الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلى الأئمة الاثنى عشر، فالحديث عندهم هو قول المعصوم، والأئمة معصومون كالرسول، ثم إنهم يقيدون الطرق والأسانيد الناقلة بكون رواتها من الإمامية في جميع الطبقات أو بعضها.
وأما الإجماع فمفهومه عندهم مرتبط بوجود الإمام المعصوم فكل جماعة كثرت أو قلت كان قول الإمام في جملة أوقوالها فإجماعها حجة، لا لأجل الإجماع وإنما لانضمام قول الإمام إليهز
وأما العقل فيجعلونه دليلاً مستقلاً ينبني على أساس التحسين والتقبيح العقليين أي أن الأشياء لها حسن ذاتي أو قبح ذاتي، يمكن إدراكه بالعقل، وإن لم يدل على ذلك الشرع، وهو كرأي المعتزلة، وقد سبق بيان هذه المسألة في هذا البحث، ويتبين مما سبق مقدار الابتداع الحاصل في هذه الأصول الفقهية. ولم يكن هذا الأمر مقتصراً على الفرق الضالة كالرافضة، والمعتزلة بل حصل هناك
أنواع من الابتداع في المذاهب الأصولية
، عند أهل السنة، أذكر بعض ذلك على سبيل التمثيل:
أولاً: مسألة الرأي:
وهي مسألة طال فيها النقاش بين العاملين بالرأي والرادين له في مسائل القه وأصوله: ففي الوقت الذي اعتمد فيه أصحاب القسم الأول على الرأي في بعض الأصول وكثير من الفروع متى أطلق عليهم أهل الرأي ألغي القسم الثاني، هذا الاعتماد، وجعل عمدته على النص واستدل على موقفه بالآثار الكثيرة الواردة عن السلف وكبار أئمة الدين في ذم الرأي.
ولعل الصواب في هذه المسألة أن العمدة على النصوص الثابتة، واستخدام
العقل ضروري لفهمها، وتنزيلها منازلها، فلا الإلغاء التام له بصحيح، ولا الاعتماد التام عليه بصواب..
إلا أن إمكانية الابتداع عند العاملين بالرأي أكثر منها عند الرادين له إذ ثبت باستقراء أصول وفروع الفريقين أن حصول المحدثات عند أصحاب الرأي أكثر منها عند أصحاب النص، لاعتماد هؤلاء على الآثار وهي أسلم مسلكاً وأبعد عن الإحداث في الدين.
والرأي الذي يعتبر من البدع والمحدثات هو: (إيثار نظر العقل على آثار النبي-صلى الله عليه وسلم والقول في الشرع بالاستحسان والظنون والاشتغال بحفظ المعضلات، ورد الفروع بعضها إلى بعض، دون ردها إلى أصولها.. وإعمال النظر العقلي مع طرح السنن، إما قصداً أو غلطاً أو جهلاً، والرأي إذا عارض السنة فهو بدعة وضلالة) .
وهذا النوع من الرأي هو المذموم الذي تتوجه إليه الآثار الواردة عن السلف في ذم الرأي وأهله.
أما اجتهاد الرأي في فهم النصوص، والقول بالقياس على طريقته الصحيحة والنظر في النوازل التي لا نصوص عليها، ولا على أشباهها القريبة
…
فهذا محل استعمال الاجتهاد العقلي، وهو مع هذا قد يصيب وقد يخطئ، وأما النوع الأول من استخدام العقل والذي يمكن وصفه بالابتداع، فإن أصحابه وإن كانوا مجتهدين مثابين على اجتهادهم، فإن ذلك لا يمنع من وصف العمل بالابتداع، إذ لا تلازم بين إعذار العامل، وتبديع العمل ذاته كما قد سلف بيانه، فقد يكون للقائل بالرأي المذموم في الفقه وأصوله من الأعذار ما يرتفع بها الذم والإثم عنه، ويحصل له الأجر، ولكن كل ذلك لا يعطي عمله وصف المشروعية مطلقاً..