المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث نداء من انفلتت دابته يحبسها من سمعه - حقيقة دعوة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية

[عبد الله بن سعد الرويشد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌حقيقة دعوة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية

- ‌ترجمة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته

- ‌مدخل

- ‌نسبة الإمام:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌رحلاته العلمية:

- ‌رحلة الإمام خارج الجزيرة:

- ‌تنفيذ الدعوة ومراحلها:

- ‌مناوأة الدعوة

- ‌آل سعود يحتضنون الشيخ وينصرونه:

- ‌الخطر الخارجي:

- ‌خطب الشيخ ورسائله:

- ‌مثال من رسائل الشيخ

- ‌أثر الشيخ في النهضة العلمية والأدبية:

- ‌مؤلفات الإمام وآثاره العلمية:

- ‌انتشار الدعوة خارج الجزيرة العربية:

- ‌رسالتان هامتان تشرحان عقيدة الشيخ وحقيقة دعوته السلفية

- ‌الرسالة الأولى

- ‌مقدمة

- ‌معنى كلمة التوحيد

- ‌الشفاعة والوساطة وحق الله وحق رسوله وأوليائه

- ‌إرادة الله في التكوين وإرادته في التكليف

- ‌الدعاء مشروع للموتى وللنبي – لادعاؤهم

- ‌ما يفعل عند قبره صلى الله عليه وسلم والمأثور منه

- ‌زيارة قبره صلى الله عليه وسلم والنهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌عبادة القبور بالدعاء وغيره شرك

- ‌حقيقة التوحيد

- ‌الشرك باتخاذ الأولياء والشفعاء

- ‌الشرك الأصغر والأكبر

- ‌التوسل الصحيح

- ‌الإقسام على الله بالمخلوقين

- ‌حديث الأعمى بالتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حديث نداء من انفلتت دابته يحبسها من سمعه

- ‌معاداة القبوريين لمن ينكر بدعهم

- ‌الرسالة الثانية

- ‌مدخل

- ‌مقدمة

- ‌قبول علماء مكة للدعوة السلفية

- ‌الأعمال الإصلاحية لحماة الدعوة السلفية بمكة

- ‌المذهب حقيقي للدعوة في الأصول والفروع

- ‌المذاهب وكتب التفسير والحديث لدى أصحاب الدعوة

- ‌المفتريات القديمة على رجال الدعوة

- ‌الشفاعة والحلف بغير الله والتوسل له

- ‌تكريم أهل البيت والتزاوج معهم

- ‌عذر الجهل والخطأ في شبهة الشرك

- ‌الجهل المانع عن التفكير

- ‌البدعة الشرعية والبدعة اللغوية

- ‌أنواع من البدع الحقيقية والإضافية وأقساهما

- ‌البدع الحسنة والسيئة

- ‌طريقة الصوفية

- ‌آراء العلماء والباحثين والمفكرين من الشرق والغرب يتحدثون بإعجاب عن الإمام وحقيقة دعوته السلفية

- ‌أراء العلماء والباحثين والمفكرين- أصوات من مصر المسلمة تؤيد دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب

- ‌الأستاذ الإمام محمد بن عبده رحمه الله

- ‌رأى الدكتور طه حسين

- ‌رأى الأستاذ العقاد

- ‌أصوات مسلمة منصفة من الشام تؤيد الدعوة والداعية وتباركها

- ‌مدخل

- ‌رأى الأمير شكيب أرسلان

- ‌رأي السيد محمد رشيد رضا

- ‌رأى محمد كرد علي

- ‌رأي خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام

- ‌رأي فيليب حتى في كتابه " تاريخ العرب

- ‌آراء الباحثين الأمريكيين والأروبيين

- ‌ رأي ستودارد الأمريكي

- ‌ رأي دائرة المعارف البريطانية:

- ‌ رأي عالم فرنسي:

- ‌ رأي المستشرق جب الإنجليزي:

- ‌الشعر يبارك الدعوة السلفية

- ‌رثاء الشيخ محمد بن على الشوكاني اليمنى للشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌قصيدة ابن رضوان

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌حديث نداء من انفلتت دابته يحبسها من سمعه

فالناجية من اتبع ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

الرابع: أن الوسيلة ليست هي أن ينادى العبد غير الله، ويطلب حاجته التي لا يقدر على وجودها إلا الرب تبارك وتعالى ممن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً، ولا حياة ولا نشوراً، وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه؛ كذلك من سرق التابوت والمعلق عليه من بيض النعام أو غيره.

ص: 69

‌حديث نداء من انفلتت دابته يحبسها من سمعه

إدعاء الإجماع على بدع القبوريين التوسل إلى بشيء من مخلوقاته

ومما استدل به علينا في جواز دعوة غير الله في المهمات قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن مسعود: "إذا انفلتت دابة أحدكم في أرض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوها"، وفي رواية "إذا أعيت فليناد يا عباد الله أعينوا"، وهذا من جملة الجهل والضلال، وإخراج المعاني عن مقاصدها من وجوه:

ص: 69

الأول: أن هذه ليست بوسيلة أصلا؛ إذ معنى الوسيلة ما يتقرب به من الأعمال إلى الله عزوجل وهذا ليس بقربة.

الثاني: أن الحديثين غير صحيحين، أما الأول فرواه الطبراني في الكبير بسند منقطع عن عقبة رضي الله عنه، وحديث انفلات الدابة عزاه النووي رحمه الله لابن السني، وفي إسناده معروف بن حسان قال ابن عدي: هو منكر الحديث، ولا دليل في هذين الحديثين مع ضعفهما ولا في الحديث المتقدم قبلهما على دعاء أصحاب القبور كعبد القادر الجيلاني من قطر شاسع، بل ولا من عند قبره، ولا ينادي غيره لا الأنبياء، ولا الأولياء، إنما غايته أن الله عز وجل جعل من عباده من لا يعلمهم إلا هو سبحانه 1 {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} 2 وإذا نادى شخصاً باسمه معيناً فقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونادى من لا يؤمر بندائه، وليس معنى الحديث في كل حركة وسكون وقيام وقعود، وإنما أبيح له ذلك إن أراد عوناً على حمل متاعه أو انفلتت دابته، وهذا مع تقدير صحة الحديث.

1 كذا والمتبادر أن النداء لمن عساه يوجد من الناس في الفلاة ولم يره وهو معتاد.

2 سورة المدثر الآية 31.

ص: 70

الثالث: أن الله تعالى قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} 1: بعد أن أكمله بفضله ورحمته، فلا يحل أن نخترع فيه ماليس منه، ونقيس ما لا يقاس عليه.

الرابع: أن الحديث الصحيح إذا شذ عن قواعد الشرع لا يعمل به، فإنهم قالوا: إن الحديث الصحيح الذي يعمل به إذا رواه العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ ولا علة، فكيف العمل بالحديث المتكلم فيه بما لا يدل عليه دلالة مطابقة ولا تضمن ولا التزام؟ فهذا هو البهتان.

الخامس: أنهم زعموا موافقتهم بذكر من يعتقدونه ونسوا الأفعال إليهم وكل واحد يذكر ما وقع له من الاستغاثة بفلان وأنه أنجده، وكشف شدته، فإذا قال أحد سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء سبحانك هذا بهتان عظيم، قاموا عليه وخرجوه وبدعوه، قالوا: معلوم أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزون، فإذا قال: نعم، ولكن ليس لأحد منهم ملكوت خردله والله يقول: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا

1 سورة المائدة الآية3.

ص: 71

لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} 1 فإن منهم من يدعي العلم والإنصاف وهو واسع الصدر، يقول هذه الآية نزلت في عبادة الأصنام. فإذا قيل له: الأصنام ود وسواع ويغوث ويعوق أسماء رجال صالحين، وهذه الخرق على التوابيت ودعوة الأموات هي فعل عباد الأصنام، وقرر أهل العلم أن العام لا يقصر على السبب مثلا أن نستحل أن لا نؤدي الأمانة، فإذا قيل: إن أدوا الأمانة فإن الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} 2 فلا يقال هذه نزلت في مفتاح باب الكعبة فلا يحتج بها عامة. كذلك لا يقال هذه نزلت في عباد الأصنام، ونفعل فعلهم ونقول: لسنا مشركين. وفي هذه الأحاديث القدسية عن خير البرية صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: "أنا والجن والإنس في نبأ عظيم: أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري" أخرجه الحاكم والترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء رضي الله عنه – أجاب بأن الأمة مطبقة على هذا والأمة لا تجتمع على ضلالة، فيلزمه تضليل الأمة وتسفيه الآباء، وجوابه: أما أن الأمة مطبقة على هذا فكذب عليها، هذه كتب الحديث والتفسير فيها لا يجوز أن يدعى غير الله عز وجل بما لا يقدر عليه إلا هو تعالى

1 سورة فاطر آيتا 13، 14

2 سورة النساء الآية 58.

ص: 72

ولا يباح، بل الآيات البينات والأحاديث، وأقول العلماء، ترشد أن هذا شرك محقق، والله تعالى يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} 1 ويقول: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} 2، والأحاديث ونصوص العلماء لا تخلف الكتاب.

السادس: أنه قد اختلفوا في التوسل إليه بشيء من مخلوقاته تعالى وتقدس هل هو مكروه أو حرام، والأشهر الحرمة كما قال به أبو محمد العز بن عبد السلام في فتاويه أنه لا يجوز التوسل إليه بشيء من مخلوقاته لا الأنبياء ولا غيرهم، وتوقف في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هل فيه الحرمة أو الكراهة، وتقدم قول أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله.

السابع: أنهم يشترون أولادهم ممن يعتقدونه، ويجعلون زوايا لمن يعتقدونه، ويجعلون فيها الطبول والبيارق والمزاهر ومطارق الحديد يضربون بها أنفسهم، وفيها جماعة ينسبون إلى ذلك المعتقد: كالعلوانية، والقادرية، والرفاعية، وهي أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، ويعبدون أنفسهم لهم، كعبد

1 سورة الأنعام الآية 151.

2 سورة الإسراء الآية 23.

ص: 73

فلان وفلان والله قد سلمانا المسلمين. قال الله تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} 1 في الكتب المنزلة كالتوراة والإنجيل "وفي هذا" القرآن، فاستبدلوا الذي أدنى بالذي هو خير. وإذا مرض هذا المشترى من المعتقد نذر أهله له النذور، ولم يزل يستغيث بأن يشقى سقمه، ويكف شدته، وهذا الأمر سرى في العلماء والجهال، وفي مكة أكثر وقد غلبت عليهم العوائد، وسلبت عقولهم عن تفهم المراد والمقاصد، من الكتاب والسنة، وكلام الأئمة، لم يجدوا هذا في كتاب فروع أحد منهم، ولا أصوله، صانهم الله عن هذه الوصمة، فما استدلوا به مما تقدم لا يكون دليلا على التوسل بالأموات المعلوم حالهم أنهم في أعلى الجنان، فكيف غيرهم ممن لا يعلم حالة في الآخرة، ولا يدري أين مآله، كيف يكون دليلا على دعوة غير الله في المهمات، ويقال الوسيلة ويستدل لها بهذا {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} 2 وتحريف للكلم عن مواضعه.

1 سورة الحج الآية 78.

2 سورة النور الآية 16.

ص: 74