيأتي في باب التأنيث. قوله:"في مثال" أي: وزن وقوله: نحو: أرطي اسم شجر وألفه للإلحاق بجعفر على الراجح وقيل إن أرطى أفعل فمانعه العلمية ووزن الفعل
والعَلَمَ امنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلا
…
كفُعَل التوكيدِ أو كثُعَلا
والعَدلُ والتعرِيفُ مانِعا سَحَرْ
…
إذا به التَّعيينُ قَصْدًا يُعتَبَرْ
ــ
صالح لألف التأنيث نحو: أرطى فإنه على مثال سكرى وعزهى فهو على مثال ذكرى بخلاف الممدودة نحو: علباء، وشبه الشيء بالشيء كثيرًا ما يلحقه به كحاميم اسم رجل، فإنه عند سيبويه ممنوع الصرف لشبهه بهابيل في الوزن والامتناع من الألف واللام، وكحمدون عند أبي علي حيث يمنع صرفه للتعريف والعجمة، ويرى أن حمدون وشبهه من الأعلام المزيد في آخرها واو بعد ضمة ونون لغير جمعية لا يوجد في استعمال عربي مجبول على العربية، بل في استعمال عجمي حقيقة أو حكمًا، فألحق بما منع صرفه للتعريف والعجمة المحضة.
تنبيهان: الأول كان ينبغي أن يقيد الألف بالمقصود صريحًا أو بالمثال أو بهما كما فعل في الكافية فقال:
وألِفُ الإلحاقِ مَقصورًا مَنع
…
كعلقَ إن ذا عَلَميّة وَقَعْ
الثاني: حكم ألف التكثير كحكم ألف الإلحاق في أنها تمنع مع العلمية نحو: قبعثري. ذكره بعضهم "والعلم امنع صرفه إن عدلا كفعل التوكيد أو كثعلا والعدل
ــ
قال الفارضي: ولا يجوز أن تكون ألف أرطى وعلقى للتأنيث؛ لأنهم قالوا: أرطاة وعلقاة فلو كانت للتأنيث لاجتمع تأنيثان في الكلمة ا. هـ. قوله: "وعزهى فهو على مثال ذكرى" كذا زيد في نسخ والعزهى بعين مهملة فزاي اسم للرجل الذي لا يلهو كما سيأتي في الشرح في باب التأنيث، وألفه للإلحاق بدرهم وترك مثال الضم لعدم ألف الإلحاق في فعلى بالضم بل هي ألف تأنيث كخنثى. قوله:"بخلاف الممدود" أي: ألف الإلحاق الممدودة فإنها لا تقع في مثال صالح لألف التأنيث. قوله: "نحو: علباء" بعين مهملة فلام فموحدة اسم لعصبة العنق وألفه الممدودة للإلحاق بقرطاس، وإنما لم تكن ألفه للتأنيث، قال الفارضي: لأن علباء لا يوازنه شيء من أوزان ألف التأنيث الممدودة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في علامة التأنيث.
قوله: "وشبه الشيء" بتحريك شبه. قوله: "لشبهه بهابيل" فيكون مانعه من الصرف العلمية وشبه العجمة. قوله: "للتعريف والعجمة" أي: الحكمية بقرينة ما بعده ويعبر عنها بشبه العجمة. قوله: "في استعمال عربي" أي: في استعمال شخص عربي مجبول على العربية أي: فصيح موثوق بعربيته. قوله: "والعجمة المحضة" يعني الحقيقة. قوله: "حكم ألف التكثير" أي: التي أتى بها لأجل تكثير حروف الكلمة وتلحقها تاء التأنيث كألف الإلحاق فيقال قبعثراة. قوله: "نحو: قبعثرى" ومن أدخلها في ألف الإلحاق فقدسها إذ ليس في أصول الاسم سداسي فيلحق به ا. هـ تصريح والقبعثرى الجمل العظيم والفصيل المهزول قاموس.
قوله: "والعلم" أي: حقيقة أو حكمًا بقرينة التمثيل بفعل التوكيد فإنه ليس بعلم حقيقة عند
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والتعريف مانعًا سحر إذا به التعيين قصدًا يعتبر" أي: يمنع من الصرف اجتماع التعريف والعدل في ثلاثة أشياء: أحدها فعل في التوكيد وهو جمع وكتع وبصع وبتع فإنها معارف بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد فشابهت بذلك العلم لكونه معرفة من غير قرينة لفظية. هذا ما مشى عليه في شرح الكافية، وهو ظاهر مذهب سيبويه، واختاره ابن عصفور. وقيل بالعلمية وهو ظاهر كلامه هنا ورده في شرح الكافية وأبطله، وقال في التسهيل: بشبه العلمية أو الوصفية. قال أبو حيان: وتجويزه أن العدل يمنع مع شبه الصفة في باب جمع لا أعرف له فيه سلفًا، ومعدولة عن فعلاوات فإن مفرداتها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء، وإنما
ــ
الناظم كما في شرح الكافية وتصحيح بعضهم إبقاء العلمية على ظاهرها بجعل الكاف للتنظير لا للتمثيل يمنعه العطف في قوله: أو كثعلا؛ لأن فعل مثال قطعًا فالمناسب أن يكون ما قبله كذلك نعم يصح الإبقاء بإجراء كلامه هنا على القول بأن فعل التوكيد علم حقيقة لمعنى هو الإحاطة، وإن كان خلاف ما مشى عليه في الكافية. قوله:"كفعل التوكيد" الإضافة على معنى اللام أوفى وكلام الشارح يشير إلى هذا. قوله: "كثعلا" هو علم جنس للثعلب. قوله: "إذا به" الباء بمعنى في متعلقة بيعتبر وقصدًا أي: مقصودًا حال مؤكدة من نائب الفاعل وفي كلامه إدخال إذا على المضارع وهو جائز وإن كان قليلا. قوله: "بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد" والأصل في رأيت النساء جمع جمعهن فحذف الضمير للعلم به، واستغنى بنية الإضافة، وضعف هذا القول بأن تعريف الإضافة غير معتبر في منع الصرف. وأجيب بأن عدم اعتباره إذا وجد المضاف إليه؛ لأن حكم منع الصرف لا يتبين معه، وأما مع حذفه فما المانع من اعتباره.
قوله: "فشابهت بذلك العلم إلخ" فإن سمي به أعني بفعل المؤكد به فمذهب سيبويه بقاؤه على المنع، وعن الأخفش صرفه؛ لأن العدل إنما كان حال التوكيد وقد ذهب فإن نكر بعد التسمية صرف وفاقًا لذهاب العلمية بلا عوض عنها بخلاف أخر؛ لأنه في الأصل صفة أفاده السيوطي. قوله:"وقيل بالعلمية" أي: لمعنى الإحاطة ا. هـ. تصريح فهي علم جنس للمعنى كسبحان. قوله: "وهو ظاهر كلامه هنا" لأنه مثل للعلم المعدول بفعل التوكيد، وإنما قال ظاهر؛ لإمكان حمل العلم في كلامه على ما يشمل العلم حكمًا وهو ما يشبه العلم الحقيقي في كون تعريفه بغير أداة ظاهرة. قوله:"ورده في شرح الكافية وأبطله" فقال: وليس -يعني جمع- بعلم؛ لأن العلم إما شخصي أو جنسي فالشخصي مخصوص ببعض الأشخاص فلا يصح لغيره، والجنسي مخصوص ببعض الأجناس فلا يصلح لغيره وجمع بخلاف ذلك فالحكم بعلميته باطل
ا. هـ. قلت: علم الإحاطة من قبيل علم الجنس المعنوي كسبحان للتسبيح وفي ارتكابه توفية بالقاعدة وهي أنه لا يعتبر في منع الصرف من المعارف إلا العلمية تصريح.
قوله: "يشبه العلمية" أي: نظرًا لكونه معرفًا بغير أداة ظاهرة، وقوله: أو الوصفية أي:
وشبه الوصفية أي: نظرًا لكون مذكره أفعل ومؤنثه فعلاء كما هو شأن الصفات. قوله: "ومعدولة عن فعلاوات" عطف على معارف في قوله السابق: فإنها معارف بنية الإضافة سم. قوله: "لأن مذكره
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قياس فعلاء إذا كان اسمًا أن يجمع على فعلاوات كصحراء وصحراوات؛ لأن مذكره جمع بالواو والنون فحق مؤنثه أن يجمع بالألف والتاء، وهذا اختيار الناظم. وقيل معدولة عن فعل؛ لأن قياس أفعل فعلاء أن يجمع مذكره ومؤنثه على فُعْل نحو: حمر في أحمر وحمراء، وهو قول الأخفش والسيرافي واختاره ابن عصفور. وقيل إنه معدول عن فعالي كصحراء وصحاري، والصحيح الأول؛ لأن فعلاء لا يجمع على فعل إلا إذا كان مؤنثًا لأفعل صفة كحمراء وصفرء، ولا على فعالي إذا كان اسمًا محضًا لا مذكر له كصحراء، وجمعاء ليس كذلك. الثاني علم المذكر والمعدول إلى فعل نحو: عمر وزفر وزحل ومضر وثعل وهبل وجشم وقثم وجمح وقزح ودلف: فعمر معدول عن عامر وزفر معدول عن زافر، وكذا باقيها. قيل وبعضها عن أفعل وهو ثعل، وطريق العلم بعدل هذا النوع سماعه غير مصروف عاريًا من سائر الموانع، وإنما جعل هذا النوع معدولًا لأمرين: أحدهما أنه لو لم يقدر عدله لزم ترتيب المنع على علة واحدة إذ ليس فيه من الموانع غير العلمية. والآخر أن الأعلام يغلب عليها النقل فجعل عمر معدولًا عن عامر العلم المنقول من الصفة ولم يجعل مرتجلًا، وكذا باقيها. وذكر بعضهم لعدله فائدتين: إحداهما لفظية وهي التخفيف، والأخرى معنوية وهي تمحيض العلمية إذ لو قيل عامر لتوهم أنه صفة، فإن ورد فعل مصروفًا
ــ
جمع إلخ" كان ينبغي أن يقول: ولأن مذكره إلخ؛ لأن هذا تعليل آخر للناظم وابنه غير تعليل ابن هاشم السابق في قوله: فإن مفرداتها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء وإنما قياس فعلاء إلخ؛ ولأن صنيعه يوهم أن صحراء له مذكر وليس ذلك كما سيصرح به الشارح أفاده البهوتي. قوله: "عن فعل" أي: بضم الفاء وسكون العين. قوله: "وقيل إنه معدول عن فعالى" أي: لأن فعلاء الذي ليس بصفة قياسه أن يجمع على فعالى دماميمي. قوله: "صفة" حال من أفعل وقوله: لا مذكر له بيان لقوله: محضًا كما تدل عليه عبارة الدماميني. قوله: "وجمعاء ليس كذلك" لأنه ليس بصفة وله مذكر فبطل القولان الأخيران. قوله: "نحو: عمر إلخ" دخل تحت نحو: هدل وعصم وبلع وحجى فجملة الأعلام الموازنة فعل خمسة عشر. قوله: "وزفر عن زافر" بمعنى ناصر أو حامل كما في الفارضي قال: وأما زفر بمعنى كثير العطاء فيصرف؛ لأنه نكرة بدليل
دخول أل عليه ا. هـ.
قوله: "وهو ثعل" قال أبو حيان: لأن ثاعلا غير مستعمل وأثعل مستعمل قال في الصحاح: الثعل بالتحريك زوائد في الأسنان واختلاف منابتها، رجل أثعل وامرأة ثعلاء ا. هـ. قوله:"عاريًا من سائر الموانع" أي: غير العلمية؛ لأن الكلام في العلم. قوله: "لو لم يقدر عدله إلخ" وإنما قدر العدل دون غيره لإمكانه دون غيره دماميني. قوله: "عن عامر العلم المنقول من الصفة" صريح في أن المعدول عنه العلم لا الصفة. قوله: "وهي التخفيف" أي: بحذف الألف. قوله: "فإن ورد فعل مصروفًا إلخ" وما لم يسمع صرفه ولا عدمه فسيبويه يصرفه حملًا على الأصل في الأسماء وغيره يمنع صرفه حملا الغالب في فعل علمًا، وليس يجيد قاله الخضراوي ا. هـ. تصريح.
وعبارة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو علم علمنا أنه ليس بمعدول، وذلك نحو: أدد وهو عند سيبويه من الود فهمزته عن واو، وعند غيره من الأد وهو العظيم فهمزته أصلية، فإن وجد في فعل مانع مع العلمية لم يجعل معدولًا نحو: طوى فإن منعه للتأنيث والعلمية، ونحو: تتل اسم أعجمي فالمانع له العجمة والعلمية عند من يرى منع الثلاثي للعجمة إذ لا وجه لتكلف تقدير العدل مع إمكان غيره. ويلتحق بهذا النوع ما جعل علمًا من المعدول إلى فعل في النداء كغدر وفسق فحكمه حكم عمر. قال المصنف: وهو أحق من عمر بمنع الصرف؛؛ لأن عدله محقق وعدل عمر مقدر ا. هـ. وهو مذهب سيبويه. وذهب الأخفش وتبعه ابن السيد إلى صرفه. الثالث سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه فالأصل أن يعرف بأل أو بالإضافة، فإن تجرد منهما مع قصد التعيين فهو حينئذ ظرف لا يتصرف ولا ينصرف نحو: جئت يوم الجمعة سحر والمانع له
ــ
الأشباه للسيوطي قال في البسيط لو سمي بفعل مما لم يثبت كيفية استعماله ففيه ثلاثة أقوال: أحدها الأولى منع صرفه حملًا له على الأكثر. والثاني الأولى صرفه نظرًا إلى الأصل؛ لأن تقدير العدل على خلاف القياس. والثالث إن كان مشتقا من فعل منع الصرف حملًا على الأكثر وإلا صرف وهو فحوى كلام سيبويه ا. هـ.
قوله: "هو علم" يظهر لي أن هذا القيد لكون الكلام في الأعلام وأن ما ورد مصروفًا وهو وصف كحطم ولبد ليس أيضًا معدولًا وإلا استحق منع الصرف. قوله: "من الود" أي: مشتق من الود وقوله: من الأد أي: مأخوذ من الإد؛ لأن الإد بكسر الهمزة بمعنى العظيم ليس مصدرًا. قوله: "فإن منعه للتأنيث" أي: المعنوي باعتبار البقعة وتنوينه باعتبار المكان لغة فيه قرئ بها في السبع. قوله: "ونحو: تتل" بفوقيتين اسم لبعض عظماء الترك وقوله: عند من يرى إلخ. أما عند من يرى عدم منعه فمانع تتل العلمية. والعدل وقوله: إذ لا وجه إلخ علة لقوله: لم يجعل معدولًا. قوله "بهذا النوع" أي: الثاني. قوله: "حكم عمر" فإن نكر زال المنع سيوطي. قوله: "لأن عدله محقق" فغدر معدول عن غادر وفسق معدول عن فاسق وهذا محقق له قبل التسمية، وأما بعدها فبقي لفظ المعدول على ما هو عليه فاعتبر فمانعه العلمية وبقاء لفظ العدل دماميني. قوله:"سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه فالأصل إلخ" كان يكفيه أن يقول سحر إذا أراد به سحر يوم بعينه فهو حينئذ ظرف إلخ وكأنه إنما زاد قوله: فالأصل إلخ لبيان وجه العدل لكن يرد عليه أنه قد بينه في قوله: أما العدل إلخ وإن لم يذكر ثم الإضافة فتأمل وقوله: إذا أريد به سحر يوم بعينه أي: وجعل ظرفًا كما سيأتي.
قوله: "نحو: جئت يوم الجمعة سحر" قال في مبحث: إذًا من المغني وعمل العامل في ظرفي زمان يجوز إذا كان أحدهما أعم نحو: أتيك يوم الجمعة سحر ا. هـ. واستشكل بأن السحر هو الوقت الواقع قبل الفجر بقليل وضبطه بعضهم بالسدس الأخير من الليل واليوم ما بين طلوع الشمس وغروبها أو ما بين الفجر والغروب فلم يصدق أحد الطرفين على الآخر فلا عموم. وأجيب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من الصرف العدل والتعريف: أما العدل فعن اللفظ بأل فإنه كان الأصل أن يعرف بها، وأما التعريف فقيل بالعلمية؛ لأنه جعل علمًا لهذا الوقت وهذا ما صرح به في التسهيل. وقيل بشبه العلمية؛ لأنه تعرف بغير أداة ظاهرة كالعلم وهو اختيار ابن عصفور. وقوله هنا والتعريف يومئ إليه إذ لم يقل والعلمية. وذهب صدر الأفاضل وهو أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرزي إلى أنه مبني لتضمنه معنى حرف التعريف. قال في شرح الكافية: وما ذهب إليه بثلاثة أوجه: أحدها أن ما ادعاه ممكن وما ادعيناه ممكن لكن ما
ــ
بحمل السحر على أول الفجر لقربة منه أو حمل اليوم على ما يشمل ما قبل الفجر. قوله: "فعن اللفظ بأل" أي: عن لفظ سحر المقرون بأل أي: العهدية كما في الدماميني؛ وذلك لأنه اسم جنس أريد به معين كرجل إذا أريد به معين فحقه أن يكون مع الإضافة أو أل لكنهم عدلوا عن قرنه بأل إلى جعله علمًا على هذا الوقت. فإن قلت كما يجوز أن يكون معدولًا عن ذي أل يجوز أن يكون معدولًا عن المضاف فلم حكمتم بأنه معدول عن ذي اللام دون المضاف؟ فالجواب أن التعريف بأل أخصر من التعريف الإضافي والضرورة داعية إلى اعتبار التعريف ومعها إنا يرتكب قدر الحاجة فلهذا لم يقل الشارح أو الإضافة مع أنه المطابق لقوله سابقًا، فالأصل أن يعرف بأل أو الإضافة. واعلم أن عدل سحر تحقيقي لا تقديري لما عرفت من أنه يدل عليه دليل غير منع الصرف وهو أنه اسم جنس أريد به معين فحقه أن يعرف بأل بخلاف التقديري فإنه لا دليل عليه إلا منع الصرف وليس المراد بالتحقيق ما نطقوا بأصله.
قوله: "بالعلمية" قال الحفيد أي: الشخصية ا. هـ. قال سم ويلزم عليه تعدد الأوضاع بتعدد الأسحار المعينة أي: والأصل عدم تعدد الوضع فالأقرب جعله علم جنس.
قوله: "وهذا ما صرح به في التسهيل" استشكله أبو حيان بأن المعدول له يشتمل على معنى المعدول عنه كاشتمال مثنى وفسق على معنى اثنين اثنين وفاسق وكيف يشتمل سحر على معنى السحر ويكون علمًا مع أن تعريف العلمية لا يجامع تعريف اللام فلا يجامع علمية سحر اشتماله على معنى السحر. همع باختصار. قوله: "إلى أنه مبنى" هذا ثاني أربعة أقوال فيه ذكرها الفارضي ثالثها أنه معرب منصرف وسينقله الشارح عن السهيلي والشلوبين الصغير. رابعها أنه لا معرب ولا مبني وهي مفروضة في سحر المراد به معين المجعول ظرفًا فإن نكر صرف وإن أريد به معين ولم يجعل ظرفًا قرن بأل أو أضيف وجوبًا كما صرح به الدماميني. قوله: "لتضمنه معنى حرف التعريف" الفرق بين العدل والتضمين أن العدل تغيير صيغة اللفظ مع بقاء معناه الأصلي والتضمين إشراب اللفظ معنى زائدًا على أصل معناه من غير تغييره عن صيغته الأصلية فسحر المذكور عند الجمهور مغير عن لفظ السحر من غير تغيير لمعناه وعند صدر الأفاضل وارد على صيغته الأصلية مع إشرابه معنى زائدًا على أصل معناه وهو التعيين أفاده في التصريح فالتغيير على العدل في اللفظ دون المعنى وعلى التضمين بالعكس.
قوله: "ما ادعاه" أي: من البناء وتضمن معنى حرف التعريف فالمصنف إنما سلم إمكان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ادعيناه أولى؛ لأنه خروج عن الأصل بوجه دون وجه؛ لأن الممنوع الصرف باق على الإعراب، بخلاف ما ادعاه فإنه خروج عن الأصل بكل وجه. الثاني أنه لو كان مبنيا لكان غير الفتح أولى به؛ لأنه في موضع نصب فيجب اجتناب الفتحة؛ لئلا يتوهم الإعراب كما اجتنبت في قبل وبعد والمنادى المبني. الثالث أنه لو كان مبنيا لكان جائز الإعراب جواز إعراب حين في قوله:
1034-
عَلى حِينِ عاتَبْتُ المَشِيب عَلَى الصِّبا
لتساويهما في ضعف سبب البناء بكونه عارضًا، وكان يكون علامة إعرابه تنوينه في بعض المواضع، وفي عدم ذلك دليل على عدم البناء وأن فتحته إعرابية، وأن عدم التنوين
ــ
التضمن الذي علل به صدر الأفاضل البناء لا وجوده وإنما لم يحكم بعدمه؛ لأن ما سلكه أسلم له فسقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من الاعتراض. قوله: "لأنه خروج عن الأصل بوجه إلخ" إيضاحه أن أصل الاسم الإعراب والانصراف فالمنع من الصرف عدول عن وجه والبناء عدول عن وجهين معًا. قوله: "لكان غير الفتح إلخ" قد ينقض باسم لا التبرئة المبني؛ لأن بناءه على الفتح مع أنه في موضع نصب فلعل كلامه باعتبار الغالب. قوله: "فيجب اجتناب الفتحة" أي: يتأكد ليوافق قوله قبل لكان غير الفتح أولى به. قوله: "جائز الإعراب" جوازًا وقوعيا كما يؤخذ من بقية كلامه. قوله قبل لكان غير الفتح أولى به. قوله: "جائز الإعراب" جوازًا وقوعيا كما يؤخذ من بقية كلامه. قوله: "جواز إعراب حين" أي: إذا أضيف إلى جملة واللازم باطل عند صدر الأفاضل؛ لأنه مبني عنده مطلقًا زكريا.
قوله: "في ضعف إلخ" وفي كون كل منهما ظرفًا زمانيا. قوله: "بكونه عارضًا" اعترضه البعض بأن الفرق بين سحر وحين ظاهر؛ لأن سبب بناء حين إضافته لمبنى وهي مجوز للبناء لا موجبة وسبب بناء سحر تضمنه معنى الحرف وهو موجب لا مجوز كما لا يخفى أي: ومجرد اشتراكهما في عروض البناء لا يقتضي جواز البناء فقد يكون البناء العارض واجبًا كبناء المنادى واسم لا. قوله: "وكان يكون إلخ" عطف على لكان جائز الإعراب. قوله: "وفي عدم ذلك" أي: التنوين دليل على عدم البناء؛ لأن انتفاء اللازم وهو جواز الإعراب مع التنوين يوجب انتفاء الملزوم
1034- عجزه:
وقلتُ ألَمَّا أصْحُ والشِّيبُ وازعُ
والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص32؛ والأضداد ص151؛ وجمهرة اللغة ص1315؛ وخزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553؛ والدرر 3/ 144؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 506؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 53؛ وشرح التصريح 2/ 42؛ وشرح شواهد المغني 2/ 816، 883؛ والكتاب 2/ 330؛ ولسان العرب 8/ 390 "وزع"، 9/ 70 "خشف"؛ والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 111؛ والإنصاف 1/ 292؛ وأوضح المسالك 3/ 133؛ ورصف المباني ص349؛ وشرح شذور الذهب ص102؛ وشرح ابن عقيل ص387؛ وشرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137؛ ومغني اللبيب ص571؛ والمقرب 1/ 290، 2/ 516؛ والمنصف 1/ 58؛ وهمع الهوامع 1/ 218.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنما كان من أجل منع الصرف فلو نكر سحب وجب التصرف والانصراف كقوله تعالى: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ، نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} [القمر: 34] ا. هـ. وذهب السهيلي إلى أنه معرب وإنما حذف تنوينه لنية الإضافة. وذهب الشلوبين الصغير إلى أنه معرب، وإنما حذف تنوينه لنية أل، وعلى هذين القولين فهو من قبيل المنصرف، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور.
تنبيه: نظير سحر في امتناعه من الصرف أمس عند بني تميم فإن منهم من يعربه في الرفع غير منصرف ويبنيه على الكسر في النصب والجر، ومنهم من يعربه إعراب ما لا ينصرف في الأحوال الثلاث خلافًا لمن أنكر ذلك، وغير بني تميم يبنونه على الكسر. وحكى ابن أبي الربيع أن بني تميم يعربونه إعراب ما لا ينصرف إذا رفع أو جر بمد أو منذ فقط. وزعم الزجاج أن من العرب من يبنيه على الفتح، واستشهد بقول الراجز:
1035-
إني رأيتُ عَجبًا مُذْ أمْسَا
قال في شرح التسهيل: ومدعاه غير صحيح لامتناع الفتح في موضع الرفع، ولأن
ــ
وهو البناء فثبت وجوب الإعراب مع عدم الصرف. قوله: "فلو نكر سحر" هذا مقابل قوله: إذا أريد به سحر يوم بعينه، واعلم أن هذا من تتمة كلام المصنف في شرح الكافية فلا يعترض بأن الأولى تأخيره عن جملة الأقوال في سحر المعرفة. قوله:"إلى أنه معرب" أي: ومنصرف كما يؤخذ من قوله: وإنما حذف تنوينه إلخ والخلاف بين السهيلي والشلوبين إنما هو في علة حذف التنوين كما هو ظاهر في سياقه. قوله: "نظير سحر في امتناعه من الصرف أمس إلخ" مثل ذلك أيضًا رجب وصفر فإن كلا منهما علم جنس على الشهر المخصوص ومعدول عن ذي أل. قوله: "من يعربه في
الرفع إلخ" قال البعض: انظر ما وجه التفرقة بين حالة الرفع وغيرها ا. هـ. وأقول قد توجه بأن الرفع شأن العمد فلم يخرج فيه عن الأصل في الأسماء بالكلية بخلاف النصب والجر فإنهما شأن الفضلات فيقبلان الخروج عن الأصل بالكلية فاعرفه. قوله: "ويبنيه على الكسر" أي: لما يأتي قريبًا. قوله: "يبنونه على الكسر" أي: بالشروط الخمسة المأخوذة من قوله فيما يأتي، ولا خلاف في إعراب أمس وهي أن لا يكسر ولا يصغر ولا ينكر ولا يضاف ولا يحلى بأل وإنما بني لتضمنه معنى حرف التعريف وعلى حركة للتخلص من التقاء الساكنين وكانت كسرة؛ لأنها الأصل في التخلص.
قوله: "إذا رفع أو جر بمذ أو منذ فقط" أي: ويبنونه على الكسر في غير ذلك، ولعل وجه تخصيص مذ ومنذ كثرة جر أمس بهما. قوله:"لامتناع الفتح في وضع الرفع" قال البعض: أي
1035- الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص32؛ وأوضح المسالك 4/ 132؛ وجمهرة اللغة ص841، 863؛ وخزانة الأدب 7/ 167، 168؛ والدرر 3/ 108؛ وشرح التصريح 2/ 226؛ وشرح شذور الذهب ص128؛ وشرح قطر الندى ص16؛ وشرح المفصل 4/ 106، 107؛ والكتاب 3/ 284؛ ولسان العرب 6/ 9، 10 "أمس"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص95؛ والمقاصد النحوية 4/ 357؛ ونوادر أبي زيد ص57؛ وهمع الهوامع 1/ 209.
ابْنِ عَلَى الكَسْرِ فَعَالِ عَلَما
…
مُؤنَّثًا وهو نَظيرُ جُشَما
ــ
سيبويه استشهد بالرجز على أن الفتح في أمسا فتح إعراب، وأبو القاسم لم يأخذ البيت من غير كتاب سيبويه، فقد غلط فيما ذهب إليه واستحق أن لا يعول عليه ا. هـ. ويدل للإعراب قوله:
1036-
اعْتَصِمْ بالرّجاءِ إنْ عَنَّ بَأسٌ
…
وتَناسَ الذي تَضَمَّنَ أمْسُ
وأجاز الخليل في لقيته أمس أن يكون التقدير بالأمس، فحذف الباء وأل، فتكون الكسرة كسرة إعراب. قال في شرح الكافية: ولا خلاف في إعراب أمس إذا أضيف، أو لفظ معه بالألف واللام، أو نكر، أو صغر، أو كسر "وابن على الكسر فعال علما مؤنثًا"
ــ
لعدم وجدان الفتح في لسانهم في موضع الرفع فقالوا: مضى أمس بالرفع ولم يفتحوه ولو كان مبنيا على الفتح في الأحوال كلها أي: عند بعض العرب لسمع مضى أمس بالفتح ا. هـ. وفيه تصريح بأن منقول الزجاج البناء على الفتح في كل الأحوال وحينئذ يتم التعليل أما إن كان منقوله البناء على الفتح في الجر فقط فلا. قوله: "ولأن سيبويه استشهد بالرجز إلخ" هذا التعليل غير ناهض إذ لا ضرر في تخريج إنسان بيتًا على خلاف تخريج من نقل هذا البيت عن العرب فتدبر. قوله: "فتح إعراب" أي: نائب عن الكسر كما هو شأن الممنوع من الصرف وزعم بعضهم أن أسسًا فيه فعل فعل ماض فاعله ضمير مستتر أي: أمسى هو أي: المساء. قوله "وأبو القاسم" أي: الزجاج. قوله: "ويدل للإعراب إلخ" إن كان مقصوده الرد بذلك على الزجاج لم يتم لأن الزجاج لم يدع البناء على الفتح عند جميع العرب بل البناء على الفتح عند بعضهم فيجوز أن يكون قائل البيت من غير هذا البعض فافهم. قوله: "اعتصم" أي: تمسك وعن ظهر. قوله: "ولا خلاف إلخ" نظ فيه بعضهم بأن من العرب من يستصحب البناء مع أل كقوله:
وإني وقفت اليوم والأمس قبله
…
ببابك حتى كادت الشمس تغرب
بكسر سين الأمس وهو في موضع نصب عطفًا على اليوم وخرج على أن أل زائدة لغير تعريف واستصحب معنى المعرفة فاستديم البناء أو أنها المعرفة وجر على إضمار الباء فالكسر إعراب لا بناء. قوله: "أو نكر" أي: أريد به يوم من الأيام الماضية مبهم كما في التوضيح بقي ما إذا أريد به معين من الأيام الماضية غير اليوم الذي يليه يومك كأن يراد به اليوم الذي يلييه أول الشهر الماضي ولا يبعد أن يكون حكمه حكم ما لو أريد به اليوم الذي يليه يومك ويكون التقييد باليوم الذي يليه يومك لأن الغالب في إرادة المعنى ا. هـ. سم وربما يشير إلى ذلك قولن التوضيح سهم فما يتبادر من كلام البعض من أن حكم هذا حكم المنكر غير صحيح. قوله: "أو صغر" أي: على مذهب من يجيز تصغيره كالمبرد وابن برهان ونص سيبويه على أنه لا يصغر وكذا غد استغناء بتصغير ما هو أشد تمكنًا وهو اليوم والليلة قاله أبو حيان. قوله: "أو كسر" أي: جمع جمع
1036 البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 133؛ والدرر 3/ 107؛ وشرح التصريح 2/ 226؛ والمقاصد النحوية 4/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 209.
عندَ تَميمِ واصْرِفَنْ ما نُكِّرا
…
منْ كلِّ ما التعريفُ فيه أثَّرا
ــ
أي: مطلقًا في لغة الحجازيين لشبهه بنزال وزنا وتعريفًا وتأنيثًا وعدلًا. وقيل لتضمنه معنى هاء التأنيث. قال الربعي. وقيل لتوالي العلل وليس بعد منع الصرف إلا البناء. قاله المبرد، والأول هو المشهور: تقول هذه حذام ووبار، ورأيت حذام ووبار، ومررت بحذام ووبار، ومنه قوله:
1037-
إذا قالتْ حَذامِ فَصَدِّقُوها
…
فإنَّ القولَ ما قالتْ حَذامِ
"وهو نظير جشما" وعمر وزفر "عند تميم" أي: ممنوع الصرف للعلمية والعدل عن فاعلة، وهذا رأى سيبيويه. وقال المراد: للعلمية والتأنيث المعنوي كزينب، وهو أقوى على ما لا يخفى. وهذا فيما ليس آخره راء: فأما نحو: وبار وظفار وسفار فأكثرهم يبنيه على
ــ
تكسير على آمس كأفلس وأموس كفلوس وآماس كأوقات فعلم ما في قول البعض بأن قيل أموس من القصور.
قوله: "مطلقًا" أي: سواء ختم براء أو لا. والحاصل أن فيه ثلاث لغات بناءه على الكسر مطلقًا وإعرابه إعراب ما لا ينصرف مطلقًا والتفصيل بين ما آخره راء فيبنى وما لا فيمنع من الصرف. قوله: "لشبهه بنزال" علة لابن ولا ينافي ما سبق من حصر سبب البناء في شبه الحرف؛ لأن الشبه بالحرف صادق بالشبه بلا واسطة وبها كما هنا؛ لأن نزال تشبه الحرف، وقوله: وتعريفًا لما مر من أن اسم الفعل الغير المنون معرفة وقوله: وتأنيثًا لعله في نزال باعتبار أنه اسم لكلمة انزل وهو جار على مذهب المبرد أن نزال بمعنى النزلة وعبارة الهمع لشبهه بفعال الواقع موقع الأمر كنزال في الوزن والعدل والتعريف فأسقط التأنيث. قوله: "لتضمنه معنى هاء التأنيث" أي: التي في المعدول عنه. قوله: "لتوالي العلل" أي: العلمية والتأنيث والعدل ورد بأن أذربيجان فيه خمسة أسباب وهو مع ذلك معرب ا. هـ. حفيد ويجاب بأنهم نبهوا بإعرابه على أن اجتماع الأسباب مجوز للبناء لا موجب سم والخمسة هي العلمية والعجمة وزيادة الألف والنون والتأنيث؛ لأنه علم بلدة والتركيب. قوله: "حذام" معدول عن حاذمة من الحذم وهو القطع، ومن هذا الباب صلاح اسمًا لمكة وسكاب اسمًا لفرس.
قوله: "جشما" معدول عن جاشم أي: عظيم كما في سم. قوله: "وهذا رأي: سيبويه" وهو مقتضى قول المصنف وهو نظير جشما. قوله: "وهو أقوى على ما لا يخفى" أي: لأن التأنيث متحقق فلا حاجة إلى تقدير العدل لأنه إنما يقدر إذا لم يتحقق غيره وأجاب الدماميني بأن الغالب
1037- البيت من الوافر، وهو للجيم بن صعب في شرح التصريح 2/ 225؛ وشرح شواهد المغني 2/ 596؛ والعقد الفريد 3/ 363؛ ولسان العرب 6/ 306 "رقش"؛ والمقاصد النحوية 4/ 370؛ وله أو لوشيم بن طارق في لسان العرب 2/
99 "نصت"؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 131؛ والخصائص 2/ 178؛ وشرح شذور الذهب ص123؛ وشرح ابن عقيل ص58؛ وشرح قطر الندى ص14؛ وشرح المفصل 4/ 64؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص75؛ ومغني اللبيب 1/ 220.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكسر كأهل الحجاز؛ لأن لغتهم الإمالة، فإذا كسروا توصلوا إليها، ولو منعوه الصرف لامتنعت. وقد جمع الأعشى بين اللغتين في قوله:
1038-
ومَرَّ دهْرٌ عَلى وَبارِ
…
فَهَلَكَتْ جَهْرةً وَبارُ
تنبيهات: الأول أفهم قوله مؤنثًا أن حذام وبابه لو سمي به مذكر لم يبن، وهو كذلك، بل يكون معربًا ممنوعًا من الصرف للعلمية والنقل عن مؤنث كغيره، ويجوز صرفه
ــ
على الأعلام النقل فلذا جعلها سيبويه منقولة عن فاعلة المنقولة عن الصفة كما تقدم في عمر، وعلى مذهب المبرد تكون مرتجلة وأجيب بغير ذللك أيضًا كما ذكره شيخنا. قوله:"نحو: وبار" اسم لأرض كانت لعاد وظفار اسم مدينة وسفار اسم ماء وكل معدول عن فاعلة وقولنا سفار اسم ماء تبعنا فيه التوضيح قال شارحه من مياه العرب ملحوظ فيه معنى التأنيئث؛ ولهذا قال سيبويه: اسم لماءة وقال الجوهري: اسم لبئر وهو المناسب؛ لأن الكلام في أعلام المؤنث والماء مذكر ا. هـ.
قوله: "لأن لغتهم الإمالة" أي: لغة جميعهم كما صرحوا به واعترض بأن التوصل للإمالة ليس من أسباب البناء ولو سلم فمقتضى إمالة جميعهم إن جميعهم يبنون على الكسر لا أكثرهم فقط، ويدفع بأن سبب البناء ليس التوصل للإمالة بل الشبه بنزال على ما تقدم لكن أكثرهم اعتبر هذا الشبه لتقويه بترتب الإمالة التي هي لغتهم عليه وبعضهم لم يعتبره لكونه لا يقتضي البناء عنده، ولم يعتبر ترتب الإمالة عليه لكونه لا يجنح إلى الإمالة إلا عند تحقق مقتضى الكسر فاعرف ذلك. قوله:"وقد جمع الأعشى إلخ" أي: حيث كسر الأول بلا تنوين كما في الفارضي ورفع الثاني بالضمة، قال الدنوشري: فيه إشكال؛ لأن الأعشى إن كان غير تميمي فليس عنده إلا البناء على الكسر وكذا إن كان من أكثر بني تميم وإن كان من القليل فليس عنده إلا الإعراب، وقول بعضهم: يجوز للعربي أن يتكلم بغير لغته مردود ا. هـ. والتحقيق كما أوضحناه سابقًا أن العربي قادر على التكلم بغير لغته وحينئذ لا إشكال. نعم قال في شرح الشذور وقيل إن وبار الثاني ليس باسم كوبار الذي في حشو البيت بل
الواو عاطفة وما بعدها فعل ماض وفاعل والجملة معطوفة على قوله: هلكلت وقال أولا هلكت بالتأنيث على معنى القبيلة، وثانيًا باروا بالتذكير على معنى الحي، وعلى هذا القول يكتب باروا بالواو والألف كما يكتب ساروا ا. هـ. فعلى هذا القول لا جمع بين اللغتين.
قوله: "والنقل عن مؤنث" لو قال: والتأنيث بحسب الأصل لكان أحسن؛ لأن النقل نفسه
1038- البيت من مخلع البسيط، وهو للأعشى في ديوانه ص331؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 240؛ وشرح التصريح 2/ 225؛ وشرح شذور الذهب ص125؛ وشرح المفصل 4/ 64، 65؛ والكتاب 3/ 279؛ ولسان العرب 5/ 273 "وبر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 358؛ وهمع الهوامع 1/ 29؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص264؛ وأوضح المسالك 4/ 130؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص77؛ والمقتضب 3/ 50؛ والمقرب 1/ 282.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنه إنما كان مؤنثًا لإرادتك به ما عدل عنه، فلما زاد العدل زال التأنيث بزواله. الثاني فعال يكون معدولًا وغير معدول: فالمعدول إما علم مؤنث كحذام وتقدم حكمه، وإما أمر نحو: نزال، وإما مصدر نحو: حماد، وإما حال نحو:
1039-
والخَيلُ تَعْدُو في الصَّعيدِ بَدادِ
وإما صفة جارية مجرى الأعلام نحو: حلاق للمنية. وإما صفة ملازمة للنداء نحو: فساق، فهذا خمسة أنواع كلها مبنية على الكسر معدولة عن مؤنث، فإن سمي ببعضها مذكر فهو كعناق وقد يجعل كصباح، وإن سمي به مؤنث فهو كحذام ولا يجوز البناء
ــ
ليس من أسباب منع الصرف. قوله: "لأنه إنما كان مؤنثًا إلخ" أي: لأن حذام إنما كان مؤنثًا؛ لأنك أردت به في حالة كونك اسما لأنثى مدلول المؤنث الذي عدل عنه وهو حاذمة، فلما زال العدل بجعله اسمًا لمذكر وعدل إرادة مدلول حاذمة زال التأنيث فانتفى سبب منع الصرف وإنما زال العدل بذلك؛ لأنه لا يصح أن يكون في حالة كونه اسما لمذكر معدولًا عن حاذمة لامتناع إطلاق حاذمة على المذكر مع أن شأن العدل صحة إطلاق المعدول عنه على مسمى المعدول، ولو قال الشارح بدل قوله: فلما زال العبد إلخ فلما لم ترد ذلك زال التأنيث فزال العدل بزواله لكان واضحًا فتأمل.
قوله: "وأما أمر" إن حمل على الأمر الاصطلاحي كان التقدير اسم فعل أمر وإن حمل على الأمر اللغوي وهو الطلب كان التقدير دال أمر. قال في التسهيل: وفتح فعال أمرًا لغة أسدية. قال الدماميني: فيقولون نزال بفتح الآخر إيثارًا للتخفيف. قوله: "نحو: حماد" معدول عن محمدة بفتح الميم الثانية وكسرها. قوله: "في الصعيد" قال في لقاموس: الصعيد التراب أو وجه الأرض أو الطريق وبلاد بمصر مسيرة خمسة عشر يومًا طولًا، وموضع قرب وادى القرى به مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم ا.
هـ. وقوله: بداد معدول عن متبددة. قوله: "جارية مجرى الأعلام" أي: في استعمالها غير تابعة لموصوف وقوله: حلاق بالحاء المهملة معدول عن حالقة والمنية الموت. قوله: "معدولة عن مؤنث" هذا في الأمر ظاهر على رأي المبرد أنه معدول عن مصدر مؤنث معرفة أما على ظاهر كلام سيبويه أنه معدول عن الفعل كما في الهمع فتأنيث الفعل باعتبار أنه كلمة أو لفظة. قوله: "فهو كعناق" أي: في الإعراب والمنع من الصرف كما مر وقوله: كصباح في الإعرب والصرف.
1039- صدره:
وذَكَرَتْ من لبن المُحَلَّق شُرْبةً
والبيت من الكامل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص241؛ والكتاب 3/ 275؛ ولسان العرب 10/ 64 "حلق"؛ ولعوف بن عطية بن الخرع في جمهرة اللغة ص999؛ والخزانة 6/ 363، 368، 370؛ والدرر 1/ 98؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 299؛ وشرح المفصل 4/ 54؛ ولسان العرب 3/ 78 "برد"؛ والمعاني الكبير ص104؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص66؛ وخزانة الأدب 6/ 340؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص73؛ والمعاني الكبير ص389؛ والمقتضب 3/ 371؛ وهمع الهوامع 1/ 29.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خلافًا لابن بابشاذ. وغير المعدول يكون اسما كجناح، ومصدرًا نحو: ذهاب، وصفة نحو: جواد، وجنسًا نحو: سحاب، فلو سمي بشيء من هذه مذكر انصرف قولًا واحدًا إلا ما كان مؤنثًا كعناق "واصرفن ما نكرا من كل ما التعريف فيه أثرا" وذلك الأنواع السبعة المتأخرة وهي: ما امتنع للعلمية والتركيب، أو الألف والنون الزائدتين، أو التأنيث بغير الألف، أو العجمية، أو وزن الفعل، أو ألف الإلحاق، أو العدل: تقول رب معد يكرب وعمران وفاطمة وزينب وإبراهيم أحمد وأرطى وعمر لقيتهم، لذهاب أحد السببين وهو العلمية. وأما الخمسة المتقدمة وهي: ما امتنع لألف التأنيث، أو للوصف والزيادتين، أو للوصف ووزن الفعل، أو للوصف والعدل، أو للجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل فإنها لا تصرف نكرة، فلو سمي بشيء منها لم ينصرف أيضًا. أما ما فيه ألف التأنيث؛ فلأنها كافية في منع الصرف ووهم من قال في حواء امتنع للتأنيث والعلمية. وأما ما فيه الوصف مع زيادتي فعلان أو وزن أفعل؛ فلأن العلمية تخلف الوصف فيصير منعه للعلمية والزيادتين أو للعلمية ووزن أفعل. وأما ما فيه الوصف والعدل وذلك أخر وفعال ومفعل نحو: أحاد وموحد فمذهب سيبويه أنها إذا سمي بها امتنعت من الصرف للعلمية والعدل. قال في شرح الكافية: وكل معدول سمي به فعدله باق إلا سحر وأمس في لغة بني تميم فإن عدلهما يزول بالتسمية فيصرفان، بخلاف غيرهما من المعدولات فإن عدله بالتسمية باق فيجب
ــ
قوله: "وإن سمي به مؤنث إلخ" أتى به تتميمًا للتقسيم وإلا فهو مما دخل تحت قول المصنف وابن على الكسر فعال علمًا مؤنثًا وهذا أولى مما ذكره البعض لما يلزم عليه من قصور النظم فتدبر.
قوله: "فهو كحذام" فتنبيه على لغة الحجاز وتعربه غير منصرف على لغة تميم وإن كان آخره راء فعلى ما تقدم أيضًا نحو: حذار ويسار ا. هـ. دماميني. قوله: "ولا يجوز البناء" قال الدماميني: أي: فيما سمي به مذكر ا. هـ. أي: لا فيما سمي به مؤنث حتى يعترض بأن في كلامه تناقضًا؛ لأن قضية التشبيه بحذام جواز البناء فينافي قوله: ولا يجوز البناء، لكن لو ذكره قبل قوله: وإن سمي به مؤنث إلخ، لسلم من الإيهام. قوله:"من كل إلخ" حال من ما بيان لها. قوله: "من كل ما التعريف فيه أثرًا" أي: مما يمكن تنكيره فلا يرد أن فعل في التوكيد مما يؤثر فيه التعريف مع أنه لا ينكر لوجوب إضافته ولونية إلى ضمير المؤكد. قوله: "ووهم من قال إلخ" أي: لأن ألف التأنيث كافية في المنع فلا وجه لاعتبار غيرها.
قوله: "وكل معدول إلخ" حاصل ما فرق به بين ما يبقى فيه العدل بعد التسمية وما يزول فيه بعدها أن الأول فيه ما يشعر بالعدل وهو تغيير الحركات بخلاف الثاني ا. هـ. زكريا ووجه بعضهم زوال عدل سحر وأمس بالتسمية بأن أل لا تجامع العلمية. قوله: "في لغة بني تميم" راجع لأمس فقط أي: وأما في لغة الحجازيين فمبني على الكسر. قوله: "فإن عدله بالتسمية باق"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منع صرفه للعدل والعلمية عددًا كان أو غيره. هذا هو مذهب سيبويه، ومن عزا إليه غير ذلك فقد أخطأ، وقوله: ما لم يقل، وإلى هذا أشرت بقولي:
وعَدْلُ غير سَحَر وأمْسِ في
…
تسْميَة تَعرِضُ غيرُ مُنْتَفِي
وذهب الأخفش وأبو علي وابن برهان إلى صرف العدد المعدول مسمى به، وهو خلاف مذهب سيبويه رحمه الله تعالى. هذا كلامه بلفظه. وأما الجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل فقد تقدم الكلام على التسمية به، وإذا نكر شيء من هذه لأنواع الخمسة بعد التسمية لم ينصرف أيضًا. أما ذو ألف التأنيث فللألف، وأما ذو الوصف مع زيادتي فعلان أو مع وزن أفعل أو مع العدل إلى فعال أو مفعل؛ فلأنها لما نكرت شابهت حالها قبل التسمية فمنعت الصرف لشبه الوصف مع هذه العلل. هذا مذهب سيبويه. وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه. وأما باب أحمر ففيه أربعة مذاهب: الأول منع الصرف وهو الصحيح. والثاني: الصرف وهو مذهب المبرد والأخفش في أحد قوليه ثم وافق سيبويه في
ــ
الباء بمعنى مع متعلقة بباق. قوله: "عددًا كان" أي: غير سحر وأمس وتسمية نحو: ثلاث مسمى به عددًا باعتبار ما كان. قوله: "هذا كلامه بلفظه" يحتمل أنه قاله تقوية لنقله ويحتمل أنه قاله تبريًا من التكرار الذي فيه؛ لأن قوله: وهو خلاف مذهب سيبويه يغني عنه التنصيص على مذهبه أول العبارة. قوله: "أو مع العدل إلى فعال أو مفعل" لا يشمل أخر مع أن حكمه حكم معدول العدد ولو أسقط قوله إلى فعال أو مفعل لشمله. قوله: "شابهت حالها قبل التسمية" لم يقل عاد الوصف؛ لأن معنى أحمر مثلا قبل التسمية ذات ما اتصفت بالحمرة بلا قصد وصفية بالحمرة ولما لوحظ بعد التنكير اتصاف الذات المبهمة بالتسمية بأحمر أشبه أحمر بعد التنكير حاله قبل التسمية في إيهام الذات، وملاحظة مطلق الاتصاف، ولم يجعل وصفًا بالتسمية حقيقيا لعدم التعبير بقولنا مسمى بأحمر. قوله:"لشبه الوصف" القياس على مواضع تقدمت أن يقال للوصف بحسب الأصل لكن كل صحيح.
قوله: "وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه" أي: عند قصد تنكيره. قوله: "وأما باب أحمر" أي: عند قصد تنكيره ففيه أربعة مذاهب إلخ لو قال وخالف المبرد والأخفش في أحد قوليه في باب أحمر فصرفاه ثم قال: والفراء وابن الأنباري فقالا: إن سمي بأحمر رجل أحمر إلخ. ثم قال: والفارسي في بعض كتبه فجوز الصرف وتركه لكان أخصر وأولى لتقدم ذكر باب أحمر وذكر المذهب الأول فيه وأنسب بقوله وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه. قوله: "الأول منع الصرف" أي: لشبه الوصفية ووزن الفعل. قوله: "والثاني الصرف" أي: لأن الوصفية زالت بالعلمية بلا عود بعد التنكير. قوله: "والأخفش في أحد قوليه" حكى أن أبا عثمان المازني سأل الأخفش لم صرفت أربع في نحو: مررت بنسوة أربع فقال: لأنه في الأصل اسم للعدد والوصف به
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كتابه الأوسط. قال في شرح الكافية: وأكثر المصنفين لا يذكرون إلا مخالفته، وذكر موافقته أولى؛ لأنها آخر قوليه. والثالث إن سمي بأحمر رجل أحمر لم ينصرف بعد التنكير، وإن سمي به أسود أو نحوه انصرف وهو مذهب الفراء وابن الأنباري. والرابع: أنه يجوز صرفه وترك صرفه. قاله الفارسي في بعض كتبه. وأما المعدول إلى فعال أو مفعل فمن صرف أحمر بعد التسمية صرفه وقد تقدم الخلاف في الجمع إذا نكر بعد التسمية.
تنبيه: إذا سمي بأفعل التفضيل مجردًا من من ثم نكرة بعد التسمية انصرف باجماع كما قاله في شرح الكافية. قال: لأنه لا يعود إلى مثل الحال التي كان عليها إذا كان
ــ
عارض فلم يعتد به فقال: هلا اعتبرت أحمر إذا نكرته يعني في كونه وصفًا في الأصل والتسمية به عارضة فلم يأت بمقنع ولعل موافقته سيبويه آخرًا من أجل ذلك كذا في الفارضي.
قوله: "لم ينصرف بعد التنكير" أي: لمشابهة حال التنكير حال الوصفية في وجود المشتق منه وهو الحمرة في المدلول فكأن الوصفية باقية بعد التنكير وهذا أحسن مما علل به البعض. قوله: "يجوز صرفه وترك صرفه" فالصرف نظرًا إلى زوال الوصفية بالعلمية والعلمية بالتنكير وتركه نظرًا إلى شبه الوصفية ووزن الفعل. قوله: "فمن صرف أحمر بعد التسمية" أي: بعد زوالها بالتنكير. قوله: "مجردًا من من" أي: لفظًا وتقديرًا كما يؤخذ مما بعده كأنه سمي شخص بأكرم.
قوله: "لأنه لا يعود إلى مثل الحال إلخ" أي: لأن أفعل من إذا كان وصفًا معناه ذات معينة ثبت لها الزيادة على ذات أخرى معينة، وإذا سمي به صار دالا على الذات فقط. وإذا نكر صار دالا على ذات ما ثبت لها الزيادة، ولم ينظر إلى كون الزيادة على ذات أخرى فلم ترجع الحالة الأولى ولا شبهها؛ لأن شبهها يكون مركبًا أيضًا من مفضل ومفضل عليه، وإن كانت مبهمين نقله البعض عن البهوتي وأقره. وأنا أقول فيه نظر من وجوه: الأول أن ما ادعاه من كون معنى أفعل من إذا كان وصفًا ذاتًا معينة إلخ غير مسلم لتصريحهم بأن مدلول الصفات ذات مبهمة لا معينة، والتعيين إذا وجد يكون بقرينة لا بالوضع وتصريحهم بأن المفضل عليه قد يكون معينًا وقد يكون مبهمًا. والثاني: أن ما ادعاه من كون معناه إذا نكر بعد التسمية ذاتًا ما ثبت لها الزيادة غير مسلم بل معناه ذات ما ثبت لها التسمية بكذا، وممن صرح بهذا وبكون مدلول الصفة ذاتا مبهمة ذلك البعض قبل هذه القولة بنحو: نصف صفحة. الثالث: أن ما ادعاه من عدم رجوع شبه الحالة الأولى ينازع فيه ما تقدم في الكلام على قول الشارح لما نكرت شابهت حالها قبل التسمية من توجيه المشابهة بأن معنى أحمر مثلا بعد التنكير ذات ما مسماة بأحمر، فلما لوحظ بعد التنكير اتصاف الذات المبهمة بالتسمية بأحمر أشبه أحمر بعد التنكير حاله قبل التسمية في الإبهام، وملاحظة مطلق الاتصاف ووجه المنازعة أن هذا التوجيه بعينه جار في أفعل من بعد التنكير وهذا يدل على رجوعه لشبه الحالة الأولى، وأما ما ادعاه من كون شبهها يكون مركبا أيضا من مفضل ومفضل عليه، ففي محل المنع؛ لأن ذلك غير لازم، وحينئذ يقال هلا منع من الصرف، وأما ما في الشرح من
وما يكونُ منهُ مَنقوصًا ففي
…
إعرابِهِ نَهْج جوارٍ يَقْتَفِي
ــ
صفة، فإن وصفيته مشروطة بمصاحبة من لفظا أو تقديرا ا. هـ. فإن سمي به مع من ثم نكر امتنع صرفه قولا واحدًا، وكلام الكافية وشرحها يقتضي إجراء الخلاف في نحو: أحمر فيه "وما يكون منه منقوصًا ففي إعرابه نهج جوار يقتفي" يعني أن ما كان منقوصًا من الأسماء التي لا تنصرف سواء كان من الأنواع السبعة التي إحدى علتيها العلمية أو من الأنواع الخمسة التي قبلها، فإنه يجري مجرى جوار وغواش، وقد تقدم أن نحو: جوار يلحقه التنوين رفعًا وجرا فلا وجه لما حمل عليه المرادي كلام الناظم من أنه أشار إلى الأنواع السبعة دون الخمسة؛ لأن حكم المنقوص فيهما واحد: فمثاله في غير التعريف أعيم تصغير أعمى فإنه غير منصرف للوصف والوزن، ويلحقه التنوين رفعا وجرا نحو: هذا أعيم ومررت بأعيم ورأيت أعيمي، والتنوين فيه عوض من الياء المحذوفة كما في نحو: جوار، وهذا لا خلاف فيه. ومثاله في التعريف: قاض اسم امرأة فإنه غير منصرف للتأنيث والعلمية، ويعيل تصغير يعلى ويرم مسمى به فإنه غير منصرف للوزن والعلمية، والتنوين فيهما في الرفع والجر عوض من الياء المحذوفة. وذهب يونس وعيسى بن عمر والكسائي إلى نحو: قاض
ــ
تعليل عدم العود بأن الوصفية مشروطة بمصاحبة من فلا يدل إلا على عدم عود الوصفية لا على عدم عود شبهها فيما مر على أن الوصفية المشروطة بمصاحبة من الوصفية بالزيادة لا مطلق الوصفية فتأمل.
قوله: "وما يكون منه منقوصا إلخ" أي: والذي يكون مما لا ينصرف منقوصًا فهو يقتفي نهج جوار في إعرابه فلو سميت بيرمي ويقضي أعللته إعلال جوار ولو سميت بيغزو ويدعو ورجعت بالواو للياء أجريته مجرى جوار، وتقول في النصب رأيت يرمي ويغزي. قال بعضهم ووجه الرجوع بالواو للياء ما ثبت أن الأسماء المتمكنة ليس فيها ما آخره واو قبلها ضمة فتقلب الواو ياء ويكسر ما قبلها، وإذا سميت بيرم ومن لم يرم رددت إليه ما حذف منه ومنعته من الصرف، تقول هذا يرم ومررت بيرم والتنوين للعوض ورأيت يرمي وإذا سميت بيغز من لم يغز قلت هذا يغز ومررت بيغز ورأيت يغزي، إلا أن هذا ترد إليه الواو وتقلب ياء لما تقدم، ثم يستعمل استعمال جوار سم. قوله:"من الأسماء التي لا تنصرف" يشير إلى أن الهاء في منه لما لا ينصرف أعم من المعرفة والنكرة ليشمل محل الخلاف والوفاق كما سيذكره.
قوله: "فلا وجه لما حمل إلخ" اعتذر عنه بأن الباعث له على ذلك أن أقرب مذكور إلى الضمير في وما يكون منه ما التعريف فيه أثرًا وبأن العلم منقوص محل الخلاف فيعتني به. قوله: "وهذا لا خلاف فيه" أي: لا خلاف في حذف الياء ولحوق التنوين رفعًا وجرا في نحو: أعيم بخلاف قاض ويعيل ويرم أعلامًا ففي حذف يائه ولحوق التنوين له رفعًا وجرا خلاف، نبه عليه بقوله الآتي: وذهب يونس إلخ. قوله: "إلى أن نحو: قاض إلخ" أي: من كل علم منقوص وجد فيه مقتضى ممنع الصرف قال سم: يمكن الفرق من جهة المعنى على قولهم بخفة العلم فاحتملت
ولاضطرارٍ أو تناسُبْ صُرِفْ
…
ذو المنعِ والمصروفُ قد لا يَنصرِفْ
ــ
اسم امرأة، ويعيل ويرم يجري مجرى الصحيح في ترك تنوينه وجره بفتحة ظاهرة، فيقولون هذا يعيلى ويرمى وقاضي، ورأيت يعيلى ويرمي وقاضي، ومررت بيعيلى ويرمى وقاضي، واحتجوا بقوله:
1040-
قَدْ عَجِبَتْ مِنّي ومن يَعْيلِيا
…
لَمّا رأتني خَلَقًا مُقْلوْلِيا
وهو عند الخليل وسيبويه والجمهور محمول على الضرورة كقوله:
1041-
ولكنَّ عبدَ اللهِ مَولَى مَوالِيا
"ولاضطرار أو تناسب صرف ذو المنع" بلا خلاف مثال الضرورة قوله:
1042-
ويَوْمُ دخلتُ الخدْرَ خدْرَ عُنَيزَة
…
فقالتْ لك الوَيلاتُ إنّك مُرْجِلي
ــ
الحركة على الياء. قوله: "يجري مجرى الصحيح إلخ" حاصل مذهبهم أن المعرب تثبت ياؤه مطلقًا وتسكن رفعًا لثقل الضمة وتفتح جرا ونصبًا لخفة الفتحة. قوله: "خلقًا" بفتح المعجمة واللام أي: عتيقًا جدا وأراد به الضعيف رث الهيئة. وقوله: مقوليا بضم الميم؛ لأنه اسم فاعل اقلولى أي: تجافى وانكمش كما في القاموس، فقول التصريح بفتح الميم غير ظاهر، ولعل المراد بالمقلولي هنا دميم الخلقة. قوله:"مولى مواليًا" بإضافة مولى إلى مواليًا جمع مولى.
قوله: "أو تناسب" هو قسمان تناسب لكلمات منصرفة انضم إليها غير منصرف نحو: سلاسلًا وأغلالًا وتناسب لرءوس الآي، كقوارير، الأول فإنه رأس آية فنون ليناسب بقية رءوس الآي في التنوين أو بدله وهو والألف في الوقف، وأما قوارير الثاني فنون ليشاكل قوارير الأول كذا قال شيخنا وهو الصواب الموافق في التصريح وغيره. وأما في كلام البعض من العكس فخطأ. قوله:"صرف" أي: وجوبًا في الضرورة وجوازًا في التناسب. قوله: "ويوم دخلت الخدر" بكسر الخاء
1040- الرجز للفرزدق في الدرر 1/ 102؛ وشرح التصريح؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 134؛ والخصائص 1/ 6؛ والكتاب 3/ 315؛ ولسان العرب 15/ 94 "علا"، 15/ 200 "قلا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص114؛ والمقتضب 1/ 142؛ والممتع في التصريف 2/ 557؛ والمنصف 2/ 68، 79، 3/ 67؛ وهمع الهوامع 1/ 36.
1041-
صدره:
فلو كانَ عبدُ اللهِ مَولًى هَجَوْتُهُ
والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في إنباه الرواة 2/ 105؛ وبغية الوعاة 2/ 42؛ وخزانة الأدب 1/ 235، 239، 5/ 145؛ والدرر 1/ 101؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 311؛ وشرح التصريح 2/ 229؛ وشرح المفصل 1/ 64؛ والكتاب 3/ 313، 315؛ ولسان العرب 15/ 47 "عرا" 409 "ولى"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص114؛ ومراتب النحويين ص31، والمقاصد النحوية 4/ 375؛ والمقتضب 1/ 143؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 140؛ وهمع الهوامع 1/ 36.
1042-
البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص11؛ وخزانة الأدب 9/ 345؛ وشرح التصريح 2/ 227؛ وشرح شواهد المغني 2/ 766؛ والمقاصد النحوية 4/ 374؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 136؛ ومغني اللبيب 2/ 343.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
1043-
وأَتاها أُحَيمرٌ كأخي السَّهْـ
…
ـمِ بِعَضْبٍ فقال كُوني عَقِيرا
وقوله:
1044-
تَبَصَّرْ خَليلي هل تَرى من ظَعائِنٍ
وهو كثير. نعم اختلف في نوعين: أحدهما ما فيه ألف التأنيث المقصورة فمنع بعضهم صرفه للضرورة، قال: لأنه لا فائدة فيه إذ يزيد بقدر ما ينقص، ورد بقوله:
1045-
إنِّي مُقَسِّمُ ما مَلكتُ فجاعِلٌ
…
جزءًا لآخِرَتي ودُنيا تَنفعُ
أنشده ابن الأعرابي بتنوين دنيا. وثانيهما: أفعل من، منع الكوفيون صرفه للضرورة.
ــ
المعجمة وسكون الدال أي: الهودج وقوله: إنك مرجلي أي: مصيري راجلة أي: ماشية لعقرك ظهر بعيري تصريح.
قوله: "وأتاها" أي: ناقة صالح عليه الصلاة والسلام أحيمر هو الذي عقرها وكان أحمر أزرق أصهب كأخي السهم أي: كمثل السهم والعضب السيف وعقيرًا فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث ا. هـ. عيني، وقال الدماميني: كأخي السهم من إضافة الملغي إلى المعتبر. قوله: "أحدهما ما فيه ألف التأنيث المقصورة" مقتضى التعليل الآتي أن تكون ألف الإلحاق المقصورة كألف التأنيث المقصورة. قوله: "إذ يزيد بقدر ما ينقص" لأنه إذا نون سقطت الألف لالتقاء الساكنين والتنوين قدر الألف المحذوفة وكل ساكن. وأجيب بأنه قد يكون فيه فائدة بأن تلتقي الألف مع ساكن بعده فيحتاج الشاعر إلى كسر الأول فينون ثم يكسر. ومقتضى هذا أنه لم يحتج إلى تنوينه لم ينون ا. هـ. مرادي وهو مبني على أن الضرورة ما لا مندوحة عنه ما وقع في الشعر ا. هـ. سم أي: مما لا يقع مثله في النثر.
قوله: "ورد بقوله إلخ" قال الصفوي: وضعف الرد بمنع الدليل؛ لأن تنوين المؤنث بالألف كدنيا لغة فيه، فلعل الشاعر من أهل هذه اللغة. قوله:"ودنيا" معطوف على جزءًا والمعنى فجاعل
1043- البيت من الخفيف، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص 35؛ والمقاصد
النحوية 4/ 377؛ والمقرب 2/ 202.
1044-
عجزه:
سَوالُك نَقْبا بين حَزْمَي شَعَبْعَبِ
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص 43؛ والمقاصد النحوية 4/ 368؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص563.
1045-
البيت من الكامل، وهو للمسلم بن رياح في خزانة الأدب 8/ 297؛ والمقاصد النحوية 4/ 376.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قالوا: لأن حذف تنويه لأجل من فلا يجمع بينهما. ومذهب البصريين جوازه؛ لأن المانع له إنما هو الوزن والوصف كأحمر لا من، بدليل صرف خير منه وشر منه لزوال الوزن. ومثال الصرف للتناسب قراءة نافع والكسائي:"سَلَاسِلا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا"[الإنسان: 4] ، "قَوَارِيرا، قَوَارِيرا"[الإنسان: 16]، وقراءة الأعمش بن مهران:
"وَلَا يَغُوثًا وَيَعُوقًا وَنَسْرًا"[نوح: 23] .
تنبيه: أجاز قوم صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد اختيارًا، وزعم قوم أن صرف ما لا ينصرف مطلقًا لغة. قال الأخفش: وكأن هذه لغة الشعراء؛ لأنهم اضطروا إليه في الشعر فجرت ألسنتهم على ذلك في الكلام "والمصروف قد لا ينصرف" أي: للضرورة أجاز ذلك الكوفيون والأخفش والفارسي، وأباه سائر البصريين. والصحيح الجواز. واختاره الناظم لثبوت سماعه، من ذلك قوله:
1046-
وما كانَ حِصنٌ ولا حابِسٌ
…
يَفوقانِ مِرْداسَ في مَجْمَعِ
وقوله:
1047-
وقائِلةٍ ما بالُ دَوْسَرَ بَعْدَنا
…
صحا قلْبُهُ عن آلِ ليلَى وعن هِنْدِ
ــ
منه جزءًا لآخرتي وجاعل منه دنيا تنفع. قوله: "لأجل من" أي: لقيامها مقام المضاف إليه، فالمانع قوي لكونه كلمة مستقلة بخلاف سائر موانع الصرف، وقوله: فلا يجمع بينهما أي: بين التنوين ومن ملفوظة أو مقدرة إلا اختيارًا ولا ضرورة. قوله: "ومذهب البصريين جوازه" ويدل له قول امرئ القيس:
وما الإصباح منك بأمثل
فصرف أمثل للضرورة مع وجود من المقدمة عليه في قوله: منك قاله الدماميني. قوله: "إنما هو الوزن والوصف" أي: فيجوز الجمع بينهما وبين التنوين ضرورة لعدم قوتهما قوة من. قوله: "صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد" كسلاسلا وسببه جمعهم له جمع السامة نحو: صواحبات فأشبه الآحاد ا. هـ. دماميني. قوله: "في الكلام" أي: النثر. قوله: "وأباه" أي: منعه سائر
1046- البيت من المتقارب، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص84؛ والأغاني 14/ 291؛ والإنصاف 2/ 499؛ وخزانة الأدب 1/ 147، 148، 253؛ والدرر 1/ 104؛ وسمط اللآلي ص33؛ وشرح التصريح 2/ 119؛ وشرح المفصل 1/ 68؛ والشعر والشعراء 1/ 107، 306، 2/ 752؛ ولسان العرب 6/ 97 "ردس"؛ والمقاصد النحوية 4/ 365؛ وبلا نسبة في صناعة الإعراب 2/ 546، 547؛ ولسان العرب 10/ 316 "فوق".
1047-
البيت من الطويل، وهو لدوسر بن دهبل في الأصمعيات ص150؛ والإنصاف 2/ 500؛ والمقاصد النحوية 4/ 366؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 149، 150؛ وجواهر الأدب ص237؛ ومجالس ثعلب ص176.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
1048-
طَلَبَ الأَزَارِقِ بالكتائِبِ إذ هَوَتْ
…
بشَبيبَ غائِلةَ النفوسِ غَدُرُ
وأبيات أخر.
تنبيه: فصل بعض المتأخرين بين ما فيه علمية، فأجاز منعه لوجود إحدى العلتين، وبين ما ليس كذلك فصرفه، ويؤيده أن ذلك لم يسمع إلا في العلم. وأجاز قوم منهم ثعلب وأحمد بن يحيى منع صرف المنصرف اختيارًا.
خاتمة: قال في شرح الكافية: ما لا ينصرف بالنسبة إلى التكبير والتصغير أربعة أقسام: ما لا ينصرف مكبرًا ولا مصغرًا، وما لا ينصرف مكبرًا وينصرف مصغرًا، وما لا ينصرف مصغرًا وينصرف مكبرًا، وما يجوز فيه الوجهان مكبرًا ويتحتم منعه مصغرًا فالأول نحو: بعلبك وطلحة وزينب وحمراء وسكران وإسحاق وأحمر ويزيد مما لا يعدم سبب المنع
ــ
البصريين لكونه خروجًا عن الأصل بخلاف صرف ما لا ينصرف، فإنه رجوع إلى الأصل فاحتمل في الضرورة، وللكوفيين ومن وافقهم أن يمنعوا عدم تجويز الضرورة الخروج عن الأصل، قوله:"طلب الأزارق" أصله الأزارقة فحذف الهاء للضرورة جمع أزرقي بتقديم الزاي على الراء قوم من الخوارج نسبوا إلى نافع بن الأزرق وهو مفعول طلب وفاعله ضمير يعود على سفيان نائب الحجاج وزوج ابنته، والكتائب جمع كتيبة بفوقية بعد الكاف وهي الجيش. وإذ ظرف زمان، وهوت من هوى به الأمر إذا أطمعه وغره وغائلة النفوس فاعل هوت أي: شرها وغدور مبالغة غادرة خبر لمحذوف أو بدل من غائلة. والشاهد في شبيب بشين معجمة مفتوحة فموحدة مكسورة فتحتية فموحدة وهو شبيب بن زيد رأس الأزارقة كذا في العيني، وشيخ الإسلام فقول البعض في هوت: أي: سقطت فيه شيء.
قوله: "بين ما فيه علمية" اقتصاره على العلمية يقتضي أن غيرها كالوصفية في نحو: قائم ليس مثلها لمزية العلمية على غيرها؛ لأن لها من القوة ما ليس لغيرها ولورود السماع فيها دون غيرها، كذا في حاشية شيخنا وعليه كان المناسب للشارح أن يعلل بما ذكر لا بوجود إحدى العلتين؛ لأنه يقتضي أن غير العلمية من العلل مثلها فليتأمل. قوله:"فأجاز منعه" أي: في الضرورة فهذا التفصيل خاص بالضرورة كما هو ظاهر كلام الشارح لكن ظاهر صنيع التصريح عدم اختصاصه بالضرورة وعبارته في منع المصروف أربعة مذاهب: أحدها الجواز مطلقًا الثاني المنع مطلقًا الثالث وهو الصحيح الجواز في الشعر والمنع في الاختيار الرابع يجوز في العلم خاصة قوله: "أربعة أقسام" هي مبنية على قاعدة وهي أن كل مصغر لم يذهب تصغيره أحد سببيه فهو
1048- البيت من الكامل، وهو للأخطل في ديوانه ص197؛ والإنصاف 2/ 493؛ وشرح التصريح 2/ 228؛ والمقاصد النحوية 4/ 362؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 137.