الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ
1063 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْبَرْتِيُّ، نا مُسَدَّدٌ، نا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَيْسَ أَحَدٌ ـ أَوْ قَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ ـ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ عز وجل، إِنَّهُ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ
1064 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ عز وجل، يُشْرَكُ بِهِ وَيُجْعَلُ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
⦗ص: 482⦘
عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَأَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ. وَالصَّبْرُ فِي هَذَا أَيْضًا يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ تَأْخِيرَ عُقُوبَتِهِمْ. وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ يَرْجِعُ إِلَى تَأْخِيرِهِ عُقُوبَتَهُمْ وَإِمْهَالِهِ إِيَّاهُمْ
بَابُ إِعَادَةِ الْخَلْقِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] . قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خَثْيَمٍ، وَالْحَسَنُ: كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ
1065 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] قَالَ: الْإِعَادَةُ وَالْبَدْءُ عَلَيْهِ هَيِّنٌ. " وَحُكِينَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ: هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ فِي الْعِبْرَةِ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ أَنَّ شَيْئًا يَعْظُمُ عَلَى اللَّهِ عز وجل " وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَضَرَبَ لَنَا مِثْلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79] فَجَعَلَ النَّشْأَةَ الْأُولَى دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ النَّشْأَةِ الْآخِرَةِ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا، ثُمَّ قَالَ:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80] فَجَعَلَ ظُهُورَ النَّاسِ عَلَى حَرِّهَا وَيَبَسِهَا مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ عَلَى نَدَاوَتِهِ وَرُطُوبَتِهِ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ خَلْقِهِ الْحَيَاةَ فِي الرِّمَّةِ الْبَالِيَةِ، وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يس: 81] فَجَعَلَ قُدْرَتَهُ عَلَى الشَّيْءِ دَلِيلًا عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى مِثْلِهِ: {بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس: 81] ثُمَّ ذَكَرَ مَا بِهِ يُوجَدُ وَيُخْلَقُ فَقَالَ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا
⦗ص: 484⦘
أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] وَهَذَا مَعْنًى يَجْمَعُ الْبَدْأَةَ وَالْإِعَادَةَ، وَآيَاتُ الْقُرْآنِ فِي إِثْبَاتِ الْإِعَادَةِ كَثِيرَةٌ
1066 -
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، نا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ اللَّهُ عز وجل: كَذَّبَنِي عَبْدِي وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَشَتَمَنِي عَبْدِي وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: لَنْ يُعِيدَنَا كَمَا بَدَأَنَا، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
1067 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، نا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ فَوَعَظَهُمْ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» . قَالَ ثُمَّ قَرَأَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] وَقَالَ: " فَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الْيَسَارِ فَأَقُولُ: رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: هَلْ تَعْلَمُ مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117] الْآَيَةَ، فَقَالُوا: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى
⦗ص: 485⦘
أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَغَيْرِهِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ
1068 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي، نا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَادِرٌ أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ
1069 -
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ رحمه الله، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، نا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ عُدُسٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ قَالَ:«أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ مُمْحِلٍ ثُمَّ مَرَرْتُ بِهِ خَضِرًا؟» قَالَ: بَلَى. قَالَ: " فَكَذَلِكَ النُّشُورُ ـ أَوْ قَالَ: كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى ـ "
1070 -
أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَزْدَادَ الْجَوْسَقَانِيُّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبُ، نا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسِ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ: «أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ لَكَ مَحْلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟» ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ مَحِلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟ " قَالَ: بَلَى. قَالَ: «فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى، وَذَلِكَ آَيَتُهُ فِي خَلْقِهِ» . قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج: 6]، وَقَالَ:{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر: 9]
1071 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، نا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الْمِصْرِيُّ وَكَانَ رِضًى قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
⦗ص: 487⦘
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ {أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ تَلِيدٍ، وَأَخَرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ.
1072 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ الْحَافِظَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ، وَذَكَرَ عِنْدَهُ حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ» فَقَالَ الْمُزَنِيُّ: لَمْ يَشُكِّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فِي أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى، وَإِنَّمَا شَكَّا أَنْ يُجِيبَهُمَا إِلَى مَا سَأَلَا "
1073 -
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ رحمه الله مَوْجُودٌ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّكَ تُجِيبُنِي إِذَا دَعَوْتُكَ، وَتُعْطِينِي إِذَا سَأَلْتُكَ.
⦗ص: 488⦘
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: " مَذْهَبُ هَذَا الْحَدِيثِ التَّوَاضُعُ وَالْهَضْمُ مِنَ النَّفْسِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ» ، اعْتِرَافٌ بِالشَّكِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا، لَكِنْ فِيهِ نَفْيُ الشَّكِّ عَنْ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، يَقُولُ: إِذَا لَمْ أَشُكَّ أَنَا وَلَمْ أَرْتَبْ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، فَإِبْرَاهِيمُ عليه السلام أَوْلَى بِأَنْ لَا يَشُكَّ فِيهِ وَلَا يَرْتَابَ، وَفِيهِ الْإِعْلَامُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قِبَلِ إِبْرَاهِيمَ لَمْ تُعْرَضْ مِنْ جِهَةِ الشَّكِّ، لَكِنْ مِنْ قِبَلِ طَلَبِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ وَاسْتِفَادَةِ مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ، وَالنَّفْسُ تَجِدُ مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ بِعِلْمِ الْكَيْفِيَّةِ مَا لَا تَجِدْهُ بِعِلْمِ الْأَنِيَّةِ، وَالْعِلْمُ فِي الْوَجْهَيْنِ حَاصِلٌ، وَالشَّكُّ مَرْفُوعٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا طَلَبُ الْإِيمَانِ بِذَلِكَ حِسًّا وَعَيَانًا، لِأَنَّهُ فَوْقَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، وَالْمُسْتَدِلُّ لَا يَزُولُ عَنْهُ الْوَسْوَاسُ وَالْخَوَاطِرُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» قَالَ: وَحَكَى لَنَا عَنِ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي قَوْلِهِ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قَالَ: أَيْ لِيُرَى مَنْ أَدْعُوهُ إِلَيْكَ مَنْزِلَتِي وَمَكَانِي مِنْكَ فَيُجِيبُونِي إِلَى طَاعَتِكَ "
1074 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْجَرَّاحِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ سَاسَوَيْهِ، نا عَبْدُ الْكَرِيمِ السُّكَّرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ الْبَاشَانِيُّ الْعَابِدُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قَالَ: بِالْخِلَّةِ، يَقُولُ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ اتَّخَذْتَنِي خَلِيلًا
1075 -
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، نا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ،
⦗ص: 489⦘
نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ الْحَدَّادُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ:{لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قَالَ: بِالْخِلَّةِ
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} [الأنبياء: 88] .
1076 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87]
⦗ص: 491⦘
يَقُولُ: ظَنَّ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ الْعَذَابُ الَّذِي أَصَابَهُ
1077 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] يَقُولُ: غَضِبَ عَلَى قَوْمِهِ {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] يَقُولُ: ظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْضِيَ عَلَيْهِ عُقُوبَةً وَلَا بَلَاءً فِيمَا صَنَعَ بِقَوْمِهِ فِي غَضَبِهِ عَلَيْهِمْ وَفِرَارِهِ، قَالَ: وَعُقُوبَتُهُ أَخْذُ النُّونِ إِيَّاهُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: {أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] أَيْ: لَنْ نُقَدِّرَ عَلَيْهِ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنَ التَّقْدِيرِ لَا مِنَ الْقُدْرَةِ
1078 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَيْ: مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا قدَّرْنَا، فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ فَقَالَ: الظُّلُمَاتُ ظُلْمَةُ الْبَحْرِ، وَبَطْنُ الْحُوتِ وَمِعَاهَا الَّذِي كَانَ فِيهِ يُونُسُ عليه السلام، فَتِلْكَ الظُّلُمَاتُ. فَجَعَلَ الْفَرَّاءُ قَدَرَ بِمَعْنَى: قَدَّرَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: " أَنْشَدَنَا ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ لِأَبِي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ: وَلَا عَائِدًا ذَاكَ الزَّمَانُ الَّذِي مَضَى تَبَارَكْتَ مَا تَقْدِرُ يَقَعْ وَلَكَ الشُّكْرُ أَرَادَ: مَا تُقَدِّرُ يَقَعْ "
1079 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] قَالَ: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُعَاقِبَهُ {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنبياء: 87] قَالَ: ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ، وَظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ، {أَنْ
⦗ص: 492⦘
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: صَوْتٌ مَعْرُوفٌ فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ
1080 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أنا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، نا أَبُو عَوْفٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ الْبُزُورِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، نا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] قَالَ: أَنْ لَنْ نُعَاقِبَهُ
1081 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، قَالَ: قَالَ لِيَ الزُّهْرِيُّ: لَأُحَدِّثَنَّكَ بِحَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ: إِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا. قَالَ فَفَعَلُوا بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ عز وجل لِلْأَرْضِ: أَدِّي مَا أَخَذْتِ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ ـ أَوْ قَالَ: مَخَافَتُكَ ـ فَغَفَرَ لَهُ "
قَالَ: وَحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ؛ رَبَطَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ» . قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي ذَلِكَ: «لِئَلَّا يَتَّكِلَ أَحَدٌ وَلَا يَيْأَسَ أَحَدٌ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَعَبْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ
1082 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا أَبُو الْوَلِيدِ، نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ سَلَفَ مِنَ النَّاسِ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ. قَالَ: فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا ابْتَأَرَ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا قَطُّ، وَإِنْ يَقْدِرِ اللَّهُ عَلَيْهِ يُعَذِّبْهُ، فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ ذَرُونِي فِي رِيحٍ عَاصِفٍ. قَالَ: فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلُوا فَلَمَّا حَرَّقُوهُ سَحَقُوهُ ثُمَّ ذَرَوْهُ فِي رِيحٍ عَاصِفٍ، قَالَ اللَّهُ لَهُ: كُنْ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ، قَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: لَا إِلَّا مَخَافَتُكَ أَوْ خَشْيَتُكَ. قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ يَلْقَاهُ غَيْرُ أَنْ غُفِرَ لَهُ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَرَوَاهُ شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ ثُمَّ قَالَ قَتَادَةُ:«رَجُلٌ خَافَ عَذَابَ اللَّهِ فَأَنْجَاهُ مِنْ عُقُوبَتِهِ» . وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ: قَوْلُهُ: «لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي» أَوْ إِنْ يَقْدِرُ اللَّهُ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ قَدَّرَ بِالتَّشْدِيدِ، مَنِ التَّقْدِيرِ، لَا مِنَ الْقُدْرَةِ كَمَا قُلْنَا فِي الْآيَةِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ
⦗ص: 494⦘
رحمه الله: وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: «فَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ، فَلَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ» . يُرِيدُ: فَلَعَلِّي أَفُوتُهُ، يُقَالُ: ضَلَّ الشَّيْءُ إِذَا فَاتَ وَذَهَبَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل:{قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] أَيْ: لَا يَفُوتُهُ، قَالَ: وَقَدْ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا، فَيُقَالُ: كَيْفَ يُغْفَرُ لَهُ وَهُوَ مُنْكَرٌ لِلْبَعْثِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى إِحْيَائِهِ وَإِنْشَائِهِ؟ فَيُقَالُ: إِنَّهُ لَيْسَ بِمُنْكِرٍ، إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ جَاهِلٌ ظَنَّ أَنَّهُ إِذَا فُعِلَ بِهِ هَذَا الصَّنِيعُ تُرِكَ، فَلَمْ يُنْشَرْ وَلَمْ يُعَذَّبْ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ:" فَجَمَعَهُ، فَقَالَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ «، فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ عز وجل، فَعَلَ مَا فَعَلَ خَشْيَةً مِنَ اللَّهِ عز وجل إِذَا بَعَثَهُ، إِلَّا أَنَّهُ جَهِلَ فَحَسِبَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ تُنْجِيهِ مِمَّا يَخَافُهُ» أَخْبَرَنَا بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ رحمه الله شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْوَاسِطِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، نا بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كَانَ قَبْلَكُمْ عَبْدٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ: " فَذَرُونِي فِي رِيحٍ عَاصِفٍ؛ لَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ قَالَ: فَفَعَلُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ حِينَ قَالَ. قَالَ: فَجِيءَ بِهِ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَعُرِضَ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى النَّارِ؟ قَالَ: خَشْيَتُكَ أَيْ رَبِّ، قَالَ: أَسْمَعُكَ رَاهِبًا فَتِيبَ عَلَيْهِ ".
⦗ص: 495⦘
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ رضي الله عنه: هَذَا آخِرُ مَا سَهَّلَ اللَّهُ تَعَالَى نَقْلَهُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَمَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ مَعَ التَّأْوِيلِ، وَقَدْ تَرَكْتُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْتُ فِي أَمْثَالِ مَا أَوْرَدْتُهُ مَا دَخَلَ مَعْنَاهُ فِيمَا نَقَلْتُهُ، أَوْ وَجَدْتُهُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ، خَشْيَةَ التَّطْوِيلِ