الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسجد له ليدعوه فيه فهذا سجود لأجل الدعاء ولا شيء يمنعه. وابن عباس سجد لما جاء نعي بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال عليه الصلاة والسلام "إذا رأيتم آية فاسجدوا" قال وهذا يدل على أن السجود يشرع عند الآيات فالمكروه هو السجود بلا سبب.
فصل في أوقات النهي
أي في ذكر أحكام أوقات النهي وما يباح من الصلاة فيها.
(عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة) أي لا تصلوا النافلة (بعد الصبح) أي صلاته أو طلوعه وفي لفظ "لا صلاة بعد صلاة الفجر".
ومن حديث عمر وأبي هريرة "بعد الفجر" وفي لفظ عن عمر "بعد صلاة الصبح"(حتى تطلع الشمس) أي ترتفع وتشرق ليس المراد مجرد ظهور القرص. ولأحمد وغيره عن ابن عمر "إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر" احتج به أحمد وقال الترمذي: هو ما أجمع عليه أهل العلم كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر وفي الصحيحين "إذا طلع الفجر لم يصل إلا ركعتين خفيفتين"
قال شيخ الإسلام: وليس بعد طلوع الفجر والفريضة
سنة إلا ركعتان اهـ؛ وادعى النووي الإجماع على ذلك وذهب مالك والشافعي وهو رواية عن أحمد أن النهي متعلق بفعل الصلاة وأن الوتر يقضى قبل صلاة الفجر لقوله: "لا صلاة بعد صلاة الفجر" وقد يقال المراد بصلاة الصبح فيما قبل وقتها فهو بمعنى طلوع الفجر فتتفق الأدلة. وأما قضاء ركعتي الفجر بعدها فجائز لحديث قيس واختار أحمد: أن يقضيها من الضحى.
(ولا صلاة بعد العصر) وفي لفظ: بعد صلاة العصر (حتى تغيب الشمس متفق عليه) والأحاديث في النهي عن الصلاة في هذين الوقتين مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأجمعوا على أنه لا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس. والاعتبار بالفراغ منها لا بالشروع فيها فمن لم يصل العصر أبيح له التنفل. وإن صلى غيره قال في المبدع بغير خلاف نعلمه. وكذا لو أحرم بها ثم قلبها نفلاً أو قطعها لعذر لم يمنع من التطوع حتى يصليها.
ومن صلاها فليس له التنقل ولو صلى وحده. وتقضي سنة الظهر بعدها لما في الصحيحين "أنه قضى سنة الظهر بعد العصر" وأما التطوع بعدها بركعتين ففي صحيح مسلم وغيره كان عمر يضرب عليهما بمحضر من الصحابة فكان إجماعًا.
(ولمسلم عن عقبة بن عامر) بن عمرو بن قيس
الجهني ولي إمارة مصر وتوفي بها سنة ثمان وخمسين (قال ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن) أي نافلة (وأن
نقبر) بضم وتكسر أي ندفن (فيهن موتانا) قال البغوي والنووي والشيخ وغيرهم معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات وضعفوا قول من قال إنه الصلاة لأن الصلاة على الجنازة لا تكره في هذه الأوقات إجماعًا وبين الثلاث الساعات.
فقال: (حين تطلع الشمس بازغة) أي ظاهرة (حتى ترتفع) أي قيد رمح في رأي العين (وحين يقوم قائم الظهيرة) وهو البعير يكون باركًا فيقوم من شدة الحر.
والظهيرة شدة الحر وقيل حين لا يبقى للقائم ظل أو قيام الشمس وقت الزوال لتخيل المتأمل إنها وقفت وهي سائرة (وحين تضيف) أي تميل (الشمس للغروب حتى تغرب) وفي الصحيح من حديث ابن عمر إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب.
ولمسلم عن عمرو بن عبسة قلت: يا نبي الله أخبرني عن الصلاة. قال: "صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ثم أقصر عن الصلاة فإنها حينئذ
تسجر جهنم. فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب
الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان. وحينئذ يسجد لها الكفار.
وهذه الأحاديث وما في معناها تدل على تحريم الصلاة في هذه الأوقات. والحاصل أن هذه الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ترجع إلى ثلاثة فأما ما بعد الصبح إلى طلوع الشمس وما بعد العصر إلى غروبها فمتواتر. وأما وقت قيام الشمس ففيه أربعة أحاديث. حديثة عقبة وعمرو وأبي هريرة عند ابن ماجه والصنابحي في الموطأ. وعد بعضهم أيضًا وقتين عند طلوع الشمس حتى ترتفع وعند غروبها حتى تتم لهذه الأخبار وغيرها فتكون خمسة. ولعل الاختلاف في الألفاظ وقع من الرواة.
ولا نزاع بين أهل العلم في أنه لا يجوز أن يبتدئ في هذه الأوقات تطوعًا لا سبب له للآثار المستفيضة في النهي عن ذلك. وثبت من حديث عائشة وابن عمر "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك" أي لا يقصد أحدكم الصلاة عند ذلك لأن الكفار يسجدون لها في هذين الوقتين فنهينا عن ذلك سدًا لذريعة المشابهة الظاهرة التي هي ذريعة إلى مشابهتهم في القصد.
وأما ذوات الأسباب فتفعل فيها للأدلة الدالة على ذلك وهي تخص عموم النهي واستثني يوم الجمعة بسند ضعيف عن أبي قتادة "كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال إن
جهنم تسجر إلا يوم الجمعة" وقال أبو داود مرسل ومن حديث أبي هريرة عند الشافعي إلا يوم الجمعة وهو ضعيف أيضًا ولكن يؤيده فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا يصلون نصف النهار يوم الجمعة. وحث النبي صلى الله عليه وسلم على التبكير إليها والترغيب في الصلاة إلى خروج الإمام وعده ابن القيم وغيره من خصائصها.
(وعن جبير بن مطعم) بن عدي بن نوفل القرشي أسلم بعد الفتح يقال توفي سنة أربع أو سبع وخمسين (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبد مناف) بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشيين وكانوا ولاة الحرم الشريف (لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار رواه الخمسة) وغيرهم وهذا إذن منه صلى الله عليه وسلم في فعل الطواف وركعتيه في جميع أوقات النهي.
وقال ابن عمر افعل كما رأيت أصحابي يفعلون فكان يصلي إثر الطواف بعد الصبح. وقبل طلوع الشمس. وبعد العصر قبل غروب الشمس. وهذا مذهب الشافعي وأحمد. وعن ابن عباس مرفوعًا " يا بني عبد المطلب" وهو ابن هاشم القرشي.
"أو يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا يطوف بهذا البيت ويصلي" الحديث رواه الدارقطني وهو معلول وفي حديث أبي ذر عند الشافعي إلا بمكة وفيه عبد الله بن مؤمل وهذا الحديث مما أنكر عليه ولو صحا لكان دليلاً على جواز النافلة عند البيت مطلقًا
فيخص من النهي ركعتا الطواف كما يخص غيرها مما له سبب للإجماع على تحريم إنشاء تطوع في أوقات النهي ولم يخصوا مكة ولا غيرها وبه تتفق الأدلة.
(ولهم) وغيرهم (إلا ابن ماجه عن يزيد بن الأسود) العامري السواءي ويقال الخزاعي حليف قريش –رضي الله عنه (في الذين لم يصليا الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولفظه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر فلما قضى صلاته إذا هو برجلين لم يصليا معه فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله قد صلينا في رحالنا"(قال: لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما) أي في منازلكما.
(ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم) ولابن حبان "ثم أدركتما الصلاة فصليا" ولفظ أبي داود "إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه" ويأتي حديث أبي ذر "صل الصلاة لوقتها فإن أقيمت وأنت في المسجد فصل ولا تقل إني صليت فلا أصلي (فإنها لكما نافلة) وفي التصريح بأن الثانية في الصلاة المعادة نافلة سواء كانت الأولى جامعة أو فرادى لعدم الإستفصال (صححهما الترمذي).
ولهذا شواهد كلها تدل على مشروعية الدخول مع الجماعة بنية التطوع لمن كان قد صلى تلك الصلاة وإن كان وقت نهي للتصريح بأن ذلك كان في صلاة الصبح ولو وجدهم يصلون
وهذا مذهب أحمد والشافعي واختاره ابن القيم وغيره. قيل لأحمد فيمن صلى جماعة ثم دخل المسجد وهم يصلون أيصلي معهم قال: نعم ولئلا يتخذ قعوده ذريعة إلى إساءة الظن به وأنه ليس من المصلين.
وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم "من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته" وتقدم أيضًا قصة نومهم عن صلاة الفجر وأن قضاء الصلاة في أوقات النهي أمر مجمع عليه.
وتقدم أيضًا قوله: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" وأنه حكى النووي إجماع المسلمين على سنيتها في جميع الأوقات وصحح الشيخ وغيره قول من استحب ذلك.
وإن الحديث عام لم يخص فلا يجوز تخصيصه بعموم مخصوص.
ويأتي قوله صلى الله عليه وسلم للداخل يوم الجمعة حال الخطبة بعد أن قعد "قم فصل ركعتين" ولو كانت تترك في وقت لكان هذا الوقت أولى لأنه يمنع حال الخطبة من الصلاة لا التحية. وكل هذا مبالغة في تعميم التحية. فكل ما له سبب من جميع ما تقدم وما يأتي يجوز فعله في أوقات النهي. قال الشيخ وغيره هذا مذهب أهل الحديث وأهل التحقيق من أتباع الأئمة حملوا أحاديث النهي على مالا سبب له.
وأما ذوات الأسباب فتفعل في أوقات النهي للأدلة الدالة على ذلك وهي تخص عموم النهي كما خص منه صلاة الجنائز