المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الاقتداء - الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم - جـ ١

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب المياه

- ‌باب الآنية

- ‌باب الاستنجاء

- ‌باب السواك

- ‌باب فروض الوضوء وصفته

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغسل:

- ‌باب التيمم

- ‌باب إزالة النجاسة

- ‌باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌فصل في ستر العورة

- ‌فصل في اجتناب النجاسة

- ‌فصل في استقبال القبلة

- ‌فصل في النية

- ‌باب آداب المشي إلى الصلاة

- ‌فصل في الصفوف

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل في الذكر بعدها

- ‌فصل فيما يكره فيها

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌فصل في الوتر

- ‌فصل في قيام الليل

- ‌فصل في صلاة الضحى وغيرها

- ‌فصل في سجود التلاوة والشكر

- ‌فصل في أوقات النهي

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌فصل الإمامة

- ‌فصل في الموقف

- ‌فصل في الاقتداء

- ‌فصل في الأعذار

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌فصل في القصر

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌فصل في شروطها

- ‌فصل في صفتها

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌فصل في صفتها

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

الفصل: ‌فصل في الاقتداء

وقطع به المجد وعليه عمل الناس. وقوله ليلني لا يتم الاستدلال به على إخراجهم من صفوف الرجال إنما فيه تقديم البالغين أو نوع منهم. وإذا كانوا أقرأ ففيهم أهلية لذلك.

فإن الصبي إذا عقل القربة كالبالغ في الجملة وقدم الصحابة عمرًا في الإمامة وهو ابن ست أو سبع سنين فالمصافة أولى فإنه قد يكون صبي أقرأ من مكلف وقال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وأحاديث "من سبق إلى مكان فهو أحق به" و "لا يقيم أحدكم أخاه من مجلسه" ونحو ذلك مطلقة وحديث أبي مالك ليس فيه نهي وقد يحمل فعل عمر وقول أحمد على نقرة الإمام للخبر ما لم يكن الصبي أقرأ. ولو كان تأخيرهم أمرًا مشهورًا لاستمر العمل عليه كتأخير النساء. ولنقل نقلاً لا يحتمل الاختلاف كما نقلت الأمور المشهورة. وقال الحافظ على قول ابن عباس وأنا فيهم أن الصبيان مع الرجال وأنهم يصفون معهم ولا يتأخرون عنهم.

‌فصل في الاقتداء

أي في أحكام اقتداء المأموم بالإمام في المسجد وخارجه وانصرافهما.

(وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في حجرته)

ص: 391

أي حجرة بيته وعند أبي نعيم "كان يصلي في حجرة من حجر أزواجه (وجدار الحجرة قصيرة) تمكن رؤيتهم منه (فرأى الناس شخصه) – صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في حجرته (فقام أناس) ممن رأوه (يصلون بصلاته" رواه البخاري) ولأحمد عنها قالت كانت لنا حصيرة نبسطها بالنهار ونحتجر بها بالليل "فصلى فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فسمع المسلمون قراءته فصلوا بصلاته" وفي لفظ أمرني أن أنصب له حصيرًا على باب حجرتي" ففعلت.

فدل على أن الحائل بين الإمام والمأمومين غير مانع من صحة الصلاة مهما علم حال الإمام قال النووي يشترط لصحة الاقتداء علم المأموم بانتقالات الإمام. سواء صليا في المسجد أو في غيره أو أحدهما فيه والآخر في غيره بالإجماع. ويحصل العلم بذلك بسماع الإمام أو من خلفه أو مشاهدة فعله أو فعل من خلفه ونقلوا الإجماع في جواز اعتماد واحد من هذه الأمور، اهـ.

ولا يشترط الاتصال في المسجد حكاه أبو البركات إجماعًا. لأنه إنما بنى للجماعة فكل من حصل فيه حصل في محل الجماعة بخلاف خارج المسجد فإنه ليس معدًا للاجتماع فيه فلذلك اشترط الاتصال فيه فإذا اتصلت صحت إجماعًا. وحكى الإجماع على أنه لا يضر بعد المؤتم في المسجد ولا الحائل ولو كان فوق القامة مهما علم حال الإمام واعتبره بعضهم ببعد غير معتاد بحيث يمنع إمكان الاقتداء فيرجع فيه إلى العرف.

ص: 392

ولو كانوا في صحراء ليس فيها قارعة طريق وبعدوا عن الإمام أو تباعدت الصفوف جاز ذلك مع سماع التكبير ووجود المشاهدة إن اعتبرت. وإن كان أحدهما خارج المسجد إن رأى الإمام أو المأمومين ولو لم تتصل الصفوف لانتفاء المفسد ووجود المقتضى للصحة وهو الرؤية وإمكان الاقتداء وفي الإنصاف المرجع في اتصال الصفوف إلى العرف على الصحيح من المذهب وصححه في المغني فلا يتقدر بشيء وهو مذهب مالك والشافعي لأنه لا حد في ذلك ولا إجماع ولأنه لا يمنع الاقتداء فإن المؤثر في ذلك ما يمنع الرؤية أو سماع الصوت.

واشترط النووي أن لا تطول المسافة بين الإمام والمأمومين إذا صلوا في غير المسجد وهو قول جمهور العلماء وإذا كان بينهم وبين الصفوف حائط بحيث لا يرون الصفوف ولكن يسمعون التكبير من غير حاجة. فقال الشيخ لا تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء. وإذا صفوا وبينهم وبين الصف الآخر طريق يمشي فيه الناس لم تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء.

(وعن حذيفة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال إذا أم الرجل قومًا فلا يقومن في مقام أرفع من مقامهم) قال عمار لحذيفة لذلك اتبعتك. وهو أن عمارًا صلى بالمدائن فقام على دكان والناس أسفل منه فأخذ حذيفة بيده فاتبعه عمار حتى أنزله فلما فرغ قال ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا أم الرجل" الحديث. وفي لفظ "ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك قال بلى" (رواه أبو

ص: 393

داود) وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ورواه الشافعي والبيهقي ومن لا يحصى من كبار المحدثين ومصنفيهم بإسناد صحيح. وللدارقطني معناه بإسناد حسن.

فدل الحديث على كراهة علو الإمام عن المأموم ذراعًا فأكثر وهو مذهب جمهور أهل العلم أبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم.

وحكى اتفاقًا إلا لحاجة ويشترك الإمام والمأموم في النهي قال ابن فرحون لأن الإمامة تقتضي الترفع فإذا انضاف إلى ذلك علوه عليهم في المكان دل على قصده الكبر وإن كان العلو يسيرًا لحاجة لم يكره. لما في الصحيحين من حديث سهل أنه – صلى الله عليه وسلم "صلى على المنبر ثم نزل القهقري فسجد وسجدنا معه ثم عاد حتى فرغ ثم قال إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي".

ولا يضر ارتفاع المؤتم. وحكي إجماعًا ما لم يكن ارتفاعًا مفرطًا بحيث لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الإمام لأن أبا هريرة صلى على سطح المسجد بصلاة الإمام رواه أحمد والشافعي والبيهقي والبخاري تعليقًا. وعن أنس نحوه رواه سعيد ويروى عن ابن عباس وابن عمر ولأن المتابعة حاصلة أشبهت العلو اليسير والأصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع، أما إذا لم يمكن العلم بأفعال الإمام فممنوع للإجماع من غير فرق بين المسجد وغيره.

(وعن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى صلاته أقبل

ص: 394

علينا بوجهه، متفق عليه) ولمسلم عن عائشة كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام" أي لا يلبث جالسًا عن هيئته قبل السلام بل يتحول ويقبل على أصحابه وروى عبد الرزاق عن أنس: كان ساعة يسلم يقوم.

وثبت أنه إذا انصرف انحرف واستفاضت الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يعقب سلامه بالانصراف والإقبال على المأمومين. ولا فرق بين الانفتال والانصراف وحكى النووي وغيره أن عادته صلى الله عليه وسلم إذا انصرف استقبل المأمومين جمعيهم. وقاله القاضي والحافظ وغيرهما وهو مفهوم ما ورد عنه من الذكر بعد الصلاة

والتذكير وغيره وقال ابن القيم: كان يسرع الإنفتال إلى المأمومين، اهـ.

ويكره إطالة قعوده بعد الصلاة مستقبل القبلة. وقال إبراهيم احصبوه ولأن في تحوله إعلامًا بأنه صلى فلا ينتظر. وربما إذا بقي على حاله يسهو فيظن أنه لم يسلم أو يظن غيره أنه في الصلاة فكره سدًا للذريعة. وينحرف عن يمينه وهو أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل اليمين ولا كراهة في انحرافه على اليسار لثبوته عنه – صلى الله عليه وسلم ويستحب أن لا ينصرف المأموم قبل إمامه لما في صحيح مسلم وغيره "لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف" إلا أن يخالف الإمام السنة في إطالة الجلوس فلا بأس.

ص: 395

قال خارجة بن زيد السنة أن يقوم الإمام ساعة يسلم فلا يبقى مستقبلاً القبلة. وذكر غير واحد أن استدبار الإمام المأمومين إنما هو لحق الإمامة فإذا انقضت الصلاة زال السبب فاستقبالهم حينئذ يرفع الخيلاء والترفع على المأموم فإن صلى معه نساء مكث قليلاً لينصرفن لئلا يدركهن الرجال لما في الصحيح وغيره عن أم سلمة "كان إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مكانه يسيرًا قبل أن يقوم".

(ولمسلم عن معاوية: نهى – صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة بصلاة) أي: يجمع بينهما فلا تفصل (حتى نتكلم) والأفضل بما شرع من الأذكار بعد الصلاة (أو يخرج) من مكاننا الذي صلينا فيه. ولأبي داود وغيره من حديث المغيرة "لا يصل الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول" فيكره بلا حاجة ليميز فرض الصلاة عن نفلها. والمأموم كالإمام اتفاقًا وقيل إن كانت البقعة فاضلة لم يكره لفعل سلمة عند الأسطوانة وقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها. ولحاجة كتدريس ونحوه وحكي اتفاقًا.

وينبغي أن يفصل بالكلام إن لم يتحول. وكره أحمد لغير الإمام اتخاذ مكان لا يصلي إلا فيه والمصافحة بعد السلام من الصلاة لا أصل لها لا بنص ولا بعمل من الشارع وأصحابه.

ولو كانت مشروعة لتوفرت الهمم والدواعي على نقلها. أما إذا كانت أحيانًا لكونه لقيه عقب الصلاة لا لأجل الصلاة فحسن.

ص: 396