المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء في الاستحياء قال الله عز وجل: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} [ - الأسماء والصفات - البيهقي - جـ ٢

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الذَّاتِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصَابِعِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي السَّاعِدِ وَالذِّرَاعِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الرُّوحِ وَقَوْلِهِ عز وجل: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، وَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَقَوْلِهِ فَنَفَخْنَا فِيهِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الرَّحِمِ أَنَّهَا قَامَتْ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْإِظْلَالِ بِظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ

- ‌بَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّقَرُّبِ وَالْإِتْيَانِ وَالْهَرْوَلَةِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْوَطْأَةِ بِوَجٍّ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّفَسِ وَتَقَذُّرِ النَّفْسِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الضَّحِكِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَجَبِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرَحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغَيْرَةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَلَالِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاسْتِحْيَاءِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مِثْلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّرَدُّدِ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ

الفصل: ‌باب ما جاء في الاستحياء قال الله عز وجل: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} [

‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاسْتِحْيَاءِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مِثْلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [

البقرة: 26] .

ص: 433

1012 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، نا أَبَانُ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَمَّا رَجُلٌ فَوَجَدَ فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ، وَأَمَّا رَجُلٌ فَجَلَسَ ـ يَعْنِي خَلْفَهُمْ ـ وَأَمَّا رَجُلٌ فَانْطَلَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ هَؤُلَاءِ النَّفْرِ؟ أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي جَلَسَ فِي الْحَلْقَةِ فَرَجُلٌ آوَى ـ يَعْنِي إِلَى اللَّهِ ـ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي جَلَسَ خَلْفَ الْحَلْقَةِ فَاسْتَحْيَى فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي انْطَلَقَ فَرَجُلٌ أَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ

ص: 433

1013 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَسْتَحِي أَنْ يَبْسُطَ الْعَبْدُ يَدَيْهِ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ فِيهِمَا خَيْرًا فَيَرُدَّهُمَا خَائِبَتَيْنِ ". هَذَا مَوْقُوفٌ.

1014 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا شَيْخٌ فِي مَجْلِسِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ زَعَمُوا أَنَّهُ جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ الْأَهْوَازِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ مَرْفُوعًا. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ:" قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي} [البقرة: 26] ، أَيْ: لَا يَتْرُكُ، لِأَنَّ الْحَيَاءَ سَبَبٌ لِلتَّرْكِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَعْصِيَةَ تُتْرَكُ لِلْحَيَاءِ كَمَا تُتْرَكُ لِلْإِيمَانِ، فَمُرَادُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ إِنَّ شَاءَ اللَّهُ: أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ يَدَيِ الْعَبْدِ صِفْرًا إِذَا رَفَعَهُمَا إِلَيْهِ، وَلَا يُخْلِيهُمَا مِنْ خَيْرٍ، لَا عَلَى مَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْمَخْلُوقِينَ تَعَالَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ ". قَالَ الشَّيْخُ: وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: «فَاسْتَحْيَى فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ» . أَيْ: جَازَاهُ عَلَى اسْتِحْيَائِهِ بِأَنْ تَرَكَ عُقُوبَتَهُ عَلَى ذُنُوبِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 434

1015 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ الْمَرْوَزِيُّ، أنا أَبُو الْمُوَجِّهِ، أنا عَبْدَانُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، أنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي جِنَازَةٍ عَلَى بَابِ دِمَشْقَ وَمَعَنَا أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، فَلَمَّا صُلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَأَخَذُوا فِي دَفْنِهَا قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ وَأَمْسَيْتُمْ فِي مَنْزِلٍ تَقْتَسِمُونَ فِيهِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَتُوشِكُونَ أَنْ تَظْعَنُوا مِنْهُ إِلَى الْمَنْزِلِ الْآخَرِ، وَهُوَ هَذَا ـ يُشِيرُ إِلَى الْقَبْرِ ـ بَيْتِ الْوَحْدَةِ، وَبَيْتِ الظُّلْمَةِ، وَبَيْتِ الدُّودِ، وَبَيْتِ الضِّيقِ إِلَّا مَا وَسَّعَ اللَّهُ، ثُمَّ تُنْقَلُونَ مِنْهُ إِلَى مَوَاطِنِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّكُمْ لَفِي بَعْضِ

⦗ص: 436⦘

تِلْكَ الْمَوَاطِنِ حَتَّى يَغْشَى النَّاسَ أَمَرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فَتَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَى مَنْزِلٍ آخَرَ، فَيَغْشَى النَّاسَ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةَ، ثُمَّ يُقْسَمُ النُّورُ، فَيُعْطَى الْمُؤْمِنُ نُورًا وَيُتْرَكُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ، فَلَا يُعْطَيَانِ شَيْئًا، وَهُوَ الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبَ الْلَّهُ فِي كِتَابِهِ:{أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّي يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] وَلَا يَسْتَضِيءُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ بِنُورِ الْمُؤْمِنِ، كَمَا لَا يَسْتَضِيءُ الْأَعْمَى بِبَصَرِ الْبَصِيرِ، يَقُولُ الْمُنَافِقُ لِلَّذِينَ آمَنُوا:{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمَسُوا نُورًا} [الحديد: 13] وَهِيَ خُدْعَةُ اللَّهِ الَّتِي خُدِعَ بِهَا الْمُنَافِقُ، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَسَمَ فِيهِ النُّورَ فَلَا يَجِدُونَ شَيْئًا، فَيَنْصَرِفُونَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ {ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} ، نُصَلِّي صَلَاتَكُمْ وَنَغْزُوا مَغَازِيكُمْ؟ {قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغُرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمَرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [الحديد: 14] تَلَا إِلَى قَوْلِهِ: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الحديد: 15]

ص: 435

1016 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُولُ

⦗ص: 437⦘

الْمُنَافِقُونَ} [الحديد: 13] قَالَ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا يُنَاكِحُونَهُمْ وَيُعَاشِرُونَهُمْ، وَيَكُونُونَ مَعَهُمْ أَمْوَاتًا، وَيُعْطَوْنَ النَّورَ جَمِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ، إِذَا بَلَغُوا السُّورَ يُمَازُ بَيْنَهُمْ حِينَئِذٍ، وَالسُّورُ كَالْحِجَابِ فِي الْأَعْرَافِ، فَيَقُولُونَ:{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمَسُوا نُورًا} [الحديد: 13] "

ص: 436

1017 -

أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رحمه الله، أنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الْهُذَيْلِ، عَنْ مُقَاتِلٍ، فِي قَوْلِهِ:{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحديد: 13] قَالَ: وَهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ: {انْظُرُونَا} [الحديد: 13] يَقُولُ: ارقُبُونَا {نَقْتَبِسْ مِنْ نُّورِكُمْ} [الحديد: 13] يَعْنِي نُصِبْ مِنْ نُورِكِمْ فَنَمْضِيَ مَعَكُمْ {قِيلَ} [الحديد: 13] يَعْنِي قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَهُمْ {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: 13] مِنْ حَيْثُ جِئْتُمْ. هَذَا مِنَ الِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ كَمَا اسْتَهْزَءُوا بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا حِينَ قَالُوا: آمَنَّا، وَلَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] حِينَ يُقَالُ لَهُمْ {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ} [الحديد: 13] يَعْنِي بَيْنَ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ {بِسُورٍ لَهُ بَابٌ} [الحديد: 13] يَعْنِي بِالسُّوَرِ حَائِطًا بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ لَهُ بَابٌ {بَاطِنُهُ} [الحديد: 13] يَعْنِي بَاطِنَ السُّورِ {فِيهِ الرَّحْمَةُ} [الحديد: 13] وَهِيَ مِمَّا يَلِي الْجَنَّةَ {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13] يَعْنِي جَهَنَّمَ، وَهُوَ الْحِجَابُ الَّذِي ضُرِبَ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ

ص: 437

1018 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

⦗ص: 438⦘

مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُورٍ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، نا يُوسُفُ بْنُ بِلَالٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} [البقرة: 14] وَهُمْ مُنَافِقُو أَهْلِ الْكِتَابِ، فَذَكَرَهُمْ، وَذَكَرَ اسْتِهْزَاءَهُمْ {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} [البقرة: 14] عَلَى دِينِكُمْ {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] فِي الْآخِرَةِ يُفْتَحُ لَهُمْ بَابٌ فِي جَهَنَّمَ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: تَعَالَوْا، فَيُقْبِلُونَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ وَهِيَ السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى الْبَابِ سُدَّ عَنْهُمْ فَيَضْحَكُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] فِي الْآخِرَةِ وَيَضْحَكُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ حِينَ غُلِّقَتْ دُونَهُمُ الْأَبْوَابُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [المطففين: 35] عَلَى السُّرُرِ فِي الْحِجَالِ يَنْظُرُونَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين: 36] . وَرُوِّينَا فِي مَعْنَى هَذَا مُخْتَصَرًا عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَبَلَغَنِي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَظْهَرَ اللَّهُ لِلْمُنَافِقِينَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَحْكَامِهِ الَّتِي لَهُ عِنْدَهُمْ خِلَافَهَا فِي الْآخِرَةِ، كَمَا أَظْهَرُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافَ مَا أَضْمَرُوا مِنَ الْكُفْرِ، فَسَمَّى ذَلِكَ اسْتِهْزَءًا بِهِمْ. وَعَنْ قُطْرُبٍ قَالَ" {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] أَيْ: يُجَازِيهِمْ جَزَاءَ

⦗ص: 439⦘

الِاسْتِهْزَاءِ، وَكَذَلِكَ {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79] ، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54] ، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةَ} [الشورى: 40] هِيَ مِنَ الْمُبْتَدِي سَيِّئَةٌ وَمِنَ اللَّهِ جَزَاءٌ، وَهُوَ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى الْفِعْلِ بِمِثْلِ لَفْظِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ؛ فَالْعُدْوَانُ الْأَوَّلُ ظُلْمٌ، وَالثَّانِي جَزَاءٌ، وَالْجَزَاءُ لَا يَكُونُ ظُلْمًا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:{نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:

[البحر الوافر]

أَلَا لَا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا

فَنَجْهَلْ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا"

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: فَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا مَعْنَى فَنُعَاقِبُهُ بِأَغْلَظِ عُقُوبَةٍ، فَسَمَّى ذَلِكَ جَهْلًا، وَالْجَهْلُ لَا يَفْتَخِرُ بِهِ ذُو عَقْلٍ، وَإِنَّمَا قَالَهُ لِيَزْدَوِجَ اللَّفْظَانِ فَيَكُونَ ذَلِكَ أَخَفَّ عَلَى اللِّسَانِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا

ص: 437

1019 -

قَالَ الشَّيْخُ: مِثْلُهُ مِنَ الْحَدِيثِ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ، نا أبُو نُعَيْمٍ، نا سفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ أَسْمَعْ

⦗ص: 440⦘

أحَدًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرَهُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: يَقُولُ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا عَلَى غَيْرِ إِخْلَاصٍ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْمَعُونَهُ، جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَشْهَدَهُ اللَّهُ وَيَفْضَحَهُ، فَشَهِدُوا عَلَيْهِ مَا كَانَ يُبْطِنُهُ وَيُسِّرُهُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ:«وَالْخِدَاعُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ وَيُعَجِّلَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالنِّعَمِ مَا يَدَّخِرُونَهُ، وَيُؤَخِّرَ عَنْهُمْ عَذَابَهُ وَعِقَابَهُ، إِذْ كَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَيُضْمِرُونَ خِلَافَ مَا يُظْهِرُونَ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُظْهِرُ لَهُمْ مِنَ الْإِحْسَانِ فِي الدُّنْيَا خِلَافَ مَا يَغِيبُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، فَيَجْتَمِعُ الْفِعْلَانِ تَسَاوِيهُمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ»

1020 -

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: " وَالْخَدْعُ معْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْفَسَادُ، أَخْبَرَنَا الْأَنْبَارِيُّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ النَّحْوِيِّ، عَنِ ابنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْخَادِعُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْفَاسِدُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، وَأَنْشَدَ:

[البحر الرمل]

أَبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُهُ

طَيِّبُ الرِّيقِ إِذَا الرِّيقُ خَدَعْ

⦗ص: 441⦘

مَعْنَاهُ: فَسَدَ، تأويلُ قَوْلِهِ:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] أَيْ يُفْسِدُونَ مَا يُظْهِرُونَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَا يُضْمِرُونَ مِنَ الْكُفْرِ، وَهُوَ خَادِعُهُمْ، أَيْ يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَا يُصَيِّرُهُمْ إِلَيْهِ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَالْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ اسْتِدْرَاجُهُمْ مِنْ حَيْثِ لَا يَعْلَمُونَ، وَقَدْ يُوصَفُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْمَكْرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يُوصَفُ بِالِاحْتِيَالِ، لِأَنَّ الْمُحْتَالَ هُوَ الَّذِي يُقَلِّبُ الْفِكْرَةَ حَتَّى يَهْتَدِيَ بِتَقْلِيبِ الْفِكْرَةِ إِلَى وَجْهِ مَا أَرَادَ، وَالْمَاكِرُ الَّذِي يَسْتَدْرِجُ فَيَأْخُذُ مِنْ وَجْهِ غَفْلَةِ الْمُسْتَدْرَجِ. قَالَ اللَّهُ عز وجل:{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثِ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182]

ص: 439

1021 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ عز وجل يُعْطِي الْعَبْدَ مَا يُحِبُّ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيهِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِدْرَاجٌ» . ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ:

⦗ص: 442⦘

{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 45] .

1022 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، نا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، نا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ، نا أَبُو صَالِحٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَتِهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لَهُ اسْتِدْرَاجٌ بِمَعْنَى مَكْرٌ» ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَذَكَرَهَا

ص: 441

1023 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرْبِيُّ بِبَغْدَادَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ شَيْخٍ، لَهُ أَنَّ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، سُئِلَ عَنِ الِاسْتِدْرَاجِ، فَقَالَ: مَكْرُ اللَّهِ عز وجل بِالْعِبَادِ الْمُضَيِّعِينَ

ص: 443

قَالَ: وَقَالَ يُونُسُ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ فَحَفِظَهَا وَأَبْقَى عَلَيْهَا، ثُمَّ شَكَرَ اللَّهَ عز وجل عَلَى مَا أَعْطَاهُ، أَعْطَاهُ اللَّهُ أَشْرَفَ مِنْهَا، وَإِذَا ضَيَّعَ الشُّكْرَ اسْتَدْرَجَهُ اللَّهُ وَكَانَ تَضْيِيعُهُ لِلشُّكْرِ اسْتِدْرَاجًا "

ص: 443

1024 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ سُفْيَانَ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] قَالَ: نُسْبِغُ عَلَيْهِمِ النِّعَمَ وَنَمْنَعُهُمُ الشُّكْرَ. قَالَ: وَقَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ: كُلَّمَا أَحْدَثُوا ذَنْبًا أَحْدَثْتُ لَهُمْ نِعْمَةً. قَالَ ابْنُ دَاوُدَ: تَنْسَى

ص: 443

1025 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ

⦗ص: 444⦘

الْجَهْمِ، قَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54] نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عِيسَى عليه السلام، إِذْ أَرَادُوا قَتْلَهُ، فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ كُوَّةٌ، وَقَدْ أَيَّدَهُ اللَّهُ عز وجل بِجِبْرِيلَ عليه السلام، فَرَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ مِنَ الْكُوَّةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِيَقْتُلَهُ، فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ شَبَهَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ عِيسَى خرَجَ إِلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ: مَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ، فَقَتَلُوهُ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ عِيسَى، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54] الْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ الِاسْتِدْرَاجُ لَا عَلَى مَعْنَى مَكْرِ الْمَخْلُوقِينَ

ص: 443

1026 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} [الأعراف: 51] يَقُولُ: نَتْرُكُهُمْ فِي النَّارِ كَمَا تَرَكُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا ". قَالَ الشَّيْخُ: يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: كَمَا تَرَكُوا الِاسْتِعْدَادَ لِلِقَاءِ يَوْمِهِمْ هَذَا

ص: 444