المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما ذكر في الساعد والذراع - الأسماء والصفات - البيهقي - جـ ٢

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الذَّاتِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصَابِعِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي السَّاعِدِ وَالذِّرَاعِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الرُّوحِ وَقَوْلِهِ عز وجل: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، وَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَقَوْلِهِ فَنَفَخْنَا فِيهِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الرَّحِمِ أَنَّهَا قَامَتْ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْإِظْلَالِ بِظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ

- ‌بَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّقَرُّبِ وَالْإِتْيَانِ وَالْهَرْوَلَةِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْوَطْأَةِ بِوَجٍّ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّفَسِ وَتَقَذُّرِ النَّفْسِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الضَّحِكِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَجَبِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرَحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغَيْرَةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَلَالِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاسْتِحْيَاءِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مِثْلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّرَدُّدِ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ

الفصل: ‌باب ما ذكر في الساعد والذراع

‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي السَّاعِدِ وَالذِّرَاعِ

ص: 175

742 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ بْنِ رُسْتُمَ، نا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، نا شُعْبَةُ ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، نا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ، نا أَبُو الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَا: نا أَبُو الْوَلِيدُ الطَّيَالِسِيُّ، نا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: «هَلْ

⦗ص: 176⦘

لَكَ مِنْ مَالٍ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «مِنْ أَيِّ الْمَالِ؟» قُلْتُ: مِنْ كُلٍّ مِنَ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَالْغَنَمِ. قَالَ: «فَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ» قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تُنْتِجُ إِبِلُ قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا فَتَعْمَدُ إِلَى الْمُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا، وَتَقُولُ: هِيَ بَحْرٌ، وَتَشُقُّهَا أَوْ تَشُقُّ جُلُودَهَا وَتَقُولُ: هِيَ حُرُمٌ فَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِكَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكُلُّ مَا آتَاكَ اللَّهُ لَكَ حِلٌّ، وَسَاعِدُ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ، وَمُوسَى اللَّهِ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ". تَابَعَهُ أَبُو الزَّعْرَاءِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، وَأَبُوهُ مَالِكُ بْنُ نَضْلَةَ الْجُشَمِيُّ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ غَيْرَ ابْنِهِ أَبِي الْأَحْوَصِ

ص: 175

743 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّرْسِيُّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، نا شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ غِلَظَ جِلْدِ الْكَافِرِ اثَنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ

⦗ص: 177⦘

الْجَبَّارِ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ» . قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ فِي قَوْلِهِ:«سَاعِدُ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ» مَعْنَاهُ: أَمَرُهُ أَنْفَذُ مِنْ أَمْرِكَ، وَقُدْرَتُهُ أَتَمُّ مِنْ قُدْرَتِكَ، كَقَوْلِهِمْ: جَمَعْتُ هَذَا الْمَالَ بِقُوَّةِ سَاعِدِي، يَعْنِي بِهِ رَأْيَهُ وَتَدْبِيرَهُ وَقُدْرَتَهُ، فَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّاعِدِ لِلتَّمْثِيلِ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الْقُوَّةِ، يُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ:«وَمُوسَاهُ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ» . يَعْنِي قَطْعُهُ أَسْرَعُ مِنْ قَطْعِكَ، فَعَبَّرَ عَنِ الْقَطْعِ بِالْمُوسَى لِمَا كَانَ سَبَبًا عَلَى مُذْهِبِ الْعَرَبِ فِي تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يُجَاوِرُهُ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ، كَمَا سُمِّيتِ الْبَصَرُ عَيْنًا وَالسَّمْعُ أُذُنًا، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:«بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ» . إِنَّ الْجَبَّارَ

⦗ص: 178⦘

هَهُنَا لَمْ يَعْنِ بِهِ الْقَدِيمَ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهِ رَجُلًا جَبَّارًا كَانَ يُوصَفُ بِطُولِ الذِّرَاعِ وَعِظَمِ الْجِسْمِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ:{كُلَّ جُبَارٍ عَنِيدٍ} [هود: 59]، وَقَوْلِهِ:{وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: 45] فَقَوْلُهُ: «بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ» أَيْ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ الْمَوْصُوفِ بِطُولِ الذِّرَاعِ وَعِظَمِ الْجَسَدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذِرَاعًا طَوِيلًا يُذْرَعُ بِهِ يُعْرَفُ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ، عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالتَّهْوِيلِ، لَا أَنَّ لَهُ ذِرَاعًا كَذِرَاعِ الْأَيْدِي الْمَخْلُوقَةِ

ص: 176

744 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، حَدَّثَهُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَيُّ الْخَلْقِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: الْمَلَائِكَةُ. قَالَ: مِنْ مَاذَا خُلِقَتْ؟ قَالَ: مِنْ نُورِ الذِّرَاعَيْنِ

⦗ص: 179⦘

وَالصَّدْرِ. قَالَ فَبَسَطَ ذِرَاعَيْنِ، فَقَالَ: كُونُوا أَلْفَيْ أَلْفَيْنِ. قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: فَقُلْتُ لِابْنِ جُرَيْجٍ: مَا أَلْفَا أَلْفَيْنِ؟ قَالَ: مَا لَا تُحْصَى كَثْرَتُهُ. هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمْرٍو وَرَاوِيهِ رَجُلٌ غَيْرُ مُسَمًّى، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَقَدْ كَانَ يَنْظُرُ فِي كُتُبِ الْأَوَائِلِ، فَمَا لَا يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ عليه السلام يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا رَآهُ فِيمَا وَقَعَ بِيَدِهِ مِنْ تِلْكَ الْكُتُبِ، ثُمَّ لَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ الصَّدْرُ وَالذِّرَاعَانِ مِنْ أَسْمَاءِ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ، وَقَدْ وُجِدَ فِي النُّجُومِ مَا سُمِّيَ ذِرَاعَيْنِ: وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ» . هَكَذَا مُطْلَقًا

ص: 178

ص: 180

745 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَرَى رَبَّنَا تَعَالَى ذِكْرُهُ؟ قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ إِذَا كَانَ صَحْوًا؟» قُلْنَا: لَا، قَالَ:«فَتَضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ إِذَا كَانَ صَحْوًا؟» قُلْنَا: لَا، قَالَ: " فَإِنَّكُمْ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا، ثُمَّ يُنَادِى مُنَادٍ: لِيَذْهِبَ كُلُّ قَوْمٍ مَعَ مَنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ «. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ» فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ

⦗ص: 181⦘

وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهَا؟ فَيَقُولُونَ: السَّاقُ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدُ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا ". قَالَ:

⦗ص: 182⦘

وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسَ عَنِ اللَّيْثِ مُخْتَصَرًا، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ «يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ» ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ عَنِ اللَّيْثِ. كَمَا رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: " هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَهَيَّبَ الْقَوْلَ فِيهِ شُيُوخُنَا، فَأَجَرَوْهُ عَلَى ظَاهَرِ لَفْظِهِ، وَلَمْ يَكْشِفُوا عَنْ بَاطِنِ مَعْنَاهُ، عَلَى نَحْوِ مَذْهَبِهِمْ فِي التَّوَقُّفِ

⦗ص: 183⦘

عَنْ تَفْسِيرِ كُلِّ مَا لَا يُحِيطُ الْعِلْمُ بِكُنْهِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: عَنْ شِدَّةٍ وَكَرْبٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «يَوْمَ يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ» . أَيْ عَنْ قَدْرَتِهِ الَّتِي تَنْكَشِفُ عَنِ الشِّدَّةِ وَالْمَعَرَّةِ

ص: 180

746 -

وَذَكَرَ الْأَثَرَ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَبَّانِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تبارك وتعالى:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: إِذَا خُفِيَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ، فَابْتَغُوهُ مِنَ الشِّعْرِ، فَإِنَّهُ دِيوَانُ الْعَرَبِ. أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

⦗ص: 184⦘

اصْبِرْ عَنَاقْ إِنَّهُ شَرٌّ بَاقْ

قَدْ سَنَّ قَوْمُكَ ضَرْبَ الْأَعْنَاقِ

وَقَامَتِ الْحَرْبُ بِنَا عَلَى سَاقْ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا يَوْمُ كَرْبٍ وَشِدَّةٍ. تَابَعَهُ أَبُو كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ فِي قَوْلِهِ:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] أَيْ: عَنِ الْأَمْرِ الشَّدِيدِ، وَأَنْشَدُوا:

[البحر الرجز]

قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا فَشُدُّوا

وَجَدَّتِ الْحَرْبُ بِكُمْ فَجِدُّوا

وَقَالَ بَعْضُ الْأَعْرَابِ، وَكَانَ يَطْرُدُ الطَّيْرَ عَنِ الزَّرْعِ فِي سَنَةٍ جَدْبٍ:

عَجِبْتُ مِنْ نَفْسِي وَمِنْ إِشْفَاقِهَا

وَمَنْ طِرَادِي الطَّيْرَ عَنْ أَرْزَاقِهَا

فِي سَنَةٍ قَدْ كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا

قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه: هَذَا وَمَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَعْنَى يَتَقَارَبَانِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرُوِيَ بِمَعْنَاهُ

ص: 183

747 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: هُوَ الْأَمْرُ الشَّدِيدُ الْمُفْظِعُ مِنَ الْهَوْلِ يَوْمَ الْقِيَامَة

⦗ص: 185⦘

ِ

ص: 184

748 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، نا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الْفَرَّاءُ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] يُرِيدُ: الْقِيَامَةَ وَالسَّاعَةَ لِشِدَّتِهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ الْعَرَبِ لِجِدِّ طَرَفَةَ:

[البحر الكامل]

كَشَفَتْ لَهُمْ عَنْ سَاقِهَا

وَبَدَا مِنَ الشَّرِّ الصُّرَاحْ

ص: 185

749 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} [القلم: 42] يَقُولُ: حِينَ يُكْشَفُ الْأَمْرُ وَتَبْدُو الْأَعْمَالُ، وَكشْفُهُ دُخُولُ الْآخِرَةِ وَكَشَفُ الْأَمْرِ عَنْهُ

ص: 185

750 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةُ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:

⦗ص: 186⦘

يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَقْسُو ظَهْرَ الْكَافِرِ فَيَصِيرُ عَظْمًا وَاحِدًا

ص: 185

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكْشَفُ عَنْ أَمَرٍ شَدِيدٍ؛ يُقَالُ: قَدْ قَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ

ص: 186

751 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ، نا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، أنا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: إِذَا اشْتَدَّ الْأَمْرُ فِي الْحَرْبِ قِيلَ: كَشَفَتِ الْحَرْبُ عَنْ سَاقٍ. قَالَ: فَأَخْبِرْهُمْ عَنْ شِدَّةِ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رحمه الله: فَإِنَّمَا جَاءَ ذِكْرُ الْكَشْفِ عَنِ السَّاقِ عَلَى مَعْنَى الشِّدَّةِ، فَيُحْتَمَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَبْرُزُ مِنْ أَمْرِ الْقِيَامَةِ وَشِدَّتِهَا مَا

⦗ص: 187⦘

تَرْتَفِعُ مَعَهُ سَوَاتِرُ الِامْتِحَانِ، فَيُمِيَّزُ عِنْدَ ذَلِكَ أَهْلِ الْيَقِينِ وَالْإِخْلَاصِ، فَيُؤْذَنُ لَهُمْ فِي السُّجُودِ، وَيَنْكَشِفُ الْغِطَاءُ عَنْ أَهْلِ النِّفَاقِ فَتَعُودُ ظُهُورُهُمْ طَبَقًا لَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُودَ، قَالَ: وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ: لَا نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ يَكْشِفُ لَهُمْ عَنْ سَاقٍ لِبَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَيَجْعَلُ ذَلِكَ سَبَبًا لِبَيَانِ مَا شَاءَ مِنْ حُكْمِهِ فِي أَهْلِ الْإِيمَانِ وَأَهْلِ النِّفَاقِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رحمه الله: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ قُدْوَةٍ، وَقَدْ يَحْتَمِلُهُ مَعْنَى اللُّغَةِ، سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ يَذْكُرُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى النَّحْوِيِّ فِيمَا عَدَّ مِنَ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ الْوَاقِعَةِ تَحْتَ هَذَا الِاسْمِ، قَالَ: وَالسَّاقُ النَّفْسُ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه حِينَ رَاجَعَهُ أَصْحَابُهُ عَنْ قَتْلِ الْخَوَارِجِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ وَلَوْ تَلِفَتْ سَاقِي. يُرِيدُ نَفْسَهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَقَدْ يُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ التَّجَلِّي لَهُمْ وَكَشَفَ الْحُجُبِ، حَتَّى إِذَا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ. قَالَ: وَلَسْتُ أَقْطَعُ بِهِ الْقَوْلَ وَلَا أَرَاهُ وَاجِبًا فِيمَا أَذْهِبُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَعْصِمُنَا مِنَ الْقَوْلِ بِمَا لَا عَلِمَ لَنَا بِهِ

ص: 186

قَالَ الشَّيْخُ:

752 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَسَنِيُّ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، نا رَوْحُ بْنُ جُنَاحٍ، عَنْ مَوْلَى، عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: «عَنْ نُورٍ عَظِيمٍ يَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا» . تَفَرَّدَ

⦗ص: 188⦘

بِهِ رَوْحُ بْنُ جُنَاحٍ، وَهُوَ شَامِيُّ يَأْتِي بِأَحَادِيثَ مُنْكَرَةٍ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَوَالِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهِمْ كَثْرَةٌ

ص: 187