الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: (ومن القواعد الجليلة
…
أن طروء الاحتمال في المرفوع من وقائع الأحوال يكسوها ثوبَ الإجمال فيسقط به الاستدلال).
أقول: موضع هذا أن يحتمل الخبرُ وجهين ولا دليل فيه على أحدهما، فأما إذا كان أحدهما راجحًا فالحكم له.
ثم قال أبو ريَّة ص 263: (ليس في الحديث متواتر
…
).
أقول: مَن نفى هذا إنما نفى التواتر اللفظيّ، فأما المعنويّ فكثير، فلتراجع الكتب التي نقل عنها.
وذكر في الحاشية:
حديثَ الحوض، وكأنه استهزأ به، ومن استهزأ به فليس من أهله
.
ثم ذكر شيئًا من تقسيم العلماء للحديث، إلى أن قال ص 267:
(تعدد طرق الحديث
لا يقويها. قال العلامة السيد رشيد رضا: يقول المحدثون في بعض الأحاديث حتى التي لم يصح لها سند: إن تعدد طرقها يقويها. وهي قاعدة للمحدّثين لم يشر إليها الله في كتابه، ولا ثبتت في سنته عن رسوله، وإنما هي مسألة نظرية غير مطَّردة).
أقول: أما إطلاق أبي ريَّة في العنوان فباطل قطعًا كما سترى. وأما إشارة القرآن فيمكن إثباتها باشتراط القرآن العدد في الشهود، وقوله تعالى:{إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [يس: 14]. ومن السنة: حديث ذي اليدين، والمعقول واضح. نعم قوله:(غير مطردة) حق لا ريب فيه، بل أزيد على ذلك أن بعض الأخبار يزيده تعدد الطرق وهنًا، كأن يكون الخبر في فضل رجل، وفي كلِّ طريقٍ من طرقه كذَّاب أو مُتَّهَم ممن يتعصَّب له أو مغفَّل أو مجهول.
[ص 186] قال: (فتعدد الطرق في مسألة مقطوع ببطلانها شرعًا كمسألة الغرانيق،
أو عقلًا لا قيمة له، لجواز اجتماع تلك الطرق على الباطل).
أقول: أما الباطل يقينًا فلا يفيده التعددُّ شيئًا، بل يبعد جدًّا أن تتعدد طرقه تعددًا يفيده قوة قوية، نعم قد يختلف المتن في الجملة ويكون الحكم بالبطلان إنما هو بالنظر إلى ما وقع في بعض الطرق، وقد يكون ذلك الخطأ وقع فيه، وقد يفهم الناظر معنى يحكم ببطلانه، وللخبر معنى آخر مستقيم، وكثيرًا ما يقع الخلل في الحكم بالبطلان.
وقال أبو ريَّة ص 269: (كتب الحديث المشهورة) ثم ذكر «الموطأ» وذكر أشياء ينبغي مراجعةُ مصادرها، إلى أن قال ص 273:(قال ابن معين: إن مالكًا لم يكن صاحب حديث، بل كان صاحب رأي).
أقول: لم يذكر مصدره إن كان له مصدر، ومن المتواتر ثناء ابن معين البالغ على مالك بمعرفة الحديث ورواته والإتقان والتثبُّت
(1)
، وليس من شأن ابن معين النظر في الفقه.
قال: (وقال الليث بن سعد: أحصيتُ على مالك سبعين مسألة وكلُّها مخالفة لسنة الرسول).
أقول: قد عرفنا أنَّ مالكًا ربما توقف عن الأخذ بالحديث لاعتقاده أنه منسوخ أو نحو ذلك، وقد تُبنى على الحديث الواحد مئات من المسائل، وقد قال مالك:«إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فما وافق السنة فخذوا به»
(2)
.
(1)
انظر «تهذيب التهذيب» : (10/ 5 ــ 9).
(2)
من ترجمة مالك في تهذيب التهذيب [10/ 9]. [المؤلف].