المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المسائل الاربع ‌ ‌العلم … أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل: "الأولى" العلم، ــ قوله: "يجب - حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

[عبد الله بن صالح الفوزان]

الفصل: ‌ ‌المسائل الاربع ‌ ‌العلم … أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل: "الأولى" العلم، ــ قوله: "يجب

‌المسائل الاربع

‌العلم

أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل: "الأولى" العلم،

ــ

قوله: "يجب علينا تعلم أربع مسائل: ألأولى: "العلم"، المراد هنا: الوجوب العيني، وهو ما يجب أداؤه على كل مكلف بعينه.

والتعلم: تحصيل العلم، والعلم: معرفة الهدى بدليله.

والمراد بالعلم هنا: العلم الشرعي، والمقصود به ما كان تعلمه فرض عين، وهو كل علم يحتاج إليه المكلف في أمر دينه، كأصول الإيمان وشرائع الإسلام، وما يجب اجتنابه من المحرمات، وما يحتاج إليه في المعاملات، ونحو ذلك مما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب عليه العلم به. 1

قال الإمام أحمد رحمه الله: يجب أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه، قيل له: مثل أي شيء؟ قال: الذي لا يسعه جهله: صلاته وصيامه، ونحو ذلك2

فالواجب على المسلم أن يتعلم ما يجب عليه من أمر دينه مما يتعلق بعقيدته وعبادته ومعاملته، وعليه أن يسأل أهل العلم، ويحذر من الإعراض عما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وعليه أن يقبل النصح والتوجيه، وينقاد للحق. فهذه صفة المؤمن الحق.

أما العلم الذي تعلمه فرض كفاية كتفاريع المسائل الفقهية والاطلاع على أقوال العلماء ومعرفة الخلاف ومناقشة الأدلة فهذا ليس بواجب على كل مسلم، فإذا وجد من يقوم به من أهل العلم صار في حق الباقين سنة.

1 أنظر: "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر: "ص31"، "حاشية ابن قاسم على ثلاثة الأصول":"ص14".

2 "الفروع" لابن مفلح: "1/525".

ص: 12

وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.

ــ

ومما يدل على أن العلم واجب حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" 1

وقد فسر الشيخ رحمه الله العلم الذي لابد من تعلمه بأنه يتناول ثلاثة أمور، فقال:"وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة".

1 أخرجه من أصحاب الكتب الستة ابن ماجه: "1/81"، وأخرجه أبو يعلى في "مسنده":"رقم2837"، والطبراني في "الأوسط":"1/33"، وغيرهم كثيرون. وقد اختلف أهل العلم في هذا الحديث، فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه، فقد نقل ابن الجوزي في "العلل" "1/66" قول الإمام أحمد:"لا يثبت عندنا في هذا الباب شيء".

والحديث مروي عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم وله طرق جمعها السيوطي في جزء مطبوع. ورواه ابن الجوزي في "العلل": "1/57" من أربعة عشر طريقاً، من حديث أنس رضي الله عنه ثم تكلم عليها. ولعل تعدد رواته وطرقه يدل على أن له أصلاً. وقد صححه بعض الحفاظ المتأخرين، قال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" "1/258": "قال الحافظ المزي الشافعي: وله طرق كثيرة عن أنس، يصل مجموعها إلى مرتبة الحسن

وفي "تلخيص الواهيات" للذهبي: روي عن علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وجابر وأنس وأبي سعيد، وبعض طرقه أوهى من بعض، وبعضها صالح، والله أعلم".

ومال السخاوي في "المقاصد": "ص275" إلى تصحيحه، ونقل المناوي في "فيض القدير":"4/354" أن السيوطي حسنه. وممن صححه الألباني في "تخريج أحاديث مشكلة الفقر" وقال بعد أن تكلم عن طرقه: "إن طرقه يقوي بعضها بعضاً، بل أحدها حسن، فالحديث بمجموع ذلك صحيح بلا ريب عندي".

قال السخاوي في "المقاصد""ص277":

"قد ألحق بعض المصنفين بآخر هذا الحديث "ومسلمة" وليس لها ذكر في شيء من طرقه، وإن كان معناها صحيحاً" اهـ.

ص: 13

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وخص الشيخ رحمه الله هذه الأمور؛ لأنها هي أصول الإسلام التي لا يقوم إلا عليها، وهي التي يسأل عنها العبد في قبره. فالإنسان إذا عرف ربه وعرف نبيه وعرف دين الإسلام بالأدلة كمل له دينه، فهذا هو العلم الشرعي الذي لابد منه.

وقوله: "معرفة الله"، أي: أن معرفة الله تعالى هي أساس الدين، ولا يكون الإنسان على حقيقة من دينه إلا بعد العلم بالله تعالى، وذلك بالنظر في الآيات الشرعية من الكتاب والسنة، والنظر في الآيات الكونية التي هي المخلوقات، وهذه المعرفة تستلزم قبول ما شرعه الله تعالى والانقياد له.

وقول: "ومعرفة نبيه"، أي: أن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مكلف، وأحد مهمات الدين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن الله تعالى. وهذه المعرفة تستلزم قبول ما جاء به من عند الله تعالى من الهدى ودين الحق1. سيأتي -إن شاء الله تعالى- تفصيل ذلك في محله.

وقوله: "ومعرفة الإسلام بالأدلة"، الإسلام له معنيان: معنى عام ومعنى خاص؛ لأنه قد وردت أدلة تدل على أن الإسلام خاص بهذه الأمة ووردت أدلة على أن الإسلام في الشرائع السابقة، فتحريراً للمسألة نذكر كلام شيخ الإسلام رحمه الله في هذا الموضوع2، وهو أن

1 انظر: "شرح الشيخ ابن عثيمين للأصول الثلاثة""ص13"، و"حاشية ابن قاسم":"ص15".

2 "مجموع الفتاوى": "3/94". وانظر: "تفسير ابن كثير": "3/377".

ص: 14

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإسلام بالمعنى العام يراد به: عبادة الله وحده لا شريك له، وهذا دين الأنبياء عموماً، قال الله عز وجل عن التوراة وأنبياء بني إسرائيل:{يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} 1، فوصف الله سبحانه وتعالى أنبياء بني إسرائيل بالإسلام مما يدل على أن الإسلام ليس خاصاً بهذه الأمة بل هو عام، وذكر الله تعالى عن موسى عليه السلام أنه قال لقومه:{إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} 2، وعن أبناء يعقوب عليه السلام:{قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} 3، فهذا هو الإسلام بالمعنى العام.

أما الإسلام بالمعنى الخاص فيراد به: الدين الذي بعث الله نبيه محمداً به وجعله خاتمة الأديان لا يقبل من أحد دين سواه، قال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 4، وقال تَعَالَى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} 5، فهذه الآية تفيد أن الله تعالى ارتضى لهذه الأمة الإسلام ديناً، فيفسر بالمعنى الخاص.

وقوله: "بالأدلة" جمع دليل. والدليل فعيل بمعنى: فاعل. من

1 سورة المائدة، الآية:44.

2 سورة يونس، الآية:84.

3 سورة البقرة، الآية:133.

4 سورة آل عمران الآية: 85.

5 سورة المائدة، الآية:3.

ص: 15