الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
58 - بَابُ طَهَارَةِ عَرَقِ الدَّوَابِ وَلُعَابِهَا
356 -
حديثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا، أَتَاهُ فَقَالَ: بِمَ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ [ابنُ عُمَرَ] 1: ((أَهَلَّ بِالْحَجِّ))، فَانْصَرَفَ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَقَالَ: بِمَ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: ((أَلَمْ تَأْتِنِي عَامَ أَوَّلٍ؟ ))، قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ زَعَمَ أَنَّهُ قَرَنَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:((إِنَّ أَنَسًا كَانَ يَتَوَلَّجُ (يَدْخُلُ) 1 عَلَى النِّسَاءِ [وَهُنَّ] 2 مُكَشِّفَاتِ الرُّؤُوسِ)) [-يَعْنِي: لِصِغَرِهِ-] 3 ((وَإِنِّي
(1)
كُنْتُ تَحْتَ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمَسُّنِي (يُصِيبُنِي) 2 لُعَابُهَا، أَسْمَعْهُ يُلَبِّي بِالْحَجِّ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وصحَّحه النووي، والزرقاني، والقسطلاني، وهو ظاهر صنيع البيهقي، وابن كثير.
[التخريج]:
[طش 274 ((واللفظ له)) / معص (ص 269)((والزيادة الثانية والثالثة والرواية الثانية له ولغيره)) / شيو 534 ((والرواية الأولى له ولغيره)) / غخطا (1/ 515، 516) / ثرثال 184/ معر 959 ((مختصرًا)) / هق
(1)
- في المطبوع من (المسند): ((فإني))، والمثبت من (سنن البيهقي)، و (المشيخة الكبرى) وغيرهما، وهو أليق بالسياق.
1220، 8900 ((والزيادة الأولى له)) / كر (6/ 10)، (16/ 447)].
[السند]:
رواه الطبراني في (مسند الشاميين 274) قال: حدثنا أحمد بن مسعود المقدسي، ثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، به.
ورواه ابن ثرثال (32، 184)، وابن الأعرابي في (المعجم 959)، وأبو بكر الزبيري في (الفوائد 26)، والخطابي في (الغريب 1/ 515)، وابن جميع الصيداوي في (المعجم 268) من طرق، عن بشر بن بكر التنيسي - مقرونًا بعمرو عند ابن ثرثال، وابن الأعرابي-.
ورواه البيهقي في (الكبرى 1220، 8900)، وابن عبد الباقي في (المشيخة الكبرى 534)، من طريق الوليد بن مزيد البيروتي.
كلاهما: عن سعيد بن عبد العزيز، عن زيد بن أسلم: ((أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ
…
))، الحديث.
وعند البيهقي: عن زيد بن أسلم، وغيره، ((أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ
…
)، الحديث.
فالحديث مداره عندهم على سعيد بن عبدالعزيز، وهو التنوخي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيحٌ، رجالُه ثقاتٌ رجال الصحيح.
وقد جزم بصحته النووي في (شرح مسلم 8/ 135)، والقسطلاني في (المواهب 3/ 461) والزرقاني في (شرح الموطأ 2/ 375).
وهو ظاهر صنيع البيهقي، وابن كثير:
فأما البيهقي، فقد قال:((وروى الثقات عن زيد بن أسلم وغيره: أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ .. ))، وساق الحديث، (مختصر الخلافيات 3/ 158).
وأما ابن كثير، فقال:((قال الحافظ، أبو بكر البزار: ثنا الحسن بن عبد العزيز، ومحمد بن مسكين، قالا: ثنا بشر بن بكر، ثنا سعيد بن عبدالعزيز، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ بِالْحَجِ)) -يعني: مفردًا-، إسناده جيد، ولم يخرجوه)) (البداية 7/ 445).
فهذا هو نفس إسناد حديثنا، ومتنه مختصر منه، وصرَّح بذلك ابن كثير في موضع آخر، عقب ما رواه البزار بنفس الإسناد السابق عن زيد بن أسلم، عن أنس بن مالك: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ
(1)
)).
فقال ابن كثير: ((وهذا إسنادٌ صحيحٌ، على شرط (الصحيح)، ولم يخرجوه من هذا الوجه، وقد رواه الحافظ أبو بكر البيهقي بأبسط من هذا السياق)) (البداية والنهاية 7/ 466)، ثم ساقه بسنده ومتنه من (سنن البيهقي)، كما خرجناه هنا.
قلنا: قوله: ((صحيحٌ، على شرط الصحيح)) فيه نظر من وجهين:
أولهما: أن الشيخين، بل وأصحاب السنن أيضًا، لم يخرجوا لسعيد بن عبد العزيز، عن زيد بن أسلم شيئًا! .
الثاني: أنه قد تبين من روايتنا المطولة والتي نقلها ابن كثير نفسه من عند البيهقي؛ أن زيد بن أسلم إنما بلغه حديث أنس من خلال الرجل الذي سأل
(1)
- (مسند البزار)(6246)، و (حجة الوداع)(492).
ابن عمر! ، والظاهر -والله أعلم- أن البزار هو الذي تصرف في سياقة الحديث، فساقه مرة مقتصرًا على قول ابن عمر، ثم ساقه أخرى مقتصرًا على قول أنس، وجعلهما من رواية زيد عنهما، وإنما عنده حديث أنس عن ذاك الرجل، كما دلَّت عليه الرواية المطولة.
والخلاف بين ابن عمر، وأنس، في هذه المسألة مشهور، فقد أخرج مسلم (1232) وغيره، عن بكر بن عبدالله المزني، عن أنس رضي الله عنه، قال:((سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا)) قال بكر: فحدَّثتُ بذلك ابن عمر، فقال:((لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ))، فلقيت أنسًا، فحدَّثتُه بقول ابن عمر، فقال أنس: ما تعدوننا إِلَّا صبيانًا! سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا)).
وهذا يقوِّي حديث زيد بن أسلم، والله أعلم.
وفي الباب: عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ، قَالَ: ((كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ تَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا
(1)
، وَلُعَابُهَا يَسِيلُ على كَتِفَيَّ
…
))، وذكر حديثًا.
رواه البيهقي في هذا الباب، وهو مخرج في (موسوعتنا) في كتاب (أحكام المولود) وكتاب (الجنة والنار)، وله شاهد من حديث أنس وغيره، كما تراه في الموضع المذكور.
وعَن جَابِرِ بن سَمُرَةَ رضي الله عنه، قَالَ:((خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةِ أَبِي الدَّحْدَاحِ، فَلَمَّا رَجَعَ أُتِيَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرَيٍّ فَرَكِبَهُ، وَمَشَيْنَا مَعَهُ)).
(1)
قال ابن منظور: ((الجِرَّةُ: مَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ مِنْ بَطْنِهِ ليَمْضَغه ثُمَّ يَبْلَعَهُ، والقَصْعُ: شدَّةُ الْمَضْغِ)) (لسان العرب 4/ 130).
رواه البيهقي في هذا الباب، وقال ابن حجر:((استدل به على طهارة العرق، واللعاب)) (التلخيص الحبير 1/ 42). وهو مخرج في (موسوعتنا) في كتاب (الجنائز).
[تنبيهان]:
الأول: رواية ابن الأعرابي لهذا الحديث في (المعجم 959) مختصرةٌ ولفظها: ((عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَاهُ فَقَالَ: بِمَ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَلَمْ تَأْتِنِي عَامَ أَوَّلٍ؟ ، قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّ أَنَسًا زَعَمَ أَنَّهُ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ)).
الثاني: نقل العلائي عن علي بن المديني: سئل سفيان بن عُيَينَةَ: عن زيد بن أسلم، فقال:((ما سمع من ابن عمر إِلَّا حديثين)) (جامع التحصيل 211).
قلنا: وهذا فيه نظر، فقد ثبت سماعه منه أكثر من ذلك، وانظر على سبيل المثال:[صحيح البخاري (5783) مع المسند (6340) / صحيح البخاري (5146) / تفسير سعيد بن منصور (398) / مسند الحميدي (650) مع المطالب (2697)]، والله أعلم.