المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: التعريف بالطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري - دعاوى الطاعنين في القرآن الكريم = الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين

[عبد المحسن المطيري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف الطعن في القرآن

- ‌المبحث الثاني: مصطلحات ترادف الطعن في القرآن

- ‌المبحث الثالث: التعريف بالطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري

- ‌الباب الأول (النظري) الطعن في القرآن: نشأته، أسبابه، مواجهته

- ‌الفصل الأول: تاريخ الطعن في القرآن والكتب المؤلفة فيه

- ‌المبحث الأول: أول من تكلم فيه

- ‌المبحث الثاني: أول من ألف فيه

- ‌المبحث الثالث: اتجاهات العلماء في التأليف في هذا المجال

- ‌المبحث الرابع: الكتب المؤلفة فيه

- ‌الفصل الثاني: أسباب الطعن في القرآن

- ‌المبحث الأول: لماذا هذه الحرب على القرآن

- ‌المبحث الثاني: ما الحكمة من وجود المتشابه في القرآن

- ‌المبحث الثالث: أنواع المطاعن

- ‌المبحث الرابع: أسباب الاختلاف في القرآن

- ‌الفصل الثالث: مواجهة دعاوى الطعن في القرآن

- ‌المبحث الأول: تنزيه كلام الله عن المطاعن

- ‌المبحث الثاني: موقف سلف الأمة ممن يثيرون الشبه والمطاعن حول القرآن

- ‌المبحث الثالث: قواعد التعامل مع المطاعن

- ‌الباب الثاني (تطبيقي) : موقف الطاعنين من آيات القرآن والرد عليهم

- ‌الفصل الأول: الردود الإجمالية على من طعن في القرآن

- ‌المبحث الأول: الأدلة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: بشارة الكتب السابقة به:

- ‌المطلب الثاني: شهادة المنصفين:

- ‌المطلب الثالث: الآيات التي يجريها الله على يديه يخرق فيها العادة:

- ‌المطلب الرابع: إقرار الله تعالى له ولدعوته واستجابة دعائه

- ‌المطلب الخامس: من الأدلة على صدقه صلى الله عليه وسلم كمال أخلاقه:

- ‌المطلب السادس: جوابه الحاضر على أسئلة المشككين:

- ‌المطلب السابع: عدم استغلاله فرص التعالي:

- ‌المطلب الثامن: استعداده للملاعنة والمباهلة على من خالفه، غير وجل ولا خائف أن يحيق به شيء

- ‌المطلب التاسع: حمايته من كل ما يكاد به، ونجاته من كل محاولات الاغتيال:

- ‌المطلب العاشر: انتفاء الغرض الشخصي:

- ‌المطلب الحادي عشر: إخباره بالنهايات في البدايات:

- ‌المطلب الثاني عشر: إخباره بالغيب:

- ‌المطلب الثالث عشر: إحكام التشريع

- ‌المطلب الرابع عشر: الإعجاز العلمي:

- ‌المطلب الخامس عشر: الوصف الدقيق للغيب:

- ‌المطلب السادس عشر: تأليف قلوب العرب:

- ‌المطلب السابع عشر: الإلزام:

- ‌المبحث الثاني: الأدلة على صدق القرآن وما فيه

- ‌المطلب الأول: إعجاز القرآن:

- ‌المطلب الثاني: التحدي أن يؤتى بمثله:

- ‌المطلب الثالث: شهادة المنصفين من أهل الكتاب والكفار وأعدائه له بالصحة والصدق:

- ‌المطلب الرابع: الوحدة الموضوعية لكل سورة:

- ‌المطلب الخامس: عدم التناقض:

- ‌المبحث الثالث: ردود القرآن على الطاعنين

- ‌المبحث الرابع: ردود إجمالية أخرى

- ‌المطلب الأول: عدم معارضة كفار مكة له، مع أنهم أكثر الناس عداوة وفصاحة:

- ‌المطلب الثاني: إثبات الدليل (من أين لك هذا

- ‌المطلب الثالث: مخالفة الواقع:

- ‌المطلب الرابع: إجماع الأمة على ذلك (من سبقك إلى هذا) :

- ‌الفصل الثاني: الردود التفصيلية على من طعن في القرآن

- ‌المبحث الأول: التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)

- ‌المطلب الأول: دعواهم أن القرآن من عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم :

- ‌المطلب الثاني: نقله من غيره ، والرد عليهم:

- ‌المطلب الثالث: جواز نقده ومخالفته، والرد عليهم

- ‌المبحث الثاني: زعم عدم حفظه (النص القرآني)

- ‌المطلب الأول: شبهة أنه ليس هو القرآن الذي أنزل:

- ‌المطلب الثالث: النسخ في القرآن:

- ‌المبحث الثالث: اتهام القرآن بالتناقض

- ‌المطلب الأول: هل في القرآن تناقض حقيقي

- ‌المطلب الثاني: زعم تناقض بعض الآيات مع بعض

- ‌المبحث الرابع: اتهام القرآن بمعارضة الحقائق

- ‌المطلب الأول: دعوى تعارض القرآن مع الحقائق الشرعية:

- ‌المطلب الثاني: دعوى تعارض القرآن مع الوقائع التاريخية:

- ‌المطلب الثالث: دعوى تعارض القرآن مع الحقائق الكونية أو حقائق العلم التجريبي:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المبحث الثالث: التعريف بالطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري

‌المبحث الثالث: التعريف بالطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري

الطاعنون في كتاب الله هم المشككون فيه، الذين يوردون عليه الشبه والإشكالات والاضطرابات، يريدن بهذا إسقاط قدسية القرآن من قلوب المسلمين؛ لأن القرآن هو قطب رحى المسلمين الذي عليه يدورون، وهو العروة الوثقى التي بها يتمسكون، وهو المورد العذب الذي إليه يردون ومنه يصدرون. وهو أساس الإسلام وركن الشريعة الركين، الذي إذا سقط سقط كل البناء، وتهدم الصرح، وقوض الإسلام، ولم تبق للمسلمين باقية ولا قوة.

وقد كثر الطاعنون في كل قرن، ولكن هذا القرن تميز بنوعين من الطاعنين، وهم:

الصنف الأول: المستشرقون.

الصنف الثاني: العلمانيون، أو تلاميذ المستشرقين، أو العقلانيون

وفيما يلى نبذة مختصرة عن كل منهما:

أولا: المستشرقون:

الاستشراق (Orientalism) : تعبير يدل على الاتجاه نحو الشرق، ويطلق على كل ما يبحث في أمور الشرقيين وثقافتهم وتاريخهم، ويقصد به ذلك التيار الفكري الذي يتمثل في إجراء الدراسات المختلفة عن

ص: 32

الشرق، والتي تشمل حضارته، وآدابه، ولغاته، وثقافته (1) .

واستُغل في أكثر مراحله لخدمة الاستعمار، وتشويه تعاليم الدين.

ونشأ هذا الفكر لما عجز النصارى عن مواجهة المسلمين بالسيف، فرأوا أن أفضل طريقة لمحاربة المسلمين هو الغزو الفكري.

ولهم طرق كثيرة للوصول إلى أهدافهم منها: تأليف الكتب، وإصدار المجلات، وإلقاء المحاضرات في المنتديات عن الإسلام، والقرآن، والسنة، وتاريخ المسلمين، وإنشاء الجمعيات والمراكز التي تخدم أغراضهم، وعقد المؤتمرات السرية والعلنية، وإنشاء موسوعة دائرة المعارف الإسلامية وغيرها، وإرسال البعثات، وإنشاء جامعات وكليات غربية في بلاد الشرق، وغير ذلك من الوسائل، ولها آثار أكثرها سلبي وبعضها إيجابي.

(1) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (2/697)، بإشراف الندوة العالمية للشباب: الإسلامي، مراجعة د. مانع بن حماد الجهني، الطبعة الثالثة، 1418، الناشر: دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، الرياض، وأجنحة المكر الثلاثة وخوافيها، لعبد الرحمن حبنكة، دمشق، دار القلم، الطبعة الخامسة، 1986م.

- الاستشراق والتبشير، قراءة تاريخية موجزة، د. محمد السيد الجليند، دار النهضة بحرم جامعة القاهرة.

- رؤية إسلامية للاستشراق، أحمد غراب، من سلسلة إصدارات المنتدى الإسلامي.

- الاستشراق والمستشرقون. د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة.

- المستشرقون والإسلام. د. محمد قطب، مكتبة وهبة، القاهرة.

- صور استشراقية. د. عبد الجليل شبلي، دار الشرق، القاهرة.

- المستشرقون. د. عابد بن محمد السفيانى. دار الفرقان. القاهرة.

ص: 33

فمن الآثار السلبية:

1 -

الطعن في القرآن والسنة، وهما مصدر التشريع في الدين.

2 -

محاولة إحياء الفرق المنحرفة الميتة، أو أفكار بعض المنحرفين كالحلاج وغيره.

3 -

صد الناس عن الإسلام بتشويه تعاليمه كما فعلت الموسوعة البريطانية.

4 -

إخراج جيل من أبناء المسلمين منسلخ عن دينه بل محارب له.

5 -

التشكيك في الثوابت؛ كالجهاد، والحجاب، والميراث، والعقوبات الشرعية؛ كرجم الزاني، وقطع يد السارق، وقتل المرتد، وغير ذلك من الثوابت.

6 -

إخراج المرأة من جلبابها بتصوير الحجاب بأنه خرقة لا قيمة لها، ومحاولة مساواة المرأة للرجل في كل شيء، حتى في جواز تعدد الأزواج.

وأما الآثار الإيجابية فمنها:

1 -

شهادة المنصفين منهم لصدق الإسلام وإعجاز القرآن، حتى دفع الكثير منهم لإعلان إسلامه.

2 -

إخراج بعض الكنوز الإسلامية التي كانت مخطوطة بتحقيقها وطبعها.

3 -

عمل المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي.

ودوافع الاستشراق كثيرة ترجع إلى ثلاثة دوافع: استعماري، وديني، وعلمي (1) .

(1) انظر: المصادر السابقة والموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة للعقل والقفاري (ص: 174 - 185) ، الطبعة الأولى، 1413، دار الصميعي، الرياض.

ص: 34

ثانيا: العلمانيون: ونقصد بهم تلاميذ أولئك المستشرقين؛ الذين رضعوا منهم أفكارهم، وطعونهم في كتاب الله، ومع هذا يدّعون الإسلام، ويتكلمون باسمه، ويزعمون أنهم بهذا ما يريدون إلا الإصلاح (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَا يَشْعُرُونَ ( [البقرة:11، 12] . وينسبون أنفسهم للعلم، فيقولون: نحن علمانيون. تلبيسا على عامة الناس.

وخطر هؤلاء أشد (1) ؛ لأنهم باسم الإسلام يطعنون في الإسلام، وبزعم الدفاع عنه يحاربونه، وأسماؤهم كأسمائنا، وهم أبناء جلدتنا، فتلبيسهم على عامة الناس، بل على بعض الخاصة شديد، لذلك كان الرد على هؤلاء، وكشف أباطيلهم وتلبيساتهم من أعظم الواجبات، وآكد الفرائض، حتى تحذر الأمة منهم، وتسلم من شرهم؛ ففي الصحيحين عن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ:«نعَمْ.» قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ.» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ

(1) انظر: كتاب: نقض مطاعن في القرآن الكريم، لمحمد عرفة، (ص: 82) .

ص: 35

هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» . قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. فَقَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» . قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ» ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ. قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» (1) .

وهناك نوع ثالث ولكن لا نستطيع أن نعدهم من الطاعنين، وإن كانوا قد عملوا أعمالا-سواء عن قصد أو عن غير قصد- فتحت الباب للطاعنين في القرآن (2) ؛ من تأويل غير مقبول في تفسير القرآن، أو جواب عن إشكال فيه تنازل وتسليم مبطن به، أو تحريف معاني كثير من الثوابت إلى معانٍ تساير العصر -بزعمهم- أو إلغائها بالكلية، أو تكلف الاستدلال بآية على ما لا تدل عليه من قريب أو بعيد (3) .

(1) متفق عليه: (البخاري: كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، رقم: 3411، ومسلم: كتاب الإمارة، باب: وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند الفتن، رقم: 1847) .

(2)

انظر: اتجاهات التجديد فى تفسير القرآن الكريم، لاستاذنا الدكتور شريف، ص:737.

(3)

مثل إنكار المعجزات كلها ما عدا القرآن، وإنكار أشراط الساعة الصغرى وبعض الكبرى مثل نزول عيسى والمهدي ويأجوج مأجوج والدابة، وإنكار بعض الغيبيات مثل عالم الجن والملائكة، وإنكار تعدد الزوجات والحجاب وملك اليمين وإنكار السحر، وتأويل الطير الأبابيل بالجراثيم، إباحة بعض أنواع الربا؛ والزعم أن القرآن يدل على جواز تحضير الأرواح، وغير ذلك من سلسلة الأخطاء التي فتحها على مصراعيها تقديم العقل على النقل والانبهار بالعالم الغربي ومحاولة مسايرته. انظر: في بيان أخطاء هؤلاء والرد عليهم:

اتجاهات التفسير في العصر الراهن للدكتور عبد المجيد عبد السلام المحتسب، دار البيارق، الأردن، الطبعة الثالثة، 1982.

منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، للدكتور فهد الرومي، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الخامسة، 1422.

التفسير ومناهجه لدى مدرسة الإمام محمد عبده للدكتور محمود بسيوني فوده، مطبعة الأمانة، القاهرة.

العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب، لمحمد حامد الناصر، مكتبة الكوثر، الرياض، الطبعة الأولى، 1996. اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، أ. د. فهد الرومي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1997.

اتجاه التفسير فى العصر الحديث، للشيخ مصطفى محمد الطير، مطبعة مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة 1975.

اتجاهات التجديد فى تفسير القرآن الكريم فى مصر، أ. د. محمد ابراهيم شريف، دار التراث القاهرة، الطبعة الأولى، 1982.

ص: 36

وهم بعض من ينتسب للمدرسة العقلية الحديثة التي تقدم العقل على النقل كالمعتزلة القديمة؛ يقول أستاذنا الدكتور محمد بلتاجي في مقدمة " كتابه مدخل إلى علم التفسير ": وأنه يتضمن عدة (مباحث في عرض وتقويم بعض الدراسات المعاصرة التي تتناول النص القرآني من منطلقات ومناهج باطلة تحاول أن ترتدي ثوب التجديد والتنوير، وإنما هي - في حقيقتها وجوهرها وأهدافها-نفس المزاعم التي طُعن بها في القرآن الكريم منذ أوحى الله تعالى به)(1) .

وقال حفظه الله: وقد ظهر في عصرنا الحاضر أفراد استخدموا بعض مصطلحات المعتزلة ومقولاتهم، وتمسحوا بهم لكنهم أمعنوا السير في الطريق، ولم يقفوا عند الحد الذي توقف عنده قدماء المعتزلة، بل

(1) مدخل إلى علم التفسير، للدكتور محمد بلتاجي، ص: 1، مكتبة الشباب:، مصر، 1998.

ص: 37

تجاوزوه تجاوزا خطيرا، زعموا فيه أن الفهم الحرفي للعرش والكرسي والملائكة والجن والقلم واللوح والسحر وغيرها، يقدم تصورات ذات طابع أسطوري -تجاوزه التاريخ- نبع من الواقع الثقافي للجماعة في عصر نزول هذه الآيات المتضمنة لهذه النصوص، كما زعموا أن كثيرا من الأحكام القرآنية أصبحت تاريخية، حيث تجاوزتها أوضاع العصر وثقافته، وظروفه ولم تعد صالحة للتطبيق فيه، وتمسحوا في ذلك ببعض اجتهادات عمر بن الخطاب رضي الله عنه (1) .

(1) المصدر السابق ص: 155.

ص: 38