الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طهُورا، وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: " فضلنَا على النَّاس بِثَلَاث: جعلت صُفُوفنَا كَصُفُوف الْمَلَائِكَة، وَجعلت لنا الأَرْض كلهَا مَسْجِدا، وَجعلت لنا تربَتهَا طهُورا إِذا لم نجد المَاء، وَأُوتِيت هَذِه الْآيَات من (بَيت) كنز تَحت الْعَرْش من آخر سُورَة الْبَقَرَة، لم يُعْط مِنْهُ أحد كَانَ قبلي، وَلَا يعْطى مِنْهُ أحد كَانَ بعدِي ".
بَاب هِجْرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ
-
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَت: " لم أَعقل أَبَوي قطّ إِلَّا وهما يدينان الدَّين، وَلم يمر علينا يَوْم إِلَّا يأتينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - طرفِي النَّهَار: بكرَة وَعَشِيَّة، فَمَا ابْتُلِيَ الْمُسلمُونَ خرج أَبُو بكر مُهَاجرا نَحْو أَرض الْحَبَشَة، حَتَّى إِذا بلغ برك الغماد لقِيه ابْن الدغنة - وَهُوَ سيد القارة - فَقَالَ أَيْن تُرِيدُ يَا أَبَا بكر؟ فَقَالَ أَبُو بكر: أخرجني قومِي فَأُرِيد أَن أسيح فِي الأَرْض وأعبد رَبِّي. فَقَالَ ابْن الدغنة: فَإِن مثلك يَا أَبَا بكر لَا يخرج وَلَا يُخرج، إِنَّك تكسب / الْمَعْدُوم، وَتصل الرَّحِم، وَتحمل الْكل، وتقري الضَّيْف، وَتعين على نَوَائِب الْحق. فَأَنا لَك جَار، ارْجع واعبد رَبك ببلدك. فَرجع وارتحل مَعَه ابْن الدغنة، فَطَافَ ابْن الدغنة عَشِيَّة على أَشْرَاف قُرَيْش فَقَالَ: إِن أَبَا بكر لَا يَخرج مثله وَلَا يُخرج، أتخرجون رجلا يكْسب الْمَعْدُوم، وَيحمل الْكل، ويصل الرَّحِم، ويقري الضَّيْف، ويعين على نَوَائِب الْحق؟ فَلم تكذب قُرَيْش [بجوار] ابْن الدغنة، وَقَالُوا لِابْنِ الدغنة: مر أَبَا بكر
فليعبد ربه فِي دَاره، وَليصل بهَا وليقرأ مَا شَاءَ، وَلَا يؤذينا بذلك لَا يستعلن بِهِ، فَإنَّا نخشى أَن يفتن نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. فَقَالَ ذَلِك ابْن الدغنة لأبي بكر، فَلبث أَبُو بكر بذلك يعبد ربه فِي دَاره وَلَا يستعلن بِصَلَاتِهِ وَلَا يقْرَأ فِي غير دَاره. ثمَّ بدا لأبي بكر فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيقْرَأ الْقُرْآن فيتقذف عَلَيْهِ نسَاء الْمُشْركين وأبناؤهم يعْجبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بكر رجلا بكاء لَا يملك عَيْنَيْهِ إِذا قَرَأَ الْقُرْآن، وأفزع ذَلِك أَشْرَاف كفار قُرَيْش من الْمُشْركين، فأرسلوا إِلَى ابْن الدغنة فَقدم عَلَيْهِم فَقَالُوا: إِن كُنَّا أجرنا أَبَا بكر بجوارك على أَن يعبد ربه فِي دَاره، فقد جَاوز ذَلِك فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره فأعلن بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَة فِيهِ، وَإِنَّا قد خشينا أَن يفتن نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فانهه، فَإِن فَإِن أحب أَن يقْتَصر على أَن يعبد ربه فِي دَاره فعل، وَإِن أَبى إِلَّا [أَن] يعلن بذلك فسله أَن يرد إِلَيْك ذِمَّتك، فَإنَّا قد كرهنا أَن نخفرك، ولسنا بمقرين لأبي بكر الاستعلان. قَالَت عَائِشَة: فَأتى ابْن الدغنة إِلَى أبي بكر رضي الله عنه فَقَالَ: قد علمت الَّذِي (عاقدتك) عَلَيْهِ، فإمَّا أَن تقتصر على ذَلِك وَإِمَّا أَن ترجع إِلَيّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أحب أَن تسمع الْعَرَب أَنِّي أخفرت فِي رجل عاقدت لَهُ. فَقَالَ أَبُو بكر: فَإِنِّي أرد إِلَيْك جوارك، وأرضى بجوار الله عز وجل وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم َ - يَوْمئِذٍ بِمَكَّة. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - للْمُسلمين: إِنِّي رَأَيْت دَار هجرتكم ذَات نخل بَين لابتين، وهما الحرتان. فَهَاجَرَ من هَاجر قبل الْمَدِينَة وَرجع عَامَّة من كَانَ هَاجر بِأَرْض الْحَبَشَة إِلَى الْمَدِينَة، وتجهز أَبُو بكر قبل الْمَدِينَة، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: على رسلك، فَإِنِّي أَرْجُو أَن يُؤذن لي. فَقَالَ أَبُو بكر: وَهل ترجو ذَلِك بِأبي / أَنْت؟ قَالَ: نعم. فحبس أَبُو بكر نَفسه على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ليصحبه (وعلف راحلتين) كَانَتَا عِنْده ورق السمر - وَهُوَ الْخبط - أَرْبَعَة أشهر - قَالَ ابْن شهَاب: قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة: - فَبَيْنَمَا نَحن يَوْمًا جُلُوس فِي
بَيت أبي بكر فِي نحر الظهيرة قَالَ قَائِل لأبي بكر: هَذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - متقنعا فِي سَاعَة لم يكن يأتينا فِيهَا. فَقَالَ أَبُو بكر: فدى لَهُ أبي وَأمي، وَالله مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِه السَّاعَة إِلَّا أَمر. قَالَت: فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فَاسْتَأْذن، فَأذن لَهُ فَدخل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - لأبي بكر: أخرج من عنْدك. فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّمَا هم أهلك بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله. قَالَ: فَإِنِّي قد أذن لي فِي الْخُرُوج. فَقَالَ أَبُو بكر: الصَّحَابَة بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله. قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: نعم. قَالَ أَبُو بكر: فَخذ بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله إِحْدَى رَاحِلَتي هَاتين. قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: بِالثّمن. قَالَت عَائِشَة: فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لَهما سفرة فِي جراب، فَقطعت أَسمَاء بنت أبي بكر قِطْعَة من نطاقها فَربطت بِهِ على فَم الجراب، فبذلك سميت ذَات النطاقين. قَالَت: ثمَّ لحق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبُو بكر بِغَار فِي جبل ثَوْر، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاث لَيَال، يبيت عِنْدهمَا عبد الله بن أبي بكر وَهُوَ غُلَام شَاب ثقف لقن فيدلج من عِنْدهمَا بِسحر، فَيُصْبِح مَعَ قُرَيْش بِمَكَّة كبائت، فَلَا يسمع أمرا يكتادان بِهِ إِلَّا وعاه حَتَّى يأتيهما بِخَبَر ذَلِك حِين يخْتَلط الظلام، ويرعى عَلَيْهِمَا عَامر بن فهَيْرَة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها [عَلَيْهِ] حَتَّى يذهب من الْعشَاء، فيبيتان فِي رسل وَهُوَ لبن منحتهما ورضيفهما حَتَّى ينعق بهم عَامر بِغَلَس، يفعل ذَلِك فِي كل لَيْلَة من تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاث، واستأجر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبُو بكر رجلا من بني الديل وَهُوَ من بني عبد بن عدي هاديا خريتا - والخريت الماهر بالهداية - قد غمس حلفا فِي آل الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي وَهُوَ على دين كفار قُرَيْش، فأمناه، فدفعا إِلَيْهِ راحلتيهما، ووعداه غَار ثَوْر بعد ثَلَاث لَيَال براحلتيهما صبح ثَلَاث، وَانْطَلق مَعَهُمَا عَامر بن فهَيْرَة وَالدَّلِيل، فَأخذ بهما طَرِيق السواحل ".
قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن مَالك [المدلجي ابْن أخي سراقَة
ابْن مَالك] بن [جعْشم] ، أَن أَبَاهُ أخبرهُ، أَنه سمع سراقَة بن [جعْشم] يَقُول:" جَاءَنَا رسل قُرَيْش يجْعَلُونَ فِي رَسُول / الله صلى الله عليه وسلم َ - وَأبي بكر دِيَة كل وَاحِد مِنْهُمَا لمن قَتله أَو أسره، فَبَيْنَمَا أَنا جَالس فِي مجْلِس من مجَالِس قومِي بني مُدْلِج أقبل رجل مِنْهُم حَتَّى قَامَ علينا وَنحن جُلُوس فَقَالَ: يَا سراقَة، إِنِّي قد رَأَيْت آنِفا أَسْوِدَة بالسَّاحل أراهما مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه. قَالَ سراقَة: فَعرفت أَنهم هم، فَقلت لَهُم: إِنَّهُم لَيْسُوا بهم، وَلَكِنَّك رَأَيْت فلَانا وَفُلَانًا انْطَلقُوا بأعيننا. ثمَّ لَبِثت فِي الْمجْلس سَاعَة، ثمَّ قُمْت فَدخلت فَأمرت جاريتي أَن تخرج بفرسي وَهِي من وَرَاء أكمة فتحبسها عَليّ [وَأخذت] رُمْحِي فَخرجت بِهِ من ظهر الْبَيْت فخططت بزجه الأَرْض، وخفضت عاليه، حَتَّى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بِي، حَتَّى دَنَوْت مِنْهُم، وعثرت بِي فرسي، فَخَرَرْت عَنْهَا، فَقُمْت فَأَهْوَيْت بيَدي إِلَى كِنَانَتِي فاستخرجت مِنْهَا الأزلام، فاستقسمت بهَا: أضرهم أم لَا؟ فَخرج الَّذِي أكره، فركبت فرسي - وعصيت الأزلام - تقرب بِي حَتَّى سَمِعت قِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ لَا يلْتَفت، وَأَبُو بكر يكثر الِالْتِفَات، ساخت يدا فرسي فِي الأَرْض، حَتَّى بلغتا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْت عَنْهَا، ثمَّ زجرتها فَنَهَضت، فَلم تكد تخرج يَديهَا، فَلَمَّا اسْتَوَت قَائِمَة إِذا لأثر يَديهَا غُبَار سَاطِع فِي السَّمَاء مثل الدُّخان، فاستقسمت بالأزلام فَخرج الَّذِي أكره فناديتهم بالأمان، فوقفوا فركبت فرسي حَتَّى جئتهم وَوَقع فِي نَفسِي حِين لقِيت مَا لقِيت من الْحَبْس عَنْهُم أَن سَيظْهر أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -، فَقلت: إِن قَوْمك قد جعلُوا فِيك الدِّيَة، وَأَخْبَرتهمْ أَخْبَار مَا يُرِيد النَّاس بهم، وَعرضت عَلَيْهِم الزَّاد وَالْمَتَاع، فَلم يرزآني، وَلم يسألاني إِلَّا أَن قَالَا: أخف عَنَّا. فَسَأَلته أَن يكْتب لي كتاب أَمن، فَأمر عَامر بن فهَيْرَة فَكتب فِي رقْعَة من أَدَم، ثمَّ مضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ".
قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير " أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - لَقِي الزبير فِي
ركب من الْمُسلمين كَانُوا تجارًا قافلين من الشَّام، فكسا الزبير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبا بكر ثِيَاب بَيَاض وَسمع الْمُسلمُونَ بِالْمَدِينَةِ بمخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - من مَكَّة، فَكَانُوا يَغْدُونَ كل غَدَاة إِلَى الْحرَّة فينظرونهم حَتَّى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يَوْمًا بعد مَا أطالوا انتظارهم، فَلَمَّا أووا إِلَى بُيُوتهم أوفى رجل من يهود على أَطَم من آطامهم / لأمر ينظر إِلَيْهِ فَبَصر برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَأَصْحَابه مبيضين يَزُول بهم السراب فَلم يملك الْيَهُودِيّ أَن قَالَ بِأَعْلَى صَوته: يَا معشر الْعَرَب، هَذَا جدكم الَّذِي تنتظرون. فثار الْمُسلمُونَ إِلَى السِّلَاح فتلقوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بِظهْر الْحرَّة فَعدل بهم ذَات الْيَمين حَتَّى نزل بهم فِي بني عَمْرو بن عَوْف، وَذَلِكَ يَوْم الِاثْنَيْنِ من شهر ربيع الأول، فَقَامَ أَبُو بكر للنَّاس وَجلسَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - صامتا، فَطَفِقَ من جَاءَ من الْأَنْصَار مِمَّن لم ير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -[يحيي أَبَا بكر، حَتَّى أَصَابَت الشَّمْس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -] فَأقبل أَبُو بكر حَتَّى ظلل عَلَيْهِ بردائه، فَعرف النَّاس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - عِنْد ذَلِك، فَلبث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فِي بني عَمْرو بن عَوْف بضع عشرَة لَيْلَة، وَأسسَ الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى وَصلى فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -، ثمَّ ركب دَابَّته فَسَار يمشي مَعَه النَّاس حَتَّى بَركت عِنْد مَسْجِد الرَّسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُصَلِّي يَوْمئِذٍ فِيهِ رجال من الْمُسلمين، وَكَانَ مربدا للتمر لسهيل وَسَهل غلامين يتيمين فِي حجر ابْن زُرَارَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - حِين بَركت رَاحِلَته: هَذَا إِن شَاءَ الله الْمنزل. ثمَّ دَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مَسْجِدا فَقَالَا: بل نهبه لَك يَا رَسُول الله. ثمَّ بناه مَسْجِدا وطفق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ينْقل مَعَهم اللَّبن وَيَقُول وَهُوَ ينْقل اللَّبن: % (هَذَا الْحمال لَا حمال خَيْبَر % هَذَا أبر رَبنَا وأطهر) %
وَيَقُول: % (اللَّهُمَّ إِن الْأجر أجر الْآخِرَه % فَارْحَمْ الْأَنْصَار والمهاجره) %
فتمثل بِشعر رجل من الْمُسلمين لم يسم لي ".
قَالَ ابْن شهَاب: وَلم يبلغنَا فِي الْأَحَادِيث أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - تمثل بِبَيْت شعر تَامّ غير هَذِه الأبيات.
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد، ثَنَا عبد الصَّمد، حَدثنِي أبي، ثَنَا عبد الْعَزِيز ابْن صُهَيْب، ثَنَا أنس بن مَالك قَالَ: " أقبل نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ - إِلَى الْمَدِينَة وَهُوَ مردف أَبَا بكر، وَأَبُو بكر شيخ يعرف وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - شَاب لَا يعرف، قَالَ: فَيلقى الرجل أَبَا بكر فَيَقُول: / يَا أَبَا بكر، من هَذَا الرجل الَّذِي بَين يَديك؟ قَالَ: فَيَقُول: هَذَا الَّذِي يهديني السَّبِيل. قَالَ فيحسب الحاسب أَنه إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيق، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيل الْخَيْر، والتفت أَبُو بكر فَإِذا هُوَ بِفَارِس قد لحقهم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَذَا فَارس قد لحق بِنَا. فَالْتَفت نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصرعه. فصرعه فرسه ثمَّ قَامَت تحمحم، فَقَالَ: يَا نَبِي الله، مرني بِمَا شِئْت. فَقَالَ: قف مَكَانك، لَا تتْرك أحدا يلْحق بِنَا. قَالَ: فَكَانَ أول النَّهَار جاهدا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَكَانَ آخر النَّهَار مسلحة لَهُ، فَنزل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - جَانب الْحرَّة، ثمَّ بعث إِلَى الْأَنْصَار فَجَاءُوا إِلَى نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ - وَأبي بكر فَسَلمُوا عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا: اركبا آمِنين مطاعين. فَركب نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبُو بكر وحفوا دونهمَا بِالسِّلَاحِ فَقيل فِي الْمَدِينَة: جَاءَ نَبِي الله، فأشرفوا ينظرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِي الله، جَاءَ نَبِي الله. فَأقبل يسير حَتَّى نزل جَانب دَار أبي أَيُّوب فَإِنَّهُ ليحدث أَهله إِذْ سمع بِهِ عبد الله بن سَلام وَهُوَ فِي نخل لأَهله يخْتَرف لَهُم فَعجل أَن يضم الَّذِي يخْتَرف لَهُم، فجَاء وَهِي مَعَه فَسمع من نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ - ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله فَقَالَ نَبِي الله: أَي بيُوت أهلنا أقرب؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوب: أَنا يَا نَبِي الله، هَذِه دَاري، وَهَذَا بَابي. قَالَ: فَانْطَلق فهيئ لنا مقيلا. قَالَ: قوما على بركَة الله. فَلَمَّا جَاءَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ - جَاءَ عبد الله بن سَلام فَقَالَ: أشهد إِنَّك رَسُول الله وَأَنَّك جِئْت بِالْحَقِّ، وَقد علمت يهود أَنِّي سيدهم وَابْن سيدهم وأعلمهم وَابْن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أَن يعلمُوا أَنِّي قد أسلمت، فَإِنَّهُم إِن يعلمُوا أَنِّي قد أسلمت قَالُوا فيّ مَا لَيْسَ فيّ. فَأرْسل نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ - فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: يَا معشر الْيَهُود، وَيْلكُمْ اتَّقوا الله فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِنَّكُم لتعلمون أَنِّي
رَسُول الله حَقًا وَأَنِّي جِئتُكُمْ بِحَق فأسلموا. قَالُوا: مَا نعلمهُ. قَالُوا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ: ثَلَاث مرار - قَالَ: فَأَي رجل فِيكُم عبد الله بن سَلام؟ قَالُوا: ذَاك سيدنَا وَابْن سيدنَا وَأَعْلَمنَا وَابْن أعلمنَا. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم إِن أسلم؟ قَالُوا: حاشا لله مَا كَانَ ليسلم. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم إِن أسلم؟ قَالُوا: حاشا لله مَا كَانَ ليسلم. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم إِن أسلم؟ قَالُوا: حاشا لله مَا كَانَ ليسلم. قَالَ: يَا ابْن سَلام، اخْرُج إِلَيْهِم. فَخرج عَلَيْهِم فَقَالَ: يَا معشر / يهود، اتَّقوا الله فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِنَّكُم لتعلمون أَنه رَسُول الله وَأَنه جَاءَ بِحَق. فَقَالُوا: كذبت: فَأخْرجهُمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا سَلمَة بن شبيب، حَدثنَا الْحسن بن أعين، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء بن عَازِب يَقُول: جَاءَ أَبُو بكر الصّديق إِلَى أبي فِي منزله، فَاشْترى مِنْهُ رحلا، فَقَالَ لعازب: ابْعَثْ معي ابْنك يحملهُ إِلَى منزلي فَقَالَ لي أبي: احمله. فَحَملته، وَخرج أبي مَعَه ينْتَقد ثمنه، فَقَالَ لَهُ أبي: يَا أَبَا بكر، حَدثنِي كَيفَ صنعتما لَيْلَة سريت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -. قَالَ: نعم أسرينا ليلتنا كلهَا حَتَّى قَامَ قَائِم الظهيرة، وخلا الطَّرِيق، فَلَا يمر مِنْهُ أحد حَتَّى رفعت لنا صَخْرَة طَوِيلَة لَهَا ظلّ لم تأت عَلَيْهِ الشَّمْس بعد، فنزلنا عِنْدهَا، فَأتيت الصَّخْرَة، فسويت بيَدي مَكَانا ينَام فِيهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي ظلها، ثمَّ بسطت عَلَيْهِ فَرْوَة، ثمَّ قلت: نم يَا رَسُول الله، وَأَنا أنفض لَك مَا حولك، فَنَامَ وَخرجت أنفض حوله، فَإِذا أَنا براعي يرْعَى [غنما] مقبل بغنمه إِلَى الصَّخْرَة يُرِيد مِنْهَا الَّذِي أردنَا، فَلَقِيته فَقلت: لمن أَنْت يَا غُلَام؟ قَالَ: لرجل من أهل الْمَدِينَة. قلت: أَفِي غنمك لبن؟ قَالَ: نعم قلت: أفتحلب لي؟ قَالَ: نعم. فَأخذ شَاة، فَقلت: انفض الضَّرع من الشّعْر وَالتُّرَاب والقذى - قَالَ: فَرَأَيْت الْبَراء يضْرب بِيَدِهِ على الْأُخْرَى ينفض - فَحلبَ لي فِي قَعْب مَعَه كثبة من لبن وَمَعِي إدواة أرتوي فِيهَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - ليشْرب مِنْهَا وَيتَوَضَّأ قَالَ: فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وكرهت أَن أوقظه من نَومه، فوافقته اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْت على اللَّبن من المَاء حَتَّى برد أَسْفَله، فَقلت: يَا رَسُول الله، اشرب من هَذَا
اللَّبن. قَالَ: فَشرب حَتَّى رضيت. ثمَّ قَالَ: ألم يَأن للرحيل؟ قلت: بلَى. قَالَ: فارتحلنا بعد مَا زَالَت الشَّمْس وَاتَّبَعنَا سراقَة بن مَالك، وَنحن فِي جدد من الأَرْض، فَقلت: يَا رَسُول الله، أَتَيْنَا. فَقَالَ: لَا تحزن إِن الله مَعنا. فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -، فارتطمت فرسه إِلَى بَطنهَا. فَقَالَ: إِنِّي قد علمت أنكما قد دعوتما عَليّ، فَادعوا لي، فَالله لَكمَا أَن أرد عنكما الطّلب. فَدَعَا الله فنجا، فَرجع لَا يلقى أحدا إِلَّا قَالَ: قد كفيتكم مَا هَاهُنَا، فَلَا يلقى أحدا إِلَّا رده. قَالَ: ووفى لنا ".
وحدثنيه زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عُثْمَان بن عمر. وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا النَّضر / بن شُمَيْل، كِلَاهُمَا عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " اشْترى أَبُو بكر من أبي رحلا بِثَلَاثَة عشر درهما
…
" وسَاق الحَدِيث بِمَعْنى حَدِيث زُهَيْر عَن أبي إِسْحَاق، وَقَالَ فِي حَدِيثه من رِوَايَة عُثْمَان بن عمر: " فَلَمَّا دنا دَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -، فساخ فرسه فِي الأَرْض إِلَى بَطْنه، ووثب عَنهُ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّد، قد علمت أَن هَذَا عَمَلك، فَادع الله أَن يخلصني مِمَّا أَنا فِيهِ، وَلَك عَليّ لأعمين على من ورائي، وَهَذِه كِنَانَتِي فَخذ سَهْما مِنْهَا فَإنَّك ستمر على إبلي وغلماني بمَكَان كَذَا وَكَذَا، فَخذ مِنْهَا حَاجَتك. قَالَ: لَا حَاجَة لي فِي إبلك. قَالَ: فقدمنا الْمَدِينَة لَيْلًا، فتنازعوا أَيهمْ ينزل عَلَيْهِ فَقَالَ: أنزل على بني النجار أخوال عبد الْمطلب أكْرمهم بذلك. فَصَعدَ الرِّجَال وَالنِّسَاء فَوق الْبيُوت و [تفرق] الغلمان والخدم فِي الطّرق ينادون: يَا مُحَمَّد يَا رَسُول الله، يَا مُحَمَّد يَا رَسُول الله ".
روى أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا حوثرة بن مُحَمَّد الْمنْقري، ثَنَا عَمْرو بن مُحَمَّد الْعَنْقَزِي، حَدثنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء، عَن أبي بكر الصّديق فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ: " فَقلت: هَذَا الطّلب قد لحقنا يَا رَسُول الله. قَالَ: وبكيت قَالَ: وَلم تبْكي؟ قلت: [أما] وَالله مَا على نَفسِي أبْكِي، وَلَكِن أبْكِي
عَلَيْك، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: اللَّهُمَّ اكفناه. فساخت فرسه فِي الأَرْض إِلَى بَطنهَا ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن شُعَيْب، أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن حَمَّاد، حَدثنِي الوضاح أَبُو عوَانَة، ثَنَا أَبُو بلج - هُوَ يحيى بن أبي سليم - ثَنَا عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ:" إِنِّي لجالس إِلَى ابْن عَبَّاس إِذْ أَتَاهُ تِسْعَة رَهْط فَسَأَلُوهُ عَن عَليّ رضي الله عنه فَقَالَ: كَانَ أول من أسلم من النَّاس بعد خَدِيجَة، وَلبس ثوب النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - ونام، فَجعل الْمُشْركُونَ يرْمونَ كَمَا يرْمونَ رَسُول الله وَيَحْسبُونَ أَنه نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ -، فجَاء أَبُو بكر رضي الله عنه فَقَالَ: يَا نَبِي الله. فَقَالَ عَليّ: إِن نَبِي الله قد ذهب نَحْو بِئْر مَيْمُون فَاتبعهُ. فَدخل مَعَه الْغَار، وَكَانَ الْمُشْركُونَ يرْمونَ عليا رضي الله عنه حَتَّى أصبح ".
قَالَ: وَحدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان، ثَنَا يحيى بن عبد الحميد، ثَنَا أَبُو عوَانَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ:" قَالَ لي عَليّ: لما انْطلق - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - / لَيْلَة الْغَار فأنامه النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مَكَانَهُ وَألبسهُ برده، فَجَاءَت قُرَيْش تُرِيدُ أَن تقتل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَجعلُوا يرْمونَ عليا وهم يرَوْنَ أَنه النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قد ألبسهُ برده، فَجعل عَليّ يتضور فنظروا فَإِذا هُوَ عَليّ رضي الله عنه فَقَالُوا: إِنَّه لنائم لَو كَانَ صَاحبك لم يتضور لقد استنكرنا ذَلِك ".
بَاب ذكر مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - ووفاته
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مخلد، [عَن] عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه " أَن أم مُبشر قَالَت للنَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: مَا يتهم بك يَا رَسُول الله؟ فَإِنِّي لَا أتهم بِابْني إِلَّا الشَّاة المسمومة الَّتِي أكل مَعَك بِخَيْبَر. قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -: وَأَنا لَا أتهم نَفسِي إِلَّا ذَلِك فَهَذَا أَوَان قطع أَبْهَري ".
أَبُو دَاوُد: رُبمَا حدث عبد الرَّزَّاق بِهَذَا الحَدِيث مُرْسلا عَن معمر، عَن
الزُّهْرِيّ، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -، وَرُبمَا حدث بِهِ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب ابْن مَالك. وَذكر عبد الرَّزَّاق أَن معمرا كَانَ يُحَدِّثهُمْ بِالْحَدِيثِ مرّة مُرْسلا فيكتبونه، ويحدثهم بِهِ مرّة فيسنده فيكتبونه، وكل صَحِيح عندنَا. قَالَ عبد الرَّزَّاق: فَلَمَّا قدم ابْن الْمُبَارك على معمر أسْند لَهُ معمر أَحَادِيث كَانَ يوقفها.
هَذَا لِأَحْمَد بن سعيد.
البُخَارِيّ: وَقَالَ يُونُس: عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة: " كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَة، مَا أَزَال أجد ألم الطَّعَام الَّذِي أكلت بِخَيْبَر، فَهَذَا أَوَان وجدت انْقِطَاع أَبْهَري من ذَلِك السم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام الطرسوسي، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن صَالح بن كيسَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَ:" دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْيَوْم الَّذِي بُدِئَ فِيهِ. فَقلت: وارأساه. فَقَالَ: وددت أَن ذَلِك كَانَ وَأَنا حَيّ فهيأتك ودفنتك. فَقلت (غيْرَى) : كَأَنِّي بك ذَلِك الْيَوْم عروسا بِبَعْض نِسَائِك. قَالَ: أَنا وارأساه، ادعِي لي أَبَاك وأخاك حَتَّى أكتب لأبي بكر كتابا، فَإِنِّي أَخَاف أَن يَقُول قَائِل ويتمنى (تأولا) ويأبى الله والمؤمنون إِلَّا أَبَا بكر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو يُوسُف / الصيدلاني مُحَمَّد بن أَحْمد من كِتَابه، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن يَعْقُوب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله ابْن عبد الله، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة قَالَت: " رَجَعَ إليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ذَات يَوْم من جَنَازَة بِالبَقِيعِ وَأَنا أجد صداعا فِي رَأْسِي وَأَنا أَقُول: وارأساه. فَقَالَ:
[بل أَنا يَا عَائِشَة وارأساه. ثمَّ قَالَ] : وَالله مَا ضرك لَو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وَصليت عَلَيْك ثمَّ دفنتك. قلت: لكَأَنِّي بك وَالله لَو فعلت ذَلِك لقد رجعت إِلَى بَيْتِي وأعرست فِيهِ بِبَعْض نِسَائِك. فَتَبَسَّمَ الله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -، ثمَّ (بَدَأَ) بوجعه الَّذِي مَاتَ فِيهِ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا عبد الله بن نمير، عَن زَكَرِيَّا.
وَحدثنَا ابْن نمير [ثَنَا أبي] ثَنَا زَكَرِيَّا، عَن فراس، عَن عَامر، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت:" [اجْتمع] نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَلم يُغَادر مِنْهُنَّ امْرَأَة، فَجَاءَت فَاطِمَة تمشي كَأَن مشيتهَا [مشْيَة] رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -، [فَقَالَ] : مرْحَبًا بِابْنَتي. فأجلسها عَن يَمِينه أَو عَن شِمَاله، ثمَّ إِنَّه سر إِلَيْهَا حَدِيثا فَبَكَتْ فَاطِمَة - رضوَان الله عَلَيْهَا - ثمَّ إِنَّه سَارهَا فَضَحكت أَيْضا، فَقلت لَهَا: مَا يبكيك؟ قَالَت: مَا كنت لأفشي سر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -. فَقلت: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ فَرحا أقرب من حزن. فَقلت لَهَا حِين بَكت: أخصك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بحَديثه دُوننَا ثمَّ تبكين؟ وسألتها عَمَّا قَالَ فَقَالَت: مَا كنت لأفشي سر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -. حَتَّى إِذا قبض سَأَلتهَا فَقَالَت: إِنَّه كَانَ حَدثنِي أَن جِبْرِيل كَانَ يُعَارضهُ بِالْقُرْآنِ كل عَام مرّة وَإنَّهُ عَارضه بِهِ فِي الْعَام مرَّتَيْنِ، وَلَا أَرَانِي إِلَّا قد حضر أَجلي، وَإنَّك أول أَهلِي لُحُوقا بِي، وَنعم السّلف أَنا [لَك] . فَبَكَيْت لذَلِك، ثمَّ إِنَّه سَارَّنِي فَقَالَ: أَلا ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ - أَو سيدة نسَاء هَذِه الْأمة - فَضَحكت لذَلِك ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر بن سُوَيْد، أبنا عبد الله، عَن معمر وَيُونُس قَالَا: قَالَ الزُّهْرِيّ: وَأَخْبرنِي [عبيد الله] بن عبد الله بن عتبَة أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَت: " لما ثقل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعه، اسْتَأْذن أَزوَاجه فِي أَن يمرض فِي بَيْتِي فَأذن لَهُ، فَخرج بَين رجلَيْنِ تخط رِجْلَاهُ فِي الأَرْض، بَين عَبَّاس وَبَين رجل آخر. قَالَت عَائِشَة /: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بعد مَا دخل بَيتهَا وَاشْتَدَّ وَجَعه: أهريقوا عَليّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعَلي أَعهد إِلَى النَّاس. قَالَت عَائِشَة: (فأجلسانه) فِي مخضب لحفصة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - ثمَّ طفقنا نصب عَلَيْهِ من تِلْكَ الْقرب حَتَّى جعل يُشِير إِلَيْنَا بِيَدِهِ أَن قد فَعلْتُمْ. قَالَ: ثمَّ خرج إِلَى النَّاس فصلى بهم وخطبهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قبيصَة، ثَنَا سُفْيَان.
وحَدثني بشر بن مُحَمَّد، أخبرنَا عبد الله، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت:" مَا رَأَيْت أحدا الوجع عَلَيْهِ أَشد من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبيد الله قَالَ:" سَأَلت عَائِشَة عَن مرض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - قَالَت: اشْتَكَى فَجعل ينفث فَكُنَّا نشبه نفثه بنفث أكل الزَّبِيب ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق، أبنا بشر بن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة، حَدثنِي أبي، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبد الله بن كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ كَعْب ابْن مَالك أحد الثَّلَاثَة الَّذين تيب عَلَيْهِم - أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ " أَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه خرج من عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فِي وَجَعه الَّذِي توفّي (مِنْهُ) فَقَالَ النَّاس: يَا أَبَا حسن، كَيفَ أصبح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -؟ فَقَالَ: أصبح بِحَمْد الله بارئا. فَأخذ بِيَدِهِ عَبَّاس بن عبد الْمطلب فَقَالَ لَهُ: أَنْت وَالله بعد ثَلَاث عبد الْعَصَا، وَإِنِّي وَالله لأرى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - سيتوفى من وَجَعه هَذَا، إِنِّي لأعرف وُجُوه بني عبد الْمطلب عِنْد الْمَوْت، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فلنسأله فِيمَن هَذَا الْأَمر، إِن كَانَ فِينَا علمنَا ذَلِك، وَإِن كَانَ فِي غَيرنَا علمناه، فأوصى بِنَا. قَالَ عَليّ: إِنَّا وَالله لَئِن سَأَلنَا هَذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فمنعناها لَا يعطيناها النَّاس بعده، وَإِنِّي وَالله لَا أسألها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن سُلَيْمَان الْأَحول، عَن سعيد ابْن جُبَير قَالَ: قَالَ إِبْنِ عَبَّاس: " يَوْم الْخَمِيس وَمَا يَوْم الْخَمِيس، اشْتَدَّ برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَجَعه فَقَالَ: ائْتُونِي أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا. فتنازعوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْد نَبِي تنَازع، فَقَالُوا: مَا شَأْنه؟ أَهجر؟ استفهموه / فَذَهَبُوا (يرددوا) عَنهُ فَقَالَ: دَعونِي فَالَّذِي أَنا فِيهِ خير مِمَّا تدعونني إِلَيْهِ. وأوصاهم بِثَلَاث فَقَالَ: أخرجُوا الْمُشْركين من جَزِيرَة الْعَرَب، وأجيزوا الْوَفْد بِنَحْوِ مَا كنت أجيزهم، وَسكت عَن الثَّالِثَة - أَو قَالَ: فنسيتها ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد، حَدثنَا عَفَّان، عَن صَخْر [بن] جوَيْرِية،
عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة:" دخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر على النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَأَنا مسندته إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عبد الرَّحْمَن سواك رطب يستن بِهِ فأبده رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بَصَره، فَأخذت السِّوَاك فقضمته ونفضته وطيبته، ثمَّ دَفعته إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فاستن بِهِ، فَمَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - اسْتنَّ استنانا قطّ أحسن مِنْهُ، فَمَا عدا أَن فرغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - رفع يَده أَو إصبعه ثمَّ قَالَ: فِي الرفيق الْأَعْلَى - ثَلَاثًا. ثمَّ قضى، وَكَانَت تَقول: مَاتَ بَين حاقنتي وذاقنتي ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبيد، حَدثنِي عِيسَى بن يُونُس، عَن [عمر] ابْن سعيد، أَخْبرنِي ابْن أبي مليكَة، أَن أَبَا عَمْرو ذكْوَان مولى عَائِشَة أخبرهُ، أَن عَائِشَة كَانَت تَقول:" إِن من نعم الله عز وجل عليّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - توفّي فِي بَيْتِي وَفِي يومي وَبَين سحرِي وَنَحْرِي، وَأَن الله جمع بَين ريقي وريقه عِنْد مَوته، وَدخل عَليّ عبد الرَّحْمَن وَبِيَدِهِ سواك وَأَنا مُسندَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -، فرأيته ينظر إِلَيْهِ، وَعرفت أَنه يحب السِّوَاك فَقلت: آخذه لَك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَن نعم، فناولته فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَقلت: ألينه لَك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَن نعم، فلينته فَأمره، وَبَين يَدَيْهِ ركوة - أَو علبة - يشك عمر - فِيهَا مَاء، فَجعل يدْخل يَدَيْهِ فِي المَاء فيمسح بهَا وَجهه يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله إِن للْمَوْت سَكَرَات. ثمَّ نصب يَده فَجعل يَقُول فِي الرفيق الْأَعْلَى. حَتَّى قبض ومالت يَده ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل بن خَالِد قَالَ: قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة
ابْن الزبير (و) رجال من أهل الْعلم أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَت: " كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول وَهُوَ صَحِيح: إِنَّه لم يقبض نَبِي قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده (من) الْجنَّة ثمَّ يُخَيّر. قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا نزل برَسُول / الله صلى الله عليه وسلم َ - وَرَأسه على فَخذي، غشي عَلَيْهِ سَاعَة، ثمَّ أَفَاق فأشخص بَصَره إِلَى السّقف، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الرفيق الْأَعْلَى. قَالَت عَائِشَة: قلت: إِذا لَا يختارنا. قَالَت عَائِشَة: وَعرفت الحَدِيث الَّذِي كَانَ يحدثنا بِهِ وَهُوَ صَحِيح فِي قَوْله: إِنَّه لم يقبض نَبِي قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة ثمَّ يُخَيّر. قَالَت عَائِشَة: فَكَانَت تِلْكَ آخر كلمة تكلم بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: اللَّهُمَّ (فِي) الرفيق الْأَعْلَى ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر: ثَنَا [شُعْبَة] ، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت:" كنت أسمع أَنه لن يَمُوت نَبِي حَتَّى يُخَيّر بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ وأخذته بحة يَقُول: {مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} قَالَت: فَظَنَنْت أَنه خير حِينَئِذٍ ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا أَزْهَر قَالَ: أخبرنَا ابْن عون، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود قَالَ: " ذكر عِنْد عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أوصى إِلَى عَليّ.
فَقَالَت: من قَالَه؟ لقد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَإِنِّي لمسندته إِلَى صَدْرِي، فَدَعَا بالطست فانخنث فَمَاتَ، فَمَا شَعرت، فَكيف أوصى إِلَى عَليّ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، حَدثنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة؛ أَن عَائِشَة أخْبرته:" أَن أَبَا بكر رضي الله عنه أقبل على فرس من مَسْكَنه بالسنح، فَدخل الْمَسْجِد فَلم يكلم النَّاس حَتَّى دخل على عَائِشَة، فَتَيَمم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ مغشى بِثَوْب حبرَة، فكشف عَن وَجهه ثمَّ أكب عَلَيْهِ فَقبله ثمَّ بَكَى ثمَّ قَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي، وَالله لَا يجمع الله عَلَيْك بَين موتتين، أما الموتة الَّتِي كتبت عَلَيْك فقد متها ".
وحَدثني أَبُو سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس " أَن أَبَا بكر خرج وَعمر بن الْخطاب يكلم النَّاس قَالَ: اجْلِسْ يَا عمر. فَأبى عمر أَن يجلس، فَأقبل النَّاس إِلَيْهِ وَتركُوا عمر فَقَالَ أَبُو بكر: أما بعد، من كَانَ مِنْكُم يعبد مُحَمَّد فَإِن مُحَمَّد قد مَاتَ، وَمن كَانَ مِنْكُم يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت قَالَ الله عز وجل: {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل} إِلَى قَوْله {الشَّاكِرِينَ} . وَقَالَ: وَالله لكأن النَّاس / لم يعلمُوا أَن الله أنزل هَذِه الْآيَة حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بكر فتلقاها مِنْهُ النَّاس كلهم، فَمَا أسمع بشرا من النَّاس إِلَّا يتلوها. فَأَخْبرنِي ابْن الْمسيب أَن عمر قَالَ: وَالله مَا هُوَ إِلَّا أَن سَمِعت أَبَا بكر تَلَاهَا فعقرت حَتَّى مَا تُقِلني رجلاي وَحَتَّى أهويت إِلَى الأَرْض حِين سمعته تَلَاهَا [علمت] أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قد مَاتَ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس قَالَ: " آخر نظرة نظرتها إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -، كشف الستارة وَالنَّاس صُفُوف خلف