الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العطف:
للعَطْفِ إمّا ذو بَيان أو نَسَق
…
والغَرَضُ الآن بيانُ ما سَبَق
فذو البيان تابِعٌ شبه الصِّفه
…
حقيقة القصد به منكشفه
ــ
عمران: 185] {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53]، ولا يلزم مضافًا إلى معرفة فتقول: كلهم ذاهب وذاهبون. والله أعلم.
العطف:
"العطف إما ذو بيان أو نسق والغرض الآن بيان ما سبق" وهو عطف البيان "فذو البيان تابع شبه الصفه حقيقه القصد به منكشفه" فتابع جنس يشمل جميع التوابع، وشبه
ــ
قوله: "في خبر كل" قيد بالخبر؛ لأن ما فيه الضمير وليس خبرًا، إن كان من جملة كل لزم اعتبار المعنى، وإن كان من جملة أخرى لم يلزم اعتبار المعنى. ومن هنا يعلم توجيه عدم المطابقة في قوله تعالى:{وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ} [الحج: 27] ، بجعل يأتين استئنافًا لا صفة وكذا، {مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ، لَا يَسَّمَّعُونَ} [الصافات: 7] ، مع أن جعل لا يسمعون صفة أو حالًا فاسد معنى أيضًا، إذ لا معنى للحفظ من شياطين لا يسمعون. وأوجب ابن هشام الجمع في الكل المجموعي نحو: أعطاني كل رجل فأغنوني إذا كان حصول الغني من المجموع لا من كل واحد أفاده الدماميني، وجمع الأمرين قوله تعالى:{وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} [الزمر: 70] ، فأفرد أولًا وجمع ثانيًا لدلالة كل نفس على متعدد، ففي مفهوم الخبر تفصيل. قوله:"فرحون" فيه الشاهد؛ لأنه الخبر. قوله: "ولا يلزم مضافًا إلى معرفة" بل يجوز رعاية لفظ كل في الإفراد والتذكير، ومعناها هذا ما درج عليه المصنف في تسهيله. وذهب ابن هشام إلى أنه يجب في خبرها رعاية لفظها إذا أضيفت
إلى معرفة نحو: {وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ} [مريم: 95]، {كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: 36] ، هذا كله إذا ذكر المضاف إليه فإن حذف فالذي صوبه ابن هشام أنه إن كان المقدر مفردًا نكرة وجب الإفراد كما لو صرح به، وإن كان جمعًا معرفًا وجب الجمع، وإن كانت المعرفة لو صرح بها لم يجب الجمع تنبيهًا على حال المحذوف فيهما فالأول نحو:{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84]، أي: كل أحد والثاني نحو: {وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} [الأنفال]، أي: كلهم ا. هـ. دماميني باختصار.
العطف:
هو لغة الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه. وسمي هذا التابع عطف البيان؛ لأن المتكلم رجع إلى الأول فأوضحه به. قوله: "شبه الصفة" أي: في الإيضاح والتخصيص وغيرهما، فقد جاء للمدح على ما في الكشاف أن البيت الحرام عطف بيان للكعبة على جهة المدح لا على جهة التوضيح، وللتأكيد على ما ذهب إليه بعضهم في يا نصر نصر نصرًا، لكن في الهمع عن المصنف أن الأولى جعله توكيدًا لفظيا قال: لأن حق عطف البيان أن يكون للأول به زيادة بيان ومجرد تكرير اللفظ لا يحصل به ذلك. قوله: "حقيقة القصد إلخ" أي: الأصل فيه ذلك فلا يرد عطف
فَأَوليَنْه من وِفاقِ الأوَّلِ
…
ما من وِفاقِ الأوَّلِ النَّعْتُ وَلِي
فقدْ يكونانِ مُنَكَّريْنِ
…
كما يكونَانِ مُعَرَّفَيْنِ
ــ
الصفة مخرج لعطف النسق والبدل والتوكيد. وحقيقة القصد إلى آخره لإخراج النعت: أي: إنه فارق النعت من حيث أنه يكشف المتبوع بنفسه لا بمعنى في المتبوع ولا في سببه "فأولينه من وفاق الأول" وهو المتبوع "ما من وفاق الأول النعت ولي" وذلك أربعة من عشرة: أوجه الإعراب الثلاثة، والإفراد، والتذكير، والتنكير، وفروعهن. وأما قول الزمخشري: أن مقام إبراهيم عطف بيان على آيات بينات فمخالف لإجماعهم. وقوله وقول الجرجاني: يشترط كونه أوضح من متبوع فمخالف لقول سيبويه في: يا هذا ذا الجمة، إن ذا الجمة عطف بيان مع أن الإشارة أوضح من المضاف إلى ذي الأداة. وإن كان له مع متبوعه ما للنعت مع منعوته "فقد يكونان منكرين كما يكونان معرفين" لأن النكرة تقبل التخصيص بالجامد كما تقبل المعرفة التوضيح به، نحو: لبست ثوبًا جبة، وهذا مذهب الكوفيين
ــ
البيان الذي للمدح ونحوه. قوله: "لإخراج النعت" اعترضه شيخنا بأن النعت كما في التصريح خرج بقوله شبه الصفة؛ لأن شبه الشيء غيره وعلى هذا يكون قوله حقيقة إلخ؛ لبيان الفرق بين النعت وعطف البيان لا للإخراج.
قوله: "من حيث أنه يكشف إلخ" وكذا يفارقه من حيث أنه لا يكون إلا جامدًا والنعت لا يكون إلا مشتقا أو مؤولًا به على ما مر. قوله: "فأولينه إلخ" تفريع على قوله شبه الصفة. وفي نفسي من عبارته شيء؛ لأنه إن جعل قوله أولًا من وفاق الأول بيانًا لما مقدمًا عليه استغنى عن قوله ثانيًا من وفاق الأول، وإن جعل قوله ثانيًا بيانًا لما استغنى عن قوله أولًا، فعلى كل حال في كلامه تكرار. قوله:"النعت" أي: الحقيقي؛ لأنه يجب في البيان أن يكون كالمبين في الإفراد والتذكير وفروعهما كالنعت الحقيقي بخلاف النعت السببي كما مر. قوله: "فمخالف لإجماعهم" أي: على وجوب مطابقة البيان والمبين تعريفًا وتنكيرًا وإفرادًا وغيره وتذكيرًا وغيره. ومقام مخالف لآيات من وجوه ثلاثة كما لا يخفى وسننقل عن الرضي تجويز تخالفهما، ولا يجوز أن يكون بدلًا لتصريحهم بأن المبدل منه إذا تعدد وكان البدل غير وافٍ بالعدة تعين القطع، فخرج عن البدلية فالوجه أنه مبتدأ حذف خبره، أي: منها مقام إبراهيم. قوله: "أوضح من متبوعه" أي: أعرف وإنما أوجبا أوضحية البيان من المبين، ولم يوجب أحد أوضحية النعت من المنعوت؛ لأن قصد الإيضاح من عطف البيان أقوى من قصده من النعت؛ لأن البيان يوضح المبين ببيان حقيقته فهو كالتعريف بخلاف النعت. قوله:"ذا الجمة" بضم الجيم الشعر الواصل إلى المنكب. قوله: "إن ذا الجمة عطف بيان" لم يجعله نعتًا لما مر أن نعت اسم الإشارة لا يكون إلا محلى بأل.
قوله: "وإذا كان له إلخ" أشار به إلى أن قوله فقد يكونان إلخ مفرع على قوله فأولينه إلخ، لا على قوله شبه الصفة، حتى يرد اعتراض ابن هشام بأن الواجب الواو لتعطف هذه المسألة على ما قبلها المفرع على قوله شبه الصفة فتأمل. قوله:"فقد يكونان إلخ" أتى به مع علمه مما قبله
وصالحًا لبَدَليَّة يُرَى
…
في غَيْر نَحْوِيَا غُلامُ يَعْمُرا
ونحو بشْرٍ تابِعِ البكرِيِّ
…
ولَيْسَ أنْ يُبْدَلَ بالمَرْضِي
ــ
والفارسي وابن جني والزمخشري وابن عصفور، وجوزوا أن يكون منه:{أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: 95]، فيمن نون كفارة ونحو:{مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16] وذهب غير هؤلاء إلى المنع، وأوجبوا فيما سبق البدلية ويخصون عطف البيان بالمعارف. قال ابن عصفور: وإليه ذهب أكثر النحويين. وزعم الشلوبين أنه مذهب البصرين. قال الناظم: ولم أجد هذا النقل من غير جهته. وقال الشارح: ليس قول من منع بشيء. وقيل يختص عطف البيان بالعلم اسمًا أو كنية أو لقبًا "وصالحًا لبدلية يرى في غير" ما يمتنع فيه إحلاله محل الأول كما في "نحو يا غلام يعمرا" وقوله:
846-
أَيَا أَخَوَينَا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوفَلَا
"ونحو بشر تابع البكريِّ" في قوله:
ــ
ردًا على المخالف. قوله: "فيما سبق" أي: من المثال والآيتين، وقوله البدلية أي: بدل كل من كل. قوله: "ويخصون عطف البيان بالمعارف" احتجوا بأن البيان بيان كاسمه والنكرة مجهولة، والمجهول لا يبين المجهول. ورد بأن بعض النكرات أخص من بعض والأخص يبين الأعم. قوله:"وصالحًا لبدلية يرى" أشار بتعبيره بالصلاحية إلى ما صرح به في التسهيل من أن عطف البيان أولى من البدل في غير المستثنيات؛ لأن الأصل في المتبوع أن لا يكون في نية الطرح، وأن لا يكون التابع كأنه من جملة أخرى. ومال الدماميني إلى أولوية الإبدال معللًا بما لا ينهض، فانظره في حاشية شيخنا وبقي قسم لا يؤخذ من كلامه وهو تعين الإبدال نحو: يا عبد الله كرز بالضم، فالأقسام ثلاثة: تعين الإبدال وتعين البيان ورجحان أحدهما وهو البيان عند غير الدماميني والإبدال عنده. وأما تساويهما فمنتف، وجعل البعض الأقسام أربعة لعله باعتبار القولين في رجحان أحدهما وفيه من التساهل ما لا يخفى. ثم جواز الأمرين على مقصدين، فإن قصدت بالحكم الأول وجعلت الثاني بيانًا له فهو عطف بيان. وإن قصدت بالحكم الثاني وجعلت الأول كالتوطئة له فهو بدل.
قوله: "يعمرا" بضم الميم وفتحها علم منقول من المضارع منصوب عطف بيان على محل غلام. قوله: "عبد شمس ونوفلا" فيمتنع كون عبد شمس بدلًا من أخوينا لا لذاته، بل لعدم صحة ذلك في المعطوف. قوله:"ونحو بشر تابع البكري" أي: من كل تركيب عطف فيه اسم خال
846- عجزه:
أعيذُكُما بالله أن تحدثا حَرْبا
والبيت من الطويل، وهو لطالب بن أبي طالب في الحماسة الشجرية 1/ 61؛ والدرر 6/ 26؛ وشرح التصريح 2/ 132؛ والمقاصد النحوية 4/ 119؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 350؛ وشرح قطر الندى ص300؛ وهمع الهوامع 2/ 121.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
847-
أَنَا ابْنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ
…
عَلَيه الطَّيرُ تَرْقُبُهُ وُقوعا
فبشر عطف بيان من البكري "وليس أن يبدل" منه "بالمرضي" لامتناع أنا الضارب زيد. نعم الفراء يجيزه الإبدال.
تنبيه: يتعين أيضًا العطف ويمتنع الإبدال في نحو: هند ضربت زيدًا أخاها، وزيد جاء الرجل أخوه؛ لأن البدل في التقدير من جملة أخرى فيفوت الربط من الأولى بخلاف العطف.
ــ
من أل على معرف بها مضاف إليه وصف محلى بها. قوله: "عليه الطير" خبر مقدم ومبتدأ مؤخر والجملة حال من البكري، وترقبه حال من المستتر في عليه، وقول البعض تبعًا للعيني عليه متعلق بوقوعًا يلزم عليه تقديم معمول معمول الخبر الفعلي على المبتدأ، والذي رجحوا جوازه تقديم معمول الخبر الفعلي لا تقديم معمول معموله، ووقوعًا مفعول له حذف متعلقه أي: ترقبه لأجل وقوعها عليه. قوله: "وليس أن يبدل بالمرضي" راجع للصورة الثانية كما يشير إليه تعليل الشارح وصرح به مع علمه مما قبله ردًا على الفراء المجوز للإبدال. قوله: "لامتناع أنا الضارب زيد" لما مر من قوله ووصل أل بذا المضاف إلخ.
قوله: "يتعين أيضًا العطف إلخ" يعني أن في كلام الناظم قصورًا: لأنه لم يستوف الصور التي لا يصلح فيها البيان للبدلية. قوله: "في نحو: هند إلخ" أي: من كل تركيب أورثت فيه البدلية الاختلال؛ لكون البدل على تقدير عامل آخر وإن صح حلوله محل المبدل منه، ومن صور تعين البيان لامتناع حلول الثاني محل الأول نحو: يأيها الرجل غلام زيد، وكلا أخويك زيد وعمرو عندي، ويا زيد الحارث، ويا زيد هذا إذ يلزم على البدلية اتباع أي: في النداء بغير ذي أل وإضافة كلا إلى اثنين بتفريق وإدخال يا على ذي أل واسم الإشارة بدون وصف، واستثناء هذه الصور وصورتي المتن مبني على أن البدل لا بد أن يصلح لحلوله محل الأول، ونظر في ذلك ابن هشام مع جزمه في المغني بأنهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل، وقد جوزوا في أنك أنت زيد كون أنت توكيدًا، وكونه بدلًا مع أنه لا يجوز إن أنت وفي المستوفي أولى ما يقال في نعم الرجل زيد أن زيد بدل من الرجل، ولا يلزم أن يجوز نعم زيد. وذكر الدماميني من صور تخلف ذلك فتنت هند حسن لها وأكلت الأرغفة جزء منها.
قوله: "من جملة أخرى" أي: بناء على الصحيح أن البدل على نية تكرار العامل. قوله:
847- البيت من الوافر، وهو للمرار الأسدي في ديوانه ص465؛ وخزانة الأدب 4/ 284، 5/ 183؛ والدرر 6/ 27؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 6؛ وشرح التصريح 2/ 133؛ وشرح المفصل 3/ 73، 73؛ والكتاب 1/ 182؛ والمقاصد النحوية 4/ 121؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 441؛ وأوضح المسالك 3/ 351؛ وشرح شذور الذهب ص320؛ وشرح ابن عقيل ص491؛ وشرح عمدة الحافظ ص554، 597؛ وشرح قطر الندى ص299؛ والمقرب 1/ 248؛ وهمع الهوامع 2/ 122.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خاتمة: يفارق عطف البيان البدل في ثمان مسائل: الأولى أن العطف لا يكون مضمرًا ولا تابعًا لمضمر؛ لأنه في الجوامد نظير النعت في المشتق. وأما قول الزمخشري: أن أن اعبدوا الله بيان للهاء في إلا ما أمرتني به فمردود. الثانية أن البيان لا يخالف متبوعه في
ــ
"يفارق عطف البيان البدل" قال الرضي: أنا إلى الآن لم يظهر لي فرق جلي بين بدل الكل من الكل وعطف البيان، بل ما أرى عطف البيان إلا البدل كما هو ظاهر كلام سيبويه وساق كلام سيبويه ثم قال: قالوا إن الفرق بينهما أن البدل هو المقصود بالنسبة دون متبوعه بخلاف عطف البيان فإنه بيان، والبيان فرع المبين فيكون المقصود هو الأول، والجواب أنا لا نسلم أن المقصود بالنسبة في بدل الكل هو الثاني فقط، ولا في سائر الأبدال إلا الغلط، فإن كون الثاني فيه هو المقصود بها دون الأول ظاهر، وإنما قلنا ذلك؛ لأن الأول في الأبدال الثلاثة منسوب إليه في الظاهر، ولا بد لذكره من فائدة صونًا لكلام الفصحاء عن اللغو، وهي في بدل الكل كون الأول أشهر والثاني مشتملًا على صفة نحو: بزيد رجل صالح أو العكس نحو: برجل صالح زيد والعالم زيد أو مجرد الإبهام ثم التفسير نحو: برجل زيد وفي بدل البعض وبدل الاشتمال الأخير فادعاء كون الأول غير مقصود بالنسبة مع كونه منسوبًا إليه في الظاهر، واشتماله على فائدة يصح أن ينسب إليه لأجلها دعوى خلاف الظاهر، فما كان من بدل الكل لإيضاح الأول يسمى بعطف البيان. وأما فرقهم بأن البدل على تكرير العامل فإن سلم فيما يكرر العامل فيه ظاهرًا لم يسلم في غيره، وإن سلم فلنا أن ندعيه فيما سموه عطف البيان. وفرقهم بجواز تخالف البدل والمبدل منه تعريفًا وتنكيرًا بخلاف البيان والمبين لنا منعه بتجويز التخالف في البيان والمبين أيضًا ا. هـ. باختصار.
قوله: "في ثمان مسائل" زيد ثلاث أخرى: كون المتبوع في البدل في نية الطرح قيل غالبًا. وقال الزمخشري في المفصل: مرادهم بكون البدل في نية طرح الأول أنه مستقل بنفسه لا متمم لمتبوعه كالتأكيد والصفة والبيان لا إهدار الأول، ألا ترى أنك لو أهدرت الأول في نحو: زيد رأيت غلامه رجلًا صالحًا لم يستقم كلامًا ا. هـ. بخلافه في البيان، وكون حذفه في البدل جائزًا عند بعضهم وخرّج عليه المصنف كالأخفش قوله تعالى:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} [النحل: 116]، فجعل الكذب بدلًا من الضمير المحذوف أي: تصفه بخلافه في البيان، وكون البدل يجوز قطعه كما سيأتي بخلاف البيان إلا على قول. قوله:"نظير النعت في المشتق" أي: فكما أن الضمير لا ينعت ولا ينعت به كذلك لا يعطف عطف بيان ولا يعطف عليه. قوله: "بيان للهاء" ومنع هو كونه بدلًا من الهاء؛ لأن المبدل منه في نية الطرح فيبقى الموصول بلا عائد ورده في المغني بأنه لا أثر لتقدير عدم العائد مع وجوده حسا. قال: ولو لزم إعطاء منوي الطرح حكم المطروح لزم إعطاء منويّ التأخير حكم المؤخر فكان يمتنع: ضرب زيدًا غلامه ويرد ذلك قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} [البقرة: 124] ، والإجماع ا. هـ. ويجوز كونه بيانًا لما أمرتني به أو بدلًا منه بتأويل قلت بأمرت إذ القول الحقيقي لا يعمل في العبادة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تعريفه وتنكيره كما مر. الثالثة: أنه لا يكون جملة بخلاف البدل فإنه يجوز فيه ذلك كما سيأتي. الرابعة: أنه لا يكون تابعًا لجملة بخلاف البدل. الخامسة: أنه لا يكون فعلًا تابعًا لفعل بخلاف البدل. السادسة: أنه لا يكون بلفظ الأول بخلاف البدل، فإنه يجوز فيه ذلك بشرط الذي ستعرفه في موضعه. هكذا قال الناظم وابنه وفيه نظر. السابعة: أنه ليس في نية إحلاله محل الأول بخلاف البدل. الثامنة: أنه ليس في التقدير من جملة أخرى بخلاف البدل، وقد مر قريبًا ما ينبني على هاتين، وسيأتي بيان ما يختص بالبدل في بابه إن شاء الله تعالى. والله أعلم.
ــ
وأن على الجميع مصدرية وجوز الزمخشري كونها مفسرة بتأويل قلت بأمرت واستحسنه في المغني، قال: وعلى هذا فشرطهم في المفسرة أن لا يكون في الجملة قبلها حروف القول أي: باقيًا على حقيقته واستشكل كونها مفسرة بأن الله لا يقول ربي وربكم. وأجيب باحتمال أن يكون مقول الله الذي أمر بقوله عيسى اعبدوا الله وما بعده من مقول عيسى وقت خطابه قومه على حد: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النساء: 157] ، وأن يكون مقول الله اعبدوا الله ربك وربهم فعبر عيسى حين خاطبهم عن نفسه بالتكلم وعنهم بالخطاب.
قوله: "فمردود" أي: بما تقدم من كونه نظير النعت في المشتق فيجعل بدلًا أو خبر مبتدأ محذوف وانتصر الدماميني للزمخشري ورجح جواز كونه عطف بيان قال ولا يلزم من كون شيء نظير آخر أن يعطي سائر أحكامه، ألا ترى أن المنادى المفرد المعين بمنزلة ضمير المخاطب؛ ولذلك بني والضمير مطلقًا لا ينعت على المشهور ومع ذلك لا يمتنع نعت المنادى عند الجمهور ا. هـ. مع أن الكسائي يجيز نعت الضمير. قوله:"أنه لا يكون جملة" يشكل عليه ما ذكره أهل المعاني في الفصل والوصل من أن جملة: قال يا آدم عطف بيان على فوسوس إليه الشيطان، وكما يشكل على هذا يشكل على قوله أنه لا يكون تابعًا لجملة. قوله:"بشرطه الذي ستعرفه في موضعه" هو كون الثاني معه زيادة بيان كما في قراءة يعقوب: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} [الجاثية: 28]، بنصب كل الثانية فإنه قد اتصل بها ذكر سبب الجثو. قوله:"هكذا قال الناظم وابنه" أي: تبعًا لابن الطراوة واحتجوا بأن الشيء لا يبين بنفسه. قوله: "وفيه نظر" وجهه أن كلا من البدل وعطف البيان مبين لمتبوعه وإن كان التبيين في البدل غير مقصود بالذات، وبجملة لكونه على تقدير العامل، وفي عطف البيان مقصودًا بالذات وبمفرد وحينئذٍ فلا مانع من كون عطف البيان بلفظ المتبوع إذا كان معه زيادة كالبدل. قوله:"ما ينبني على هاتين" فينبني على السابعة امتناع بدلية نحو: يعمر وبشر في يا غلام يعمر. و:
أنا ابن التارك البكري بشر
وعلى الثامنة امتناع بدلية نحو: أخاها وأخوه في هند ضربت زيدًا أخاها وزيد جاء الرجل أخوه، وبهذا يعرف ما في كلام البعض من القصور.