الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غضب أو سؤالها الطلاق فلا يقبل قولا واحدا ولو سئل أطلقت امرأتك فقال نعم وقع. أو قيل له ألك امرأة فقال لا وأراد الكذب لم تطلق.
وقال الشيخ يجب أن يفرق بين قول الزوج لست لي بامرأة أو ما أنت لي بامرأة. وبين قوله ليست لي امرأة. وبين قوله إذا قيل ألك امرأة لأن الفرق بينهما ثابت وصفا وعددا. إذ الأول نفى نكاحها. ونفي النكاح عنها كإثبات طلاقها. يكون إنشاء ويكون إخبارًا. بخلاف نفي المنكوحات عموما. فإنه لا يستعمل إلا إخبارا اهـ.
وإن كتب صريح الطلاق ونواه وقع عند الجمهور وقال مالك وأشهد عليه. وإن قال لم أرد إلا تجويد خطي أو غم أهلي. أو قرأ ما كتبه. وقال لم أرد إلا القراءة قبل. كلفظ الطلاق إذا قصد به الحكاية ونحوها.
فصل في الكنايات
أي كنايات الطلاق وهي ما يحتمل غيره. ويدل على المعنى الصريح فيه. وجعلوها قسمين ظاهرة وخفية والظاهرة هي ما كان معنى الطلاق فيها أظهر من الخفية ولا يقع بها طلاق إلا بنية مقارنة للفظ. لقصور رتبتها عن الصريح. واحتمالها الطلاق وغيره فلا يتعين له بدون نيته. وهو مذهب جمهور العلماء.
(قال تعالى) لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} أي خير أزواجك {إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} أي عرض الحياة
الدنيا {وَزِينَتَهَا} زيادة في النفقة وكن طلبن ذلك منه {فَتَعَالَيْنَ} أي هلم إلي {أُمَتِّعْكُنَّ} متعة الطلاق {وَأُسَرِّحْكُنَّ} أي أفارقكن {سَرَاحًا جَمِيلًا} قال ابن كثير أعطيكن حقوقكن وأطلق سراحكن من غير ضرار.
{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ} الآية، والمراد البقاء في عصمته والدار الآخرة يعنى الثواب الجزيل {فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا *} قالت عائشة رضي الله عنها "خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فلم يعد ذلك طلاقًا، فدلت الآية على أن التخيير لا يعد طلاقًا.
(وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة) رضي الله عنها وذلك لما أمر بتخيير أزواجه فيما تقدم من قوله {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} الآية قالت فبدأ بي وقال: (إني ذاكر لك أمرًا) وهو ما حكاه الله من قوله {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} الآيتين (فلا عليك أن تستأمري أبويك) أي لا تعجلي أن تستأمري أبويك فيه (متفق عليه) قالت وقد علم صلى الله عليه وسلم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، فقلت في هذا استأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، "وتقدم أنها قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعد ذلك طلاقًا" وفي رواية شيئًا، وفي أخرى "فلم يكن طلاقًا" وهذا مذهب جماهير العلماء الأئمة الأربعة وفقهاء الأمصار وغيرهم أن من خير زوجته فاختارته لم يكن ذلك طلاقًا ولا يقع به فرقة.
ومفهومه أن كنايات الطلاق لا يقع بها طلاق إلا بنية مقارنة للفظ وإن قال تزوجي من شئت وحللت للأزواج ولا
سبيل لي عليك ونحو ذلك فكناية ظاهرة، ويأتي قوله: طلقها البتة وأنها كناية ظاهرة، وكذا بتلة وخلية وبرية وبائن ونحو ذلك مما هو كناية عن الطلاق ظاهرة، لا يقع طلاقًا إلا بنية، والجمهور على أنه يقع واحدة ما لم ينو أكثر، وإن قال أمرك بيدك ونواه طلاقًا، فجمهور العلماء من الصحابة والتابعين يقع واحدة، ولها أن تطلق نفسها متى شاءت واحدة، ما لم يطأ أو يطلق أو يفسخ ما جعله لها، أو ترد هي، لقول علي رضي الله عنه ولا يعلم له مخالف في الصحابة.
(وعنها) أي عن عائشة رضي الله عنها (أنه صلى الله عليه وسلم قال لابنة الجون) الكندي قيل اسمه النعمان بن شراحيل، وابنته أميمة وتقدم. وروى ابن سعد أنه قال يا رسول الله أزوجك أجمل أيم في العرب قال:"نعم" قال فابعث من يحملها إليك.
وكانت سنة سبع ولما أدخلت عليه ودنا منها وقالت أعوذ بالله منك قال: لقد عذب بعظيم (الحقي بأهلك، رواه البخاري) وفي القصة أنها خدعت لما رؤي من جمالها فقيل لها استعيذي منه فإنه أحظى لك عنده، ولما علم صلى الله عليه وسلم قال:«إنكن صواحب يوسف» وكانت تقول أنا الشقية.
فدل الحديث على أن الرجل إذا قال لامرأته إلحقي بأهلك طلاق، لأنه لم يرو أنه زاد غير ذلك، فيكون كناية طلاق، وإن كانت خفية إذا أريد به الطلاق كان طلاقًا، زاد البيهقي وجعلها تطليقة، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يطلق ثلاثًا، وفي قصة كعب لما
قيل له اعتزل امرأتك قال إلحقي بأهلك، ولم يرد الطلاق فلم تطلق.
(ولهما عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أنه صلى الله عليه وسلم قال لسودة اعتدي) أي لأني طلقتك، فكذا استبرئي واعتزلي واخرجي واذهبي ونحو ذلك مما هو كناية عن الطلاق، لأن هذا اللفظ مما يشابه الطلاق فتعين إرادته له، فإن نواه وقع وهو مذهب جماهير العلماء، وإن لم ينوه لم يقع.
وقيل إلا حال خصومة أو غضب أو سؤالها الطلاق فيقع بالكناية، لدلالة الحال، وعن أحمد لا يقع إلا بنية وجزم به ابن الجوزي وغيره، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وقال ابن قندس: الذي يظهر أنه لا بد من النية حال الغضب وسؤال الطلاق، وقولهم دلالة الحال تقوم مقام النية في هذه الحال، معناه أن دلالة الحال تدل على النية وليس مرادهم سقوط النية بالكلية.
(وفيهما عنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله تجاوز عن أمتي) أي عفا عنها وفي لفظ تجاوز لأمتي «ما حدثت به أنفسها» نوته أو همت به ولابن ماجه "ما توسوس به صدورها"(ما لم تعمل به) إن كان فعليًا (أو تكلم) به إن كان قوليًا، قال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم: أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيء حتى يتكلم به، وورد «عفي عن أمتي الخطأ والنسيان» فدل الحديث على أنه لا يقع الطلاق بحديث النفس بأن طلق بقلبه ولم يتكلم بلسانه لأن خطرات القلب مغفورة للعباد إذا كانت