الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني: أن يوقن أنه لا تضاد بين آيات القرآن، ولا بين الأخبار النبوية، ولا بين أحدهما مع الآخر..) .
الوجه الثاني من أخطاء المغرقين في القياس:
معارضة كثير من النصوص بالرأي والقياس:
وقد سبق بيان أن هذا من الرأي المذموم الذي وردت آثار السلف في التحذير منه، والتنفير عنه، واعتباره من أشنع المبتدعات وأخبث المحدثات.. قال ابن القيم - في سياق إيراده لحجج الذين يعارضون القياس -:(قالوا ونحن نرى أن كلما اشتد توغل الرجل فيه اشتدت مخالفته للسنن، ولا نرى خلاف السنة والآثار إلا عند أصحاب الرأي والقياس، فلله كم من سنة صحيحة قد عطلت به، وكم من أثر درس حكمه بسببه! فالسنن والآثار عند الآرائيين والقياسيين خاوية على عروشها معطلة أحكامها، معزولة عن سلطانها وولايتها، لها الاسم ولغيرها الحكم، لها السكة والخطبة ولغيرها الأمر والنهي) .
ثم ذكر بعد هذا الكلام مباشرة أمثلة عديدة على مخالفتهم للنصوص الثابته، وتركهم لها ومعارضتها بالقياس.
الوجه الثالث:
اعتقاد المغرقين في القياس أن كثيراً من أحكام الشريعة جاءت على خلاف القياس الصحيح، وهذا القول يحوي مجموعة من الأغاليط لا بد من بيانها:
الأول: هذا القول بقترب من قول بعض المتكلمة في أن العقل الصريح والنص الصحيح يتعارضان، وبينهما اشتراك في اعتقاد نوع التعارض هذا،
إذ القياس محل اجتهاد ونظر عقلي، والنص نقل شرعي، فإذا قال القياسي هذا الحكم الشرعي جاء على خلاف القياس، فكأنه يقول: هذا الحكم جاء على خلاف ما يقرره العقل والنظر والرأي السليم
…
وقد سبق بيان أنه لا تعارض مطلقاً بين العقل الصريح والنقل الصحيح، وأن من قال بالتعارض بينهما فقد وقع في الابتداع
…
الثاني: أن القياس الصحيح هو الميزان، كما قال تعالى:[الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان - إلى قوله - والسماء رفعها ووضع الميزان]، قال ابن القيم: (والميزان يراد به العدل، والآلة التي يعرف بها العدل وما يضاده، والقياس الصحيح هو الميزان، فالأولى تسميته بالاسم الذي سماه الله به، فإنه يدل على العدل، وهو اسم مدح، واجب على كل واحد في كل حال، بحسب الإمكان
…
) .
وقال ابن تيمية: (والقياس الصحيح من باب العدل فإنه تسوية بين المتماثلين وتفريق بين المختلفين
…
) .
فإذا تقرر أن القياس الصحيح هو الميزان وأنه من العدل، تبين ما في قول هؤلاء من شناعة وذلك حين يقولون بأن من أحكام الشريعة ما جاء على خلاف القياس.
الثالث: قولهم: إن الحكم الشرعي الفلاني جاء على خلاف القياس مردود بأحد هذه الاحتمالات:
الأول: أن يكون النص الشرعي الذي ثبت به هذا الحكم غير صحيح.