المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌البدل: التابع المقصود بالحكم بِلا … واسطة هو المسَمَّى بَدَلًا ــ البدل: "التابع المقصود - حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ٣

[الصبان]

الفصل: ‌ ‌البدل: التابع المقصود بالحكم بِلا … واسطة هو المسَمَّى بَدَلًا ــ البدل: "التابع المقصود

‌البدل:

التابع المقصود بالحكم بِلا

واسطة هو المسَمَّى بَدَلًا

ــ

البدل:

"التابع المقصود بالحكم بلا واسطة هو المسمى" في اصطلاح البصريين "بدلا" وأما الكوفيون فقال الأخفش: يسمونه بالترجمة والتبيين. وقال ابن كيسان يسمونه بالتكرير، فالتابع جنس والمقصود بالحكم يخرج النعت والتوكيد وعطف البيان وعطف النسق سوى

ــ

عمرو جاءني وقد ذهبت إليهما قال تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] ، وليست أو بمعنى الواو كما قيل والمعنى أن يكن غنيًا أو فقيرًا فلا بأس، فإن الله أولى بالغني والفقير، لكن يجوز في أو التي للإباحة المطابقة وإن كان المراد أحدهما نحو: جالس الحسن أو ابن سيرين وباحثهما؛ لأنها لجواز الجمع بين الأمرين تشبه الواو ا. هـ. ملخصًا.

البدل:

قوله: "التابع إلخ" هذا معنى البدل اصطلاحًا وأما معناه لغة فالعوض. قال بعضهم: كيف يستقيم للناظم تعريف البدل بحد جامع مانع مع قوله في عطف البيان وصالحًا لبدلية يرى؟ أجيب بأن جواز الأمرين باعتبار قصدين فإن قصد بالحكم الأول وجعل الثاني بيانًا له، فهو عطف البيان وإن قصد به الثاني وجعل الأول كالتوطئة له فهو البدل. وحاصل الجواب أن الحيثية ملحوظة في تعريف كل منهما. قوله:"المقصود" أي: وحده دون المتبوع هذا هو المناسب لإخراج الشارح به ما عطف نسقًا بغير بل، ولكن بعد الإثبات مما قصد فيه التابع والمتبوع معًا. فإن قلت: يخرج عن ذلك بدل البداء؛ لأن متبوعه أيضًا مقصود كما يأتي، قلت: المراد المقصود قصدًا مستمرا ومتبوع بدل البداء وإن قصد أولًا، لكن صار بالإبدال كالمسكوت عنه فقصده لم يستمر وبما قررناه يعلم ما في كلام البعض. قوله:"بالحكم" أي: المنسوب إلى متبوعه نفيًا أو إثباتًا ا. هـ. تصريح. قوله: "بلا واسطة" المراد بها حرف العطف وإلا فالبدل من المجرور قد يكون بواسطة نحو: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} [الأحزاب: 21]، ا. هـ. زكريا ونحو:{تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا} [المائدة: 114] . قوله: "بالترجمة" أي: عن المراد بالمبدل منه والتبيين له، قال البعض: وهو مبني على أن عطف البيان هو البدل ا. هـ. والظاهر أن هذا البناء غير لازم؛ لأن البدل لا يخلو عن بيان وإيضاح، وإن لم يكن المقصود منه بالذات ذلك فتأمل. وقوله بالتكرير أي: للمراد من المبدل منه، ولا يخفى أن هذه الأسماء الثلاثة لا تظهر في البدل المباين فافهم.

قوله: "يخرج النعت والتوكيد وعطف البيان" فإنها ليست مقصودة بالحكم وإنما هي مكملات للمقصود بالحكم. قوله: "وعطف النسق إلخ" قال في التوضيح: وأما النسق فثلاثة أنواع: أحدها ما ليس مقصودًا بالحكم كجاء زيد لا عمرو وما جاء زيد بل عمرو أو لكن عمرو

ص: 183

مُطابقًا أو بَعْضًا أو ما يَشْتَمِل

عَلَيه يُلفى أو كَمَعْطوفٍ بِبَل

ــ

المعطوف ببل ولكن بعد الإثبات. وبلا واسطة يخرج المعطوف بهما بعده "مطابقًا أو بعضًا أو ما يشتمل عليه يلفى أو كمعطوف ببل" أي: يجيء البدل على أربعة أنواع: الأول بدل كل من كل وهو بدل الشيء مما يطابق معناه نحو: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ} [الفاتحة: 6 و7]، وسماه الناظم البدل المطابق لوقوعه في اسم الله تعالى نحو:{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} [إبراهيم: 1] ، في قراءة الجر، وإنما يطلق كل على ذي

ــ

فالثاني ليس بمقصود في الأمثلة الثلاثة، أما الأول فواضح؛ لأن الحكم السابق منفي عنه وأما الأخيران؛ فلأن الحكم السابق هو نفي المجيء والمقصود به إنما هو الأول. النوع الثاني ما هو مقصود بالحكم هو وما قبله فيصدق عليه أنه مقصود بالحكم لا أنه المقصود بالحكم، وذلك كالمعطوف بالواو نحو: جاء زيد وعمرو وما جاء زيد ولا عمرو وهذان النوعان خارجان بما يخرج به النعت والتوكيد والبيان وهو الفصل الأول. النوع الثالث ما هو مقصود بالحكم دون ما قبله، وهذا هو المعطوف ببل بعد الإثبات نحو: جاءني زيد بل عمرو وهذا النوع خارج بقولنا بلا واسطة ا. هـ.

قوله: "ولكن بعد الإثبات" صريح في أن لكن تعطف بعد الإثبات والذي تقدم أنها لا تعطف إلا بعد النفي أو النهي، نعم تقدم أنها تعطف بعد الإثبات على رأي: الكوفيين فيمكن أنه جرى هنا على مذهبهم. قوله: "مطابقًا" مفعول ثان ليلفي مقدم عليه والأول جعل نائب فاعله. قوله: "أو بعضًا" شرط صحته صحة الاستغناء عنه بالمبدل منه، فيجوز جدع زيد أنفه ولا يجوز: قطع زيد أنفه؛ لأنه لا يقال قطع زيد على معنى قطع أنفه ا. هـ. دماميني قال شيخنا: ومثله في ذلك بدل الاشتمال كما يأتي فعلى هذا لا بد في كل من بدل البعض وبدل الاشتمال من دلالة ما قبله عليه ا. هـ. أي: إجمالًا كما يأتي، وقد يتوقف في عدم جواز قطع زيد فإن غاية أمره الإجمال وهو من مقاصد البلغاء وأي: فرق بين قطع زيد أنفه، وأكلت الرغيف ثلثه فتأمل. قوله:"أو ما يشتمل" بالبناء للفاعل وعليه متعلق به أي: أو بدلًا يشتمل على المبدل منه أو المعنى أو بدلًا يشتمل هو أي: المبدل منه عليه أو المعنى أو بدلًا يشتمل هو أي: العامل عليه، فكلامه محتمل للمذاهب الثلاثة الآتية في كلام الشارح، كذا قال البعض. وفيه أنه يلزم على الأخيرين جريان الصلة على غير ما هي له مع خوف اللبس فتدبر.

قوله: "أو كمعطوف ببل" أي: بعد الإثبات وهذا التشبيه إنما يتم في بدل الإضراب دون بدلي الغلط والنسيان؛ لأن بدل الإضراب هو المشارك للمعطوف ببل في قصد المتبوع أولًا قصدًا صحيحًا، ثم الإضراب عنه إلى التابع بخلاف بدلي الغلط والنسيان كما ستعرفه إلا أن يقال التشبيه في مجرد كون الثاني مباينًا للأول، بمعنى أنه ليس عينه ولا بعضه ولا مشتملًا عليه. قوله:"مما يطابق معناه" أي: يطابق معناه معناه فقبل ضمير يطابق مضاف مقدر والمراد المطابقة بحسب الماصدق بأن يكون البدل والمبدل منه واقعين على ذات واحدة، فلا يرد أنهما كثيرًا ما يتغايران بحسب المفهوم نحو: جاء زيد أخوك، ثم التغاير الذي تقتضيه المطابقة ظاهر إن اختلفا مفهومًا وإلا

ص: 184

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أجزاء وذلك ممتنع هنا. والثاني بدل بعض من كل وهو بدل الجزء من كله قليلًا كان ذلك الجزء أو مساويًا أو أكثر نحو: أكلت الرغيف ثلثه أو نصفه أو ثلثيه. ولا بد من اتصاله بضمير يرجع للمبدل منه مذكور كالأمثلة المذكورة وكقوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} [المائدة: 71] أو مقدر نحو: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 91] أي: منهم. والثالث بدل الاشتمال وهو بدل شيء من شيء يشتمل عامله على معناه بطريق الإجمال كأعجبني زيد علمه أو حسنه أو كلامه، وسرق زيد ثوبه أو فرسه، وأمره في الضمير كأمر بدل بالبعض فمثال المذكور ما تقدم من الأمثلة،

ــ

جعل التغاير باعتبار اللفظ وبهذا يعرف ما في كلام البعض. قوله: "في قراءة الجر" أما في قراءة الرفع، فالاسم مبتدأ خبره الموصول بعده أو خبر مبتدأ محذوف أي: هو الله ا. هـ. غزي. قوله: "وذلك" أي: المذكور من الأجزاء أو التجزي المفهوم من قوله: ذي أجزاء ممتنع هنا أي: في اسم الله تعالى؛ لأن مسماه لا يقبل التجزي. قوله: "قليلًا" أي: بالنسبة للبعض المتروك وكذا يقال فيما بعده أما بالنسبة للمبدل منه فقليل أبدًا. قوله: "ولا بد من اتصاله بضمير إلخ" بخلاف البدل المطابق فإنه لا يحتاج لرابط لكونه نفس المبدل منه في المعنى، كما أن الجملة التي هي نفس المبتدأ في المعنى لا تحتاج لرابط هذا، وقال المصنف في شرح كافيته: اشترط أكثر النحويين مصاحبة بدل البعض والاشتمال لضمير عائد على المبدل منه، والصحيح عدم اشتراطه لكن وجوده أكثر ا. هـ. وصحح غيره ما ذكره الشارح من الاشتراط في البدلين.

قوله: "ثم عموا إلخ" قال حفيد الموضح: إن جعلت كثيرًا بدلًا من الضميرين المتصلين أعني الواوين لزم منه توارد عاملين على معمول واحد، وإن جعلته بدلًا من أحدهما وبدل الآخر محذوف فهو متوقف على جواز حذف البدل ا. هـ. وأجاب المصرح بأن كثيرًا بدل من الواو الأولى فقط والثانية عائدة على كثير؛ لأنه مقدم رتبة، والأصل والله أعلم. ثم عموا كثير منهم وصموا، ويلزم عليه الفصل بين البدل والمبدل منه بأجنبي وهو ممنوع فتأمل. قوله:"نحو: ولله على الناس إلخ" أي: بناء على أن من استطاع بدل من الناس وتقدم ما فيه مع بيان أوجه أخرى في باب إعمال المصدر. قوله: "وهو بدل شيء من شيء يشتمل عامله على معناه بطريق الاجمال كأعجبني زيد علمه أو حسنه أو كلامه وسرق زيد ثوبه أو فرسه" كذا في نسخ وعليها كتب شيخنا وغيره. وفي نسخ أخرى وهو ما دل على معنى اشتمل عليه متبوعه، أو دل على ما استلزم معنى اشتمل عليه متبوعه فالأول: كأعجبني زيد علمه أو حسنه أو كلامه والثاني نحو: سرق زيد ثوبه أو فرسه وكتب عليها سم ما نصه لعل المراد أن الثوب دل على الملبوس المستلزم للبس الذي اشتمل عليه المتبوع والفرس دل على المركوب المستلزم للركوب المشتمل عليه المتبوع، ثم التمثيل بسرق زيد ثوبه لبدل الاشتمال يقتضي حسن الاقتصار على المبدل منه؛ لأن ذلك شرط في صحته ا. هـ.

قوله: "يشتمل عامله على معناه إلخ" أي: يدل عليه دلالة إجمالية لكونه لا يناسب نسبته

ص: 185

وذا للإضرابِ اعْزُ إنْ قَصْدًا صَحِب

ودون قَصْد غَلَطٌ به سُلِبْ

ــ

ومثله قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217]، ومثل المقدر قوله تعالى:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ} [البروج: 4]، أي: النار فيه، وقيل الأصل ناره ثم نابت أل عن الضمير، والرابع البدل المباين وهو ثلاثة أقسام أشار إليها بقوله:"وذا للإضراب اعز إن قصدًا صحب ودون قصد غلط به سلب" أي: تنشأ أقسام هذا النوع الأخير من

ــ

إلى ذات المبدل منه ففي قولك: أعجبني زيد علمه الإعجاب لا يناسب نسبته إلى ذات زيد التي هي مجموع لحم وعظم ودم فيفهم السامع أن المتكلم قصد نسبته إلى صفة من صفاته كعلمه أو حسنه. وفي قولك: سرق زيد ثوبه إنما يفهم السامع أن المتكلم قصد نسبته إلى شيء يتعلق به كثوبه أو فرسه، فقد دل العامل المنسوب إلى المبدل منه في الظاهر على ذلك البدل إجمالًا هذا هو المراد بالاشتمال كما حققه سعد الدين ويرد عليه أنه لا يطرد؛ لأن بعض صور بدل الاشتمال قد لا يدل العامل فيه على البدل الدلالة المذكورة كما في:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ} [البروج: 4] ، بناء على أن النار بدل اشتمال من الأخدود كما سيذكره الشارح. وقال ابن غازي معنى اشتمال العامل على البدل أن معنى العامل متعلق بالبدل وإن تعلق في اللفظ بغيره، وأورد عليه أن بدل البعض كذلك فيلزم أن يسمى بدل اشتمال. وقد يقال وجه التسمية لا يوجبها. بقي ههنا بحث وهو أن الدلالة على بدل الاشتمال بما سبقه إجمالية كما مر ولا يجوز أن تكون على التعيين على ما نقله الدماميني عن المبرد وأقره، وعبارته: لا نقول من بدل الاشتمال قتل الأمير سيافه وبنى الوزير وكلاؤه؛ لأن شرط بدل الاشتمال أن لا يستفاد مما قبله معينًا بل تبقى النفس مع ذكر ما قبله متشوفة إلى بيان الإجمال الذي فيه، وهنا الأول غير مجمل إذ يستفاد عرفًا من قولك: قتل الأمير أن القاتل سيافه وكذا في أمثاله فلا يجوز مثل هذا الابدال أصلًا ا. هـ.

فعلى هذا يشكل هذا التابع من أي: التوابع فتأمل. وعلم مما مر ما نقله الدماميني عن المبرد من أن نحو: ضربت زيدًا عبده ليس بدل اشتمال بل بدل غلط؛ لأن ما قبل البدل لا يدل عليه؛ لأن ضربت زيدًا مفيد بغير احتياج إلى شيء آخر لمناسبة العامل المبدل منه. قوله: "قتل أصحاب الأخدود" هو شق في الأرض وأصحابه ثلاثة شق كل واحد منهم شقا عظيمًا في الأرض وملأه نارًا، وقالوا: من لم يكفر ألقي فيه ومن كفر ترك ا. هـ. تصريح. ومنه يؤخذ أن أل في الأخدود للجنس؛ لأن الأخاديد ثلاثة لا واحد. قوله: "وقيل الأصل ناره إلخ" وقيل أراد بالأخدود النار مجازًا لاشتماله عليها وقيل النار على حذف مضاف أي: أخدود النار والبدل على هذين بدل كل وقيل: النار بدل إضراب أفاده زكريا.

قوله: "وذا للإضراب إلخ" أي: أنسب هذا البدل الشبيه بالمعطوف ببل للإضراب، كأن تقول بدل إضراب إن صحب البدل قصد المتبوع أي: قصدًا صحيحًا كما قاله سم. قوله: "ودون قصد" منصوب على الظرفية لمحذوف أي: وإن وقع دون قصد أي: دون قصد صحيح بأن لا يقصد أصلًا بل يسبق إليه اللسان أو يقصد، ثم يتبين فساد قصده كما قاله سم، وغلط خبر مبتدأ محذوف على حذف مضاف أي: فهو بدل غلط والهاء عائدة على البدل وسلب في موضع الصفة

ص: 186

كَزُرْهُ خالدًا وقَبِّله اليَدا

واعْرِفْهُ حَقَّه وخُدْ نَبْلًا مُدَى

ــ

كون المبدل منه قصد أولًا؛ لأن البدل لا بد أن يكون مقصودًا كما عرفت في حد البدل، فالمبدل منه إن لم يكن مقصودًا ألبتة، وإنما سبق اللسان إليه، فهو بدل الغلط أي: بدل سببه الغلط؛ لأنه بدل عن اللفظ الذي هو غلط لا أنه نفسه غلط، وإن كان مقصودًا فإن تبين بعد ذكره فساد قصده فبدل نسيان أي: بدل شيء ذكر نسيانًا، وقد ظهر أن الغلط متعلق باللسان والنسيان متعلق بالجنان، والناظم وكثير من النحويين لم يفرقوا بينهما فسموا النوعين بدل غلط وإن كان قصد كل واحد من المبدل منه والبدل صحيحًا فبدل الإضراب ويسمى أيضًا بدل البداء. ثم أشار إلى أمثلة الأنواع الأربعة على الترتيب بقوله:"كزره خالدًا وقبله اليدا واعرفه حقه وخذ نبلا مدى" فخالدًا بدل كل من كل، واليدا بدل بعض، وحقه بدل اشتمال، ومدى يحتمل الأقسام الثلاثة المذكورة وذلك باختلاف التقادير، فإن النبل اسم جمع للسهم، والمدى جمع مدية وهي السكين، فإن كان المتكلم إنما أراد الأمر بأخذ المدى فسبق لسانه إلى النبل فبدل غلط، وإن كان أراد الأمر بأخذ النبل ثم بان له فساد تلك الإرادة وأن الصواب الأمر بأخذ المدى فبدل نسيان، وإن كان أراد الأول ثم أضرب عنه إلى الأمر بأخذ المدى وجعل الأول في حكم المسكوت عنه فبدل إضراب وبداء، والأحسن أن يؤتى فيهن ببل.

ــ

لغلط بمعنى بدل الغلط ونائب فاعله ضمير يعود للحكم المفهوم من السياق أي: سلب ببدل الغلط الحكم عن الأول، وأثبت للثاني وجرى على هذا المرادي. ويصح رجوع الضمير للغلط بمعنى الخطأ أي: رفع بهذا البدل الغلط في نسبة الحكم للأول. والصفة على الاحتمال الأول جارية على غير ما هي له بخلافها على الثاني، والأقرب عليه أن الغلط مبتدأ وسلب خبره فتأمل.

قوله: "لأن البدل إلخ" علة لمحذوف أي: لا من كون البدل مقصودًا أولًا؛ لأن البدل إلخ. قوله: "أي: بدل سببه الغلط" أي: بذكر الأول فالإضافة في بدل الغلط من إضافة المسبب إلى السبب وإن كانت في بدل الكل وبدل البعض للبيان، وقوله: لا أنه نفسه غلط أي: كما يتوهم من قولهم بدل الكل وبدل البعض. قوله: "بدل البداء" بفتح الموحدة والدال المهملة مع المد أي: الظهور سمي بذلك؛ لأن المتكلم بدا له ذكره بعد ذكر الأول قصدًا. قوله: "اليدا" بدل بعض من الضمير والضمير الواجب في بدل البعض مقدر أي: اليد منه أو الأصل يده، ثم نابت أل عن الضمير على القولين المتقدمين. قوله:"وذلك" أي: احتمال الأقسام الثلاثة. قوله: "فإن النبل إلخ" محط بيان التقادير المختلفة قوله: فإن كان المتكلم إلخ، وإنما قدم قوله: فإن النبل إلخ، لتوقف اختلاف التقادير على تغاير النبل والمدى. قوله:"جمع مدية" بضم الميم وقد تكسر نقله شيخنا عن الشارح، والظاهر أن جمع مكسورة الميم بالكسر. قوله:"وهي السكين" قيد غيره بالعظيمة. قوله: "والأحسن أن يؤتى فيهن" أي: في أوجه المثال المتقدمة ببل؛ لئلا يتوهم أن المتكلم أراد الصفة أي: نبلًا حادا كما يقال رأيت رجلًا حمارًا أي: بليدًا كما في التصريح ومعلوم أنه إذا أتى فيهن

ص: 187

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيهات: الأول زاد بعضهم بدل كل من بعض كقوله:

892-

كأَنِّي غَداةَ البَينِ يومَ تَحمَّلوا

لدى سَمُرات الحَيِّ ناقِفُ حَنْظَلِ

ونفاه الجمهور وتأولوا البيت. الثاني رد السهيلي رحمه الله تعالى بدل البعض وبدل الاشتمال إلى بدل الكل، فقال: العرب تتكلم بالعام وتريد الخاص، وتحذف المضاف وتنويه، فإذا قلت: أكلت الرغيف ثلثه إنما يريد أكلت بعض الرغيف، ثم بينت ذلك البعض، وبدل المصدر من الاسم إنما هو في الحقيقة من صفة مضافة إلى ذلك الاسم. الثالث اختلف في المشتمل في بدل الاشتمال: فقيل هو الأول، وقيل الثاني،

ــ

ببل خرج مدى عن كونه بدلًا وصار عطف نسق.

قوله: "كأني غداة البين إلخ" الغداة أول النهار والبين الفراق وتحملوا ترحلوا والسمرات بفتح السين المهملة وضم الميم جمع سمرة، وهي شجرة الطلح، وناقف الحنظل بنون ثم قاف ففاء من يخرج حب الحنظل، أراد أنه في تلك الغداة دمعت عينه كثيرًا كما تدمع عين ناقف الحنظل لحرارته. قوله:"وتأولوا البيت" بأن اليوم بمعنى الوقت فهو من بدل الكل سم. قوله: "العرب تتكلم بالعام وتريد الخاص" أي: على طريق المجاز المرسل ومراده بالعام والخاص ما يشمل الكل والجزء وهذا إشارة إلى رد بدل البعض إلى بدل الكل وقوله وتحذف المضاف وتنويه أي: على طريق المجاز بالحذف وهذا إشارة إلى رد بدل البعض وبدل الاشتمال إلى بدل الكل، وقوله: فإذا قلت إلخ، راجع للوجهين قبله. وقوله: إنما تريد أكلت بعض الرغيف أي: على وجه إطلاق اسم الكل وإرادة الجزء مجازًا مرسلًا، أو على وجه تقدير المضاف مجازًا بالحذف، وقوله: وبدل المصدر إلخ راجع لقوله وتحذف إلخ. فإن قلت: كلام السهيلي على الوجه المذكور يقتضي أن رد بدل الاشتمال لا يكون على طريق المجاز المرسل مع أنه لا مانع منه بأن يطلق اسم المحل ويراد الحال فيه وهو الصفة. قلت: المجاز المرسل المذكور في رد بدل الاشتمال لا يطرد؛ لأنه وإن تأتى في نحو: نفعني زيد علمه لا يتأتى في نحو: سرق زيد فرسه.

قوله: "وبدل المصدر" أي: سواء كان باقيًا على مصدريته أو مرادًا منه غير معناه المصدري كالعلم في نفعني زيد علمه إذ الظاهر أنه بمعنى معلومه. واقتصر على المصدر؛ لأنه الغالب في بدل الاشتمال وإلا فقد يكون غير مصدر كما في سرق زيد ثوبه أو فرسه. قوله: "من صفة" أي: من هذا اللفظ كما قاله شيخنا، فمضافة بالنصب على الحال، والمراد هذا اللفظ وما في معناه كوصف وحال. فإذا قلت: أعجبني زيد علمه إنما تريد أعجبني صفة زيد فبينت بقولك علمه تلك الصفة المحذوفة. قوله: "اختلف في المشتمل إلخ" قال البعض: الظاهر أن المراد بالاشتمال مطلق التعلق والارتباط وإلا لم يتأت الاطراد في شيء من الأقوال ا. هـ. وفيه أن الاشتمال بالمعنى

892- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص9؛ وخزانة الأدب 4/ 376، 377؛ والدرر 6/ 60؛ ولسان العرب 9/ 339 "نقف"؛ والمقاصد النحوية 4/ 201.

ص: 188

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل العامل وكلامه هنا يحتمل الأولين. وذهب في التسهيل إلى الأول. الرابع: رد المبرد وغيره بدل الغلط، وقال: لا يوجد في كلام العرب نظمًا ولا نثرًا. وزعم قوم منهم ابن السيد أنه وجد في كلام العرب كقول ذي الرمة:

893-

لَمْيَاءُ في شَفَتَيهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ

فاللعس بدل غلط؛ لأن الحوة السواد واللعس سواد يشوبه حمرة، وذكر بيتين آخرين. ولا حجة له فيما ذكره لإمكان تأويله. الخامس: قد فهم من كون البدل تابعًا أنه يوافق متبوعه في الإعراب، وأما موافقته إياه في الإفراد والتذكير والتنكير وفروعها فلم يتعرض لها هنا، وفيه تفصيل: أما التنكير وفرعه وهو التعريف فلا يلزم موافقته لمتبوعه فيهما، بل تبدل المعرفة من المعرفة نحو:{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللهِ} [إبراهيم: 1] ، في قراءة الجر، والنكرة من النكرة نحو:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا، حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} [النبأ: 32]، والمعرفة من النكرة نحو:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 52] والنكرة من المعرفة نحو: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} [العلق: 15 و16] ، وأما الإفراد والتذكير

ــ

المذكور يوجد في بدل البعض وبدل الكل إلا أن يقال وجه التسمية لا يوجبها فتأمل. وانحط كلامه في التصريح على أن الراجح الثالث واختاره الموضح وتقدم الكلام عليه.

قوله: "يحتمل الأولين" ظاهره أنه لا يحتمل الثالث كاحتماله لهما، ولعل وجهه أن لفظ البدل يشعر بالمبدل منه إشعارًا قريبًا بخلاف العامل فيكون الضمير المستتر في قوله أو ما يشتمل عليه للبدل والبارز للمبدل منه الذي أشعر به لفظ البدل إشعارًا قريبًا، أو بالعكس وظاهره أيضًا أن الاحتمالين على السواء وليس كذلك كما يفيده ما أسلفناه من البحث في جعل البعض كلام المصنف محتملًا للمذاهب الثلاثة. قوله:"لمياء" فعلاء من اللمى كالفتى وهو سمرة في باطن الشفة وهو مستحسن. قوله: "لإمكان تأويله" كأن يقال لعس مصدر وصفت به الحوة أي: حوة لعساء. هذا وقد قيل كل من الحوة، واللعس حمرة تضرب إلى سواد، وعليه فلعس بدل كل من كل فلا شاهد فيه. قوله:"قد فهم من كون البدل تابعًا إلخ" أي: لما علمت سابقًا من أن التابع هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد. قوله: "وفيه تفصيل" أي: فيما ذكر من الموافقة. قوله: "بل تبدل المعرفة من المعرفة إلخ" محط الإضراب القسمان الأخيران، وإنما أتى بالقسمين الأولين تتميمًا للأقسام.

قوله: "مفازًا" أي: مكان فوز أو فوزًا وعلى هذا مشى الشارح بعد وسيأتي ما فيه وقوله

893- عجزه:

وفي اللِّثاثِ وفي أنيهابها شَنَبُ

والبيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه ص32؛ والخصائص 3/ 291؛ والدرر 6/ 56؛ ولسان العرب 1/ 507 "شنب"، 6/ 207 "لعس" 14/ 207 "حواء"؛ والمقاصد النحوية 4/ 203؛ وهمع الهوامع 2/ 126.

ص: 189

ومن ضمير الحاضِرِ الظاهِرِ لا

تُبْدِله إلا ما إحاطَة جَلا

ــ

وأضدادهما: فإن كان بدل كل وافق متبوعه فيها ما لم يمنع مانع من التثنية والجمع ككون أحدهما مصدرًا نحو: {مَفَازًا، حَدَائِقَ} [النبأ: 32]، أو قصد التفصيل كقوله:

894-

وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَين رِجْلٍ صَحيحَة

ورِجل رَمَى فِيها الزمانُ فَشَلَّتِ

وإن كان غيره من أنواع البدل لم يلزم موافقته فيها" ومن ضمير الحاضر" متكلمًا كان أو مخاطبًا "الظاهر لا تبدله" أي: يجوز إبدال الظاهر من الظاهر ومن ضمير الغائب كما ذكره في أمثلته، ولا يجوز أن يبدل الظاهر من ضمير المتكلم أو المخاطب "إلا ما إحاطة جلا" أي: إلا إذا كان البدل بدل كل فيه معنى الإحاطة نحو: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا

ــ

وأعنابًا عطف على مفازًا كما في الجلالين. قوله: "بالناصية" هي ناصية أبى جهل، وقوله: كاذبة من المجاز العقلي. قوله: "ككون أحدهما مصدرًا" نظر فيه بأن المراد المطابقة في المعنى، وهي حاصلة؛ لأن المصدر يدل على الاثنين والجماعة ورده بعضهم بأن مرادهم المطابقة في اللفظ، كما يدل عليه التعبير بالتثنية والجمع. قوله:"مفازًا حدائق" أي: فلم يقل مفاوز وفيه أن بدل الكل عين المبدل منه، والذوات لا تكون نفس الحدث، ويجاب بأن ذلك على حد زيد عدل. قوله:"أو قصد التفصيل" عطف على كون وقد يقال المطابقة حاصلة معه؛ لأن البدل ليس كل واحد من شقي التفصيل على حدته بل مجموعهما وهو مطابق ولما كان المجموع لا يمكن ظهور أثر العامل فيه، وكان جعله في أحدهما دون الآخر تحكمًا جعل في كل منهما دفعًا للتحكم، فاندفع بحث الدماميني بأنه إذا كان مجموعهما هو البدل فما العامل في كل واحد منهما مع أنه بمفرده غير بدل قال، وهذا في البدل كقولهم في الخبر: الرمان حلو حامض. ونقل الطبلاوي عن سم أنه قال: الظاهر أن المسمى بالبدل اصطلاحًا هو الأول فقط، وإن كان البدل في المعنى هو المجموع فليتأمل. قوله:"فشلت" بفتح الشين المعجمة أي: بطلت حركتها. قوله: "ومن ضمير الحاضر" أي: البارز؛ لأن ضمير الحاضر المستتر لا يبدل منه مطلقًا فإن ورد ما يوهم ذلك قدر للثاني فعل من جنس الفعل المذكور نحو: تعجبيني جمالك ويكون من إبدال الجملة.

قوله: "أي: يجوز إبدال الظاهر إلخ" بيان للمفهوم، وقوله: ولا يجوز إلخ بيان للمنطوق، وإنما لم يجز إبدال الظاهر من ضمير الحاضر لعدم فائدته؛ لأن ضمير الحاضر في غاية الوضوح. قوله:"ومن ضمير الغائب" أي: البارز أخذًا من أمثلتهم وإن لم يحضرني الآن التصريح به، فلا يجوز إبدال الظاهر من ضمير الغائب المستتر، فلا يقال: هند أعجبتني جمالها على الإبدال كما لا يقال: تعجبيني جمالك على الإبدال. قوله: "إلا ما إحاطة جلا" قال البعض: أي: إلإبدل كل أظهر إحاطة وشمولًا والتقييد ببدل الكل مستفاد من التعبير بالإحاطة ومن المقابلة ا. هـ. وهو صريح في أن ما

894- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص99؛ وأمالي المرتضى 1/ 46؛ وخزانة الأدب 5/ 211، 218؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 542؛ والكتاب 1/ 433؛ والمقاصد النحوية 4/ 204؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 3/ 68؛ ومغني اللبيب ص472؛ والمقتضب 4/ 290.

ص: 190

أوِ اقْتَضَى بعضًا أوِ اشْتِمالا

كأنَّكَ ابْتِهاجَكَ اسْتَمَالا

ــ

وَآَخِرِنَا} [المائدة: 114]، وقوله:

895-

فَما بَرِحَتْ أَقْدامُنا في مَقامِنا

ثلاثَتُنا حتى أُزِيرُوا المَنائِيا

فإن لم يكن فيه معنى الإحاطة فمذاهب: أحدها المنع وهو مذهب جمهور البصريين، والثاني الجواز وهو قول الأخفش والكوفيين. والثالث: أنه يجوز في الاستثناء نحو: ما ضربتكم إلا زيدًا وهو قول قطرب "أو اقتضى بعضًا" أي: كان بدل بعض نحو: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ} [الأحزاب: 21] وقوله:

896-

أَوعَدَنِي بالسِّجنِ والأداهِمِ

رِجْلي فَرِجْلِي شَثْنَةُ المَناسِمِ

ــ

واقعة على بدل كل ويبطله العطف الآتي في كلام المصنف، وقول الشارح أي: إلا إذا كان البدل بدل كل لا يدل على وقوع ما على بدل كل؛ لاحتمال أن يكون مراده أن هذا القيد ملحوظ بعدما والمعنى إلا ظاهرًا كان بدل كل وجلا إحاطة، بل هذا الاحتمال هو الظاهر الذي ينبغي حمل عبارته عليه لما عرفت فلا تغفل. قوله:"لأولنا وآخرنا" أي: لجميعنا؛ لأن عادة العرب التعبير بالطرفين وإرادة الجميع.

قوله: "فما برحت أقدامنا إلخ" قاله عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم من قصيدة قالها في شأن يوم بدر وما جرى له يومه من قطع رجله ومبارزته هو وحمزة وعلي، وهم المراد من قوله: ثلاثتنا ومات رضي الله تعالى عنه بالصفراء، وهم راجعون كذا في العيني، والشاهد في: ثلاثتنا فإنه بدل من نا في مكاننا، وأزيروا مبني للمجهول وضميره للكفار، والمنائيا جمع منية على غير قياس؛ لأن قياسه المنايا وأصله المنايي بياءين ففعل فيه ما يأتي في التصريف. قوله:"أحدها المنع" لعدم الفائدة إذ ضمير الحاضر في غاية الوضوح كما مر. قوله: "نحو: ما ضربتكم إلا زيدًا" نظر فيه سم بأن زيدًا ليس بدل كل من ضمير المخاطبين بل بدل بعض ويظهر لي أنه لا يوجد مثال يكون فيه المستثنى بدل كل من المستثنى منه فتأمل. قوله: "أو اقتضى بعضًا إلخ" سكت عن بدل الإضراب فاقتضى عدم الجواز فيه لكن صرح الجامي بجواز ذلك كما نقله شيخنا.

قوله: "نحو: لقد كان لكم إلخ" أورد عليه أنه يلزم عليه انقسام الصحابة إلى من يرجو الله ومن لا يرجوه، وليس كذلك ولذا زعم الأخفش أنه بدل كل، والجواب أن الخطاب لمن سبق خطابه بقوله تعالى:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} [الأحزاب: 18] ، إلخ فوصفهم بالتعويق وغيره من صفات الذم، والموصوفون بذلك هم المخالطون لهم من المنافقين وليس الخطاب للصحابة فقط حتى يرد ما ذكر، نقله الدنوشري عن شرح اللباب. قوله:"والأداهم" جمع أدهم وهو القيد

895- البيت من الطويل، وهو لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في المقاصد النحوية 4/ 188؛ ولبعض الصحابة في شرح عمدة الحافظ ص588؛ وبلا نسبة في المقاصد النحوية.

896-

الرجز للعديل بن الفرخ في خزانة الأدب 5/ 188، 189، 190؛ والدرر 6/ 62، والمقاصد النحوية 4/ 190؛ ولا نسبة إصلاح المنطق ص226، 294؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 124؛ وشرح التصريح 2/160؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص21؛ وشرح شذور الذهب ص572؛ وشرح ابن عقيل ص510؛ وشرح المفصل 3/ 70؛ ولسان العرب 3/ 463 "وعد"، 12/ 210 "رهم"؛ ومجالس ثعلب ص274؛ وهمع الهوامع 2/ 127.

ص: 191

وبَدَلُ المُضمَّنِ الهَمْزَ يَلِي

همزًا كَمَن ذا أَسَعِيدٌ أم عَلِي

ــ

"أو اشتمالا" أي: كان بدل اشتمال "كأنك ابتهاجك استمالا" وقوله:

897-

بَلَغْنا السَّماءَ مَجْدُنا وسَناؤُنا

وإنَّا لنَرْجُو فَوقَ ذلك مَظْهرا

تنبيه: قال في التسهيل: ولا يبدل مضمر من مضمبر ولا من ظاهر وما أوهم ذلك جعل توكيدًا إن لم يفد إضرابًا ا. هـ "وبدل" المبدل منه "المضمن" معنى "الهمز"

ــ

والشثنة الغليظة والمناسم جمع منسم بفتح الميم وسكون النون وكسر السين وهو خف البعير استعير هنا لقدم الإنسان. قوله: "ابتهاجك" أي: فرحك استمالًا السين والتاء زائدتان أو للصيرورة أي: أملت القلوب إليك أو صيرتها مائلة إليك قال سم: وجرى في قوله استمالًا على الأكثر من مراعاة البدل وإلا لقال استملت. قوله: "وسناؤنا" السناء بالمد كما في البيت الشرف وبالقصر النور. وقوله: مظهرًا جعله شيخنا مصدرًا ميميا بمعنى الظهور ولا يبعد أنه اسم مكان مرادًا به الجنة؛ لأن قائل هذا البيت النابغة الجعدي الصحابي.

قوله: "ولا يبدل مضمر من مضمر" أي: مطلقًا؛ لأنه لم يسمع، ونحو: قمت أنت ومررت بك أنت توكيد اتفاقًا، وكذلك رأيتك إياك عند الكوفيين والناظم ا. هـ. توضيح. قوله:"ولا من ظاهر" أي: ولا يبدل مضمر من ظاهر عكس مسألة المتن. ومقتضى إطلاقه المنع في كل بدل وفي جمع الجوامع. وشرحه للسيوطي ومنع ابن مالك بدل المضمر من الظاهر بدل كل قال؛ لأنه لم يسمع ولو سمع لكان توكيدًا لا بدلًا، وأجازه الأصحاب نحو:

رأيت زيدًا إياه، وفي جواز بدل البعض والاشتمال خلف، فقيل يجوز نحو: ثلث التفاحة أكلت التفاحة إياه وحسن الجارية أعجبتني الجارية هو وقيل يمتنع. قال أبو حيان: وهو كالخلاف في إبدال مضمر من مضمر ومقتضاه ترجيح المنع ا. هـ. يس. قوله: "إن لم يفد إضرابًا" نحو: إياك إياي قصد زيد فإن دعوى التأكيد في مثل هذا لا تتأتى ا. هـ. دماميني ونحو: عمرًا إياي قصد زيد فعلم أن قوله إن لم يفد إضرابًا قيد في كل من عدم إبدال المضمر من المضمر وعدم إبدال المضمر من الظاهر فاعرفه.

قوله: "وبدل المضمن إلخ" خرج ما صرح معه بأداة الاستفهام أو الشرط فلا يلي البدل ذلك نحو: هل أحد جاءك زيد أو عمرو وكذا إن تضرب أحدًا رجلًا أو امرأة أضربه ا. هـ. سم عن شروح التسهيل ولعل عدم وجوب ذكر الحرف في صورة التصريح لقوة المصرح به فلا يحتاج إلى ذكر ثانيًا بخلاف المضمن. قوله: "معنى الهمزة" مقتضاه أن الهمز بالجر مضاف إليه وجعله

897- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص68؛ وخزانة الأدب 3/ 169، 7/ 419؛ وشرح التصريح 2/ 161؛ ولسان العرب 4/ 523، 529 "ظهر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 193؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 406.

ص: 192

ويُبْدَل الفعلُ من الفعلِ كمَن

يَصِل إلينا يَسْتَعِن بنا يُعَنْ

ــ

المستفهم به "يلي همزًا" مستفهمًا به وجوبًا "كمن ذا أسعيد أم علي" وكم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ وما صنعت أخيرًا أو شرا؟ وكيف جئت أراكبًا أو ماشيًا؟

تنبيه: نظير هذه المسألة بدل اسم الشرط نحو: من يقم إن زيد وإن عمرو أقم معه وما تصنع إن خيرًا أو شرا تجز به، ومتى تسافر إن ليلًا أو نهارًا أسافر

معك "ويبدل الفعل من الفعل" بدل كل من كل، قال في البسيط باتفاق كقوله:

898-

مَتَى تَأْتِنا تُلمِمْ بِنا في دِيارِنا

تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا ونَارًا تَأَجَّجَا

ــ

الشيخ خالد منصوبًا مفعولًا ثانيًا للمضمن. قوله: "بل همزًا مستفهمًا به وجوبًا" ليوافق المبدل منه في تأدية المعنى. قوله: "أسعيد أم علي" فسعيد بدل من من بدل تفصيل. قوله: "بدل اسم الشرط" فإنه يلي حرف الشرط الذي تضمنه المبدل منه وهو بدل تفصيل، وقد يتخلف كل من التفصيل وإعادة حرف الشرط، ففي الكشاف أن يومئذٍ بدل من إذا في قوله تعالى:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] ، وكذا قال أبو البقاء، ولهذا اقتصر في النظم على الاستفهام، وكذا فعل في التسهيل مع كثرة جمعه فيه على أن مسألة الشرط لا تخلو عن إشكاله؛ لأنك إذا قلت: من يقم إن زيد وإن عمر وكان اسم الشرط مبتدأ فيكون البدل كذلك ضرورة فيلزم دخول إن الشرطية على المبتدأ وهو غير جائز في الأصح، وإن جعلنا ما بعد إن فاعلًا بمحذوف امتنعت المسألة لتخالف العامل؛ ولأن إن لا يضمر الفعل بعدها إلا إذا كان هناك ما يفسره نحو:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} وجوابه: أن إن إنما جيء بها بيان المعنى لا للعمل فلا يلزم المحذور ا. هـ. تصريح.

فائدة: اجتمعت مع جماعة كثيرة من أهل العلم في بعض المحافل فأورد بعضهم سؤالًا في قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه"، حاصله أنهم جوزوا أن يكون أمة بالرفع على البدلية من أي: مع أن بدل المضمن معنى الشرط يجب أن يلي حرف الشرط كما أن بدل المضمن حرف الاستفهام يجب أن يلي حرف الاستفهام فسكت جميع الحاضرين، فعند ذلك أجبت بأن محل وجوب إيلاء بدل المضمن معنى الشرط حرف الشرط إذا وقع البدل بعد فعل الشرط أخذًا من الأمثلة التي ذكروها، فأعجبهم ذلك غاية الإعجاب. وقد خرج مما مر جواب آخر وهو أن ذلك قد يتخلف كما في آية الزلزلة.

قوله: "ويبدل الفعل من الفعل" قال ابن هشام: ينبغي أن يشترط لإبدال الفعل ما اشترط لعطف الفعل على الفعل وهو الاتحاد في الزمان دون الاتحاد في النوع حتى يجوز إن جئتني

898- البيت من الطويل، وهو لعبد الله بن الحر في خزانة الأدب 9/ 90، 99؛ والدرر 6/ 69؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 66؛ وسر صناعة الإعراب ص678؛ وشرح المفصل 7/ 53؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 66؛ ورصف المباني ص32، 335؛ وشرح قطر الندى ص90؛ وشرح المفصل 10/ 20؛ والكتاب 3/ 86؛ ولسان العرب 5/ 242 "نور"؛ والمقتضب 2/ 63؛ وهمع الهوامع 2/ 128.

ص: 193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبدل اشتمال على الصحيح "كمن يصل إلينا يستعن بنا يعن" ومنه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [الفرقان: 68] وقوله:

899-

إنَّ عَلَيَّ اللهَ أنْ تُبايِعا

تؤخذ كرهًا أو تجيء طائعًا

ولا يبدل بدل بعض: وأما بدل الغلط فقال في البسيط: جوزه سيبويه وجماعة من النحويين والقياس يقتضيه.

تنبيه: تبدل الجملة من الجملة نحو: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ}

ــ

تمش إليّ أكرمك. قوله: "تلمم بنا" في كونه بدل كل من كل نظر فإن الإتيان المجيء، والإلمام النزول، وما تمحل به البعض من أن المراد بإتيانهم النزول بهم مجازًا يزيفه أنه لا قرينة على ذلك، فالمتجه أنه بدل اشتمال. قوله:"كمن يصل إلينا" أي: معشر الكرام الذين لا يخيب قاصد الاستعانة بهم فاندفع ما قيل أن الشخص قد يصل ويستعين ولا يعان. قوله: "يستعن بنا" فيستعن بدل اشتمال من يصل؛ لأن وصول قاصد الاستعانة يشتمل على الاستعانة، فاندفع ما قيل إن الوصول قد لا يشتمل على الاستعانة. وجعله الشاطبي بدل إضراب أو غلط، فراجعه قال شيخنا: على القول بأن البدل من جملة أخرى وأنه على نية تكرار العامل فالقياس أن الجزم بشرط مقدر مع تقدير جواب آخر، والتقدير من يصل إلينا يعن من يستعن بنا يعن ا. هـ.

قوله: "يضاعف له العذاب" فهو بدل اشتمال من يلق أثامًا؛ لأن لقيّ الأثام أن يحصل له العذاب مضاعفًا، وهو يشتمل على المضاعفة فما نقله الغزي عن بعضهم من أن هذه الآية من بدل الكل؛ لأن لقيّ الآثام هو مضاعفة العذاب غير ظاهر. قوله:"أن عليّ الله إلخ" الخطاب لرجل تقاعد عن مبايعة الملك وعليّ خبران والله نصب بنزع الخافض وهو واو القسم وأن تبايعا اسم إن وتؤخذ بدل اشتمال من تبايعا وكرها مفعول مطلق بتقدير مضاف أي: أخذ كره أو حال أي: كارهًا وهذا أنسب بقوله: طائعًا وجعله صفة لمصدر محذوف يحوج إلى تكلف تقدير الموصوف، وتأويل كرهًا باسم مفعول؛ وبهذا يعلم ما في كلام العيني الذي درج عليه شيخنا والبعض. قوله:"ولا يبدل بدل بعض" نقل في التصريح أن الشاطبي أثبته ومثل له بنحو: إن تصلّ تسجد للرحمن يرحمك، لكن قال الفارضي: إنه يحتمل بدل الاشتمال؛ فإن الصلاة تشتمل على السجود ا. هـ. وفيه عندي وإن أقره شيخنا نظر؛ لأن الظاهر أنه ليس مرادهم بالاشتمال ما يعم اشتمال الكل على جزئه وإلا لزم أن كل بدل بعض بدل اشتمال. قوله: "والقياس يقتضيه" ومثله الشاطبي بنحو: إن تطعم زيدًا تكسه أكرمك.

قوله: "تبدل الجملة من الجملة إلخ" أي: إذا كانت الثانية أوفى من الأولى بتأدية المراد

899- الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 203، 204؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 402؛ وشرح التصريح 1/ 161؛ وشرح ابن عقيل ص511؛ وشرح عمدة الحافظ ص591؛ والكتاب 1/ 156؛ والمقاصد النحوية 4/ 199؛ والمقتضب 2/ 63.

ص: 194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشعراء: 132 و133]، وقوله:

900-

أَقُولُ لَه ارْحَل لا تُقِيمَنَّ عِنْدنا

وأجاز ابن جني والزمخشري والناظم إبدالها من المفرد كقوله:

901-

إلى اللهِ أَشْكُو بالمدِينَةِ حاجَة

وبالشامِ أُخْرَى كيفَ يَلتَقِيانِ

ــ

على ما قاله الدنوشري وأقره شيخنا. والفرق بين بدل الفعل وبدل الجملة أن الفعل يتبع ما قبله في إعرابه لفظًا أو تقديرًا، والجملة تتبع ما قبلها محلا إن كان له محل، وإلا فإطلاق التبعية عليها مجاز كذا في التصريح. قال في المغني: جوز أبو البقاء في قوله تعالى: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] ، كونه بدلًا من فضلنا بعضهم على بعض، ورده بعض المتأخرين بأن الجملة الاسمية لا تبدل من الفعلية ولم يقم دليل على امتناع ذلك ا. هـ. بقي إبدال الفعل من اسم يشبهه والعكس وإبدال مفرد من جملة وحرف من مثله أما الأول فجوزه ابن هشام نحو: زيد متق يخاف الله أو يخاف الله متق وأما الثاني فجوزه أبو حيان وجعل منه: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، قَيِّمًا} [الكهف: 1] ، فجعل قيمًا بدلًا من جملة ولم يجعل له عوجًا، وأما الثالث فأثبته سيبويه وجعل منه:{أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ} [المؤمنون: 35] ، الآية فجعل أن الثانية بدلًا من الأولى لا توكيدًا والظاهر ما مر في باب التوكيد أن هذا من توكيد الضمير مع إعادة ما اتصل به.

قوله: "نحو: أمدكم بما تعلمون إلخ" فجملة أمدكم بأنعام وبنين إلخ بدل من جملة أمدكم بما تعلمون، ولا يخفى أنها صلة الذي في قوله:{وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ} [الشعراء: 132] ، فلا محل لها فإطلاق التبعية على ما بعدها مجاز لما مر عن التصريح، وقال الدماميني والشمني: إطلاقها عليه بالمعنى اللغوي لا الاصطلاحي ومثل بالآية في التصريح لبدل البعض وهو الظاهر؛ لأن ما يعلمونه أعم من المفصل المذكور بعده، إلا أن يقال المراد به خصوص المفصل فيكون عاما مرادًا به الخصوص. قوله:"أقول له ارحل لا تقيمن عندنا" التمثيل به لبدل الكل مبني على أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده، ومثل به في التصريح لبدل الاشتمال وهو مبني على أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده. قال الدماميني: لا تتعين التبعية في البيت لجواز أن يكون مجموع الجملتين هو المقول وكل واحدة جزء المقول ا. هـ. قال في التصريح: وسكتوا عن اشتراط الضمير في بدل البعض في الاشتمال في الأفعال والجمل لتعذر عود الضمير عليها. قوله: "إبدالها من المفرد" إنما صح ذلك لرجوع الجملة في التقدير إلى المفرد كما في التصريح.

900- عجزه:

وإلا فكُنْ في السِّرِّ والجَهْرِ مُسلِما

والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 207، 8/ 463؛ وشرح التصريح 2/ 162؛ وشرح شواهد المغني 2/ 839؛ ومجالس ثعلب ص96؛ ومعاهد التنصيص 1/ 278؛ ومغني اللبيب 2/ 426؛ والمقاصد النحوية 4/ 200.

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أبدل كيف يلتقيان من حاجة وأخرى أي: إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما. وجعل منه الناظم نحو: عرفت زيدًا أو من هو.

خاتمة في مسائل متفرقة من التسهيل وشرحه: الأولى قد يتحد البدل والمبدل منه لفظًا إذا كان مع الثاني زيادة بيان كقراءة يعقوب: "وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلَّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا"[الجاثية: 28] بنصب كل الثانية، فإنها قد اتصل بها ذكر سبب الجثو. الثانية الكثير كون البدل معتمدًا عليه، وقد يكون في حكم الملغى كقوله:

902-

إنَّ السُّيوفَ غُدُوَّهَا ورَواحَها

تَرَكَتْ هَوازِنَ مِثل قَرْنِ الأَعْضَبِ

الثالثة: قد يستغنى في الصلة بالبدل عن لفظ المبدل منه، نحو: أحسن إلى الذي صحبت زيدًا: أي: صحبته زيدًا. الرابعة: ما فصل به مذكور وكان وافيًا به يجوز فيه البدل

ــ

قوله: "أبدل كيف يلتقيان إلخ" الظاهر أنه بدل اشتمال وكذا في عرفت زيدًا أبو من هو. قوله: "تعذر التقائهما" أشار بذلك إلى أن الجملة في تأويل المفرد وإلى أن الاستفهام تعجبي قال الدماميني ويحتمل أن يكون كيف يلتقيان جملة مستأنفة نبه بها على سبب الشكوى. قوله: "أبو من هو" أبو مبتدأ ومن مضاف إليه وهو خبر والجملة بدل من زيدًا بدل اشتمال لا مفعول ثان؛ لأن عرف إنما يتعدى إلى مفعول واحد. قوله: "سبب الجثو" هو دعاء كل أمة إلى قراءة كتابها. قوله: "كون البدل معتمدًا عليه" أي: اعتمد عليه ما بعده في الحالة التي له من تذكير وتأنيث وغيرهما نحو: إن زيدًا عينه حسنة وإن هندًا جفنها فاتر بنصب العين والجفن، فأنث الخبر في الأول وذكر في الثاني، ولولا أن المعتمد عليه في ذلك هو البدل لوجب التذكير في الأول والتأنيث في الثاني ا. هـ. دماميني وفي كلام البعض أن الخبر عند اعتماد البدل للبدل وعند اعتماد المبدل منه للمبدل منه وفيه نظر، إلا أن يراد بكون الخبر للبدل أن البدل هو المخبر عنه في المعنى فتأمل. قوله:"تركت" فيه الشاهد فإنه خبر أنثه اعتمادًا على المبدل منه. والأعضب بعين مهملة فضاد معجمة فموحدة ولد البقرة إذا طلع قرنه، وقيل ما كسر قرنه وهو أنسب بالمقام.

قوله: "زيدًا" يصح نصبه بدلًا من الهاء المقدرة وجره بدلًا من الذي ورفعه خبر مبتدأ محذوف قاله الشارح على التوضيح. قوله: "ما فصل به مذكور" أي: مبدل منه مذكور. قال شيخنا نقلًا عن السيوطي: وكذا غير المفصل يجوز فيه القطع أيضًا نحو: مررت بزيد أخوك نص عليه سيبويه والأخفش ا. هـ. ونقل شيخنا السيد عن سم جواز قطع البيان والعطف، وتقدم جواز قطع

901- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 5/ 208؛ وشرح التصريح 2/ 162؛ وشرح شواهد المغني 2/ 557، والمقاصد النحوية 4/ 201؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 408؛ والمحتسب 2/ 165؛ ومغني اللبيب 1/ 27، 426 والمقتضب 2/ 329؛ وهمع الهوامع 2/ 128.

902-

البيت من الكامل، وهو للأخطل في ديوانه ص329؛ وخزانة الأدب 5/ 199، 201؛ ولسان العرب 1/ 609 "عضب"؛ وبلا نسبة في جهرة اللغة ص354.

ص: 196