الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
راحلة، وما كان الله ليترك مجاهداً في سبيل دينه، فقيض له رجلاً من أهل الزبير وهي بلدة عراقية أكثر سكانها نجديون، فأعانه وحمله على دابته حتى خرج من هده البلدة.
وفكر الشيخ بعد ذلك في مواصلة الرحلة إلى بلاد الشام لعله يجد فيها خيراً مما لقي بالعراق، ولكن الله أراد أن يريحه من سفر قد لا يحصل منه على فائدة تذكر، ففقد ما كان معه من مال، وقفل راجعاً إلى بلاد نجد، ونزل بالأحساء، وأقام مدة لدى الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الأحسائي من رجال الدين والعلم بها، وكان والد الإمام قد انتقل من العيينة إلى حريملاء بعد نزاع نشب بينه وبين حاكم قريته محمد بن معمر أدى إلى عزله عن قضائها، فرحل الإمام إلى أبيه وأقام معه في بلدته الجديدة.
تنفيذ الدعوة ومراحلها:
بدأ الشيخ دعوته في حريملاء ولم تلق هناك نجاحاً يذكر، ولكنه لم ييأس ولم يقنط، وظل يدرس ويرشد ويعظ حتى مات والده في عام 1153هـ-1740م، وهنا أعلن دعوته وجدّ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتبعه بعض أهلها وأيدوه، ولكن كان بحريملاء قبيلة يتبعها جماعة من الجهال يعيثون في الأرض فساداً، ويجاهرون بالفسق والمعاصي، فهتف الشيخ بهم ونادى بوجوب ردعهم وتنفيذ
حكم الشرع فيهم، فأضمروا له البغضاء، وحاولوا الفتك به، فحماه الله منهم وردهم على أعقابهم.
ولم يطلب للشيخ مقام بحريملاء بعد هذا الحادث، فانتقل إلى مسقط رأسه بالعيينة، وتلقاه أميرها عثمان بن أحمد بن معمر بالترحيب، وعاونه في دعوته وتوثقت بينهما أواصر الثقة والمحبة خصوصا بعد أن أصهر الشيخ إلى أسرته، وقد تبعه كثير من الأهالي، ثم شرع في تنفيذ مبادئه علمياً، فاستأجر أناساً ليقوموا بقطع الأشجار التي يعظمها العامة، ثم خرج بنفسه إلى كبراهن فقطعها، ولا بد للشيخ أن يمضي في طريقه بلا وجل ولا تردد، فاتجه بنفسه إلى قبه قبر "زيد بن الخطاب" رضي الله عنه بقرية "الجبيلة" وأعد العدة لهدمها، فاستعان بعثمان لحمايته فاستجاب له، ولكنه أبى أن يتولى الهدم هو أو أحد من رجاله، فتقدم الشيخ وهدمها بنفسه حتى أتى عليها ومضى في سياسته العلمية "فأقام حد الزنى، ونفذ أحكام الشريعة" ومن ثم اشتهر أمره وعظمت هيبته، وأقبل كثير من الناس عليه مبايعين معاهدين.