المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما روي في أن الله سبحانه وتعالى قبل وجه المصلي، ونحو ذلك مما يحتاج إلى تأويل - الأسماء والصفات - البيهقي - جـ ٢

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الذَّاتِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصَابِعِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي السَّاعِدِ وَالذِّرَاعِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الرُّوحِ وَقَوْلِهِ عز وجل: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، وَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَقَوْلِهِ فَنَفَخْنَا فِيهِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الرَّحِمِ أَنَّهَا قَامَتْ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْإِظْلَالِ بِظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ

- ‌بَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّقَرُّبِ وَالْإِتْيَانِ وَالْهَرْوَلَةِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْوَطْأَةِ بِوَجٍّ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّفَسِ وَتَقَذُّرِ النَّفْسِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الضَّحِكِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَجَبِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرَحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغَيْرَةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَلَالِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاسْتِحْيَاءِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مِثْلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّرَدُّدِ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ

الفصل: ‌باب ما روي في أن الله سبحانه وتعالى قبل وجه المصلي، ونحو ذلك مما يحتاج إلى تأويل

‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ

ص: 397

972 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَضَى صَلَاتَهُ:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قِبَلَ وَجْهِهِ فِي الصَّلَاةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَجَّاجٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، فَقَالَ: وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ نَافِعٍ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:«فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ» . وَرَوَاهُ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه فَزَادَ فِيهِ: «وَإِنَّ رَبَّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ»

ص: 397

973 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهِ أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُحَمَّدَابَاذِيُّ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، فَرُئِيَ فِي وَجْهِهِ شِدَّةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ أَوْ رَبُّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا بَصَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا ثُمَّ بَزَقَ فِي ثَوْبِهِ، وَدَلَّكَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ» . قَالَ يَزِيدُ: وَأَرَانَا حُمَيْدٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ حُمَيْدٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: " قَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلُ وَجْهِهِ ". تَأْوِيلُهُ: أَنَّ الْقِبْلَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا لِلصَّلَاةِ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلْيَصُنْهَا عَنِ النُّخَامَةِ، وَفِيهِ إِضْمَارٌ وَحَذْفٌ وَاخْتِصَارٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: 93] . أَيْ: حُبُّ الْعِجْلِ، وَكَقَوْلِهِ:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] يُرِيدُ: أَهْلَ الْقَرْيَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ كَثِيرٌ، وَإِنَّمَا أُضِيفَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِمَةِ، كَمَا قِيلَ: بَيْتُ اللَّهِ وَكَعْبَةُ اللَّهِ، فِي نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:«رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» : مَعْنَاهُ: أَنَّ تَوَجُّهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ مُفْضٍ بِالْقَصْدِ مِنْهُ إِلَى رَبِّهِ، فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّ مَقْصُودَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ، فَأَمَرَ بِأَنْ تُصَانَ تِلْكَ الْجِهَةُ عَنِ الْبُزَاقِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ:«مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم» إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ ". أَيْ: إِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ لِهَذَا الْمُصَلِّي يَنْزِلُ

⦗ص: 399⦘

عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:«يَجِيءُ الْقُرْآنُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . أَيْ: يَجِيءُ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ الْقُرْآنَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ يُؤَكِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ

ص: 398

974 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، نا أَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ، نا سُفْيَانُ، نا الزُّهْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ، فَلَا يَمْسَحِ الْحَصْبَاءَ» . قَالَ سُفْيَانُ: فَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ لِلزُّهْرِيِّ: مَنْ أَبُو الْأَحْوَصِ؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَمَا رَأَيْتَ الشَّيْخَ الَّذِي يُصَلِّي فِي الرَّوْضَةِ؟ فَجَعَلَ الزُّهْرِيُّ يَنْعَتُهُ وَسَعْدٌ لَا يَعْرِفُهُ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ مَا مَضَى مِنَ التَّأْوِيلِ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ

ص: 399

975 -

وَأَمَّا حَدِيثُ مَجِيءِ الْقُرْآنِ فَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، نا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، نا أَبُو تَوْبَةَ، نا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ الْحَبَشِيُّ، عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ، يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ يُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» . قَالَ مُعَاوِيَةُ: الْبَطَلَةُ: السَّحَرَةُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ أَبِي تَوْبَةَ.

⦗ص: 400⦘

وَالْمُرَادُ بِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّرْغِيبُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، ثُمَّ الْكَلَامُ فِي مَجِيءِ قِرَاءَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَحْوَ الْكَلَامِ فِي وَزْنِ الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ

ص: 399

976 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] . قَالَ: فَنَحْنُ لَا نَسْأَلُهُ إِذْ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ بِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللَّهِ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَالَ: وَفِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ أَعْرَابِيٌّ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَمَى بِيَدَيْهِ فَقَالَ: حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْهُمْ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: فَرَأَيْتُ فِيَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبِشْرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هُمْ عَبَّادٌ مِنْ عَبَّادِ اللَّهِ مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى، وَقَبَائِلَ شَتَّى، مِنْ شُعُوبِ الْقَبَائِلِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ يَتَوَاصَلُونَ بِهَا، وَلَا دُنْيَا يَتَبَاذَلُونَ بِهَا، يَتَحَابُّونَ بِرُوحِ اللَّهِ عز وجل، يَجْعَلُ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ نُورًا، وَيَجْعَلُ لَهُمْ مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ قُدَّامَ الرَّحْمَنِ، يَفْزَعُ النَّاسُ وَلَا يَفْزَعُونَ، وَيَخَافُ النَّاسُ وَلَا يَخَافُونَ» . فَهَذَا حَدِيثٌ رَاوِيهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، ثُمَّ قَوْلُهُ:«بِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللَّهِ عز وجل» . يُرِيدُ بِهِ فِي الْكَرَامَةِ. وَقَوْلُهُ: «قُدَّامَ الرَّحْمَنِ» يُرِيدُ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: قُدَّامَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ

ص: 400