المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الرجال، فاكتفي بشهادة النساء، وفي باب الشاهد واليمين، الشهادة على - الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم - جـ ٤

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌باب الشروط في النكاح

- ‌فصل في العيوب

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌باب الصداق

- ‌فصل في المفوضة

- ‌باب وليمة العرس

- ‌فصل في آداب الأكل

- ‌باب عشرة النساء

- ‌فصل في النشوز

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في عدده

- ‌فصل في الكنايات

- ‌فصل في الحلف

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌تتمةفي إيقاع الطلاق في الزمن الماضي والمستقبل والمستحيل

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌باب التأويل في الحلف

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب الرجعة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظهار

- ‌باب اللعان

- ‌كتاب العدد

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب الاستبراء

- ‌باب الرضاع

- ‌باب النفقات

- ‌فصل في نفقة الأقارب

- ‌فصل في نفقة المملوك

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌فصل في القصاص

- ‌فصل في الجراح

- ‌باب الديات

- ‌فصل في أصول الدية

- ‌فصل في دية الأعضاء

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌فصل في اللواط

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد قطاع الطريق

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌فصل في المضطر

- ‌فصل في الضيف

- ‌باب الذكاة

- ‌باب الصيد

- ‌باب الأيمان

- ‌فصل في الكفارة

- ‌فصل في النذور

- ‌باب القضاء

- ‌فصل في آداب القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوي والبينات

- ‌باب الشهادات

- ‌فصل في عدد الشهود

- ‌باب الإقرار

الفصل: الرجال، فاكتفي بشهادة النساء، وفي باب الشاهد واليمين، الشهادة على

الرجال، فاكتفي بشهادة النساء، وفي باب الشاهد واليمين، الشهادة على أمور ظاهرة، يطلع عليها الرجال في الغالبن فإذا انفرد بها الشاهد الواحد احتيج إلى تقويته باليمين.

‌باب الإقرار

وهو الاعتراف بالحق، مأخوذ من المقر وهو المكان، كأن المقر يجعل الحق في موضعه، وقالوا: إنه إخبار عما هو ثابت في نفس الأمر من حق الغير على المقر، وقال الشيخ: التحقيق أن يقال: إن المخبر، إن أخبر بما على نفسه فهو مقر، وإن أخبر بما على غيره لنفسه فهو مدع، وإن أخبر بما على غيره لغيره، فإن كان مؤتمنًا عليه، فهو مخبر، وإلا فهو شاهد، فالقاضي والوكيل، والكاتب والوصي، والمأذون له، كل هؤلاء ما أدوه مؤتمنون فيه، فإخبارهم بعد العزل ليس إقرارًا وإنما هو خبر محض، وقد دل الكتاب والسنة وأجمع العلماء على صحة الإقرار في الجملة، ويصح من مكلف مختار، غير محجور عليه، ويلزم قبول الحكم به بلا خلاف.

(قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} أي: لمهما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة، وبلغ، ثم جاءه رسول من بعده، ليؤمنن به، ولينصرنه (إلى قوله: قالوا {أَقْرَرْنَا} أي بالإيمان به ونصرته وذلك أنه قال){أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} أي قبلتم على ذلك عهدي وميثاقي

ص: 566

(قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا) أي على أنفسكم {وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} عليكم فدل عموم الآية على صحة الإقرار وثبوت المقريه.

(وقال) تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} أي ومن أهل المدينة أو الأعراب آخرون اعترفوا أي أقروا بذنوبهم {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا} وهو إقرارهم بذنوبهم وتوبتهم {وَآخَرَ سَيِّئًا} أي بعمل آخر سيء، وذلك أن الله لما ذكر حال المتخلفين عن الغزو رغبة وشكًا، ثنى بالمتأخرين كسلاً وميلاً إلى الراحة مع إيمانهم وتصديقهم، فأخبر أنهم أقروا بذنوبهم، واعترفوا فيما بينهم وبين ربهم، ولهم أعمال صالحة خلطوا هذه بهذه، فهم تحت عفو الله، والاعتراف إقرار، فعموم الآية يدل على صحة الإقرار، فإن الاعتراف إقرار منهم.

(وقال) تعالى: {شُهَدَاءَ لِلهِ} أمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسم، وهو العدل، شهداء لله على من كانت له الشهادة {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} بالإقرار {أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا} فأقيموها لله، فيجب أن يقول المرء الحق، ولو عاد ضرره عليه، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجًا ومخرجًا ثم قال:{فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} أي فلا يحملنكم الهوى والعصيبة على ترك العدل في أموركم، بل الزموا العدل على كل حال، في كل أحد.

ص: 567

(وقال) تبارك وتعالى لما أخذ (مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا) أي أوجدهم شاهدين بذلك، قائلين له حالاً وقالاً، فالشهادة تكون بالقول تارة وبالحال تارة {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي لئلا تقولوا يوم القيامة {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} أي عن هذا الميثاق والإقرار بالتوحيد غافلين، حتى قيل هو الفطرة التي فطروا عليها.

(ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزًا) بإقراره على نفسه بالزنا والحديث متفق عليه، وتقدم في باب حد الزنا، (و) رجم (الغامدية) بإقرارها على نفسها بالزنا، وتقدم أيضًا في باب حد الزنا، فدلت الأحاديث وكذا الآيات على صحة الإقرار، وثبوت الأخذ به.

(وقتل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (اليهودي) الذي رض رأس الجارية وأقر، قتله بإقراره، ورجم الذين زنيا، بعدما أتوا بالتوراة، فأمر بهم (بإقرارهم) وتقدم ذكر ذلك في مواضعه، وتقدم أن من أقر على نفسه أخذ بما أقر به، وعلى غيره فإما أن يكون إقراره شهادة، أو إخبارًا على ما تقدم.

ومن أقر في مرضه بشيء فكإقراره في صحته، إلا في إقراره بالمال لوارثه، وهو قول أكثر أهل العلم، وذكر ابن القيم من الحيل الباطلة إذا أراد أن يخص بعض ورثته ببعض الميراث أن

ص: 568

يقول كنت وهبت له كذا وكذا في صحتي، أو يقر له بدين فيتقدم به، وهذا باطل والإقرار في مرض الموت لا يصح، للتهمة عند الجمهور، بل مالك يرده للأجنبي إذا ظهرت التهمة، وقوله هو الصحيح، وأما إقراره أنه وهبه إياه في الصحة، فلا يقبل أيضًا، كما لا يقبل إقراره له بالدين، وأيضا هذا المريض لا يملك إنشاء عقد التبرع المذكور فلا يملك الإقرار به، لاتحاد

المعنى الموجب لبطلان الإنشاء، فإنه بعينه قائم مقام

الإقرار اهـ.

وإن أقر لزوجته بالصداق فلها مهر المثل بالزوجية، ولو أقر أنه أبانها في صحته، لم يسقط إرثها، وإن أقر لوارث فصار عند الموت أجنبيًا لم يلزم ولغير وارث فصار عند الموت وارثًا صح، وإن أقر بنسب صغير مجهول النسب ثبت نسبه وإن ادعى على شخص فصدقه صح.

وإن وصل بإقراره ما يسقطه كان مقرًا مدعيًا للقضاء، فلا يقبل إلا ببينة، فإن لم تكن بينة حلف المدعي أنه لم يقض ولم يبرئ واستحق، قال الوزير: هذا قول جماهير الفقهاء.

(وعن أبي ذر) رضي الله عنه (مرفوعًا: قل الحق) والحق من أسماء الله تعالى، والحق ضد الباطل، والحق الواجب والثابت (ولو كان مرًا) وقل الحق ولو على نفسك فلا تأخذك في الله لومة لائم، ولا يصرفك عن الحق صارف فحث على

ص: 569

قول الحق ولو مع مرارته (صححه ابن حبان) وتقدم قوله {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} وقالو {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} الآية، وأدلة وجوب الإقرار بما يجب على الشخص لغيره كثيرة، من مال أو غيره، وتقدم بعض تفاصيل من مسائل الإقرار، وبسطها كتب الفقه، والله الموفق لا إله غيره ولا رب سواه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

ص: 570