المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ القسم الثاني: ما ورد في فضائل جماعة منهم، وغيرهم - الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة - جـ ٤

[سعود بن عيد الصاعدي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث الأحاديث الواردة في تفصيل فضائل الصحابة رضي الله عنهم على الأعيان

- ‌الفصل الأول الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة من الرجال

- ‌المبحث الأول ما ورد في ما اشترك فيه جماعة منهم

- ‌ المطلب الأول: ما ورد في فضائل العشرة المبشرين بالجنة

- ‌ القسم الأول: ما ورد في فضائلهم جميعا

- ‌ القسم الثاني: ما ورد في فضائل جماعة منهم، وغيرهم

- ‌ المطلب الثاني: ما ورد في فضائل الخلفاء الأربعة الراشدين(1)، وغيرهم

- ‌المطلب الثالث: ما ورد في فضائل أبي بكر، وعمر، وعثمان - جميعًا -، وغيرهم

- ‌ المطلب الرابع: ما ورد في فضائل أبي بكر، وعمر، وعلي - جميعا

- ‌ المطلب الخامس: الأحاديث الواردة في فضائل أبي بكر، وعمر - كليهما -، وغيرهما

- ‌المطلب السادس: ما ورد في فضائل علي، وعمار، وسلمان، والمقداد بن الأسود - جميعًا - وغيرهم

- ‌المطلب السابع: ما ورد في فضائل علي، وجعفر، وزيد - جميعا

- ‌المطلب الثامن: ما ورد في فضل علي، وعاصم بن ثابت، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصمة - جميعا

- ‌المطلب التاسع: ما ورد في فضائل علي، وفاطمة، وجماعة غيرهما

- ‌ المطلب العاشر: ما ورد في فضائل علي، والحسنين، وفاطمة

- ‌ القسم الأول: ما ورد في فضائلهم جميعًا

- ‌ القسم الثاني: ما ورد في فضائل علي، والحسنين

- ‌ القسم الثالث: ما رود فضائل الحسنين، وفاطمة

- ‌القسم الرابع: ما ورد في فضائل الحسنين، كليهما

الفصل: ‌ القسم الثاني: ما ورد في فضائل جماعة منهم، وغيرهم

-‌

‌ القسم الثاني: ما ورد في فضائل جماعة منهم، وغيرهم

568 -

[10] عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد قيل له في قصة وفاته: أوص يا أمير المؤمنين، استخلف، قال: (مَا أجدُ أحقَّ بهَذَا الأمرِ منْ هؤُلاء النَّفَرِ - أوْ الرَّهْط -

(1)

، الَّذِيْنَ تُوفِّي رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهُو عَنْهُمْ رَاض)، فسمّى:(عليًا، وعثمانَ، والزّبيرَ، وطلحةَ، وسعدًا، وعبدَ الرَّحمن)

(2)

.

(1)

الرهط: ما دون العشرة. وقيل: إلى الأربعين، ولا تكون فيهم امرأة. ولا واحد له من لفظه. - انظر: النهاية (باب: الراء مع الهاء) 2/ 283.

(2)

فجعل - رضى الله عنه - الخلافة شورى في هؤلاء الستة. . . وقصة البيعة في ذلك لعثمان - رضى الله عنه - مشهورة معلومة، ورد في بعض طرقها قول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه:(إني رأيت الناس لا يعدلون بعثمان)، فبايعه: علي، وعبد الرحمن، وسائر الستة، والمسلمين، بيعة رضى واختيار، من غير رغبة أعطاهم إياها، ولا رهبة خوفهم ها. وهذا إجماع من الصحابة على تقديم عثمان على علي - رضى الله عنهما -؛ فلهذا قال أيوب السختياني، والإمام أحمد، وأبو الحسن الدارقطني:(من قدم عليًا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين، والأنصار) اهـ؛ فإنه إن لم يكن عثمان رضي الله عنه أحق بالتقديم وقد قدموه كانوا: إما جاهلين بفضله، وإما ظالمين بتقديم المفضول من غير ترجيح ديني. . ومن نسبهم إلى الجهل، والظلم فقد أزرى بهم. ولو زعم زاعم أنهم قدموا عثمان - رضى الله عنه - لضغن كان في نفس بعضهم على على - رضى الله عنه -، وأن أهل الضغن كانوا ذوي شوكة، ونحو ذلك مما يقوله أهل الأهواء فقد نسبهم إلى العجز عن القيام بالحق، وظهور أهل الباطل منهم على أهل الحق. وهذا وهُم في أعز ما كانوا، وأقوى ما كانوا؛ فإنه حين مات عمر رضي الله عنه كان الإسلام من القوة، والعز، والظهور، والاجتماع، والائتلاف فيما لم يصيروا في مثله قط. وكان عمر رضي الله عنه أعز أهل الإيمان، وأذل أهل الكفر والنفاق إلى حد بلغ في القوة والظهور مبلغًا لا يخفى على من له أدنى معرفة بالأمور. فمن جعلهم في مثل هذه الحال =

ص: 34

هذا الحديث رواه عن عمر: عمرو بن ميمون الأودي، ومعدان بن أبي طلحة، وأسلم العدوي، وعمر بن عبد الله - مولى: غفرة -، وابنه عبد الله، وسعيد بن المسيب.

فأما حديث عمرو بن ميمون فرواه: البخاري

(1)

- وهذا لفظه - عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة

(2)

، ورواه: البخاري

(3)

- أيضًا - عن قتيبة، ورواه: أبو يعلى

(4)

عن أبي خيثمة، كلاهما عن جرير

(5)

، كلاهما (أبو عوانة، وجرير

(6)

) عن حصين عنه به. . . ولأبي يعلى: (ما أجد أحدا أحق

= جاهلين، أو ظالمين، أو عاجزين عن الحق فقد أزرى بهم، وجعل خير أمة أخرجت للناس على خلاف ما شهد الله به لهم! والقدح في خير القرون الذين صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم قدح في الرسول صلى الله عليه وسلم، والقرآن قد أثنى على الصحابة - رضى الله عنهم - في غير موضع، والأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة، والثناء عليهم، وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون، فالقدح فيهم قدح في القرآن، والسنة. قاله شيخ الإسلام (كما في: مجموع الفتاوى 4/ 427 - 430)، بتصرف، واختصار يسير.

(1)

في (كتاب: فضائل الصحابة، باب: قصة البيعة والاتفاق على عثمان رضي الله عنه) 7/ 74 - 76 ورقمه / 3700.

(2)

ومن طريق أبي عوانة رواه - أيضًا -: ابن حبان في صحيحه (الإحسان 15/ 350 - 351 ورقمه / 6117)، والبيهقي في الاعتقاد (ص/ 365).

(3)

في (كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر) 3/ 301 ورقمه / 1312.

(4)

(1/ 181 - 182) ورقمه / 205.

(5)

ومن طريق جرير رواه - أيضًا -: المحاملي في أماليه (ص/ 236)، ورقمه/ 227.

(6)

ورواه: ابن أبي أبي شيبة في المصنف (8/ 575 - 577) ورقمه/ 4 عن ابن =

ص: 35

من هؤلاء الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض)، وفيه:(وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص). وأبو عوانة هو: الوضاح بن عبد الله اليشكري، وقتيبة هو: ابن سعيد، وأبو خيثمة هو: زهير بن حرب، وحصين هو: ابن عبد الرحمن السلمي.

والحديث هكذا رواه أبو عوانة، وجرير بن حازم، وغيرهما عن حصين، وخالفهم: إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، فرواه عن جرير عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن عمر به، مختصرا. . . رواه: أبو يعلى

(1)

عن إسحاق بن إسماعيل به

(2)

. وتكلم على بن المديني في سماع إسحاق بن إسماعيل من جرير، وهو: ابن عبد الحميد، قال

(3)

: (كان إسحاق بن إسماعيل معنا عند جرير، وكانوا ربما قالوا - يعني: البغداديين - جئنا بتراب - وجرير يقرأ - فيقوم، وضعفه)، وقال ابنه عبد الله

(4)

: سمعت أبي - وسئل عن إسحاق بن إسماعيل، صاحب جرير - فقال:(كان غلامًا، وذهب إلى أنه لم يضبط). وقال الحافظ في التقريب

(5)

: (ثقة، تكلم في سماعه من جرير - وحده -) اهـ. وسالم بن أبي الجعد لم يسمع عم رضي الله عنه

(6)

. . . وحديث الجماعة عن حصين هو الصحيح.

= فضيل عن حصين به، كذلك.

(1)

(1/ 204) ورقمه/ 237.

(2)

وانظر: علل الدارقطني (2/ 211 - 220).

(3)

كما في: تأريخ بغداد (6/ 335).

(4)

المصدر المتقدم، الحوالة نفسها.

(5)

(ص/ 127) ت/ 343.

(6)

انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص/ 80) ت/ 126، والسير (5/ 108).

ص: 36

وأما حديث معدان بن أبي طلحة فرواه: مسلم

(1)

، والبزار

(2)

، كلاهما عن محمد بن المثنى، ورواه: الإمام أحمد

(3)

، ورواه: أبو يعلى

(4)

عن عبيد الله بن عمر، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد عن هشام بن أبي عبد الله

(5)

.

ورواه - أيضًا -: مسلم

(6)

عن زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم، ورواه - أيضًا -: البزار

(7)

عن إسماعيل بن أبي الحارث، ورواه: أبو يعلى

(8)

عن أحمد بن إبراهيم النكري، أربعتهم عن شبابة

(9)

عن شعبة

(10)

، ورواه - أيضًا -: الإمام أحمد

(11)

عن عفان عن همام بن يحيى

(12)

.

(1)

في (كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: في من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوهما) 1/ 396 ورقمه / 56.

(2)

(1/ 444 - 445) ورقمه / 314.

(3)

(1/ 317 - 318) ورقمه / 186.

(4)

(1/ 165 - 166) ورقمه / 184.

(5)

ومن طريق هشام رواه - أيضًا -: ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 335 - 336).

(6)

الموضع المتقدم (1/ 397).

(7)

(1/ 445) ورقمه / 315.

(8)

(1/ 219 - 220) ورقمه / 256 - وعنه: ابن حبان في صحيحه (الإحسان 5/ 444 ورقمه / 2091) -.

(9)

وعن شبابة رواه - كذلك -: ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 335 - 336).

(10)

ورواه: ابن أبي شيبة في المصنف (8/ 578) ورقمه / 7 عن ابن علية عن شعبة به بنحوه.

(11)

(1/ 249 - 250) ورقمه / 89 - ومن طريقه: القزويني في التدوين في أخبار قزوين (2/ 505) -.

(12)

ومن طريق همام بن يحيى رواه - أيضًا -: ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ =

ص: 37

ورواه

(1)

- أيضًا - عن محمد بن جعفر عن سعيد بن أبي عروبة

(2)

،

أربعتهم (هشام، وشعبة، وهمام، وابن أبي عروبة) عن قتادة

(3)

عن سالم بن

أبي الجعد، عنه به، غير تسمية أحد من الستة. . . قال البزار - عقب حديثه

عن إسماعيل بن أبي الحارث -: إلا نعلم روى معدان عن عمر إلا هذا

الحديث، وإسناده صحيح). وقتادة هو: ابن دعامة السدوسي، وإسماعيل

ابن أبي الحارث هو: ابن شاهين البغدادي، وشبابة هو: ابن سوار، وشعبة

هو: ابن الحجاج، وعفان هو: ابن مسلم الصفار، ومحمد بن جعفر هو:

المعروف بغندر، وسماعه من ابن أبي عروبة بأخرة

(4)

، - وقد توبع، كما هو

ظاهر -.

وأما حديث أسلم العدوي، وعمر بن عبد الله - مولى غفرة - فرواه:

البزار

(5)

عن زهير بن محمد بن قُمير عن حسين بن محمد عن أبي معشر

عن زيد بن أسلم عن أبيه، وعن عمر بن عبد الله به، في حديث مطول،

وفيه: (فإن أهلك فإن أمركم إلى هؤلاء الستة، الذين توفي رسول الله -

335 - 336).

(1)

(1/ 419 - 420) ورقمه / 341.

(2)

ومن طريق ابن أبي عروبة رواه - أيضًا -: البيهقي في السنن الكبرى (8/ 150).

(3)

الحديث من طريق قتادة رواه - كذلك -: الحميدى في مسنده (1/ 17) ورقمه/ 29، والطبري في تفسيره (6/ 43)، والبيهقى في سننه الكبرى (6/ 224)، وانظر العلل للدارقطني (2/ 218).

(4)

انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 744)، وحاشية عبد القيوم عبد رب النبي على الكواكب النيرات (ص/ 208، 210).

(5)

(1/ 407 - 411) ورقمه / 286.

ص: 38

صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن مالك). . . قال البزار:(وهذا الحديث قد روي نحو كلامه عن عمر. . . ولا نعلم روي عن زيد بن أسلم عن أبيه بهذا التمام إلا من حديث أبي معشر عن زيد عن أبيه) اهـ. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد

(1)

، وقال - وقد عزاه إليه -:(وفيه: أبو معشر نجيح، ضعيف يعتبر بحديثه) اهـ، وهو كما قال، وينضاف: أنه اختلط بأخرة، ولا يدرى متى سمع منه الحسين بن محمد. ومولى غفرة ضعيف

(2)

مثله، ولم يسمع من صحابي

(3)

. وقال ابن سعد

(4)

: (ليس يكاد بسند، وهو يرسل أحاديثه، أو عامتها)، وسئل ابن معين

(5)

: سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: (لم يسمع من أحد منهم) اهـ.

وأما حديث ابن عمر فرواه: البزار

(6)

- أيضًا - عن رزق الله بن مواسى عن شبابة عن مبارك بن فضالة عن عبيد الله عن نافع عنه به، بنحوه، دون تسمية أحد من الستة. . . ورزق الله هو: الكلوذاني، البغدادي،

(1)

(6 - 3/ 6).

(2)

انظر: الضعفاء لابن الجوزي (2/ 212) ت/ 2478، والديوان (ص/ 294) ت / 3075، والتقريب (ص/ 723) ت/ 4968.

(3)

انظر: تحفة التحصيل (ص/ 374 - 375) ت / 751.

(4)

الطبقات الكبرى (القسم المتمّم التابعى أهل المدينة) ص/ 343 ت/ 252.

(5)

التأريخ - رواية: الدورى - (2/ 431)، وانظر: جامع التحصيل (ص/ 242) ت/558.

(6)

(1/ 257) ورقمه/ 153.

ص: 39

ضعفه غير واحد، وقال ابن حجر:(صدوق يهم) - وتقدم -، ومبارك بن فضالة، صدوق يدلس، ويسوي، ولم يصرح بالتحديث عن شيخه، ومن فوقه؛ فالإسناد: ضعيف، وهو حسن لغيره بما قبله. وشبابة هو: ابن سوار، وعبيد الله هو: ابن عمر العمري.

وأما حديث سعيد بن المسيب فرواه: الطبراني في الأوسط

(1)

عن أحمد عن علي بن محمد بن أبي المضاء المصيصي عن عبد الله بن سفيان أبي محمد الثقفى، عن عاصم بن أبي بكر بن عمير بن عبد الرحمن بن عوف أبي ضمرة عن مالك بن أنس عن الزهري عنه به، بنحوه. . . قال الطبراني:(لم يرو هذا الحديث عن مالك إلا عاصم بن أبي بكر، ولا عن عاصم إلا عبد الله بن سفيان، تفرد به على بن محمد) اهـ، وعاصم بن أبي بكر وثقه ابن حبان فقط

(2)

، وبقية رجال الإسناد ثقات. والإسناد: حسن لغيره بمتابعاته.

569 -

[11] عن زيد بن أبي أوفى - رضى الله عنه - قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد المدينة فجعل يقول: (إنَّني فُلانُ بنُ فُلان). فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده فقال: (إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ بحَدِيْث فاحفظوه، وَعُوه، وحدِّثُوا به منْ بعدَكمْ. إنَّ الله اصطفَى منْ خلَقِهِ خَلقًا)، ثم تلا هذه الآية: ({اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ

(1)

(2/ 194) ورقمه / 1349.

(2)

الثقات (8/ 505).

ص: 40

رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ}

(1)

خلقًا يُدخلُهمْ الجنَّةَ، وإنِّي مُصْطفٍ

(2)

مِنكمْ مَنْ أُحبُّ أنْ أصطفيْهِ ومؤاخٍ بينكمْ كمَا آخَى الله بينَ الملائكة قُمْ يَا أبَا بَكْرَ). فقام، فجَثا بين يديه. فقال: (إنَّ لكَ عندي يدًا، إنَّ الله يجزيكَ بهَا، فلُو كنتُ متَّخِذًا خليلًا

(3)

لاتَّخذتُكَ خليلًا، فأنتَ مِنِّي بمنزلةِ قميصِي منْ جَسَدي) وحرك قميصه بيده، ثم قال:(ادنُ يَا عُمَر) فدنا فقال: (قَدْ كنتَ شديدَ الشَّغَب علينَا أبَا حفصٍ فدعوتُ الله أنْ يُعِزَّ الدَّينَ بكَ أوْ بأَبي جَهْلٍ، ففعلَ اللهَ ذلكَ بكَ، وكنتَ أحبَّهمَا إليّ، فأنتَ مَعِي في الجنَّةِ ثَالثُ ثلاثةٍ مِنْ هَذه الأُمَّة)، ثم تنحى وآخا بينه وبين أبي بكر، ثم دعا عثمان فقال:(ادنُ يا عثمان، ادنُ يَا عُثمَان) فلم يزل يدنو منه حتى الصق ركبته بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نظر إليه، ثم نظر إلى السماء فقال:(سُبحَانَ الله العَظيم) - ثلاث مرات -، ثم نظر إلى عثمان فإذا أزراره محلولة، فزررها رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

من الآية: (75)، من سورة: الحج.

(2)

في الأصل: (مصطفى).

(3)

أي: صديقا. . . مأخوذ من (الخلة) - بضم الخاء المعجمة -: الصداقة، والمحبة التي تخللت القلب، فصارت خلا له - أي: باطنه -، وهى أعظم الخصائص. انظر: غريب الحديث لأبى عبيد (2/ 247)، والنهاية (باب: الخاء مع اللام) 2/ 72، والرياض النضرة (1/ 126 - 127).

وقال ابن حجر في الفتح (7/ 17): (ونقل بن التين عن بعضهم: أن معنى قوله "ولو كنت متخذًا خليلًا": لو كنت أخص أحدًا بشئ من أمر الدين لخصصت أبا بكر. قال: وفيه دلالة على كذب الشيعة في دعواهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خص عليًا بأشياء من القرآن، وأمور الدين، لم يخص بها غيره. قلت: والاستدلال بذلك متوقف على صحة التأويل المذكور، وما أبعدها) اهـ.

ص: 41

بيده ثم قال: (اجمعْ عِطْفَيّ ردائكَ علَى نَحْرِكَ، فإنَّ لكَ شأنًا في أهلِ السَّماء، أنتَ ممَّنْ يردُ عليَّ الحَوضَ وأوداجُهُ تشخبُ دَمًا

(1)

، فأقولُ: منْ فعلَ هذَا بك؟ فتقولُ فلانٌ، وفلانٌ، وذلكَ كلامُ جبريلُ عليه السلام وذلك إذْ هتفَ منَ السَّماءِ: ألَا إن عثمانَ أمينٌ علَى كُلّ خَاذِل)، ثم دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال:(ادنُ يَا أمينَ اللهِ، والأمينُ في السَّماءِ يُسلّطُكَ الله علَى مالكَ بالحقِّ، أمَا إنَّ لكَ عندي دعوةً وقدْ أخرتُهَا)، قال: خر لي يا رسولَ الله قال: (حمَلتَني يَا عبدَ الرَّحمنِ أمانةً، أكثرَ الله مالَك)، قال: وجعل يحرك يده، ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان، ثم دخل طلحة والزبير فقال:(ادنُوَا مِنّي)، فدنوا منه، فقال:(أنتمَا حَواريَيَ كحَواريّي عيسَى بنِ مَريمَ عليه السلام)، ثمّ آخى بينهما، ثم دعا سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال: (يا عمَّار، تقتُلُكَ الفئةُ البَاغيَة

(2)

) ثم أخى بينهما، ثم دعا عويمرًا أبا الدرداء وسلمان الفارسي، فقال: (يا سلمان، أنتَ مِنا أهلَ البيتِ، وقدْ آتاكَ الله العلمَ

(1)

أي: يسيل دمها. - انظر: المجموع المغيث (ومن: باب الشين مع الخاء) 2/ 180.

(2)

أي: الخارجة على الإمام الحق بالشبهة، والبغي لا ينافي الإيمان، فلا يلزم منه كفر أصحاب معاوية، وإنما يلزم منه أن يكون علي على الحق، وهم على خلافه، وهذا مما يكاد لا يختلف فيه اثنان. وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم:(إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)، وفيه دليل على أن واحدًا من الفريقين لم يخرج بما كان منه في تلك الفتنة - من قول - أو فعل - عن ملة الإسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم مسلمين، مع كون إحدى الطائفتين مصيبة، والأخرى مخطئة.

- انظر: شرح السنة (14/ 136 - 137)، وحاشية السندى على مسند الإمام أحمد (17/ 54 - 55).

ص: 42

الأوّلِ، والعلمَ الآخرِ، والكِتابَ الأوّل، والكتابَ الآخِر)، ثم دال: - (ألَا أُرشدُكَ يَا أبَا الدَّردَاء؟) قال: بلى بأَبي أنت وأمى، يا رسول الله، قال:(إنْ تُنقذْ يُنقذِوكْ، وإنْ تَتركُهمْ لَا يَتركوكْ، وإنْ قربْ مِنهمْ يُدرِكُوكْ، فأقرِضْهُمْ عِرضَكَ ليَومِ فَقرِك)، فآخى بينهما، ثم نظَر في وجوه أصحابه، فقال:(أبشِرُوا وقِرِّوا عينًا، فأنتمْ أوّلُ منْ يرِدُ عليَّ الحَوْضِ، وأنتمْ في أعلَى الغُرَف)، ثم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال:(الحمدُ للهِ الذي يَهدِي مِن الضَّلَالَة)، فقال على: يا رسول الله ذهب روحى، وانقطع ظهري حين رأيتك، فعلت ما فعلت بأصحابك غيري، فإن كان من سخطة على فلك العتبى والكرامة، فقال:(وَالَّذِي بَعَثَني بِالحَقِّ مَا أَخرّتُكَ إلّا لِنفسِي فأنتَ عندي بمنزلة هارونَ منْ موسى، وَوارِثي) فقال: يا رسول الله ما أرثَ منك؟ قالَ: (مَا أورثَتْ الأنَبِيَاء)، قال: وما أورث الأنبياء قبلك؟ قال: (كتابَ اللهِ، وسُنَّةَ نبيّهِم، وأنتَ مَعَي في قَصْرِي في الجنَّةِ معَ فاطمةَ ابنَتي، وَرَفيقي

(1)

)، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية:{إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}

(2)

. الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض).

(1)

هو: المرافق. ولا يذهب عنه اسم الرفقة بالتفرق. - انظر: النهاية (باب: الفاء مع الراء) 2/ 246، وتحفة الأحوذي (10/ 188 - 189).

(2)

الآية: (47)، من سورة: الحجر.

ص: 43

هذا الحديث رواه: البزار

(1)

، والطبراني في الكبير

(2)

- وهذا لفظه - بسنده عن عبد المؤمن بن عباد بن عمرو العبدي

(3)

عن يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى به. . . قال البزار: (لا نعلم روى زيد بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا) اهـ، وفي الإسناد: عبد المؤمن بن عباد، ذكر له البخاري

(4)

حديثا، ثم قال:(لا يتابع عليه)، وقال أبو حاتم

(5)

: (ضعيف الحديث)

(6)

. ويزيد بن معن لم أقف على ترجمته. وعبد الله بن شرحبيل هو: ابن حسنة القرشى، لا أعرف حاله، وفي الإسناد - أيضًا -: من لم يسم. فهو إسناد لا تقوم به حجة.

(1)

كما في: كشف الأستار (3/ 215 - 216) ورقمه / 2605 عن الحسين بن محمد الذراع عن عبد المؤمن به، بنحوه.

(2)

(5/ 220 - 221) ورقمه / 5146 عن الحسين بن إسحاق التستري عن نصر بن علي (وهو: الجهضمي) عن عبد المؤمن بن عباد به. وعنه أبو نعيم في المعرفة (3/ 1193 - 11196)، وله فيه طرق أخرى. ورواه: البغوي في المعجم (2/ 528 - 531) ورقمه / 908 من طريقين عن عبد المؤمن به.

(3)

ورواه القطيعي في زياداته على الفضائل (2/ 638 - 639) ورقمه / 1085، و (2/ 666 - 667) ورقمه / 1137 بسنده عن الحسين بن محمد، ورواه: أبو نعيم في المعرفة (1/ 378 - 379) ورقمه / 473 بسنده عن نصر بن علي، كلاهما عن عبد المؤمن بن عباد، بفضل ابن عوف فحسب لأبى نعيم، وهو مختصر للقطيعي. وروى البغوي في معجمه (3/ 409) ورقمه / 1343 عن حسين بن محمد الذراع عن عبد المؤمن ما ورد في طلحة، والزبير فحسب.

(4)

التأريخ الكبير (6/ 117) ت / 1888.

(5)

كما في: الجرح والتعديل (6/ 66) ت/ 346.

(6)

وانظر: الميزان (3/ 384) ت/ 5275.

ص: 44

ورواه: البخاري في تأريخيه الكبير

(1)

، والصغير

(2)

عن حسان بن حسان قال: حدثنا إبراهيم بن بشر أبو عمرو الأزدي عن يحيى بن معين المدني قال: حدثني إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى قال: (خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فآخى بين أصحابه)، قال في الكبير:(لا يتابع عليه)

(3)

اهـ، وقال في الصغير:(وهذا إسناد مجهول، لا يتابع عليه، ولا يعرف سماع بعضهم من بعض، رواه بعضهم عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصل له) اهـ، وفي الإصابة

(4)

أنه قال: (. . . ولا يصح)، وحسان بن حسان هو: البصرى، قال أبو حاتم

(5)

: (منكر الحديث). وذكره ابن حبان في الثقات

(6)

، وقال الذهبي

(7)

: (ثقة)، وقال الحافظ

(8)

: (صدوق يخطئ). وإبراهيم بن بشر، وشيخه مجهولان

(9)

. والصواب في اسم شيخه أنه: يحيى بن معن - كما ذكره الذهبي في

(1)

(3/ 386).

(2)

(1/ 250 - 251).

(3)

يعني: إن الإسناد غير محفوظ، وفيه نظر. - انظر: الإكمال لابن عدي (3/ 208).

(4)

(1/ 561).

(5)

كما في: الجرح والتعديل (3/ 238) ت / 1057.

(6)

(8/ 208).

(7)

المغني (1/ 156) ت/ 1369.

(8)

التقريب (ص/ 233) ت / 1208

(9)

انظر: الجرح والتعديل (2/ 90) ت/ 226، والميزان (1/ 23) ت/ 52، والديوان (ص/ 14) ت/ 158.

ص: 45

المغني

(1)

، والمعلمي في تعليقه على التأريخ الكبير -

(2)

. وإبراهيم القرشي هو: ابن زياد، أشار البخاري

(3)

إلى حديث من حديثه، ثم قال:(لم يصح إسناده)، وقال الذهبي

(4)

: (لا يعرف من ذا)، وقال

(5)

: (سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى لا يعرف) اهـ.

والحديث أشار إليه الحافظ ابن عبد البر في الاستيعاب

(6)

، وقال:(إلا أن في إسناده ضعفًا). وقال ابن السكن

(7)

: (روي حديثه من ثلاث طرق، ليس فيها ما يصح)، وهو كما قالوا.

وورد قوله لأبي بكر: (إن لك عندي يدا، إن الله يجزيك بها)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: (ما لأحد عندنا يد إلا قد كافئناه

(8)

، ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة)، وهو حديث ثابت، رواه الترمذي، وغيره - وسيأتي -

(9)

. وقوله: (لو

(1)

(1/ 11) ت/ 48.

(2)

(3/ 386).

(3)

التاريخ الكبير (1/ 287) ت/ 924.

(4)

الميزان (1/ 32) ت/ 91.

(5)

في الديوان (ص / 160) ت / 1620، وانظر: الميزان (2/ 335) ت / 3211.

(6)

(1/ 559).

(7)

كما في الإصابة (1/ 560 - 561).

(8)

كذا في النسخة المطبوعة من جامع الترمذي، وقال المباركفوري في التحفة (10/ 146):(وكذا في النسخ الحاضرة بالياء. . . ووقع في بعضها: كافأناه - بالهمزة - والمعني: جازيناه، مثلا بمثل - أو أكثر -).

- وانظر غريب الحديث للخطابي (1/ 604 - 605).

(9)

في فضائل أبي بكر رضي الله عنه ورقمه/ 819.

ص: 46

كنت متخذا خليلا لاتخذتك خليلا) - يعني: أبا بكر - ورد من طرق كثيرة، منها: أحاديث أبي سعيد الخدري، وعبد الله بن الزبير، وابن عباس - رضى الله عنهم - عند البخاري في صحيحه

(1)

، وحديث أبي هريرة - آنف الذكر -. ولا أعلم قوله لأبى بكر:(فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي) إلا من هذا الطريق. وقوله لعمر: (فدعوت الله أن يعز الدين بك، أو بأبي جهل) ورد من طرق حسنة، ستأتي

(2)

. وسيأتي

(3)

- أيضًا - من حديث عائشة - رضى الله عنها - ترفعه: (اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة)، وهو حديث صحيح. وقوله:(وكنت أحبهما إليّ) ورد من حديث ابن عمر رضي الله عنه يرفعه: (اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك. . .)، قال ابن عمر: وكان أحبهما إليه عمر. . . وهذا حديث حسن لغيره

(4)

. ولم أر قوله: (فأنت معي في الجنة) من طريق أخرى بلفظه، وعمر - رضى الله عنه - من أهل الجنة، ثبت هذا في أحاديث كثيرة

(5)

، وتواتر قوله صلى الله عليه وسلم:(المرء مع من أحب)

(6)

. ولا أعلم فيما ورد فيه من الفضل لعثمان رضي الله عنه ما يشهد له. وقوله لعلى: (أنت عندي

(1)

انظر الأحاديث/ 802، 803، 816، ومثلها مما سيأتي في فضائل أبي بكر - رضى الله عنه -.

(2)

في فضائل عمر رضي الله عنه، برقم/ 880، وما بعده.

(3)

ورقمه/ 878.

(4)

وسيأتي برقم/ 880.

(5)

انظر - مثلًا -: فضائل العشرة، وفضائله هو بخاصة.

(6)

تقدم من طرق كثيرة في الفصل الأول، من الباب الأول.

ص: 47

بمنزلة هارون من موسى) طرق متواترة - ستأتي

(1)

-. ولا أعلم قوله له: (ووارثي) طرقًا اخرى، وهى لفظة منكرة، وكون على رضي الله عنه من أهل الجنة ثابت، صحيح

(2)

. وقوله لطلحة، والزبير:(أنتما حواريي) له طريق أخرى

(3)

من حديث عبد الله بن أبي أوفى. وروى الشيخان من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يرفعه: (إن لكل نبي حواريا، وحواري الزبير) - وسيأتي -

(4)

. ولا أعلم لما ورد فيه من الفضل لعبد الرحمن بن عوف استقلالًا طرقًا أخرى - والله أعلم -.

570 -

[12] عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه أجمع ما كانوا، فقال:(إِنِّي رأيتُ الليلةَ منازلكمْ في الجنَّة، وقُرْبَ منَازلَكُم) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل على أبي بكر، فقال:(يَا أبَا بكرٍ، إنِّي لأعْرِفُ رجُلًا أعرفُ اسمَهُ واسمَ أبيْه واسمَ أُمِّه، لَا يَأتي بابًا منْ أبوابِ الجنَّةِ، إلَّا قالُوا: مَرحَبًا، مَرحَبا)، فقالَ سلمان: إن هذا لمرتفع شأنه، يا رسول الله! قال:(فهُو أبُو بكرِ بنِ أبي قُحَافة)، ثم أقبل على عمر، فقال: (يَا عُمَر! لقدْ رأيتُ في الجنة قصْرًا، منْ دُرّةٍ بيضاءَ، لؤلؤٌ أبيَض، مشيَّدٌ بالياقوتِ، فقلتُ: لمنْ هذَا؟ فقيلَ: لِفَتى منْ قُريشَ، فظننتُ أنَّهُ لي،

(1)

في فضائل على - رضى الله عنه - برقم / 996، وما بعده.

(2)

انظر - مثلًا -: فضائل العشرة، وفضائله هو بخاصة.

(3)

عقب هذا.

(4)

في فضائل الزبير برقم/ 1209 وانظر ما بعده.

ص: 48

فذهبتُ لأدخُلَه، فقالَ: يا محمّدُ! هذَا لعمرَ بنِ الخطّاب، فمَا منعَني مِنْ دخولِه إلَّا غيرتُكَ

(1)

، يَا أبَا حَفْص)! فَبكى عمر وقال: بأبي وأمي، أعليكَ أغار يا رسول الله؟ ثم أقبل على عثمان، فقال:(إنَّ لكلِّ نبيٍّ رفيقًا في الجنَّة، وأنتَ رَفيقِي في الجنَّة)، ثم أخذ بيد على، فقال:(يَا عَليُّ: أوَ مَا تَرْضَىَ أنْ يكونَ منزلُكَ في الجنَّة مُقابلَ مَنزلي؟) ثم أقبل على طلحة والزبير، فقال:(يَا طلحة، ويَا زُبيرُ إنَّ لِكُلِّ نَبيٍّ حَواريًّا، وأنتُمَا حَوارِيَيّ).

رواه: البزار

(2)

- وهذا مختصر من لفظه - عن إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن محمد بن جعفر - يعني: ابن أبي مواتيه - عن عبد الرحمن بن محمد عن عمار بن سيف عن إسماعيل بن أبي خالد عنه به. . . وقال: (وعمار بن سيف صالح، وعبد الرحمن المحاربي ثقة، وابن أبي مواتية صالح، وسائر الإسناد لا يسأل عنه؛ لثقتهم، وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الله بن أبي أوفى إلا من هذا الوجه، بهذا الإسناد) اهـ. . . وتعقبه الهيثمي في كشف الأستار

(3)

، بأنه متساهل في التوثيق، وأن الحديث ضعيف.

والحديث ضعيف - كما قال -؛ عمار بن سيف هو: أبو عبد الرحمن الضبي، ضعيف، منكر الحديث، تركه غير واحد. حدث به عنه: عبد الرحمن بن محمد المحاربي، وهو لا بأس به إلا أنه روى أحاديث منكرة - وهذا منها -. ثم هو مدلس، عده الحافظ في الرتبة الثالثة من مراتب

(1)

من الغيرة: الحمية، والأنفة. - انظر: النهاية (باب: الغين مع الياء) 3/ 401.

(2)

(8/ 277 - 279) ورقمه / 3343.

(3)

(3/ 219) إثر الحديث ذي الرقم / 2606.

ص: 49

المدلسين، ولم يصرح بالتحديث - فيما أعلم -. حدث به عنه: محمد بن جعفر، وهو: الفيدي، ذكره ابن حبان في الثقات

(1)

، وقال أبو الوليد الباجى

(2)

: (يشبه أن يكون مجهولًا)، وقال الحافظ

(3)

: (مقبول) اهـ، والأشبه أنه مجهول. . . والحديث بتمامه لم أره إلا بهذا الإسناد، وهو حديث منكر بهذا السياق. ولم أر قوله في أبي بكر: إلا يأتي بابًا من أبواب الجنة إلا قالوا: مرحبا، مرحبا) بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه. وسيأتي

(4)

حديث أبي هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (منْ أنفقَ زوجينِ في سبيلِ الله نُودِيَ منْ أبوابِ الجنَّة: يا عبدَ اللهِ، هذَا خيرٌ، فمنْ كانَ منْ أهلِ الصَّلَاة دُعَي منْ بابَ الصَّلَاة، ومنْ كَانَ منْ أهلِ الجهَادِ دُعِي منْ باب الجهَادِ، ومنْ كانَ منْ أهلِ الصِّيام دُعيَ منْ باب الرَّيَّان، ومنْ كانَ من أهلِ الصَّدقةِ دُعي منْ بابِ الصَّدَقة)، فقال أبو بكر - رَضى الله عنه -: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال:(نعمْ، وأرجُو أنْ تكونَ منْهُم).

وقصر عمر في الجنة ثابت في أحاديث منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الشيخين

(5)

، دون قوله:(من درة بيضاء، لؤلؤ أبيض، مشيد بالياقوت)، فلم أره إلا من هذا الوجه.

(1)

(9/ 110).

(2)

رجال البخاري (2/ 624).

(3)

التقريب (ص/ 833) ت/ 5823.

(4)

برقم / 796.

(5)

سيأتي برقم / 860. وانظر الأحاديث/ 570، 861، 862.

ص: 50

* وقوله: (يا عثمان، إن لكل نبي رفيقا في الجنة وأنت رفيقي في الجنة) ورد - أيضًا - من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه بسند ضعيف - وسيأتي -

(1)

.

* وورد - أيضًا - نحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بإسناد ضعيف جدًّا - وسيأتي كذلك -

(2)

.

* وعثمان رضي الله عنه من أهل الجنة، ورد هذا في أحاديث عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا علي - رضى الله عنه -

(3)

.

* وقوله: (إن لكل نبي حواريا، وأنتما حواريي) تقدم

(4)

من حديث زيد بن أبي أوفى بسند ضعيف.

571 -

[13] عن سهل بن سعد - رضى الله عنه - قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة من حجة الوداع، صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:(يَا أيُّهَا النَّاس، إنَّ أبَا بَكرٍ لمْ يَسُؤني قَطّ، فاعرِفُوا ذلكَ لَه. يَا أيُّها النَّاس، إنِّي راضٍ عنْ: أبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليَّ، وطلحةَ، والزُّبيرَ، وسعدَ، وعبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ، والمهاجرينَ الأولينَ راضٍ، فاعرفُوا ذلكَ لهُم. أيُّها النَّاس، احفظُوني في أصحَابي، وأصهارِي، وأختاني، لا يطلبنَّكمْ الله بمظلمةِ أحدٍ مِنْهُم).

(1)

برقم / 977.

(2)

ورقمه / 979.

(3)

انظر - مثلًا -: فضائل العشرة، وفضائل كل منهما بخاصة.

(4)

قبل هذا، فانظره.

ص: 51

رواه: الطبراني في الكبير

(1)

عن علي بن إسحاق الوزير الأصبهاني عن محمد بن عمر بن علي المقدمي عن علي بن محمد بن يوسف بن سنان بن مالك بن مسمع عن سهل بن يوسف بن سهل - ابن أخي كعب - عن أبيه عن جده به. . . ووقع للطبراني وهم في إسناده

(2)

، فهكذا أخرجه من طريق محمد بن عمر المقدمي عن علي بن محمد بن يوسف عن سهل بن يوسف، وهذا وهم، لأنه سقط من الإسناد رجلان، والصحيح أنه من طريق المقدمي عن علي بن محمد بن يوسف عن قنان بن أبي ثواب عن خالد بن عمرو عن سهل بن يوسف به.

هكذا رواه: الأبنوسي في فوائده

(3)

، وابن حجر في لسان الميزان

(4)

كلاهما من طريق المقدمي به، وهكذا رواه ابن قانع في المعجم

(5)

عن الحسن بن إسماعيل وعن محمد بن بيان، كلاهما عن علي بن عبدة، وأبو نعيم في المعرفة

(6)

بسنده عن أبي نعيم الحلبي، وابن عبد الواحد في النهي عن سب الأصحاب

(7)

بسنده عن سليمان بن داود الهاشمي، ثلاثتهم عن

(1)

(6/ 104 - 105) ورقمه / 5640، وذكره من طريقه: ابن حجر في لسان الميزان (3/ 122 - 123).

(2)

انظر: الإصابة لابن حجر (2/ 90).

(3)

كما في الإصابة (2/ 90).

(4)

(3/ 123).

(5)

(1/ 271 - 272).

(6)

(3/ 1317) ورقمه / 3313 الوطن.

(7)

(ص/ 34 - 35).

ص: 52

خالد بن عمرو عن سهل بن يوسف به. . . قال الحافظ

(1)

: (وهو أولى من السند الذي قبله) اهـ.

وبمثل سند خالد بن عمرو رواه: سيف بن عمر في الفتوح

(2)

، روى حديثه: أبو نعيم في المعرفة

(3)

بسنده عنه به. وهكذا رواه: أبو نعيم بسنده عن محمد بن يونس بن موسى عن محمد بن معاوية المكي عن خالد بن محمد بن سعيد بن العاص، كلاهما عن سهل بن يوسف. لكن قال الدارقطني

(4)

: (تفرد به خالد بن عمرو عن سهل) اهـ، فكأنه لم يلق بالًا لطريق سيف وطريق محمد بن يونس، لأن سيفًا

(5)

، ومحمدًا - وهو: الكديمي - متهمان بوضع الحديث. ولا تورد طريق سيف على الدارقطني في قوله - كما فعله الحافظ

(6)

- وطريق الكديمي مثلها.

وعودًا إلى الطريق السابقة ففيها: على بن يوسف - وهو: على بن محمد بن يوسف - مجهول

(7)

. وشيخه قنان بن أبي ثوب لم أقف على ترجمة له. يرويه عن خالد بن عمرو وهو: الأموي الصعيدي، متروك،

(1)

لسان الميزان (3/ 123).

(2)

كما في المعرفة لأبي نعيم (3/ 1317) الوطن، والموضع المتقدم من اللسان، والإصابة (2/ 90).

(3)

(3/ 1317 - 1318) ورقمه / 3314.

(4)

كما في الموضع نفسه المتقدم من الإصابة.

(5)

انظر: تأريخ أسماء الضعفاء لابن شاهين (ص/ 100) ت/ 255، والمدخل للحاكم (ص/ 145) ت/ 76، والضعفاء لابن الجوزي (2/ 35) ت/ 1594، والكشف الحثيث (ص / 131 - 132) ت/ 335.

(6)

في الموضع المتقدم، من الإصابة.

(7)

انظر: لسان الميزان (4/ 261) ت/ 719.

ص: 53

ينفرد عن الثقات بالموضوعات

(1)

. ويرويه عن سهل بن يوسف عن أبيه، ولا يعرف سهل، ولا أبوه

(2)

.

وقد اختلف في إسناده - دون سهل بن يوسف - جماعة من الرواة. . . فتقدمتا صورتان للإسناد، إحداهما عند الطبراني، والأخرى عند الأبنوسي، وابن حجر، وغيرهما.

ورواه: العقيلي في الضعفاء

(3)

من طريق المقدمي عن محمد بن يوسف عن محمد بن شيبان بن مالك عن قتان بن أبي ثواب [كذا] عن خالد بن سعيد الأموي عن سهل بن يوسف به. . . وقال - وقد أورده في ترجمة محمد بن يوسف -: (إسناده مجهول، ولا يتابع عليه من جهة، ولا يعرف إلا به).

ورواه ابن قانع في المعجم

(4)

بسنده عن سهل بن يوسف به، وجعله من مسند سهل بن سعد. وقال الحافظ

(5)

إن ابن قانع رواه، وجعله من مسند سهل بن حُنيف

(6)

.

(1)

انظر: الضعفاء الصغير للبخاري (ص/ 82) ت/ 103، والضعفاء والمتروكون للنسائي (ص/ 172) ت/ 168، والمجروحين لابن حبان (1/ 283) والضعفاء لابن الجوزي (1/ 248 - 249) ت / 1078، 1080.

(2)

انظر: لسان الميزان (3/ 122 - 123) ت/ 424.

(3)

(4/ 147 - 148) ت/ 1715، وانظر: لسان الميزان (5/ 435) ت/ 1427.

(4)

(2/ 271).

(5)

الإصابة (2/ 90).

(6)

وهذه الرواية لم أرها في معجم ابن قانع - والله أعلم -.

ص: 54

قال ابن عبد البر - وقد ذكر الحديث في ترجمة سهل بن مالك، من الاستيعاب -

(1)

: (ويقال: سهل بن عبيد بن قيس، ولا يصح سهل بن عبيد، ولا سهل بن مالك، ولا تثبت لأحدهما صحبة، ولا رواية، يقال إنه حجازي، سكن المدينة، لم يرو عنه إلا ابنه مالك بن سهل - أو يوسف بن سهل - ومن قال: سهل بن مالك، جعل ابنه: يوسف بن سهل، ومن قال: سهل بن عبيد، جعل ابنه: مالك بن سهل. حديثه يدور على خالد بن عمرو القرشي الأموي، وهو منكر الحديث، متروك الحديث. . .)، ثم ذكر حديثه هذا، وقال:(حديث منكر، موضوع، يقال فيه إنه من الأنصار، ولا يصح، وفي إسناد حديثه مجهولون، ضعفاء. . . يدور على سهل بن يوسف بن مالك بن سهل عن أبيه عن جده، وكلهم لا يعرف) اهـ. ونقل الحافظ في الإصابة

(2)

بعض قوله، وسكت عنه، وقال شيخه نور الدين الهيثمى في مجمع الزوائد

(3)

- وقد ذكر الحديث، وعزاه إلى الطبراني -:(وفيه جماعة لم أعرفهم) اهـ.

ولم أر قوله في أبي بكر: (لم يسؤني قط)، وقوله:(إني راض عنه) إلا من هذا الوجه. . . وحب أبي بكر - رضى الله عنه - للنبي صلى الله عليه وسلم وحب النبي صلى الله عليه وسلم له ورضاه عنه معلوم، مشهورٍ لا يحتاج أحد لإثباته من أوجه ضعيفة، ففى هذا المعنى أحاديث كثيرة جدًّا، تقدمت في فضائل العشرة البشرين بالجنة، وفي فضائل الخلفاء

(1)

(2/ 98 - 99).

(2)

(2/ 90).

(3)

(9/ 157).

ص: 55

الراشدين، وسيأتي عدد منها في فضائل أبي بكر خاصة، وفي غير ذلك من المباحث. وكذا رضاه صلى الله عليه وسلم عن عمر، وعثمان، وعلى، وبقية من ذكر في الحديث - رضى الله عنهم - تدل عليه، وتؤكده أحاديث متعددة، كحديث عمر - رضى الله عنه - عند الشيخين - تقدم آنفا -

(1)

. وينظر فيها: بعض المباحث المتقدمة، وفضائلهم - رضى الله عنهم - خاصة. وقوله:(احفظوني في أصحابي) ثبت في عدة أحاديث، كحديثي: عمر

(2)

، وعياض الأنصاري

(3)

.

572 -

[11] عن عمر رضي الله عنه وقد قيل له في أهل الشورى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يومَ يموتُ عثمانُ تُصلِّي عَليه ملائكةُ السَّمَاء)، قلت: لعثمان خاصة أم للناس عامة؟ قال: (بلْ لعثمَانَ خَاصَّة). وفيه: فجاء عبد الرحمن [يعني ابن عوف] برغيفين بينهما إهالة، فوضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:(كفاكَ الله أمرَ دنياكَ، أمَّا الأَخرةُ فأنَا لهَا ضَامِن). . . وفيه: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد سقط رحله في ليلة قرة، فقال:(منْ يُسَوّي رَحْلِي، ولهُ الجنَّة)؟ فابتدر طلحة الرحل، فسواه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(لكَ الجنَّةَ علَيّ، يَا طَلحَة). وفيه: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد نام، فلم يزل [يعني: الزبير] بالنبي - صلى الله عليه

(1)

تقدم، ورقمه / 568.

(2)

تقدم، ورقمه / 47.

(3)

تقدم، ورقمه / 48.

ص: 56

وسلم - يذب عن وجهه حتى استيقظ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(لمْ تزلْ يَا أبَا عَبد الله)؟ قال: لم أزل، فداك أبي وأمي، قال:(هذَا جبريلُ يقرأُ عليكَ السَّلامَ، ويقولُ لكَ: علَيّ أنْ أذُبَّ عنْ وجهِكَ شرَّ جهنَّمَ يومَ القيامَة). وفيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يَا عَليّ، يدُكَ معَ يَدي يومَ القيَامَة، تدخلُ مَعِي حيثُ أدْخُل).

هذا حديث رواه: الطبراني في الأوسط

(1)

عن بكر عن محمد بن عبد الله بن سليمان الخراساني عن عبد الله بن يحيى (هو: الاسكندراني) عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه به. . . وقال: (لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا معمر، ولا عن معمر إلا ابن المبارك، تفرد به عبد الله بن يحيى) اهـ، وآفة الحديث، والبلاء فيه من محمد بن عبد الله بن سليمان، ترجمه الذهبي في الميزان

(2)

، وقال:(عن عبد الله بن يحيى عن ابن المبارك، حدث عنه بكر بن سهل الدمياطي بحديث موضوع) اهـ. قال ابن حجر في اللسان

(3)

: (والحديث الذي أشار إليه هو في الطبراني قال: حدثنا بكر بن سهل. . .)، فذكر هذا الحديث ثم قال:(والوضع عليه ظاهر) اهـ، وبكر بن سهل ضعيف الحديث

(4)

.

ومعمر - في الإسناد - هو: ابن راشد.

(1)

(4/ 123 - 124) ورقمه / 3196. وعنه: أبو نعيم في فضائل الخلفاء (ص/ 182 - 184) ورقمه / 238.

(2)

(5/ 51) ت/ 7792.

(3)

(5/ 226 - 227) ت/ 798.

(4)

انظر الميزان (1/ 345) ت/ 1285.

ص: 57

573 -

[15] عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خلوت برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أي أصحابك أحب إليك؟ حتى أحب من تحب، كما أحب، قال:(اكتُمْ عليَّ يَا عُبادةَ حيَاتي)، قال: نعم. قال: (أبُو بكر، ثم عُمر، ثمَّ عَليّ)، ثم سكت، فقلت: ثم من؟ قال: (منْ عسَى أنْ يكونَ بعدَ هَؤلاءِ إلَّا الزُّبير، وطلحة، وسعد، وأبو عُبيدةَ، ومُعاذ، وأبو طَلحةَ، وأبُو أيوبَ، وأنتَ يا عُبادة، وأُبيُّ بنُ كعْب، وأبُو الدَّرداء، وابنُ مَسعُودٍ، وابنُ عَوفٍ، وابنُ عفَّانَ، ثمَّ هَؤلاءِ الرَّهطُ مِنَ المَوالي: سَلمانَ، وَصُهيبٍ، وَبلالٍ، وسَالمٍ - مولى أبي حُذَيفَةَ -. هَؤلاءِ خَاصَّتِي، وكلُّ أصحَاب عليَّ كَرِيمٌ، إليَّ حَبيبٌ - وإنْ كانَ عبدًا حبشِيَا -).

هذا الحديث أورده الهيثمى في مجمع الزوائد

(1)

بأطول من هذا، وقال:(رواه الطبراني، وفيه: إسحاق بن إبراهيم، روى عن أبي قلابة، ذكره في الميزان، ولم يذكر فيه كلامًا لأحد، وإنما ذكر أن له حديثًا في الفضائل باطل، ولم أدر ما بطلانه - والله أعلم -) اهـ. وعبارة الذهبي في الميزان

(2)

: (إسحاق بن إبراهيم، سمع أبا قلابة، ورد له حديث باطل في الفضائل)، ونقلها نصًا: الحافظ ابن حجر في لسان الميزان

(3)

، ولم يزد. وقال الذهبي في الديوان

(4)

- وقد ذكر إسحاق بن إبراهيم هذا -: (مجهول، وحديثه في

(1)

(9/ 157).

(2)

(1/ 177) ت/ 717.

(3)

(1/ 343) ت / 1065.

(4)

(ص/25) ت / 308.

ص: 58

الفضائل كذب)، وقال في المغني

(1)

: (ورد في حديث موضوع في الفضائل) اهـ. وأحاديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه من المعجم الكبير لم تزل مفقودة - فيما أعلم -، وكفى بقول الذهبي، وإقرار الحافظ له حكمًا مقبولًا في درجة الحديث.

* خلاصة: اشتمل هذا المطلب على ثمانية عشر حديثًا، كلها موصوله إلّا واحدًا. منها ثلاثة أحاديث صحيحة - أحدها متفق عليه، وأحدها انفرد به مسلم -. وحديثان حسنان. وحديثان حسنان لغيرهما - في بعضهما ألفاظ ضعيفة، أو منكرة، نبهت عليها -. وأربعة أحاديث ضعيفة. وحديثان ضعيفان جدًّا. وحديث منكر. وأربعة أحاديث موضوعة - ثبت أحدهما من طرق أخرى -. وذكرت فيه حديثين من خارج كتب نطاق البحث

(2)

- والله ولي التوفيق -.

(1)

(1/ 67) ت / 525.

(2)

قال الذهبي في السير (1/ 140 - 141) عقب ترجمته للعشرة المبشرين بالجنة: (فهذا ما تيسر من سيرة العشرة. وهم أفضل قريش، وأفضل السابقين المهاجرين، وأفضل البدريين، وأفضل أصحاب الشجرة، وسادة هذه الأمة في الدنيا والآخرة. فأبعد الله الرافضة، مما أغواهم، وأشد هواهم؟ كيف اعترفوا بفضل واحد منهم، وبخسوا التسعة حقهم، وافتروا عليهم بأنهم كتموا النص في على أنه الخليفة؟ فوالله ما جرى من ذلك شئ. وأنهم زوروا الأمر عنه بزعمهم، وخالفوا نبيهم؟ وبادروا إلى بيعة رجل من بني تيم يتجر ويتكسب، لا لرغبة في أمواله، ولا لرهبة من عشيرته، ورجاله. ويحك، أيفعل هذا من له مسكة عقل؟ ولو جاز هذا على واحد لما جاز على جماعة، ولو جاز وقرعه من جماعة لاستحال وقوعه والحالة هذه من ألوف من سادة المهاجرين، والأنصار، وفرسان الأمة، وأبطال الإسلام. لكن لا حيلة في برء الرفض؛ لإنه داء مزمن، والهدى نور يقذفه الله في قلب من يشاء، فلا قوة إلا بالله) اهـ.

ص: 59