المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌382 - باب ما ورد في الوضوء من الملامسة والقبلة - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٨

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌370 - بَابُ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ

- ‌371 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنْ أَكْلِ اللَّحْمِ خَاصَّةً

- ‌372 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، الوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ

- ‌373 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي كَيْفِيَّةِ الوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ

- ‌374 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ

- ‌375 - بَابٌ: آخِرُ الأَمْرَيْنِ تَرْكُ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ

- ‌376 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوُضُوءَ مِمَّا خَرَجَ، لَا مِمَّا دَخَلَ

- ‌377 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الحَلْوَاءَ

- ‌378 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّهُ لَا وُضُوءَ مِنْ طَعَامٍ حَلَّ أَكْلُهُ

- ‌379 - بَابُ الوُضُوءِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ

- ‌380 - بَابٌ: فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ المُلَامَسَةِ

- ‌381 - بَابٌ: فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ القُبْلَةِ

- ‌382 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي الوُضُوءِ منَ المُلَامَسَةِ وَالقُبْلَةِ

- ‌383 - بَابُ الوُضُوءِ لِمَسِّ المُصْحَفِ

- ‌384 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ وَطْءِ الأَذَى

الفصل: ‌382 - باب ما ورد في الوضوء من الملامسة والقبلة

‌382 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي الوُضُوءِ منَ المُلَامَسَةِ وَالقُبْلَةِ

2304 -

حديثُ مُعَاذٍ:

◼ عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ لَقِيَ امْرَأَةً لَا يَعْرِفُهَا، فَلَيْسَ يَأْتِي الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ شَيْئًا إِلَّا قَدْ أَتَاهُ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهَا؟ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل هَذِهِ الآيَةَ {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [{ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}] 1 [هود: 114] الآيَةَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((تَوَضَّأْ [وُضُوءًا حَسَنًا] 2 ثُمَّ [قُمْ فَـ] 3 ـصَلِّ)). قَالَ مُعَاذٌ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً؟ قَالَ [ثَلَاثَ مَرَّاتٍ] 4:((بَلْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً)).

• وفي رواية: ((فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ منكرٌ بهذا السياقِ، وَضَعَّفَهُ: الترمذيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ دَقيقِ العيدِ، والذهبيُّ، وابنُ كَثيرٍ، والزيلعيُّ، ومغلطايُ، وابنُ حَجرٍ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ.

وأصلُ الحديثِ في الصحيحين بسياقٍ آخرَ، ليس فيه ذِكرُ الوضوءِ.

[الفوائد]:

هذا الحديثُ يَحتجُّ به مَن يقولُ بوجوبِ الوضوءِ مِن لمسِ المرأةِ وهو

ص: 533

قولُ الشافعيِّ، ولا حجةَ لهم فيه لنكارةِ الأمر فيه بالوضوء والصلاة.

ولو صَحَّ لما كان لهم فيه حجة أيضًا؛ قال الحافظُ: "وتعقب بأن الأمرَ بالوضوءِ فيه للتبركِ بدليلِ حديث: ((اكْتُمِ الخَطيئَةَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءًا حَسَنًا ثُمَّ صَلِّ رَكعَتَينِ)) "(الدراية 59).

وقال الألبانيُّ: "لا يحسنُ الاستدلالُ بالحديثِ على أنَّ لمسَ النساءِ ينقضُ الوضوءَ، كما فعلَ ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 113) وذلك لأمور:

أولًا: أن الحديثَ ضعيفٌ لا تنهضُ به حجة.

ثانيًا: أنه لو صَحَّ سندُهُ، فليسَ فيه أن الأمرَ بالوضوءِ إنما كان من أجلِ اللمسِ، بل ليس فيه أن الرجلَ كان مُتَوضئًا قبلَ الأمرِ حتى يقال: انتقض باللمس! بل يحتمل أن الأمر إنما كان من أجلِ المعصيةِ تحقيقًا للحديثِ الآخرِ الصحيحِ بلفظ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إِلَّا غَفَرَ لَهُ))، أخرجه أصحابُ السننِ وغيرُهُم وصَحَّحَهُ جمعٌ، كما بينته في (تخريج المختارة رقم 7).

ثالثًا: هَبْ أنَّ الأمرَ إنما كان من أجلِ اللمسِ، فيحتمل أنه من أجل لمسٍ خاصٍّ، لأن الحالةَ التي وصفها، هي مظنةُ خروجِ المذي الذي هو ناقضٌ للوضوءِ، لا من أجلِ مطلق اللمس، ومع الاحتمال يسقطُ الاستدلالُ. والحقُّ أن لمسَ المرأةِ وكذا تقبيلها لا ينقضُ الوضوءَ، سواء كان بشهوةٍ أو بغيرِ شهوةٍ، وذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك، وتقبيلُ المرأةِ إنما يكون مقرونًا بالشهوةِ عادة، والله أعلم" (الضعيفة 1000).

[التخريج]:

[ت 3371 (والروايةُ لَهُ) / حم 22112 (واللفظ له) / حميد 110/

ص: 534

تعظ 77 (والزيادةُ لَهُ)، 78/ طبر (12/ 622) / طب (20/ 136 - 137/ 277 - 278) (والزيادة الرابعة له) / ك 476 (والزيادتان: الثانيةُ والثالثةُ لَهُ ولغيرِهِ) / قط 483/ هق 613/ هقخ 434/ طوسي (قاري 5/ 11) / حد (صـ 268) / وسيط 459/ مديني (لطائف 627) / تحقيق 167/ نبلا (7/ 378) / تذ (1/ 159)].

[السند]:

أخرجه أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وأبو سعيد -عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري- قالا: حدثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير -وقال أبو سعيد: حدثنا عبد الملك بن عمير-، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل به.

وأخرجه الترمذيُّ وغيرُهُ من طرقٍ عن زائدةَ، به.

وتوبع زائدة:

فأخرجه محمد بنُ نصر المروزيُّ في (تعظيم قدر الصلاة 77)، والطبرانيُّ في (المعجم الكبير 278)، والحاكمُ في (المستدرك 476)، وغيرُهُم: من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، به.

وعَلَّقَهُ كذلك البيهقيُّ في (السنن عقب رقم 613) عن أبي عوانة، عن عبد الملك.

فمداره عند الجميع على: عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لانقطاعه؛ فعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعْ من

ص: 535

معاذٍ، فقد صَحَّ عن عبد الرحمن أنه قال:((ولِدتُ لسِتِّ سنينَ بقيتْ من خلافةِ عمرَ رضي الله عنه)

(1)

.

وقد توفي عمرُ رضي الله عنه (سنة 23 هـ)، فيكون مولد عبد الرحمن (سنة 17 هـ)، وقد توفي معاذٌ رضي الله عنه (سنة 18 هـ)، فيكون عُمْرُ عبد الرحمن يوم ماتَ معاذٌ سنةً واحدةً، فأنَّي له السماع منه؟ !

وقد جزمَ بعدمِ سماعه منه جماعةٌ منَ الأَئمةِ:

قال علي بن المديني: ((لم يسمعْ من معاذٍ)) (تهذيب التهذيب).

وكذا قال الترمذيُّ -كما سيأتي-، والبزارُ في (المسند 7/ 109/ عقب رقم 2667)، وابنُ خُزيمةَ كما في (السنن الكبرى للبيهقي 3/ 183).

وقال ابنُ خِراشٍ: ((وما أظنُّه سمعَ من معاذٍ)) (تاريخ دمشق لابن عساكر 36/ 88).

وسُئِلَ الدارقطنيُّ: عن سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من معاذ؟ قال: ((فيه نظر؛ لأن معاذًا قديمُ الوفاةِ، ماتَ في طاعونِ عمواسٍ، وله نيف وثلاثون سنة)) (العلل 3/ 40).

وقال ابنُ منده: ((ولا يصحُّ سماعُ ابن أبي ليلى من معاذٍ)) (الإيمان 1/ 245).

(1)

رواه البخاري (5/ 368)، ويعقوب بن سفيان في (المعرفة) -ومن طريقه الخطيب في (تاريخ بغداد 11/ 455) -، وابنُ أبي حاتمٍ في (المراسيل صـ 126) عن علي بن الحسن، كلهم: عن أحمد بن سعيد الدارمي، عن النضر بن شميل، عن شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، به.

وأحمدُ الدارميُّ ثقةٌ حافظٌ من رجالِ الشيخين، وبقية رجاله كذلك ثقات أثبات من رجال الشيخين.

ص: 536

وقال البيهقيُّ: ((عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدركْ معاذًا)) (السنن الكبرى 3/ 183).

وقال المنذريُّ: ((ذكر الترمذيُّ ومحمدُ بنُ إسحاقَ بنِ خُزيمةَ أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعْ من معاذِ بنِ جبلٍ، وما قالاه ظاهر جدًّا؛ فإن ابنَ أبي ليلى قال: (ولدتُ لستٍّ بقينَ من خِلافةِ عمرَ)، فيكون مولدُهُ سنة سبع عشرة ومعاذ توفي سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة، وقد قيل: إن مولدَهُ لستٍّ مضين من خِلافةِ عمرَ، فيكون مولدُهُ على هذا بعد موتِ معاذٍ)) (النفح الشذي لابن سَيدِ النَّاسِ 4/ 41).

وقال الذهبيُّ -عند ذكرِ شيوخِ ابنِ أبي ليلى-: ((ومعاذُ بنُ جبلٍ، وما إخاله لقيه، مع كون ذلك في (السنن الأربعة))) (سير أعلام النبلاء 4/ 263).

وجزمَ بذلك في (التاريخ) فقال: ((وروايتُه عن معاذٍ في السننِ الأربعةِ، ولم يلْحَقْهُ)) (تاريخ الإسلام 2/ 966).

- وبهذه العلةِ أعلَّ الحديثَ عددٌ منَ الأَئمةِ:

فقال الترمذيُّ -عقبه-: ((هذا حديثٌ ليس إسنادُهُ بمتصلٍ؛ عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعْ من معاذٍ. ومعاذُ بنُ جبلٍ ماتَ في خِلافة عمرَ، وقُتِلَ عمرُ وعبدُ الرحمنِ بنُ أبي ليلى غلامٌ صغيرٌ ابن ستِّ سنينَ وقد رَوى عن عمرَ

(1)

)).

وقال البيهقيُّ -عقبه-: ((وفيه إرسالٌ، عبد الرحمن بن أبي ليلى، لم يدرك معاذ بن جبل)) (الكبرى 613).

وقال مغلطايُ -متعقبًا ابنَ عبدِ البرِّ في احتجاجه بهذا الخبرِ على نقضِ

(1)

وقد أنكر جماعةٌ منَ الأئمةِ سماعه من عمرَ رضي الله عنه كذلك لصغرِ سنه، ينظر (تحفة التحصيل صـ 205).

ص: 537

الوضوءِ باللمسِ-: ((وفي استدلاله بحديثِ معاذٍ نظر؛ لأنَّ آخرَه تبين أن المقصودَ بالوضوءِ الصلاة، لأجل التَّكْفِيرِ، لا لأجلِ اللمسِ

، وهو منقطعٌ فيما بين عبد الرحمن بن أبي ليلى ومعاذ)) (شرح سنن ابن ماجه 2/ 95).

وقال الزيلعيُّ: ((وهذا الحديثُ مع ضَعْفِهِ وانقطاعه ليس فيه حجةٌ، لأنه إنما أمره بالوضوء للتبركِ وإزالةِ الخطيئةِ لا للحدثِ، ولذلك قال له: ((تَوَضَّأْ وُضُوءًا حَسَنًا)))) (نصب الراية 1/ 70).

وقال ابنُ كَثيرٍ: ((رواه أحمدُ. وقال بعضُ الحفاظِ: لم يسمعِ ابنُ أبي ليلى من معاذٍ، وقال بعضُ العلماءِ: إنما أمره بالوضوء ههنا، والصلاة للتوبة، لا أنه أحال الأمر بالوضوء على اللمس، ولهذا قرنه بالصلاة، والله أعلم)) (إرشاد الفقيه 1/ 50).

وقال -في (التفسير 2/ 316) -: ((قالوا: فأمره بالوضوء؛ لأنه لمسَ المرأةَ ولم يجامعها. وأجيبَ بأنه منقطعٌ بين أبي ليلى ومعاذٍ، فإنه لم يلقْه، ثم يحتمل أنه إنما أمره بالوضوء والصلاة للتوبة)).

وقال الشوكانيُّ: ((ولا يَخْفَاكَ أنه لا دلالة بهذا الحديثِ على محمل النزاع، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالوضوءِ ليأتي بالصلاة التي ذكرها الله سبحانه في هذه الآية، إذ لا صلاةَ إلا بوضوء. وأيضا فالحديثُ منقطعٌ لأنه من روايةِ ابنِ أبي ليلى عن معاذٍ ولم يلقْه، وإذا عرفتَ هذا، فالأصلُ: البراءة عن هذا الحكم، فلا يثبتُ إلا بدليلٍ خالص عن الشوائب الموجبة لقصوره عن الحجة)) (فتح القدير 1/ 543).

قلنا: وقد اختلف على عبد الملك بن عمير في وصله وإرساله وكذا في متنه؛ فرواه زائدة بن قدامة وجرير بن عبد الحميد، كلاهما عن عبد الملك بن عمير به كما تقدَّمَ متصلًا، وفي روايتهما الأمر بالوضوء.

ص: 538

وخالفهما شعبة بن الحجاج، فرواه عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به مرسلًا وبدون ذكر الوضوء.

أخرجه النسائيُّ في (الكبرى 7487): من طريق خالد بن الحارث.

والطبريُّ في (التفسير 12/ 622) من طريق محمد بن جعفر غُنْدرٍ وأبي داود الطيالسي. ثلاثتهم: عن شُعْبةَ، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ مِنَ امْرَأَةٍ مَا دُونَ الجِمَاعِ، فَأُنْزِلَت عَلَيْهَ هَذِهِ الآيَة:{أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} إِلَى {ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} فَقَالَ معاذٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَهُ خَاصَّةً أَوْ لِلنَّاسِ كَافَّةً؟ فَقَالَ:((لِلنَّاسِ كَافَّةً)). هذا لفظ النسائي، وعند الطبريِّ:((فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ أُنْزِلَتْ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ})).

وأشارَ الترمذيُّ لهذه العلةِ فقال -عقب كلامه السابق-: ((وروى شعبةُ هذا الحديثَ عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا)) اهـ.

وقال الدارقطنيُّ -وسُئِلَ عن هذا الحديثِ-: ((يرويه عبد الملك بن عمير، عن ابن أبي ليلى، واختُلِفَ عنه؛ فوصله زائدة، وجرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أبي ليلى، عن معاذٍ.

وأرسله شعبةُ، ولم يذكرْ معاذًا فيه)) (العلل 977). ولم يرجِّحْ.

وأشارَ لهذه العلةِ أيضًا الحافظُ ابنُ كَثيرٍ، فقال -عقبه-:"وأخرجه النسائيُّ من حديث شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلًا"(التفسير 2/ 316).

ص: 539

وقال الذهبيُّ: "وعلته: أن شعبةَ رواه عن عبد الملك، فأرسلَه، لم يذكر معاذًا، وعبد الرحمن ما أدرك معاذًا"(سير أعلام النبلاء 7/ 378).

وكذا ضَعَّفَهُ الشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 244)، والألبانيُّ في (الضعيفة 1000).

ومع هذا قال الحاكمُ -عقب هذا الحديثِ، وقد روى قبله بعضَ الآثارِ الموقوفة في الوضوء من القُبْلَةِ-:((هذه الأحاديثُ والتي ذكرتها أن الشيخين اتفقا عليها غير أنها مخرجةٌ في الكتابين بالتفاريق، وكلّها صحيحة دالة على أن اللمسَ الذي يوجبُ الوضوءَ دونَ الجماعِ)).

وتعقبه ابنُ دقيقِ العيدِ فقال: ((ومن العجبِ تخريجه في المستدركِ على الشيخين مع انقطاعه!)) (الإمام 2/ 240).

وقال الحافظُ ابنُ حَجرٍ: ((وصَحَّحَهُ الحاكمُ إلا أنه من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذٍ ولم يسمعْ منه، وتعقب بأن الأمرَ بالوضوءِ فيه للتبرك)) (الدراية 1/ 43).

قلنا: وأصلُ القصةِ في (الصحيحين)، من حديثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] قَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ؟ قَالَ: ((لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي)) أخرجه البخاريُّ (526، 4687، (واللفظ له))، ومسلمٌ (2763).

فذِكرُ الوضوءِ في هذا الخبرِ منكرٌ لا يصحُّ، ولو صَحَّ، فلا دليلَ على كون ذلك كان من أجل اللمس، والله أعلم.

* * *

ص: 540