الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ولا ينافى هذا ما أحقه سبحانه على نفسه من إثابة عابديه وإكرامهم، فإن ذلك حق أحقه على نفسه بمحض كرمه وبره وجوده وإحسانه لا باستحقاق العبيد، أو أنهم أوجبوه عليه بأعمالهم)(1).
وسائل المعرفة:
التعرف على الله المنعم، وحقه المستحق علينا يستدعي منا معرفة نعمه علينا، وكلما توسع العبد في معرفة النعم ازداد شعوره بالتقصير في حق مولاه
…
كيف نتعرف على النعم
؟
1 -
من خلال القرآن:
أفاض القرآن في تعريف الناس بنعم الله عليهم، وحق هذه النعم، فعلينا بتتبع الآيات التي تتحدث في هذا الموضوع، ونحصي من خلالها نعم الله علينا. كقوله تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [النحل: 114].
وقوله: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
2 -
من خلال أحداث الحياة:
وذلك منخلال تفكر الواحد منا في نعم ربه عليه، وحبذا لو تم تسجيلها لتسهل العودة إليها كل فترة
…
ومن معينات عد النعم: رؤية أهل البلاء، فما من مرض أو نقص يصيب إنسانًا، ولم تصب أنت به إلا ويعكس نعمة من نعم العافية لديك.
وكذلك ما من معصية تحدث على ظهر الأرض ولا تفعلها إلا وتعكس نعمة من نعم العصمة الإلهية لك.
(1) تهذيب مدارج السالكين.
3 -
مجالس ذكر النعم:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 11].
فمجالس ذكر النعم من الأهمية بمكان للتعرف على الله المنعم، واستشعار تقصيرنا في حقه
…
هذه المجالس عبادة عظيمة، يباهي الله بها الملائكة، فعن أنس ابن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم ثم بعثوا برائدهم إلى رب العزة تبارك وتعالى، فيقولون: ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ويسألونك لآخرتهم ودنياهم، فيقول تبارك وتعالى: غشوهم رحمتي، فيقولون يا رب إن فيهم فلانًا الخطاء، إنما اغتبقهم اغتباقًا، فيقول تبارك وتعالى: غشوهم رحمتي، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم"(1).
جلس الفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينه ليلة إلى الصباح يتذكران النعم، فجعل سفيان يقول: أنعم الله علينا في كذا، أنعم الله علينا في كذا، فعل بنا كذا، فعل بنا كذا (2).
4 -
التفكر في النعم:
ومع إحصاء النعم، علينا أن نتفكر في كل نعمة على حده، وما فيها من جوانب مختلفة للمدد الإلهي، فعلى سبيل المثال: التفكر في الطاعة وكم نعمة أنعهما الله عليك لكي تقوم بها.
يقول أبو حامد الغزالي: أما نعمة عليك في الطاعة فقد: أمكنك منها وأعطاك الآلة، وأزاح عنك العوائق حتى تفرغت لهذه الطاعة، وخصك بالتوفيق والتأييد ويسرها عليك، وزينها في قلبك حتى عملتها، ثم مع جلاله وعظمته واستغنائه عنك، وعن
(1) رواه البزار بإسناد حسن.
(2)
الشكر لابن أبي الدنيا.
طاعتك وكثرة نعمه عليك، أعد على هذا العمل اليسير الثناء الجزيل والثواب العظيم الذي لا تستحقه (1).
5 -
المغفرة أولًا:
علينا أن نبحث في القرآن عن الآيات التي تقرر حقيقة أن دخول الجنة، والنجاة من النار، إنما هي محض فضل ورحمة من الله عز وجل {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ} [الدخان: 41، 42].
وأن سعينا واجتهادنا لا يستحق بذاته دخوله الجنة، وإنما هو للتعرض لرحمة الله ومغفرته {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21].
فبكثرة النظر في مثل هذه الآيات، يترسخ مدلولها في العقل الباطن عند الإنسان، لتنطلق أفكاره وخواطره منها، ويوقن بأنه إما عفو الله أو النار ....
(1) منهاج العابدين لأبي حامد الغزالي ص 221 - مكتبة الجندى - القاهرة.