الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
372 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، الوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ
2218 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((كَانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، الوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ)).
[الحكم]:
منكر، وإسناده ضعيف مضطرب.
[التخريج]:
[تمهيد (3/ 335)].
[السند]:
قال ابن عبد البر: قرأتُ على خلف بن القاسم أن عبد الله بن جعفر بن الورد حدثهم قال: حدثنا عبد (الرحيم)
(1)
بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن عبد العزيز بن عمران، عن ابن لعبد الرحمن بن عوف، عن عائشة، به.
وعبد الله بن يوسف هو التِّنِّيسي. وسعيد بن عبد العزيز هو التَّنوخي.
(1)
- في المطبوع: "عبد الرحمن"، وهو خطأ. والصواب المثبت، وابن الورد مشهور برواية السيرة عنه.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز: "متروك؛ احترقت كتبه، فحَدَّث من حفظه، فاشتد غلطه"(التقريب 4114).
ولكن عبد العزيز بن عمران هذا أصغر من سعيد بن عبد العزيز. فإن كان ذِكره في الإسناد محفوظًا، فهو من رواية الأكابر عن الأصاغر.
وإلا فالأقرب أن في السند تحريفًا، وأن شيخ سعيد فيه ليس بعبد العزيز بن عمران، وإنما هو عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، فهو الذي ذكره المزي في شيوخ سعيد.
ويؤيده أنه قد رواه أبو مُسْهِر، عن سعيد، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن حميد - وقيل: عن عثمان بن عبد العزيز عن حميد - بن عبد الرحمن بن عوف، عن أم سلمة، مرفوعًا بمعنى حديث عائشة. وسيأتي تخريجه.
وعليه، فهذا اختلاف على سعيد بين ثقتين من أصحابه. ورواية أبي مسهر هي الصواب عندنا، ليس فقط لأنه مُقَدَّم في سعيد، بل روايته مع ذلك محفوظة عنه من وجهين كما سيأتي. أما رواية التِّنيسي، فيحتمل أن تكون وهمًا عليه.
وفي إسناد حديث عائشة: راوٍ لم يُسَمَّ، وهو ابن عبد الرحمن بن عوف.
ولم يذكر المزي في شيوخ عبد العزيز بن عمر من أولاد عبد الرحمن بن عوف عدا "حميد بن عبد الرحمن بن عوف"، وقد صرح به في حديث أم سلمة.
ومع ذلك فرواية عبد العزيز عنه منقطعة، فقد قال المزي: "والصحيح أن
بينهما إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص".
قلنا: وإسماعيل ثقة حجة، ولكن تعيين المزي له كواسطة بين عبد العزيز وحميد إنما هو في حديث معين، وليس مطلقًا؛ بدليل أن في حديث أم سلمة قد زاد بعضهم بينهما رجلًا لا يُعْرَف، وهو "عثمان بن عبد العزيز".
هذا، وقد استشهد ابن عبد البر لمذهب ابن شهاب بحديث عائشة، فقال: "وجاء عن عائشة رضي الله عنها مثل مذهب ابن شهاب، في أن الناسخ أمره بالوضوء مما مست النار
…
فهذا كله يُعضِّد مذهب ابن شهاب في هذا الباب" (التمهيد 3/ 336).
قلنا: ولكن لم يَثبت هذا الحديث عن عائشة كما رأيت. والمحفوظ عن عائشة ما خرجه مسلم عنها في الأمر بالوضوء مما مست النار. وقد سبق في بابه.
رِوَايَةُ: ((مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الوُضُوءَ مِمَّا
…
)):
◼ وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ حَتَّى قُبِضَ)).
[الحكم]:
باطل، قاله الجورقاني - وأقره ابن الملقن، وابن حجر -، وهو ظاهر كلام ابن الجوزي.
[التخريج]:
[ناسخ 63 / طيل 336 / علج 603].
[السند]:
أخرجه ابن شاهين في (ناسخ الحديث ومنسوخه) - ومن طريقه الجورقاني في (الأباطيل)، وابن الجوزي في (العلل المتناهية) - قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ قال حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية قال: حدثنا محمد بن عبد المجيد التميمي قال: حدثنا ثواب بن يحيى بن أبي أُنَيْسة، عن أبيه، عن الزهري، عن القاسم بن محمد قال: سمعت عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: يحيى بن أبي أنيسة، وَهَّاه أئمة الحديث، ونَصَّ غير واحد منهم على أنه متروك، بل كَذَّبه بعضهم. انظر (تهذيب التهذيب 11/ 185)، وقال الذهبي:"تالف"(الكاشف 6134).
وبه أعله الجورقاني، فقال: ((هذا حديث باطل، لا نعرفه إلا من حديث
يحيى بن أنيسة. ويحيى متروك الحديث)) (الأباطيل 1/ 526).
ونَقَل كلامه ابن الملقن وابن حجر بتصرف، وأقراه. انظر (البدر المنير 2/ 414)
(1)
، و (التلخيص الحبير 1/ 205).
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يُعْرَف إلا من حديث يحيى بن أنيسة، وهو معروف بالكذب. وقال أحمد والنسائي:
(2)
متروك" (العلل المتناهية 1/ 364).
الثانية: ثواب بن يحيى، لم نقف له على ترجمة.
الثالثة: محمد بن عبد المجيد التميمي؛ قال عنه محمد بن غالب تمتام: "كان محمد بن عبد المجيد آية منكرًا". أسنده الخطيب عنه وقال معلقًا: "يعني أنه ضعيف"(تاريخ بغداد 3/ 683). ولذا قال الذهبي: "وهو ضعيف، ضعفه تمتام"(تاريخ الإسلام 5/ 923).
(1)
وقع في المطبوع: "الجوزجاني"، وهو خطأ. وذكر محققه أن في بعض النسخ:"الجوزقاني" بالزاي المنقوطة على المشهور. على أن الراجح في نسبته "الجورقاني" بالراء المهملة كما بينه محقق كتاب (الأباطيل).
(2)
كُرر هنا في المطبوع: "لا يُعْرَفُ إِلا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى وهو
…
"، والظاهر أنه كُرر خطأ.
2219 -
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ:
◼ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "فِي بَيْتِي كَانَ هَذَا وَهَذَا:
أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِكَتِفِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. ثُمَّ أُتِيَ بِأَثوَارِ أَقِطٍ، فَأَكَلَ ثُمَّ تَوَضَّأَ.
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكَلْتَ كَتِفَ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّيْتَ وَلَمْ تَتَوَضَّأْ، ثُمَّ أَكَلْتَ هَذِهِ الأَثْوَارَ فَتَوَضَّأْتَ؟ ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» .
[الحكم]:
منكر، وإسناده ضعيف، وضَعَّفه ابن القصار المالكي.
[التخريج]:
[طش 302 / بجير 11 واللفظ له / مخلص 889].
[السند]:
رواه الطبراني في (مسند الشاميين) قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، ثنا أبو مسهر، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن عمر بن عبد العزيز، عن عثمان بن عبد العزيز، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أم سلمة، به.
كذا وقع في المطبوع. وسعيد بن عبد العزيز غير معروف بالرواية عن عمر بن عبد العزيز، وإنما روى عن ابنه عبد العزيز بن عمر.
ويبدو أن في السند تحريفًا، تحرفت كلمة "عن" بعد سعيد إلى "بن"، كما تحرفت كلمة "بن" بعد عبد العزيز الأول إلى:"عن".
وصواب الإسناد: "ثنا أبو مسهر، ثنا سعيد، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن عثمان" به.
ويؤيد ذلك: أن أبا محمد الحراني قد رواه عن أبي مسهر كما ذكرنا، غير أنه أسقط منه عثمان.
فرواه ابن بجير في (فوائده 11) -وعنه أبو طاهر المخلص في (المخلصيات 889) - قال: حدثنا علي بن عثمان بن نُفَيْل الحراني أبو محمد، بحَرَّان قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، به.
ورواية أبي زرعة بذكر عثمان أَوْلى من رواية النفيلي؛ لأنه أوثق وأحفظ منه. كما أن عبد العزيز إنما يَروي عن حميد بن عبد الرحمن بواسطة، كما حررناه تحت حديث عائشة السابق.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ عثمان بن عبد العزيز لم نجد له ترجمة.
وعلى رواية النفيلي، فالسند ضعيف لانقطاعه. وبقية رجاله ثقات، إلا أن عبد العزيز قد ضَعَّفه أبو مسهر، ووثقه غيره.
قال ابن القصار: ((وقد قيل: إن حديث أم سلمة رواه عمر عن حميد عنها. وفي حفظ عمر هذا شيء)) (عيون الأدلة 2/ 635).
هكذا قال، ولا ندري ما وجه قوله! ! فإن عمر بن عبد العزيز هو الخليفة الأموي المعروف، وكان ثقة، وليس له ذكر في الإسناد، إنما المذكور ابنه عبد العزيز، وهو المتكلم فيه كما سبق.
2220 -
حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ:
◼ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ، صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ آخِرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه؛ فَإِنَّهُ بَقِيَ بَعْدَهُ-: أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى وَلِيمَةٍ، وَسَلَمَةُ رضي الله عنه عَلَى وُضُوءٍ، فَأَكَلُوا، ثُمَّ خَرَجُوا فَتَوَضَّأَ سَلَمَةُ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ جَبِيرَةُ
(1)
: أَلَمْ تَكُنْ عَلَى وُضُوءٍ؟ ! قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجْنَا مْنِ دَعْوَةٍ دُعِينَا لَهَا، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى وُضُوءٍ، فَأَكَلَ ثُم تَوَضَّأَ، فَقُلتُ لَهُ: أَلَمْ تَكُنْ عَلَى وُضُوءٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ! قَالَ: «بَلَى، وَلَكِنِ الأُمُورَ تَحْدُثُ، فَهَذَا مِمَّا حَدَثَ» .
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضَعَّفه: ابن دقيق، وابن سيد الناس، وابن التركماني، والذهبي، والهيثمي.
[التخريج]:
[ك 5886 / طب (6326) / مث 1956 "واللفظ له" / صحا 3374، 3375 مختصرًا / فة (1/ 334، 335) / عتب (ص 49 - 50) / ناسخ 62 / هق 741/ صمند (ص 678 - 679) / صبغ 1442 / سنن أبي بكر بن أبي داود (مغلطاي 2/ 35)].
[السند]:
أخرجه الفسوي في (المعرفة)، قال: حدثنا أبو صالح، حدثني الليث، حدثني زيد بن جَبِيرَة بن محمود بن أبي جَبِيرَة الأنصاري- من بني عبد
(1)
كذا ضبطه الحافظ بفتح الجيم وكسر الموحدة (التقريب 2122).
الأشهل-، عن أبيه جَبِيرَة بن محمود، عن سلمة بن سلامة بن وقش صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، به.
وأبو صالح هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد رواه عنه جماعة من أصحابه.
فأخرجه البغوي، وابن أبي عاصم، والطبراني -وعنه أبو نعيم (3374)
(1)
والحازمي- والحاكم، والبيهقي من طرق عن عبد الله بن صالح، به.
وخالف أبو مسعود ابن الفرات، فرواه عن عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث بن سعد، عن زيد بن جَبِيرَة، قال: حدثني محمود بن جَبِيرَة، عن سلمة، به.
أخرجه ابن منده في (المعرفة، ص 678، 679)، وقال: "هكذا رواه أبو مسعود. ورواه أبو حاتم عن أبي صالح، عن الليث، عن زيد بن جَبِيرَة، عن أبيه جَبِيرَة بن محمود، عن سلمة
…
وهو الصواب. وكذلك رواه عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن جده، نحوه".
قلنا: فقد توبع أبو صالح على رواية الجماعة:
فرواه ابن أبي داود في (سننه) كما في (شرح ابن ماجه) -وعنه ابن شاهين في (ناسخ الحديث ومنسوخه) - قال: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن جدي قال: حدثنا زيد بن جبيرة بن محمود، عن أبيه جبيرة، به.
(1)
- وتحرف فيه "زيد" إلى: "يزيد" و"جبيرة" إلى: "خبيرة"! ! وفي بقية المراجع على الصواب.
ورواه أبو نعيم في (المعرفة 3375) مختصرًا من طريق يحيى بن بكير، ثنا الليث بن سعد، عن زيد بن جبيرة
(1)
، عن أبيه، عن سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل طعامًا فتوضأ".
فمدار الإسناد عندهم على الليث بن سعد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
العلة الأولى: زيد بن جبيرة بن محمود؛ فإنه "متروك" كما في (التقريب 2122).
وبه أعله غير واحد، فقال ابن دقيق عقبه:"زيد بن جبيرة قال البخاري: متروك الحديث"(الإمام 2/ 407).
وبنحوه قال ابن سيد الناس في (النفح الشذي 2/ 255)، وابن التركماني في (الجوهر 1/ 158).
وقال الذهبي: ((زيد تركوه)) (المهذب في اختصار السنن الكبير 1/ 159).
العلة الثانية: جهالة جبيرة بن محمود والد زيد، قال فيه ابن المديني:"مجهول"(اللسان 1776).
وقال الدارقطني في ترجمة ولده زيد: "لا يُعْرَف أبوه إلا به"(الضعفاء والمتروكون 232).
وبقية ما في (اللسان) يقتضي علة ثالثة، حيث جاء فيه: ((روى عن سلمة بن
(1)
- تحرف في المطبوع إلى: "خَبِيرَةَ"! ! ، والصواب المثبت كما مر.
سلامة بن وقش، ولا يُدرَى سمع منه أم لا؛ لأنه لم يقل: سمعت)).
وفي هذا الحديث أنه رآه وشافهه بل واصطحبه، ولكن السند إليه لا يصح كما رأيت.
وقال الهيثمي: ((رواه الطبراني في (الكبير) وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وثقه عبد الملك بن شعيب بن الليث. وضَعَّفه أحمد وجماعة، واتُّهم بالكذب)) (مجمع الزوائد 1/ 249).
قلنا: عبد الله بن صالح قد برأه من الكذب أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهما، ثم إنه قد توبع، فكان على الهيثمي أن يعله بابن جبيرة المتروك! أو أبيه المجهول! .