الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كخيار عيب ما لم يوجد دليل الرضا، كتمكين من وطء أو قبلة ونحوها، ويجوز للزوج الإقدام على الوطء إذا كانت غير عالمة ولو بذل لها عوضًا على أن تختاره جاز، ولو شرط المعتق عليها دوام النكاح تحت حر أو عبد إذا أعتقها ورضيت لزمها، وهو الذي يقتضيه مذهب أحمد.
قاله الشيخ ولا يحتاج فسخها لحاكم، لأنه مجمع عليه، وإن فسخت قبل الدخول فلا مهر لها، لمجيء الفرقة من قبلها، وبعده هو لسيدها لوجوبه بالعقد، وهي ملك له حالة العقد، وإن رضيت المقام معه فليس لها فراقه قال الموفق بلا خلاف نعلمه.
فصل في العيوب
أي في العيوب في النكاح مما يثبت به الخيار منها، وما لا خيار به، وبيان ما يختص بالرجال، وما يختص بالنساء، وما هو مشترك بينهما وثبوته لأحد الزوجين إذا وجد بالآخر عيبًا في الجملة، روي عن عمر وابنه وابن عباس وغيرهم، وهو مذهب الشافعي، لأنه يمنع الوطء فأثبت الخيار، ولأن المرأة أحد العوضين في النكاح فجاز ردها بعيب كالصداق، ولأن الرجل أحد الزوجين فيثبت له الخيار بالعيب في الآخر كالمرأة.
(عن عمر) رضي الله عنه أنه قال (في) حكم (العنين) وهو من لا يقدر على الوطء، من عن يعن إذا اعترض لأن ذكره يعن يعني يعترض إذا أراد أن يولجه، فيعجز
عن الوطء وربما اشتهاه ولا يمكنه، ومتى ثبتت عنته بإقراره أو ببينة على إقراره فكما قال عمر رضي الله عنه (قال يؤجل) أي العنين (سنة) وهو قول عثمان وابن مسعود والمغيرة وغيره، ولا يعلم لهم مخالف، وقال الوزير اتفقوا على أنها إذا وجدت زوجها عنينا أجل سنة، وعليه فتوى علماء الأمصار، لاختيار زوال ما به. لأنه إذا مضت الفصول الأربعة ولم تزل العنة علم أنه جبلة وخلقة ولو كان عبدًا.
فإن كان من يبس زال في فصل الرطوبة وعكسه، وإن كان من برودة زال في فصل الحرارة، وإن كان من احتراق زال في فصل الاعتدال، والسنة المعتبرة في التأجيل هي الهلالية، ومبتدأ الأجل من المحاكمة، ولا تعتبر عنته إلا بعد بلوغه، وإن وطيء في السنة فليس بعنين، وإلا فلها الفسخ، ولا تزول بوطئه غيرها، وإن اعترفت أنه وطئها فليس بعنين، ولو قالت في وقت رضيت به عنينًا سقط خيارها، وإن ادعت عجزه لم تسمع دعواها، ولم تضرب له مدة، وإن علم أن عجزه لعارض من صغر أو مرض مرجو الزوال لم تضرب له مدة أيضًا.
وإن كانت عجزه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه ضربت له المدة، وإن كان مجبوبًا بأن قطع ذكره فلها الفسخ في الحال. وكذا إن قطع بعضه وبقي له ما لا يطأ به، قال القاضي عياض وغيره اتفق كافة العلماء: أن للمرأة حقًا في الجماع فيثبت الخيار لها إذا تزوجت المجبوب والمسموح جاهلة بهما، وكذا
الأشل. قال عمر لرجل متزوج وهو خصي أعلمتها قال لا: قال أعلمها ثم خيرها، وكذا وجاء وهو رضهما لأن ذلك يمنع الوطء.
(وبعث) أي عمر رضي الله عنه (رجلاً على بعض السعاية فتزوج امرأة وكان عقيمًا فقال أعلمتها أنك عقيم قال لا قال فأعلمها ثم خيرها) رواه سعيد بن منصور في سننه، ونقل ابن منصور عن أحمد، إن كان عقيمًا أعجب إلي أن يبين لها، وقال الشيخ إن بان عقيمًا فقياس قولنا ثبوت الخيار للمرأة، لأن لها حقًا في الولد، ولهذا قلنا لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها.
(وقال الزهري) الإمام المشهور رحمه الله (يرد النكاح) فيثبت الخيار لأحد الزوجين (من كل داء) بالآخر (عضال) أي صعب، يعجز الأطباء فلا دواء له، ونقل أبو البقاء ثبوت الخيار بكل عيب يرد به المبيع، وقال أحمد إذا كان به جنون أو وسواس أو تغير في عقل، أو كان يعبث ويؤذي رأيت أن يفرق بينهما، وقال الشيخ ترد المرأة بكل عيب ينفر عن كمال الاستمتاع.
وقال ابن القيم فيمن به عيب كقطع يد أو رجل أو عمى أو خرس أو طرش وكل عيب ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة يوجب الخيار، وأنه أولى من البيع، وإنما ينصرف الإطلاق إلى السلامة، فهو المشروط
عرفًا وقال ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادره وموارده وعدله وحكمته وما اشتملت عليه من المصالح لم يخف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة.
(وعن كعب) بن عجرة (قال تزوج النبي صلى الله عليه وسلم العالية من بني غفار) القبيلة المشهورة (فلما دخلت عليه ووضعت ثيابها رأى بكشحها وضحا فقال البسي ثيابك وألحقي بأهلك وأمر لها بالصداق رواه الحاكم" ورواه أحمد عن كعب بن يزيد أو زيد بن كعب، وقال امرأة من بني غفار، فلما دخلت عليه ووضع ثوبه وقعد على الفراش أبصر بكشحها بياضًا فانحاز عن الفراش.
ثم قال: "خذي عليك ثيابك" ولم يأخذ مما آتاها شيئًا ورواه سعيد وقال عن زيد بن كعب بن عجرة، ورواه أبو نعيم من حديث ابن عمر، ولفظ ابن كثير أنه صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني غفار فلما دخلت عليه رأى بكشحها وضحا فردها إلى أهلها، وقال:"دلستم علي" فدل الحديث على فسخ النكاح بالعيب، وأكثر الأمة على ثبوته به.
(وقال عمر) رضي الله عنه (أيما رجل تزوج امرأة فدخل بها) أو خلا بها (فوجدها برصاء) أي أبيض جلدها أو أسود (أو مجنونة) لا إن زال عقلها بمرض فإغماء لا خيار به، فإن زال المرض ودام زوال عقلها فجنون (أو مجذومة) داء معروف تتهافت منه الأطراف ويتناثر منه اللحم فللزوج الخيار في فسخ النكاح عند جمهور العلماء فإن اختار الفسخ فقال عمر:
رضي الله عنه (فلها الصداق بمسيسه إياها) ولعموم فلها المهر بما استحل من فرجها" (وهو) أي المهر للزوج إن غرم يرجع به (على من غره منها) لأنه غرم لحقه بسببه إلا أنهم اشترطوا علمه بالعيب.
فإن كان جاهلاً فلا غرم عليه، إذ لا غرر منه (رواه سعيد) بن منصور في سننه ومالك وابن أبي شيبة وغيرهم، وقال الحافظ رجاله ثقات، ويشهد لرجوعه به على الغار قوله صلى الله عليه وسلم «من غش فليس منا» ولمالك وذلك لزوجها على وليها والغار من علم العيب وكتمه من زوجة عاقلة وولي ووكيل، وأيهم انفرد ضمن، ومن زوجة وولي الضمان على الولي، ومن الزوجة والوكيل الضمان بينهما، ويقبل قول ولي في عدم علمه بالعيب، وكذا قولها إن احتمل. ومثل ذلك لو زوج امرأة فأدخل عليه غيرها.
(وزاد) أي سعيد بن منصور في سننه (عن علي) رضي الله عنه أنه قال: (وبها قرن) بفتح فسكون هو العفلة بفتحتين وهي لحمة زائدة تخرج في قبل بعض النساء فتسد وقيل عظم أو غدة تمنع ولوج الذكر، وقيل العفل ورم في اللحمة شبيه بالإدرة التي للرجال في الخصيتين (فزوجها بالخيار) أي يثبت له الخيار في فسخ نكاحها لما فيه من النفرة المانعة من الوطء. وكذا الرتق بأن يكون فرجها مسدودًا بأصل الخلقة لا يسلكه ذكر، وكذا الفتق وهو انخراق ما بين سبيلها، واستطلاق بول ونجو وقروح
سيالة في فرج، واستحاضة ونحو ذلك.
قال الشيخ يثبت بالاستحاضة الفسخ في أظهر الوجهين، وترد المرأة بكل عيب ينفر من كمال الاستمتاع اهـ، وكذا باسور وناصور وقرع رأس معه ريح منكرة، وبخر فم وغيره ذلك مما يوجب النفرة، ولو كان بالآخر عيب مثله، أو مغاير له، يثبت بكل واحد منها الفسخ، فأما القرن والعفل والفتق والقطع والعنة والجنون والبرص والجذام فقولاً واحدًا، وهو مذهب مالك والشافعي، وما عداه كالبخر واستطلاق البول والنجو والباسور والناصور والخصاء، وكون أحدهما خنثى فاختار ابن القيم وغيره ثبوت الفسخ به، وبكل عيب ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصود النكاح.
وقال الشيخ قد علم أن عيوب الفرج المانعة من الوطء لا يرضى بها في العادة، بخلاف اللون والطول والقصر والعرج ونحو ذلك مما ترد به الأمة المعيبة، فإن الحرة لا تقلب كالأمة والزوج قد رضي بها رضي مطلقًا، بخلاف البيع، وهو مع هذا لم يشترط فيها صفة فبانت دونها.
والشرط إنما يثبت شرطًا وعرفًا، وما أمكن معه الوطء وكماله فلا ينضبط فيه أغراض الناس، والنساء يرضى بهن في العرف والعادة مع الصفات المختلفة، والمقصود من النكاح المصاهرة والاستمتاع وذلك يختلف باختلاف الصفات، فهذا فرق شرعي معقول في عرف الناس.
وقال وأما الرجل فأمره ظاهر يراه من شاء، فليس فيه عيب يوجب الرد، والمرأة إذا فرط الزوج في بصرها أولاً فله طريق إلى التخلص منها بالطلاق، فإنه بيده دون المرأة وقال وإن كان الزوج صغيرًا وبه جنون أو جذام أو برص فلها الفسخ في الحال، وكذا الزوجة إذا كانت صغيرة أو مجنونة أو عفلاء أو قرناء، ولكل منهما الفسخ في الحال.
ولا ينتظر وقت إمكان الوطء، لأن الأصل بقاؤه بحاله، ومن ادعى الجهل بالخيار كعامي لا يخالط الفقهاء فاستظهر غير واحد ثبوت الفسخ عملاً بالظاهر، ولا يثبت إلا بفسخ حاكم لأنه مجتهد فيه.
وقال الشيخ ليس هو الفاسخ، وإنما يأذن ويحكم به، فمتى أذن أو حكم باستحقاق عقد أو فسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكم بصحته بلا نزاع والصغيرة والمجنونة والأمة لا تزوج واحدة منهن بمعيب يرد به في النكاح، وكذا ولي صغير ومجنون ليس له تزويجهما بمعيبة ترد في النكاح فإن فعل لم يصح، فإن رضيت الكبيرة مجبوبًا أو عنينًا لم تمنع، بل تمنع من مجنون ومجذوم وأبرص، ومتى علمت العيب أو حدث به العيب لم يجبرها وليها على الفسخ.
قال علي رضي الله عنه: (فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها) وكذا بعد الدخول أو الخلوة، لأمره عليه الصلاة والسلام للعالية بالصداق، وقول عمر بمسيسه إياها، وغير ذلك لوجوبه بالعقد واستقراره بالدخول، وقيل في فسخ الزوج بعيب