الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي ذكر من تزوج ببناته صلى الله عليه وسلم
وَهن أَربع زَيْنَب تزَوجهَا أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع بن عبد الْعُزَّى بن عبد شمس وَهُوَ ابْن خَالَتهَا أمه هَالة بنت خويلد أُخْت خَدِيجَة وَكَانَت خَدِيجَة أشارت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم بزواجها مِنْهُ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم لَا يُخَالِفهَا وَذَلِكَ قبل أَن ينزل عَلَيْهِ وَكَانَ من رجال مَكَّة الْمَعْدُودين فِي المَال وَالتِّجَارَة وَالْأَمَانَة وَلما بَادر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قُريْشًا بِأَمْر الله جَاءُوا إِلَى أبي الْعَاصِ وَقَالُوا لَهُ فَارق صَاحبَتك وَنحن نُزَوِّجك بِأَيّ امْرَأَة شِئْت فَقَالَ لَا أُفَارِق صَاحِبَتي وَمَا يسرني أَن لي بامرأتي أفضل من قُرَيْش
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت كَانَ الْإِسْلَام قد فرق بَين زَيْنَب وَبَين أبي الْعَاصِ حِين أسلمت إِلَّا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يقدر على أَن يفرق بَينهمَا وَكَانَ مَغْلُوبًا بِمَكَّة
وَلما أسر الْمُسلمُونَ أَبَا الْعَاصِ أرسل إِلَى زَيْنَب خذي لي أَمَانًا من أَبِيك فَخرجت فاطلعت رَأسهَا من بَاب حُجْرَتهَا وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقَالَت أَيهَا النَّاس أَنا زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرت أَبَا الْعَاصِ
فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (أَيهَا النَّاس أعلم إِنِّي لم أعلم بِهَذَا حَتَّى سمعتموه إِلَّا وَإنَّهُ يجير على الْمُسلمين أَدْنَاهُم)
وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رد زَيْنَب على أبي الْعَاصِ بِمهْر وَنِكَاح جَدِيد وَولدت زَيْنَب لأبي الْعَاصِ عليا مَاتَ صَغِيرا وأمامة الَّتِي حملهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة وَعَاشَتْ حَتَّى تزَوجهَا عَليّ بعد موت فَاطِمَة فَكَانَت عِنْده حَتَّى أُصِيب فخلف عَلَيْهَا الْمُغيرَة بن يزِيد بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب فَتُوُفِّيَتْ عِنْده
فَاطِمَة تزَوجهَا عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه فِي الْإِسْلَام فَولدت لَهُ حسنا ومحسنا وَحسَيْنا فَذهب محسن صَغِيرا وَولدت رقية وَزَيْنَب وَأم كُلْثُوم فَهَلَكت رقية وَلم تبلغ وَتزَوج زَيْنَب عبد الله بن جَعْفَر فَمَاتَتْ عِنْده وَولدت لَهُ عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر وَتزَوج أم كُلْثُوم عمر بن الْخطاب فَولدت لَهُ زيد بن عمر ثمَّ خلف عَلَيْهَا بعده عون بن جَعْفَر فَلم تَلد لَهُ شَيْئا حَتَّى مَاتَ وَخلف عَلَيْهَا بعد عون مُحَمَّد بن جَعْفَر فَولدت لَهُ جَارِيَة وَمَات عَنْهَا فخلف عَلَيْهَا عبد الله بن جَعْفَر فَلم تَلد لَهُ شَيْئا وَمَاتَتْ عِنْده وَقيل توفى عَنْهَا
رقية تزَوجهَا عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه فَولدت لَهُ عبد الله وَبِه كَانَ يكنى ثمَّ كنى بِأبي عَمْرو بعد ذَلِك ويكل كَانَ يكنى وَكَانَت قبله عِنْد عتبَة بن أبي لَهب وَلم يبن بهَا حَتَّى بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى عَلَيْهِ {تبت يدا أبي لَهب وَتب} وَآمَنت رقية قَالَت لَهُ أمه جميلَة بنت حَرْب بن أُميَّة حمالَة الْحَطب طَلقهَا يَا بني فَإِنَّهَا قد صبَّتْ فَطلقهَا فخلف عَلَيْهَا عُثْمَان بن عَفَّان
وَقيل إِن نِكَاح عُثْمَان كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَهَاجَر عُثْمَان إِلَى أَرض الْحَبَشَة وَهَاجَر بهَا مَعَه وَتوفيت رقية يَوْم جَاءَ زيد بن حارثه بشيرا بِفَتْح بدر جَاءَ وَعُثْمَان وَاقِف على قبر رقية يدفنها
وَكَانَ تمريضها مَنعه من شُهُود بدر وَضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِسَهْم من غنيمتها
وروى أَنه صلى الله عليه وسلم لما عزى بابنته رقية قَالَ الْحَمد لله (دفن الْبَنَات من المكرمات)
أم كُلْثُوم تزَوجهَا عُثْمَان بعد موت أُخْتهَا رقية وَكَانَت قبله عِنْد عتيبة بن أبي لَهب خي عتبَة زوج رقية فَلَمَّا نزلت {تبت يدا أبي لَهب وَتب} قَالَ أَبُو لَهب رَأْسِي من رؤوسكما حرَام إِذا لم تطلقَا ابْنَتي مُحَمَّد فطلقاهما وَلم يبنيا بهما
وَجَاء عتيبة حِين فَارق أم كُلْثُوم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ كفرت بِدينِك وَفَارَقت ابْنَتك وسطا عَلَيْهِ وشق قَمِيص النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أما إِنِّي أسأَل الله إِن يُسَلط عَلَيْك كَلْبا من كلابه
وَكَانَ خَارِجا إِلَى الشَّام تَاجِرًا مَعَ نفر من قُرَيْش حَتَّى نزلُوا مَكَانا من الشَّام يُقَال لَهُ الزَّرْقَاء لَيْلًا فأطاف بهم الْأسد تِلْكَ اللَّيْلَة فَجعل عتيبة يَقُول يَا ويل أمه هُوَ وَالله أكله بدعوة مُحَمَّد قاتلي ابْن أبي كَبْشَة وَهُوَ بِمَكَّة وَأَنا بِالشَّام
وَقَالَ أَبُو لَهب يَا معشر قُرَيْش أعينوني هَذِه اللَّيْلَة فَإِنِّي أَخَاف دَعْوَة مُحَمَّد فَجمعُوا أحمالهم ففرشوا لعتيبة فِي أَعْلَاهَا وناموا حوله فَقيل إِن الْأسد انْصَرف عَنْهُم حَتَّى نَامُوا وعتيبة فِي وَسطهمْ ثمَّ أقبل الْأسد يَتَخَطَّاهُمْ ويتشممهم حَتَّى أَخذ بِرَأْس عتيبة فقدعه وَلم تَلد أم كُلْثُوم لعُثْمَان شَيْئا وَقيل ولدت لَهُ فَلم يَعش مِنْهَا وَلَا من أُخْتهَا لَهُ ولد وَتوفيت عِنْده فِي شعْبَان سنة تسع وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لَو كَانَت عندنَا ثَالِثَة زَوَّجْنَاكهَا يَا
عُثْمَان) وَجلسَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم على قبرها قَالَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن زُرَارَة فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ تدمعان وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (هَل مِنْكُم أحد لم يقارف اللَّيْلَة أَهله قَالَ أَبُو طَلْحَة أَنا يَا رَسُول الله قَالَ انْزِلْ يَعْنِي فوارها