الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منها صلى جالسًا مستقبلاً اتفاقًا. ويدور إلى القبلة عند الجمهور كلما انحرفت السفينة بخلاف النفل فلا يلزمه أن يدور وتقدم.
فصل في القصر
أي في قصر المسافر الصلاة الرباعية إلى ركعتين وهو مشروع بالكتاب والسنة جائز بالإجماع.
(قال تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} أي سافرتم فوق الأرض من موضع إلى آخر {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} حرج وإثم حال ضربكم في الأرض {أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلَاةِ} من أربع ركعات إلى ركعتين وذلك في صلاة الظهر والعصر والعشاء دون المغرب والفجر كما فهمه الجمهور من هذه الآية واستدلوا بها على قصر الصلاة في السفر. وقصر الشيء إذا نقصه أو نقص منه وقال شيخ الإسلام والأصح أن الآية أفادت قصر العدد وقصر العمل جميعًا. ولهذا علق ذلك بالسفر والخوف فإذا اجتمع الضرب في الأرض والخوف أبيح القصر الجامح لهذا ولهذا. وإذا انفرد السفر فإنما يبيح قصر العدد، وإذا انفرد الخوف فإنما يبيح قصر العمل. وقوله:{إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} خرج مخرج الغالب وإنما علق على الخوف لأن غالب أسفار النبي صلى الله عليه وسلم لم تخل منه قال الشيخ وإذا كان القصر أفضل عند جماهير أهل العلم لم يجز أن يحتج بنفي الجناح على أنه مباح لا أفضلية فيه. وفي صحيح مسلم قال يعلى لعمر ما لنا نقصر وقد أمنا. فقال سألت
رسول الله – صلى الله عليه وسلم فقال "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" وقال ابن عمر: "هي رخصة من الله فإن شئتم فردوها"، فقول عمر:"فرضت الصلاة ركعتين تمام غير قصر" ونحوه أوله بعض أهل العلم أنه لمن أراد القصر، لا أنه أصل لمخالفة نص القرآن وإجماع المسلمين في أنها مقصورة وأن المسافر إذا اقتدى بمقيم لزمه الإتمام.
(وعن ابن عمر قال صحبت النبي – صلى الله عليه وسلم) يعني في جميع أسفاره (وكان لا يزيد في السفر على ركعتين وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك) أي: لا يزيدون في السفر على ركعتين (متفق عليه) والسفر قطع المسافة سمي سفرًا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال أي يكشفها وقيل غير ذلك. ولفظ مسلم "صحبت النبي – صلى الله عليه وسلم فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل. وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، وصحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، وصحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل.
وظاهره أن عثمان لم يتم في السفر، ولمسلم عنه: ومع عثمان صدرًا من خلافته ثم أتم، وفي رواية: ثمان سنين أو ست سنين؛ وأكثر العلماء: أن عثمان لم يزد على ركعتين حتى قبضه الله في غير منى. وفي الصحيحين أن عبد الرحمن بن يزيد قال –صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات فقيل في ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع ثم قال صليت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم بمنى
ركعتين. وصليت مع أبي بكر بمنى ركعتين وصليت مع عمر بمنى ركعتين. فليت حظي من أربع ركعتان متقبلتان فدل على سنية القصر في السفر.
وقال الخطابي مذاهب أكثر علماء السلف وفقهاء الأمصار على أن القصر هو الواجب في السفر. وقال الشيخ وغيره هو جائز بإجماع أهل العلم منقول عن النبي – صلى الله عليه وسلم بالتواتر واختاره فقهاء الحديث وغيرهم كأحمد وغيره إتباعًا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإنه لم يصل في السفر قط إلا مقصورة حتى إن من العلماء من يوجبه. ومن صلى أربعًا لم يبطلوا صلاته لأن الصحابة أقروا من فعل ذلك منهم بل منهم من يكره ذلك ومنهم من لا يكرهه وإن رأى تركه أفضل.
ولهذا كان المسلمون مجمعين على جواز القصر في السفر مختلفين في جواز الإتمام لأن النبي – صلى الله عليه وسلم داوم عليه قال ولم ينقل أحد أنه صلى أربعًا قط وحديث عائشة في مخالفة ذلك لا تقوم به حجة وقال في موضع باطل ما كانت أم المؤمنين لتخالف رسول الله – صلى الله عليه وسلم وجميع أصحابه واختار أنه سنة وأن الإتمام مكروه. وذكر أن القصر أفضل عند عامة أهل العلم ليس فيه إلا خلاف شاذ. وأن أكثرهم يكرهون التربيع للمسافر. ونقل عن أحمد أنه توقف في الإجزاء.
(ولمسلم عن أنس كان – صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال) واحدها ميل قال الحافظ منتهى مد البصر لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه. وقيل ينظر إلى الشخص لا
يدري أرجل أم امرأة. وقال النووي ستة آلاف ذراع (أو فراسخ) وأحدها فرسخ والفرسخ فارسي معرب وهو ثلاثة أميال، وأربعة الفراسخ بريد والبريد نصف يوم بسير الإبل والأقدام، وهو ربع مسافة يومين (صلى ركعتين) شعبة الشاك هل قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ وقال ابن القيم ثبت أنه – صلى الله عليه وسلم سمى مسيرة البريد سفرًا في قوله لا يحل "لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر بريدًا إلا مع ذي محرم" وذكر قصر أهل مكة معه – صلى الله عليه وسلم بعرفة ومزدلفة.
وقد اختلف أهل العلم في مقدار المسافة التي تقصر فيها الصلاة على نحو من عشرين قولاً أقل ما قيل فيها ميل كما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عمر وهو مذهب ابن حزم واحتج له بإطلاق السفر في الكتاب والسنة وفيما دونه بخروج النبي – صلى الله عليه وسلم إلى البقيع والفضاء والناس معه فلم يقصر ولم يفطر. وأخذ بحديث الباب الظاهرة. قال الحافظ وهو أصح حديث ورد في ذلك وأصرحه.
وقال البغوي عامة الفقهاء يقولون مسيرة يوم تام. وكان ابن عمر يقصر في مسيرة يوم. وقاله الأوزاعي وابن المنذر وآخرون لإطلاق الكتاب والسنة وحديث أنس. وذهب الشافعي ومالك وأحمد وغيرهم إلى أنه لا يجوز إلا في مسيرة مرحلتين. وقال أبو حنيفة لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل وأورد البخاري ما يدل على أن اختياره يوم وليلة وسمي النبي
- صلى الله عليه وسلم السفر يومًا وليلة فقال في المرأة "لا تسافر يومًا وليلة إلا ومعها ذو محرم".
قال شيخ الإسلام قال أبو محمد لا أعلم لما ذهب إليه الأئمة وجهًا وهو كما قال فإن التحديد بذلك ليس بثابت بنص ولا إجماع ولا قياس ولا حجة لتحديده. بل الحجة مع من أباح القصر لكل مسافر واستظهر جواز القصر لمن سافر يومًا وقلا المسافر يريد أن يذهب إلى مقصوده ويعود إلى وطنه. وأقل ذلك مرحلة يذهب في نصفها ويرجع في نصفها وهذا هو البريد. وقد حدوا بهذه المسافة الشهادة على الشهادة وغير ذلك. وقال الفرق بين السفر الطويل والقصير لا أصل له في كتاب الله ولا في سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم بل الأحكام التي علق الله بالسفر علقها مطلقًا وذكر الآيات في ذلك والآثار.
ثم قال فهذه النصوص وغيرها من نصوص الكتاب والسنة ليس فيها تفريق بين سفر طويل وسفر قصير. فمن فرق بين هذا وهذا فقد فرق بين ما جمع الله بينه فرقًا لا أصل له من كتاب الله ولا سنة رسوله. فالمرجع فيه إلى العرف فما كان سفرًا في عرف الناس فهو السفر الذي علق به الشارع الحكم. وذكر مثل سفر أهل مكة إلى عرفة وقال أي فرق بين سفر أهل مكة إلى عرفة وبين سفر سائر المسلمين إلى قدر ذلك من بلادهم فإن هذه المسافة بريد. وهذا سفر ثبت فيه جواز القصر والجمع.
وقال إن حد فتحديده ببريد أجود إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه. والمعلوم أن الإجماع لم ينعقد على خلافه وهو اختيار
طائفة من علماء أصحاب أحمد كان بعضهم يقصر الصلاة في مسير بريد وهذا هو الصواب الذي لا يجوز القول بخلافه لمن تبين السنة وتدبرها قال والمحددون لهم طريقان بعضهم يقول لم أجد أحدًا قال بأقل من ذلك وقد علم من قال ذلك. وبعضهم يقول هذا قول ابن عمر وابن عباس ولا مخالفه لهما وهذا باطل. فقد ثبت عنهما وغيرهما ما يخالف ذلك.
وتحديد السفر بالمسافة لا أصل له في شرع ولا لغة ولا عرف ولا عقل ولا يعرف عموم الناس مساحة الأرض فلا يجعل ما يحتاج إليه عموم المسلمين معلقًا بشيء لا يعرفونه. والاعتبار بما هو سفر فمن سافر ما يسمى سفرًا قصر وإلا فلا. وأدنى ما يسمى سفرًا في كلام الشارع البريد وكان يأتي قباء راكبًا وماشيًا" ويأتي إليه أصحابه ولم يقصر هو ولا هم يأتون إلى الجمعة من نحو ميل وفرسخ. والنداء يسمع من نحو فرسخ.
واختار جواز القصر للحشاش والحطاب ونحوهما فيما يطلق عليه اسم السفر. وقال بعض أهل العلم ولو قطع المسافة في ساعة.
وقال شيخ الإسلام السفر ليس محدودًا بمسافة بل يختلف فيكون مسافرًا في مسافة بريد وقد يقطع أكثر من ذلك ولا يكون مسافرًا. فلو ركب رجل فرسًا سابقًا إلى عرفة ثم رجع من يومه إلى مكة لم يكن مسافرًا يدل على ذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم لما قال يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن، فلو قطع البريد ثلاثة أيام كان مسافرًا ثلاثة أيام فيمسح مسح مسافر. ولو قطع البريد في نصف يوم لم يكن مسافرًا. والنبي – صلى الله عليه وسلم إنما اعتبر ثلاثة أيام سواء
أكان حثيثًا أو بطيئًا. وذكر أن ابن عباس نهى من ذهب ورجع من يومه إلى أهله أن يقصر.
وقال أيضًا الذين جعلوا المسافة الواحدة حدًا يشترك فيه جميع الناس مخالفون كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم فالرجل يخرج من القرية إلى صحراء الحطب يأتي به فيغيب اليومين والثلاثة فيكون مسافرًا وإن كانت المسافة أقل من ميل بخلاف من يذهب ويرجع من يومه فإنه لا يكون في ذلك مسافرًا. فإن الأول يأخذ الزاد والمزاد بخلاف الثاني فالمسافة القريبة في المدة الطويلة تكون سفرًا والمسافة البعيدة في المدة القليلة لا تكون سفرًا فالسفر يكون بالعمل الذي يسمي سفرًا لأجله والعمل لا يكون إلا في زمان فإذا طال العمل وزمانه فاحتاج إلى ما يحتاج إليه المسافر سمي مسافرًا وإن لم تكن المسافة بعيدة.
وإذا قصر العمل والزمان بحيث لا يحتاج إلى زاد ومزاد لم يسم سفرًا وإن بعدت المسافة. فالأصل هو العمل الذي يسمى سفرًا. ولا يكون العمل إلا في زمان فيعتبر العمل الذي هو سفر. ولا يكون ذلك إلا في مكان يسفر عن الأماكن. وهذا مما يعرفه الناس بعاداتهم. فما سموه سفرًا فهو سفر وإلا فلا، اهـ.
وخص بعضهم السفر المباح وهو إجماع في سفر الطاعة.
وأما المحرم فمذهب مالك والشافعي وأحمد لا يقصر. وعنه يقصر في سائر جنس الأسفار وهو مذهب أبي حنيفة وطوائف
من السلف والخلف. قال الموفق وغيره الحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه وقال الشيخ الحجة مع من جعل القصر مشروعًا في جنس السفر ولم يخص سفرًا من سفر وهذا القول هو الصحيح. فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر ولم ينقل عن النبي – صلى الله عليه وسلم أنه خص سفرًا من سفر.
ولو كان مما يختص بنوع لكان بيانه من الواجبات ولو بين لنقلته الأمة وما علمت عن الصحابة في ذلك شيئًا ولم يذكر تقييده في شيء من الكتاب والسنة بنوع دون نوع فكيف يجوز أن يكون معلقًا بأحد نوعي السفر ولا يبين الله ولا رسوله ذلك بل يكون بيان الله ورسوله متناولاً سفر الطاعة وسفر المعصية ونصره ابن عقيل وهو قول بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد وعليه العمل. وقال النووي من سافر لأي قصد من المقاصد دينًا أو دنيًا ترخص بلا خلاف ولغير قصد إلا الترخص ترخص وفاقًا لأبي حنيفة وأحمد واحد القولين للشافعي. وقطع به أهل التحقيق في الفرجة ونحوها. والملاح ونحوه يترخص اتفاقًا اختاره الشيخ وقال سواء كان معه أهله أو لا، لأنه أشق.
(ولهما عنه: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
من المدينة إلى مكة) يحتمل أنه عام الفتح أو في حجة الوداع (فكان يصلي) أي الرباعية (ركعتين ركعتين) أي كل رباعية ركعتين من حين خروجه بما يقع عليه اسم المفارقة بنوع من
البعد عرفًا لأن الله إنما أباح القصر لمن ضرب في الأرض وقبل المفارقة لا يكون ضاربًا فيها ولا مسافرًا وكذلك يجوز له القصر إن فارق خيام قومه اتفاقًا. ولهما عنه "صليت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعًا وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين" وثبت عنه – صلى الله عليه وسلم أنه إنما كان يقصر إذا ارتحل. ولم يثبت عنه القصر قبل البروز ولو كان في مصر كبير.
قال شيخ الإسلام فإن السائر في المصر الكبير لو سار يومين أو ثلاثة لم يكن مسافرًا. والمسافر عن قرية صغيرة إذا سافر مثل ذلك كان مسافرًا. وأن المسافر لا بد أن يسفر أي يخرج إلى الصحراء، وإن لفظ السفر يدل على ذلك، يقال سفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته فإذا لم يبرز إلى الصحراء التي ينكشف فيها من بين المساكن لم يكن مسافرًا، اهـ.
وينتهي سفره ببلوغه مبدأ سفره. قال البخاري وخرج علي فقصر وهو يرى البيوت فلما رجع قيل له هذه الكوفة قال لا حتى ندخلها قال أنس (حتى رجعنا إلى المدينة) ولأبي داود من حديث أبي هريرة: أنه "صلى مع النبي – صلى الله عليه وسلم إلى مكة في المسير والمقام بمكة إلى أن رجعوا ركعتين ركعتين. قال يحيى بن أبي إسحاق لأن أقمتم بها شيئًا قال أقمنا بها عشرًا، ولمسلم خرجنا من المدينة إلى الحج ثم ذكر مثله.
وقال أحمد إنما وجه حديث أنس أنه حسب مقام النبي صلى الله عليه وسلم.
بمكة ومنى وإلا فلا وجه له غير هذا واحتج بحديث جابر أن النبي – صلى الله عليه وسلم "قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في اليوم الثامن ثم خرج إلى منى وخرج من مكة متوجهًا إلى المدينة بعد أيام التشريق ومعنى ذلك كله متفق عليه من غير وجه.
وللبخاري عن ابن عباس قال "أقام النبي – صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يومًا يقصر" ويأتي حديث عمران بن حصين "ثماني عشرة" ولأبي داود عن جابر "أقام بتبوك عشرين يومًا يقصر".
وهذه الأحاديث دلت على جواز القصر في هذه المدة ولا تدل على نفي ما زاد على تلك المدة فابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، وأنس بنيسابور سنة أو سنتين يقصر.
وعن جماعة من الصحابة أنهم أقاموا برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة، ولا يسمى المسافر بالبقاء مع التردد كل يوم في الإقامة أو الرحيل مقيمًا وإن طالت المدة. وقال عليه الصلاة والسلام "إنا قوم سفر" فمن صدق عليه هذا الاسم قصر لأن المعتبر هو السفر.
قال شيخ الإسلام وغيره للمسافر القصر والفطر ما لم يجمع إقامة ويستوطن. قال وتقسيم الإقامة إلى مستوطن وغير مستوطن لا دليل عليه من جهة الشرع بل هو مخالف للشرع فإن هذه حال النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في غزوة الفتح. وفي حجة الوداع، وحاله بتبوك والتمييز بين المقيم والمسافر بنية أيام معدودة يقيمها
ليس هو أمرًا معلومًا لا بشرع ولا عرف وذكر إقامة النبي – صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقصرهم في تلك المدة وأنهم مجمعون على إقامة أكثر من أربعة أيام. وقال ابن المنذر أجمعوا على أن المسافر يقصر ما لم يجمع على إقامة ولو أتى عليه سنون ومن حبس ظلمًا أو بمرض أو مطر ونحوه ولم ينو إقامة قصر أبدًا وإجماعًا.
(وعن عمران بن حصين مرفوعًا) قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين (يقول يا أهل البلد صلوا أربعًا) وفي لفظ "أتموا"(فإنا قوم سفر) بفتح السين وسكون الفاء أي مسافرون وكان أهل مكة يصلون مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم بالأبطح (رواه أبو داود) وغيره.
ولمسلم كان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعًا وقال ابن عباس تلك السنة رواه أبو داود.
وحكى أحمد وابن المنذر عن ابن عباس وابن عمر أن المسافر إذا ائتم بمقيم صلى بصلاته ولا يعرف لهم مخالف.
ولقوله عليه الصلاة والسلام "إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه" ولأنها صلاة مردودة من أربع فلان يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة وسواء اقتدى به في جميع الصلاة أو بعضها اعتقده مسافرًا أو لا. ويسن للمسافر إذا أم مقيمين أن يقول أتموا لفعله عليه الصلاة والسلام وخليفتيه من بعده بمكة لئلا يلتبس على الجاهل عدد الركعات.
والقصر لا يحتاج إلى نية وهو مذهب مالك وأبي حنيفة
وعليه عامة العلماء قال شيخ الإسلام لم ينقل أحد عن أحمد أنه قال لا يقصر إلا بنية وإنما هو قول الخرقي ومن اتبعه. ونصوص أحمد وأجوبته كلها مطلقة كما قاله جماهير العلماء وهو اختيار أبي بكر موافقة لقدماء الأصحاب. وما علمت أحدًا من الصحابة والتابعين لهم بإحسان اشترط نية لا في قصر ولا في جمع.
ولم ينقل قط أحد عن النبي – صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه لا بنية قصر ولا بنية جمع ولا كان – صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأمرون بذلك من يصلي خلفهم. وقال وإذا كان فرضه ركعتين فإذا أتى بهما أجزأه ذلك سواء نوى القصر أو لم ينوه. وهذا قول الجماهير كمالك وأبي حنيفة وعامة السلف، اهـ.
وإن أحرم في الحضر ثم سافر أتم حكاه ابن حامد وغيره إجماعًا. وقال النووي وغيره اجتماع الحضر والسفر في العبادة يوجب تغليب حكم الحضر، اهـ. وإن أحرم سفرًا ثم أقام كراكب سفينة أحرم بالصلاة مقصورة فيها ثم وصل إلى وطنه في أثناء الصلاة أتم. وإن ذكر صلاة حضر في سفر أتمها إجماعًا حكاه أحمد وغيره وكذا إن ذكر صلاة سفر في حضر أتم لأن القصر من رخص السفر فبطل بزواله.