المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نعم وبئس وما جرى مجراهما: - حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ٣

[الصبان]

الفصل: ‌نعم وبئس وما جرى مجراهما:

‌نعم وبئس وما جرى مجراهما:

فِعْلانِ غَيْر مُتَصرِّفَيْن

نعم وبئس رافِعانِ اسْمَينِ

ــ

نعم وبئس وما جرى مجراهما:

"فعلان غير متصرفين نعم وبئس" عند البصريين والكسائي بدليل فبها ونعمت، واسمان عند الكوفيين بدليل ما هي بنعم الولد، ونعم السير على بئس العير. وقوله:

766-

صَبَّحَكَ اللهُ بخير باكِرِ

بنعمَ طَيْر وشبابٍ فاخِرِ

وقال الأولون هو مثل قوله:

ــ

نعم وبئس وما جرى مجراهما:

أي: في المدح والذم كحبذا وساء. واعلم أن لنعم وبئس استعمالين: أحدهما أن يستعملا متصرفين كسائر الأفعال فيكون لهما مضارع وأمر واسم فاعل وغيرها، وهما إذ ذاك للإخبار بالنعمة والبؤس، تقول: نعم زيد بكذا ينعم به فهو ناعم وبئس يبأس فهو بائس. الثاني أن يستعملا لإنشاء المدح والذم وهما في هذا الاستعمال لا يتصرفان لخروجهما عن الأصل في الأفعال من الدلالة على الحدث والزمان فأشبها الحرف، والكلام عليهما هنا باعتبار هذا الاستعمال، وتجري فيهما على كلا الاستعمالين اللغات الآتية في الشرح أفاده الشاطبي. قوله:"فعلان" خبر مقدم لنعم وبئس. قوله: "بدليل فبها ونعمت" أي: لأن تاء التأنيث الساكنة من خصائص الأفعال، وبدليل ما حكاه الكسائي من قولهم نعما رجلين ونعموا رجالًا؛ لأن ضمائر الرفع البارزة المتصلة أيضًا من خصائص الأفعال.

قوله: "واسمان عند الكوفيين" أي: مبنيان على الفتح لتضمنهما معنى الإنشاء وهو من معاني الحروف. وأورد عليه أن المفيد للإنشاء الجملة بتمامها لا نعم وبئس فقط. ويجاب بأنهما العمدة في إفادة الإنشاء. وفي الدماميني نقلًا عن البسيط من قال باسميتهما فما بعدهما مما هو فاعل عندنا ينبغي أن يكون تابعًا عندهم لنعم بدلًا أو عطف بيان. والمعنى الممدوح الرجل زيد ا. هـ. قال سم: ويبقى الكلام في نحو: نعم رجلًا زيد ويحتمل أن يقال: إن رجلًا تمييز عن النسبة التي تضمنها نعم بمعنى الممدوح أي: الممدوح من جهة الرجولية زيد، ويحتمل أنه حال ثم قياس. ما ذكر في نعم الرجل حر الولد فيما استدلوا به من قوله ما هي بنعم الولد أي: ما هي بالممدوح الولد. ولعلهم يروونه بالجر فإن فرض أنهم يروونه بالرفع فلعله مقطوع عما قبله، وكذا يقال في العير من قوله على بئس العير ا. هـ. وفي الفارضي من قال باسمية نعم وبئس أعربهما مبتدأ وما بعدهما خبر ويجوز العكس حكاه أبو حيان في شرح هذا الكتاب. قوله:"باكر" أي: سريع.

قوله: "هو مثل قوله إلخ" ضمير هو يرجع إلى المذكور من الشواهد أي: إلى مجموعها

766- الرجز بلا نسبة في الدرر 5/ 195؛ ولسان العرب 12/ 582 "نعم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 2؛ وهمع الهوامع 2/ 84.

ص: 38

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

767-

عَمْرُكَ ما لَيْلِي بِنَامَ صاحِبُهْ

وسبب عدم تصرفهما لزومهما إنشاء المدح والذم على سبيل المبالغة وأصلهما فَعِل.

ــ

لأنه لا يأتي في البيت؛ لأنه يمنع منه فيه جر طير بإضافة نعم إليه بل تأويله أنه نزل نعم منزلة خير أي: بخير طير، فجعل نعم اسمًا للخير وأضافها لطير وفتحه على الحكاية للفظها قبل عروض الاسمية، قاله بعضهم وهو أولى مما ذكره شيخنا والبعض والمثلية في حذف الصفة والموصوف وإقامة المعمول مقامهما، هكذا قال شيخنا والبعض وفيه؛ أنه لا حاجة في بنام صاحبه إلى تقدير الصفة والأصل: بليل مقول فيه نام صاحبه، بل المحتاج إليه تقدير الموصوف فقط لصحة جعل نام صاحبه نفس الصفة فلا تكن أسير التقليد. قوله:"لزومهما إنشاء المدح والذم" أي: والإنشاء من معاني الحروف ولا تصرف في الحروف والمراد لزومهما في أحد الاستعمالين فلا ينافي أن لهما استعمالًا آخر فارقًا فيه الإنشاء. قال الدماميني: وإنما كانا لإنشاء المدح أو الذم؛ لأنك إذا قلت نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو فإنما تنشئ المدح أو الذم وتحدثه بهذا اللفظ، وليس المدح أو الذم بموجود خارجًا في أحد الأزمنة مقصود مطابقة هذا الكلام إياه حتى يكون خبرًا، بل الموجود خارجًا جودة الشخص أو رداءته، والقصد بهذا الكلام مدحه أو ذمه بالجودة أو الرداءة، فقول الأعرابي لمن بشره بمولودة وقال نعم الولد هي: والله ما هي بنعم الولد، ليس تكذيبًا له في المدح إذ لا يمكن تكذيبه فيه وإنما هو إخبار بأن الجودة التي حكمت بحصولها خارجًا ليست بحاصلة، فهو تكذيب لما تضمنه الإنشاء من الإخبار بحصول الجودة، فالتكذيب والتصديق إنما يتسلطان على ما تضمنه ذلك الإنشاء من الخبر لا عليه نفسه، وكذا الإنشاء التعجبي والإنشاء الذي في كم الخبرية وفي رب، هذا معنى كلام ابن الحاجب. قال الرضي: وفيه نظر إذ هذا الذي قرره يطرد في جميع الأخبار؛ لأنك إذا قلت زيد أفضل من عمرو فلا ريب في كونه خبرًا، ولا يمكن أن تكذب في التفضيل ويقال لك: إنك لم تفضل بل التكذيب إنما يتعلق بأفضلية زيد، وكذا إذا قلت زيد قائم هو خبر بلا شك، ولا يمكن أن تكذب من حيث الإاخبار؛ لأنك أوجدته بهذا اللفظ قطعًا بل من حيث القيام فكذا قوله: والله ما هي بنعم الولد، بيان لكون النعمية أي: الجودة المحكوم بثبوتها خارجًا ليست بثابتة وكذا في التعجب وفي كم ورب ا. هـ ببعض اختصار.

قوله: "على سبيل المبالغة" أي: لعموم المدح والذم فيهما وعدم تخصيصهما بخصلة معينة عند الإطلاق، وعدم التقييد بمخصص نحو: نعم الرجل زيد بخلاف نعم زيد عالمًا، وكان الأولى أن يقول: ويفيدان ذلك على سبيل المبالغة، إذ لا دخل لقوله على سبيل المبالغة في تعليل عدم التصرف كما علم. قوله:"وأصلهما فعل" أي: بفتح الفاء وكسر العين وقوله وقد يردان كذلك

767- الرجز لأبي خالد القناني في شرح أبيات سيبويه 2/ 416؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص99، 100، والإنصاف 1/ 112؛ وخزانة الأدب 9/ 388، 389؛ والخصائص 2/ 366؛ والدرر 1/ 76، 6/ 24؛ وشرح عمدة الحافظ ص549؛ وشرح المفصل 3/ 62؛ وشرح قطر الندى

ص29؛ ولسان العرب 12/ 595 "نوم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 3؛ وهمع الهوامع 1/ 6، 2/ 120.

ص: 39

مُقَارِنَيْ أل أو مُضافَيْن لِما

قارَنَهَا كنِعم عُقْبَى الكُرَما

ــ

وقد يردان كذلك أو بسكون العين وفتح الفاء وكسرها أو بكسرهما. وكذلك كل ذي عين حلقية من فَعِل فعلًا كان كشهد أو اسمًا كفخذ. وقد يقال في بئس بَيْس "رافعان اسمين" على الفاعلية "مُقَارِنَيْ أل" نحو: نعم العبد وبئس الشراب "أو مضافين لما قارنها كنعم عقبى الكرما"{وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: 30]، {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [غافر: 76] ، أو مضافين لمضاف لما قارنها كقوله:

768-

فَنِعْمَ ابنُ أخْتِ القَومِ غَيْرَ مُكَذَّبِ

وإنما لم ينبه على هذا الثالث لكونه بمنزلة الثاني. وقد نبه عليه في التسهيل.

تنبيهان: الأول اشتراط كون الظاهر معرفًا بأل أو مضافًا إلى المعرف بها، أو إلى المضاف إلى المعرف بها. وهو الغالب. وأجاز بعضهم أن يكون مضافًا إلى ضمير ما فيه أل كقوله:

769-

فَنِعْمَ أخو الهَيْجَا ونِعْمَ شَبَابُهَا

ــ

إلخ يفيد أن الأوجه الأربعة فيهما إذا استعملا لإنشاء المدح والذم، وبعضهم خصها بحالة تصرفهما وأفصحها كما في الدماميني الكسر فالسكون ثم كسر الفاء والعين ثم الفتح فالسكون ثم الفتح فالكسر. قوله:"وكسرها" الوجه إسقاطه لعلمه من قوله وأصلهما فعل لرجوع الضمير إلى نعم وبئس بكسر فسكون. قوله: "حلقية" أي: مخرجها الحلق وقوله من فعل أي: موازن فعل بفتح فكسر والمراد لفظه فيجوز صرفه بتأويل اللفظ، ومنع صرفه بتأويل الكلمة. قوله:"وقد يقال في بئس بيس" أي: بموحدة مفتوحة فتحتية ساكنة مبدلة من الهمزة على غير قياس كذا في الهمع، ثم إن كان الإبدال في حال الكسر فهو قياسي أو بعد الفتح فهو غير قياسي. قوله:"رافعان" أعربه الفارضي خبر مبتدأ محذوف أي: وهما رافعان وهو أولى من إعرابه نعت فعلان لما يلزم عليه من الفصل بين الصفة والموصوف بأجنبي وهو المبتدأ، كما

قاله الشيخ خالد. قوله: "على الفاعلية" أي: على القول بفعليتهما وأما على القول باسميتهما فقد أسلفناه. قوله: "مقارني أل" أي: المعرفة؛ لأنها المنصرف إليها اللفظ عند الإطلاق فلا يدخل لفظ الجلالة والذي. قوله: "غير مكذب" حال من الفاعل والمخصوص بالمدح زهير في تمام البيت. قوله: "وإنما لم ينبه على هذا الثالث" يمكن دخوله في كلامه بأن يراد بما قارنها ولو بواسطة. قوله: "هو الغالب" لا يلتئم مع قوله والصحيح إلخ، فكان الأولى أن يقول بدله هو الراجح أو نحوه، ووجد في بعض النسخ الضرب من أول التنبيه إلى الواو من قوله وأجاز وهو مناسب. قوله:"ونعم شبابها" كذا بخط الشارح وفي

768- عجزه:

زهير حسامًا مفردًا من حمائل

والبيت من الطويل، وهو لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 72؛ والدرر 5/ 200؛ وشرح التصريح 2/ 95؛ والمقاصد النحوية 4/ 5؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 272؛ وهمع الهوامع 2/ 85.

769-

الشطر من الطويل.

ص: 40

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والصحيح أنه لا يقاس عليه لقلته. وأجاز الفراء أن يكون مضافًا إلى نكرة كقوله:

770-

فَنِعْمَ صاحِبُ قَومٍ لا سِلاحَ لَهُمْ

وصاحِبُ الرَّكْبِ عُثْمَانُ بنُ عفَّانا

ونقل إجازته عن الكوفيين وابن السراج، وخصه عامة الناس بالضرورة. وزعم صاحب البسيط أنه لم يرد نكرة غير مضافة، وليس كذلك بل ورد، لكنه أقل من المضاف نحو: نعم غلام أنت ونعم تيم. وقد جاء ما ظاهره أن الفاعل علم أو مضاف إلى علم كقول بعض العبادلة: بئس عبد الله أنا إن كان كذا، وقوله عليه الصلاة والسلام: $"نعم عبد الله هذا" وكقوله:

771-

بِئْسَ قَومُ اللهِ قَومٌ طُرِقُوا

فَقَرَوا جَارَهُم لَحْمًا وَحِرْ

وكأن الذي سهل ذلك كونه مضافًا في اللفظ إلى ما فيه أل وإن لم تكن معرفة. وأجاز المبرد والفارسي إسناد نعم وبئس إلى الذي نحو: نعم الذي آمن زيد كما يسندان إلى

ــ

بعض النسخ شهابها بالهاء بدل الموحدة الأولى. قوله: "والصحيح إلخ" وفرق بين هذا وبين ما أجازه في باب الإضافة من نحو:

الواهب المائة الهجان وعبدها

بأن عبدها تابع لما فيه أل وقد يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، كذا قال البعض ولا يخفى أنه لا ينفع في نحو:

الود أنت المستحقة صفوه

فالأولى أن يقال باب نعم وبئس لعدم تصرفهما أضيق من باب الإضافة. قوله: "فنعم صاحب قوم إلخ" كأن الذي سهل ذلك عند الجمهور عطف المضاف إلى المحلى بأل عليه وعثمان هو المخصوص بالمدح. قوله: "ما ظاهره" أي: تركيب ظاهره، وإنما قال ما ظاهره لإمكان تأويله بجعل الفاعل ضميرًا مستترًا حذف تفسيره بناء على جواز حذف التمييز في مثل ذلك والعلم مخصوص بالمدح أو الذم وما بعده بدل أو عطف بيان. قوله:"طرقوا" من الطروق وهو الإتيان ليلًا فقروا جارهم أي: فأطعموا ضيفهم لحمًا وحر بفتح الواو وكسر الحاء المهملة أي: دبت عليه الوحرة بفتحات وهي نوع من الوزغ ووقف بالسكون على لغة ربيعة. قوله: "وإن لم تكن معرفة" أي: لأنها زائدة لازمة وتعريفه بالعلمية. قوله: "كما يسندان إلخ" أي: بجامع إرادة

770- البيت من البسيط، وهو لكثير بن عبد الله النهشلي في الدرر 5/ 213؛ وشرح شواهد الإيضاح ص100؛ والمقاصد النحوية 4/ 17؛ وله أو لأوس بن مغراء أو لحسان بن ثابت في خزانة الأدب 9/ 415، 417؛ وشرح المفصل 7/ 131؛ وليس في ديوان حسان؛ وبلا نسبة في المقرب 1/ 66؛ وهمع الهوامع 2/ 86.

771-

البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 206، 217؛ والمقاصد النحوية 4/ 19؛ وهمع الهوامع 2/ 85.

ص: 41

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما فيه أل الجنسية، ومنع ذلك الكوفيون وجماعة من البصريين وهو القياس؛ لأن كل ما كان فاعلًا لنعم وبئس وكان فيه أل كان مفسرًا للضمير المستتر فيهما إذا نزعت منه، والذي ليس كذلك، قال في شرح التسهيل ولا ينبغي أن يمنع؛ لأن الذي جعل بمنزلة الفاعل ولذلك اطرد الوصف به، الثاني ذهب الأكثرون إلى أن أل في فاعل نعم وبئس جنسية، ثم اختلفوا فقيل حقيقة. فإذا قلت نعم الرجل زيد فالجنس كله ممدوح وزيد مندرج تحت الجنس؛ لأنه فرد من أفراده ولهؤلاء في تقريره قولان: أحدهما أنه لما كان الغرض المبالغة في إثبات المدح للمدوح جعل المدح للجنس الذي هو منهم، إذ الأبلغ في إثبات الشيء جعله للجنس حتى لا يتوهم كونه طارئًا على المخصوص. والثاني أنه لما قصدوا المبالغة عدوا المدح إلى الجنس مبالغة ولم يقصدوا غير مدح زيد فكأنه قيل ممدوح جنسه لأجله، وقيل مجازًا، فإذا قلت نعم الرجل زيد جعلت زيدًا جميع الجنس مبالغة، ولم تقصد غير مدح زيد.

ــ

الجنس في كل. قوله: "كان مفسرًا" أي: تمييزًا. قوله: "والذي ليس كذلك" أي: لأنه لا تنزع منه أل حتى يصلح لكونه مفسرًا للضمير. قوله: "قال في شرح التسهيل إلخ" باقي عبارة شرح التسهيل على ما في الهمع ومقتضى النظر الصحيح أنه لا يجوز مطلقًا، ولا يمنع مطلقًا بل إذا قصد به الجنس جاز، وإذا قصد به العهد منع ا. هـ. وهو إنما يتجه على أن أل في نعم الرجل جنسية لا عهدية.

قوله: "ولا ينبغي أن يمنع" أي: والكلية السابقة غير مسلمة. قوله: "لأن الذي" أي: مع صلته جعل بمنزلة الفاعل أي: بمنزلة اسم الفاعل المحلى بأل واسم الفاعل المحلى بأل يقع فاعلًا لنعم وبئس فكذا ما هو بمنزلته، والمراد بكونه بمنزلته أنه مؤول به. قوله:"جنسية" أي: للجنس في ضمن جميع الأفراد حقيقة أو مجازًا كما يدل عليه تقريره الآتي وأل الجنسية بهذا المعنى هي الاستغراقية حقيقة أو مجازًا وبها عبر بعضهم. قوله: "فقيل حقيقة" أي: أنه أريد بمدخولها جميع أفراد الجنس قصدًا أو تبعًا للممدوح كما يدل عليه ما بعده. وقوله فالجنس كله ممدوح أي: قصدًا أو تبعًا وقوله وزيد مندرج تحت الجنس أي: ثم نص عليه كما ينص على الخاص بعد العام، واعترض بأن العموم يؤدي إلى التناقض في نحو: نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو وأجيب بأن الشيء قد يمدح ويذم من جهتين مختلفتين، ولا تناقض عند اختلاف الجهة. قوله:"في تقريره" أي: تقرير كونها للجنس حقيقة وقوله إنه أي: الحال والشأن. قوله: "جعل المدح للجنس" أي: قصدًا فجميع أفراده ممدوحة قصدًا على هذا القول. قوله: "حتى لا يتوهم" أي: فلا يتوهم كونه أي: المدح طارئًا على المخصوص، وأن جنسه لا يستحق المدح لنقصه فحتى تفريعية.

قوله: "عدوا المدح إلى الجنس" أي: جعلوه متجاوزًا المخصوص إلى الجنس لا قصدًا بل تبعًا للمخصوص مبالغة في مدحه. قوله: "وقيل مجازًا" أي: جنسية مجازًا ووجهه أن المراد بمدخولها الفرد المعين مدعي أنه جميع الجنس لجمعه ما تفرق في غيره من الكمالات فالمدح لذلك الفرد

ص: 42

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذهب قوم إلى أنها عهدية، ثم اختلفوا فقيل المعهود ذهني كما إذا قيل اشتر اللحم ولا تريد الجنس، ولا معهودًا تقدم وأراد بذلك أن يقع إبهام، ثم يأتي بالتفسير بعده تفخيمًا للأمر وقيل المعهود هو الشخص الممدوح، فإذا قلت زيد نعم الرجل فكأنك قلت زيد نعم هو. واستدل هؤلاء بتثنيته وجمعه ولو كان عبارة عن الجنس لم يسغ فيه ذلك. وقد أجيب عن ذلك على القول بأنها للاستغراق بأن المعنى أن هذا المخصوص يفضل أفراد هذا الجنس إذا ميزوا رجلين أو رجالًا رجالًا. وعلى القول بأنها للجنس مجازًا بأن كل واحد من الشخصين كأنه على حدته جنس فاجتمع جنسان فثنيا. الثالث لا يجوز اتباع فاعل نعم

ــ

لا لغيره من الجنس لا قصدًا ولا تبعًا. قوله: "فقيل المعهود ذهني" أي: حقيقة معينة في الذهن باعتبار وجودها في ضمن فرد مبهم، كما هو شأن مدخول لام العهد الذهني ثم فسر ذلك الفرد المبهم بزيد مثلًا. قوله:"ولا معهودًا تقدم" أي: في الذكر صريحًا أو كناية أو في العلم كما هو شأن مدخول لام العهد الخارجي. قوله: "تفخيمًا للأمر" أي: مدح ذلك الفرد؛ لأن التفسير بعد الإبهام أمكن في ذهن المخاطب وأوقع في نفسه. قوله: "وقيل المعهود هو الشخص الممدوح" أي: فتكون أل للعهد الخارجي. قوله: "فكأنك قلت زيد نعم هو" أي: فيكون الرجل من وضع الظاهر موضع الضمير وأل للعهد الخارجي الذكرى، وهذا ظاهر إذا قدم المخصوص كما في مثال الشارح فإذا أخر كما في نعم الرجل زيد فالظاهر أن الأمر كذلك، على القول بأن المخصوص مبتدأ خبره الجملة قبله لتقدم المرجع في الرتبة، وإن تأخر لفظًا بخلافه على القول بأنه مبتدأ حذف خبره، أو خبر مبتدأ محذوف فعليهما لا إظهار في مقام الإضمار، بل ولا تكون أل للعهد الذكرى حيث اشترط تقدم ذكر مدخولها كما هو قضية كلامهم. وانظر أل حينئذٍ لأي أقسام العهد الخارجي.

قوله: "واستدل هؤلاء" أي: القائلون بأن أل للعهد مطلقًا ذهنيا أو خارجيا كما يرشد إليه تعليله. قوله: "لم يسغ فيه ذلك" أي: لأن الجنس شيء واحد وإن أريد في ضمن جميع أفراده كما هو مراد القائل بأنها للجنس كما مر. قوله: "للاستغراق" أي: للجنس في ضمن جميع الأفراد حقيقة بتقريريه السابقين. قوله: "أن هذا المخصوص" أي: المثنى أو المجموع يفضل أي: يفوق أفراد هذا الجنس أي: جنس فاعل نعم المثنى أو المجموع، وأخذ الفضل من كونه المخصوص بالمدح. قوله:"إذا ميزوا" أي: فصلوا وقسموا رجلين رجلين أو رجالًا رجالًا أي: حالة كونهم، أي: أولئك الأفراد رجلين رجلين في المثنى أو رجالًا رجالًا في المجموع. وحاصله أن القائل نعم الرجلان أو الرجال ثنى أو جمع أولًا، ثم عرف بأل الجنسية فهي لجنس الاثنين في ضمن جميع أفراده التي هي مثنيات، ولجنس الجمع الذي في ضمن جميع أفراده التي هي جموع، وأما قول البعض وما ذكره لا يظهر إلا على القول بأن أفراد المثنى والجمع مثنيات وجموع وأما على القول بأن أفرادهما آحاد فلا ا. هـ. فغفلة؛ لأن محل الخلاف إذا لم تكن أل في المثنى لجنس الاثنين وفي المجموع لجنس الجمع، وإلا كانت أفراد المثنى مثنيات وأفراد الجموع جموعًا بلا خلاف للقطع

ص: 43

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبئس بتوكيد معنوي، قال في شرح التسهيل باتفاق وأما التوكيد اللفظي فلا يمتنع، وأما النعت فمنعه الجمهور وأجازه أبو الفتح في قوله:

772-

لَعَمْرِي وما عَمْرِي عَلَيَّ بِهَيِّنٍ

لَبِئْسَ الفَتَى المَدْعُوُّ باللَّيْلِ حَاتِمُ

قال في شرح التسهيل: وأما النعت فلا ينبغي أن يمنع على الإطلاق بل يمتنع إذا قصد به التخصيص مع إقامة الفاعل مقام الجنس؛ لأن تخصيصه حينئذ مناف لذلك القصد، وأما إذا تؤول بالجامع لأكمل الفضائل فلا مانع مع نعته حينئذ؛ لإمكان أن يراد بالنعت ما أريد بالمنعوت. وعلى هذا يحمل قول الشاعر:

773-

نِعْمَ الفَتَى المُرِّيُّ أَنْتَ إذا هُمُ

ــ

بوجوب صدق المفهوم على أفراده ومفهوم الاثنين والجمع لا يصدق على الواحد فلا يكون فردًا لهما. فعض بنواجذك على هذا التحقيق. قوله: "بتوكيد معنوي" أي: فلا يقال نعم الرجل كلهم أو أنفسهم زيد ولا كله أو نفسه زيد؛ لأن الأول منافر للفظ والثاني منافر للمعنى. ولا يقاس الأول على قولهم الدينار الصفر والدرهم البيض؛ لشذوذه، وأيضًا ليس المقام مقام تحقيق الإحاطة بالجنس فلا يشذ منه أحد حتى يؤتى بكل، ولا رفع احتمال إرادة جنس آخر ملابس للجنس المذكور حتى يؤتى بالنفس، كذا قال الدماميني. قال سم: وهو يتأتى في المثنى والجمع ا. هـ. قال في الهمع وقال أبو حيان: ومن يرى أن أل عهدية شخصية لا يبعد أن يجيز نعم الرجل نفسه زيد. قوله:

"فلا يمتنع" لأن إعادة اللفظ خشية نحو: سهو السامع عنه لا محذور فيه.

قوله: "فمنعه الجمهور" أي: لأنه إن أفرد خولف المعنى وإن جمع خولف اللفظ، قاله الدماميني. وقال الفارضي؛ لأن النعت يخصصه ويقلل شياعه فينافي المقصود منه وهو الجنس في ضمن جميع الأفراد حقيقة أو مجازًا كما هو المشهور فيه. قوله:"لذلك القصد" أي: قصد الجنس على الوجه المتقدم.

قوله: "وأما إذا تؤول" أي: الفاعل بالجامع لأكمل الفضائل أي: بأن أريد الاستغراق مجازًا ومثل ذلك ما إذا أريد الجنس حقيقة ولم يقصد بالنعت التخصيص بل الكشف والإيضاح كما استفيد من مفهوم قوله سابقًا إذا قصد به التخصيص، ومثله أيضًا ما إذا أريد العهد. قوله:"لا مكان أن يراد بالنعت إلخ" بأن يراد بالنعت الجامع لكمالات جنس هذا النعت. قوله: "المري" بضم الميم وتشديد الراء نسبة إلى مرة أحد أجداده وتمام البيت:

772- البيت من الطويل، وهو ليزيد بن قنافة في خزانة الأدب 9/ 405، 407؛ والدرر 5/ 203؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1464؛ والمقاصد النحوية 4/ 9؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 85.

773-

عجزه:

حَضَروا لَدَى الحجُراتِ نارَ الموقِدِ

والبيت من الكامل، وهو لزهير بن أبي س لمى في ديوانه ص275؛ وخزانة الأدب 9/ 404؛ 407، 408؛ وشرح شواهد المغني 2/ 915؛ والمقاصد النحوية 4/ 21؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 71؛ ومغني اللبيب 2/ 587.

ص: 44

ويَرْفَعانِ مُضْمرًا يُفسِّره

مُمَيِّزٌ كنِعْمَ قومًا مَعْشَرُه

ــ

وحمل أبو علي وابن السراج مثل هذا على البدل وأبيا النعت ولا حجة لهما ا. هـ. وأما البدل والعطف فظاهر سكوته في شرح التسهيل عنهما جوازهما وينبغي أن لا يجوز منهما إلا ما تباشره نعم "وَيَرْفَعانِ" أيضًا على الفاعلية "مضمرًا" مبهمًا "يفسره مميز كنعم قومًا معشره" وقوله:

774-

نَعْمَ امْرَأ هَرِمٌ لم تَعْرُ نائِبَةٌ

إلا وَكانَ لِمُرْتَاعٍ بِهَا وَزَرَا

وقوله:

775-

لنعم مَوْئِلًا المَولَى إذا حُذِرَتْ

بَأْسَاءُ ذِي البَغْي واسْتِيلاءُ ذي الإحَنِ

وقوله:

776-

نعم امْرَأَيْنِ حاتِمٌ وكَعْبُ

كِلاهما غَيْثٌ وسَيْفٌ عَضْبُ

ــ

حضروا لدى الحجرات نار الموقد

والحجرات جمع حجرة بفتحتين وهي شدة الشتاء. قوله: "إلا ما تباشره نعم" أي: ما يصلح لمباشرتها وهو المعرف بأل والمضاف إلى المعرف بها ولو بواسطة، وقد جزم بالجواز بهذا القيد السيوطي. قال البعض تبعًا لشيخنا وقد يقال الذي ينبغي الجواز مطلقًا ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع

ا. هـ. وأنت إذا تذكرت ما أسلفناه عن بعض المحققين من أن اغتفارهم في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ليس أصلًا مطردًا في كل موضع؛ ولذلك يقولون قد يغتفر إلخ، هان عليك هذا البحث. قوله:"مضمرًا مبهمًا" تقدم أن هذا من المواضع السبعة التي يعود فيها الضمير على متأخر لفظًا ورتبة. قال الفارضي وندر جره بالباء أي: الزائدة نحو: نعم بهم قومًا. قوله: "يفسره مميز" فإذا قلت: زيد نعم رجلًا لم يعد الضمير على زيد بل على رجلًا. دماميني. قوله: "مميز" يجوز وصف هذا المميز نحو: نعم رجلًا صالحًا زيد وكذا فصله خلافًا لابن أبي الربيع نحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50]، همع. قوله:"كنعم قومًا معشره" ينبغي إذا جرينا على أن معشره مبتدأ خبره الجملة قبله أن يكون الرابط عموم الضمير للمبتدأ على أن المراد بالضمير الجنس، أو إعادة المبتدأ بمعناه على أن المراد به الشخص فعلم ما في كلام البعض تبعًا لسم من الخفاء والقصور. قوله:"نعم امرأ هرم" بفتح الهاء وكسر الراء لم تعر مضارع عرا يعرو بمعنى عرض والوزر الملجأ. قوله: "لنعم موئلا" أي: ملجأ وقوله حذرت بالبناء للمجهول أي: خيفت. والإحن بكسر الهمزة وفتح الحاء المهملة جمع إحنة بكسر الهمزة وسكون الحاء وهي الحقد. قوله: "كلاهما غيث وسيف عضب" أي: قاطع وفيه لف ونشر مرتب. قوله: "تقول عرسي إلخ"

774- البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبي سلمى في شرح التصريح، وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 275؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ وشرح شذور الذهب ص197.

775-

البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح أبي عقيل ص454؛ وشرح عمدة الحافظ ص782؛ والمقاصد النحوية 4/ 6.

776-

الرجز بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص782.

ص: 45

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50] . وقوله:

777-

تَقُولُ عِرْسِي وَهْيَ لِي فِي عَومَرَهْ

بِئْسَ امْرَأً وَإِنَّنِي بِئْسَ المَرَهْ

ففي كل من نعم وبئس ضمير هو الفاعل. ولهذا الضمير أحكام: الأول أنه لا يبرز في تثنية ولا جمع استغناء بتثنية تمييزه وجمعه، وأجاز ذلك قوم من الكوفيين وحكاه الكسائي عن العرب، ومنه قول بعضهم: مررت بقوم نعموا قومًا وهذا نادر. الثاني أنه لا يتبع. وأما نحو: نعم هم قومًا أنتم فشاذ. الثالث أنه إذا فسر بمؤنث لحقته تاء التأنيث نحو: نعمت امرأة هند هكذا مثله في شرح التسهيل. وقال ابن أبي الربيع: لا تلحق وإنما يقال نعم امرأة هند استغناء بتأنيث المفسر. ونص الخطاب على جواز الأمرين. ويؤيد الأول قوله فبها ونعمت. الرابع ذهب القائلون بأن فاعل نعم الظاهر يراد به الشخص إلى أن المضمر كذلك. وأما القائلون بأن الظاهر يراد به الجنس فذهب أكثرهم إلى المضمر كذلك.

وذهب بعضهم إلى أن المضمر للشخص، قال: لأن المضمر على التفسير لا يكون

ــ

عرس الرجل بالكسر امرأته، ولي بمعنى معي، والعومرة الصخب واختلاط الأصوات. قوله:"أنه لا يبرز" بل هو واجب الاستتار في الأحوال كلها كما أرشد إلى ذلك تمثيله، وندر إبرازه مجرورًا بالباء كما مر عن الفارضي.

قوله: "أنه لا يتبع" أي: بشيء من التوابع لقوة شبهه بالحرف بتوقف انفهامه لفظًا ومعنى على التمييز بعده بخلاف الضمير العائد على ما قبله قاله يس. قوله: "نعم هم" الشاهد في هم فإنه توكيد للضمير المستتر وأما أنتم فالمخصوص. قوله: "لحقته تاء التأنيث" أي: لحقت فعله وجوبًا بقرينة مقابلته بالقول الثالث. قوله: "لا تلحق" أي: يمتنع ذلك بقرينة مقابلته بالقول الثالث. قوله: "ويؤيد الأول" أي: القول بوجوب اللحوق واعترض بأن التمييز غير مذكور كما هو محل الخلاف، ولك أن تقول المقدر كالمذكور وبأنه إنما يؤيد الأول بالنسبة إلى الثاني لا الثالث. قوله:"يراد به الشخص" أي: المعهود خارجًا وقوله إلى أن المضمر كذلك أي: يراد به الشخص بأن يجعل راجعًا إلى التمييز المراد به الشخص. قوله: "فذهب أكثرهم إلى أن المضمر كذلك" أي: يراد به الجنس في ضمن جميع الأفراد بأن يجعل راجعًا إلى التمييز المراد به الجنس لكونه على نية أل الجنسية إذ الأصل نعم الرجل فاندفع الاعتراض بأن مرجع الضمير التمييز وهو نكرة في سياق الإثبات فلا يعم، والضمير كمرجعه فمن أين العموم وسكت عن الضمير على القول بأن الظاهر يراد به المعهود الذهني، وفي سم على المختصر أنه كالظاهر حينئذٍ أيضًا.

قوله: "وذهب بعضهم إلى أن المضمر للشخص" هذا مقابل قوله فذهب أكثرهم فضمير

777- الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص773، 1176؛ وشرح ابن عقيل ص455؛ وشرح عمدة الحافظ ص785؛ والمقاصد النحوية 4/ 29.

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في كلام العرب إلا شخصًا. ولمفسر هذا الضمير شروط: الأول أن يكون مؤخرًا عنه، فلا يجوز تقديمه على نعم وبئس الثاني أن يتقدم على المخصوص فلا يجوز تأخيره عنه عند جميع البصريين، وأما قولهم نعم زيد رجلًا فنادر. الثالث أن يكون مطابقًا للمخصوص في الإفراد وضديه والتذكير وضده. الرابع أن يكون قابلًا لأل فلا يفسر بمثل غير وأي وأفعل التفضيل؛ لأنه خلف من فاعل مقرون بأل فاشترط صلاحيته لها. الخامس أن يكون نكرة عامة فلو قلت نعم شمسًا هذه الشمس لم يجز؛ لأن الشمس مفرد في الوجود، فلو قلت نعم شمسًا شمس هذا اليوم لجاز ذكره ابن عصفور وفيه نظر. السادس لزوم ذكره كما نص عليه سيبويه، وصحح بعضهم أنه لا يجوز حذفه وإن فهم المعنى ونص بعض المغاربة على شذوذ فبها ونعمت. وقال في التسهيل لازم غالبًا استظهارًا على نحو: فبها ونعمت. وممن أجاز حذفه ابن عصفور.

تنبيه: ما ذكر من أن فاعل نعم يكون ضميرًا مستترًا فيها هو مذهب الجمهور، وذهب الكسائي إلى أن الاسم المرفوع بعد النكرة المنصوبة فاعل نعم والنكرة عنده منصوبة على الحال، ويجوز عنده أن تتأخر فيقال نعم زيد رجلًا، وذهب الفراء إلى أن

ــ

بعضهم راجع إلى القائلين بأن الظاهر يراد به الجنس وبهذا يعرف ما في كلام البعض من الخلل. قوله: "على التفسير" أي: مع التفسير. قوله: "لا يكون في كلام العرب إلا شخصًا" قد يمنع بأن الضمير كمفسره شخصًا وغيره فتدبر. قوله: "ولمفسر هذا الضمير" خرج مفسر الظاهر فلا يعتبر فيه جميع هذه الشروط إذ يجوز تأخيره عن المخصوص كقوله بئس الفحل فحلهم فحلًا. قوله: "أن يكون قابلًا لأل" أي: أو حالًا محل ما يقبلها فلا يرد فنعمًا هي على القول بأن ما تميز؛ لأنها وإن لم تقبل أل حالة محل ما يقبلها أفاده زكريا. قوله: "وأفعل التفضيل" لعل مراده المضاف والمقرون بمن؛ لأن غيرهما يقبل أل فيجوز نعم أحسن زيد. قوله: "نكرة عامة" أي: متكثرة الأفراد كما يفيده كلامه فلا يرد أن النكرة في سياق الإثبات لا تعمّ وتقدم جواب آخر. قوله: "فلو قلت نعم شمسًا شمس هذا اليوم لجاز" أي: لأنك لما اعتبرت تعدد الشمس بتعدد الأيام كان شمسًا في كلامك نكرة عامة لكل شمس يوم. قوله: "وفيه نظر" وجه النظر بأن علة المنع موجودة في هذه الصورة أيضًا، وهو مدفوع باعتبار التعدد بتعدد الأيام وبهذا يستغنى عما أطال به البعض. قوله:"وصحح بعضهم إلخ" تقوية لما قبله.

قوله: "وإن فهم المعنى" أي: كما في الحديث، وقوله استظهارًا يعني اعتمادًا، وقوله فبها ونعمت أي: فبالطريقة المحمدية من الوضوء أخذ ونعمت طريقة الوضوء هذا هو الصواب. وقول البعض في تقرير الحديث ونعمت الطريقة الوضوء غير مناسب لما نحن فيه بل غير صحيح؛ لأنه يلزم عليه حذف الفاعل فتنبه. قوله: "وذهب الكسائي إلخ" الظاهر أنه على مذهب الكسائي والفراء أغنى الفاعل عن المخصوص كما سيأتي نظيره في شرح قول المصنف، وما ميز وقيل فاعل إلخ. قوله: "ويجوز عنده أن

ص: 47

وَجَمْعُ تَمْيِيزٍ وفاعِلٍ ظَهَرْ

فِيْهِ خِلافٌ عَنْهُمُ قَدِ اشْتَهَرْ

ــ

الاسم المرفوع كقول الكسائي إلا أنه جعل النكرة المنصوبة تمييزًا منقولًا. والأصل في قولك نعم رجلا زيد نعم الرجل زيد، ثم نقل الفعل إلى الاسم الممدوح فقيل نعم رجلا زيد، ويقبح عنده تأخيره؛ لأنه وقع موقع الرجل المرفوع وأفاد إفادته. والصحيح ما ذهب إليه الجمهور لوجهين: أحدهما قولهم نعم رجلًا أنت وبئس رجلًا هو فلو كان فاعلًا لاتصل بالفعل. الثاني قولهم نعم رجلًا كان زيد فأعملوا فيه الناسخ "وجمع تمييز وفاعل ظهر فيه خلاف عنهم" أي: عن النحاة "قد اشتهر" فأجازه المبرد وابن السراج والفارسي والناظم وولده، وهو الصحيح لوروده نظمًا ونثرًا فمن النظم قوله:

778-

نِعْمَ الفَتَاةُ فتاةٌ هِنْدُ لو بَذَلَتْ

رَدَّ التَّحِيَّة نُطقًا أو بِإيمَاءِ

وقوله:

779-

والتَّغْلَبِيُّونَ بِئْسَ الفَحْلُ فَحْلُهُمُ

فحلًا وأُمُّهُمُ زَلَّاءُ مِنْطِيقُ

ــ

تتأخر" أي: لأن الأصل في الحال أن تتأخر عن صاحبها. قوله: "منقولًا" أي: محولًا عن الفاعل كما يدل عليه ما بعده وقوله ثم نقل الفعل أي: حول إسناده عنه إلى الاسم الممدوح ونصب تمييزًا. قوله: "لوجهين" زيد ثالث وهو قولهم إخوتك نعم رجالًا، والفاعل لا يتقدم وفيه نظر، وإن أقره البعض وغيره؛ لأن الكسائي والفراء من الكوفيين وهم يجوزون تقديم الفاعل فلا ينهض هذا الوجه عليهما. قوله: "لا تصل بالفعل" أي: بارزًا في المثال الأول ومستترًا فيه في المثال الثاني. فإطلاق البعض استتاره ليس في محله. قوله: "قولهم نعم رجلًا كان زيد" قد يناقش باحتمال زيادة كان إلا أن يقال الأصل عدم الزيادة.

قوله: "فأعملوا فيه الناسخ" أي: والناسخ لا يدخل على الفاعل بل على المبتدأ. قوله: "نطقًا" أي: بنطق بدليل أو بإيماء. قوله: "والتغلبيون" نسبة إلى تغلب بفتح الفوقية وسكون الغين المعجمة وكسر اللام لكن اللام في المنسوب مفتوحة؛ لاستثقال كسرتين مع ياء النسبة، وقد تكسر نقله شيخ الإسلام عن الجوهري. والتغلبيون قوم من نصارى العرب بقرب الروم منهم الأخطل. وأراد بالفحل الأب والزلاء بفتح الزاي وتشديد اللام المرأة اللاصقة العجز الخفيفة الألية، والمنطيق صيغة مبالغة من النطق يستوي فيها المذكر والمؤنث ومعناه البليغ، لكن المراد به هنا المرأة التي تتأزر بما تعظم به عجيزتها قاله العيني وغيره. وعبارة القاموس المنطيق البليغ والمرأة المتأزرة بحشية تعظم بها عجيزتها ا. هـ. وكأن الثاني مأخوذ من النطاق وهو شقة تلبسها المرأة

778- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 277؛ وخزانة الأدب 9/ 398؛ والدرر 5/ 209؛ وشرح التصريح 2/ 95؛ وشرح شواهد المغني ص862؛ ومغني اللبيب 464؛ والمقاصد النحوية 4/ 32؛ وهمع الهوامع 2/ 86.

779-

البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص192؛ والدرر 5/ 208؛ وشرح التصريح 2/ 96؛ وشرح عمدة الحافظ ص787؛ ولسان العرب 10/ 355 "نطق"؛ والمقاصد النحوية 4/ 7؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص455؛ وهمع الهوامع 2/ 86.

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقوله:

780-

فَنِعْمَ الزَّادُ زَادُ أَبِيكَ زَادَا

ومن النثر ما حكي من كلامهم: نعم القتيل قتيلًا أصلح بين بكر وتغلب. وقد جاء التمييز حيث لا إبهام يرفعه لمجرد التوكيد كقوله:

781-

وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأنَّ دِيْنَ مُحَمَّدٍ

مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ البَرِيَّةِ دِيْنَا

ومنعه سيبويه والسيرافي مطلقًا وتأولا ما سمع. وقيل إن أفاد معنى زائدًا جاز وإلا فلا كقوله:

782-

فَنِعْمَ المَرْءُ مِنْ رَجُلٍ تِهَامِي

وقوله:

783-

وَقَائِلَةٍ نِعْمَ الفَتَى أنت من فَتًى

ــ

وتشد وسطها فترسل الأعلى على الأسفل إلى الأرض والأسفل ينجر في الأرض.

قوله: "ومن النثر ما حكى" في بعض النسخ إسقاط ما وليس بصواب. قوله: "وقد جاء التمييز إلخ" جواب عما يقال التمييز لرفع الإبهام ولا إبهام مع الفاعل الظاهر. قوله: "وتأولا ما سمع" أي: بجعل فتاة وفحلًا وزادًا وقتيلًا أحوالًا مؤكدة، أو زادا مفعولًا به لتزود أول البيت. قوله:"إن أفاد معنى زائدًا" أي: بنفسه كالمثال الثاني أو بتابعه كالمثال الأول والثالث. قوله: "كقوله فنعم المرء إلخ" مثال لما أفاد معنى زائدًا وهو كونه تهاميا، فكان الأولى للشارح أن يؤخر قوله وإلا فلا عن الأمثلة. وتهامي نسبة إلى تهامة بكسر الفوقية وهي ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز

780- صدره:

تزوَّد مثل زاد أبيك فينا

والبيت من الوافر، وهو لجرير في خزانة الأدب 9/ 394، 399؛ والخصائص 1/ 83، 396، والدرر 5/ 210؛ وشرح شواهد الإيضاح ص109؛ وشرح شواهد المغني ص57؛ وشرح المفصل 7/ 132؛ ولسان العرب 3/ 198 "زود"؛ والمقاصد النحوية 4/ 30؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ص862؛ وشرح ابن عقيل ص456؛ ومغني اللبيب ص462؛ والمقتضب 2/ 150.

781-

البيت من الكامل، وهو لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 76، 9/ 397؛ وشرح التصريح 2/ 96؛ وشرح شواهد المغني 2/ 687؛ وشرح عمدة الحافظ ص788؛ وشرح قطر الندى ص242؛ ولسان العرب 5/ 144 "كفر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 8.

782 صدره:

تَخَيَّرُهُ فلم يَعْدِل سِواهُ

والبيت من الوافر، وهو لأبي بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي في الدرر 5/ 211؛ وشرح التصريح 1/ 399، 2/ 96؛ وشرح المفصل 7/ 133؛ والمقاصد النحوية 3/ 227، 4/ 14؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 396؛ وخزانة الأدب 9/ 395؛ والمقرب 1/ 69؛ وهمع الهوامع 2/ 86.

783-

عجزه:

إذا المرضع العوجاء جال بريمُها

=

ص: 49

ومَا مُمَيِّزٌ وقِيلَ فاعِل

في نحو نِعْمَ ما يقول الفاضِلُ

ــ

أي: من متفت أي: كريم. وفي الأثر "نعم المرء من رجل لم يطأ لنا فراشًا ولم يفتش لنا كنفًا منذ أتانا" وصححه ابن عصفور "وما" في موضع نصب "مميز وقيل فاعل" فهي في موضع رفع، وقيل إنها المخصوص وقيل كافة "في نحو: نعم ما يقول الفاضل" {بِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 90]، فأما القائلون بأنها في موضع نصب على التمييز فاختلفوا على ثلاثة أقوال: الأول أنها نكرة موصوفة بالفعل بعدها والمخصوص محذوف وهو مذهب الأخفش والزجاجي والفارسي في أحد قوليه والزمخشري وكثير من المتأخرين. والثاني أنها نكرة غير موصوفة والفعل بعدها صفة لمخصوص محذوف أي: شيء والثالث أنها تمييز والمخصوص ما أخرى موصولة محذوفة والفعل صلة لما الموصولة المحذوفة ونقل عن الكسائي. وأما القائلون بأنها الفاعل فاختلفوا على خمسة أقوال: الأول أنها اسم معرفة تام أي: غير مفتقر إلى صلة والفعل صفة لمخصوص محذوف والتقدير: نعم الشيء شيء فعلت. وقال به قوم منهم: ابن خروف ونقله في التسهيل عن سيبويه والكسائي. والثاني أنها

ــ

وفي النسبة إليها الكسر مع تشديد الياء والفتح مع تخفيفها، كيمان كما بينا ذلك في باب التمييز. قوله:"من متفت" قال سم: قد يقال هو بهذا المعنى ليس مما نحن فيه بل هو مباين للفاعل ا. هـ. وتعقبه البعض فقال: هذا يقتضي المباينة في كل ما أفاد معنى زائدًا، كما لا يخفى ولا يخفى ما فيه ا. هـ. وهو

فاسد؛ لأنه لا يأتي فيما أفاد معنى زائدًا بتابعه فاعرفه. قوله: "كنفا" أي:

سترًا. قوله: "وما مميز إلخ" أورد عليه بناء على القولين الأخيرين من أقوال كون ما تمييزًا أن ما مساوية للضمير في الإبهام، فكيف تكون مميزة له.

وأجيب بأن المراد منها شيء له عظمة أو حقارة أو نحوهما بحسب المقام فتكون أخص منه مع أن التمييز قد يكون للتأكيد والفاعل على أنها مميز للضمير المستتر في نعم وبئس، وسكت عن من وهي مثل ما إلا أنها لا تكون معرفة تامة، بل هي إما موصولة أو نكرة تامة أو موصوفة كقوله:

ونعم من هو في سر وإعلان

وتقدم الكلام على ذلك في الموصول. قوله: "في نحو: نعم ما يقول الفاضل" أي: من كل تركيب وقع فيه بعد نعم أو بئس ما فجملة فعلية. قوله: "أنها تمييز" فيه أنه مشترك بين الأقوال الثلاثة فكان الظاهر أن يقول: والثالث كالثاني إلا أن المخصوص ما أخرى ا. هـ. قوله: "لما الموصولة المحذوفة" أظهر في محل الإضمار للإيضاح. قوله: "والفعل صفة لمخصوص محذوف" أورد عليه وعلى ثاني أقوال كون ما تمييزا لزوم حذف الموصوف بالجملة مع أنه ليس بعض اسم متقدم مجرور بمن أو في وسيأتي أنه ضرورة. قوله: "والتقدير نعم الشيء شيء فعلت" بوصف المخصوص بجملة فعلت تخصص عن الفاعل المراد به الجنس، فقد وجد شرط كون المخصوص أخص من الفاعل لا أعم ولا مساويًا كما في الهمع، لكنه لا يأتي على القول بأن أل

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

موصولة والفعل صلتها والمخصوص محذوف ونقل عن الفارسي. والثالث أنها موصولة والفعل صلتها وهي فاعل يكتفي بها وبصلتها عن المخصوص، ونقله في شرح التسهيل عن الفراء والكسائي. والرابع أنها مصدرية ولا حذف والتقدير نعم فعلك، وإن كان لا يحسن في الكلام نعم فعلك حتى يقال نعم الفعل فعلك كما تقول أظن أن تقوم ولا تقول أظن قيامك. والخامس أنها نكرة موصوفة في موضوع رفع والمخصوص محذوف، وأما القائلون بأنها المخصوص فقالوا: إنها موصولة والفاعل مستتر وما أخرى محذوفة هي التمييز والأصل نعم ما ما صنعت، والتقدير نعم شيئًا الذي صنعته. هذا قول الفراء وأما القائلون بأنها كافة فقالوا: إنها كفت نعم كما كفت قل وطال فتصير تدخل على الجملة الفعلية.

تنبيهات: الأول في ما إذا وليها اسم نحو: فنعما هي ثلاثة أقوال: أحدها أنها نكرة تامة في موضع نصب على التمييز والفاعل مضمر والمرفوع بعدها هو المخصوص. وثانيها أنها معرفة تامة وهي الفاعل وهو ظاهر مذهب سيبويه. ونقل عن المبرد وابن السراج والفارسي وهو قول الفراء. وثالثها أن ما مركبة مع الفعل ولا موضع لها من الإعراب

ــ

للعهد الخارجي لمساواة المخصوص للفاعل على هذا القول ولكن لا ضرر حينئذٍ؛ لأن اشتراط ما ذكر إنما هو على القول بأن أل للجنس فيما يظهر فتأمل. قوله: "أنها مصدرية" فيه أن الفاعل على هذا مجموع ما فعلت لا ما فقط، مع أن الكلام في أقوال القائلين بأن الفاعل ما، ولك دفعه بأن معنى قول الشارح سابقًا، وأما القائلون بأنها الفاعل أي: ما فقط أو مع ما بعدها واقتصر البعض على إيراد الاعتراض مدعيًا أن الفاعل على هذا القول هو المصدر المنسبك وفيه ما علم من تقريرنا. قوله: "ولا حذف" فيكون هذا المؤول سد مسد الفاعل والمخصوص. قوله: "وإن كان لا يحسن إلخ" أي: لعدم وجود شرط فاعل نعم. قوله: "فقالوا إنها موصولة" أي: والفعل صلتها.

قوله: "وأما القائلون بأنها كافة" بهذا صارت الأقوال تفصيلًا في ما المتلوة بجملة فعلية عشرة. قوله: "كفت نعم" لأن نعم وبئس لعدم تصرفهما أشبها الحرف فجاز أن يكفا بما كما يكف الحرف بما نحو: ربما. قوله: "في ما إذا وليها إلخ" قد يقال هذا مندرج في كلام المصنف بأن يراد بنحو: نعم ما يقول الفاضل، كل تركيب وقعت فيه ما بعد نعم متلوة بشيء اسمًا كان أو جملة فعلية، فإن لم يلها اسم ولا غيره نحو: دققته دقا نعما فقيل، ما معرفة تامة فاعل وقيل نكرة تامة تمييز والفاعل مستتر، وعليهما فالمخصوص محذوف ويمكن دخول هذا أيضًا في كلام المصنف بأن يراد بنحو: المثال كل تركيب وقعت فيه ما بعد نعم مطلقًا. قوله: "وهي الفاعل" أي: والاسم المرفوع بعدها هو المخصوص وسكت عنه لعلمه مما قبله والتقدير في الآية فنعم الشيء هي أي: الصدقات أي: إبداؤها لأن الكلام فيه فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانفصل وارتفع. قوله: "وابن السراج والفارسي" نقل في التسهيل عنهما أنها موصولة والتقدير فنعم التي هي مفعولة لكم أي: الفعلة التي فعلتموها من إبداء الصدقات فلهما قولان في المسألة ومن هذا

ص: 51

ويُذْكَرُ المَخْصُوصُ بعد مُبْتَدَا

أو خَبَرَ اسْمِ لَيْسَ يَبْدُو أَبَدَا

ــ

والمرفوع بعدها هو الفاعل وقال به قوم وأجازه الفراء، الثاني الظاهر أنه إنما أراد الأول من الثلاثة والأول من الخمسة لاقتصاره عليهما في شرح الكافية الثالث ظاهر عبارته هنا يشير إلى ترجيح القول الذي بدأ به وهو أن ما مميز وكذا عبارته في الكافية. وذهب في التسهيل إلى أنها معرفة تامة وأنها الفاعل ونقله عن سيبويه والكسائي "ويذكر المخصوص" بالمدح أو الذم "بعد" أي: بعد فاعل نعم وبئس نحو: نعم الرجل أبو بكر وبئس الرجل أبو لهب وفي إعرابه حينئذ ثلاثة أوجه: أن يكون "مبتدأ" والجملة قبله خبر "أو" يكون "خبر اسم" مبتدأ محذوف "ليس يبدو أبدا" أو مبتدأ خبره محذوف وجوبًا والأول هو الصحيح ومذهب سيبويه. قال ابن الباذش لا يجيز سيبويه أن يكون المختص بالمدح أو الذم إلا مبتدأ، وأجاز الثاني جماعة منهم السيرافي وأبو علي والصيمري. وذكر في شرح التسهيل أن

ــ

يعلم أن الأقوال أربعة لا ثلاثة. قوله: "إن ما مركبة مع الفعل" أي: كتركيب حب مع ذا على القول به كما سيأتي. قوله: "والمرفوع بعدها هو الفاعل" سكت عن المخصوص فيحتمل أنه محذوف، أو أغنى عنه الفاعل على قياس ما سبق. قوله:"من الثلاثة" أي: أقوال التمييز وقوله من الخمسة أي: أقوال الفاعلية. قوله: "وذهب في التسهيل إلى أنها معرفة تامة وأنها الفاعل" هذا عين الأول من الخمسة، فلو قال إلى أول الخمسة لكان أخصر، وقوله ونقله عن سيبويه والكسائي مكرر مع قوله سابقًا ونقله في التسهيل عن سيبويه والكسائي. قوله:"ويذكر المخصوص" هو المخصوص بالمدح بعد نعم وبالذم بعد بئس وسمي مخصوصًا؛ لأنه ذكر جنسه ثم خص شخصه يس.

قوله: "بعد" أي: وجوبًا على ظاهر عبارته هنا وفي الكافية، وغالبًا على ما ذكره في التسهيل وجرى عليه في التوضيح وهو المتجه الذي ينبغي أن تحمل عليه عبارته هنا، وفي الكافية عملا بما قرروه من حمل الظاهر على الصريح. قوله:"حينئذٍ" أي: حين إذ ذكر بعد. قوله: "والجملة قبله خبر" والرابط عموم الفاعل أو إعادة المبتدأ بمعناه كما مر. قوله: "أو خبر اسم إلخ" والتقدير الممدوح زيد. وقوله أو مبتدأ إلخ والتقدير زيد الممدوح. قوله: "والأول هو الصحيح" أي: لسلامته من التقدير. ومما أورد على قول الإبدال وقول البعض لسلامته من مخالفة الأصل يرد عليه أن تقديم الخبر على المبتدأ خلاف الأصل أيضًا. قال الدماميني. ورجح ابن الحاجب في شرح المفصل. الوجه الثاني بأنه ليس فيه مما هو خلاف الأصل إلا حذف المبتدأ وهو كثير شائع. وأما الوجه الأول فإن فيه تقديم الخبر الذي هو جملة على المبتدأ وخلو الخبر المذكور من عائد إلى المبتدأ ووقوع الظاهر موقع المضمر وبأن الإبهام والتفسير على الوجه الثاني تحقيقي وعلى الأول تقديري ا. هـ. قوله: "قال ابن الباذش" هذا تأييد لقوله ومذهب سيبويه فقوله إلا مبتدأ أي: خبره الجملة قبله بقرينة أن الكلام في القول الأول، وأن قول ابن الباذش تأييد لكون القول الأول مذهب سيبويه فقول البعض أو محذوف الخبر وجوبًا غير ملائم للسياق. قوله: "وهو غير

ص: 52

وإنْ يُقَدَّمْ مُشْعِرُ بِهِ كَفَى

كالعِلم نِعْم المُقْتَنَى والمُقْتَفَى

ــ

سيبويه أجازه وأجاز الثالث قوم منهم ابن عصفور. قال في شرح التسهيل وهو غير صحيح؛ لأن هذا الحذف لازم ولم نجد خبرًا يلزم حذفه إلا ومحله مشغول بشيء يسد مسده. وذهب ابن كيسان إلى أن المخصوص بدل من الفاعل، ورد بأنه لازم وليس البدل بلازم؛ ولأنه لا يصلح لمباشرة نعم "وإن يقدم مشعر به" أي: بالمخصوص "كفى" عن ذكره "كالعلم نعم المقتنى والمقتفى" فالعلم مبتدأ قولًا واحدًا والجملة بعده خبره، ويجوز دخول الناسخ عليه نحو:{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ} وقوله:

784-

إنَّ ابْنَ عَبْدِ اللهِ نِعْـ

ـمَ أَخُو النَّدَى وابْنُ العَشِيرَه

ــ

صحيح" من هذا يمتنع أن يجعل قوله مبتدأ شاملًا له، لكونه غير صحيح عنده ولذلك زاده الشارح بعد ولم يجعله من مصدوق كلام المصنف. قوله: "بشيء يسد مسدّه" أي: كحال وجواب قسم وغير ذلك مما تقدم في باب المبتدأ. وهنا لم يشتغل المحل بشيء يسد مسد الخبر. قوله: "بدل من الفاعل" قال البعض أي: بدل اشتمال؛ لأنه خاص والرجل عام كما في الهمع ا. هـ. وهو إنما يظهر على جعل أل جنسية لا عهدية وإلا كان بدل كل من كل.

قوله: "وليس البدل بلازم" قال يس: قد يقال لا مانع من كونه لازمًا لكونه مقصودًا، وكونه تابعًا لا يقدح في اللزوم كتابع مجرور رب. قوله:"ولأنه لا يصلح لمباشرة نعم" أي: قد لا يصلح فلا ينافي أنه قد يصلح نحو: نعم الرجل غلام الأمير. قال يس وأقرّه شيخنا والبعض يمكن أن يقال قد يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. قال في الارتشاف: قد يجوز في الاسم إذا وقع بدلًا ما لا يجوز فيه إذا ولي العامل فإنهم حملوا إنك أنت قائم على البدل وإن كان لا يجوزان أنت ا. هـ. والتعبير بقد يفيد الجواب. قوله: "وأن يقدم مشعر به" أي: لفظ مشعر بمعنى المخصوص أي: دال عليه سواء صلح لأن يكون المخصوص نفسه لو أخر كما في مثال المتن أولا نحو: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} [ص: 44]، هذا هو المناسب لصنيع الشارح وقوله كفى أي: عن ذكر المخصوص ولم يكن مخصوصًا وإن صلح لكونه مخصوصًا لو أخر هذا ظاهر عبارته الذي جاراه الشارح وسيأتي فيها وجه آخر. قوله: "فالعلم مبتدأ قولًا واحدًا" المقصود نفي الخلاف المتقدم الذي في المخصوص المؤخر بعنوان كونه مخصوصًا مؤخرًا، فلا ينافي جواز نصبه على المفعولية لمحذوف أي: الزم العلم ورفعه خبرًا لمحذوف جوازًا أي: الممدوح العلم أو مبتدأ خبره محذوف جوازًا أي: العلم ممدوح ففهم أن ما أسلفناه من كون مثال المصنف من تقديم ما يصلح لأن يكون مخصوصًا لو أخر ليس على جميع الأوجه في العلم. وكلام البعض في هذه القولة والتي قبلها لا يخلو عن شيء كما يعلم من تقريرنا، وكان الأحسن تأخير قوله والجملة بعده خبره

784- البيت من مجزوء الكامل، وهو لأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص96؛ والدرر 5/ 217؛ والمقاصد النحوية 4/ 35؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 209؛ وخزانة الأدب 9/ 388؛ وشرح عمدة الحافظ ص793؛ وهمع الهوامع 2/ 87.

ص: 53

واجْعَل كَبِئْسَ سَاء واجْعَل فَعُلا

من ذي ثَلاثَة كنِعم مُسْجَلا

ــ

وقوله:

785-

إذا أَرْسَلُوني عِنْد تَعْذِير حاجَة

أُمارِس فيها كُنْت نِعْم المُمارِسُ

تنبيهان: الأول توهم عبارته هنا وفي الكافية أنه لا يجوز تقديم المخصوص وأن المتقدم ليس هو المخصوص بل مشعر به، وهو خلاف ما صرح به في التسهيل. الثاني حق المخصوص أمران: أن يكون مختصا أو أن يصلح للإخبار به عن الفاعل موصوفًا بالمدح بعد نعم وبالذم بعد بئس، فإن باينه أول نحو:{بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا} [الجمعة: 5]، أي: مثل الذين كذبوا ا. هـ. "وَاجْعَل كَبِئس" معنى وحكمًا "ساء" تقول ساء الرجل أبو

ــ

عن قوله قولًا واحدًا ليرجع إليهما.

قوله: "عند تعذير حاجة" بعين مهملة فذال معجمة كما بخط الشارح أي: تعذرها أمارس فيها أي: أتحيل في قضائها. قوله: "توهم عبارته" أي: حيث قال ويذكر المخصوص بعد، ثم قال وأن يقدم مشعر به كفى، ثم مثل بمثال يصلح المقدم فيه لأن يكون مخصوصًا إذا أخر، وإنما قال: توهم لاحتمال أن المراد بقوله ويذكر المخصوص بعد أي: غالبًا وبقوله وأن يقدم مشعر به كفى وأن يقدم لفظ مشعر بمعنى المخصوص كفى عن ذكر المخصوص مؤخرًا مع كون المقدم مخصوصًا إن صلح لأن يكون مخصوصًا إذا أخر، وغير مخصوص إن لم يصلح وقد جرى على هذا التفصيل صاحب التوضيح وظاهر عبارته هنا وفي الكافية أن المقدم مشعر بالمخصوص لا نفسه مطلقًا كما مر وظاهر التسهيل أن المتقدم نفس المخصوص مطلقًا قاله شيخنا. قوله:"هو خلاف ما صرح به في التسهيل" أي: من أن المخصوص قد يذكر قبل نعم وبئس. قوله: "أن يكون مختصا" أي: بأن يقع معرفة أو نكرة موصوفة أو مضافة؛ لأن شرطه أن يكون أخص من الفاعل كما مر مع ما فيه فتنبه. قوله: "للإخبار به عن الفاعل" ومفسر الفاعل كالفاعل فيتناول ما ذكر من الضابط نحو: نعم رجلًا زيد وبئس رجلًا عمرو سم.

قوله: "موصوفًا" حال من قوله الفاعل وذلك كقولك في نعم الرجل زيد الرجل الممدوح زيد وفي بئس الولد العاق أباه الولد المذموم العاق أباه وقول البعض حال من فاعل يصلح سهو كما يدل عليه بقية كلامه. واعلم أنه إذا كان المخصوص مؤنثًا جاز تذكير الفعل وتأنيثه وإن كان الفاعل مذكرًا تقول نعم الثواب الجنة ونعمت والتذكير أجود كذا في التسهيل وشرحه للدماميني. قوله: "فإن باينه" أي: في المعنى أوّل أي: بتقدير مضاف في الثاني كما يؤخذ من الشرح. قوله: "معنى وحكمًا" أي: في أصل المعنى وهو الذم فلا يرد أنها تفيد مع ذلك معنى التعجب، وفي الأحكام الثابتة لبئس قيل المناسب حذف المعنى؛ لأن مماثلتها لها في المعنى لا تحتاج إلى الجعل. وردّ بأن المراد بالمعنى إنشاء الذم العام وهو بالجعل لا معناها الأصلي قبل

785- البيت من الطويل، وهو ليزيد بن الطثرية في ديوانه ص84؛ والدرر 5/ 218؛ والمقاصد النحوية 4/ 34؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 388؛ والأشباه والنظائر 8/ 209؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 379.

ص: 54

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جهل، وساء حطب النار أبو لهب، وفي التنزيل:{وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29]، وساء ما يحكمون "واجعل فَعُلا" بضم العين "من ذي ثلاثة كنعم" وبئس "مُسْجَلا" أي: مطلقًا. يقال أسجلت الشيء إذا أمكنت من الانتفاع به، مطلقًا أي: يكون له ما لهما من عدم التصرف وإفادة المدح أو الذم واقتضاء فاعل كفاعلهما فيكون ظاهرًا مصاحبًا لأل، أو مضافًا إلى مصاحبها أو ضميرًا مفسرًا بتمييز، وسواء في ذلك ما هو على فعل أصالة نحو: ظرف الرجل زيد وخبث غلام القوم عمرو، وما حول إليه نحو: ضرب رجلًا زيد وفهم رجلًا خالد.

تنبيهات: الأول من هذا النوع ساء فإن أصله سوأ بالفتح فحول إلى فعل بالضم فصار قاصرًا، ثم ضمن معنى بئس فصار جامدًا قاصرًا محكومًا له بما ذكرنا، وإنما أفرده

ــ

الجعل. قوله: "وساءت مرتفقًا" أي: مكانًا أي: نار مرتفق ليوجد شرط التمييز من كونه عين المميز. قوله: "واجعل فعلًا" يدخل فيه كما قاله سم حب مع غير ذا فيثبت له جميع ما ثبت لنعم من الأحكام ومنه الجمع بين الظاهر والتمييز على القول بجوازه وهو الصحيح والإسناد إلى الضمير وغيره. قوله: "من ذي ثلاثة" أي: حالة كون فعل كائنًا من فعل ذي ثلاثة أحرف وليس المراد محوّلًا من ذي ثلاثة حتى يرد اعتراض ابن هشام بأن عبارة المصنف ظاهرة في المحوّل عن فعل بالفتح أو الكسر. قوله: "كنعم" أي: كباب نعم فيدخل بئس فهو من حذف المضاف أو من باب الاكتفاء سم. قوله: "مسجلًا" أما صفة مفعول مطلق لا جعل أي: جعلا مطلقًا أي: في جميع الأحكام وعلى هذا حل الشارح وهو أقرب وإما حال من فعل أي: حالة كونه مطلقًا عن التقييد بضم العين أصالة. وما في كلام البعض مما يخالف ذلك غير ظاهر. قوله: "من عدم التصرف إلخ" ومن إجراء الخلاف في الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر وأن ما في نحو: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الأنعام: 136] و [النحل: 59] و [العنكبوت: 4] و [الجاثية: 21] ، مميز أو فاعل، وجواز كون المخصوص مبتدأ أو خبرًا وأنه يكفي عن ذكره تقدم ما يشعر به زكريا.

قوله: "وإفادة المدح أو الذم" أي: إفادة إنشائهما كما مر وما يفيده فعل غير وساء من مدح أو ذم ليس عاما كما ستعرفه فقول البعض وإفادة المدح أو الذم أي: العام فاسد وقد صرح بعد ذلك بما قلناه فتنبه. وقوله واقتضاه فاعل أي: ومخصوص. قوله: "أو مضافًا إلى مصاحبها" أي: ولو بواسطة فدخل المضاف إلى المضاف إلى مصاحبها. قوله: "ما هو على فعل أصالة" قد يقال إن التحويل جار فيما ذكر تقديرًا كما قالوه في نحو: فلك وهجان فتكون حركاته غير حركاته الأصلية ا. هـ. دنوشري. وقد يدفع بأن الأصل عدم التقدير. قوله: "وما حول إليه" ثم إن كان معتل العين بقي قلبها ألفًا نحو: قال الرجل زيد وباع الرجل زيد أو اللام ظهرت الواو وقلبت الياء

واوًا نحو: عزو ورمو وقيل يقر على حاله فيقال غزا ورمى همع. قوله: "ثم ضمن" أي: بعد تحويله وصيرورته قاصرًا معنى بئس أي: إنشاء الذم العام فكان الأولى أن يقول فصار جامدًا ويحذف قوله

ص: 55

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالذكر لخفاء التحويل فيه. الثاني إنما يصاغ فعل من الثلاثي لقصد المدح أو الذم بشرط أن يكون صالحًا للتعجب منه مضمنًا معناه نص على ذلك ابن عصفور وحكاه عن الأخفش. الثالث يجوز في فاعل فعل المذكور الجر بالباء والاستغناء عن أل وإضماره على وفق ما قبله نحو:

786-

حَبَّ بالزَّورِ الذِي لا يُرَى

مِنه إلا صَفْحَة أو لِمامُ

وفهم زيد، والزيدون كرموا رجالًا نظرًا لما فيه من معنى التعجب. الرابع مثل في شرح الكافية وشرح التسهيل وتبعه ولده في شرحه بعلم الرجل. وذكر ابن عصفور أن

ــ

قاصرًا فرارًا من التكرار، ودفعه بأن إعادة قاصر الدفع توهم تعديه بعد التضمين، ردّ بأن هذا لا يتوهم مع التحويل إلى فعل بالضم؛ لأنها لازمة للزوم. قوله:"بما ذكرنا" أي: من كونه كبئس في أحكامه. قوله: "لخفاء التحويل فيه" أي: بسبب الإعلال، وأورد عليه أنه يقتضي ذكر نحو: زان وشان لوجود العلة المذكورة فالأولى أن يقال إنما أفرده؛ لأنه للذم العام فهو أشبه ببئس بخلاف نحو: جهل فإن الذم فيه خاص ولكثرة استعماله بخلاف غيره قاله الدماميني. قوله: "صالحًا للتعجب" بأن يستوفي شروطه المارة.

قوله: "يجوز في فاعل فعل إلخ" يؤخذ من هذا أن قوله سابقًا واقتضاء فاعل كفاعلهما إلخ ليس على سبيل الوجوب بل الأولوية. ثم رأيت شيخنا السيد كتب على قوله واقتضاء فاعل كفاعلهما ما نصه: هذا لا ينافي ما بعد؛ لأن ما بعد على الصحيح، وهذا على غيره مجاراة لظاهر النظم ا. هـ. ويؤخذ أيضًا كما قاله سم من تعبيره بالجواز كغيره جواز إضمار فاعل فعل المذكور مفردًا مذكرًا دائمًا كفاعل نعم نحو: كرم رجلًا زيد أو رجلين الزيدان أو رجالًا الزيدون، وكلامه في غير ساء وإن كانت على وزن فعل؛ لأنها ملازمة لأحكام بئس لا تفارقها، كما استظهره الدماميني قال: وهذا إن تحقق كان وجهًا آخر لإفراد ساء بالذكر. قوله: "حب بالزور إلخ" أصل حب حبب نقلت حركة الباء إلى الحاء بعد سلب حركتها وأدغم. والزور بالفتح الزائر يستوي فيه المفرد وغيره. وصفحة كل شيء جانبه. واللمام بكسر اللام جمع لمة بكسرها أيضًا الشعر المجاوز شحمة الأذن فإذا بلغ المنكب سمي جمة بضم الجيم وإذا لم يبلغ شحمة الأذن سمي وفرة. قوله: "نظرًا لما فيه من معنى التعجب" راجع لكل من الثلاثة قبله فجاز الجر بالباء حملًا على أحسن بزيد، وجاز الاستغناء عن أل حملًا على ما أحسن زيدًا، وجاز إضماره على وفق ما قبله حملًا على قولك: الزيدان ما أكرمهما والزيدون ما أكرمهم.

قوله: "وذكر ابن عصفور إلخ" في كلام السيوطي أن الذي شذ في هذه الثلاثة بعض العرب لا جميعهم وأن منهم من يحوّلها، وحينئذٍ يكون التمثيل بعلم الرجل صحيحًا فاعرفه. قوله:

786- البيت من المديد، وهو للطرماح بن حكيم في الدرر 5/ 232؛ والمقاصد النحوية 4/ 15؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص687؛ ولسان العرب 4/ 335 "زور"؛ وهمع الهوامع 2/ 89.

ص: 56

ومِثْلُ نِعْم حبَّذَا الفاعِل ذا

وأَنْ تُرِدْ ذَمًّا فقُل لا حَبَّذا

ــ

العرب شذت في ثلاثة ألفاظ فلم تحولها إلى فعل، بل استعملتها استعمال نعم وبئس من غير تحويل، وهي: علم وجهل وسمع ا. هـ. "ومثل نعم" في المعنى حب من "حبذا" وتزيد عليها بأنها تشعر بأن الممدوح محبوب وقريب من النفس. قال في شرح التسهيل. والصحيح أن حب فعل يقصد به المحبة والمدح، وجعل فاعله ذا ليدل على الحضور في القلب، وقد أشار إلى ذلك بقوله "الفاعل ذا" أي: فاعل حب هو لفظ ذا على المختار. وظاهر مذهب سيبويه، قال ابن خروف: بعد أن مثل بحبذا زيد حب فعل وذا فاعلها وزيد مبتدأ وخبره حبذا هذا قول سيبويه، وأخطأ عليه من زعم غير ذلك.

تنبيه: في قوله الفاعل ذا تعريض بالرد على القائلين بتركيب حب مع ذا، ولهم فيه مذهبان: قيل غلبت الفعلية لتقدم الفعل فصار الجميع فعلًا وما بعده فاعل، وقيل غلبت الاسمية لشرف الاسم فصار الجميع اسمًا مبتدأ وما بعده خبر وهو مذهب المبرد وابن السراج ووافقهما ابن عصفور، ونسبه إلى سيبويه. وأجاز بعضهم كون حبذا خبرًا مقدمًا "وإنْ

ــ

"في المعنى" أي: إنشاء المدح العام أي: وفي الفعلية على الأصح والمضي والنقل إلى الإنشاء والجمود وتفارقها في أنها لا يجوز في لفظها إلا هيئة واحدة، وفي جواز دخول لا عليها ودخول يا عليها من غير شذوذ بخلاف نعم وإن احتيج إلى التأويل في المحلين ا. هـ. يس. قوله:"حب من حبذا" أشار به إلى أن في عبارة المصنف مسامحة؛ لأن المماثل لنعم حب فقط لا حبذا وإنما ارتكبها اتكالًا على وضوح الحال بقوله الفاعل ذا، وأما قول البعض تبعًا لشيخنا إنما ارتكبها إشارة إلى أن مماثلتها نعم إذا اتصلت بذا فيرده أنها تماثل نعم في نحو: حب رجلًا زيد مما قصد به إنشاء المدح والتعجب، وإن لم تتصل ذا بحب كما مر فتدبر. قوله:"وقريب من النفس" مفاده استفادة القرب من حب لاستلزام الحب له، وهذا لا ينافي استفادته من ذا أيضًا حتى يعارض ما سينقله عن شرح التسهيل. قوله:"على الحضور" أي: حضور معناه لكونه محبوبًا. قوله: "الفاعل ذا" هو كفاعل نعم لا يجوز اتباعه فإذا وقع بعده اسم فهو مخصوص لا تابع لاسم الإشارة سم. قوله: "وزيد مبتدأ" أي: لأنه المخصوص كما علمت والرابط ذا أو العموم إن أريد به الجنس سم. قوله: "هذا" أي: ما ذكر من أن حب فعل وذا فاعلها وزيد مبتدأ خبره حبذا.

قوله: "وأخطأ عليه" عداه بعلى لتضمينه معنى كذب، هكذا قال البعض وفيه من إساءة الأدب مع ابن عصفور ما لا يخفى، فالذي ينبغي أنه ضمنه معنى جار مثلًا، وقوله من زعم هو ابن عصفور كما سيأتي في الشرح. قوله:"فصار الجميع فعلًا" ضعف بأنه يلزم عليه تغليب أضعف الجزأين، وبأن تركيب فعل من فعل واسم لا نظير له. قوله:"فصار الجميع اسمًا" أي: بمنزلة قولك المحبوب ا. هـ. دماميني. وضعف بأن حبذا لو كان اسمًا لوجب تكرار لا إن أهملت لا نحو: لا حبذا زيد ولا عمرو وعمل لا في معرفة إن أعملت عمل إن أو ليس وبقي وجه آخر وهو كون حب فعلًا والاسم الظاهر فاعله وذا ملغاة. قوله: "وأجاز بعضهم" أي: بعض القائلين بأن حبذا اسم.

ص: 57

وَأَول ذا المَخْصُوصَ أيًّا كان لا

تَعْدِل بِذَا فَهوَ يضاهي المَثَلا

ــ

ترد ذما فقل لا حبذا" زيد فهي بمعنى بئس. ومنه قوله:

787-

ألا حَبَّذا أَهْلُ المَلَا غَيْرَ أَنَّه

إذا ذُكِرَتْ مَيُّ فلا حَبَّذَا هِيَا

"وأول ذا المخصوص" أي: اجعل المخصوص بالمدح أو الذم تابعًا لذا لا يتقدم بحال. قال في شرح التسهيل: أغفل كثير من النحويين التنبيه على امتناع تقديم المخصوص في هذا الباب. قال ابن بابشاذ: وسبب ذلك توهم كون المراد من زيد في حبذا زيد حب هذا، قال في شرح التسهيل: وتوهم هذا بعيد فلا ينبغي أن يكون المنع من أجله، بل المنع من إجراء حبذا مجرى المثل، ويجب في ذا أن يكون بلفظ الإفراد والتذكير "أيا كان" المخصوص أي: أي شيء كان مذكرًا أو مؤنثًا مفردًا أو مثنى أو مجموعًا "لا تعدل بذا" عن الإفراد والتذكير "فهو يضاهي المثلا" والأمثال لا تغير، فتقول حبذا زيد

ــ

قوله: "فقل لا حبذا" أورد عليه أن حبذا على الصحيح فعل جامد، ولا إنما تدخل على فعل متصرف، وأجيب بأن الجمود نشأ بعد دخول لا فهي لم تدخل إلا على فعل متصرف، وبأن النفي صار غير مقصود بل المقصود بلا حبذا إثبات الذم، وبالثاني يجاب عن الاعتراض على الأول بأن لا إذا دخلت على فعل متصرف غير دعائي وجب تكرارها. ويجاب أيضًا عنه بأنه لما نقل

إلى الإنشاء أشبه الفعل الدعائي.

قوله: "وأول ذا المخصوص" ذا مفعول ثان مقدم والمخصوص مفعول أول مؤخر أي: اجعل المخصوص واليا ذا وما في إعراب الشيخ خالد من عكس ذلك غير ظاهر. قوله: "لا يتقدم بحال" أي: لا على ذا ولا على حب. قوله: "وسبب ذلك" أي: امتناع التقديم. قوله: "توهم كون المراد إلخ" أي: فيكون في حب ضمير هو الفاعل عائد على زيد وذا مفعول فيكون مدلول اسم الإشارة غير زيد مع أنه ليس بمراد. قوله: "وتوهم هذا بعيد" وأيضًا هو موجود مع التأخير أيضًا، وإن كان أقوى مع التقديم، قيل وإنما كان هذا التوهم بعيدًا لاشتهار التركيب في غير هذا المعنى، وفيه أن التركيب المشتهر حبذا زيد لا زيد حبذا. قوله:"أيا كان" أيا اسم شرط نصب بشرطه وهو كان على حد، {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110] ، وجملة لا تعدل بذا جواب الشرط على حذف فاء الجزاء، وقوله فهو إلخ تعليل للنهي عن العدول، وعلل مع أن التعليل ليس من وظائف المتون إشارة إلى رد توجيه ابن كيسان الآتي في الشرح أو هو جواب الشرط، وجملة لا تعدل بذا معترضة والباء في بذا إما على بابها وعليه جرى الشارح حيث قال عن الإفراد والتذكير أو بمعنى عن، أي: لا تعدل عن لفظ ذا إلى غيره وضمير فهو يرجع إلى ذا بتقدير مضاف، أي: تركيبه أي: التركيب المشتمل عليه. قوله: "يضاهي المثلا" أي: في كثرة الاستعمال. وقوله والأمثال لا تغير

787- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ملحق ديوانه ص1920 والدرر 5/ 228؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1542؛ وله أو لكنزة أم شملة في المقاصد النحوية 4/ 12؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 99؛ وهمع الهوامع 2/ 69.

ص: 58

وما سِوَى ذا ارْفَعْ بِحَبَّ أو فَجُرّ

بالبَا ودُونَ ذا انْضِمامُ الحا كَثُرْ

ــ

وحبذا الزيدان وحبذا الزيدون وحبذا هند وحبذا الهندان وحبذا الهندات، ولا يجوز حب ذان الزيدان ولا حب هؤلاء الزيدون ولا حب ذي هند ولا حب تان الهندان ولا حب أولاء الهندات. قال ابن كيسان: إنما لم يختلف ذا؛ لأنه إشارة أبدا إلى مذكر محذوف والتقدير في حبذا هند حبذا حسن هند وكذا باقي الأمثلة. ورد بأنه دعوى بلا بينة.

تنبيهات: الأول إنما يحتاج إلى الاعتذار عن عدم المطابقة على قول من جعل ذا فاعلًا، وأما على القول بالتركيب فلا. الثاني لم يذكر هنا إعراب المخصوص بعد حبذا، وأجاز في التسهيل أن يكون مبتدأ والجملة قبله خبره، وأن يكون خبر مبتدأ واجب الحذف، وإنما لم يذكر ذلك هنا اكتفاء بتقديم الوجهين في مخصوص نعم هذا على القول بأن ذا فاعل، وأما على القول بالتركيب فقد تقدم إعرابه. الثالث يحذف المخصوص في هذا الباب للعلم به كما في باب نعم كقوله:

788-

أَلا حَبَّذَا لَولا الحَياءُ ورُبَّما

مَنَحْتُ الهَوَى مَا لَيْس بالمُتَقَارِبِ

أي: ألا حبذا ذكر هذه النساء لولا الحياء، وسأذكر ما يفارق فيه مخصوص حبذا مخصوص نعم آخرًا ا. هـ. "وما سوى ذا ارفع بحب أو فجر بالبا" نحو: حب زيد رجلًا

ــ

أي: فكذا ما شابهها. قوله: "لأنه إشارة إلخ" وقال الفارسي: لأن المراد منه الجنس همع.

قوله: "إلى مذكر محذوف" أي: مضاف إلى المخصوص. قوله: "ورد" أي: هذا التوجيه بأنه دعوى بلا بينة أي: دليل لعدم ظهور هذا المقدر في شيء من كلام العرب. فالصحيح ما مر من أنه إنما لم يختلف لشبهه بالأمثال. قوله: "وأما على القول بالتركيب فلا" أي: لأن المجموع فعل أو اسم مبتدأ وذا ليس إشارة إلى شيء حتى يعتبر فيه المطابقة. نعم يرد أن المطابقة واجبة بين المبتدأ والخبر وهما حبذا والزيدان مثلًا، ولم توجد فيحتاج إلى الاعتذار عن عدم المطابقة بينهما على القول بتركيب حبذا، وجعل المجموع اسمًا بأنه مراعاة لمعنى كل من الزيدين مثلًا فتأمل. قوله:"خبر مبتدأ واجب الحذف" أي: أو مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا على قياس ما تقدم. وذهب بعض إلى أنه بدل وبعض آخر إلى أنه عطف بيان، ويردهما أنه يلزم عليهما وجوب ذكر التابع، ويرد البدل أنه لا يحل محل الأول، ويرد البيان وروده نكرة ا. هـ. دماميني. وفي رد البدل ما تقدم. قوله:"لولا الحياء" جواب لولا محذوف أي: لولا الحياء يمنعني لذكرتهنّ. وقوله منحت أي: أعطيت الهوى أي: هواي ما ليس بالمتقارب أي: القريب أي: ما لا طمع فيه.

قوله: "أو فجر بالباء" أي: على قلة بخلاف فاعل نعم فإن جره بالباء ممتنع وفاعل فعل فإن جره بالباء كثير، والفاء زائدة لا عاطفة حتى يستشكل بدخول عاطف على عاطف. قوله: "نحو

788- البيت من الطويل، وهو لمرار "أو لمرداس" بن هماس في الدرر 5/ 223؛ وشرح شواهد المغني ص798؛ والمقاصد النحوية 4/ 24؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص558؛ وهمع الهوامع 2/ 89.

ص: 59

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وحب به رجلًا "ودون ذا انضمام الحا" من حب بالنقل من حركة العين "كثر" وينشد بالوجهين قوله:

789-

وَحُبَّ بِها مَقْتولَة حِين تُقْتَلُ

أما مع ذا فيجب فتح الحاء

تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: وهذا التحويل مطرد في كل فعل مقصود به المدح، وقال في التسهيل: وكذا في كل فعل حلقي الفاء مرادًا به مدح أو تعجب، الثاني

ــ

حب زيد رجلًا" قال البعض: تبعًا اسم هذا صريح في أن فاعل حب يكون علمًا وليس كذلك بل يجب أن يكون اسم جنس محلى بأل أو مضافًا إلى المحلى بها أو ضميرًا مفسرًا بتمييز أو لفظ ما أو من، كما صرح به الشاطبي كفاعل نعم ا. هـ. وما نقله عن تصريح الشاطبي وإن تبادر من عموم قول المصنف: واجعل فعلًا:

من ذي ثلاثة كنعم مسجلا

مخالف لقول الشارح سابقًا يجوز في فاعل فعل المذكور الجر بالباء والاستغناء عن أل وإضماره، على وفق ما قبله ثم مثل للاستغناء عن أل بنحو: فهم زيد ثم قال: نظرًا لما فيه من معنى التعجب ا. هـ. فتمثيل الشارح بنحو: حب زيد رجلًا موافق لما أسلفه سابقًا. قوله: "ودون ذا" حال من محذوف للعلم به أي: انضمام الحاء من حب حالة كونها دون ذا كثر. وقوله بالنقل أي: بسببه متعلق بانضمام. وقوله من حركة العين المناسب حذف حركة وهذا صريح في أن أصل حب حبب بضم العين أي: صار حبيبًا وبه صرح غيره أيضًا. قوله: "وحب بها إلخ" صدره:

فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها

الضمير للخمر ومزاجها الماء وقتلها به أضعاف حدتها؛ ولهذا عداه بعن. ومقتولة أي: ممزوجة منصوب على الحال أو التمييز. قوله: "فيجب فتح الحاء" أي: إن جعلتا كالكلمة الواحدة كما في التوضيح. قال المصرح: فإن جعلتا باقيتين على أصلهما جاز الوجهان. قوله: "وهذا التحويل" أي: نقل حركة العين إلى الفاء. قوله: "في كل فعل مقصود به المدح" ظاهره سواء كان حلقي الفاء كحسن أولا كضرب وبه صرح في الارتشاف وإن نظر إلى كلامه في التسهيل قيد بحلقي الفاء.

789- صدره:

فقُلتُ اقتلوها عَنْكُم بمزاجِها

والبيت من الطويل، وهو للأخطل في ديوانه ص263؛ وإصلاح المنطق ص35؛ وخزانة الأدب 9/ 427، 430، 431؛ والدرر 5/ 229؛ وشرح شواهد الشافية ص14؛ ولسان العرب 11/ 551 "قتل" 15/ 227 "كفى"؛ والمقاصد النحوية 4/ 26؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص108؛ وسر صناعة الإعراب ص143؛ وشرح الأشموني 2/ 382؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 43، 77؛ وشرح ابن عقيل ص461؛ وشرح عمدة الحافظ ص806؛ وشرح المفصل 7/ 129، 141؛ وهمع الهوامع 2/ 89.

ص: 60

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله كثر لا يدل على أنه أكثر من الفتح. قال الشارح: وأكثر ما تجيء حب مع غير ذا مضمومة الحاء، وقد لا تضم حاؤها كقوله:

790-

فَحَبَّذَا رَبًّا وَحَبَّ دِينًا

ا. هـ.

خاتمة: يفارق مخصوص حبذا مخصوص نعم من أوجه: الأول أن مخصوص حبذا لا يتقدم بخلاف مخصوص نعم وقد سبق بيانه. الثاني أنه لا تعمل فيه النواسخ بخلاف مخصوص نعم. الثالث أن إعرابه خبر مبتدأ محذوف أسهل منه في باب نعم؛ لأن ضعفه هناك نشأ من دخول نواسخ الابتداء عليه، وهي لا تدخل عليه هنا قاله في شرح التسهيل. الرابع أنه يجوز ذكر التمييز قبله وبعده نحو: حبذا رجلًا زيد، وحبذا زيد رجلًا. قال في شرح التسهيل: وكلاهما سهل يسير واستعماله كثير، إلا أن تقديم التمييز أولى وأكثر وذلك بخلاف المخصوص بنعم فإن تأخير التمييز عنه نادر كما سبق. والله أعلم.

ــ

قوله: "مدح أو تعجب" لا معنى لتخصيص المصنف المدح بالذكر لمساواة الذم له في الحكم. ثم الصواب أن لو اكتفى بقوله تعجب عن ذكر المدح والذم؛ لأنه نص فيما مضى على أن فعل الجاري مجرى نعم وبئس مضمن معنى التعجب، وإنما ترك المصنف النص على جواز التسكين من غير نقل؛ لأن

هذا الحكم ثابت لفعل بضم العين مطلقًا تضمن تعجبًا أو لم يتضمنه بل فعلًا كان أو اسمًا. دماميني. قوله: "لا يدل على أنه أكثر من الفتح" قال سم: قد يقال بل يدل؛ لأن المراد أكثر بالنسبة إلى الفتح فيفيد أنه أكثر منه. قوله:

"فحبذا ربا وحب دينًا" من كلامه صلى الله عليه وسلم حين نزل في الخندق. والشاهد في حب دينا. قوله: "وقد سبق بيانه" أي: بكون المصنف

صرّح بتقديمه في التسهيل، وإن كانت عبارته هنا، وفي الكافية توهم منع تقديم مخصوص نعم. قوله:"أنه لا تعمل فيه النواسخ بخلاف مخصوص نعم" فإنها

تعمل فيه نحو: نعم رجلًا كان زيد. قوله: "نشأ من دخول نواسخ الابتداء"

أي: لأنها لا تدخل إلا على المبتدأ. قوله: "يجوز ذكر التمييز إلخ" مثل التمييز

الحال كما في التسهيل نحو: حبذا مبذولًا المال وحبذا المال مبذولًا إذا قصد الحال دون التمييز. قوله: "إلا أن تقديم التمييز أولى" أي: لأكثريته فقوله وأكثر عطف علة على معلوم ولعدم الفصل بين التمييز ومميزه، ومن هنا يعلم أن المراد بإيلاء المخصوص لذا إيقاعه بعده وإن لم يتصل به، فالمقصود نفي مقدمه على حبذا لا نفي الفصل بينه وبين ذا. والفرق بين هذا وباب نعم أن الضمير أحوج للتمييز من الإشارة فجعل تاليًا للضمير ذكره سم. وقوله نادر أي: شاذ.

790- قبله:

باسم الإله وباسمه بَدَيْنا

لو عَبَدْنَا غيره شَقِينا

والرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص107؛ والدرر 5/ 221؛ ولسان العرب 14/ 67 "بدا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 28؛ ولبعض الأنصار في شرح عمدة الحافظ ص802؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 88، 89.

ص: 61