الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الرُّوحِ وَقَوْلِهِ عز وجل: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، وَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَقَوْلِهِ فَنَفَخْنَا فِيهِ
مِنْ رُوحِنَا
773 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ اللَّبَّادُ، نا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ، نا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قِصَّةِ خَلْقِ آدَمَ عليه السلام، قَالَ: " فَبَعَثَ جِبْرِيلَ عليه السلام إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا، فَقَالَتِ الْأَرْضُ: إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تَنْقُصَ مِنِّي أَوْ تُشِينَنِي. فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَقَالَ: رَبِّ إِنَّهَا عَاذَتْ بِكَ فَأَعَذْتُهَا، فَبَعَثَ مِيكَائِيلَ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا، فَرَجَعَ فَقَالَ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَبَعَثَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا فَرَجَعَ فَقَالَ: وَأَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أُنْفِذْ أَمَرَهُ. فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَخَلَطَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةٍ حَمْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ. فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَمَ مُخْتَلِفَيْنَ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ آدَمَ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، فَصَعِدَ بِهِ فَبَلَّ التُّرَابَ حَتَّى عَادَ طِينًا لَازِبًا - اللَّازِبُ هُوَ الَّذِي يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ - ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى أَنْتَنَ فَذَلِكَ
⦗ص: 211⦘
حَيْثُ يَقُولُ {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [سورة: الحجر، آية رقم: 26] قَالَ: مُنْتِنٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ:{إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [سورة: ص، آية رقم: 72] فَخَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ لِئَلَّا يَتَكَبَّرُ إِبْلِيسُ عَنْهُ لَيَقُولَ لَهُ: أَتَتَكَبَّرُ عَمَّا عَمِلْتَ بِيَدِي، وَلَمْ أَتَكَبَّرْ أَنَا عَنْهُ، فَخَلَقَهُ بَشَرًا فَكَانَ جَسَدًا مِنْ طِينٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: فَمَرَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَفَزِعُوا مِنْهُ لَمَّا رَأَوْهُ، وَكَانَ أَشَدُّهُمْ فَزَعًا مِنْهُ إِبْلِيسَ، وَكَانَ يَمُرُّ بِهِ فَيَضْرِبُهُ فَيُصَوِّتُ الْجَسَدَ كَمَا يُصَوَّتُ الْفَخَّارَ، تَكُونُ لَهُ صَلْصَلَةٌ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [سورة: الرحمن، آية رقم: 14] وَيَقُولُ لِأَمْرٍ مَا: خَلَقْتُ، وَدَخَلَ مِنْ فَمِهِ فَخَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ، فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: لَا تَرْهَبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ أَجْوَفُ، وَلَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْهِ لَأُهْلِكَنَّهُ. فَلَمَّا بَلَغَ الْحِينَ الَّذِي أُرِيدَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ، قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: إِذَا نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَاسْجُدُوا لَهُ، فَلَمَّا نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ فَدَخَلَ الرُّوحُ فِي رَأْسِهِ عَطَسَ، فَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ، فَلَمَّا دَخَلَ الرُّوحُ فِي عَيْنَيْهِ نَظَرَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي جَوْفِهِ اشْتَهَى الطَّعَامَ فَوَثَبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الرُّوحُ رِجْلَيْهِ عَجْلَانَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَجَلٍ} [سورة: الأنبياء، آية رقم: 37] ، {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} [سورة: الحجر، آية رقم: 30] أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. وَذَكَرَ الْقِصَّةَ. وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ وَابْنَهَا، قَالُوا: خَرَجَتْ مَرْيَمُ إِلَى جَانِبِ الْمِحْرَابِ لِحَيْضٍ أَصَابَهَا، فَلَمَّا طَهُرَتْ إِذَا هِيَ بِرَجُلٍ مَعَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عز وجل {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [سورة: مريم، آية رقم: 17] وَهُوَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَفَزِعَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [سورة: مريم، آية رقم: 18] قَالَ: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [سورة: مريم، آية رقم: 19] الْآَيَةَ فَخَرَجَتْ وَعَلَيْهَا جِلْبَابُهَا، فَأَخَذَ بِكُمِّهَا فَنَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا وَكَانَ مَشْقُوقًا مِنْ قُدَّامِهَا، فَدَخَلَتِ النَّفْخَةُ صَدْرَهَا فَحَمَلَتْ، فَأَتَتْهَا أُخْتُهَا امْرَأَةُ زَكَرِيَّا لَيْلَةً لِتَزُورَهَا، فَلَمَّا فَتَحَتْ لَهَا الْبَابَ الْتَزَمَتْهَا، فَقَالَتِ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا: يَا مَرْيَمُ أَشَعَرْتِ أَنِّي حُبْلَى؟ قَالَتْ مَرْيَمُ: أَشَعَرْتِ أَيْضًا أَنِّي حُبْلَى؟ قَالَتِ
⦗ص: 212⦘
امْرَأَةُ زَكَرِيَّا: فَإِنَّى وَجَدْتُ مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِلَّذِي فِي بَطْنِكِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل:{مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [سورة: آل عمران، آية رقم: 39] وَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه: فَالرُّوحُ الَّذِي مِنْهُ نُفِخَ فِي آدَمَ عليه السلام كَانَ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، جَعَلَ اللَّهُ عز وجل حَيَاةَ الْأَجْسَامِ بِهِ، وَإِنَّمَا أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى طَرِيقِ الْخَلْقِ وَالْمِلْكِ، لَا أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ عز وجل:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [سورة: الجاثية، آية رقم: 13] أَيْ مِنْ خَلْقِهِ
774 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، نا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، نا وَكِيعٌ، نا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ مُتَوَكِّئٌ عَلَى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ. فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، مَا الرُّوحُ؟ فَوَقَفَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقَرَأَ:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمَرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] الْآيَةَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُوهُ. أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيّ رحمه الله: أَمَّا الرُّوحُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا وَقَعَتْ عَنْهُ الْمُسَاءَلَةُ مِنَ الْأَرْوَاحِ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الرُّوحُ هَهُنَا جِبْرِيلُ عليه السلام، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِصِفَةٍ وَصَفُوهَا مِنْ عِظَمِ الْخِلْقَةِ. قَالَ: وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ إِلَى أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ الَّذِي بِهِ تَكُونُ حَيَاةُ الْجَسَدِ، وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ مِنْهُمْ: إِنَّمَا سَأَلُوهُ
⦗ص: 213⦘
عَنْ كَيْفِيَّةِ الرُّوحِ وَمَسْلَكِهِ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَكَيْفَ امْتِزَاجُهُ بِالْجِسْمِ، وَاتِّصَالُ الْحَيَاةِ بِهِ، وَهَذَا شَيْءٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عز وجل ". وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» ، وَقَالَ:«أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ فِي صُوَرِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَعَلَّقَ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ» . فَأَخْبَرَ أَنَّهَا كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مِنَ الْأَبْدَانِ فَاتَّصَلَتْ بِهَا، ثُمَّ انْفَصَلَتْ عَنْهَا، وَهَذَا مِنْ صِفَةِ الْأَجْسَامِ
775 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيُّ، نا مُسَدَّدُ بْنُ قُطْنٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَمَّا
⦗ص: 214⦘
أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءُ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَنْكُلُوا فِي الْحَرْبِ؟ فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ} [آل عمران: 170] " الْآيَاتُ. وَقَدْ ثَبَتَ مَعْنَى هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ
776 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، نا أَبُو أَحْمَدَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْهَمَذَانِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، نا يَحْيَى بْنُ
⦗ص: 215⦘
سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» .
777 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ رحمه الله، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْأَنْبَارِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، قَالَتْ: كَانَتْ بِمَكَّةَ امْرَأَةٌ مَزَّاحَةٌ فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَتْ عَلَى امْرَأَةٍ مِثْلِهَا، فَبَلَغَ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فَذَكَرَهُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي
⦗ص: 216⦘
الصَّحِيحِ، فَقَالَ: وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ فَذَكَرَهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ
778 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، نا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، نا أَبُو الْجَمَاهِرِ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ، ح. أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَا: نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: هَذَا يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى مَعْنَى التَّشَاكُلِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ، فَإِنَّ الْخَيِّرَ مِنَ النَّاسِ يَحِنُّ إِلَى شَكْلِهِ، وَالشِّرِّيرَ يَمِيلُ إِلَى نَظِيرِهِ وَمِثْلِهِ، وَالْأَرْوَاحُ إِنَّمَا تَتَعَارَفُ بِضَرَائِبِ طِبَاعِهَا الَّتِي جُبِلَتْ عَلَيْهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَإِذَا اتَّفَقَتِ
⦗ص: 217⦘
الْأَشْكَالُ تَعَارَفَتْ وَتَآلَفَتْ، وَإِذَا اخْتَلَفَتْ تَنَافَرَتْ وَتنَاكَرَتْ؛ وَلِذَلِكَ صَارَ الْإِنْسَانُ يُعْرَفُ بِقَرِينِهِ، وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ بِإِلْفِهِ وَصَحْبِهِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ فِي حَالِ الْغَيْبِ عَلَى مَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل: خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَامِ، وَكَانَتْ تَلْتَقِي فَتُشَامُّ كَمَا تُشَامُّ الْخَيْلُ. فَلَمَّا الْتَبَسَتْ بِالْأَجْسَامِ تَعَارَفَتْ بِالذِّكْرِ الْأَوَّلِ فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِنَّمَا يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ الْعَهْدُ الْمُتَقَدِّمُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي عِيسَى عليه الصلاة والسلام: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم: 12] يُرِيدُ جَيْبَ دِرْعِ مَرْيَمَ عليها السلام، وَقَوْلُهُ:{فِيهِ} [التحريم: 12] يُرِيدُ نَفْسَ مَرْيَمَ، وَذَلِكَ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام نَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا فَوَصَلَ النَّفْخُ إِلَيْهَا، وَقَوْلُهُ:{مِنْ رُوحِنَا} [الأنبياء: 91] أَيْ مِنْ نَفْخِ جِبْرِيلَ عليه السلام. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الرُّوحُ النَّفْخُ، سُمِّيَ رُوحًا لِأَنَّهُ رِيحٌ يَخْرُجُ مِنَ الرُّوحِ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
[البحر الطويل]
فَقُلْتُ لَهُ ارْفَعْهَا إِلَيْكَ وَأَحْيِهَا
…
بِرُوحِكَ وَاجْعَلْهُ لَهَا قِيتَةً قِدْرَا
قَوْلُهُ: أَحْيِهَا بِرُوحِكَ: أَيْ أَحْيِهَا بِنَفْخِكَ. فَالْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ رُوحُ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِنَفْخَةِ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام فِي دِرْعِ مَرْيَمَ، وَنَسَبَ الرُّوحَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ بِأَمْرِهِ كَانَ" قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: وَقَدْ تَكُونُ الرُّوحُ بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22] أَيْ قَوَّاهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ، فَقَوْلُهُ:{فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم: 12] أَيْ: مِنْ رَحْمَتِنَا. وَيُقَالُ لَعِيسَى: رُوحُ اللَّهِ؛ أَيْ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ. وَقِيلَ: قَدْ يَكُونُ الرُّوحُ بِمَعْنَى الْوَحْيِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمَرِهِ عَلَى مِنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [غافر: 15] وَقَالَ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] وَقَالَ {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمَرِهِ} [النحل: 2] يَعْنِي بِالْوَحْيِ، وَإِنَّمَا سَمَّى الْوَحْيَ رُوحًا لِأَنَّهُ حَيَاةٌ مِنَ الْجَهْلِ، فَكَذَلِكَ سُمِّيَ الْمَسِيحُ عِيسَى
⦗ص: 218⦘
ابْنُ مَرْيَمَ رُوحًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَهْدِي بِهِ مَنِ اتَّبَعَهُ فَيُحْيِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ، وَقَالَ:{فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم: 12] أَيْ صَارَ بِكَلِمَتِنَا كُنْ بَشَرًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ. وَسُمِّيَ جِبْرِيلُ عليه السلام رُوحًا، فَقَالَ:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ} [النحل: 102] يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السلام وَقَالَ: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 193] يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السلام، وَقَالَ:{وَأيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: 87] يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السلام، وَقَالَ:{فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: 17] يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السلام، وَقَالَ:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر: 4]، قِيلَ: أَرَادَ بِهِ جِبْرِيلَ عليه السلام وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْمَلَكَ الْمُعَظَّمَ الَّذِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38] وَقَوْلِهِ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمَرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]
779 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما قَالَ: الرُّوحُ أَمَرٌ مِنْ أَمَرِ اللَّهِ عز وجل، وَخَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، صُوَرُهُمْ عَلَى صُورَةِ بَنِي آدَمَ، وَمَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكٌ إِلَّا وَمَعَهُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّوحِ
780 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85] يَقُولُ: الرُّوحُ مَلَكٌ
781 -
وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَزْانَ يَزِيدُ بْنُ سَمُرَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85] قَالَ: هُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ وَجْهٍ بِكُلِّ وَجْهٍ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ، لِكُلِّ لِسَانٍ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ لُغَةٍ، يُسَبِّحُ اللَّهُ تَعَالَى بِتِلْكَ اللُّغَاتِ كُلِّهَا، يَخْلُقُ مِنْ كُلِّ تَسْبِيحَةٍ مَلَكٌ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
782 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، ثنا أَبُو
⦗ص: 220⦘
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ} [النبأ: 38] قَالَ: الرُّوحُ خَلْقٌ كَالنَّاسِ وَلَيْسُوا بِالنَّاسِ لَهُمْ أَيْدٍ وَأَرْجُلٌ
783 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، نا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُهُسْتَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الرُّوحُ نَحْوُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ
784 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38] قَالَ: يَعْنِي حِينَ يَقُومُ أَرْوَاحُ النَّاسِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِيمَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُرَدَّ الْأَرْوَاحُ إِلَى الْأَجْسَادِ وَفِي كَيْفِيَّةِ حَمْلِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَوْلٌ آخَرُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه.
785 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ الْغِفَارِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رُوحُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْوَاحِ الَّتِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْمِيثَاقَ فِي زَمَنِ آدَمَ عليه الصلاة والسلام، فَأَرْسَلَهُ إِلَى مَرْيَمَ فِي صُورَةِ بِشْرٍ، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] ، تَلَا إِلَى قَوْلِهِ:{فَحَمَلَتْهُ} [مريم: 22] " قَالَ: حَمَلَتِ الَّذِي خَاطَبَهَا، وَهُوَ رُوحُ عِيسَى، قَالَ: فَدَخَلَ مِنْ فِيهَا