الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما المعقول:
1 فإن الناس يحتاجون للإقالة كحاجتهم إلى البيع فتشرع، وذلك أن العاقد قد يندم على ما أقدم عليه، ولا يجد أمامه طريقاً للتخلص من العقد إلا بالإقالة.
2 أنها ترفع العقد فصارت كالطلاق مع النكاح 1.
1 ينظر الاختيار لتعليل المختار للموصلي: 2/11، وفتح القدير لابن الهمام: 6/114، وحاشية أحمد الشلبي على تبين الحقائق للزيلعي: 4/70.
المطلب الثالث: الحكمة من مشروعيتها
…
المطلب الثالث: حكمة تشريع الإقالة
التعاون من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام الاجتماعي في الشريعة الإسلامية، فالأفراد يجب عليهم أن يتعاونوا في جلب المصالح، قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 2.
وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على السماحة في التعامل؛ فقد ثبت من حديث جابرأنه قال: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى" 3، ومن مقتضيات السماحة أن يتوافر عنصر الرضا عند انعقاد العقد، وإذا ثبت العقد ثم ندم المتعاقدان أو أحدهما إما لظهور غبن أو لانعدام الثمن أو زوال الرجاحة أو غير ذلك، فإن ذلك الندم وعدم الرضا لا يبيحان فسخ العقد لأنه وقع صحيحاً لازماً، ولا سبيل لإزالة ذلك الندم وعدم الرضا إلا بالإقالة فشرعت تنفيساَ لمن وقع في أمر لا يستطيع الخلاص منه، ألا وهو العقد الصحيح اللازم.
2 من آية 2 سورة المائدة.
3 أخرجه البخاري في صحيحه: 3/9 في كتاب البيوع باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع ومن طلب حقا فليطلبه في عفاف.
ولا ريب أن من السماحة التي حثت عليها الشريعة الإسلامية إقالة النادم، لما فيها من الثواب العظيم، ففي الحديث الذي رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أقال نادماً أقال الله عثرته" 1وَرَوى أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر في الدنيا يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"2.
ويقضي مبدأ التعاون والتواد ّ بين أفراد المجتمع أن يحس المسلم بأخيه المسلم ويتألم لألمه، لما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"3.
ومن قبيل ذلك الإحساس أن يقيل المسلم أخاه إذا ندم على العقد وطلب أن يفسخه، ليحصل على الثواب العظيم والأجر منه سبحانه وتعالى.
1 سبق تخريج هذا الحديث ص: 14
2 أخرجه مسلم واللفظ له الحديث رقم (2699) صحيح مسلم: 4/2074، والترمذي في باب ما جاء في الستر على المسلم من كتاب الحدود الحديث رقم (1425) سنن الترمذي: 4/34، وأبو داود في باب المعونة للمسلم من كتاب الأدب الحديث رقم (4946) سنن أبي داود: 4/287، وابن ماجه في باب الانتفاع بالعلم والعمل به من المقدمة الحديث رقم (238) سنن ابن ماجه: 481، وأحمد في مسند المكثرين الحديث رقم (7379) مسند أحمد: 2/497.
3 أخرجه أحمد في مسنده: 30/323 رقم الحديث (18373) والبخاري في صحيحه: 7/77 في باب رحمة الناس في البهائم، ومسلم في صحيحه: 4/1999 رقم الحديث (2586)، والقضاعي في مسند الشهاب: 2/283 رقم الحديث (1367)، والبيهقي في السنن الكبرى: 3/493 رقم الحديث (6430) .