الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
197 - بَابُ مَنْ تَسَوَّكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ
1302 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((أَرَانِي فِي الْمَنَام (رَأَيْتُ فِي الْمَنَام) أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَذَبَنِي رَجُلَانِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ)).
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[الفوائد]:
قال الحافظ: "وفيه: أن استعمال سِواكِ الغيرِ ليس بمكروه، إلا أن المستحب أن يَغسِلَه ثم يَستعمِلَه"(الفتح 1/ 357).
[التخريج]:
[خ 246 تعليقًا / م 2271 "واللفظ له"، 3003 / بز 5986 "والرواية له ولغيره" / ....... ]
سبق تخريجُه وتحقيقُه برواياته في باب: "دفْع السواك إلى الأكبر".
* * *
1303 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ (طَرِيقُ الْقَاسِمِ):
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ (فَقَضِمتُهُ)
(1)
، وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ.
فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ، ثُمَّ قَالَ:((فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى)) ثَلَاثًا، ثُمَّ قَضَى. وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي"
[الحكم]:
صحيح (خ).
[الفوائد]:
قال ابن حجر: "وقولُها فيه: ((فَقَصَمْتُهُ)) بقاف وصاد مهمَلةٍ للأكثر: أي: كسرْتُه، وفي رواية كريمة وابنِ السَّكَن: بضاد معجمة، والقَضْم بالمعجمة: الأكل بأطراف الأسنان. قال ابن الجوزي: وهو أصحُّ
(2)
. قلت: ويُحْمَل الكَسْرُ على كَسْر موضع الاستياك؛ فلا ينافي الثاني، والله أعلم.
وقد أورد الزَّيْن بن المُنَيِّر على مطابقة الترجمة
(3)
، بأنَّ تعيِينَ عائشةَ موضعَ الاستياك بالقطع، وأجاب: أن استعماله بعد أن مضغَتْه وافٍ بالمقصود.
(1)
كذا وقع في بعض روايات البخاري، كما في هامش الصحيح (2/ 5)؛ حيث رمز لها برمز الأصيلي وابن عساكر، وانظر (شرح القسطلاني 2/ 165).
(2)
كشف المشكل (4/ 315).
(3)
حيث بوَّب عليه البخاري: "باب مَن تسوَّك بسواك غيره". وقد اتَّبعْناه على تبويبه.
وتُعقِّب بأنه إطلاق في موضع التقييد، فينبغي تقييد الغير بأن يكون ممن لا يُعافُ أَثرُ فمِه، إذْ لولا ذلك ما غيَّرتْه عائشة، ولا يقال: لَم يتقدَّمْ فيه استعمال؛ لأن في نفْس الخبر: ((يَسْتَنُّ بِهِ)).
وفيه دلالةٌ على تأكُّد أمْرِ السِّواك؛ لكونه صلى الله عليه وسلم لم يُخِلَّ به مع ما هو فيه من شاغل المرض" (فتح الباري 2/ 377).
وقال ابن رجب: "وفي الحديث دليلٌ على أن الاستياك سُنَّةٌ في جميع الأوقات، عند إرادة الصلاة وغيرِها؛ فإن استياك النبي صلى الله عليه وسلم بهذا السواك كان في مرض موته عند خروج نفْسِه، ولم يكن قاصدًا حينئذ لصلاة ولا تلاوة.
وقد قيل: إنه قصَدَ بذلك التسوُّكِ عند خروج نفْسِه الكريمة؛ لأجْل حضور الملائكة الكرام، ودُنوِّهم منه لقبْض رُوحِه الزكية الطاهرةِ الطيبة" (فتح الباري 8/ 129).
[التخريج]:
[خ 4438 "واللفظ والرواية له" / غو (1/ 459) / أصبهان (2/ 277)]
[السند]:
قال البخاري (4438): حدثنا محمد، حدثنا عفَّان، عن صَخْر بن جُوَيْريةَ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، به.
قال ابن حجر: "قوله (حدَّثني محمد) جزَم الحاكم بأنه محمد بن يحيى الذُّهْلي، وسقَط عند ابن السَّكَن، فصار من رواية البخاري عن عَفَّانَ بلا واسطة، وعَفَّانُ من شيوخ البخاري، قد أخرج عنه بلا واسطة قليلًا"(فتح الباري 8/ 138).
* * *
رِوَايَةُ: (فَقَصَمْتُهُ (فَقَضِمْتُه)، ثُمَّ مَضَغْتُهُ (طَرِيقُ عُرْوَةَ):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عن عائشة رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، يَقُولُ:((أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟)) يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ، فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي. ثُمَّ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَضِمْتُهُ (فَقَصَمْتُهُ)، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَنَّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ (مُسْتَسْنِدٌ) إِلَى صَدْرِي.
[الحكم]:
صحيح (خ).
[التخريج]:
[خ 890 "والروايتان له"، 4450 "واللفظ له" / ك 520 / هق 173، 13560 / معيل (الفتح 2/ 377) / نعيم (خ- الفتح 2/ 377) / حداد 232 / كر (36/ 305)]
[السند]:
قال البخاري (890، 4450): حدثنا إسماعيل، قال: حدثني سُلَيمان بن بلال، قال: قال (حدثنا) هشام بن عُرْوة: أخبرني أبي، عن عائشة، به.
[تنبيه]:
وهِمَ الحاكمُ فاستدرك هذا الحديثَ على الشيخين، ورواه من طريق إسماعيلَ بن أبي أُوَيس (شيخ البخاري) بسند البخاري ومتْنِه سواء، ثم قال:
"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"!!.
* * *
رِوَايَة: ((فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟)) (طَرِيقُ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيَّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: ((أَنْ نَعَمْ))، فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: ((أَنْ نَعَمْ))، فَلَيَّنْتُهُ، فَأَمَرَّهُ [عَلَى ثَغْرِهِ]، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أَوْ: عُلْبَةٌ- يَشكُّ عُمرُ
(1)
- فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، يَقُولُ:((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ))، ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ:((فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى)) حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ.
[الحكم]:
صحيح (خ).
[اللغة]:
قَالَ البخاري: "العُلْبة: من الخَشَب، والرَّكْوة: من الأَدَم"(الصحيح عقب 6510).
[التخريج]:
[خ 4449 "واللفظ له"، 6510 مختصرًا / طب (23/ 31/ 78)
(1)
هو ابن سعيد بن أبي حسين، راوي الحديث.
"والزيادة له" / حداد 4037 / أمهات (ص 76) / محتضر 31 / ضعف (2/ 330 - 331) / جر 1843 / هقل (7/ 206) / فراء (فوائد ق 48/أ) / بغ 3826 / نبغ 1196 / كر (36/ 307) / يمن (الزائر ص 117)]
[السند]:
قال البخاري (4449، 6510): حدثني محمد بن عُبَيد بن مَيْمون، حدثنا عيسى بن يونس، عن عُمَر بن سعيد، قال: أخبرني ابن أبي مُلَيْكة، أن أبا عَمرو ذَكْوانَ مولى عائشة، أخبره أن عائشةَ كانت تقول:
…
فذكره.
* * *
رِوَايَة: ((فَضَعُفَ عَنْهُ)) (طَرِيقُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ):
◼ وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، وَفِي نَوْبَتِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ))، قَالَتْ:((دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِسِوَاكٍ [يَمْضُغُ]، فَضَعُفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ، ثُمَّ سَنَنْتُهُ بِهِ)).
[الحكم]:
صحيح (خ) عدا الزيادة، وهي صحيحة.
[التخريج]:
[خ 3100 "واللفظ له" / حب 6657 "والزيادة له" / عل 4606 / طب (23/ 33/ 82) / مبهم (3/ 218) / نبلا (7/ 434) / كر (36/ 306) / مشب 1195]
[السند]:
قال البخاري (3100): حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا نافع، سمِعتُ
ابنَ أبي مُلَيكةَ، قال: قالت عائشةُ
…
به.
نافع هو: ابن عُمر الجُمَحي، وابن أبي مريم هو: سعيد بن الحَكَم، وهما ثقتان ثَبْتان.
والزيادة: رواها ابن حِبَّانَ في (صحيحه 6657)، قال: أخبرنا الفَضْل بن الحُبَاب، حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا نافع بن عُمر، عن ابن أبي مُلَيكة، به.
وهذا سند صحيح؛ رجاله كلُّهم ثقاتٌ أثبات.
[تنبيه]:
روى الذهبي هذا الحديثَ في (السِّيَر 7/ 434) من طريق أبي يَعْلَى المَوْصلي، حدثنا داود بن عَمرو الضَّبِّي، حدثنا نافع بن عُمَر الجُمَحي، عن ابن أبي مُلَيْكةَ، قال: قالت عائشة: ((دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ
…
))!
هكذا وقع عنده: ((دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ
…
)) بدل: ((عبد الرحمن بن أبي بكر)). وهذا خطأٌ، فيه سقط، والصواب:((عبد الرحمن بن أبي بكر))؛ فإن الحديث عند أبي يَعْلَى (4604) بهذا الإسناد وهذا المتْنِ، وفيه:((عبد الرحمن بن أبي بكر)) كما هو محفوظ.
ومما يدل على أن فيه سقطًا: قولُ الذهبي عَقِبَ الحديث: "أخرجه البخاري، عن ابن أبي مريمَ، عن نافع، فوقَع لنا بَدَلًا عاليًا".
فهذا يدلُّ على أن لفظ الحديث عنده نحو لفظ البخاري.
* * *
رِوَايَة: ((وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ)) (طَرِيقُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ):
◼ وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:"تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: ((فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى)). وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً، فَأَخَذْتُهَا، فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا، وَنَفَضْتُهَا، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا، ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا، فَسَقَطَتْ يَدُهُ، - أَوْ: سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ-، فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ".
[الحكم]:
صحيح (خ).
[التخريج]:
[خ 4451 / حق 1254 / هقل (7/ 206) / عد (6/ 39) مختصرًا / كر (36/ 307)]
[السند]:
قال البخاري (4451): حدثنا سُلَيمان بن حَرْب، حدثنا حَمَّاد بن زيد، عن أيوبَ، عن ابن أبي مُلَيْكة، عن عائشة، به.
[تنبيه]:
قال الذهبي: "رواه البخاري هكذا. لم يَسمَعه ابنُ أبي مُلَيكةَ من عائشةَ، لأن عيسى بن يونسَ قال: عن عُمر بن سعيد بن أبي حُسين، قال: أخبرني ابن أبي مُلَيكة، أن ذَكْوانَ مولى عائشةَ أخبره، أن عائشة كانت تقول:
…
" (تاريخ الإسلام 1/ 818).
وأشار إلى هذه العلةِ قبْلَ الذهبيِّ الإمامُ الدارَقُطْني في (الإلزامات والتتبع ص 350)، حيث قال:"وأخرج البخاري- وحدَه- حديثَ أيُّوبَ ونافِعِ بن عُمر، عن ابن أبي مُلَيكةَ، عن عائشةَ أنها قالت: "تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَجُمِعَ بَيْنَ رِيقِهِ وَرِيقِي"، وقصةَ السِّواك.
وأخرجه أيضًا من حديث يحيى، عن عُمرَ بن سعيد، عن ابن أبي مُلَيكةَ، عن ذَكْوانَ، عن عائشةَ مثْلَه".
وقال في "العلل": "رواه عُمر بن سعيد بن أبي حُسين، عن ابن أبي مُلَيكة، عن ذَكوانَ أبي عَمرو، عن عائشةَ. قال ذلك عيسى بنُ يونس. وخالفه ابنُ المبارَك، فلم يَذكر ذَكْوانَ أبا عَمرو، وقال: عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشةَ.
وكذلك رواه أبو الزُّبير، ونافعُ بن عُمر الجُمَحي، وعبد الجبار بن الوَرْد، وأيوبُ السَّخْتِياني، وسَهْل بن أبي الصَّلْت السَّرَّاجُ، واختُلِف عنه؛
فقيل: عن سَهْل، عن أيوبَ، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشةَ. وكذلك قال محمد بن شَريك المكي.
وخالفهم عُمرُ بن قَيْس المكي؛ فرواه عن ابن أبي مُلَيكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة.
والصحيحُ حديثُ ذَكْوانَ، عن عائشةَ" (العلل 3668).
لكن قال الحافظ ابن حَجَر: "قولُه: (ابن أبي مُلَيكة، أن ذَكوانَ أخبره، أن عائشةَ) سيأتي بعدَ حديثٍ من رواية ابن أبي مُلَيكةَ عن عائشةَ بلا واسطة، لكنْ في كلٍّ من الطريقين ما ليس في الآخَر؛ فالظاهر أن الطريقين
محفوظان" (الفتح 8/ 144).
وقال في "الهدي": "أخرج البخاريُّ الطريقين على الاحتمال لصحة سماع ابنِ أبي مُلَيكةَ من عائشةَ كما تقدَّم في نظائره. ويؤيِّد ذلك: أن قُتَيبةَ بن سعيد روَى هذا الحديثَ عن حَفْص بن مَيْسَرةَ، عن ابن أبي مُلَيكةَ، قال: سمِعتُ عائشةَ تقول:
…
فذكره" (هدي الساري ص 372). وأقرَّه الشيخ مُقْبِل في (تعليقه على الإلزامات ص 351).
وطريقُ قُتَيبةَ الذي أشار إليه الحافظ: أخرجه ابنُ عساكر في (تاريخ دمشق 36/ 305)، من طريق موسى بن هارون، قال: نا قُتَيبةُ، نا حَفْصُ بن مَيْسَرةَ أبو عُمر الصَّنْعاني، نا ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة
…
فذكره بلفظ: "فَأَخَذْتُهُ فَكَسَرْتُهُ".
قال موسى بن هارونَ الحافظُ
(1)
: "قال لنا قُتَيبة في هذا الحديث: (نا حَفْص بن مَيْسَرةَ، نا ابن أبي مُلَيكةَ، قال: سمِعتُ عائشةَ تقول) فجعلتُه أنا: (عائشة)
(2)
؛ لأن عُمر بن سعيد بن أبي حسن أَدخَلَ بين ابن أبي مُلَيكةَ وبين عائشة في إسناد هذا الحديث:
(3)
أبا عَمرو.
رواه نافع بن عُمر وعبدُ الجبار بن الوَرْد و (أيوبُ)
(4)
السَّخْتِياني عن ابن أبي مُلَيكةَ عن عائشة، كما رواه حَفْص بن مَيْسَرة، إلا أنهم لم يَذكروا
(1)
إلا أن اسمه غيرُ واضح بالأصل، ولذا لم يستطع محقِّقه سوى إثباتِ كلمة واحدة محرَّفة، وهي (عمران)، والصواب أنه موسى بن هارون، كما هو واضح من سياق الكلام.
(2)
يعني: بإسقاط السماع، والله أعلم.
(3)
زيد هنا في المطبوع: (ذكر أن)، ولا معنى لها، والسياق مستقيم بدونها.
(4)
في المطبوع (أبو أيوب)! وهو خطأٌ ظاهر.
لفظَ الخبر فيه" (تاريخ دمشق 36/ 305).
قلنا: لعل ابنَ أبي مُلَيكةَ سمِعه من مولى عائشة، ثم سمِعه من عائشةَ، فحدَّث به تارةً هكذا وتارةً هكذا، وقد رواه جماعةٌ عنه عن عائشةَ بلا واسطة، لاسيما وابنُ أبي مُلَيكةَ لا يُعرَف بتدليس. والله أعلم.
* * *
رِوَايَة: ((سِوَاكٌ رَطْبٌ .. فَمَضَغْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ)) (طَرِيقُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ):
◼ وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، وَيَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، فَدَخَلَ عَبدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ رَطْبٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ فِيهِ حَاجَةً، قَالَتْ: فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ، وَنَفَضْتُهُ (وَقَضِمْتُهُ)(فَلَقَطْتُهُ) وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُهُ مُسْتَنًّا قَطُّ، ثُمَّ ذَهَبَ يَرْفَعُهُ إِلَيَّ، فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذْتُ أَدْعُو اللهَ عز وجل بِدُعَاءٍ، كَانَ يَدْعُو لَهُ بِهِ جِبْرِيلُ عليه السلام، وَكَانَ هُوَ يَدْعُو بِهِ إِذَا مَرِضَ، فَلَمْ يَدْعُ بِهِ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ:((الرَّفِيقَ الْأَعْلَى، الرَّفِيقَ الْأَعْلَى))، يَعْنِي: وَفَاضَتْ نَفْسُهُ، فَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا".
[الحكم]:
صحيح.
[التخريج]:
[حم 24216 "واللفظ له" / حب 6658، 7158 "والرواية الثانية له" / ك 6889 / حق 1254 "والرواية الأولى له"]
[السند]:
أخرجه أحمد (24216) قال: حدثنا إسماعيلُ، قال: أخبرنا أيُّوبُ، عن ابن أبي مُلَيْكةَ، قال: قالت عائشة:
…
فذكره.
إسماعيلُ هو ابن عُلَيَّةَ.
وقد رواه ابن حِبَّانَ (7158) قال: أخبرنا عِمْرانُ بن موسى بن مُجاشِع، حدثنا عثمان بن أبي شَيبة، حدثنا ابنُ عُلَيَّة، عن أيُّوبَ، به، وقال:(فَلَقَطْتُهُ) بدل: (وَنَفَضْتُهُ).
وقد تابع ابنَ عُليَّةَ جماعةٌ:
فرواه إسحاق بن راهويه في (مسنده 1254) عن عبد الوهاب الثَّقَفي.
ورواه ابن حِبَّان (6658) من طريق إسحاقَ بن إبراهيم الثَّقَفي.
كلاهما: عن أيُّوبَ، عن ابن أبي مُلَيكةَ، عن عائشة، به.
* * *
رِوَايَة: ((فَلَمْ تَقُمْ يَدُهُ)) (طَرِيقُ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، وَيَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي (وَنَحْرِي)
(1)
، وَجُمِعَ بَيْنَ رِيقِهِ وَرِيقِي)). قالت:((دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُعْجِبُهُ أَنْ يَسْتَاكَ بِهِ، فَأَخَذْتُهُ فَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ فَمًا (مُسْتَنًّا) أَحْسَنَ مِنْهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُنَاوِلَنِيهِ، فَلَمْ تَقُمْ (تَقْدِرْ) يَدُهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَخَذْتُهُ مِنْهُ)).
[الحكم]:
إسناده صحيح.
[التخريج]:
[طس 1797 "واللفظ له" / طهم 40 "والروايتان له ولغيره" / زبير 120]
[السند]:
أخرجه إبراهيم بن طَهْمان في (مشيخته 40) - ومن طريقه الطبراني في (الأوسط 1797)، وأبو نُعَيم في (جزء ما رواه أبو الزُّبير عن غير جابر 120) -: عن أبي الزُّبير، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة، به.
قال الطبراني: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن أبي الزُّبَير إلا إبراهيمُ".
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجالُه كلُّهم ثقات.
* * *
(1)
تحرَّفت في (الأوسط) إلى: "فخذي"، والصواب المثبت كما في مشيخة ابن طَهْمان، وجزء أبي نُعَيم.
رِوَايَة: ((وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخْضَرُ)) (طَرِيقُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَ دَخَلَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاضْطَجَعَ فِي حَجْرِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخْضَرُ، قَالَتْ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ فِي يَدِهِ نَظَرًا عَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُحِبُّ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا السِّوَاكَ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)). قَالَتْ: فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ لَهُ حَتَّى أَلَنْتُهُ، وَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ. قَالَتْ: فَاسْتَنَّ بِهِ كَأَشَدِّ مَا رَأَيْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ (قَبْلَهُ)
(1)
، ثُمَّ وَضَعَهُ، وَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَثْقُلُ فِي حَجْرِي، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ فَإِذَا بَصَرُهُ قَدْ شَخَصَ، وَهُوَ يَقُولُ:((بَلِ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى مِنَ الْجَنَّةِ)). فَقُلْتُ: خُيِّرْتَ فَاخْتَرْتَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ. قَالَتْ: وَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
[الحكم]:
صحيح لغيره، وصحَّحه الهَيْثَمي.
[التخريج]:
[كن 7265 / حم 26347 "واللفظ له" / عل 4585 / طب (23/ 32/ 80) / حق 764، 1150 / سعد (2/ 206) / طبت (3/ 199) / مبهم (3/ 217) / غو (1/ 458)]
[السند]:
قال أحمد (26347): حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، قال: حدثني يعقوب بن عُتْبة، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن عائشة، به.
(1)
في طبعة الرسالة: "فبله"، والمثبت من طبعة المكنز (26989)، وهو الصواب، كما في بقية المصادر، وكذا رواه من طريق أحمدَ غيرُ واحد.
ومدارُه- عندهم عدا ابن سعد-: على ابن إسحاقَ، به
(1)
.
[التحقيق]:
هذا إسناد حسَن؛ رجاله ثقات إلا محمد بن إسحاقَ فإنه صدوق يدلِّس كما في (التقريب)، وقد صرَّح بالتحديث هنا؛ فانتفت شبهةُ تدليسه.
ولكن الحديث صحيحٌ لغيره؛ لطرقه السابقة.
وهذه الرواية محمولةٌ على الروايات السابقة في تسمية صاحب السواك، وهو عبد الرحمن بن أبي بكر، كما صرَّح بذلك الخطيب في (الأسماء المبهمة)، وابن بَشْكُوال في (غوامض الأسماء المبهمة).
ورواه ابن سعد في (الطبقات 2/ 206) عن محمد بن عُمر، حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزُّبير، عن محمد بن عبد الرحمن بن نَوْفل، عن الزُّهْري، عن عُرْوة بن الزُّبير، عن عائشةَ، نحوَه.
ومحمد بن عُمرَ هو الواقدي؛ متروك متَّهَم. وشيخُه جعفر بن محمد بن خالد بن الزُّبير؛ قال عنه البخاري: "لا يتابَع في حديثه"، وقال الأَزْدي:"منكَر الحديث"، (لسان الميزان 1899).
* * *
(1)
إلا أنه سقط من مطبوع الطبراني تبعًا لأصله: "الزُّهْري"، والصواب إثباتُه كما في بقية المصادر.
رِوَايَة: ((فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَطَيَّبْتُهُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قُبِضَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَيَّ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ، فَدَعَا بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ، فَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ يَسْتَنُّ بِهِ، فَثَقُلَتْ يَدُهُ وَثَقُلَ عَلَيَّ، وَهُوَ يَقُولُ:((اللهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، اللهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى))، مَرَّتَيْنِ. قَالَتْ: ثُمَّ قُبِضَ.
[الحكم]:
صحيح بما تقدَّم.
[التخريج]:
[حم 25640 "واللفظ له" / طب (23/ 33/ 81) / طس 6887 / زهر 349 / بنس 38 / عروس 69 / ميمي 133، 439 / فقط 6263 / حنابلة (1/ 334) / حلب (4/ 1633)].
[السند]:
قال أحمد (25640): حدثنا إبراهيم بن خالد، قال: حدثنا رَباح، عن مَعْمَر، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشةَ، به.
ومدارُه- عندهم- على رَباح بن زيد، عن مَعْمَر، عن هشام بن عُرْوة، به.
قال الطبراني- عَقِبَه-: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن هشام بن عُرْوةَ إلا مَعْمَرٌ، تفرَّد به رَباحُ بن زيد"(الأوسط).
وقال الدارَقُطْني: "تفرَّد به رَباحُ بن زيد، عن مَعْمَر، عن هشام"(أطراف الأفراد 6263).
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقاتٌ رجال الشيخين إلا إبراهيمَ بن خالدٍ وشيخَه رَباحَ بن زيد، وهما ثقتان كما في (التقريب 171، 1873).
لكن رواية مَعْمَرٍ عن هشام بن عُرْوةَ فيها مقالٌ؛ قال ابن مَعين: "حديثُ مَعْمَرٍ عن ثابتٍ وعاصمِ بن أبي النَّجُودِ وهشامِ بن عُرْوةَ وهذا الضَّرْبِ: مضطربٌ كثيرُ الأوهام"(التعديل والتجريح لأبي الوليد الباجي 2/ 742)، (تاريخ دمشق 59/ 414)، وقال الحافظ في ترجمة مَعْمَر من التقريب:"ثقة ثبْتٌ فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمشِ وعاصمِ بن أبي النَّجُود وهشامِ بن عُرْوةَ شيئًا، وكذا فيما حدَّث به بالبصرة"(التقريب 6809).
لكن يشهد له الرواياتُ السابقة.
* * *
رِوَايَة: أنها قالت لعبدِ الرَّحْمَنِ: ((اقْسِمْهُ وَنَاوِلْنِيهِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: ((
…
دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ غَدَاةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ رَطْبٌ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَاخِصًا بِبَصَرِهِ إِلَيْهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُولَعُ بِالسِّوَاكِ، فَقُلْتُ: اقْسِمْهُ وَنَاوِلْنِيهِ، فَقَسَمَهُ بِاثْنَيْنِ وَنَاوَلَنِيهِ، فَمَضَغْتُهُ أُلَيِّنُهُ
…
)).
[الحكم]:
منكَر بهذا السياق.
[التخريج]:
[سعد (2/ 207) / طب (23/ 32/ 79) "واللفظ له" / نعيم (طب 336)]
[السند]:
أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير 23/ 32/ 79) - ومن طريقه أبو نُعَيم في (الطب 336) - قال: حدثنا عليُّ بن عبد العزيز، حدثنا أبو نُعَيم، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر (بن)
(1)
عُبيد الله بن أبي مُلَيكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه عبدُ الرحمن بن أبي بكر المُلَيْكي؛ وهو "ضعيف"
(1)
تصحَّف في مطبوع المعجم الكبير إلى: "عن"، وهو على الصواب عند أبي نُعَيم، وهو عبد الرحمن بن أبي بكر بن عُبيد الله بن أبي مُلَيكة، المعروف بالمُلَيْكي، ولا يُعرَف في الرواة (عُبيد الله بن أبي مليكة)، إنما المعروف (عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مُلَيكة)، المتقدِّم في الروايات السابقة، وعليه تُحمَل روايةُ الواقديِّ المذكورةُ في التحقيق. والله أعلم.
(التقريب 3813).
ورواه ابن سعد في (الطبقات 2/ 207) عن محمد بن عُمر، حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر، عن ابن أبي مُلَيكةَ، عن القاسم بن محمد، قال: سمِعتُه يقول: سمِعتُ عائشةَ تقولُ: كَانَ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيَّ وَحُسْنِ بَلَائِهِ عِنْدِي: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ فِي بَيْتِي
…
فذكر نحوَه.
ومحمد بن عُمرَ هو الواقِدي؛ متروكٌ متَّهَم.
* * *
رِوَايَة: ((وَمَعَهُ سِوَاكٌ مِنْ أَرَاكٍ رَطْبٍ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: ((
…
دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ مِنْ أَرَاكٍ رَطْبٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، اقْضَمْهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، فَنَاوَلْتُهُ إِيَّاهُ، فَرَدَّهُ إِلَيَّ، فَقَضِمْتُهُ، وَسَوَّيْتُهُ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَسَوَّكَ بِهِ)).
[الحكم]:
منكَر بذِكر "الْأَرَاك"، والصواب أن السواك كان من الجريد، كما تقدَّم في الصحيح، وأشار لذلك العِراقي.
[التخريج]:
[ك 6888].
[السند]:
قال (الحاكم): أخبرنا أحمد بن سَهْلٍ الفقيهُ ببُخَارى، ثنا صالح بن حَبيب بن محمد الحافظُ، ثنا عُبَيد الله بن عُمرَ القَوارِيريُّ، ثنا حَرَميُّ بن عُمَارة،
حدثني الحَرِيشُ بن (الخِرِّيت)
(1)
، ثنا ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: حَرِيش بن الخِرِّيت؛ ضعَّفه جمهورُ النُّقَّاد: البخاري وأبو حاتم وأبو زُرْعة، ولذا قال الذهبي:"واهٍ"(الكاشف 989)، وقال ابن حَجَر:"ضعيف"(التقريب 1187).
العلة الثانية: المخالفة؛ فقد رواه البخاري من طريق أيوبَ السَّخْتِياني، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة، وفيه:((وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ))، أي: من النخل، وليس من الأَرَاك.
وعليه؛ فروايةُ الأَراكِ هذه منكَرةٌ بلا ريب.
وأشار إلى إعلاله بهذه العلةِ الِعراقيُّ؛ فقال: "والحديث في الصحيح وليس فيه ذِكرُ الأَراك، وفي بعض طرقه عند البخاري: ومعه سواك من جريد النخل"(طرح التثريب 2/ 68).
ومع هذا صحَّحه الحاكم، فقال:"هذا حديث صحيحُ الإسناد، ولم يخرجاه". فأَبْعَدَ النُّجْعة.
وتردَّد الحافظ ابنُ حَجَر بين هذه الروايةِ وروايةِ الصحيح، فقال:"وحديث عائشة في قصة سواك عبد الرحمن بن أبي بكر وقع في البخاري أنه كان جريدةً رَطْبةً، ووقع في مستدرك الحاكم أنه كان من أَراكٍ رَطْبٍ. فالله أعلم"!! (التلخيص 1/ 121). فأَبْعدَ أيضًا.
* * *
(1)
تصحَّف في الطبعات القديمة للمستدرك تبعًا للأصل إلى: "الحارث"، وصوَّبه محقِّقو ط التأصيل من (الإتحاف)، فأصابوا.
رِوَايَة: ((فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْضَمَهُ)):
◼ وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شَكْوِهِ، وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَفِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْضَمَهُ (فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْضَمَهُ) فَقَضِمَتْهُ، ثُم أَعْطَتْهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم [فَجَعَلَ يَسْتَاكُ بِهِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ])).
[الحكم]:
منكَر بذِكر الأمْر.
[التخريج]:
[سعد (2/ 206) / ضحة (طهارة ق 18/ب- ق 19/أ)]
[السند]:
قال ابن سعد في (الطبقات): أخبرنا محمد بن عُمر، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن عَلْقَمةَ بن أبي عَلْقَمة، عن أُمِّه، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه محمد بن عُمر، وهو الواقدي؛ متروكٌ متَّهَم.
لكن رواه عبد الملك بن حَبيب في (الواضحة): عن ابن الماجِشُون، عن عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، به.
وابن الماجِشُون هو عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلَمة الماجِشُون، وهو "ضعيف": ضعَّفه الأئمةُ كلُّهم، وشذَّ ابنُ حِبَّانَ فذكره في (الثقات)، انظر (تهذيب التهذيب 6/ 408). وقد تقدمتْ ترجمتُه مفصَّلةً في باب:"اللُّعاب يُصيب الثوب".
وأمُّ عَلْقَمة، واسمها: مَرْجانة، ذَكر ابن سعد أن لها أحاديثَ صالحةً
(الطبقات 10/ 453)، ووثَّقها العِجْلي في (معرفة الثقات وغيرهم 2364)، وذكرها ابن حِبَّان في الثقات (الثقات 5/ 466)، وقال الذهبي:"وُثِّقَت"(الكاشف 7076)، وذكرها في فصل المجهولات من (الميزان 4/ 613)، وقال:"لا تُعرَف"، وقال ابن حجر: مقبولة (تقريب 8680). أي: عند المتابعة، ولم تتابَع هنا، بل خالفتِ الرواياتِ الصحيحةَ عن عائشة، فزادت فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمَر عائشةَ أن تَقْضَمَه.
وعليه؛ فهذه زيادةٌ منكَرة.
* * *
رواية: قال: "يَا عَائِشَةُ، آتِينِي بِسِوَاكٍ رَطْبٍ":
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، قَالَ:((يَا عَائِشَةُ، آتِينِي بِسِوَاكٍ رَطْبٍ امْضُغِيهِ، ثُمَّ آتِينِي بِهِ أَمْضُغْهُ؛ لِكَيْ يَخْتَلِطَ رِيقِيَ بِرِيقِكِ؛ لِكَيْ يُهَوَّنَ بِهِ عَلَيَّ عِنْدَ الْمَوْتِ)).
[الحكم]:
باطلٌ بهذا السياق. وأنكرَه: العُقَيلي، وابنُ المُلَقِّن.
التخربج:
[عق (2/ 330)].
[السند]:
قال العُقَيلي في (الضعفاء): حدثناه الحسن بن عبد الحميد المَوْصلي، قال: حدثنا سُهَيل بن إبراهيمَ الجارُودي أو الخَطَّاب، قال: حدثنا عبد الله بن داودَ الواسِطي، قال: حدثنا ابن جُرَيج، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ آفتُه: عبدُ الله بن داودَ الواسِطي، وهو واهٍ متَّهَم؛ قال البخاري:"فيه نظرٌ"(التاريخ الكبير 5/ 82)، وقال أبو حاتم:"ليس بقوي، وفي حديثه مناكيرُ"(الجرح والتعديل 5/ 48)، وقال النَّسائي:"ضعيف"(الضعفاء والمتروكون 338)، وقال ابن حِبَّان:"منكر الحديث جدًّا، يَروي المناكيرَ عن المشاهير حتى يسبِقَ إلى القلب أنه كان المتعمِّدَ لها، لا يجوزُ الاحتجاجُ بروايته"(المجروحين 1/ 528). وذكره ابن عَدِي في (الكامل)، وذكر له جملةَ أحاديثَ منكَرة، أطلق عليها الذهبيُّ الكذبَ، ومع هذا ختَم ترجمتَه ابنُ عَدِي بقوله:"وهو ممن لا بأسَ به إن شاء الله"(الكامل)!
فتعقَّبه الذهبي بقوله: "قلت: بل كلُّ البأس به، ورواياتُه تَشهد بصحة ذلك. وقد قال البخاري: "فيه نظرٌ"، ولا يقول هذا إلا فيمَن يتَّهِمه غالبًا"(ميزان الاعتدال 2/ 416). ولذا ذكره سِبْط ابن العَجَمي في (الكشف الحثيث عمَّن رُمي بوضع الحديث 385).
وأخرج العُقَيلي حديثَنا في ترجمته، بعد أن أسند قولَ البخاري فيه، ثم ساق الحديثَ من طريق ابن أبي مُلَيكةَ، أن أبا عَمرٍو ذَكْوانَ مولى عائشةَ أخبره، أن عائشةَ قالت: ((إِنَّ مِمَّا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُبِضَ فِي بَيْتِي
…
)) الحديثَ بنحو لفظ البخاري المتقدِّم. ثم قال: "هذا أَوْلى، الكلام الأخيرُ لا يُحفظ إلا عن هذا الشيخ الجارُودي، ولا يتابَع عليه"(الضعفاء الكبير 2/ 331).
قلنا: سُهَيل بن إبراهيمَ الجارُودي، ذكره ابن حِبَّان في (الثقات 8/ 299)، وقال:"يخطئ"، وذكره في موضع آخَرَ (الثقات 8/ 303) وقال: "يخطئ
ويخالف".
فالأَوْلى أن تُلصَق العهدةُ في هذا الحديث بشيخه؛ فهو متَّهَم.
لذا قال ابن المُلَقِّن: "الشأن في الذي روَى عنه سُهَيلُ بن إبراهيمَ، وهو عبد الله بن داودَ الواسِطيُّ التَّمَّار"(البدر المنير 2/ 45).
* * *
رِوَايَة: ((وَمَعَهُ أَرَاكَةٌ خَضْرَاءُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوس، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَسَأَلْتُهَا عَنْ أَشْيَاءَ، فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي قَبَضَ اللهُ فِيهِ رُوحَهُ، مَرَّ بِهِ ابْنٌ لِعَبْدِ اللهِ أَوْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ أَرَاكَةٌ خَضْرَاءُ، فَلَحَظَ إِلَيْهِ، فَدَعَوْتُهُ، فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ، فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، فَوَضَعَهَا عَلَى فِيهِ، وَكَانَ رَأْسُهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَعْضُ مَا يُرِيدُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَانَتْ رِيحٌ بَارِدَةٌ، فَقَبَضَ اللهُ عز وجل رُوحَهُ وَمَا أَشْعُرُ)).
[الحكم]:
منكَر بهذا السياق.
[التخريج]:
[مشكل 5238]
[السند]:
قال الطَّحاوي في (شرح مُشْكِل الآثار): حدثنا الرَّبيع بن سُلَيمانَ المُرَادي، قال: حدثنا أَسَدُ بن موسى، قال: حدثنا المبارَك بن فَضَالةَ، عن أبي عِمْران
الجَوْني، عن يزيدَ بن بَابَنُوس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: عنعنةُ المبارَكِ بنِ فَضَالة؛ فإنه كان يدلِّس تدليسًا شديدًا، كما قال أبو زُرْعةَ وأبو داودَ، (التبيين لأسماء المدلسين 61).
الثانية: يزيدُ بن بَابَنُوس؛ مختلَفٌ فيه؛ فقال عنه البخاري: "وكان من الشيعة الذين قاتلوا عليًّا"(التاريخ الكبير 8/ 323)، وتبِعه العُقَيلي فذكره في (الضعفاء 4/ 374).
وذكره ابن عَدِي في (الكامل)، ولم يذكر له شيئًا، وقال:"ويزيد بن بابَنُوس من رواية أبي عِمْران الجَوْني عنه، عن عائشةَ رضي الله عنها، أحاديث مشاهير"(الكامل 10/ 714).
ونقل ابن الجوزي في (الضعفاء والمتروكون 3771) أن أبا حاتم قال عنه: "مجهول"
(1)
.
وقال الدارَقُطْني: "لا بأسَ به"(سؤالات البَرْقاني 559)، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 5/ 548).
وقال الذهبي: "مجهول"(ديوان الضعفاء 4709)، وقال ابن حجر:"مقبول"(التقريب 7694). أي: حيث يتابع، ولم يتابَع، بل سياقُ حديثِه غريبٌ مخالِفٌ للروايات السابقة.
والحديث عند البخاري وغيرِه من طرق عن عائشة، وفيه تسميةُ صاحب
(1)
وهذا النقل عن أبي حاتم غيرُ موجود في ترجمته من (الجرح والتعديل 9/ 254).
السواك، وهو عبد الرحمن بن أبي بكر، وفي بعض طرق البخاري:((وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ))، وليس:((أَرَاكَةٌ خَضْرَاءُ)).
وقد زاد هنا أيضًا: ((الرِّيح البَارِدَة))، ولم تأتِ في غير هذا الطريق. والله أعلم.
* * *
رِوَايَة: ((دَخَلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: ((
…
فَدَخَلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِيَدِهِ سِوَاكُ أَرَاكٍ رَطْبٍ
…
))، وذكر قصةً طويلة.
[الحكم]:
منكَر بهذا اللفظ، الصواب أن الذي دخل هو عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده جريدة رطْبة، كما تقدَّم في الصحيح.
[التخريج]:
[عل 4962].
[السند]:
أخرجه أبو يَعْلَى (مسنده)، قال: حدثنا أبو هَمَّام، حدثنا عَوْبَد، عن أبيه، عن ابن بابَنُوس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: عَوْبَد بن أبي عِمْران الجَوْني؛ قال ابن مَعين: "ليس بشيء"، وقال البخاري:"منكَر الحديث"، وقال النَّسائي:"متروك"، وقال أبو داود:
"أحاديثه شِبْهُ البواطيل"، وقال ابن عَدِي:"والضَّعْف على حديثه بيِّنٌ"، وقال أبو نُعَيم الأصبهاني:"روى عنه أبيه أحاديثَ منكَرة". (لسان الميزان 5891). وقال أبو حاتم وأبو زُرْعة: "ضعيف الحديث"، وزاد أبو حاتم:"ضعيفٌ منكَر الحديث"(الجرح والتعديل 7/ 45).
الثانية: يزيد بن بَابَنُوس؛ مختلف فيه، وهو أقرب للضعف، وقد تقدَّم الكلامُ عليه.
وقد تقدَّم الحديثُ في الصحيح من طرق عن عائشة، أن الذي دخل عليها هو عبد الرحمن بن أبي بكر، وبِيدِه جريدةٌ رَطْبةٌ.
وعليه؛ فهذه الرواية منكَرة، هذا فضلًا عن أن سياق هذه الروايةِ مطوَّلٌ جدًّا، بخلاف ما في الصحيحين من قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما اقتصرنا على ذِكر محلِّ الشاهد لهذا الباب، على أن يأتي تخريجُ الحديث بسياقه كاملًا في "موسوعة السِّيَر والمغازي"- إن شاء الله تعالى-.
أمَّا قولُ البُوصِيري: "رواه أبو يَعْلَى المَوْصلي، وأحمدُ بن حَنْبل، ورواتُه ثقات"(إتحاف الخيرة 2/ 532). فهو تساهلٌ واضح.
ويبدو أن لهذه الرواية طريقًا آخر؛ فقد قال الصالحي في (سبل الهدى والرشاد 12/ 261): "وروَى محمد بن يحيى (بن أبي عُمر العَدَني)
(1)
- برجالٍ ثقات- عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ رَأْسَهُ فِي مَرَضِهِ، قَالَتْ: فَأَخَذْتُهُ فَأَسْنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي، فَدَخَلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِيَدِهِ سِوَاكُ أَرَاكٍ رَطْبٍ، فَلَحَظَهُ إِلَيْهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، فَأَخَذْتُهُ فَنَكَشْتُهُ بِفِي، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَأَخَذَهُ وَأَهْوَاهُ إِلَى
(1)
في المطبوع: "بن أبي عمرو العرني"، والصواب المثبَت، وهو الحافظ المشهورُ، صاحب المسنَد.
فِيهِ، فَخَفَقَتْ يَدُهُ، فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ)) "اهـ.
ولم نقف على سنده، وعلى فرْض أن رجاله ثقاتٌ كما يقول الصالحي، فهو شاذٌّ؛ لمخالفته المحفوظَ عن عائشةَ من طريق عُرْوةَ بن الزُّبَير، وابنِ أبي مُلَيكة، وأبي عَمرٍو ذَكْوانَ، والقاسمِ بن محمد، عنها: أن الذي دخل عليها هو عبدُ الرحمن بن أبي بكر. وهذه الطرق جميعُها عند البخاري في صحيحه، وقد تقدَّم تخريجُها بألفاظها.
[تنبيه]:
لحديث عائشةَ هذا ألفاظٌ ورواياتٌ كثيرة غير ما ذكرنا، وإنما اقتصرنا هنا على الروايات التي ذُكِر فيه محلُّ الشاهد لهذا الباب، وهو السِّواك، وستأتي- إن شاء الله- بقيةُ رواياته بتخريجها والكلامِ عليها في باب:((وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم)، من "موسوعة السِّيَر والمغازي".
* * *
1304 -
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ:((كَانَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَاكُ، فَيُعْطِينِي السِّوَاكَ لِأَغْسِلَهُ، فَأَبْدَأُ بِهِ فَأَسْتَاكُ، ثُمَّ أَغْسِلُهُ وَأَدْفَعُهُ إِلَيْهِ)).
[الحكم]:
إسناده جيِّد، قاله النَّوَوي، وابنُ المُلَقِّن. وحسَّنه الألباني.
[فائدة]:
قال الحافظ ابن حَجَر- عَقِبَه-: "وهذا دالٌّ على عظيم أدبها، وكبيرِ فِطْنتها؛ لأنها لم تَغْسِله ابتداءً حتى لا يفوتَها الاستشفاءُ برِيقه صلى الله عليه وسلم، ثم غسلتْه تأدُّبًا وامتثالًا. ويحتمل أن يكون المرادُ بأمْرها بغَسْلِه: تطييبَه وتليينَه بالماء قبل أن يَستعمله، والله أعلم"(فتح الباري 1/ 357).
[التخريج]:
[د 51 "واللفظ له" / هق 172 / متفق 1303 / بغ 204].
[السند]:
رواه أبو داود- ومن طريقه الباقون- قال: حدثنا محمد بن بَشَّار، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا عَنْبَسَة بن سعيد الكوفيُّ الحاسِب، حدثني كَثير، عن عائشةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجالُه ثقات، غيرَ كَثير، وهو: ابن عُبيدٍ القُرَشي، رَضيعِ عائشةَ، مولى أبي بكر الصِّدِّيقِ، والموصوفُ بأنه رَضيع عائشةَ هو والده عُبيدٌ كما قال ابن حجر في (الإصابة 9/ 356).
وكَثيرٌ هذا ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 7/ 206)، وابنُ أبي حاتم
في (الجرح والتعديل 7/ 155)، ولم يَذْكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
ولكن قد روَى عنه جمْعٌ من الثقات، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 5/ 330، 332)، وقال الذهبي:"وُثِّق"(الكاشف 4639)، وقال الحافظ:"مقبول"(التقريب 5619).
وصحح له ابن خُزَيمةَ حديثًا في (صحيحه 2315)، وحسَّن له الدارَقُطْنيُّ حديثًا في (سننه) كما في (إتحاف المهرة 15/ 456).
ولذا قال النَّوَوي: "رواه أبو داودَ بإسناد جيِّد"(خلاصة الأحكام 97)، (المجموع 1/ 283)، وقال في (الإيجاز ص 226):"حسَن أو صحيح".
وقال ابن المُلَقِّن: "رواه أبو داودَ بإسناد جيِّد"(البدر المنير 2/ 45).
وحسَّنه الألباني في (صحيح أبي داود 1/ 88).
* * *
1305 -
حَدِيثٌ ثَالِثٌ عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((إِنْ كُنْتُ لَأَسْتَاكُ، فَيَأْخُذُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السِّوَاكَ، فَيَسْتَاكُ بِفَضْلِ رِيقِي)).
[الحكم]:
منكَر بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[بلا 875]
[السند]:
رواه أحمد بن يحيى البَلاذُري في (أنساب الأشراف 875) قال: حدثني محمد بن مُصَفَّى الحِمْصي، ثنا مُعَافى بن عِمْران الحِمْصي، عن ابن لَهِيعة، عن عُقَيل، عن ابن شِهاب، عن عُرْوة، عن عائشةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: عبد الله بن لَهِيعة؛ فهو ضعيفٌ لسُوء حفْظِه واختلاطِه، والكلام فيه معروفٌ، وقد أخطأ في هذا الحديث سندًا ومتْنًا، وهذه هي:
العلة الثانية: مخالفة ابن لَهِيعة لمَن هو أوثقُ منه سندًا ومتْنًا:
فقد رواه أحمد في (فضائل الصحابة 1649) وإسحاقُ بن راهويه في (المسند 1715)، عن عبد الله بن يزيدَ المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوبَ، عن عُقَيل، عن ابن شِهاب، أن عائشة قالت:((قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَعَلَى صَدْرِي، وَكَانَ آخِرَ مَا أَصَابَ مِنَ الدُّنْيَا رِيقِي، مَضَغْتُ لَهُ السِّوَاكَ، فَنَاوَلْتُهُ إِيَّاهُ))، لفظُ أحمدَ. ولفظُ إسحاقَ: ((
…
وَمَضَغْتُ لَهُ
السِّوَاكَ؛ فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ)).
وعبد الله بن يزيدَ ثقةٌ فاضل، وسعيد بن أبي أيوبَ ثقةٌ ثبْت، وقد رواه عن عُقَيل، عن ابن شِهاب الزُّهْري، عن عائشة، منقطعًا، ليس فيه عُرْوةُ.
فهذا هو المحفوظ عن عُقَيل، خلافًا لرواية ابن لَهِيعة، وأخطأ البلوشي محقِّقُ مسنَد ابن راهويه، حيث أثبت عُرْوةَ في إسناد الكتاب بين قوسين، وقال في الحاشية:"ما بين المعكوفتين سقَط من الأصل، أثبتُّه من مصادر التخريج"! ثم قال في التحقيق: "منقطِع! ولكن الظاهر أنه سقط من الناسخ
…
وقد جاء موصولًا في مصادر التخريج"! ! .
قلنا: وهذا صنيع غيرُ سديد، فها هو المصدر الوحيدُ من مصادر التخريج الذي وافق سندَ المسنَد من أوَّلِه إلى منتهاه، كتاب (فضائل الصحابة) للإمام أحمدَ الذي شارك ابنَ راهويه في روايته عن المقرئ، وجاء الإسنادُ عندَه منقطعًا أيضًا، وهذا وحدَه كافٍ في بيان سلامة الأصل ودفْعِ الوهَمِ عن ناسخه.
فأمَّا بقيةُ المصادر التي جاء الحديثُ فيها موصولًا بذِكر عُروةَ، فلم يَرِدِ الوصْلُ فيها من رواية عُقَيل، بل وما جاء موصولًا بهذه السياقةِ من حديث الزُّهْري، وإنما يَرويه بنحوِ هذه السياقة عن عُرْوةَ ابنُه هِشامٌ كما عند البخاري (4450) وغيرِه، وهذا لا يعني أن الحديث عند الزُّهْري أيضًا من رواية عُروة، وهذا ظاهر.
فأمَّا روايةُ الزُّهْري عن عُرْوةَ لبعض خبرِ موته صلى الله عليه وسلم، فإنما هي سياقاتٌ أخرى، أقربُها إلى رواية عُقَيلٍ: ما رواه أحمد (26347)، وابنُ راهويه (764)، وأبو يَعْلَى (4585)، وغيرُهم، من طريق ابن إسحاقَ، عن
يعقوبَ بن عُتْبةَ، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن عائشةَ، قالت:
((رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَ دَخَلَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاضْطَجَعَ فِي حَجْرِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخْضَرُ، قَالَتْ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ فِي يَدِهِ نَظَرًا عَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُحِبُّ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا السِّوَاكَ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)). قَالَتْ: فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ لَهُ حَتَّى أَلَنْتُهُ، وَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ. قَالَتْ: فَاسْتَنَّ بِهِ كَأَشَدِّ مَا رَأَيْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ قَبْلَهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ، وَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَثْقُلُ فِي حَجْرِي، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ فَإِذَا بَصَرُهُ قَدْ شَخَصَ، وَهُوَ يَقُولُ:((بَلِ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى مِنَ الْجَنَّةِ)). فَقُلْتُ: خُيِّرْتَ فَاخْتَرْتَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ)).
ومسألة التخيير وطلبه صلى الله عليه وسلم الرفيقَ الأعلى قد رواها أيضًا شُعَيب عن الزُّهْري عن عُروة، ولكن ليس في روايته أدنى ارتباط برواية عُقَيل.
فروايةُ يعقوبَ سياقةٌ أخرى غيرُ سياقةِ عُقَيل، فيحتمل أن يكون الزُّهْريُّ لما حدَّث عُقَيلًا اختصر الحديثَ وأسقط منه عُروةَ، إمَّا لأجْل هذا الاختصار، وإمَّا لأن هذه السياقةَ المختصَرة ليست عنده من حديث عُروة، وهذا هو الأقرب؛ فأكثرُ هذه الألفاظِ التي ذُكرتْ في حديث عُقَيلٍ إنما تُعرَف عن عُروةَ من رواية ابنه هِشام.
فهذا وجْهُ الجمع بين رواية عُقَيل وروايةِ يعقوبَ بن عُتْبة، وإلا فلا يصح الادعاءُ بأن الحديث عند الزُّهْري من رواية عُرْوة، اعتمادًا على رواية ابن إسحاقَ عن يعقوبَ بن عُتْبة، ليس بسبب اختلافِ السياقتين فحَسْبُ، بل لأن رواية عُقَيلٍ أعلى وأثبَتُ منها سندًا، وحتى على القول بترجيح رواية يعقوبَ، فيكون هذا اختلافًا بينهما، وتبقَى روايةُ عُقَيلٍ منقطعةً كما في أصل مسنَد ابن راهويه، وقد بان بذلك صحةُ إعلالنا لسند ابن لَهِيعة برواية
سعيد بن أبي أيوب.
هذا بشأن الإسناد. فأمَّا المتْنُ: فظاهرُ المغايرة، فرواية ابن لَهِيعةَ عن عُقَيل:((إِنْ كُنْتُ لَأَسْتَاكُ فَيَأْخُذُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السِّوَاكَ، فَيَسْتَاكُ بِفَضْلِ رِيقِي))، وهذه تفيد التَّكرار، كما تفيد أيضًا أن فضْل ريقِها هو المقصود.
بينما رواية سعيد بن أبي أيوبَ عن عُقَيل لا تفيد هذا ولا ذاك، بل تفيد عكْسَه، لاسيما والسِّواك المذكور في قولها:((وَمَضَغْتُ لَهُ السِّوَاكَ؛ فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ)) إنما هو سواك عبد الرحمن بن أبي بكر، كما بينتْ ذلك في روايات أخرى، ومنها رواية ذَكْوانَ مولى عائشة عند البخاري وغيرِه، وفيها: "دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: ((أَنْ نَعَمْ))، فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: ((أَنْ نَعَمْ))، فَلَيَّنْتُهُ
…
" الحديثَ.
فتبين بذلك أنه صلى الله عليه وسلم إنما أراد فقط أن يتسوك، وجاء أمْرُ الرِّيق قدرًا لاشتداد السِّواك عليه، مما تطلَّبَ تليينَه من قِبَلِ عائشةَ رضي الله عنها؛ ولذلك كانت تقول: ((إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيَّ:
…
أَنَّ اللهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ))، ثم ساقتِ القصةَ، (صحيح البخاري/ 4449).
هذا، وبقية رجالِ حديثِ ابن لَهِيعةَ ثقاتٌ؛ فعُقيلٌ هو: ابن خالد الأَيْلي، ثقة ثبْتٌ، روَى له الجماعة، كما في (التقريب 4665)،
ومُعافَى بن عِمْرانَ الحِمْصيُّ: ذكره ابن حِبَّان في (الثقات 9/ 199)، ووثَّقه الذهبيُّ في (الميزان 4/ 134)، وقال في (السِّيَر 9/ 86):"وهو صدوق إن شاء الله"
ومحمد بن مُصَفَّى: صدوق كما قال أبو حاتم والنَّسائي، ولكن قال صالح بن محمد الحافظُ:"كان مخلِّطًا، وأرجو أن يكون صادقًا، وقد حدَّث بأحاديثَ مناكيرَ"، وذكر أبو زُرْعةَ الدمشقيُّ أنه كان ممن يدلِّس تدليسَ التَّسْوية، (تهذيب التهذيب 9/ 461)، ولذا قال ابن حجر:"صدوق له أوهامٌ، وكان يدلِّس"(التقريب 6304).
إلا أن تصريحه بذِكر ابن لَهِيعةَ في إسناده، وهو مشهور الحال، يُبعِد القولَ بأنه دلَّس تدليسَ التَّسْويةِ هنا، والله أعلم.
* * *