المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما ذكر في القدم والرجل - الأسماء والصفات - البيهقي - جـ ٢

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الذَّاتِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصَابِعِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي السَّاعِدِ وَالذِّرَاعِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الرُّوحِ وَقَوْلِهِ عز وجل: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، وَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَقَوْلِهِ فَنَفَخْنَا فِيهِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الرَّحِمِ أَنَّهَا قَامَتْ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْإِظْلَالِ بِظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ

- ‌بَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّقَرُّبِ وَالْإِتْيَانِ وَالْهَرْوَلَةِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْوَطْأَةِ بِوَجٍّ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّفَسِ وَتَقَذُّرِ النَّفْسِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الضَّحِكِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَجَبِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرَحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغَيْرَةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَلَالِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاسْتِحْيَاءِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مِثْلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّرَدُّدِ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ

الفصل: ‌باب ما ذكر في القدم والرجل

‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ

ص: 189

753 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، ح. وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ غَيْرَ مَرَّةٍ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، أنا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَا: أنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ الْعَسْقَلَانِيُّ، نا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ خَلْقًا فَيُسْكِنَهُ فُضُولَ الْجَنَّةِ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي

⦗ص: 190⦘

الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شَيْبَانَ، وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ:«حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ» . وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ: «حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا قَدَمَهُ» . وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَا فِي الْحَدِيثِ:«رَبَّ الْعَالَمِينَ» وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ

ص: 189

754 -

كَمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، نا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، نا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يُلْقَى فِي النَّارِ وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ أَوْ رِجْلَهُ عَلَيْهِ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ حَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ

ص: 190

755 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا ثنا

⦗ص: 191⦘

أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِي لَا يُدْخِلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ، قَالَ اللَّهُ عز وجل لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مَنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءِ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ فِيهَا رِجْلَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:«حَتَّى يَضَعَ الرَّبُّ قَدَمَهُ فِيهَا» . وَرَوَاهُ عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ، وَقَالَ:«فَيَضَعُ الرَّبُّ قَدَمَهُ عَلَيْهَا» وَرَوَاهُ الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ:«فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ» .

756 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، نا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوٍ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «

⦗ص: 192⦘

وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ» وَانْتَهَى حَدِيثُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: «وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ، فَقَالَ:«حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمًا» . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: " فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ ذَكَرِ الْقَدَمَ وَالرِّجْلَ، وَتَرَكِ الْإِضَافَةِ إِنَّمَا تَرَكَهَا تَهَيُّبًا لَهَا، وَطَلَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ خَطَأِ التَّأْوِيلِ فِيهَا، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، يَقُولُ: نَحْنُ نَرْوِي هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَلَا نُرِيغُ لَهَا الْمَعَانِيَ". قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: " وَنَحْنُ أَحْرَى بِأَنْ لَا نَتَقَدَّمَ فِيمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَأَقْدَمُ زَمَانًا وَسِنًّا، وَلَكِنَّ الزَّمَانَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ قَدْ صَارَ أَهْلُهُ حِزْبَيْنِ: مُنْكِرٌ لِمَا يُرْوَى مِنْ نَوْعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ رَأْسًا، وَمُكَذِّبٌ بِهِ أَصْلًا، وَفِي ذَلِكَ تَكْذِيبُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَهُمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَنَقَلَةُ السُّنَنِ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُسَلِّمَةٌ لِلرِّوَايَةِ فِيهَا ذَاهِبَةٌ فِي تَحْقِيقِ الظَّاهِرِ مِنْهَا مَذْهَبًا يَكَادُ يُفْضِي بِهِمْ إِلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ وَنَحْنُ نَرْغَبُ عَنِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَلَا نَرْضَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَذْهَبًا، فَيَحِقُّ عَلَيْنَا أَنْ نَطْلُبَ لِمَا يَرِدُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِذَا صَحَّتْ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ وَالسَّنَدِ،

⦗ص: 193⦘

تَأْوِيلًا يَخْرُجُ عَلَى مَعَانِي أُصُولِ الدِّينِ، وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا نُبْطِلُ الرِّوَايَةَ فِيهَا أَصْلًا، إِذَا كَانَتْ طُرُقُهَا مُرْضِيَّةً وَنَقَلَتُهَا عُدُولًا. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَذِكْرُ الْقَدَمِ هَهُنَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ: مَنْ قَدَّمَهُمُ اللَّهُ لِلنَّارِ مِنْ أَهْلِهَا، فَيَقَعُ بِهِمُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ أَهْلِ النَّارِ. وَكُلُّ شَيْءٍ قَدَّمْتُهُ فَهُوَ قَدَمٌ، كَمَا قِيلَ لِمَا هَدَمْتُهُ: هَدْمٌ، وَلِمَا قَبَضْتُهُ: قَبْضٌ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ عز وجل:{أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2] أَيْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ. وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى هَذَا عَنِ الْحَسَنِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:«وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا» ، فَاتَّفَقَ الْمَعْنَيَانِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ تُمَدُّ بِزِيَادَةِ عَدَدٍ يَسْتَوْفِي بِهَا عِدَّةَ أَهْلِهَا، فَتَمْتَلِئُ عِنْدَ ذَلِكَ". قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيِّ حِكَايَةً عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ» أَيْ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: قَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمُ الرِّجْلَ عَلَى نَحْو مِنْ هَذَا، قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهِ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ اسْتُوجِبُوا دُخُولَ النَّارِ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي جَمَاعَةَ الْجَرَادِ رِجْلًا كَمَا سَمَّوْا جَمَاعَةَ الظِّبَاءِ سِرْبًا وَجَمَاعَةَ النَّعَامِ خَيْطًا، وَجَمَاعَةَ الْحَمِيرِ عَانَةً، قَالَ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ اسْمًا خَاصًّا لِجَمَاعَةِ الْجَرَادِ، فَقَدْ يُسْتَعَارُ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ. وَالْكَلَامُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمَنْقُوُلُ مِنْ مَوْضِعِهِ كَثِيرٌ، وَالْأَمْرُ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَشْهُورٌ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رحمه الله: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ أَمْثَالٌ يُرَادُ بِهَا إِثْبَاتُ مَعَانٍ لَا حَظَّ لِظَاهِرِ الْأَسْمَاءِ فِيهَا مِنْ طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَيْهَا نَوْعٌ مِنَ الزَّجْرِ لَهَا وَالتَّسْكِينُ مِنْ غَرَبِهَا كَمَا

⦗ص: 194⦘

يَقُولُ الْقَائِلُ لِلشَّيْءِ يُرِيدُ مَحْوَهُ وَإِبْطَالَهُ: جَعَلْتُهُ تَحْتَ رِجْلَيَّ، وَوَضَعْتُهُ تَحْتَ قَدَمَيَّ. وَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ فَقَالَ:«أَلَا إِنَّ كُلَّ دَمِ وَمَأْثُرَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَسِدَانَةَ الْبَيْتِ» . يُرِيدُ مَحْوَ تِلْكَ الْمَآثِرِ وَإِبْطَالِهَا، وَمَا أَكْثَرُ مَا تَضْرِبُ الْعَرَبُ الْأَمْثَالَ فِي كَلَامِهَا بِأَسْمَاءِ الْأَعْضَاءِ، وَهِيَ لَا تُرِيدُ أَعْيَانَهَا، كَمَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَسْبِقُ مِنْهُ الْقَوْلُ أَوِ الْفِعْلُ ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَيْهِ: قَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ؛ أَيْ نَدِمَ. وَكَقَوْلِهِمْ: رَغِمَ أَنْفُ الرَّجُلِ، إِذَا ذُلَّ. وَعَلَا كَعْبُهُ إِذَا جَلَّ. وَجَعَلْتُ كَلَامَ فُلَانٍ دُبُرَ أُذُنِي، وَجَعَلْتُ يَا هَذَا حَاجَتِي بِظَهْرٍ، وَنَحْوُهَا مِنْ أَلْفَاظِهِمُ الدَّائِرَةِ فِي كَلَامِهِمْ. وَكَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي وَصْفِ طُولِ اللَّيْلِ:

[البحر الطويل]

فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ

وَأَرْدَفَ أَعْجَازًا وَنَاءَ بِكَلْكَلِ

وَلَيْسَ هُنَاكَ صُلْبٌ، وَلَا عَجُزٌ، وَلَا كَلْكَلٌ؛ وَإِنَّمَا هِيَ أَمْثَالٌ ضَرَبَهَا لِمَا أَرَادَ مِنْ بَيَانِ طُولِ اللَّيْلِ وَاسْتِقْصَاءِ الْوَصْفِ لَهُ، فَقَطَّعَ اللَّيْلَ تَقْطِيعَ ذِي أَعْضَاءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَقَدْ تَمَطَّى عِنْدَ إِقْبَالِهِ وَامْتَدَّ بَعْدُ بِدِوَامِ رُكُودِهِ، وَطُولِ سَاعَاتِهِ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ الرِّجْلُ أَيْضًا فِي الْقَصْدِ لِلشَّيْءِ وَالطَّلَبِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ جِدٍّ وَإِلحَاحٍ، يُقَالُ: قَامَ فُلَانٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ عَلَى رِجْلٍ، وَقَامَ عَلَى سَاقٍ إِذَا جَدَّ فِي الطَّلَبِ، وَبَالَغَ فِي السَّعْيِ. وَهَذَا الْبَابُ كَثِيرُ التَّصَرُّفِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا تَأَوَّلَتَ الْيَدَ وَالْوَجْهَ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّأْوِيلِ، وَجَعَلْتَ الْأَسْمَاءَ فِيهِمَا أَمْثَالًا كَذَلِكَ؟ فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل بِأَسْمَائِهَا، وَهِيَ صِفَاتُ مَدْحٍ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ جَاءَ بِهَا الْكِتَابُ أَوْ صَحَّتْ بِأَخْبَارِ التَّوَاتُرِ أَوْ رُوِيَتْ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَكَانَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ، أَوْ خَرَجَتْ عَلَى بَعْضِ مَعَانِيهِ فَإِنَّا نَقُولُ بِهَا وَنُجْرِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْكِتَابِ ذِكْرٌ، وَلَا فِي التَّوَاتُرِ أَصْلٌ، وَلَا لَهُ بِمَعَانِي الْكِتَابِ تَعَلُّقٌ، وَكَانَ مَجِيئُهُ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَأَفْضَى بِنَا الْقَوْلُ إِذَا أَجْرَيْنَاهُ عَلَى ظَاهِرَهِ إِلَى

⦗ص: 195⦘

التَّشْبِيهِ فَإِنَّا نَتَأَوْلُهُ عَلَى مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ الْكَلَامُ وَيَزُولُ مَعَهُ مَعْنَى التَّشْبِيهُ، وَهَذَا هُوَ الْفَرَقُ بَيْنَ مَا جَاءَ مِنْ ذِكْرِ الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ وَالسَّاقِ، وَبَيْنَ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ، وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ، وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ لِصَوَابِ الْقَوْلِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخَطَأِ وَالزَّلَلِ فِيهِ، إِنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ

ص: 190

757 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ، نا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلَا:{اللَّهُ لَا إِلَهُ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] إِلَى قَوْلِهِ: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] أَمَّا قَوْلُهُ: {الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] : هُوَ الْقَائِمُ، وَأَمَّا {سِنَةٌ} [البقرة: 96] : فَهُوَ رِيحُ النَّوْمِ الَّتِي تَأْخُذُ فِي الْوَجْهِ فَيَنْعَسُ الْإِنْسَانُ، وَأَمَّا {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: 255] : فَالدُّنْيَا، وَأَمَّا {مَا خَلْفَهُمْ} [البقرة: 255] فَالْآخِرةُ، وَأَمَّا {لَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] يَقُولُ: لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ عِلْمِهِ

⦗ص: 196⦘

إِلَّا بِمَا شَاءَ، هُوَ يُعَلِّمُهُمْ، وَأَمَّا {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ، وَالْكُرْسِيُّ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ، وَهُوَ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ، وَأَمَّا {لَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} فَلَا يَثْقُلُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ

ص: 195

758 -

وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكِجِّيُّ، نا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] قَالَ: مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ. قَالَ: وَلَا يُقَدَّرُ قَدْرَ عَرْشِهِ. كَذَا قَالَ: مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ. وَقَالَهُ أَيْضًا أَبُو

⦗ص: 197⦘

مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ، وَكَأَنَّهُ أَصَحُّ، وَتَأْويلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مِقْدَارُ الْكُرْسِيِّ مِنَ الْعَرْشِ، كَمِقْدَارِ كُرْسِيٍّ يَكُونُ عِنْدَ سَرِيرٍ قَدْ وُضِعَ لِقَدَمَيِ الْقَاعِدِ عَلَى السَّرِيرِ، فَيَكُونُ السَّرِيرُ أَعْظَمَ قَدْرًا مِنَ الْكُرْسِيِّ الْمَوْضُوعِ دُونَهُ مَوْضِعًا لِلْقَدَمَيْنِ. هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْخَبَرِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ النَّظَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْخَبَرُ مَوْقُوفٌ لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَسِّرُوا أَمْثَالَ هَذِهِ، وَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَأْوِيلِهَا، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَاحِدٌ غَيْرُ مُتَبَعِّضٍ، وَلَا ذِي جَارِحَةٍ

759 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: شَهِدْتُ زَكَرِيَّا بْنَ عَدِيٍّ سَأَلَ وَكِيعًا فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ـ يَعْنِي مِثْلَ: الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَنَحْوَ هَذَا ـ؟ فَقَالَ وَكِيعٌ: أَدْرَكْنَا إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ وَسُفْيَانَ وَمِسْعَرًا يُحَدِّثُونَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَلَا يُفَسِّرُونَ شَيْئًا.

⦗ص: 198⦘

760 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ، فِيمَا أَجَازَ لَهُ جَدُّهُ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ، يَقُولُ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: «ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رَبُّكَ قَدَمَهُ فِيهَا، وَالْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ» وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الرِّوَايَةِ هِيَ عِنْدَنَا حَقٌّ، حَمَلَهَا الثِّقَاتُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، غَيْرَ أَنَّا إِذَا سُئِلْنَا عَنْ تَفْسِيرِهَا لَا نُفَسِّرُهَا وَمَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا يُفَسِّرُهَا

ص: 196

761 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ

⦗ص: 199⦘

بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ، فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَجَلَسَ فَتَحَدَّثَ فَثَابَ إِلَيْهِ أُنَاسٌ ثُمَّ قَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَإِنِّي قَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَدِ اشْتَكَى، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَوَجَدْنَاهُ مُسْتَلْقِيًا وَاضِعًا رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، فَسَلَّمْنَا وَجَلَسْنَا، فَرَفَعَ قَتَادَةُ يَدَهُ إِلَى رِجْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَرَصَهَا قَرْصَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا ابْنَ آدَمَ، أَوْجَعَتْنِي. قَالَ: ذَاكَ أَرَدْتُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمَّا قَضَىْ خَلْقَهُ، اسْتَلْقَى ثُمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِي أَنْ يَفْعَلَ هَذَا ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَا جَرَمَ لَا أَفْعَلُهُ أَبَدًا ". فَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَمْ أَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٍ، فَلَمْ يُخْرِجَا حَدِيثَهُ هَذَا فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْحُفَّاظِ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ.

762 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ

⦗ص: 200⦘

763 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأُشْنَانِيُّ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: فُلَيْحٌ ضَعِيفٌ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قَالَ الشَّيْخُ: فَإِذَا كَانَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ مُخْتَلِفًا فِي جَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَ الْحُفَّاظِ لَمْ يَثْبُتْ بِرِوَايَتِهِ مِثْلُ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ. وَفِيهِ عِلَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ، وَعُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ وَابْنِ بُكَيْرٍ، فَتَكُونُ رِوَايَتُهُ عَنْ قَتَادَةَ مُنْقَطِعَةً، وَقَوْلُ الرَّاوِي:«وَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ» . لَا يَرْجِعُ إِلَى عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى مَنْ أَرْسَلَهُ عَنْهُ، وَنَحْنُ لَا نَعْرِفُهُ، فَلَا نَقْبَلُ الْمَرَاسِيلَ فِي الْأَحْكَامِ، فَكَيْفَ فِي هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ؟ ثُمَّ إِنْ صَحَّ طَرِيقُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَ بِهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى طَرِيقِ الْإِنْكَارِ فَلَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ إِنْكَارَهُ

ص: 198

764 -

أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْعَزَايِمِيُّ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ الصِّبْغِيُّ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادِ، نا ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ

⦗ص: 201⦘

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ سَمِعَ رَجُلًا يُحَدِّثُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَمَعَ الزُّبَيْرُ لَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الرَّجُلُ حَدِيثَهُ قَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ. قَالَ: هَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِمَّا يَمْنَعُنَا أَنْ نُحَدِّثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَدْ لَعَمْرِي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَاضِرٌ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْتَدَأَ هَذَا الْحَدِيثَ فَحَدَّثَنَاهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَدَّثَهُ إِيَّاهُ، فَجِئْتَ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ بَعْدَ أَنْ قَضَى صَدْرَ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَ الرَّجُلَ الَّذِي مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَظَنَنْتَ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ الشَّيْخُ: وَلِهَذَا الْوَجْهِ مِنَ الِاحْتِمَالِ تَرَكَ أَهْلُ النَّظَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا الِاحْتِجَاجَ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَا انْفَرَدَ مِنْهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ أَوِ الْإِجْمَاعِ، وَاشْتَغَلُوا بِتَأْوِيلِهِ، وَمَا نُقِلَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِنَّمَا يَفْعَلُهُ فِي الشَّاهِدِ مِنَ الْفَارِغِينَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مَنْ مَسَّهُ لُغُوبٌ، أَوْ أَصَابَهُ نَصَبٌ مِمَّا فَعَلَ، لِيَسْتَرِيحَ بِالِاسْتِلْقَاءِ وَوَضَعِ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، وَقَدْ كَذَّبَ اللَّهُ تَعَالَى الْيَهُودَ، حِينَ وَصَفُوهُ بِالِاسْتِرَاحَةِ بَعْدَ خَلَقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [ق: 39]

ص: 200

765 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَحْمَسِيُّ بِالْكُوفَةِ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، نا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْيَهُودَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَتْ عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَقَالَ:" خَلَقَ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَالِإثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الشَّجَرَ وَالْمَاءَ وَالْمَدَائِنَ وَالْعُمْرَانَ وَالْخَرَابَ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلِ: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارِكْ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ السَّمَاءَ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ النُّجُومَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْمَلَائِكَةَ إِلَى ثَلَاثِ سَاعَاتٍ بَقَيْنَ مِنْهُ، فَخَلَقَ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ السَّاعَاتِ الْآجَالَ حِينَ يَمُوتُ مَنْ مَاتَ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَلْقَى الْآفَةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، وَفِي الثَّالِثَةِ آدَمَ وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ وَأَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا فِي آخِرِ السَّاعَةِ ". ثُمَّ قَالَتِ الْيَهُودُ: ثُمَّ مَاذَا يَا مُحَمَّدُ؟

⦗ص: 203⦘

قَالَ: «ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ» . قَالُوا: قَدْ أَصَبْتَ لَوْ أَتْمَمْتَ. قَالُوا: ثُمَّ اسْتَرَاحَ. قَالَ: فَغَضِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَضَبًا شَدِيدًا، فَنَزَلَتْ:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [ق: 38]

ص: 202

766 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38] قَالَ: اللُّغُوبُ النَّصَبُ، تَقُولُ الْيَهُودُ إِنَّهُ أُعْيِيَ بَعْدَ مَا خَلَقَهُمَا. قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه: وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ وَضْعِ الرَّجُلِ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَحَمَلَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى مَا يُخْشَى مِنَ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ، وَهِيَ الْفَخِذُ إِذَا رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى مُسْتَلْقِيًا وَالْإِزَارُ ضَيِّقٌ، وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِذَا لَمْ يُخْشَ ذَلِكَ

ص: 203

767 -

أَخبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكي، قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، نا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَلْقِي فِي

⦗ص: 204⦘

الْمَسْجِدِ وَإِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى. وَزَادَ زَكَرِيَّا فِي رِوَايَتِهِ قَالَ: وَزَعَمَ عَبَّادٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا يَفْعَلَانِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ، وَحَرْمَلَةُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ

ص: 203

768 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا

⦗ص: 205⦘

الْقَعْنَبِيُّ، نا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ، بِهَا، نا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ". لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ، زَادَ إِبْرَاهِيمُ فِي رِوَايَتِهِ: وَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ.

769 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، أنا أَبُو دَاوُدَ، نا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، رضي الله عنهما كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ

ص: 204

770 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، نا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ نَوْفَلٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعًا وَإِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى. قَالَ الشَّيْخُ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانَ مَعْنَاهُ: لَمَّا خَلَقَ مَا أَرَادَ خَلْقَهُ تَرَكَ إِدَامَةَ مِثْلِهِ وَلَوْ شَاءَ لَأَدَامَ. هَذَا مَثَلٌ جَارٍ فِي مَنْ فَرَغَ مِمَّا قَصَدَهُ، فُلَانٌ اسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اضْطَجَعَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَلْقَى بِمَعْنَى أَلْقَى، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَلْقَى بَعْضَ السَّمَاوَاتِ فَوْقَ بَعْضٍ، وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ، وَتَكُونُ السِّينُ بِمَثَابَتِهِ فِي اسْتَدْعَى وَاسْتَبْرَى. وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ:«ثُمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى» . أَيْ: رَفَعَ قَوْمًا عَلَى قَوْمٍ، فَجَعَلَ بَعْضَهُمْ سَادَةً وَبَعْضَهُمْ عَبِيدًا، وَالرَّجُلُ جَمَاعَةٌ، أَوْ جَعَلَهُمْ صِنْفَيْنِ فِي الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ أَوِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ، أَوِ الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ، يُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الْمَازِنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم يَفْعَلُونَ ذَلِكَ

ص: 205

771 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، نا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،: أُنْشِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ:

[البحر الطويل]

رَجُلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ

وَالنَّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «صَدَقَ» . وَأُنْشِدَ قَوْلَهُ:

وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ

حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ

⦗ص: 207⦘

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «صَدَقَ» .

تَأْبَى فَمَا تَبْدُو لَنَا فِي رِسْلِهَا

إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ» . فَهَذَا حَدِيثٌ يَتَفَرَّدُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْكُرْسِيَّ يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، مَلَكٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ أَسَدٍ، وَمَلَكٌ فِي

⦗ص: 208⦘

صُورَةِ ثَوْرٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ نَسْرٍ، فَكَأَنَّهُ ـ إِنْ صَحَّ ـ بَيَّنَ أَنَّ الْمَلَكَ الَّذِي فِي صُورَةِ رَجُلٍ وَالْمَلَكَ الَّذِي فِي صُورَةِ ثَوْرٍ يَحْمِلَانِ مِنَ الْكُرْسِيِّ مَوْضِعَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى، وَالْمَلَكُ الَّذِي فِي صُورَةِ النَّسْرِ وَالَّذِي فِي صُورَةِ الْأَسَدِ وَهُوَ اللَّيْثُ يَحْمِلَانِ مِنَ الْكُرْسِيِّ مَوْضِعَ الرِّجْلِ الْأُخْرَى، أَنْ لَوَ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ ذَا رِجْلَيْنِ

ص: 206

ص: 209

772 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكِسَائِيُّ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] يَعْنِي مَا ضَيَّعْتُ مِنْ أَمَرِ اللَّهِ

ص: 209