الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: حماية الرسول صلى الله عليه وسلم توحيد الأسماء والصفات
.
توحيد الأسماء والصفات أحد أنواع التوحيد الذي بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إليه، ودعا إليه الأنبياء والرسل جميعاً قبله عليهم الصلاة والسلام.
وهو توحيده سبحانه وإفراده عز وجل بإثبات ما أثبته لنفسه في كتابه الكريم وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة من الأسماء الحسنى والصفات العليا على ما يليق بجلاله وعظيم سلطانه من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل.
وقد أنزل الله عز وجل كتابه الكريم بياناً وهدى للناس كما قال جل شأنه: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} 1.
وتوحيده سبحانه والإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أعظم الأشياء وأهمها وأولاها، وقد بينها سبحانه أعظم بيان وأتمه وأكمله.
1 الآية (89) من سورة النحل.
كما بين ذلك ووضحه على أكمل وجه وأتمه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال له ربه تبارك وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} 1.
وقال له كذلك: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَاّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} 3.
وأدلة التوحيد وبيانه أعظم الهدى، وهو الذي وقع فيه الاختلاف، وقد بين ذلك رسوله بما لا مجال للشك أو اللبس فيه لمن رزقه الله فقها في الدين، واتباعا لسبيل المؤمنين، كما ختم الآية الكريمة بقوله سبحانه:{وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .
1 الآية (44) من سورة النحل.
2 الآية (67) من سورة المائدة.
3 الآية 64 من سورة النحل.
4 الآيتان 15، 16 من سورة المائدة.
وكقوله سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَاراً} 1.
وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسالة وأدرى الأمانة، وجاهد في الله حق الجهاد، حتى أتاه اليقين، وأول ذلك وأهمه توحيد الله تبارك وتعالى، والإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وما مات عليه الصلاة والسلام حتى أكمل الله الدين وأتم به النعمة، وترك الناس على المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر الفقر ونتخوفه فقال:: "آلفقر تخافون؟ والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إلا هيه، وأيم الله فقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء"2.
وأساس الدين ومفتاحه وقاعدته توحيد الله تعالى، ومعرفته بأسمائه وصفاته، والله عز وجل قد بين ذلك ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فمن المحال في العقل والدين أن يكون السراج المنير، الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأنزل معه الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وأمر الناس أن يردوا ما
1 الآية 82 من سورة الإسراء.
2 سنن ابن ماجة 1/6 حديث حسن.
تنازعوا فيه من أمر دينهم إلى ما بعث به من الكتاب والحكمة، وهو يدعو إلى الله وإلى سبيله بإذنه على بصيرة.
وقد أخبر الله بأنه أكمل له ولأمته دينهم، وأتم عليهم نعمته – محال مع هذا وغيره – أن يكون قد ترك باب الإيمان بالله والعلم به ملتبسا مشتبها لم يميز بين ما يجب لله من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وما يجوز عليه، وما يمتنع عليه، فإن معرفة هذا أصل الدين، وأساس الهداية، وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب، وحصلته النفوس، وأدركته العقول، فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك الرسول، وأفضل خلق الله بعد النبيين لم يحكموا هذا الباب اعتقادا وقولا؟.
ومن المحال أيضا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم، وقد علم أمته كل شيء حتى الخراءة1 وقال:"إني قد تركتم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك" 2، وقال فيما صح عنه أيضا:"ما بعث الله من نبي ولا رسول إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم"3.
وقال أبو ذر رضي الله عنه: "لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما من طائر يطلب جناحه في السماء إلا ذكر لنا منه علما ".
1 الخراءة: آداب دخول الخلاء والخروج منه.
2 سنن ابن ماجة 1/16، وصحيح ابن ماجة للألباني 1/6 وقال عنه: حسن.
3 صحيح مسلم بشرح النووي 12/233.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه "1.
ومحال مع تعليمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين وإن دقت، أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم، ويعتقدونه في قلوبهم في ربهم ومعبودهم، رب العالمين الذي معرفته غاية المعارف، وعبادته أشرف المقاصد، والوصول إليه غاية الطالب.
بل هذه خلاصة الدعوة النبوية، وزبدة الرسالة الإلهية، فكيف يتوهم من في قلبه أدنى مسكة من إيمان وحكمة أن لا يكون بيان هذا الباب قد وقع من الرسول صلى الله عليه وسلم على غاية التمام، ثم إذا كان قد وقع ذلك منه، فمن المحال أن يكون خير أمته، وأفضل قرونها قصروا في هذا الباب زائدين فيه أو ناقصين عنه "2.
وقد نقلت كلام شيخ الإسلام ابن تيمية هذا نظرا لما اشتمل عليه من بيان أهمية هذا النوع من التوحيد، وما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيله من بيان له وحماية لحماه، ولم يقصر فيه أو يتركه لآراء الناس واجتهاداتهم.
وإليك أمثلة يسيرة مما ورد في كتاب الله الكريم وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في بيان أسماء الله عز وجل وصفاته، لنرى كيف بين رسول الله صلى الله عليه وسلم الطريق
1 البخاري مع الفتح 6/286.
2 ابن تيمية – الفتوى الحموية الكبرى ص 11،12.
المستقيم في هذا الباب – باب الإيمان بأسماء الله وصفاته – أتم بيان مما أنزل الله تعالى عليه من الكتاب والحكمة.
قال تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1.
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من حفظها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر"3.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب مسلما قط همّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله عنه همه، وأبدله مكان
1 الآية 180 من سورة الأعراف.
2 الآية 110 من سورة الإسراء.
3 البخاري مع الفتح 5/354.
همه فرحا"، قالوا: يا رسول الله ِألا نتعلم هذه الكلمات؟ قال: "بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" 1.
فدل الحديث الأول على عدد أسماء الله الحسنى التي من حفظها دخل الجنة وأجر من حفظها، ودل الحديث الثاني على أن هناك أسماء أخرى أكثر من هذا العدد، وهو الصحيح والله أعلم.
وإنما المراد بالحصر في الحديث الأول أن من أحصى هذه الأسماء دخل الجنة وليس المراد حصر الأسماء في هذا العدد الوارد في الحديث، كما دل على ذلك الحديث الثاني – حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه – وغيره من الأحاديث والله أعلم.
وقد جاءت هذه الأسماء الحسنى والصفات العليا في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن الأمثلة على أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى:"الله، الأحد، الصمد".
قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} 2.
وهذه السورة العظيمة اشتملت على عدد من أسماء الله تعالى وصفاته عز وجل ردا على الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صف لنا ربك.
1 مسند الإمام أحمد 1/391. وصححه الألباني.
2 سورة الإخلاص.
وأخبر عليه الصلاة والسلام أنها تعدل ثلث القرآن كما روى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن". قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: "قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن"1.
ومنها: هذه الأسماء في قوله عز وجل: 2.
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كا {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ن يقول إذا آوى إلى فراشه: "اللهم رب السماوات ورب الأرض رب كل شيء فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء"زاد وهب: "اقض عني الدين وأغنني من الفقر"3.
ومنها: "الخالق":
قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} 4.
1 صحيح مسلم بشرح النووي 6/94
2 الآية 3 من سورة الحديد.
3 مسلم بشرحه 17/36.
4 الآية 62 من سورة الزمر.
وقال جل شأنه: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 2.
وآيات أخرى كثيرة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: "خلق الله التربة يوم السبت، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل" 3.
ومنا: "الملك والمليك "وهما بمعنى واحد:
قال الله تبارك وتعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} 4.
وقال عز وجل: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقّ} 5
وقال جل شأنه: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} 6.
1 الآية 3 من سورة فاطر.
2 الآية 54 من سورة الأعراف.
3 صحيح مسلم بشرح النووي 17/133.
4 الآية 23 من سورة الحشر.
5 الآية 116 من سورة المؤمنون.
6 الآية 55 من سورة القمر.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقبض الله تعالى الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض"1.
واسم الملك: يجمع المالك والملك والمليك2، وقد وردت الأحاديث بهذه الأسماء جمعيا.
والآيات كثيرة في إثبات أسماء الله الحسنى، ومنها آيات جمعت أسماء كثيرة منها، مثل آية الكرسي، وأول سورة الحديد، وآخر سورة الحشر، وكذلك الأحاديث الكثيرة جاءت تثبت ذلك، ليس هذا محل استقصائها.
ومن الأمثلة على صفاته العليا سبحانه وتعالى:
صفة الكلام:
قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} 3.
وقال عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} 4.
وقال سبحانه: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} 5.
1 صحيح البخاري مع الفتح 8/551.
2 انظر كتاب التوحيد لابن منده، ت: د. علي بن محمد ناصر فقيهي 2/54.
3 الآية 353 من سورة البقرة.
4 الآية 164 من سورة النساء.
5 الآية 143 من سورة الأعراف.
وقال جل شأنه: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} 1.
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال الحق وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض – ووصف سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه – فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا، فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء"2.
ومنها: الاستواء:
قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 3.
1 الآية 51 من سورة الشورى.
2 تقدم تخريجه ص 365.
3 الآية 5 من سورة طه.
وقال تبارك اسمه: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} 2.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة هاجر في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها"، قالوا: يا رسول الله، أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال:"إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة"3.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب: "لا إله الله العليم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم" 4.
1 الآية 4 من سورة السجدة.
2 الآية 59 من سورة الفرقان.
3 البخاري مع الفتح 13/404.
4البخاري مع الفتح 13/405.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يصعقون يوم القيامة، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش"1.
ومنها: اليد والأصابع:
قال الله تبارك وتعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم} 2.
وقال سبحانه: {يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ} 3
وقال عز وجل: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} 4.
وقال جل شأنه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه} 5.
والآيات في ذلك كثيرة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يد الله ملآى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار". وقال: "أرأيتم ما أنفق الله منذ خلق
1صحيح البخاري مع الفتح 13/405، وصحيح مسلم بشرح النووي 15/132.
2 الآية 10 من سورة الفتح.
3 الآية 75 من سورة ص.
4 الآية 71 من سورة يس.
5 الآية 67 من سورة الزمر.
السماوات والأرض، فإنه لم يغض ما في يده، وقال: عرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع" 1.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يقبض يوم القيامة الأرض، وتكون السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك"2.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المقسطين على منابر من نور، عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا"3.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل الله في السماء الدنيا لشطر الليل، أو لثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له ويسألني فأعطيه، ثم يبسط يديه تبارك وتعالى ويقول: من يقرض غير عدوم ولا ظلوم"4.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن يهوديا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا محمد، إن الله يمسك السماوات على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم
1 صحيح البخاري مع الفتح 3/393.
2 صحيح البخاري مع الفتح 3/393.
3 صحيح مسلم بشرح النووي 3/1458.
4 صحيح مسلم بشرح النووي 3/176.
قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} 1،2.
والأحاديث في هذا كثيرة جدا كلها تثبت هذه الصفة لله سبحانه على ما يليق بجلاله عز وجل ولا يدع مجالا لشاك أو متردد، ولا ينكره إلا منحرف مكابر.
والأمثلة كثيرة من أسماء الله الحسنى وصفاته العليا وأدلتها الثابتة بكتاب الله الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واضحة بينة، وتلقاها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمنوا بها مقتدين برسول الله مهتدين بهديه، وساروا على الصراط المستقيم الذي بينه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان نورا وهدى لمن بعدهم من التابعين لهم بإحسان الذي ساروا على هذا الصراط المستقيم، والسبيل القويم، في إيمان صادق وثبات عليه وطمأنينة به. وزاغت عن هذا السبيل أبصار أقوام وبصائرهم فتخبطوا واختلفوا وحرفوا وأولوا وعطلوا وشبهوا، فاختلفوا وتفرقوا، وهدى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه سبحانه وتعالى، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: "وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة
…
الحديث "3.
1 الآية 67 من سورة الزمر.
2 صحيح البخاري مع الفتح 13/393.
3 سنن الترمذي 3/367، وسنن ابن ماجة 2/479، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/364.
وقد بين ذلك عليه الصلاة والسلام أتم بيان وسار على هديه من بعده أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وأتباعهم بإحسان.
ومع هذا البيان الواضح في كلام الله تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وهما المنبع الأصيل لهذا الدين الحنيف، وما بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا السبيل وما بذل أصحابه رضي الله عنهم مع ذلك كله، فقد خرجت عن هذا الصراط المستقيم فرق وطوائف نتيجة لتحكيم العقول القاصرة، والأفهام المختلفة وتقديمها على كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وفهمت خلاف ما فهمه خير الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، فمنهم من أنكر أسماء الله عز وجل وصفاته فشبهه بالعدم كالجهمية ومن سار في طريقهم، ومنهم من أثبت الأسماء وأنكر الصفات كالمعتزلة، ومنهم من أنكر بعض الصفات كالأشاعرة ومن وافقهم، وغيرها من الفرق التي انحرفت في الفهم عن الحق والصراط المستقيم، وخالفت سلف الأمة من الصحابة الذين رضي الله عنه ورضوا عنه، ومن تبعهم بإحسان، ورأوا أن هذا الفهم المنحرف، والفكر المعوج هو غاية التوحيد لله سبحانه الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده، ومن خالفه لم يعرف التوحيد وقد أوقع نفسه في الشرك بالله تعالى، فكانوا كما قال الله تبارك وتعالى:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} 1.
1 الآية 8 من سورة فاطر.
ولكن هذه الأهواء المعوجة، والأفهام المنحرفة، وإن أعجب بها أهلها لا تثبت أمام الحق المبين المعتمد على العلم والفهم الصحيح المستمد من كتاب الله تعالى والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل:{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} 1.
وكما قال جل شأنه: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} 2.
وكما قال عز وجل: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} 3 فالناس قسمان: أهل علم بما أنزل الله تعالى، وفهم صحيح مستقيم، وأهل عمى حرموا العلم والفهم الصحيح4.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإذا افتقر العبد إلى الله ودعاه وأدمن النظر في كلام الله وكلام رسوله وكلام الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين، انفتح له طريق الهدى، ثم إن كان قد خبر نهايات إقدام المتفلسفة والمتكلمين في هذا الباب، وعرف أن غالب ما يزعمونه برهانا
1 الآية 14 من سورة محمد.
2 الآية 17 من سورة الرعد.
3 الآية 19 من سورة الرعد.
4 انظر مفتاح دار السعادة ص 88.
هو شبهة، ورأى أن غالب ما يعتمدونه يؤول إلى دعوى لا حقيقة لها، أو شبهة مركبة من قياس فاسد، أو قضية كلية لا تصح إلا جزئية، أو دعوى إجماع لا حقيقة له، أو التمسك في المذهب والدليل بالألفاظ المشتركة.
ثم إن ذلك إذا ركب بألفاظ كثيرة طويلة غيبة عمن لم يعرف اصطلاحهم – أوهَمَت الغر ما يوهمه السراب للعطشان – ازداد إيمانا وعلما بما جاء به الكتاب والسنة فإن "الضد يظهر حسنه الضد" وكل من كان بالباطل أعلم كان للحق أشد تعظيما، وبقدره أعرف إذا هدي إليه إلى أن قال رحمه الله:"ومن كان عليما بهذه الأمور: تبين له بذلك حذق السلف وعلمهم وخبرتهم حيث حذروا عن الكلام ونهوا عنه، وذموا أهله وعابوهم، وعلم أن من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد من الله إلا بعدا"1.
ومن حفظ الله تعالى لدينه قيض له رجالا من العلماء العاملين المخلصين، بينوا للناس الحق، ودعوهم إليه، وردوا على المخالفين باطلهم، وكشفوا زيفهم وكذبهم وانحرافهم، وزادوا عن حمى هذه العقيدة، مقتدين برسولهم صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ومنهم إمام دار الهجرة الإمام مالك ،وإمام أهل السنة الإمام أحمد، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من العلماء على مر السنين، تحقيقا لبشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي
1 ابن تيمية الفتاوى 5/118-120.
ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" 1. وكما جاء في الحديث عن عون بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار"، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: "الجماعة" 2.
والجماعة: ما وافق الحق وهم الكثرة وإن قلوا، والحق في اتباع الكتاب والسنة. والكلام حول الانحراف في توحيد الأسماء والصفات ذو شجون ليس هذا مقام التفصيل فيه، ولكن الذي يهمنا معرفته أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين ما يجب على الإنسان المسلم أن يعتقده في ربه وما يصفه به، غاية البيان وأوضحه غاية الإيضاح بما لا يدع مجالا لإعمال فكر أو إمعان رأيه إلا في تأمل عظمة الخالق وأنه سبحانه لا مثل له ولا شبيه ولا نظير، فكل عقل أو فهم قاصر عن إدراك كنهه وكيفيته، ولكن الواجب الحتمي معرفة أنه له الأسماء الحسنى والصفات العلى، أما المتكلمون فمهما تفلسفوا فهم مفلسون بشهادتهم على أنفسهم، إذ أن مشاهيرهم اعترفوا
1 البخاري مع الفتح 6/632، ومسلم بشرح النووي 13/65، واللفظ له.
وقد ورد بأكثر من رواية في الصحيحين.
2 صحيح سنن الترمذي 2/364.
في نهاية أمرهم بالإفلاس والحيرة وعدم العلم، لأنهم لم يسلكوا طريقه الصحيح، فهذا إمام الحرمين يقول:
"ركبت البحر الأعظم، وغصت في كل شيء نهى عنه أهل العلم في طلب الحق فرارا من التقليد، والآن فقد رجعت، واعتقدت مذهب السلف".
وقال عند موته: "يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أنه يبلغ بي ما بلغت ما تشاغلت به "
والرازي يقول في كتابه "أقسام اللذات ":
نهاية إقدام العقول عقال
…
وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا
…
وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا
…
سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
إلى آخر الأبيات....
ثم يقول: لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن.. إلى آخر كلام.
والغزالي انتهى إلى الحيرة، ثم رجع عن ذلك وأقبل على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وغيرهم كثير.
كما وصفهم الشهرستاني بقوله:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها
…
وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر
…
على ذقن، أو قارعا سن نادم1
ولا ريب أن هذه النهاية هي التي تنتظر كل من أعرض عن كلام الله تبارك وتعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وقدم عليهما عقله القاصر، وفهمه العاجز، قال تعالى:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} ،ومن كان هذا حاله فهو هالك خاسر ولا يظلم ربك أحدا، نسأل الله الفقه في الدين والثبات على الحق.
1 انظر فتح الباري للحافظ ابن حجر 13/350، وشرح الطحاوية ص 208،209.
الخاتمة
وهكذا يتم هذا البحث بتوفيق من الله وعون منه، وقد توصلت من خلاله إلى نتائج عدة أهمها:
أولا: أن التوحيد مع وضوح معناه وظهور أدلته من كتاب الله الكريم، والثابت من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والفهم الصحيح لدى الصحابة رضي الله عنهم، مع هذا كله، وجدت طوائف ضلت عن هذا السبيل القويم في معنى التوحيد، وأن السبب الأول في ذلك الاعتماد على العقل وحده وتقديمه على نصوص الكتاب والسنة.
ثانيا: أن الناس مفطورون على الإسلام وتوحيد الله عز وجل، والشرك والانحراف طارئ فيهم ودخيل عليهم.
ثالثا: أن الدعوة إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة كانت أول ما دعا إليه الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وأن دعوتهم إلى ذلك متفقة وإن اختلفت فيما سوى ذلك.
رابعا: تشابه صورة الشرك ومنطق أهله وإن تباعدت الأزمنة، وتغايرت الأمكنة واختلفت اللغات.
خامسا: أن بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام تكون إذا اندرست معالم التوحيد وظهر الشر في الناس.
سادسا: أن توحيد الألوهية والعبادة كان محور دعوة الرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام.
سابعا: أن التوحيد أول واجب على العبد، وخطأ من قال غير ذلك لمخالفته نصوص الكتاب والسنة.
ثامنا: أن الفترة المكية من دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في الدعوة إلى التوحيد وترسيخ العقيدة في نفوس المؤمنين، وإنقاذهم من الشرك وأهله.
تاسعا: أن الفترة المدنية من دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت نشرا لهذه العقيدة في الناس وجهادا في سبيلها، وحماية لها ولأهلها، وبيانا يما يضادها ويخالفها.
عاشرا: أن تقسيم التوحيد ليس أمرا مستحدثا، بل دل عليه القرآن الكريم، والعلماء استنبطوا ذلك وبينوه للناس منذ القرون الأولى.
الحادي عشر: أن المشركين كانوا يقرون ويعترفون بربوبية الله عز وجل، ولم ينفعهم ذلك لعدم تحقيقهم لتوحيد الألوهية.
الثاني عشر: وجود من أنكر ربوبية الله تعالى وجحدها ظاهرا، مع اعترافه بذلك في قرارة نفسه.
الثالث عشر: أن بيان القرآن الكريم للربوبية من أول أهدافه الدعوة إلى الألوهية.
الرابع عشر: خطأ من جعل توحيد الربوبية هو المطلب الأول، إذ المشركون كانوا يقرون بذلك فلم ينفعهم ولم يخرجهم من الكفر، ولو كان الأمر كذلك لما بعث الرسل وأنزلت الكتب.
الخامس عشر: أن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت كلها تدور حول تحقيق التوحيد، وحماية حماه والتحذير الشديد من الشرك بجميع أنواعه وسد الذرائع الموصلة إليه، وإن لم تكن شركا في نفسها.
السادس عشر: أن الغلو كان وما يزال هو الباب الأول إلى الشرك، ولهذا شدد الرسول صلى الله عليه وسلم في التحذير منه، وسد الطرق الموصلة إليه كالتنطع والاطراء.
السابع عشر: أن اتخاذ القبور مساجد بجميع معانيه، موجود في الناس قديما وحديثا وهو من أعظم الشرك الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في آخر رمق من حياته.
الثامن عشر: أن الجهل بالدين، والانحراف عن الفهم الصحيح له، هما أهم أسباب وقوع كثير من الناس في الشرك.
التاسع عشر: ظهور ما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور تدخل حمى التوحيد.
العشرون: أن حماية حمى التوحيد من الشرك وذرائعه، أهم ما كان يعنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ويجب أن تكون أهم ما يعني به كل مسلم دعوة، وبيانا، وجهادة وحماية.
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرد المسلمين إلى عقيدتهم ردا جميلاً، وأن يحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وآخر دعوانا أن الحميد لله رب العالمين.