المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب حد الزنا - الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم - جـ ٤

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌باب الشروط في النكاح

- ‌فصل في العيوب

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌باب الصداق

- ‌فصل في المفوضة

- ‌باب وليمة العرس

- ‌فصل في آداب الأكل

- ‌باب عشرة النساء

- ‌فصل في النشوز

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في عدده

- ‌فصل في الكنايات

- ‌فصل في الحلف

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌تتمةفي إيقاع الطلاق في الزمن الماضي والمستقبل والمستحيل

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌باب التأويل في الحلف

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب الرجعة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظهار

- ‌باب اللعان

- ‌كتاب العدد

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب الاستبراء

- ‌باب الرضاع

- ‌باب النفقات

- ‌فصل في نفقة الأقارب

- ‌فصل في نفقة المملوك

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌فصل في القصاص

- ‌فصل في الجراح

- ‌باب الديات

- ‌فصل في أصول الدية

- ‌فصل في دية الأعضاء

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌فصل في اللواط

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد قطاع الطريق

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌فصل في المضطر

- ‌فصل في الضيف

- ‌باب الذكاة

- ‌باب الصيد

- ‌باب الأيمان

- ‌فصل في الكفارة

- ‌فصل في النذور

- ‌باب القضاء

- ‌فصل في آداب القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوي والبينات

- ‌باب الشهادات

- ‌فصل في عدد الشهود

- ‌باب الإقرار

الفصل: ‌باب حد الزنا

‌باب حد الزنا

الزنا هو فعل الفاحشة، قال ابن رشد هو كل وطء وقع على غير نكاح صحيح ولا شبهة نكاح ولا ملك يمين، وهو من أكبر الكبائر وأعظم المعاصي، لما فيه من اختلاط الأنساب الذي يبطل معه التناصر على إحياء الدين، وفيه هلاك الحرث والنسل، ولذلك زجر عنه بالقتل والجلد ليرتدع عن مثل فعله من يهم به فيعود ذلك بعمارة الدنيا وصلاح العالم، والأصل في تحريمه الكتاب والسنة والإجماع.

(قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى} بالعزم والإتيان بالمقدمات فضلاً عن أن تباشروه {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} فعلة ظاهرة القبح ومعصية مجاوزة حد الشرع والعقل {وَسَاءَ سَبِيلًا} وبئس طريقا طريقه، لاشتماله على أنواع من الفساد منها المعصية وإيجاب الحد، واختلاط الأنساب وضياع الأولاد، وانقطاع النسل، بل وخراب العالم، ،خص الزنا بالنهي وإن كان اللواط أقبح منه لأنه كان ساريًا في العرب، بخلاف اللواط فقد كان في قوم لوط وتنوسي ثم ظهر في هذه الأمة بعد قرن الصحابة والتابعين، وفي الخبر " ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له".

(وقال: الزانية والزاني) قيل رفعهما على الابتداء والخبر محذوف، أي جلدوهما فيما فرض عليكم، أو خبره قوله {فَاجْلِدُوا

ص: 303

كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} الجلد ضرب الجلد لغير المحصن، وهذا مطلق محمول على بعض هو: حر بالغ عاقل ما جامع في نكاح شرعي، فإن حكم من جامع فيه الرجم، للأحاديث الصحاح، ولآية الرجم المنسوخ لفظها دون معناها.

{وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ} في طاعته وإقامة حده {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فإن الإيمان يقتضي الصلابة في الدين والاجتهاد في إقامة أحكامه، لا التسامح في ذلك قال صلى الله عليه وسلم «لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها» (وليشهد عذابهما طائفة) فرقة (من المؤمنين) أي يجلد بحضرة طائفة من المؤمنين، وأقلها أربعة أو ثلاثة للشهرة والتخجيل، وقيل أو اثنان أو واحد، فإن الفاسق بين المؤمنين الصالحين أخجل وقد ينكل التفضيح أكثر مما ينكل التعذيب.

(وقال فعليهن) أي على المماليك من العذاب، وسياق الآية في الفتيات {فَإِذَا أُحْصِنَّ} أي تزوجن كما فسره ابن عباس وغيره {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} أي زنا {فَعَلَيْهِنَّ} أي من العذاب الذي يمكن تبعيضه وهو الجلد لا الرجم {نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ} أي الحرائر الأبكار، إذا زنين {مِنَ الْعَذَابِ} يعني الجلد فيجلد الرقيق إذا زنا خمسين جلدة، ولا نزاع بين العلماء أنه لا رجم على مملوك ومفهوم الآية أن غير المحصنة لا حد عليها، وقال الجمهور لا شك أن المنطوق مقدم على المفهوم

ص: 304

وقد وردت أحاديث عامة فيها إقامة الحد على الإماء، فقدموها على المفهوم، كما في صحيح مسلم أن عليًا قال: أقيموا الحدود على إمائكم من أحصن منهن ومن لم يحصن "فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت فأمرني أن أجلدها".

وفي حديث زيد بن خالد أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: إن زنت فاجلدوها وغير ذلك من الأحاديث وليس فيها تفريق بين المحصنة وغيرها، بل فيها النص على التي لم تحصن، وخطب علي رضي الله عنه فقال: أقيموا الحدود على أرقائكم من أحصن منهن ومن لم يحصن، وقال الوزير وغيره: اتفقوا على أن العبد والأمة لا يكمل حدهما إذا زنيا، وأن حد كل واحد منهما إذا زنا خمسون جلدة، وأنه لا يفرق بين الذكر والأنثى، وأنهما لا يرجمان وأنه لا يعتبر في وجوب الجلد عليهما أن يكونا تزوجا، بل يجلدان سواء كانا تزوجا أو لم يتزوجا.

(وخطب عمر) رضي الله عنه على المنبر لما رجع من الحج وقدم المدنية (فقال: إن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق) كما قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ} (وأنزل عليه الكتاب) يعني القرآن (فكان فيما أنزل عليه آية الرجم) وهي الآية: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة)(قرأناها) يعني قوله الشيخ والشيخة إلى آخرها (ووعيناها) أي حفظناها (وعقلناها) فهمناها وتدبرناها (فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم) وأمر به وسيأتي (ورجمنا بعده) أي رجم

ص: 305

عمر رضي الله عنه واستمر عمل المسلمين عليه (فأخشى إن طال بالناس زمان) وقد وقع ما خشية من الخوارج وبعض المعتزلة وغيرهم، أنكروا مشروعية الرجم.

وهذا من المواضع التي وافق حدس عمر رضي الله عنه فيها الصواب، وقد قال فيه صلى الله عليه وسلم إن كان في أمتي محدثون فعمر، ولذا خشي رضي الله عنه (أن يقول قائل) أي جاهل أو مبتدع (والله ما نجد الرجم في كتاب الله) وفي رواية عبد الرزاق سيجيء قوم يكذبون بالرجم، وللنسائي، وإن ناسًا يقولون ما بال الرجم، فإن في كتاب الله الجلد (فيضلون بترك فريضة) من فرائض الله (أنزلها الله) على رسوله صلى الله عليه وسلم (وإن الرجم حق في كتاب الله) ثابت الحكم منسوخ اللفظ (على من زنى إذا أحصن) أي تزوج ووطئ مباحًا، وكان بالغًا عاقلاً (ومن الرجال والنساء) بشرطه وهو قول أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار إلا الخوارج.

وذلك (إذا قامت البينة) أي شهادة أربعة شهود ذكور بالإجماع عدول، ليس فيهم مانع، يصفون وقال تعالى {لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} وقال {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} قال الوزير: اتفقوا على أنه إذا لم يكن شهود الزنا أربعة فإنهم قذفة يحدون، وإذا شهد اثنان أنه زنى بها وهي مطاوعته، وآخران أنه زنى بها وهي مكرهة، فلا حد على واحد منهم، وإن

ص: 306

كان أحدهم الزوج فقال الشافعي وأحمد: عليهم الحد إلا الزوج له إسقاطه باللعان، واتفقوا على أنها تسمع في الحال.

(أو كان الحبل) بفتحتين وفي رواية الحمل: واستدل به على أن المرأة تحد إذا وجدت حاملاً ولا زوج لها ولا سيد، ولم تذكر شبهة، واختاره الشيخ، وقال هو المأثور عن الخلفاء الراشدين، وهو الأشبه بأصول الشريعة، وهو مذهب أهل المدينة، فإن الاحتمالات الباردة لا يلتفت إليها، وقال ابن القيم: حكم عمر برجم الحامل بلا زوج ولا سيد، وهو مذهب مالك وأصح الروايتين عن أحمد، اعتمادًا على القرينة الظاهرة.

(أو الاعتراف) أربع مرات في مجلس أو مجالس كما سيأتي، فيشترط لوجوب الحد ثلاثة شروط أحدها ثبوته بأربعة شهود أو بإقراره كما سيأتي، وتغييب حشفة أصلية في قبل أو دبر أصليين وانتفاء الشبهة فلا يحد بوطء أمة له فيها شرك أو لولده أو وطء امرأة ظنها زوجته أو سريته، أو في نكاح باطل اعتقد صحته أو نكاح أو ملك مختلف فيه أو أكرهت المرأة على الزنا، فإنه لا خلاف بين أهل الإسلام أن المكرهة لا حد عليها، وهي من غلبها الواطئ على نفسها.

(قال) عمر رضي الله عنه (وقرأناها) ثم نسخ لفظها وبقي حكمها (و) هي (الشيخ والشيخة) قال مالك: يعني الثيب والثيبة وإن كانا شابين، لا حقيقة الشيخ، وهو من طعن في

ص: 307

السن فإن الرجم لا يختص بالشيخ والشيخة، وإنما المدار على الإحصان لقوله صلى الله عليه وسلم لماعز «أحصنت» قال: نعم ولأهل ما عز «أبكر أم ثيب» فقالوا: بل ثيب «إذا زنيا» فعلا الفاحشة «فارجموهما» أي ارموهما بالحجارة «ألبتة» بهمزة قطع أي جزما «نكالا من الله» عقوبة من الله وردعًا عن فعل الفاحشة «والله عزيز» لا يغالب «حكيم» في أمره ونهيه (متفق عليه).

ولأحمد وغيره من حديث أبي أمامة بن سهل عن خالته العجماء أن فيما أنزل الله من القرآن "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة بما قضيا من اللذة" ولابن حبان من حديث أبي بن كعب كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة، وكان فيها آية الرجم "الشيخ والشيخة" إلى آخره.

فالرجم ثابت بنص القرآن، لهذا الحديث وللسنة المتواترة المجمع عليها، وأجمع عليه أهل العلم إلا ما حكي عن الخوارج وبعض المعتزلة، ولا مستند لهم إلا أنه لم يذكر في القرآن، وما ذهبوا إليه باطل لما ترى، فالمحصن إذا زنا رجم حتى يموت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، والمحصن هو من وطئ امرأته المسلمة أو الذمية في نكاح صحيح وهما بالغان عاقلان حران، فإن اختل شرط منها في أحدهما فلا إحصان لواحد منهما، قال الوزير وغيره: أجمعوا على أن من شرائط الإحصان الحرية والبلوغ، والعقل، وأن يكون تزوج امرأة على مثل حاله، تزويجًا صحيحًا، ودخل بها وهو على هذه الصفات الخمس مجمع عليها.

ص: 308

وأجمعوا على أن من كملت فيه شرائط الإحصان وزنا بامرأة مثله في شرائط الإحصان، وهي أن تكون حرة بالغة عاقلة متزوجة تزويجًا صحيحًا، مدخولاً بها في التزويج الصحيح بالإجماع، فإنهما زانيان محصنان عليهما الرجم حتى يموتا اهـ.

وقال الشيخ في الذمي إذا زنا بالمسلمة قتل، ولا يصرف عنه القتل الإسلام، ولا يعتبر فيه أداء الشهادة على الوجه المعتبر في المسلم، بل يكفي استفاضته واشتهاره اهـ، وخص الثيب بالرجم لكونه تزوج، فعلم ما يقع به من العفاف عن الفروج المحرمة، واستغنى به عنها، وأحرز نفسه عن التعرض لحد الزنا، فزال عذره من جميع الوجوه في تخطي ذلك إلى الحرام.

(ولهما) أي البخاري ومسلم وغيرهما (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رجلاً) من الأعراب (قال يا رسول الله إن ابني) قيل ابن الأعرابي كما في رواية للبخاري، وقيل الذي وصفه الراوي بأنه أفقه كما سيأتي، ورجحه الحافظ (كان عسيفًا) أي أجيرًا والعسف في اللغة الجور، وسمي الأجير بذلك لأن المستأجر يعسفه على العمل أي يجور عليه (على هذا) أي عنده، أو على بمعنى اللام (فزنى بامرأته) لم يعرف اسمها (وإني أخبرت) وفي رواية فسألت من لا يعلم فأخبرني (أن على ابني الرجم) أي بالحجارة (فافتديت منه) أي بدل الرجم (بمائة شاة ووليدة) وفي رواية وبجارية لي (فسألت أهل العلم) قال الحافظ لم أقف على أسمائهم (فأخبروني أنما على ابني جلد مائة)

ص: 309

بالإضافة لأنه بكر (وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم) لأنه محصنة.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقضين بينكما بكتاب الله) وذلك أن الأعرابي قال: يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لنا بكتاب الله؛ وقال: الخصم الآخر وهو أفقه منه: نعم فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي، فقال:«قل» قال: إن ابني إلى آخره، والمراد بكتاب الله ما حكم الله به على عباده، سواء كان من القرآن، أو على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم «الوليدة والغنم رد عليك» أي مردودة عليك «وعلى ابنك جلد مائة» حكمه بالجلد من دون سؤال عن الإحصان يشعر أنه عالم بذلك من قبل، وفي رواية وابني لم يحصن، ثم قال:(وتغريب عام) عن وطنه، وقد ورد التغريب في الأحاديث الصحيحة الثابتة باتفاق أهل العلم بالحديث، من طريق جماعة من الصحابة، وقد جاوزت حد الشهرة المعتبرة، وحكى ابن نصر الاتفاق على نفي الزاني البكر إلا عن الكوفيين.

وقال ابن المنذر: أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقضي بكتاب الله ثم قال: إن عليه جلد مائة وتغريب عام، وهو المبين لكتاب الله، وخطب عمر بذلك على رءوس المنابر، وعمل به الخلفاء الراشدون، فلم ينكره أحد فكان إجماعًا وقال ابن القيم: لما رجم النبي صلى الله عليه وسلم المحصن علم أن قوله تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} للبكرين، وقال الوزير وغيره: اتفقوا على أن

ص: 310

البكرين الحرين إذا زنيا فإنهما يجلدان كل واحد منهما مائة جلدة، وحكى ابن رشد إجماع المسلمين، وخفف عنه القتل لما حصل له من العذر ما أوجب له التخفيف، فحقن دمه، وزجر بإيلام جميع بدنه بأعلى أنواع الجلد، ردعًا عن المعاودة بالاستمتاع بالحرام اهـ.

وأما تغريبه فهو إخراجه عن محل إقامته، بحيث يعد غريبًا، وظاهر الأحاديث أنه سنة، وهو مذهب مالك والشافعي، وأحمد، وغرب عمر من المدينة إلى الشام وغرب عثمان إلى مصر وغرب ابن عمر أمته إلى فدك، (واغد) أي اذهب (يا أنيس) قال ابن عبد البر: هو ابن الضحاك الأسلمي، ووقع في رواية التصريح به، (إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها) أي فإن اعترفت بالزنى فارجمها، وفيه جواز قبول الواحد فيما طريقه الخبر، وبعثه إليها لم يكن لإثبات الحد عليها، بل لأنها لما قذفت بالزنا بعث إليها لتنكر فتطالب بحد القذف أو تقر بالزنا فيسقط حد القذف ويجب الرجم (فاعترفت فرجمها) وفي رواية فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت قال الحافظ والذي يظهر أن أنيسًا لما اعترفت أعلم النبي صلى الله عليه وسلم مبالغة في الاستثبات مع كونه علق له رجمها على اعترافها.

ودل الحديث على جلد البكر مائة، وهو إجماع وتغريبه عند الجمهور، وعلى أن المحصن يرجم، وأنه لا يجب الجمع بين الجلد والرجم، وهو مذهب جمهور العلماء، لهذا الخبر وغيره

ص: 311

كقصة ماعز وهي متأخرة، ولم يرو أنه جلد أحدًا ممن رجم، ولأن الحد الأصغر ينطوي في الحد الأكبر، ولأن الحد إنما وضع للزجر، فلا تأثير للزجر بالضرب مع الرجم، وقال ابن رشد: أجمع المسلمين أن الثيب الأحرار المحصنين، حدهم الرجم لثبوت أحاديث الرجم، فخصصوا الكتاب بالسنة.

(وفيهما عنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه (قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل) هو ماعز بن مالك الأسلمي، وفي رواية وهو في المسجد فناداه، (فقال إني زنيت فأعرض عنه) صلى الله عليه وسلم (فتنحى) ماعز الأسلمي (تلقاء وجهه) الذي أعرض عنه قبله (فقال: إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك أربع مرات) وفي رواية حتى إذا أكثر عليه (فلما شهد على نفسه أربع شهادات) أي أنه زنى، وفي لفظ قال: إني زنيت فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات، ولمسلم من حديث جابر فشهد على نفسه أربع مرات، وله عن ابن عباس نحوه، ورواه جماعة من الصحابة من طرق وتطابقت الروايات أنه أقر أربع مرات.

(قال أبك جنون؟) ولمالك بعث إلى أهله فقال: «أيشتكي أم به جنون؟» فقالوا: يا رسول الله والله إنه لصحيح، أي في العقل والبدن، وفي لفظ «أبه جنون؟» قالوا: لا، وفي لفظ: دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أبك جنون؟» قال: لا، «فهل أحصنت؟» بفتح الهمزة والصاد أي تزوجت (قال: نعم) ولمالك قال أي لهم: أبكر أم ثيب فقالوا بل ثيب (قال: اذهبوا به فارجموه) فدل

ص: 312

الحديث على وجوب رجم الثيب إذا أقر أربع مرات قال ابن شهاب: فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله قال: كنت فيمن رجمه، فرجمناه بالمصلي، فلما أذلقته، الحجارة هرب، فأدركناه بالحرة فرجمناه، وذكر ابن سعد أن الصديق رأس الذين رجموه.

وإن رجع عن إقراره أو هرب كف عنه قال الوزير وغيره: اتفقوا على أنه إذا أقر بالزنى ثم رجع عنه فإنه يسقط الحد عنه، ويقبل رجوعه إلا مالكًا إن كان بشبهة قبل، قال ابن رشد: وإنما صار الجمهور إلى تأثير الرجوع في الإقرار، لما ثبت من تقريره صلى الله عليه وسلم ماعزًا وغيره مرة بعد مرة لعله يرجع، ولقوله لما هرب فهلا تركتموه، لعله يتوب فيتوب الله عليه.

(وللبخاري عن ابن عباس) رضي الله عنهما يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز: «لعلك قبلت» أي تلك المرأة فظننته زنى (أو غمزت) أي جسيتها باليد (أو نظرت) أي إليها فحملته على الزنى (قال: لا) أي بل فعل الفاحشة، والمراد لعلك وقع منك هذه المقدمات فتجوزت بإطلاق لفظ الزنا عليها؛ فدل على وجوب التثبت والتلقين المسقط للحد، وأنه لا بد من اللفظ الصريح الذي لا يحتمل سواه.

وفي رواية «أفنكتها» لا يكني، قال: نعم، ولأبي داود "كما يدخل الميل في المكحلة والرشاء في البئر" قال: نعم قال: «فهل تدري ما الزنى» قال: نعم أتيت منها حرامًا ما يأتي الرجل من

ص: 313

امرأته حلالاً قال: «فما تريد بهذا القول؟» قال: أريد أن تطهرني فأمر برجمه.

وفيه دليل على وجوب الاستفصال والبحث عن حقيقة الحال، فقد بالغ صلى الله عليه وسلم في الاستثبات، ولم يكتف بإقراره بالزنى، بل استفهم بلفظ لا أصرح منه في المطلوب، ثم صوره تصويرًا حسيًا ولا شك أن تصوير الشيء بأمر محسوس أبلغ في

الاستفصال.

(وعن عمران بن حصين) رضي الله عنه (أن امرأة من جهينة) ولمسلم من غامد وغامد بطن من جهينة (أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى) ولمسلم حامل ويقال حبلت المرأة فهي حابل حملت (من الزنى فقالت: أصبت حدًا) أي ذنبًا أوجب علي حدًا أي عقوبة (فأقمه علي) أي فأقم علي الحد، وفي حديث بريدة طهرني فقال:«ويحكِ ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه» فقالت أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك، فقال:«وما ذاك؟» قالت إنها حبلى من الزنى، قال: أنت؟ قالت نعم، قال «حتى تضعي ما في بطنك» (فدعا وليها) أي دعا صلى الله عليه وسلم متولي أمر المرأة (فقال: أحسن إليها) لأن سائر قراباتها ربما حملتهم الغيرة وحمية الجاهلية على أن يفعلوا بها ما يؤذيها، فأمره بالإحسان إليها تحذيرًا من ذلك.

(فإذا وضعت) أي ولدت (فائتني بها ففعل) ولمسلم فلما

ص: 314

وضعت جاءته كما يأت (فأمر بها) ولمسلم فحفر لها إلى صدرها (فشدت عليها ثيابها) وفي رواية شكت عليها ثيابها، ومعناهما واحد، والمراد أن لا تتكشف عند وقوع الرجم عليها، لما جرت به العادة من الاضطراب عند نزول الموت، وعدم المبالاة بما يبدو من الإنسان، ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى أن المرأة ترجم قاعدة والرجل قائمًا، لما في ظهور العورة من الشناعة. وحكى النووي الاتفاق على أنها ترجم قاعدة، ولا شك أنه أقرب إلى الستر ولمسلم وغيره: فلما وضعت جاءته فقال: «اذهبي حتى ترضعيه» وفيه: «اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه» والروايتان كما قال النووي صحيحتان، والثانية صريحة في أنه أمرها أن ترضعه، وفيها أنه قال:«إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه» ثم قالت: قد فطمته وقد أكل الطعام.

(ثم أمر بها فرجمت) أي بالحجارة جالسة بعد أن شدت عليها ثيابها لئلا تنكشف (ثم صلي عليها) بفتح الصاد واللام وروي بضم الصاد، وأكثر رواة مسلم بفتحها (فقال عمر تصلي عليها وقد زنت) أي أصابت الفاحشة (فقال: لقد تابت توبة لو قسمت) أي توبتها (بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم) لعظمها وفي حديث بريدة لو تابها صاحب مكس أي متولي الضرائب التي تؤخذ من الناس لغفر له (وهل وجدت) أي توبة أو عملاً (أفضل من أن جادت بنفسها) سمحت بها فدفعتها (لله عز وجل وبذلتها له، والجود ليس فوقه شيء

ص: 315

(رواه مسلم) ورواه من حديث بريدة بنحوه، وجاء من طرق عن جماعة من الصحابة، ولمسلم عن علي أمره أن يجلد أمة زنت، فإذا هي حديثة عهد بنفاس فقال:«اتركها حتى تماثل» أي تقارب البرء.

فدلت الأحاديث على إمهال الحامل من الزنى إلى أن تضع وترضع ولدها، وفي هذه الأحاديث ونحوها دليل على أن المريض يمهل حتى يبرأ أو يقارب البرء، وحكي الإجماع على أنه يمهل البكر حتى تزول شدة الحر والبرد والمرض المرجو زواله، بخلاف الرجم لأنه لقصد إتلافه.

(ولهما عن ابن عمر) رضي الله عنهما (أن اليهود) ومنهم كعب بن الأشرف وكعب بن الأسعد وسعيد بن عمرو (أتوا النبي صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة) منهم (قد زنيا) ولأبي داود وغيره قد أحصنا (فقال: ما تجدون في كتابكم؟) وفي لفظ «ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟» أي في حكمه إلزامًا لهم بما يعتقدونه (فقالوا: نحمم وجوهما) وفي لفظ: تسخم وجوههما أي تسود (ويخزيان) أي يفضحان ويشهران، وفي لفظ: نفضحهم ويجلدون (قال: كذبتم إن فيها الرجم) أي على الزاني المحصن، قال النبي صلى الله عليه وسلم «فائتوا بالتوراة» ليظهر كذبهم {فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وفي حديث البراء عند مسلم: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال: لا، ولكن كثر في أشرافنا، وكنا إذا أخذنا الشريف تركناه

ص: 316

وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد، مقام الرجم، فقال صلى الله عليه وسلم:«اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه» (فجاءوا بالتوراة) فنشروها (وجاءوا بقارئ لهم) ممن يرضونه وقال: اقرأ (فقرأ حتى إذا انتهى إلى موضع منها) فيه آية الرجم (وضع يده عليه) ثم قرأ ما قبلها وما بعدها (فقيل له ارفع يدك) قاله عبد الله بن سلام (فرفع يده) عن تلك الآية.

(فإذا هي تلوح) ولفظها المحصن والمحصنة إذا زنيا وقامت عليهما البينة رجما (فقالوا يا محمد) أو قال: يا محمد صدق (إن فيها الرجم ولكنا نتكاتمه بيننا) وفي رواية فما منعكم أن ترجموهما قالوا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل، وفي رواية كثر في أشرافنا فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم (فأمر بهما فرجما) عند البلاط مكان بين السوق والمسجد النبوي.

فدل الحديث وما في معناه، على أن الذمي يحد كما يحد المسلم، والحربي والمستأمن يلحقان بالذمي بجامع الكفر، ونزلت {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} على قوله:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ *} وهذا حكم شرعه الله لأهل الكتاب، وقرره رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيما وهو مأمور أن يحكم بينهم بما أنزل الله ورجم اليهودية مع اليهودي.

(وعن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا زنت أمة أحدكم) لم تقيد ببكارة ولا إحصان (فليجلدها

ص: 317

الحد) وهو نصف ما على المحصنة (ولا يثرب عليها) أي ولا يوبخها بعد الضرب، فدل على جلد البكر، والآية دلت على جلد المحصنة، إذ الرجم لا يتنصف فتجلد ولو متزوجة عملاً بالكتاب والسنة وإجماع الأمة (ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها) وللنسائي ولا يعنفها أي لا يضم إلى الحد التعنيف واللوم (ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر) وفي رواية "فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير" مبالغة في التنفير عنها، والحض على مباعدة الزانية (متفق عليه) ولأحمد وأبي داود أنه ذكر في الرابعة الحد والبيع، ورجح الحافظ أنه يجلدها قبل البيع.

وظاهر الأمر بالبيع الوجوب، والجمهور على الاستحباب وقال ابن بطال: حمل الفقهاء الأمر بالبيع على الحض على مباعدة من تكرر منه الزنى، لئلا يظن بالسيد الرضى بذلك ولما فيه من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنى، قال: وحمله بعضهم على الوجوب ولا سلف له، ودل على أن السيد يقيم الحد على مملوكه، وهو مذهب الجمهور، وأنه يجلد سواء كان محصنًا

أو لا.

(ولأبي داود عن علي) رضي الله عنه (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم» بالسبي أو الشراء أو غيره، وأصله في صحيح مسلم وغيره.

ص: 318

فدل مع ما قبله على أن السيد يقيم على مملوكه الحد، ولا تقف إقامته على ولي الأمر، ولأنه يملك تأديبه وضربه على الذنب، وهذا من جنسه، ولو كان مكاتبًا أو مرهونًا أو مستأجرًا للعموم ولتمام ملكه عليه دون المشترك.

(وأمر عمر) رضي الله عنه (بجلد ولائد) جمع وليدة والوليدة الأمة وإن كانت كبيرة والوليد الرقيق (خمسين خمسين) أي كل وليد أو وليدة خمسين جلدة (رواه مالك) وللبيهقي عن ابن أبي ليلى: أدركت بقايا الأنصار يضربون الوليدة من ولائدهم في مجالسهم إذا زنت، قال الشافعي: وكان ابن مسعود يأمر به، وأبو برزة يحد وليدته، ولأحمد عن علي مرفوعًا إذا تعالت من نفاسها فاجلدوها خمسين، وروي عن فاطمة رضي الله عنها أنها كانت تجلد وليدتها إذا زنت خمسين؛ وتقدم قوله تعالى:{فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} ولا قائل بالفرق بين الأمة والعبد.

قال الشيخ: إذا زنى الرقيق علانية وجب على السيد إقامة الحد عليه، وإن كان سرًا فينبغي أن لا يجب عليه إقامته، بل يخير بين ستره واستتابته، بحسب المصلحة في ذلك، كما يخير الشهود على من وجب عليه الحد بين إقامتها عند الإمام، وبين الستر عليه واستتابته بحسب المصلحة، فإنه يرجح أن يتوب إن ستره وإن كان في إقامة الحد عليه ضرر على الناس كان الراجح

فعله.

ص: 319

(وله) أي لمالك في الموطأ (عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم ورواه عبد الرزاق (أن رجلاً اعترف) على نفسه بالزنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط) ليجلد به لأنه غير محصن (فأتي بسوط مكسور فقال (فوق هذا) لخفة إيلامه (فأتى بسوط جديد) لم يمتهن ولم يلن (لم تقطع ثمرته) أي طرفه (فقال بين هذين) أي سوط متوسط بين المكسور والجديد (فأتى بسوط قدلان) ولم ينكسر (وركب به) الراكب على الدابة وضربها به حتى لان (فأمر به فجلد به) أي جلد الرجل المعترف على نفسه بالزنا.

فدل الحديث على أنه ينبغي أن يكون السوط الذي يجلد به الزاني متوسطًا بين الجديد والعتيق، وإذا كان بعود فينبغي أن يكون متوسطًا بين الكبير والصغير، فلا يكون من الخشب التي تكسر العظم وتجرح اللحم، ولا من الأعواد الرقيقة التي لا تؤثر في الألم، بل يكون متوسطًا، ويفرق الضرب على بدنه ليأخذ كل عضو منه حظه، ولأن توالي الضرب على عضو واحد يؤدي إلى القتل، ويتقي الرأس والوجه والمقاتل، ولا يمد ولا يربط ولا يجرد بل يكون عليه قميص أو قميصان، وروي عن علي أنه قال: يضرب الرجل قائمًا والمرأة جالسة.

(وعن سعيد) بن سعد (بن عبادة) الأنصاري الخزرجي قال ابن عبد البر: صحبته صحيحة (قال: كان بين أبياتنا

ص: 320

رويجل) تصغير رجل للتحقير (ضعيف) يعني سقيم ناقص الخلق، فلم يرع الحي إلا وهو على أمة من إمائهم، قال سعد (فخبث) أي زنى (بأمة من إمائهم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أي ذكره له سعد بن عبادة رضي الله عنه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم «اضربوه حده» أي اجلدوه مائة جلدة.

(فقال: يا رسول الله إنه أضعف من ذلك) وفي لفظ أضعف مما تحسب، لو ضربناه مائة قتلناه (قال: خذوا عثكالا فيه مائة شمراخ) وهو العذق الذي يكون فيه البسر والمشراخ غصن دقيق منه (ثم اضربوه به) أي بالعثكال (ضربة واحدة) لقوله تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (ففعلوا) أي جلدوه بالعثكال، رواه أحمد وابن ماجه و (حسنه الحافظ) ولأبي داود معناه عن بعض الصحابة، وفيه: ولو حملناه إليك لتفسخت عظامه، ما هو إلا جلد على عظم، وله شواهد يشد بعضها بعضًا.

فدل على أن نضو الخلقة والمريض إذا لم يحتمل الجلد ضرب بعذق فيه مائة شمراخ أو ما يشبه، مما يحتمله بدن المجلود، وينبغي أن تباشره جميع الشماريخ، ويكفي الاعتماد، وهذا من الحيل الجائزة شرعًا، وقال تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} .

ص: 321