الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الذي ذكره الشاطبي من معاني السنة هو الذي كان رائجاً في العصر الأول، فقد كان السلف يطلقون اسم السنة بهذا المفهوم، وهو ما يتلاءم مع هذا السياق: في بيان المراد بفعل الشارع وفي الحديث عن البدعة
…
وبهذا المفهوم العام للفظ السنة أو مراد الشارع أو فعله تدخل سائر الأحكام الشرعية الواجبة والمندوبة، والمباحة والمحرمة والمكروهة، سواء كانت متعلقة بالأعمال أو الأقوال أو الاعتقادات، وسواء كانت فعلاً أو تركاً
…
وبإيجاز: كل ما يتعلق به الخطاب الشرعي، وعلى هذا فإنه يجب أن ينظر إلى أفعال البشر وتصرفاتهم وفق هذا الميزان الشرعي، فإن كانت موافقة لمراد الشرع عُمل بها وإن لم تكن كذلك رُدت وهذا ما سبق بيانه تحت عنوان:(البدعة هي ما ليس له أصل في الدين) .
2- وأما فعل المكلف:
فيراد به كل عمل يقوم به بالجوارح أو باللسان أو بالجنان، في مجال العبادات أو المعاملات أو العادات.
وهذه الأفعال لا تخرج بحال من الأحوال عن النظر الشرعي؛ لأنه ما من فعل إلا ولله سبحانه وتعالى فيه مراد وحكم: [أيحسب الإنسان أن يترك سدى] ، [وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون] .
وهذا الحكم الإلهي والمراد الشرعي لله سبحانه وتعالى قد يكون منصوصاً عليه باللفظ، وقد يكون مستنبطاً من لفظ الشارع، أو من سكوته، أو من أصول ومقاصد وكليات وقواعد بنيت على النصوص الشرعية
…
وما إلى ذلك مما
يصلح للاحتجاج.
وفعل المكلف إما أن يكون في مجال العبادات، أو في مجال العادات والمعاملات، ولكل من المجالين قاعدة شرعية، وحكم إلهي تسير عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(
…
الأصل الذي بنى الإمام أحمد وغيره من الأئمة عليه مذاهبهم، أن أعمال الخلق تنقسم إلى: عبادات يتخذونها ديناً، وينتفعون بها في الآخرة، أو في الدنيا والآخرة، وإلى عادات ينتفعون بها في معاشهم.
فالأصل في العبادات: أن لا يشرع فيها إلا ما شرعه الله.
والأصل في العادات: أن لا يحظر منها إلا ما حظره الله.
وبهذا القياس توزن أعمال المكلفين، وبهذا المعيار تسير أفعالهم فإن كانت وفق الدليل الشرعي، ولها أصل في دين الله يدل عليها، فهي مقبولة مثاب عليها فاعلها إذا قصد بها وجه الله.
وإن كانت مخالفة للشرع، أو مناقضة له فلا تخلو من أحد حالين:
الأول: أن لا يقصد بهذه المخالفة القربة إلى الله سبحانه فتعد معصية، وفي هذا تدخل جميع المنهيات الشرعية مثل النظر إلى النساء، وسماع الغناء، والحلف بالطلاق، وشرب المسكر، وكشف العورة، وأكل الربا
…
وغير ذلك.
الثاني: أن يقصد بالمخالفة القربة على الله سبحانه وتعالى فهذه هي التي تعد بدعة، سواء كانت في العبادات المحضة أو المعاملات أو العادات، وسواء كانت بالاعتقاد أو الجواح أو باللسان.
فأما في العبادات فالأمر بين وواضح، مثل: صلاة الرغائب، وصلاة النصف
من شعبان، والأوراد البدعية عند الصوفية، واعتقا دالولاية في مظهر الفسوق وغير ذلك، وهو كثير
…
وأما المعاملات فمثل: النظر إلى النساء والمردان، أو استماع الغناء بقصد القربة، أو أخذ المكوس والضرائب على الأبدان، والبضائع، مع اعتقاد أن ذلك مما يجيزه الشرع أو يبيحه، ويدخل في هذا المعنى مجموعة من البدع السياسية وكل البيوع والعقود والشروط التي نهى عنها الشارع وألغاها، فإن فعلها على وجه القربة لله، أو إلحاق حكم لها بالوجوب أو الندب أو الإباحة من الإبتداع.
ومن أوضح ما يصح التمثيل به في هذا الباب: نكاح المتعة الذي تجيزه الرافضة وتعمل به.
ومثله نكاح المحلل، من قال بجوازه وحله فقد أتى بدعة منكرة، إذ أنه وجد في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم المقتضي للتخفيف والترخيص للزوجين بإجازة التحليل ليتراجعا، ولما لم يشرع ذلك مع حرص امرأة رفاعة على