المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب النهي عن إتيان الكهان والمنجمين والعراف وأصحاب الرمل، والطوارق بالحصى وبالشعير ونحو ذلك - رياض الصالحين - ت الرسالة الثاني

[النووي]

فهرس الكتاب

-

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌ باب الإِخلاصِ وإحضار النيَّة في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفيَّة

- ‌ باب التوبة

- ‌ باب الصبر

- ‌ باب الصدق

- ‌ بَابُ المراقبة

- ‌ باب التقوى

- ‌بَابُ اليقين وَالتوكّل

- ‌ باب الاستِقامة

- ‌ باب في التفَكُّر في عظيم مخلوقات الله تَعَالَى وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها عَلَى الاستقامة

- ‌ باب في المبادرة إلى الخيرات وحثَّ من توجَّه لخير على الإِقبال عليه بالجدِّ من غير تردَّد

- ‌ بابُ المجاهدة

- ‌ بابُ الحثِّ عَلَى الازدياد من الخير في أواخِر العُمر

- ‌ باب في بَيان كثرةِ طرق الخير

- ‌باب في الاقتصاد في العبادة

- ‌ باب المحافظة عَلَى الأعمال

- ‌ باب الأمر بالمحافظة عَلَى السُّنَّة وآدابِها

- ‌ باب في وجوب الانقياد لحكم الله تعالى وما يقوله من دُعي إِلَى ذلِكَ، وأُمِرَ بمعروف أَوْ نُهِيَ عن منكر

- ‌ باب النَّهي عن البِدَع ومُحدثات الأمور

- ‌ باب في مَنْ سَنَّ سُنَّةً حسنة أَوْ سيئة

- ‌ باب في الدلالة على خيروالدعاء إلى هدى أو ضلال

- ‌ باب التعاون عَلَى البر والتقوى

- ‌ باب النصيحة

- ‌ باب الأمر بالمعروف والنهي عَن المنكر

- ‌ باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف أَوْ نهى عن منكر وخالف قولُه فِعله

- ‌ باب الأمر بأداء الأمانة

- ‌ باب تعظيم حُرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم

- ‌ باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة

- ‌ باب قضاء حوائج المسلمين

- ‌ باب الشفاعة

- ‌باب الإصلاح بَيْنَ الناس

- ‌باب فضل ضعفة المسلمين والفقراء الخاملين

- ‌ باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضَّعَفة والمساكين والمنكسرين والإِحسان إليهم والشفقة عليهم والتواضع معهم وخفض الجناح لهم

- ‌ باب الوصية بالنساء

- ‌ باب حق الزوج عَلَى المرأة

- ‌باب النفقة عَلَى العيال

- ‌باب الإِنفاق مِمَّا يحبُّ ومن الجيِّد

- ‌بيان وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن المخالفة، وتأديبهم، ومنعهم من ارتكاب مَنْهِيٍّ عَنْهُ

- ‌ باب حق الجار والوصية بِهِ

- ‌ باب بر الوالدين وصلة الأرحام

- ‌ باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم

- ‌باب فضل بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه

- ‌ باب إكرام أهل بيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم

- ‌ باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم عَلَى غيرهم، ورفع مجالسهم، وإظهار مرتبتهم

- ‌ باب زيارة أهل الخيرومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة

- ‌ باب فضل الحب في الله والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه أنه يحبه، وماذا يقول لَهُ إِذَا أعلمه

- ‌باب علامات حب الله تَعَالَى للعبد والحثَّ عَلَى التخلق بِهَا والسعي في تحصيلها

- ‌ باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين

- ‌ باب فضل الغَنِيّ الشاكر وهو من أخذ المال من وجه وصرفه في وجوهه المأمور بِهَا

- ‌ باب ذكر الموت وقصر الأمل

- ‌ باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر

- ‌ باب كراهية تمني الموت بسبب ضرر نزل بِهِ وَلَا بأس بِهِ لخوف الفتنة في الدين

- ‌ باب الورع وترك الشبهات

- ‌ باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أو الخوف من فتنة في الدين أو وقوع في حرام وشبهات ونحوها

- ‌ باب فضل الاختلاط بالناس

- ‌ باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين

- ‌ باب تحريم الكِبْر والإِعجاب

- ‌ باب حسن الخلق

- ‌ باب الحلم والأناة والرفق

- ‌ باب العفو والإِعراض عن الجاهلين

- ‌ باب احتمال الأذى

- ‌ باب الغضب إِذَا انتهكت حرمات الشّرع والانتصار لدين الله تعالى

- ‌ باب أمر وُلاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلةعنهم وعن حوائجهم

- ‌ باب الوالي العادل

- ‌ باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية

- ‌ باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لَمْ يتعين عليه أَوْ تَدْعُ حاجة إِلَيْهِ

- ‌ باب حَثّ السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمورعلى اتخاذ وزير صالح وتحذيرهم من قرناء السوء والقبول منهم

- ‌ باب النهي عن تولية الإِمارة والقضاء وغيرهمامن الولايات لمن سألها أَوْ حرص عليها فعرَّض بها

- ‌باب إجراء أحكام الناس على الظاهروسرائرهم إِلَى الله تَعَالَى

- ‌باب الخوف

- ‌باب الرجاء

- ‌ باب فضل الرجاء

- ‌باب الجمع بين الخوف والرجاء

- ‌ باب فضل البكاء

- ‌باب فضل الزهد في الدنيا والحث عَلَى التقلل منهاوفضل الفقر

- ‌باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار عَلَى القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات

- ‌باب القناعة والعَفاف والاقتصاد في المعيشة والإنفاق وذم السؤال من غير ضرورة

- ‌باب جواز الأخذ من غير مسألة وَلَا تطلع إليه

- ‌ باب الحثَّ عَلَى الأكل من عمل يده والتعفف به من السؤال والتعرُّض للإعطاء

- ‌باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخيرثقة بالله تعالى

- ‌باب النهي عن البخل والشُّحِّ

- ‌باب الإيثار المواساة

- ‌باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يُتَبَرَّكُ فيه

- ‌كتَاب الأدَب

- ‌ باب الحياء وفضله والحثِّ على التخلق به

- ‌ بابُ حفظ السِّر

- ‌ باب الوفاء بالعهد وَإنجاز الوَعد

- ‌ باب الأمر بالمحافظة عَلَى مَا اعتاده من الخير

- ‌ باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوَجه عند اللقاء

- ‌ باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك

- ‌ باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالِم والواعظ حاضِرِي مجلِسِه

- ‌ بابُ الوَعظ والاقتصاد فِيهِ

- ‌ باب الوقار والسكينة

- ‌ باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهمامن العبادات بالسكينة والوقار

- ‌ باب إكرام الضيف

- ‌ باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

- ‌ باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدعاء لَهُ وطلب الدعاء مِنْهُ

- ‌ باب الاستِخارة والمشاورة

- ‌ باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم

- ‌كتاب أدب الطعام

- ‌ باب التسمية في أوله والحمد في آخره

- ‌ باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه

- ‌ باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌ باب مَا يقوله من دُعي إِلَى طعام فتبعه غيره

- ‌ باب الأكل مِمَّا يليه ووعظه وتأديبه من يُسيء أكله

- ‌ باب مَا يقوله ويفعله من يأكل وَلَا يشبع

- ‌ باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها

- ‌ باب كراهية الأكل متكئاً

- ‌ باب استحباب الأكل بثلاث أصابع واستحباب لعق الأصابع

- ‌ باب تكثير الأيدي عَلَى الطعام

- ‌ باب أدب الشرب واستحباب التنفس ثلاثاً خارج الإِناء وكراهة التَّنَفُّس في الإناء واستحباب إدارة الإناء عَلَى الأيمن فالأيمن بعد المبتدئ

- ‌ باب كراهة النفخ في الشراب

- ‌ باب بيان جواز الشرب قائِماً وبيان أنَّ الأكمل والأفضل الشرب قاعداً

- ‌ باب استحباب كون ساقي القوم آخرهم شرباً

- ‌ باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز الكرع

- ‌كتَاب اللّبَاس

- ‌ باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إِلَاّ الحرير

- ‌ باب استحباب القميص

- ‌ باب صفة طول القميص والكُم والإِزار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء وكراهته من غير خيلاء

- ‌ باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعاً

- ‌ باب استحباب التوسط في اللباس وَلَا يقتصر عَلَى مَا يزري بِهِ لغير حاجة وَلَا مقصود شرعي

- ‌ باب تحريم لباس الحرير عَلَى الرجال وتحريم جلوسهم عَلَيْهِ واستنادهم إِلَيْهِ وجواز لبسه للنساء

- ‌ باب جواز لبس الحرير لمن بِهِ حِكّة

- ‌ باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عَلَيْهَا

- ‌ باب مَا يقول إِذَا لبس ثوباً جديداً أَوْ نعلاً أَوْ نحوه

- ‌ باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس

- ‌كتاب آداب النوم

- ‌ باب آداب النَوم والاضْطِجَاع وَالقعُود والمَجلِس وَالجليس وَالرّؤيَا

- ‌ باب جواز الاستلقاء عَلَى القفا ووضع إحدى الرِّجلين عَلَى الأخرى إِذَا لم يَخف انكشاف العورة وجواز القعود متربعاً ومحتبياً

- ‌ باب في آداب المجلس والجليس

- ‌ باب الرؤيا وَمَا يتعلق بها

- ‌كتَاب السَّلَام

- ‌ باب فضل السلام والأمر بإفشائه

- ‌ باب كيفية السلام

- ‌ باب آداب السلام

- ‌ باب استحباب إعادة السلام عَلَى من تكرَّر لقاؤه عَلَى قرب بأن دخل ثم خرج ثُمَّ دخل في الحال، أَو حال بينهما شجرة ونحوها

- ‌ باب استحباب السلام إِذَا دخل بيته

- ‌ باب السلام عَلَى الصبيان

- ‌ باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن

- ‌باب تحريم ابتداء الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام على أهل مجلسٍ فيهم مسلمون وكفار

- ‌ باب استحباب السلام إِذَا قام منَ المجلس وفارق جلساءه أَوْ جليسه

- ‌ باب الاستئذان وآدابه

- ‌ باب بيان أنَّ السنة إِذَا قيل للمستأذن: من أنت؟ أن يقول: فلان فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أَوْ كنية وكراهة قوله"أنا"ونحوها

- ‌ باب استحباب تشميت العاطس إِذَا حمد الله تَعَالَى وكراهة تشميته إذا لَمْ يحمد الله تَعَالَى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب

- ‌ باب استحباب المصافحةِ عندَ اللقاء وبشاشةِ الوجهِ وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء

- ‌كتاب عيادة المريض وتشييع الميت

- ‌باب عيادة المريض

- ‌ باب مَا يُدعى به للمريض

- ‌ بابُ استحباب سؤالِ أهلِ المريضِ عَنْ حاِلهِ

- ‌ باب مَا يقوله مَن أيس من حياته

- ‌ باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه والصبر عَلَى مَا يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أَوْ قصاص ونحوهما

- ‌ باب جواز قول المريض: أنَا وجع، أَوْ شديد الوجع أَوْ مَوْعُوكٌ أَوْ"وارأساه"ونحو ذلك

- ‌ باب تلقين المحتضر: لا إله إِلَاّ اللهُ

- ‌ باب مَا يقوله بعد تغميض الميت

- ‌ باب ما يقال عند الميت وَمَا يقوله من مات له ميت

- ‌ باب جواز البكاء عَلَى الميت بغير ندب وَلَا نياحة أمَّا النِّيَاحَةُ فَحَرَامٌ

- ‌ باب الكف عما يرى في الميت من مكروه

- ‌ باب الصلاة عَلَى الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز

- ‌ باب استحباب تكثير المصلين عَلَى الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر

- ‌ باب مَا يقرأ في صلاة الجنازة

- ‌ باب الإِسراع بالجنازة

- ‌ باب تعجيل قضاء الدَّين عن الميت والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن يموت فجاءة فيترك حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُه

- ‌ باب الموعظة عند القبر

- ‌ باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدُّعاء له والاستغفار والقراءة

- ‌ باب الصدقة عن الميت والدعاء لَهُ

- ‌ باب ثناء الناس عَلَى الميت

- ‌ باب فضل من مات لَهُ أولاد صغار

- ‌ باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إِلَى الله تَعَالَى والتحذير من الغفلة عن ذلك

- ‌كتَاب آداب السَّفَر

- ‌ باب استحباب الخروج يوم الخميس واستحبابه أول النهار

- ‌ باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم عَلَى أنفسهم واحداً يطيعونه

- ‌ باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السُّرَى والرفق بالدواب

- ‌ بابُ إعانةِ الرفيقِ

- ‌ باب ما يقوله إذا ركب الدابة للسفرِ

- ‌ باب تكبير المسافر إِذَا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأودية

- ‌ باب استحباب الدعاء في السفر

- ‌ باب مَا يدعو بِهِ إِذَا خاف ناساً أَوْ غيرهم

- ‌ باب مَا يقول إِذَا نزل منْزلاً

- ‌ باب استحباب تعجيل المسافر في الرجوع إِلَى أهله إِذَا قضى حاجته

- ‌ باب استحباب القدوم عَلَى أهله نهاراً وكراهته في الليل لغير حاجة

- ‌ باب ما يقوله إِذَا رجع وإذا رأى بلدته

- ‌ باب استحباب ابتداء القادم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين

- ‌ باب تحريم سفر المرأة وحدها

- ‌كتَاب الفَضَائِل

- ‌ باب فضل قراءة القرآن

- ‌ باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان

- ‌ باب استحباب تحسين الصَّوت بالقرآن وطلب القراءة من حَسَن الصوت والاستماع لها

- ‌ باب الحثِّ عَلَى سور وآيات مخصوصة

- ‌ باب استحباب الاجتماع عَلَى القراءة

- ‌ باب فضل الوضوء

- ‌ باب فضل الأذان

- ‌ باب فضل الصلوات

- ‌ باب فضل صلاة الصبح والعصر

- ‌ باب فضل المشي إلى المساجد

- ‌ باب فضل انتظار الصلاة

- ‌ باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ باب الحثِّ عَلَى حضور الجماعة في الصبح والعشاء

- ‌ باب الأمر بالمحافظة عَلَى الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهنَّ

- ‌ باب فضلِ الصفِّ الأوَّلِ والأمرِ بإتمامِ الصفوفِ الأُولِ، وتسويِتها، والتراصِّ فِيهَا

- ‌ بابُ فَضْلِ السنَنِ الراتِبِة مَعَ الفَرَائِضِ وبيانِ أَقَلِّهَا وأَكْمَلِها وما بينَهُما

- ‌ باب تأكيد ركعتي سنَّةِ الصبح

- ‌ باب تخفيف ركعتي الفجر وبيان مَا يقرأ فيهما، وبيان وقتهما

- ‌ باب استحباب الاضطجاع بعد بعد ركعتي الفجر عَلَى جنبه الأيمن والحث عليه سواءٌ كَانَ تهجَّدَ بِاللَّيْلِ أمْ لا

- ‌ باب سُنّة الظهر

- ‌ باب سُنَّة العصر

- ‌ باب سُنَّة المغرب بَعدَها وقبلَها

- ‌ باب سُنَّة العشاء بَعدها وقبلها

- ‌ باب سُنّة الجمعَة

- ‌ باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرُها والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أَو الفصل بينهما بكلام

- ‌ باب الحثِّ على صلاة الوتر وبيان أنه سُنة مؤكدة وبيان وقته

- ‌ باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلِّها وأكثرها وأوسطها، والحثِّ عَلَى المحافظة عَلَيْهَا

- ‌ باب: تجويز صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى زوالها والأفضل أن تصلَّى عِنْدَ اشتداد الحرِّ وارتفاع الضحى

- ‌ باب الحثِّ على صلاة تحية المسجد

- ‌ باب استحباب ركعتين بَعْد الوضوء

- ‌ باب فضل يوم الجمعَة ووُجوبها والاغتِسال لَهَا والتطيّب والتبكير إِلَيْهَا

- ‌ باب استحباب سجُود الشكرعند حصول نعمة ظاهرة أَو اندفاع بلية ظاهرة

- ‌ باب فضل قيام الليل

- ‌ باب استحباب قيام رمضان وهو التروايح

- ‌ باب فضل قيام ليلة القدْر وبَيان أرجى لياليها

- ‌ باب فضل السِّواك وخصال الفطرة

- ‌ باب تأكيد وجُوب الزكاة وبَيان فضلها وَمَا يتعلق بِهَا

- ‌ باب وجوب صوم رمضان وبَيان فضل الصيام وَمَا يتعلق بِهِ

- ‌ باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان

- ‌ باب النَّهْي عن تقدم رمضانَ بصوم بعد نصف شعبان إلَاّ لمن وصله بما قبله، أَوْ وافق عادة لَهُ

- ‌ باب مَا يُقَالُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الهِلالِ

- ‌ باب فَضْلِ السُّحورِ وتأخيرِهِ مَا لَمْ يَخْشَ طُلُوع الفَجْرِ

- ‌ بابُ أمرِ الصَّائمِ بحِفْظِ لسانِهِ وَجَوَارِحِهِ عَنِ المُخَالفَاتِ والمُشَاتَمَةِ وَنَحْوهَا

- ‌ باب في مَسائل من الصوم

- ‌ باب بيان فضل صوم المُحَرَّم وشعبان والأشهر الحُرمُ

- ‌ باب فضل الصوم وغيره في العشر الأوَّل من ذي الحجة

- ‌ باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء

- ‌باب استحباب صوم ستة أيام من شوال

- ‌ باب استحباب صوم الإثنين والخميس

- ‌ باب استحباب صَوم ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌ باب فضل مَنْ فَطَّر صَائماً وفضل الصائم الذي يؤكل عنده، ودعاء الآكل للمأكول عنده

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌ باب فضل الاعتكاف

- ‌كتَاب الحَجّ

- ‌ باب وجوب الحج وفضله

- ‌كتاب الجهاد

- ‌ باب فضل الجهاد

- ‌ باب بيان جماعة منَ الشهداء في ثواب الآخرة ويغسلون ويُصَلَّى عليهم بخلاف القتيل في حرب الكفار

- ‌ باب فضل العتق

- ‌باب فضل الإحسان على المملوك

- ‌ باب فضل المملوك الذي يؤدي حقَّ اللهِ وحقَّ مواليهِ

- ‌ باب فضل العبادةِ في الهرج وَهُوَ الاختلاط والفتن ونحوها

- ‌باب فضل السماحة في البيع والشراء

- ‌كتابُ العِلم

- ‌ بابُ فضل العلم

- ‌كتابُ حمد الله تعالى وشكره

- ‌ بابُ فضل الحمد والشكر

- ‌كتابُ الصَّلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب فضل الصَّلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب الأذْكَار

- ‌ باب فَضلِ الذِّكْرِ والحثِّ عليه

- ‌ باب مَا يقوله عِنْدَ نومه واستيقاظِه

- ‌ باب فضل حِلَقِ الذِّكْر والنَّدب إِلَى ملازمتها والنهَّي عن مفارقتها لغير عذر

- ‌ باب الذكر عِنْدَ الصباح والمساء

- ‌ باب مَا يقوله عِنْدَ النوم

- ‌كتاب الدعوات

- ‌ باب فضل الدعاء

- ‌ باب فضل الدُّعاء بظهر الغيب

- ‌ باب في مسائل من الدعاء

- ‌ باب كرامات الأولياء وفضلهم

- ‌كتَاب الأمُور المَنهي عَنْهَا

- ‌ باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان

- ‌ باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً محرَّمة بردِّها، والإِنكار عَلَى قائلها

- ‌ باب مَا يُباح من الغيبة

- ‌ باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بَيْنَ الناس عَلَى جهة الإِفساد

- ‌ باب النهي عن نَقْل الحديثِ وكلام الناس إِلَى ولاة الأمورِ إِذَا لَمْ تدْعُ إِلَيْهِ حاجةٌ كَخَوفِ مفسدةٍ ونحوها

- ‌ باب ذمِّ ذِي الوَجْهَيْن

- ‌ باب تحريم الكذب

- ‌ باب بيان مَا يجوز من الكذب

- ‌ باب الحثَّ عَلَى التثُّبت فيما يقوله ويحكيه

- ‌ باب بيان غلظ تحريم شهادة الزُّور

- ‌ باب تحريم لَعْن إنسان بعَينه أَوْ دابة

- ‌ باب جواز لَعْن بعض أصحاب المعاصي غير المُعَيّنِين

- ‌ باب تحريم سَبّ المسلم بغير حق

- ‌ باب تحريم سَبّ الأموات بغير حقِّ ومصلحةٍ شرعية

- ‌ باب النهي عن الإيذاء

- ‌ باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر

- ‌ باب تحريم الحسد

- ‌ باب النهي عن سوء الظن بالمسلمين من غير ضرورة

- ‌ باب تحريم احتقار المسلمين

- ‌ باب النهي عن إظهار الشماتة بِالمُسْلِم

- ‌ باب تحريم الطَّعْن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع

- ‌ باب النهي عن الغش والخِداع

- ‌ باب تحريم الغَدر

- ‌ باب النهي عن المنِّ بالعطية ونحوها

- ‌ باب النهي عن الافتخار والبغي

- ‌ باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام إِلَاّ لبدعة في المهجور أَوْ تظاهرٍ بفسقٍ أَوْ نحو ذَلِكَ

- ‌ باب النهي عن تناجي اثنين دونَ الثالث بغير إذنه إِلَاّ لحاجةٍ

- ‌ باب النهي عن تعذيب العَبْد والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي أَوْ زائد عَلَى قدر الأدب

- ‌ باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حَتَّى النملة ونحوها

- ‌ باب تحريم مطل الغني بحقٍّ طلبه صاحبه

- ‌ باب كراهة عودة الإِنسان في هبة لَمْ يُسلِّمها إِلَى الموهوب لَهُ وفي هبة وهبها لولده

- ‌ باب تأكيد تحريم مال اليتيم

- ‌ باب تغليظ تحريم الربا

- ‌ باب تحريم الرياء

- ‌ باب ما يتوهم أنه رياء وليس برياء

- ‌ باب تحريم النظر إِلَى المرأة الأجنبية

- ‌ باب تحريم الخلوة بالأجنبية

- ‌ باب تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذَلِكَ

- ‌ باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار

- ‌ باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد

- ‌ باب النهي عن القَزَع وَهُوَ حلق بعض الرأس دون بعض، وإباحة حَلْقِهِ كُلّهِ للرجل دون المرأة

- ‌ باب تحريم وصل الشعر والوشم والوَشر وهو تحديد الأسنان

- ‌ باب النهي عن نتف الشيب من اللحية والرأس وغيرهماوعن نتف الأمرد شعر لحيته عند أول طلوعه

- ‌ باب كراهية الاستنجاء باليمين ومس الفرج باليمين من غير عذر

- ‌ باب كراهة المشي في نعلٍ واحدةٍ، أو خفّ واحد لغير عذروكراهة لبس النعل والخف قائماً لغير عذر

- ‌ باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره

- ‌ باب النهي عن التكلف وهو فعلُ وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة

- ‌ باب تحريم النياحة على الميت، ولطم الخدِّ وشقِّ الجيب ونتف الشعر وحلقه، والدعاء بالويل والثبور

- ‌ باب النَّهي عن إتيان الكُهّان والمنجِّمين والعُرَّاف وأصحاب الرمل، والطوارق بالحصى وبالشعير ونحو ذلك

- ‌ باب النهي عن التَّطَيُّرِ

- ‌ باب تحريم تصوير الحيوان في بسَاط أوحجر أو ثوب أو درهم أو مخدَّة أو دينار أو وسادة وغير ذلك وتحريم اتخاذ الصورة في حائط وستر وعمامة وثوب ونحوها والأمر بإتلاف الصور

- ‌ باب تحريم اتخاذ الكلب إلا لصَيْد أو ماشية أو زرع

- ‌ باب كراهة تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب وكراهية استصحاب الكلب والجرس في السفر

- ‌ باب كراهة ركوب الجلَاّلة وهي البعير أو الناقة التي تأكل العَذِرة، فإنْ أكلت علفاً طاهراً فطاب لحمها، زالت الكراهة

- ‌ باب النهي عن البُصاق في المسجد والأمر بإزالته منه إذا وجد فيه والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار

- ‌ باب كراهة الخصومة في المسجد ورفع الصوت فِيهِ، ونشد الضالة والبيع والشراء والإِجارة ونحوها من المعاملات

- ‌ باب نَهْي من أكل ثوماً أَوْ بصلاً أَوْ كُرَّاثاً أَوْ غيره مِمَّا لَهُ رائحة كريهة عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إِلَاّ لضرورة

- ‌ باب كراهية الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب لأنَّه يجلب النوم فيفوت استماع الخطبة ويخاف انتقاض الوضوء

- ‌ باب نهي مَنْ دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أنْ يضحِّيَ عن أخذ شيء من شعره أو أظفاره حتى يضّحيَ

- ‌ باب النَّهي عَن الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والملائكة والسماء والآباء والحياة والروح والرأس ونعمة السلطان وتُرْبَة فلان والأمانة، وهي من أشدها نهياً

- ‌ باب تغليظ اليمين الكاذبة عمداً

- ‌ باب العفو عن لغو اليمين وأنَّه لا كفارة فِيهِ، وَهُوَ مَا يجري عَلَى اللسان بغير قصد اليمين

- ‌ باب كراهة الحلف في البيع وإنْ كان صادقاً

- ‌ باب كراهة أنْ يسأل الإِنسان بوجه الله عز وجل غير الجنة وكراهة منع من سأل بالله تعالى وتشفَّع به

- ‌ باب تحريم قوله شاهِنشاه للسلطان وغيره لأن معناه ملك الملوك، ولا يوصف بذلك غير الله سبحانه وتعالى

- ‌ باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بِسَيِّد ونحوه

- ‌ باب كراهة سبَّ الحُمّى

- ‌ باب النهي عن سبَّ الريح، وبيان ما يقال عند هبوبها

- ‌ باب كراهة سبَّ الدِّيك

- ‌ باب النهي عن قول الإِنسان: مُطِرْنَا بِنَوْء كذا

- ‌ باب تحريم قوله لمسلم: يا كافر

- ‌ باب النهي عن الفُحش وبَذاءِ اللِّسان

- ‌ باب كراهة التقعير في الكلام بالتشدُّق وتكلُّف الفصاحة واستعمال وَحشيّ اللُّغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم

- ‌ باب كراهة قوله: خَبُثَتْ نَفْسي

- ‌ باب كراهة تسمية العنب كرْماً

- ‌ باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلَاّ أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه

- ‌ باب كراهة قول الإِنسان: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إن شئت بل يجزم بالطلب

- ‌ باب كراهة قول: ما شاء اللهُ وشاء فلان

- ‌ باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة

- ‌باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها إِذَا دعاها ولم يكن لَهَا عذر شرعي

- ‌باب تحريم صوم المرأة تطوعاً وزوجها حاضر إلا بإذنه

- ‌ باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أَو السجود قبل الإِمام

- ‌ باب كراهة وضع اليد عَلَى الخاصرة في الصلاة

- ‌ باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام ونفسه تتوق إِلَيْهِ أَوْ مَعَ مدافعة الأخبثين:

- ‌ باب النهي عن رفع البَصَر إِلَى السماء في الصلاة

- ‌ باب كراهة الالتفات في الصلاة لغير عذر

- ‌ باب النهي عن الصلاة إِلَى القبور

- ‌ باب تحريم المرور بَيْنَ يَدَي المصَلّي

- ‌ باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أَوْ ليلته بصلاة من بين الليالي

- ‌ باب تحريم الوصَال في الصوم وَهُوَ أنْ يصوم يَومَينِ أَوْ أكثر، وَلَا يأكل وَلَا يشرب بينهما

- ‌ باب تحريم الجلوس عَلَى قبر

- ‌ باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه

- ‌ باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده

- ‌ باب تحريم الشفاعة في الحدود

- ‌ باب النهي عن التغوط في طريق النَّاس وظلِّهم وموارد الماء ونحوها

- ‌ باب النهي عن البول ونحوه في الماء الراكد

- ‌ باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهِبَة

- ‌ باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام

- ‌ باب تحريم بيع الحاضر للبادي وتلقي الركبان والبيع على بيع أخيه والخِطبة على خطبته إلا أنْ يأذن أو يردَّ

- ‌ باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع فيها

- ‌ باب النهي عن الإِشارة إلى مسلم بسلاح سواء كان جاداً أو مازحاً، والنهي عن تعاطي السيف مسلولاً

- ‌ باب كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر حتى يصلي المكتوبة

- ‌ باب كراهة ردَّ الريحان لغير عذر

- ‌ باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدةٌ من إعجاب ونحوه، وجوازه لمن أُمِنَ ذلك في حقه

- ‌ باب كراهة الخروج من بلد وقع فيها الوباء فراراً منه وكراهة القدوم عليه

- ‌ باب التغليظ في تحريم السِّحْرِ

- ‌ باب النهي عن المسافرة بالمصحف إِلَى بلاد الكفار إِذَا خيف وقوعه بأيدي العدوّ

- ‌ باب تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة في الأكل والشرب والطهارة وسائر وجوه الاستعمال

- ‌ باب تحريم لبس الرجل ثوباً مزعفراً

- ‌ باب النهي عن صمت يومٍ إلَى الليل

- ‌ باب تحريم انتساب الإِنسان إِلَى غير أَبيه وَتَولِّيه إِلَى غير مَواليه

- ‌ باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل أَو رسوله صلى الله عليه وسلم عنه

- ‌ باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهياً عنه

- ‌كتاب المنثورات والملح

- ‌ بابُ المنثورات والملح

- ‌ باب الاستغفار

الفصل: ‌ باب النهي عن إتيان الكهان والمنجمين والعراف وأصحاب الرمل، والطوارق بالحصى وبالشعير ونحو ذلك

‌كتاب الجهاد

234-

‌ باب فضل الجهاد

قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36] وقال تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216] وقال تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّه} [التوبة: 41] وقال تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111] وقال تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما} [النساء: 96،95] وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10-13] والآيات في الباب كثيرةٌ مشهورةٌ.

وأما الأحاديث في فضل الجهاد فأكثر من أنْ تحصر، فمن ذلك:

1/1285- عَنْ أَبي هُريرةَ، رضي الله عنه، قَالَ: سئِلَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأعمالِ أفْضَلُ؟ قالَ:"إيمانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ"قيل: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ:"الجهادُ فِي سبِيلِ اللَّهِ"قِيل: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ:"حَجٌّ مَبُرُورٌ "متفقٌ عليهِ.

2/1286-وعَنِ ابنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ، أيُّ العَمَل أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ

ص: 369

تَعَالى؟ قالَ:"الصَّلاةُ عَلى وَقْتِهَا"قُلْتُ: ثُمَّ أَي؟ قَالَ:"بِرُّ الوَالدَيْنِ"قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ"الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ". متفقٌ عليهِ.

3/1287-وَعنْ أَبي ذَرٍّ، رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ العملِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:"الإيمَانُ بِاللَّهِ، وَالجِهَادُ في سبِيلِهِ". مُتفقٌ عليهِ.

4/1288- وعنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَغَدْوَةٌ في سبِيلِ اللَّهِ، أوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِن الدُّنْيَا وَمَا فِيها". متفقٌ عليهِ.

5/1289- وَعَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْريِّ، رضي الله عنه قَالَ: أَتى رَجُلٌ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضلُ؟ قَال:"مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ ومالِهِ في سبِيلِ اللَّهِ"قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:"مُؤْمِنٌ في شِعْبٍ مِنَ الشِّعابِ يعْبُدُ اللَّه، ويَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ. متفقٌ عليهِ.

6/1290- وعنْ سهل بنِ سعْدٍ، رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"رِباطٌ يَوْمٍ فِي سَبيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَمَا عَلَيْها، ومَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَمَا عَلَيْها، والرَّوْحةُ يرُوحُها العبْدُ في سَبيلِ اللَّهِ تَعالى، أوِ الغَدْوَةُ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْياَ وَما عَليْهَا". متفقٌ عَلَيْهِ.

7/1291- وعَنْ سَلْمَانَ، رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيرٌ مِنْ صِيامِ شَهْرٍ وقِيامِهِ، وَإنْ ماتَ فيهِ جَرَى عَلَيْهِ عمَلُهُ الَّذي كَانَ يَعْمَلُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزقُهُ، وأمِنَ الفَتَّانَ" رواهُ مسلمٌ.

8/1292- وعَنْ فضَالةَ بن عُبيد، رضي الله عنه، أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَملِهِ إلَاّ المُرابِطَ فِي سَبيلِ اللَّهِ، فَإنَّهُ يُنَمَّى لهُ عَمَلُهُ إِلَى يوْمِ القِيامَةِ، ويُؤمَّنُ من فِتْنةِ القَبرِ". رواه

ص: 370

أَبُو داودَ والترمذيُّ وقَالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

9/1293- وَعنْ عُثْمَانَ، رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ:"رباطُ يَوْمٍ فِي سبيلِ اللَّه خَيْرٌ مِنْ ألْفِ يَوْمٍ فِيمَا سواهُ مِنَ المَنازلِ ". رواهُ الترمذيُّ وقالَ: حديثٌ حسن صَحيحٌ.

10/1294- وَعَنْ أَبي هُرَيرَة، رضي الله عنه، قَال: قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَضَمَّنَ اللَّه لِمنْ خَرَجَ في سَبيلِهِ، لا يُخْرجُهُ إلَاّ جِهَادٌ في سَبيلي، وإيمانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ برُسُلي فَهُوَ ضَامِنٌ عليّ أنْ أدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أوْ أرْجِعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ بِمَا نَالَ مِنْ أجْرٍ، أوْ غَنِيمَة، وَالَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكلَم في سبيلِ اللَّهِ إلَاّ جاءَ يوْم القِيامةِ كَهَيْئَتِهِ يوْم كُلِم، لَوْنُهُ لَوْن دَم، ورِيحُهُ ريحُ مِسْكٍ، والَّذي نَفْسُ مُحمَّدٍ بِيدِهِ لَوْلا أنْ أَشُقَّ عَلَى المُسْلِمينَ مَا قعَدْتُ خِلاف سرِيَّةٍ تَغْزُو في سَببيلِ اللَّه أبَداً، ولكِنْ لَا أجِدٌ سعَة فأَحْمِلَهمْ وَلَا يجدُونَ سعَةً، ويشُقُّ علَيْهِمْ أنْ يَتَخَلفوا عنِّي، وَالذي نفْسُ مُحَمَّد بِيدِهِ، لَودِدْتُ أني أغزوَ في سبِيلِ اللَّهِ، فَأُقْتَل، ثُمَّ أغْزو، فَأُقتل، ثُمَّ أغْزُوَ، فَأُقتل" رواهُ مُسلمٌ وروى البخاريُّ بعْضهُ.

"الكَلْمُ": الجَرْحُ.

11/1295- وَعنْهُ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مَكلوم يُكْلَمُ في سَبيِلِ اللَّه إلَاّ جاءَ يَوْمَ القِيامةِ، وكَلْمُهُ يَدْمى: اللوْنُ لونُ دمٍ والريحُ رِيحُ مِسْكٍ". متفقٌ عليهِ.

12/1296- وعَنْ مُعاذٍ رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"منْ قَاتَلَ في سَبيلِ اللَّهِ مِنْ رَجل مُسلِمٍ فُواقَ نَاقةٍ وجبتْ لَهُ الجَنَّةُ، ومَنْ جُرِحَ جُرْحاً في سبيلِ اللَّه أوْ نكِب نَكبَةً، فَإنَّهَا تجيءُ يَوْمَ القِيامة كأغزَرِ مَا كَانَتْ: لَوْنُهَا الزَّعْفَرانُ، ورِيحُها كالمِسكِ". رواهُ أَبُو داودَ، والترمذيُّ وقال: حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ.

13/1297- وعنْ أَبي هُريرةَ، رضي الله عنه، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أصْحَاب رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بشِعْب

ص: 371

فيهِ عُيَيْنَةٌ مِن ماءٍ عَذْبةٍ، فأَعجبتهُ، فَقَالَ: لَو اعتزَلتُ النَّاسَ فَأَقَمْتُ في هَذَا الشِّعْبِ، ولَنْ أفعلِ حَتى أسْتأْذنَ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فذكَرَ ذلكَ لرسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لَا تفعلْ، فإنَّ مُقامَ أحدِكُمْ في سبيلِ اللَّهِ أفضَلُ مِنْ صلاتِهِ في بيتِهِ سبْعِينَ عَاماً، أَلَا تُحبُّونَ أنْ يَغْفِر اللَّه لَكُمْ ويُدْخِلكَمُ الجنَّةَ؟ اغزُوا في سبيلِ اللَّهِ، منْ قَاتَلَ في سَبيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَة وَجَبتْ لَهُ الجَنَّةُ". رواهُ الترمذيُّ وَقالَ: حديثٌ حَسَنٌ.

والفُوَاقُ: مَا بَيْنَ الحَلْبتَيْنِ.

14/1298- وعَنْهْ قَالَ قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ، مَا يَعْدِلُ الجِهَادَ في سَبيلِ اللَّهِ؟ قَالَ:"لَا تَسْتَطيعُونَه،"فَأعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً كُلُّ ذلك يقول:"لا تستطيعون،". ثُمَّ قَالَ:"مثَل المُجَاهِدِ فِي سَبيلِ اللَّهِ كمثَل الصَّائمِ القَائمِ القَانِتِ بآياتِ اللَّهِ لا يَفْتُرُ: مِنْ صيامٍ، وَلَا صلاةٍ، حَتَّى يَرجِعَ المجاهدُ في سَبِيلِ اللَّهِ "متفقٌ عليهِ. وهذا لفظُ مسلِمٍ.

وفي روايةِ البخاري، أنَّ رَجُلاً قَال: يَا رسُولَ اللَّهِ دُلَّني عَلى عملٍ يَعْدِلُ الجهَادَ؟ قَالَ:"لَا أجدهُ"ثُمَّ قَالَ:"هَلْ تَستَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجاهِدُ أنْ تدخُلَ مَسجِدَك فتَقُومَ وَلَا تَفتُرَ، وتَصُومَ وَلَا تُفطِرَ؟ "فَقالَ: ومَنْ يستطِيعُ ذَلك؟

15/1299- وعنْهُ أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: "مِنْ خَيرِ معاشِ الناس لَهُم رجُلٌ مُمسِكٌ بعنَانِ فرسِهِ في سَبيلِ اللَّهِ، يطِيرُ عَلَى متنِهِ كُلَّما سمِع هَيعةً، أوْ فَزَعَة طَار عَلَيْهِ، يَبْتَغِي القَتْلَ أَوْ المَوتَ مظَانَّهُ، أَوْ رَجُلٌ فِي غُنَيْمةٍ في رَأسِ شَعفَةٍ مِن هذِهِ الشّعفِ أَوْ بطنِ وادٍ مِنْ هذِهِ الأودِيةِ يُقيمُ الصَّلاةَ، ويُؤْتي الزَّكاةَ، ويعْبُدُ ربَّهُ حتَّى يَأْتِيَه اليَقِينُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إلَاّ فِي خَيْرٍ "رواهُ مسلمٌ.

16/1300- وعَنْهُ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ:"إنَّ في الجنَّةِ مائَةَ درجةٍ أعدَّهَا اللَّه للمُجَاهِدينَ في سبيلِ اللَّه مَا بيْن الدَّرجَتَينِ كَمَا بيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ". رواهُ البخاريُّ.

ص: 372

17/1301- وعَن أَبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، رضي الله عنه، أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال:" مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبَّا، وبالإسْلامِ ديناً، وَبمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَجَبت لَهُ الجَنَّةُ"فَعَجب لهَا أَبُو سَعيدٍ، فَقَال أعِدْها عَلَيَّ يَا رَسولَ اللَّهِ فَأَعادَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"وَأُخْرى يَرْفَعُ اللَّه بِها العَبْدَ مئَةَ درَجةٍ في الجَنَّةِ، مَا بيْن كُلِّ دَرَجَتَين كَما بَين السَّماءِ والأرْضِ"قَالَ: وَمَا هِي يَا رسول اللَّه؟ قَالَ:"الجِهادُ في سبِيل اللَّه، الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ". رواهُ مُسلمٌ.

18/1302- وعَنْ أَبي بَكْرِ بن أَبي مُوسى الأشْعَرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبي، رضي الله عنه، وَهُوَ بحَضْرَةِ العَدُوِّ، يقول: قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إنَّ أبْوابَ الجَنَّةِ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ" فَقامَ رَجُلٌ رَثُّ الهَيْئَةِ فَقَالَ: يَا أبَا مُوسَى أَأَنْت سمِعْتَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول هَذَا؟ قَالَ: نَعم، فَرجَع إِلَى أصحَابِهِ، فَقَال:"أقْرَأُ علَيْكُمُ السَّلامَ"ثُمَّ كَسَر جفْن سَيفِهِ فألْقاه، ثمَّ مَشَى بِسيْفِهِ إِلَى العدُوِّ فضَرب بِهِ حتَّى قُتل". رواهُ مسلمٌ.

19/1303- وعن أبي عَبْسٍ عبدِ الرَّحمنِ بْنِ جُبَيْرٍ، رضي الله عنه قال: قَال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما اغْبَرَّتْ قدَما عَبْدٍ في سبيلِ اللَّه فتَمسَّه النَّارُ". رواهُ البخاري.

20/1304- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يلجُ النًَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيةِ اللَّهِ حتَّى يعُودَ اللَّبَن في الضَّرعِ، وَلَا يَجْتَمِعُ عَلَى عَبْدٍ غُبَارٌ في سَبيلِ اللَّهِ ودخَان جهَنَّم"، رواه الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

21/1305- وعن ابن عبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: سمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "عيْنَانِ لَا تَمسُّهُمَا النَّارُ: عيْنٌ بكَت مِنْ خَشْيةِ اللَّهِ، وعيْنٌ باتَت تحْرُسُ في سبِيلِ اللَّهِ". رواه الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.

22/1306- وعن زَيدِ بنِ خَالدٍ، رضي الله عنه، أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ جهَّزَ غَازِياً في سبيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، ومنْ خَلَفَ غَازياً في أَهْلِهِ بخَيْر فَقَدْ غزَا". متفقٌ عليهِ.

ص: 373

23/1307-وَعَنْ أَبي أُمامة، رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أفْضَلُ الصَّدَقات ظِلُّ فُسْطَاطٍ في سَبِيلِ اللَّه ومَنِيحةُ خادمٍ في سَبِيلِ اللهِ أَوْ طَروقهُ فحلٍ في سَبِيلِ اللَّه "رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

24/1308- وعنْ أنسٍ، رضي الله عنه، أنَّ فَتىً مِن أسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ إنِّي أُريد الغَزْو ولَيْس معِى مَا أتَجهَّزُ بِهِ، قَالَ:"ائتِ فُلاناً، فَإنَّه قَد كانَ تَجهَّزَ فَمَرِضَ" فَأتَاهُ فَقَال: إنًَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقْرِئَكَ السَّلامَ ويقولُ: أعطِني الَّذِي تَجهَّزتَ بِهِ، قَالَ: يَا فُلانَةُ، أعْطِيهِ، الَّذِي كُنْتُ تَجهَّزْتُ بِهِ، وَلَا تَحْبِسي عِنْهُ شَيْئاً، فوَاللَّهِ لَا تَحْبِسي مِنْه شَيْئاً فَيُبارَكَ لَكِ فِيهِ. رواه مسلمٌ.

25/1309- وعن أَبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ، رضي الله عنه، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعثَ إِلَى بَني لِحيانَ، فَقَالَ:"لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رجُلَيْنِ أحدَهُما، والأَجْرُ بينَهُما" رواهُ مسلمٌ.

وفي روايةٍ لهُ:"لِيخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رجُلٌ"ثُمَّ قَالَ لِلقاعِدِ: " أَيُّكُمْ خَلَفَ الخَارِجَ في أَهْلِهِ ومالِهِ بخَيْرٍ كَانَ لهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجرِ الخارِجِ".

26/1310- وعنِ البراءِ، رضي الله عنه، قَالَ: أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، رجلٌ مقنَّعٌ بِالحدِيدِ، فَقال: يَا رَسُول اللَّهِ أُقَاتِلُ أوْ أُسْلِمُ؟ فقَال: " أسْلِمْ، ثُمَّ قاتِلْ"فَأسْلَم، ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ، فقَال رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"عمِل قَلِيلاً وَأُجِر كَثيراً". متفقٌ عليهِ، وهذا لفظُ البخاري.

27/1311- وعَنْ أنَسٍ، رضي الله عنه، أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا أَحدٌ يدْخُلُ الجنَّة يُحِبُّ أنْ يرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ولَه مَا عَلَى الأرْضِ منْ شَيءٍ إلَاّ الشَّهيدُ، يتمَنَّى أنْ يَرْجِع إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عشْرَ مَرَّاتٍ، لِما يَرَى مِنَ الكرامةِ".

وفي روايةٍ: "لِمَا يرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ ". مُتفقٌ عليهِ.

ص: 374

28/1312- وعَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمرو بنِ العاص، رضي الله عنهما، أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يغْفِرُ اللَّه للشَّهيدِ كُلَّ شَيْئٍ إلَاّ الدَّيْنَ" رواه مسلمٌ.

وفي روايةٍ له: "القَتْلُ في سَبِيلِ اللَّهِ يُكفِّرُ كُلَّ شَيءٍ إلَاّ الدَّيْن".

29/ 1313- وعَنْ أَبي قتَادَةَ، رضي الله عنه، أنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فيهمْ فَذَكَرَ أنَّ الجِهادَ في سبِيلِ اللَّهِ، وَالإيمانَ بِاللَّهِ، أَفْضَلُ الأَعْمَال، فَقَامَ رجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ أَرأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ اللَّهِ أتُكَفَّرُ عنِّي خَطاياي؟ فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"نعمْ إنْ قُتِلت في سبيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صابِرٌ، مُحْتسِبٌ مُقبلٌ غيْرُ مُدْبِرٍ"ثُمَّ قَال رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"كَيْفَ قُلْتَ؟ "قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"نَعمْ وأَنْتَ صابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبلٌ غَيْرُ مُدْبرٍ، إلَاّ الدَّيْنَ، فَإنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام قَالَ لي ذلكَ". رواهُ مسلمٌ.

30/1314- وعَنْ جابرٍ رضي الله عنه، قالَ: قالَ رَجُلٌ: أيْنَ أنَا يَا رسُولَ اللَّهِ إنْ قُتِلتُ؟ قَالَ:"في الجَنَّةِ". فَألْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ في يَدِهِ، ثُمَّ قاتَلَ حتَّى قُتِلَ، رواهُ مسلم.

31/1315- وعنْ أنَسٍ رضي الله عنه، قالَ انْطَلقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا المشْركِينَ إِلَى بَدرٍ، وَجَاءَ المُشرِكونَ، فقالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَقْدمنَّ أحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شيءٍ حَتَّى أكُونَ أنَا دُونَهُ" فَدَنَا المُشرِكونَ، فقَال رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمواتُ وَالأَرْضُ "قَالَ: يَقولُ عُمَيْرُ بنُ الحُمَامِ الأنْصَارِيُّ رضي الله عنه: يَا رسولَ اللَّه جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمواتُ والأرضُ؟ قالَ:"نَعم"قالَ: بَخٍ بَخٍ، فقالًَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَولِكَ بَخٍ بخٍ؟ "قالَ لَا وَاللَّهِ يَا رسُول اللَّه إلَاّ رَجاءَ أَنْ أكُونَ مِنْ أهْلِها، قَالَ:"فَإنَّكَ مِنْ أهْلِهَا"فَأخْرج تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَل يَأْكُلُ منْهُنَّ، ثُمَّ قَال لَئِنْ أنَا حَييتُ حَتَّى آكُل تَمَراتي هذِهِ إنَّهَا لحَيَاةٌ طَويلَةٌ، فَرَمَى بمَا كَانَ مَعَهُ مَنَ التَّمْرِ. ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. رواهُ مسلمٌ.

"القرَنَ"بفتح القاف والراءِ: هو جُعْبَةُ النشَّابِ.

32/1316- وعنه قَالَ: جاءَ ناسٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنِ ابْعث معنَا رِجَالاً يُعَلِّمونَا القُرآنَ والسُّنَّةَ،

ص: 375

فَبعثَ إلَيْهِم سبعِينَ رَجُلاً مِنَ الأنْصارِ يُقَالُ لهُمُ: القُرَّاءُ، فيهِم خَالي حرَامٌ، يقرؤُون القُرآنَ، ويتَدَارسُونَهُ باللَّيْلِ يتعلَّمُونَ، وكانُوا بالنَّهار يجيئُونَ بالماءِ، فَيَضعونهُ في المسجِدِ، ويحْتَطِبُون فَيبيعُونه، ويَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعام لأهلِ الصُّفَّةِ ولِلفُقراءِ، فبعثَهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَعَرَضُوا لَهُمْ فقتلُوهُم قَبْلَ أنْ يبلُغُوا المكانَ، فقَالُوا: اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نَبيَّنَا أَنَّا قَد لَقِينَاكَ فَرضِينَا عنْكَ وَرَضِيتَ عَنا، وأَتى رجُلٌ حَراماً خالَ أنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطعنَهُ بِرُمحٍ حَتَّى أنْفَذهُ، فَقَال حرامٌ: فُزْتُ وربِّ الكَعْبةِ، فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:" إنَّ إخْوانَكم قَد قُتِلُوا وَإنَّهُمْ قالُوا: اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَد لَقِيناكَ فَرضِينَا عنكَ ورضِيتَ عَنَّا" متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم.

33/1317-وعنهُ قَالَ: غَاب عَمِّي أنسُ بنُ النضْر رضي الله عنه عنِ قِتَالِ بدرٍ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّه غِبتُ عَنْ أوَّلِ قِتالٍ قاتَلتَ المُشرِكينَ، لئِنِ اللَّه أشْهَدني قِتالَ المُشرِكِينَ ليَرينَّ اللَّه مَا أَصنع. فلمَّا كانَ يومُ أحُدٍ انكشفَ المُسلِمُونَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعتَذِرُ إلَيك مِمًَّا صنع هَؤُلاءِ يعْني أصْحابهُ ؤأَبْرأُ إليكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ يَعني المُشركينَ ثُمَّ تقدَّم فاستَقبلهُ سعدُ بنُ مُعاذٍ فَقَالَ: يَا سعدُ بنَ مُعاذٍ الجنَّةُ وربِّ النَّضْرِ، إنِّي أجِدُ رِيحَهَا مِن دونِ أُحدٍ، قَالَ سعدٌ: فَمَا استَطعتُ يَا رسولَ اللَّهِ مَا صنَع، قَالَ أنسٌ: فَوجدْنَا بِهِ بِضعاً وثَمانِينَ ضَربَةً بالسَّيفِ، أوْ طَعنةَ برُمْحٍ أوْ رَمْيَةً بِسهمٍ، ووجدناهُ قَدْ قُتِلَ ومثَّلَ بِهِ المُشرِكونَ، فَما عرفَهُ أحدٌ إلَاّ أُختُهُ بِبنانِهِ. قَالَ أنسٌ: كُنَّا نَرى أوْ نَظُنُّ أَنَّ هذِهِ الآيةَ نَزَلَتْ فِيهِ وفي أَشبَاهِهِ: {مِنَ المُؤْمِنينَ رِجَالٌ صدقُوا مَا عَاهَدوا اللَّه عليْهِ فَمِنْهُمْ منْ قَضَى نَحْبَهُ} إلى آخرهَا [الأحزاب: 23] . متفقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ سبَقَ في باب المُجاهدة.

34/1318- وعنْ سمُرةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رأَيْتُ اللَّيْلَةَ رجُلين أتَياني، فَصعِدا بِي الشَّجرةَ، فَأدْخَلاني دَاراً هِي أحْسنُ وَأَفضَل، لَمْ أَر قَطُّ أَحْسنَ مِنْهَا، قالا: أَمَّا هذِهِ الدَّار فَدارُ الشهداءِ" رواه البخاري وَهُوَ بعضٌ من حديثٍ طويلٍ فيه أنواع العلم سيأتي في باب تحريمِ الكذبِ إنْ شاءَ اللَّه تَعَالَى.

35/1319-وعنْ أنسٍ رضي الله عنه أنَّ أُم الرَّبيعِ بنْتَ البَرَاءِ وهي أُمُّ حارثةَ بنِ سُرَاقةَ، أتَتِ

ص: 376

النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ ألَا تُحدِّثُني عَنْ حارِثَةَ، وَكانَ قُتِل يوْمَ بدْرٍ، فَإنْ كانَ في الجَنَّةِ صَبَرتُ، وَإن كانَ غَيْر ذلكَ اجْتَهَدْتُ عليْهِ في البُكَاءِ، فَقَالَ:"يَا أُم حارِثَةَ إنَّهَا جِنانٌ في الجَنَّةِ، وَإنَّ ابْنَكِ أَصاب الفرْدوْسَ الأَعْلى". رواه البخاري.

36/1320-وعَنْ جابر بن عبدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قدْ مُثِّل بِهِ فَوُضعَ بَيْنَ يَديْه، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عنْ وجهِهِ فَنَهاني قَوْمي فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا زَالَتِ الملائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِها". متفقٌ عَلَيْهِ.

37/1321- وعَنْ سهل بن حُنَيْفٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ سأَلَ اللَّه تَعَالَى الشَّهَادةَ بِصِدْقٍ بلَّغهُ اللهُ منَازِلَ الشُّهَداءِ وإنْ ماتَ على فِراشِهِ ". رواه مسلم.

38/1322-وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "منْ طلَب الشَّهَادةَ صادِقاً أُعطيها ولو لَمْ تُصِبْهُ". رواه مسلم.

39/1323-وعَنْ أَبي هُريْرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِن مَسِّ القتْلِ إلَاّ كَمَا يجِدُ أحدُكُمْ مِنْ مسِّ القَرْصَةِ" رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

40/1324- وعنْ عبْدِ اللَّهِ بن أَبي أوْفَى رضي الله عنهما أنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في بعضَ أيَّامِهِ الَّتي لَقِي فِيهَا العدُوَّ انتَظر حَتَّى مَالتِ الشَّمسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاس فَقَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمنَّوْا لِقَاءَ العدُوِّ، وَسلُوا اللَّه العافِيةَ، فَإِذَا لقِيتُمُوهُم فَاصبِرُوا، واعلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ" ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ ومُجرِيَ السَّحابِ، وهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمهُم وانْصُرنَا علَيهِم" متفقٌ عَلَيْهِ.

41/1325- وعن سهْلِ بنِ سعد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ثِنَتانِ لَا تُرَدَّانِ، أوْ قَلَّمَا تُردَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْد النِّدَاءِ وعِند البأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُم بَعضاً".

ص: 377

رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح.

42/1326- وعَنْ أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: كانَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا قَالَ:"اللَّهُمَّ أنت عضُدِي ونَصِيري، بِك أَجُولُ، وبِك أصولُ، وبِكَ أُقاتِل" رواهُ أَبُو داود، والترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.

43/1327- وعَن أَبي مُوسى، رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا خَاف قَوْماً قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّا نَجعَلُكَ في نُحُورِهِم، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهِم" رواه أَبُو داود بإسناد صحيحٍ.

44/1328- وعنْ ابنِ عُمَر، رضي الله عنهما، أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الخَيْلُ مَعْقُودٌ في نَوَاصِيَها الخَيرُ إِلَى يوْمِ القِيامَةٍِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

45/1329- وعنْ عُرْوَةَ البَارِقِيِّ، رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الخَيْلُ مَعقُودٌ في نَواصِيهَا الخَيرُ إِلَى يوْمِ القِيامَةِ: الأَجرُ، والمغنَمُ". متفقٌ عَلَيْهِ.

46/1330-وعَنْ أبي هُريْرَةَ، رضي الله عنه، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ احتَبَس فَرساً فِي سبيلِ اللَّهِ، إيمَانَاً بِاللَّهِ، وتَصدِيقاً بِوعْدِهِ، فإنَّ شِبَعهُ ورَيْهُ وروْثَهُ، وبولَهُ في مِيزَانِهِ يومَ القِيامَةِ "رواه البخاريُّ.

47/1331- وعنْ أبي مسْعُودٍ، رضي الله عنه، قال جاءَ رجُلُ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَاقَةٍ مَخْطُومةٍ فَقَالَ: هذِهِ في سَبيلِ اللَّهِ، فقال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لكَ بِهَا يَومَ القِيامةِ سبعُمِائَةِ ناقَةٍ كُلُّها مخطُومةٌ" رواهُ مسلم.

48/1332- وعن أَبي حمّادٍ ويُقال: أَبُو سُعاد، ويُقالُ: أَبُو أَسدٍ، ويقال: أَبُو عامِرٍ، ويقالُ:

ص: 378

أَبُو عَمْرو، ويقالُ: أَبُو الأسْودِ، ويقال: أَبُو عَبْسٍ عُقْبةُ بنِ عامِرٍ الجُهَنيِّ، رضي الله عنه، قالَ: سمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلى المِنْبرِ، يقولُ:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] ، أَلَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، ألَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، ألَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ "رواه مسلم.

49/1333- وعَنْهُ قَالَ: سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ستُفْتَحُ علَيكُم أَرضُونَ، ويكفِيكُم اللَّه، فَلا يعْجِزْ أَحَدُكُمْ أنْ يلْهُو بِأَسْهُمِهِ" رواه مسلم.

50/1334- وعْنهُ أَنَّهُ قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "منْ عُلِّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تركَهُ، فَلَيس مِنَّا"، أوْ "فقَد عَصى "رواه مسلم.

51/1335- وعنهُ رضي الله عنه، قالَ: سمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ:" إنَّ اللَّه يُدخِلُ بِالسهمِ الوَاحِدِ ثَلاثةَ نَفَرٍ الجنَّةَ: صانِعهُ يحتسِبُ في صنْعتِهِ الخَيْرَ، والرَّامي بِهِ، ومُنْبِلَهُ، وَارْمُوا وارْكبُوا، وأنْ ترمُوا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أنْ تَرْكَبُوا. ومَنْ تَرَكَ الرَّميَ بعْد مَا عُلِّمهُ رغبَةً عَنْهُ. فَإنَّهَا نِعمةٌ تَركَهَا "أوْ قَالَ:"كَفَرَهَا "رواهُ أَبُو داودَ.

52/1336- وعَنْ سَلَمةَ بن الأكوعِ، رضي الله عنه، قَالَ: مَرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، عَلَى نَفَرٍ ينتَضِلُون، فَقَالَ:"ارْمُوا بَنِي إِسْماعيل فَإنَّ أبَاكم كَانَ رَامِياً" رواه البخاري.

53/1337- وعَنْ عمْرو بنِ عبسَةَ، رضي الله عنه قَالَ: سمِعتُ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يقولُ:"منْ رَمَى بِسهمٍ في سبيلِ اللَّه فَهُو لَهُ عِدْلُ مُحرَّرةٍ".

رواهُ أَبُو داود، والترمذي وقالا: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

54/1338- وعَن أَبي يحيى خُريم بن فاتِكٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً في سبيلِ اللَّهِ كُتِبَ لَهُ سبْعُمِائِة ضِعفٍ "رواه الترمذي وقال: حديثٌ حَسَنٌ.

ص: 379

55/1339- وعنْ أَبي سَعيدٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عبدٍ يصومُ يوْماً في سبِيلِ اللَّهِ إلَاّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خَرِيفاً" متفقٌ عليهِ.

56/1340- وعنْ أَبي أُمامةَ، رضي الله عنه، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ صامَ يَوْماً في سَبيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّه بينَهُ وَبيْنَ النَّارِ خَنْدَقاً كَمَا بيْن السَّماءِ والأرْضِ "رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

57/1341- وعنْ أبي هُريرة، رضي الله عنه، قالَ: قالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ ماتَ ولَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَه بِغَزوٍ، ماتَ عَلى شُعْبَةٍ مَنَ النِّفَاقِ" رواهُ مسلمٌ.

58/1342- وعَن جابرٍ، رضي الله عنه، قالَ: كنَّا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، في غَزَاة فَقالَ:" إنَّ بالمدينةِ لَرِجالاً ما سِرتُمْ مَسيراً، وَلا قَطَعْتُمْ وَادِياً إلَاّ كانُوا معكُم، حبَسهُمُ المَرضُ ".

وفي روايةٍ:"حبَسهُمُ العُذْرُ ". وفي روايةٍ: " إلَاّ شَرَكُوكُمْ في الأَجرِ" رواهُ البخاري من روايةِ أَنَسٍ، ورواهُ مسلمٌ من روايةِ جابرٍ واللفظ لَهُ.

59/1343- وعنْ أَبي مُوسى، رضي الله عنه، أَنَّ أعْرَابيّاً أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رسولَ اللَّه، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْتمِ، والرَّجُلُ يُقَاتِلُ ليُذْكَرَ، والرَّجُلُ يُقاتِلُ ليُرى مكانُه؟

وفي روايةٍ: يُقاتلُ شًَجاعَةً ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً.

وفي روايةٍ: ويُقاتلُ غَضَباً، فَمْنْ في سبيل اللَّهِ؟ فَقَالَ رسولُ اللِّه صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قَاتَلَ لتكُونَ كَلِمَةُ اللَّه هِيَ العُلْيا، فَهُوَ في سبيلِ اللَّهِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

60/1344- وعنْ عبد اللَّهِ بن عمرو بنِ العاص، رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ غَازِيةٍ، أوْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو، فَتَغْنمُ وتَسْلَم، إلَاّ كانُوا قَدْ تعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجورِهِم، ومَا مِنْ غازِيةٍ أو ْ

ص: 380

سرِيَّةٍ تُخْفِقُ وتُصابُ إلَاّ تَمَّ لَهُمْ أُجورُهُمْ" رواهُ مسلمٌ.

61/1345- وعنْ أَبي أُمامَةَ، رضي الله عنه، أنَّ رَجُلاً قالَ: يَا رسولَ اللَّه ائذَن لي في السِّياحةِ. فَقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ سِياحةَ أُمَّتي الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، عز وجل "رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ جيِّد.

62/1346- وعَنْ عبدِ اللَّهِ بن عَمْرو بن العاص، رضي الله عنهما، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" قَفْلَةٌ كَغزْوةٍ". رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ.

"القَفلَةُ": الرُّجُوعُ، وَالمراد: الرُّجوعُ مِنَ الغزْوِ بَعدَ فراغِهِ، ومعناه: أَنه يُثابُ في رُجُوعِهِ بعد فراغِهَ مِنَ الغَزْوِ.

63/1347- وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه، قالَ: لمَّا قدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ غَزوةِ تَبُوكَ تَلَقَّاه النَّاسُ، فَتَلَقَّيْتُهُ مَعَ الصِّبيانِ عَلَى ثَنيِّةِ الوَداعِ. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صَحيحٍ بهذا اللفظ، وَرَواه البخاريُّ قَالَ: ذَهَبْنَا نتَلقَّى رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَعَ الصِّبيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَداعِ.

64/1348- وعَنْ أَبي أُمَامَةَ، رضي الله عنه، عَن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ لَمْ يغْزُ، أوْ يُجهِّزْ غَازياً، أوْ يَخْلُفْ غَازياً في أهْلِهِ بِخَيرٍ أصابَهُ اللَّه بِقَارِعةٍ قَبْلَ يوْمِ القِيامةِ". رواهُ أَبُو دَاوُدَ بإسناد صحيحٍ.

65/1349- وعنْ أنس، رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "جاهِدُوا المُشرِكينَ بِأَموالِكُمْ

ص: 381

وأَنْفُسِكُم وأَلسِنَتِكُم". رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.

66/1350- وعَنْ أَبي عَمْرو. ويقالُ: أَبُو حكِيمٍ النُعْمَانِ بنِ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه قَالَ: شَهِدْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم إِذَا لَمْ يقَاتِلْ مِنْ أوَّلِ النَّهارِ أَخَّر القِتالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وتَهبَّ الرِّياحُ، ويَنزِلَ النَّصْرُ.

رواهُ أَبو داود، والترمذي، وَقالَ: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.

67/1351- وعنْ أَبي هريْرَةَ رضي الله عنه، قالَ: قالَ رَسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ العافية، فإذا لَقيتُمُوهم، فَاصُبِروا" متفق عليه.

68/1352- وعَنْهُ وعَنْ جابرٍ، رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"الحرْبُ خُدْعَةٌ "متفقٌ عليهِ.

ص: 382

235-

‌ باب بيان جماعة منَ الشهداء في ثواب الآخرة ويغسلون ويُصَلَّى عليهم بخلاف القتيل في حرب الكفار

1/1353- عنْ أبي هُرَيْرةَ، رضي الله عنه، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه" متفقٌ عليهِ.

2/1354- وعنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَا تَعُدُّونَ الشهداءَ فِيكُم؟ قالُوا: يَا رسُولِ اللَّهِ مَنْ قُتِل في سَبيلِ اللَّه فَهُو شهيدٌ. قَالَ:"إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذاً لَقلِيلٌ،"قالُوا: فَمنْ يَا رسُول اللَّه؟ قَالَ:"منْ قُتِل في سبيلِ اللَّه فهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في سَبيلِ اللَّه فهُو شهيدٌ، ومنْ ماتَ في الطَّاعُون فَهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في البطنِ فَهُو شَهيدٌ، والغَريقُ شَهيدٌ "رواهُ مسلمٌ.

ص: 382

3/1355- وعن عبدِ اللَّهِ بن عمْرو بن العاص، رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "منْ قُتِل دُونَ مالِه، فَهُو شهيدٌ" متفقٌ عَلَيْهِ.

4/1356- وعنْ أَبي الأعْوَر سعيدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرو بنِ نُفَيْلٍ، أَحدِ العشَرةِ المشْهُودِ لَهمْ بالجنَّةِ، رضي الله عنهم، قَالَ: سمِعت رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: " منْ قُتِل دُونَ مالِهِ فهُو شَهيدٌ، ومنْ قُتلَ دُونَ دمِهِ فهُو شهيدٌ، وَمَنْ قُتِل دُونَ دِينِهِ فَهو شهيدٌ، ومنْ قُتِل دُونَ أهْلِهِ فهُو شهيدٌ".

رواه أَبو داود، والترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

5/1357- وعنْ أَبي هُريرة، رضي الله عنه، قالَ: جاء رجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رسولَ اللَّه أَرأَيت إنْ جاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ:"فَلا تُعْطِهِ مالكَ"قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَاتلني؟ قَالَ:"قَاتِلْهُ"قَالَ: أَرأَيت إنْ قَتلَني؟ قَالَ:"فَأنْت شَهيدٌ"قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ:"هُوَ فِي النَّارِ "رواهُ مسلمٌ.

ص: 383

236-

‌ باب فضل العتق

قَالَ الله تَعَالَى: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11-13] .

1/1358- وعنْ أَبي هُريرةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لي رَسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "منْ أَعْتَقَ رقَبةً مُسْلِمةً أَعْتَقًَ اللَّه بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِنْهُ مِنَ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفرجهِ". متفقٌ عليهِ.

2/1359- وعَنْ أَبي ذَرٍّ، رضي الله عنه، قالَ: قُلْتُ يَا رسُولَ اللَّه، أيُّ الأعْمالِ أفضَل؟ قَال:"الإيمانُ باللَّه، والجِهادُ في سبيلِ اللَّه"قَالَ: قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قالَ:"أنْفَسُهَا عِنْد أَهْلِهَا، وَأَكثَرُهَا ثَمَناً "متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 383

‌باب فضل الإحسان على المملوك

237-

باب فضل الإِحْسَان إِلَى المملوك

قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى

ص: 383

وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36] .

1/1360- وعنِ المَعْرُور بن سُويْدٍ قالَ: رأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ، رضي الله عنه، وعليهِ حُلَّةٌ، وعَلى غُلامِهِ مِثْلُهَا، فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَذكر أنَّه سَابَّ رَجُلاً عَلَى عهْدِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَعَيَّرَهُ بأُمِّهِ، فَقَال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنَّك امْرُؤٌ فِيك جاهِليَّةٌ": هُمْ إخْوانُكُمْ، وخَولُكُمْ، جعَلَهُمُ اللَّه تَحت أيدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحت يَدهِ فليُطعِمهُ مِمَّا يَأْكلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يلبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُم مَا يَغْلبُهُمْ، فَإنْ كَلَّفتُمُوهُم فَأَعِينُوهُم "،متفقٌ عَلَيْهِ.

2/1361- وَعَنْ أَبي هُريرَةَ، رضي الله عنه، عَن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: قالَ: "إِذَا أَتى أحدَكم خَادِمُهُ بِطَعامِهِ، فَإنْ لَمْ يُجْلِسْهُ معهُ، فَليُناولْهُ لُقمةً أوْ لُقمَتَيْنِ أوْ أُكلَةً أوْ أُكلَتَيْنِ، فَإنَّهُ ولِيَ عِلاجهُ" رواه البخاري.

"الأُكلَةُ"بضم الهمزة: هِيَ اللُّقمَةُ.

ص: 384

238-

‌ باب فضل المملوك الذي يؤدي حقَّ اللهِ وحقَّ مواليهِ

1/1362- عَن ابن عُمَرَ، رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالَ:"إنَّ العَبْد إِذَا نَصحَ لِسيِّدِهِ، وَأَحْسَنَ عِبادةَ اللَّهِ، فَلَهُ أَجْرُهُ مرَّتيْنِ" متفقٌ عليه.

2/1363- وعَنْ أبي هُريرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "للعبدِ الممْلُوكِ المُصْلحِ أَجْرَانِ"، والَّذِي نَفسُ أَبي هُرَيرَة بيَدِهِ لَوْلا الجهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ، والحَجُّ، وبِرُّ أُمِّي، لأحْببتُ أنْ أمُوتَ وأنَا ممْلوكٌ. متفقٌ عليهِ.

3/1364- وعَنْ أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، رضي الله عنه، قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "للممْلُوكُ

ص: 384

الَّذِي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيُؤدِّي إِلَى سَيِّدِهِ الذي عليهِ مِنَ الحقِّ، والنَّصِيحَةِ، والطَّاعَةِ، أجْرَانِ "رواهُ البخاريُّ.

4/1365- وعَنْهُ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ثلاثةٌ لهُمْ أَجْرانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمَنَ بنبيَّه وآمنَ بمُحَمدٍ صلى الله عليه وسلم، والعبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أدَّى حقَّ اللَّهِ، وَحقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُل كانَتْ لَهُ أَمةٌ فَأَدَّبها فَأحْسَنَ تَأْدِيبَها، وَعلَّمها فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَها، ثُمَّ أَعْتقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَان" متفقٌ عَليهِ.

ص: 385

239-

‌ باب فضل العبادةِ في الهرج وَهُوَ الاختلاط والفتن ونحوها

1/1366- عنْ مَعقِلِ بن يسارٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " العِبَادَةُ في الهَرْجِ كهِجْرةٍ إلَيَّ" رواهُ مُسْلمٌ.

ص: 385

240-

باب فضل السَّماحةِ في البيع والشراء والأخذ والعطاء، وحسن القضاء والتقاضي، وإرجاح المكيال والميزان، والنَّهي عن التطفيف، وفضل إنظار الموسِر المُعْسر والوضع عَنْهُ

قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215] وقال تَعَالَى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [هود: 85] وقال تَعَالَى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 1-6] .

1/1367- وعَنٌْ أبي هُريرة، رضي الله عنه، أَنَّ رجُلاً أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يتَقاضَاهُ فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحابُهُ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"دعُوهُ فَإنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مقَالاً"ثُمَّ قَالَ:"أَعْطُوه سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ"قالوا: يَا رسولَ اللَّهِ لا نَجِدُ إلَاّ أَمْثَل مِنْ سِنِّهِ، قَالَ:"أَعْطُوهُ فَإنَّ خَيْرَكُم أَحْسنُكُمْ قَضَاءً "متفقٌ عليه.

ص: 385

‌كتابُ العِلم

241-

‌ بابُ فضل العلم

قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه: 114] وقال تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] وقال تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] وقال تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] .

1/1276- وعَنْ مُعاوِيةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يُرِد اللَّه بِهِ خيْراً يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ" متفقٌ عليه.

2/1377- وعنْ ابنِ مسْعُودٍ، رضي الله عنه، قَال: قَال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا حَسَد إلَاّ في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالاً فَسلَّطهُ عَلى هلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّه الحِكْمَةَ فهُوَ يَقْضِي بِهَا، وَيُعَلِّمُهَا "مُتَّفَقٌ عَليهِ.

والمرادُ بالحسدِ الْغِبْطَةُ، وَهُوَ أنْ يتَمنَّى مثْلَهُ.

3/1378- وعَنْ أَبي مُوسى، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ مَا بعثَنِي اللَّه بِهِ مِنَ الهُدى والْعِلْمِ كَمَثَل غَيْثٍ أَصَابَ أرْضاً، فَكَانَتْ مِنْهَا طَائفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ، وَالْعُشْب الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أجَادِبُ أمسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللَّه بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وزَرَعُوا، وأَصَاب طَائفَةً مِنْهَا أُخْرى إنَّما هِي قِيعانٌ، لا تمْسِكُ مَاءً، ولاتُنْبِتُ كَلأً، فَذلكَ مثَلُ منْ فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّه بِهِ فَعلِمَ وَعلَّمَ، وَمَثَلُ منْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلكَ رَأساً، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذي أُرْسِلْتُ بِهِ "متفقٌ عَلَيْهِ.

4/1379- وعَنْ سَهْلِ بن سعدٍ، رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَليًّ، رضي الله عنه:"فو اللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلاً واحِداً خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم" متفقٌ عليهِ.

5/1380- وعن عبدِ اللَّه بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بلِّغُوا عَنِّي

ص: 389

ولَوْ آيَةً، وحَدِّثُوا عنْ بَنِي إسْرَائيل وَلا حَرجَ، ومنْ كَذَب علَيَّ مُتَعمِّداً فَلْيتبَوَّأْ مَقْعَدهُ مِنَ النَّار" رواه البخاري.

6/1381- وعنْ أَبي هُريرةَ، رضي الله عنه، أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قالَ:"ومَنْ سلَك طرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً، سهَّلَ اللَّه لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ "رواهُ مسلمٌ.

7/1382- وَعَنهُ، أَيضاً، رضي الله عنه أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً كانَ لهُ مِنَ الأجْر مِثلُ أُجورِ منْ تَبِعهُ لَا ينْقُصُ ذلكَ مِنْ أُجُورِهِم شَيْئاً "رواهُ مسلمٌ.

8/1383- وعنْهُ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ماتَ ابْنُ آدَم انْقَطَع عَملُهُ إلَاّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدقَةٍ جَاريَةٍ، أوْ عِلمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أوْ وَلدٍ صالحٍ يدْعُو لَهُ" رواهُ مسلمٌ.

9/1384- وَعنْهُ قَالَ: سمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الدُّنْيَا ملْعُونَةٌ، ملْعُونٌ مَا فِيهَا، إلَاّ ذِكرَ اللَّه تَعَالى، وَمَا والَاهُ، وعَالماً، أوْ مُتَعلِّماً "رواهُ الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.

قولهُ"وَمَا وَالاهُ"أيْ: طاعةُ اللِّه.

10/1385- وَعَنْ أنسٍ، رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:"مَن خرَج في طَلَبِ العِلمِ، كان في سَبيلِ اللَّهِ حَتَّى يرجِعَ "رواهُ الترْمِذيُّ وقال: حديثٌ حَسنٌ.

11/1386- وعَنْ أَبي سَعيدٍ الخدْرِيِّ، رضي الله عنه، عَنْ رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَنْ يَشبَع مُؤمِنٌ

ص: 390

مِنْ خَيْرٍ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الجَنَّةَ". رواهُ الترمذيُّ، وقَالَ: حديثٌ حسنٌ.

12/1387- وعَنْ أَبي أُمَامة، رضي الله عنه، أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ:"فضْلُ الْعالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلي عَلَى أَدْنَاكُمْ"ثُمَّ قَالَ: رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ اللَّه وملائِكَتَهُ وأَهْلَ السَّمواتِ والأرضِ حتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلى مُعلِّمِي النَّاسِ الخَيْرْ "رواهُ الترمذي وقالَ: حَديثٌ حَسنٌ.

13/1388-وَعَنْ أَبي الدَّرْداءِ، رضي الله عنه، قَال: سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يقولُ:"منْ سَلَكَ طَريقاً يَبْتَغِي فِيهِ علْماً سهَّل اللَّه لَه طَريقاً إِلَى الجنةِ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضاً بِما يَصْنَعُ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ فِي الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ، وفَضْلُ الْعَالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ". رواهُ أَبُو داود والترمذيُّ.

14/1389- وعنِ ابن مسْعُودٍ، رضي الله عنه، قالَ: سمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "نَضَّرَ اللَّه امْرءاً سمِع مِنا شَيْئاً، فبَلَّغَهُ كَمَا سَمعَهُ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعى مِنْ سَامِع ". رواهُ الترمذيُّ وقال: حديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ.

15/1390- وعن أَبي هُريرةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"منْ سُئِل عنْ عِلمٍ فَكَتَمَهُ، أُلجِم يَومَ القِيامةِ بِلِجامٍ مِنْ نَارٍ".رواهُ أَبو داود والترمذي، وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.

16/1391- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "منْ تَعلَّمَ عِلماً مِما يُبتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عز وجل لا يَتَعلَّمُهُ إِلَاّ ليصِيبَ بِهِ عَرَضاً مِنَ الدُّنْيا لَمْ يجِدْ عَرْفَ الجنَّةِ يوْم القِيامةِ "يَعْنِي: رِيحَهَا، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.

17/1392- وعنْ عبدِ اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم

ص: 391

يقول:"إنَّ اللَّه لَا يقْبِض العِلْم انْتِزَاعاً ينْتزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، ولكِنْ يقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَماءِ حتَّى إِذَا لمْ يُبْقِ عَالِماً، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوساً جُهَّالاً فَسئِلُوا، فأفْتَوْا بغَيْرِ علمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا" متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 392

‌كتابُ حمد الله تعالى وشكره

242-

‌ بابُ فضل الحمد والشكر

قَالَ الله تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152] وقال تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] وقال تَعَالَى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الإسراء: 111] وقال تَعَالَى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] .

1/1393- وعن أبي هُرَيْرة، رضي الله عنه، أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِي لَيْلةَ أُسْرِيَ بِهِ بِقَدَحَيْن مِن خَمْر ولَبن، فنظَرَ إلَيْهِما فأَخذَ اللَّبنَ، فَقَالَ جبريلُ صلى الله عليه وسلم:"الحمْدُ للَّهِ الَّذي هَداكَ للفِطْرةِ لوْ أخَذْتَ الخَمْرَ غَوتْ أُمَّتُكَ" رواه مسلم.

2/1394- وعنْهُ عنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ أمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدأُ فِيهِ ب: الحمد للَّه فَهُوَ أقْطُع" حديثٌ حسَنٌ، رواهُ أَبُو داود وغيرُهُ.

3/1395- وعَن أَبي مُوسى الأشعريَّ رضي الله عنه، أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا ماتَ ولَدُ العبْدِ قَالَ اللَّه تَعَالَى لملائِكَتِهِ: قَبضْتُمْ ولَدَ عبْدِي؟ فيقولُون: نَعمْ، فَيقولُ: قبضتُم ثَمرةَ فُؤَادِهِ؟ فيقولونَ: نَعَمْ، فيقولُ: فَمَاذَا قَالَ عَبْدي؟ فيقولونَ: حمِدكَ واسْتَرْجَع، فَيقُولُ اللَّه تَعالى: ابْنُوا لِعَبْدِي بيْتاً في الجنَّةِ، وسَمُّوهُ بَيْتَ الحمْدِ "رواهُ الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.

4/1396- وعنّْ أنَسَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّه لَيرضي عنِ العبْدِ يَأْكُلُ الأكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَليْهَا، وَيَشْرب الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا" رواهُ مسلم.

ص: 393

‌كتابُ الصَّلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

243-

‌ باب فضل الصَّلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: 56] .

1/1397- وعنْ عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما أنَّهُ سمِع رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُولُ:"مَنْ صلَّى عليَّ صلَاةً، صلَّى اللَّه علَيّهِ بِهَا عشْراً" رواهُ مسلم.

2/1398- وعن ابن مسْعُودٍ رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَوْلى النَّاسِ بِي يوْمَ الْقِيامةِ أَكْثَرُهُم عَليَّ صَلَاةً "رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.

3/1399- وعن أوس بن أوسٍ، رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِن أَفْضلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعةِ، فَأَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصلاةِ فِيهِ، فإنَّ صَلاتَكُمْ معْرُوضَةٌ علَيَّ"فقالوا: يَا رسول اللَّه، وكَيْفَ تُعرضُ صلاتُنَا عليْكَ وقدْ أرَمْتَ؟، يقولُ: بَلِيتَ، قالَ:"إنَّ اللَّه حَرم عَلَى الأرْضِ أجْساد الأنْبِياءِ". رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ صحيحِ.

4/1400- وعنْ أَبي هُريْرةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رَغِم أنْفُ رجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ علَيَّ" رواهُ الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.

ص: 395

5/1401- وعنهُ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تَجْعلُوا قَبْرِي عِيداً، وَصلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُني حيْثُ كُنْتُمْ" رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.

6/1402- وعنهُ أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يُسلِّمُ علَيَّ إلَاّ ردَّ اللَّه علَيَّ رُوحي حَتَّى أرُدَّ عليه السلام".

رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ.

7/1403- وعن علِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْبخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَم يُصَلِّ علَيَّ". رواهُ الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

8/1404- وعنْ فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ، رضي الله عنه، قَالَ: سمِع رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يدْعُو في صلاتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللَّه تَعالى، وَلَمْ يُصلِّ عَلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"عَجِلَ هَذَا"، ثمَّ دعَاهُ فَقَالَ لهُ أوْ لِغَيْرِهِ:"إِذَا صلَّى أحَدُكُمْ فليبْدأْ بِتَحْمِيدِ ربِّهِ سُبْحانَهُ والثَّنَاءِ عليهِ، ثُمَّ يُصلي عَلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يدْعُو بَعدُ بِما شاءَ".

رواهُ أَبُو داود والترمذي وقالا: حديثٌ حسن صحيحٌ.

9/1405- وعن أَبي محمدٍ كَعب بن عُجرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: خَرج علَيْنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقُلْنا: يَا رَسُولَ اللَّه، قَدْ علِمْنَا كَيْف نُسلِّمُ عليْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي علَيْكَ؟ قَالَ:"قُولُوا: اللَّهمَّ صَلِّ عَلَى مُحمَّدٍ، وَعَلى آلِ مُحمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ عَلى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حمِيدٌ مجيدٌ. اللهُمَّ بارِكْ عَلى مُحَمَّد، وَعَلى آلِ مُحَمَّد، كَما بَاركْتَ عَلَى آلِ إبْراهِيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ". متفقٌ عليهِ.

10/1406- وعنْ أَبي مسْعُود الْبدْريِّ، رضي الله عنه، قالَ: أَتاناَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ في مَجْلِس سَعدِ بنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه، فقالَ لهُ بَشِيرُ بْنُ سعدٍ: أمرَنَا اللَّه أنْ نُصلِّي علَيْكَ

ص: 396

يَا رسولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ نُصَّلي علَيْكَ؟ فَسكَتَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، حَتَّى تَمنَّيْنَا أنَّه لمْ يَسْأَلْهُ، ثمَّ قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قولُوا:"اللَّهمَّ صلِّ عَلى مُحَمَّدٍ، وَعَلى آلِ مُحمَّدٍ، كَمَا صليْتَ عَلَى آلِ إبْراهِيم، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّد، وعَلى آلِ مُحمَّد، كَمَا بَاركْتَ عَلى آلِ إبْراهِيم، إنكَ حمِيدٌ مجِيدٌ، وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمتم " رواهُ مسلمٌ.

11/1407- وعَنْ أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِديِّ، رضي الله عنه، قالَ: قَالُوا يَا رسولَ اللَّه كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قالَ: "قولُوا: اللَّهُمَّ صلِّ عَلَى مُحمِّدٍ، وعَلى أزْواجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْراهِيمَ، وباركْ عَلى مُحَمَّدٍ، وعَلى أَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بارَكتَ عَلَى آلِ إبْراهِيم، إنَّكَ حمِيدٌ مجِيدٌ" متفقٌ عليهِ.

ص: 397

‌كتاب الأذْكَار

244-

‌ باب فَضلِ الذِّكْرِ والحثِّ عليه

قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45] وقال تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] وقال تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205] وقال تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10] وقال تَعَالَى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب: 35} وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب: 42،41] والآيات في الباب كثيرةٌ معلومةٌ.

1/1408-وعَنْ أَبي هُريرةَ، رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَلِمتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلى اللِّسانِ، ثَقيِلَتانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمنِ: سُبْحان اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبحانَ اللَّه العظيمِ "متفقٌ عليهِ.

2/1409-وعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ أَقُولَ سبْحانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ للَّهِ، وَلَا إلَه إلَاّ اللَّه، وَاللَّه أكْبرُ، أَحبُّ إليَّ مِمَّا طَلَعَت عليهِ الشَّمْسُ" رواه مسلم.

3/1410- وعنهُ أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قالَ: "منْ قَالَ لا إله إلَاّ اللَّه وَحْدَهُ لا شرِيكَ لَهُ، لهُ المُلكُ، وَلهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، في يومٍ مِائةَ مَرَّةٍ كانَتْ لَهُ عَدْل عَشر رقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنةٍ، وَمُحِيت عنهُ مِائة سيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرزاً مِنَ الشَّيطَانِ يومَهُ ذلكَ حَتَّى يُمسِي، وَلَمْ يأْتِ أَحدٌ بِأَفضَل مِمَّا جاءَ بِهِ إلَاّ رجُلٌ عَمِلَ أَكثَر مِنه"، وقالَ:"مَنْ قالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبحمْدِهِ، في يوْم مِئَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَاياهُ، وإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْر" متفقٌ عليهِ.

ص: 399

4/1411- وعَنْ أَبي أيوبَ الأنصَاريِّ رضي الله عنه عَن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قالَ لا إلهَ إلَاّ اللَّه وحْدهُ لَا شَرِيكَ لهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحمْدُ، وَهُو عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، عشْر مرَّاتٍ: كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أرْبعةَ أَنفُسٍ مِن وَلِد إسْماعِيلَ" متفقٌ عليهِ.

5/1412- وعنْ أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه قالَ: قالَ لي رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألَا أُخْبِرُكَ بِأَحبِّ الكَلامِ إِلَى اللَّهِ؟ إنَّ أحبَّ الكَلامِ إِلَى اللَّه: سُبْحانَ اللَّه وبحَمْدِهِ" رواه مسلم.

6/1413- وعَنْ أَبي مالكٍ الأشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمان، والحمدُ للَّهِ تَمْلأُ المِيْزانَ، وسُبْحَانَ اللَّهِ والحمْدُ للَّه تمْلآنِ أو تَمْلأُ ما بَيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ" رواهُ مسلم.

7/1414- وعَنْ سعْدِ بنِ أَبي وقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: جاءَ أَعْرَابي إِلى رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالَ: علِّمْني كَلاماً أَقُولُهُ. قالَ:"قُل لَا إله إلَاّ اللَّه وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ، اللَّه أَكْبَرُ كَبِيراً، والحمْدُ للَّهِ كَثيراً، وسُبْحانَ اللَّه ربِّ العالمِينَ، وَلَا حوْل وَلا قُوَّةَ إلَاّ باللَّهِ العَزيز الحكيمِ"، قَالَ: فَهؤلاء لِرَبِّي، فَما لِي؟ قَالَ:"قُل: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحمني. واهْدِني، وارْزُقْني" رواه مسلم.

8/1415- وعنْ ثوبانَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا انْصَرَف مِنْ صلاتِهِ اسْتَغفَر ثَلاثاً، وَقَالَ:"اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ، ومِنكَ السَّلامُ، تباركْتَ يَاذا الجلالِ وَالإكْرَامِ"قِيل للأَوْزاعي وهُوَ أَحَد رُواةِ الحديث: كيفَ الاستِغفَارُ؟ قال: تقول: أَسْتَغْفرُ اللَّه، أَسْتَغْفِرُ اللَّه". رواهُ مسلم.

9/1416- وعَن المُغِيرةِ بن شُعْبةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كَان إِذَا فَرغَ مِنَ الصَّلاة وسلَّم قالَ: "لَا إلهَ إلَاّ اللَّه وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ. اللَّهُمَّ لَا مانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ، وَلا مُعْطيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا ينْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجدُّ" متفقٌ عليهِ.

10/1417- وعَنْ عبدِ اللَّه بن الزُّبَيْرِ رضي اللَّه تَعَالَى عنْهُما أَنَّهُ كَانَ يقُول دُبُرَ كَلِّ صلاةٍ، حينَ يُسَلِّمُ: لَا إلَه إلَاّ اللَّه وَحْدَهُ لَا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ. لَا حوْلَ وَلا

ص: 400

قُوَّةَ إلَاّ بِاللَّه، لَا إلهَ إلَاّ اللَّه، وَلا نَعْبُدُ إلَاّ إيَّاهُ، لهُ النعمةُ، ولَهُ الفضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسنُ، لَا إلهَ إلَاّ اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولوْ كَرِه الكَافرُون. قالَ ابْنُ الزُّبَيْر: وكَان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مكتوبة، رواه مسلم.

11/1418- وعنْ أبي هُريرةَ رضي الله عنه أنَّ فُقَرَاءَ المُهاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالُوا: ذَهب أهْلُ الدُّثُورِ بالدَّرجَاتِ العُلى، وَالنِّعِيمِ المُقيمِ: يُصَلُّونَ كَما نُصلِّي، وَيصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، ولهمُ فَضْلٌ مِنْ أمْوالٍ: يحجُّونَ، ويَعْتَمِرُونَ، وَيُجاهِدُونَ، ويتَصَدَّقُون. فقالَ:"ألَا أُعلمُكُمْ شَيْئاً تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سبَقَكُمْ، وتَسبِقُونَ بِهِ منْ بَعْدكُمْ. وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضلَ مِنْكُمْ إلَاّ مَنْ صَنَعِ مِثلَ مَا صَنَعْتُم؟ "قالُوا: بَلَى يَا رسول اللَّه، قَالَ:"تُسبِّحُونَ، وتَحْمدُونَ وتُكَبِّرُونَ، خلْفَ كُلِّ صلاةٍ ثَلاثاً وثَلاثينَ" قَالَ أبُو صالحٍ الرَّاوي عنْ أَبي هُرَيْرةَ، لمَّ سئِل عنْ كيْفِيةِ ذِكْرِهنَّ، قَالَ: يقول: سُبْحان اللَّه، والحمْدُ للَّه، واللَّه أكْبرُ، حتَّى يكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهنَّ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ. متفقٌ عليهِ

وزاد مُسْلمٌ في روايتِهِ: فَرجع فُقَراءُ المُهَاجِرِينَ إِلَى رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمِع إخْوانُنا أهلُ الأمْوال بِما فعَلْنَا، ففعَلُوا مِثْلهُ؟ فقالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ذلكَ فَضْلُ اللَّه يُؤْتِيهِ منْ يشاءُ ".

"الدُّثُورُ"جمع دَثْرٍ"بفتحِ الدَّالِ وإسكانِ الثاء المثلَّثَةِ"وهو المالُ الكثيرُ.

12/1419- وعنْهُ عنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ سَبَّحَ اللَّه في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ ثَلاثاً وثَلاثينَ، وَحمِدَ اللَّه ثَلاثاً وثَلاثين، وكَبَّرَ اللَّه ثَلاثاً وَثَلاثينَ وقال تَمامَ المِائَةِ: لا إلهَ إلَاّ اللَّه وحْدَه لا شَريك لهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحمْد، وهُو عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، غُفِرتْ خطَاياهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبدِ الْبَحْرَ "رواهُ مسلم.

13/1420- وعنْ كعْبِ بن عُجرْةَ رضي الله عنه عَنْ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مُعقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَو فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صلاةٍُ مكتُوبةٍ: ثَلاثٌ وثَلاثونَ تَسْبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وثَلاثونَ تَكبِيرةً" رواه مسلم.

14/1421- وعنْ سعدِ بن أَبي وقاص رضي عنْهُ أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَ يَتَعوَّذُ دُبُر الصَّلَواتِ بِهؤلاءِ الكلِمات: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ والْبُخلِ وَأَعوذُ بِكَ مِنْ أنْ أُرَدَّ إِلَى أرْذَل

ص: 401

العُمُرِ وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا، وأَعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ القَبر " رواه البخاري.

15/1422- وعنْ معاذٍ رضي الله عنه أَنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بيَدِهِ وَقالَ: "يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إنِّي لأُحِبُّكَ"فَقَالَ:"أُوصِيكَ يَا معاذُ لَا تَدعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ تقُولُ: اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وَحُسنِ عِبادتِكَ ".

رواهُ أَبُو داود بإسناد صحيحٍ.

16/1423- عنْ أبي هُريْرة رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا تَشَهَّد أَحدُكُمْ فَليسْتَعِذ بِاللَّه مِنْ أرْبَع، يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عذَابِ جهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبرِ، وَمِنْ فِتْنةِ المحْيَا والمَماتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيح الدَّجَّالِ". رواه مسلم.

17/1424- وعنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ يكونُ مِنْ آخِر مَا يقولُ بينَ التَّشَهُّدِ والتَّسْلِيم: "اللَّهمَّ اغفِرْ لِي مَا قَدَّمتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ ومَا أعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرفْتُ، وَمَا أَنتَ أَعْلمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ، وَأنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلهَ إلَاّ أنْتَ "رواه مسلم.

18/1425- وعنْ عائشةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أنْ يقولَ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدك، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي "متفقٌ عليهِ.

19/1426- وَعَنْهَا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُولُ في رُكوعِهِ وسجودِهِ:" سُبُّوحٌ قدُّوسٌ ربُّ الملائِكةِ وَالرُّوحِ" رواه مسلم.

20/1427- وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ:"فَأَمَّا الرُّكوعُ فَعَظِّموا فيهِ الرَّبَّ عز وجل، وأمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعاء فَقَمِنُّ أنْ يُسْتَجَاب لَكُمْ "رواه مسلم.

ص: 402

21/1428- وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أقربُ مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ "رواهُ مسلم.

22/1429- وعنهُ أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَ يقُولُ في سُجُودِهِ: " اللَّهُمَّ اغفِرْ لي ذَنبي كُلَّهُ: دِقَّه وجِلَّهُ، وأَوَّله وَآخِرَهُ، وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّه" رواهُ مسلم.

23/1430- وعنْ عائشةَ رضي الله عنها قالَتْ: افتَقدْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَتَحَسَّسْتُ، فَإذَا هُو راكعٌ أوْ سَاجدٌ يقولُ:"سُبْحَانكَ وبحمدِكَ، لَا إلهَ إلَاّ أنْتَ" وفي روايةٍ: فَوقَعَت يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدميهِ، وهُوَ في المَسْجِدِ، وَهُمَا منْصُوبتانِ، وَهُوَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وبمُعافاتِكَ مِنْ عُقوبتِكَ، وَأَعُوذُ بِك مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عليكَ أَنْتَ كَمَا أثنيتَ عَلَى نَفْسِكَ" رواهُ مسلم.

24/1431- وعنْ سعدِ بن أَبي وقاصٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْد رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: "أَيعجِزُ أَحدُكم أنْ يكْسِبَ في كلِّ يوْمٍ أَلف حَسنَة،"فَسَأَلَهُ سائِلٌ مِنْ جُلَسائِهِ: كيفَ يكسِبُ أَلفَ حَسنَةٍ؟ قالَ:"يُسَبِّحُ مِائةَ تَسْبِيحة، فَيُكتَبُ لهُ أَلفُ حسَنَةٍ، أوْ يُحَطُّ عنْهُ ألفُ خَطِيئَةٍ "رواه مسلم.

قَالَ الحُميدِيُّ: كذا هُوَ في كتاب مسلم:"أوْ يُحَطُّ"قَالَ: البَرْقَانيُّ: ورواهُ شُعْبَةُ، وأبو عوانَةَ، ويَحيَى القَطَّانُ، عَنْ مُوسى الَّذِي رواه مسلم مِن جِهتِهِ فقالُوا:"وَيُحَطُّ"بِغَيْرِ أَلفٍ.

25/1432- وعنْ أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يُصْبِحُ عَلى كُلِّ سُلامَى مِنْ أَحدِكُمْ صَدَقةٌ: فكُلُّ تَسْبِيحةٍ صدقَةٌ، وكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وكُلُّ تَكْبِيرةٍ صدقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمعْرُوفِ صَدقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنكَرِ صدقَةٌ. وَيُجْزِيءُ مِنْ ذلكَ ركْعتَانِ يَرْكَعُهُما منَ الضُّحَى "رواه مسلم.

26/1433-وعَنْ أُمِّ المؤمنينَ جُوَيْرِيَةَ بنتِ الحارِثِ رضي الله عنها أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم خَرجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وهِيَ في مسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجع بَعْد أَنْ أَضْحى وهَي جَالِسةٌ فقال:"مازلْتِ

ص: 403

عَلَى الحالِ الَّتي فارَقْتُكَ عَلَيْهَا؟ "قالَتْ: نَعمْ: فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَقَدْ قُلْتُ بَعْدِكِ أرْبَعَ كَلمَاتٍ ثَلاثَ مرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَومِ لَوَزَنْتهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وبحمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَاءَ نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عرْشِهِ، ومِداد كَلمَاتِه" رواه مسلم.

وفي روايةٍ لهُ: سُبْحانَ اللَّهِ عددَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَاءَ نَفْسِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ مِداد كَلماتِهِ".

وفي روايةِ الترمذي:"ألا أُعلِّمُكِ كَلماتٍ تَقُولِينَها؟ سُبْحانَ اللَّهِ عَدَدَ خلْقِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ عَددَ خَلْقِهِ، سُبْحانَ اللَّه عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحانَ اللَّه رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحان اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحانَ اللَّه رِضَا نَفْسِهِ، سُبحَانَ اللَّه زِنَةَ عرْشِهٍ، سُبحَانَ اللَّه زِنَةَ عرْشِهٍ، سُبحَانَ اللَّه زِنَةَ عرْشِهٍ، سُبحَانَ اللَّهِ مِدادَ كَلماتِهِ، سُبحَانَ اللَّهِ مِدادَ كَلماتِهِ، سُبحَانَ اللَّهِ مِدادَ كَلماتِه".

27/1434- وعنْ أَبي مُوسَى الأشعريِّ، رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَثَلُ الَّذِي يَذكُرُ ربَّهُ وَالذي لا يذكُرُهُ، مَثَل الحيِّ والمَيِّتِ" رواهُ البخاري.

ورواه مسلم فَقَالَ: "مَثَلُ البَيْتِ الَّذي يُذْكَرُ اللَّه فِيهِ، وَالبَيتِ الَّذِي لا يُذْكَرُ اللَّه فِيهِ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ".

28/1435- وعنْ أَبي هُريرةَ، رضي الله عنه، أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قالَ:"يقُولُ اللَّه تَعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ، ذكَرتُهُ في ملإٍ خَيْرٍ منْهُمْ" متَّفقٌ عليهِ.

29/1436- وعَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سبقَ المُفَرِّدُونَ"قالوا: ومَا المُفَرِّدُونَ يَا رسُول اللَّهِ؟ قَالَ:"الذَّاكِرُونَ اللَّه كَثيراً والذَّاكِراتُ" رواه مسلم.

روي:"المُفَرِّدُونَ"بتشديد الراءِ وتخفيفها، والمَشْهُورُ الَّذي قَالَهُ الجمهُورُ: التَّشديدُ.

30/1437- وعن جابرٍ رضي الله عنه قالَ: سمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ: "أَفْضَلُ الذِّكرِ: لا إلهَ إلَاّ اللَّه".

ص: 404

رواهُ الترمِذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.

31/1438- وعنْ عبد اللَّه بن بُسْرٍ رضي الله عنه أنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رسُولَ اللَّهِ، إنَّ شَرائِع الإسْلامِ قَدْ كَثُرتْ علَيَّ، فَأخبرْني بِشيءٍ أتشَبَّثُ بهِ قَالَ:"لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ".

رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حَسَنٌ.

32/1439- وعنْ جابرٍ رضي الله عنه، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:"منْ قَالَ: سُبْحانَ اللَّهِ وبحَمدِهِ، غُرِستْ لهُ نَخْلَةٌ في الجَنَّةِ". رواه الترمذي وَقالَ: حديث حسنٌ.

33/1440- وعن ابن مسْعُودٍ رضي الله عنه قال: قال رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم "لَقِيتُ إبراهيمَ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحمَّدُ أقرِيءْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلام، وأَخبِرْهُمْ أنَّ الجنَّةَ طَيِّبةُ التُّرُبةِ، عذْبةُ الماءِ، وأنَّها قِيعانٌ وأنَّ غِرَاسَها: سُبْحانَ اللَّه، والحمْدُ للَّه، وَلَا إلهَ إلَاّ اللَّه واللَّه أكْبَرُ".

رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.

34/1441- وعنْ أَبي الدِّرداءِ، رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلا أُنَبِّئُكُم بِخَيْرِ أَعْمَالِكُم، وأَزْكَاهَا عِند مليكِكم، وأَرْفعِها في دَرجاتِكم، وخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاق الذَّهَبِ والفضَّةِ، وخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقوْا عدُوَّكم، فَتَضربُوا أَعْنَاقَهُم، ويضرِبوا أَعْنَاقكُم؟ "قَالَوا: بلَى، قَالَ:"ذِكُر اللَّهِ تَعالى ".

رواهُ الترمذي، قالَ الحاكمُ أَبو عبد اللَّهِ: إِسناده صحيح.

35/1442- وعن سعْدِ بنِ أَبي وقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ دَخَل مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرأَةٍ وبيْنَ يديْهَا نَوىً أَوْ حصىً تُسبِّحُ بِه فقال: "أَلا أُخْبِرُك بما هُو أَيْسرُ عَليْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ"فقالَ:"سُبْحانَ اللَّهِ عددَ مَا خَلَقَ في السَّماءِ، وَسُبْحانَ اللَّهِ عددَ مَا خَلَقَ في الأَرْضِ، وسُبحانَ اللَّهِ عددَ مَا بيْنَ

ص: 405

ذلك، وسبْحانَ اللَّهِ عدد ما هُوَ خَالِقٌ. واللَّه أَكْبرُ مِثْلَ ذلكَ، والحَمْد للَّهِ مِثْل ذَلِكَ، وَلَا إِله إِلا اللَّه مِثْل ذلكَ، وَلَا حوْل وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ باللَّه مِثْلَ ذَلِكَ".

رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.

36/1443-وعنْ أَبي مُوسى رضي الله عنه قَالَ: قالَ لي رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلا أَدُلُّك عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجنَّةِ؟ "فقلت: بلى يَا رسولَ اللَّه، قَالَ:"لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ "متفقٌ عليه.

ص: 406

245-

باب ذكر اللَّه تعالى قائماً وقاعداً ومضطجعاًومحدثاً وجُنباً وحائضاً إِلَاّ القرآن فَلَا يحل لجنب وَلَا حائض

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 190-191] .

1/1444- وعنْ عائشة رضي الله عنها قَالَت: كانَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يذكُرُ اللَّه تَعالى عَلَى كُلِّ أَحيانِهِ. رواهُ مسلم.

2/1445- وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ أَنَّ أَحَدكُمْ إِذا أَتَى أَهلَهُ قالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيطَانَ وَجنِّبِ الشَّيطانَ ما رزَقْتَنَا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان" متفقٌ عليه.

ص: 406

246-

‌ باب مَا يقوله عِنْدَ نومه واستيقاظِه

1/1446- عن حُذَيْفَةَ، وأَبي ذَرٍّ رضي الله عنهما قالا: كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذا أَوَى إِلى فِراشِهِ قَالَ: "بِاسمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا "وإِذا اسْتيقَظَ قَالَ: "الحمْدُ للَّهِ الذِي أَحْيَانَا بعد مَا أَماتَنَا وَإِليْهِ النُّشورُ" رواه الترمذي.

ص: 406

247-

‌ باب فضل حِلَقِ الذِّكْر والنَّدب إِلَى ملازمتها والنهَّي عن مفارقتها لغير عذر

قَالَ الله تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28] .

1/1447- وعنْ أَبي هُريرةَ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ للَّهِ تَعالى ملائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُق يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فإِذا وَجدُوا قَوْماً يذكُرُونَ اللَّه عز وجل، تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلى حاجتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهم بِأَجْنِحَتِهم إِلى السَّمَاء الدُّنْيَا، فَيَسأَلهُم رَبُّهُم - وَهُوَ أَعْلم-: مَا يقولُ عِبَادِي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يُسبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرونَكَ، ويحْمَدُونَكَ، ويُمَجِّدُونَكَ، فيقولُ: هَلْ رأَوْني؟ فيقولونَ: لا واللَّهِ مَا رأَوْكَ، فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْني؟، قَالَ: يقُولُون لَوْ رَأَوْكَ كانُوا أَشَدَّ لكَ عِبادَةً، وأَشَدَّ لكَ تمْجِيداً، وأَكثرَ لكَ تَسْبِيحاً. فَيَقُولُ: فماذا يَسأَلُونَ؟ قَالَ: يَقُولونَ: يسأَلُونَكَ الجنَّةَ. قالَ: يقولُ: وَهل رَأَوْهَا؟ قالَ: يَقُولُونَ: لا وَاللَّه ياربِّ مَا رأَوْهَا. قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟، قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُم رأَوْها كَانُوا أَشَدَّ علَيْهَا حِرْصاً، وَأَشَدَّ لهَا طَلَباً، وَأَعْظَم فِيها رغْبة. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يَتعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَيقُولُ: وهَل رَأَوْهَا؟ قالَ: يقولونَ: لا واللَّهِ مَا رأَوْهَا. فَيقُولُ: كَيْف لَوْ رَأوْها؟، قَالَ: يقُولُون: لَوْ رَأَوْهَا كانوا أَشَدَّ مِنْهَا فِراراً، وأَشَدَّ لَهَا مَخَافَة. قَالَ: فيقُولُ: فَأُشْهدُكم أَنِّي قَد غَفَرْتُ لَهُم، قَالَ: يقُولُ مَلَكٌ مِنَ الملائِكَةِ: فِيهم فُلانٌ لَيْس مِنهم، إِنَّمَا جاءَ لِحاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهم جلِيسهُم "متفقٌ عَلَيْهِ.

وفي روايةٍ لمسلِمٍ عنْ أَبي هُريرةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ للَّهِ مَلائِكَةً سَيَّارةً فُضًلاءَ يتَتَبَّعُونَ مجالِس الذِّكرِ، فَإِذا وجدُوا مَجلِساً فِيهِ ذِكْرٌ، قَعدُوا معهُم، وحفَّ بعْضُهُم بعْضاً بِأَجْنِحَتِهِم حتَّى يَمْلؤوا مَا بيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّماءِ الدُّنْيَا، فَإِذا تَفَرَّقُوا عَرجُوا وصعِدوا إِلى السَّماءِ، فَيسْأَلهُمُ اللَّهُ عز وجل وهُوَ أَعْلَمُ -: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُون: جِئْنَا مِنْ عِندِ عِبادٍ لَكَ في الأَرْضِ: يُسبحُونَكَ، ويُكَبِّرُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ، وَيحْمَدُونَكَ، وَيَسْأَلُونَكَ. قَالَ: وَمَاذا يسْأَلُوني؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جنَّتَكَ. قَالَ: وهَلْ رَأَوْا جنَّتي؟ قالُوا: لا، أَيْ ربِّ: قَالَ: فكَيْفَ لَوْ رأَوْا جنَّتي؟ قالُوا: ويسْتَجِيرُونَكَ قال: ومِمَّ يسْتَجِيرُوني؟ قالوا: منْ نَارِكَ ياربِّ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قالوا: لا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟، قالُوا: ويسْتَغْفِرونَكَ، فيقولُ: قَدْ غفَرْتُ لهُمْ، وأَعطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وأَجرْتُهم مِمَّا اسْتَجارُوا. قال: فَيقُولونَ:

ص: 407

ربِّ فيهمْ فُلانٌ عبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ، فَجلَس معهُمْ، فيقُولُ: ولهُ غفَرْتُ، هُمْ القَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ".

2/1448- وعنهُ عنْ أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما قالا: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَاّ حفَّتْهُمُ الملائِكة، وغشِيتهُمُ الرَّحْمةُ ونَزَلَتْ علَيْهِمْ السَّكِينَة، وذكَرَهُم اللَّه فِيمن عِنْدَهُ" رواه مسلم.

3/1449- وعن أَبي واقِدٍ الحارِثِ بن عَوْفٍ رضي الله عنه أَنَّ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بيْنَما هُو جَالِسٌ في المسْجِدِ، والنَّاسُ معهُ، إِذ أَقْبلَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فأَقْبَل اثْنَانِ إِلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وذَهَب واحدٌ، فَوقَفَا عَلَى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَمَّا أَحدُهُما فرأَى فُرْجَةً في الحلْقَةِ، فجَلَسَ فِيهَا وأَمَّا الآخَرُ، فَجَلَس خَلْفَهُمْ، وأَمَّا الثالثُ فَأَدبر ذاهِباً. فَلمَّا فَرَغَ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَلا أُخبِرُكم عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ، أَمَّا أَحدُهم، فَأَوى إِلى اللَّهِ فآواه اللَّه وأَمَّا الآخرُ فَاسْتَحْيي فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الآخرُ، فأَعْرضَ، فأَعْرض اللَّهُ عنْهُ" متفقٌ عَلَيْهِ.

4/1450-وعن أَبي سعيد الخُدْريِّ رضي الله عنه قَالَ: خَرج معاوِيَة رضي الله عنه علَى حَلْقَةٍ في المسْجِدِ، فَقَالَ: مَا أَجْلَسكُمْ؟ قالُوا: جلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّه. قَالَ: آللَّهِ مَا أَجْلَسكُم إِلَاّ ذَاكَ؟ قالوا: مَا أَجْلَسنَا إِلَاّ ذَاكَ، قَالَ: أَما إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُم تُهْمةً لَكُم وَمَا كانَ أَحدٌ بمنْزِلَتي مِنْ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أقلَّ عنْهُ حَدِيثاً مِنِّي: إِنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خرَج علَى حَلْقَةٍ مِن أَصحابِه فَقَالَ:"مَا أَجْلَسكُمْ؟ "قالوا: جلَسْنَا نَذكُرُ اللَّه، ونحْمدُهُ علَى ماهَدَانَا لِلإِسْلامِ، ومنَّ بِهِ عليْنا. قَال:"آللَّهِ مَا أَجْلَسكُمْ إِلَاّ ذَاكَ؟ قالوا: واللَّه مَا أَجْلَسنا إِلَاّ ذَاكَ. قالَ:"أَما إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهمةً لكُمْ، ولِكنَّهُ أَتانِي جبرِيلُ فَأَخْبرني أَنَّ اللَّه يُباهِي بِكُمُ الملائكَةَ "رواهُ مسلمٌ.

ص: 408

248-

‌ باب الذكر عِنْدَ الصباح والمساء

قَالَ الله تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205] قَالَ أهلُ اللُّغَةِ:"الآصَالُ": جَمْعُ أصِيلٍ، وَهُوَ مَا بَيْنَ العَصْرِ

ص: 408

وَالمَغْرِبِ. وقال تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130] وقال تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالأِبْكَارِ} [غافر: 55] قَالَ أهلُ اللُّغَةِ:"العَشِيُّ": مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ وغُرُوبِهَا. وقال تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} الآية [النور: 36-37] وقال تَعَالَى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالأِشْرَاقِ} [ص: 18] .

1/1451- وعنْ أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وحينَ يُمسِي: سُبْحانَ اللَّهِ وبحمدِهِ مِائَةَ مَرةٍ لَم يأْتِ أَحدٌ يوْم القِيامة بأَفضَل مِما جَاءَ بِهِ، إِلَاّ أَحدٌ قَالَ مِثلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ" رواهُ مسلم.

2/1452- وعَنهُ قَالَ: جاءَ رجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رسُول اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْربٍ لَدغَتني البارِحةَ، قَالَ:"أَما لَو قُلتَ حِينَ أمْسيت: أعُوذُ بِكَلماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ منْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّك" رواه مسلم.

3/453- وعنْهُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه كَانَ يقولُ إِذَا أَصْبَحَ: "للَّهُمَّ بِكَ أَصْبحْنَا وبِكَ أَمسَيْنَا وبِكَ نَحْيا، وبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ النُّشُورُ"وإِذا أَمْسى قَالَ:"اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا، وبِكَ نَحْيا، وبِك نمُوتُ وإِلَيْكَ النُّشُورُ". رواه أَبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.

4/454- عنهُ أَنَّ أَبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ، رضي الله عنه، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِكَلمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ وإِذَا أَمْسَيتُ، قَالَ: قُلْ: "اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَواتِ والأرضِ عَالمَ الغَيْب وَالشَّهَادةِ، ربَّ كُلِّ شَيءٍ وَمَلِيكَهُ. أَشْهَدُ أَن لَا إِله إِلَاّ أَنتَ، أَعُوذُ بكَ منْ شَرِّ نَفسي وشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكهِ" قَالَ: "قُلْها إِذا أَصْبحْتَ، وَإِذا أَمْسَيْتَ، وإِذا أَخذْتَ مَضْجِعَكَ "رواه أَبُو داود والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ص: 409

5/55-وعَن ابْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: كانَ نبيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمسى قَالَ: "أَمْسَيْنَا وأَمْسى المُلكُ للَّهِ، والحمْدُ للَّهِ، لَا إِلهَ إِلَاّ اللَّه وحْدَهُ لَا شَريكَ لَه"قالَ الرواي: أَرَاهُ قَالَ فيهِنَّ:"لهُ المُلكُ وَلَه الحمْدُ وهُوَ عَلى كلِّ شَيءٍ قدِيرٌ، ربِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا في هذِهِ اللَّيلَةِ، وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وأَعُوذُ بِكَ منْ شَرِّ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وشَرِّ مَا بعْدَهَا، ربِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَسُوءِ الكِبْرِ، ربِّ أعوذُ بِكَ منْ عذَابٍ في النَّار، وَعَذَابٍ في القَبْرِ"وَإِذَا أَصْبحَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضاً:"أَصْبحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْك للَّهِ" رواه مسلم.

6/56- عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ خُبَيْب بضَمِّ الْخَاءِ المُعْجَمَةِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اقْرأْ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوِّذَتَيْن حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصبِحُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كلِّ شَيْءٍ ".

رواهُ أَبو داود والترمذي وقال: حديثٌ حسن صحيح.

7/1457- وعنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَانَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كلِّ يَوْمٍ ومَسَاءٍ كلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَع اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرضِ وَلَا في السماءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعلِيمُ، ثلاثَ مَرَّاتٍ، إِلَاّ لَمْ يَضُرَّهُ شَيءٌ" رواه أَبُو داود، والتِّرمذي وَقالَ: حديث حسن صحيح.

ص: 410

249-

‌ باب مَا يقوله عِنْدَ النوم

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآيات. [آل عمران: 190-191] .

1/1458- وعنْ حُذيفةَ وأَبي ذرٍّ رضي الله عنهما أَنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قالَ: "باسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وَأَمُوتُ".رواه البخاري.

2/1459- وعَنْ عليٍّ رضي الله عنه أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ لَهُ وَلِفَاطِمةَ رضي الله عنهما: "إِذَا أَوَيْتُمَا إِلى فِراشِكُما، أَوْ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُما فَكَبِّرا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاثاً وثَلاثِينَ، وَاحْمَدَا

ص: 410

ثَلاثاً وَثَلاثِين" وفي روايةٍ:"التَّسْبِيحُ أَرَبعاً وَثَلاثِينَ "وفي روايةٍ:" التَّكبيرُ أَربعاً وَثَلاثِينَ "متفقٌ عَلَيْهِ.

3/1460- وعن أَبي هُريرةَ رضي الله عنه، قَالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذا أَوَى أَحَدُكُم إِلى فِراشِهِ، فَلْيَنْفُض فِراشَهُ بداخِلَةِ إِزَارِهِ فإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْها، وإِنْ أَرْسَلْتَهَا، فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِه عِبادَكَ الصَّالحِينَ" متفقٌ عَلَيهِ.

4/1461- وعنْ عائشةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَخَذَ مضْجعَهُ نَفَثَ في يدَيْهِ، وَقَرَأَ بالْمُعَوِّذاتِ ومَسح بِهمَا جَسَدَهُ، متفقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لهما: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَوى إِلى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلةٍ جمَع كَفَّيْهِ ثُمَّ نفَثَ فِيهِمَا فَقَرأَ فِيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا مَا اسْتطاعَ مِن جسَدِهِ، يبْدَأُ بِهما عَلَى رَأْسِهِ وَوجهِهِ، وَمَا أَقبلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلَاثَ مرَّات متفقٌ عَلَيْهِ.

قَالَ أَهلُ اللُّغَةِ:"النَّفْثُ"نَفخٌ لَطِيفٌ بِلَا رِيقٍ.

5/1462- وَعنِ البرَاءِ بنِ عازِبٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لي رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَيتَ مَضْجَعَكَ فَتَوضَّأْ وضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلى شِقِّكَ الأَيمَنِ، وقلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نفِسي إِلَيكَ، وَفَوَّضتُ أَمري إِلَيْكَ، وَأَلَجَأْتُ ظَهرِي إِلَيْكَ، رغبةً ورهْبَةً إِلَيْكَ، لامَلجأَ ولا مَنجي مِنْكَ إِلَاّ إِليكَ، آمنتُ بِكِتَابِكَ الذِي أَنزَلْت، وَبِنَبِيِّكَ الذِي أَرسَلتَ، فإِنْ مِتَّ. مِتَّ عَلَى الفِطرةِ، واجْعَلهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ" مُتَّفقٌ عليهِ.

6/1463- وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَوَى إِلى فِرَاشِهِ قَال:"الحمْدُ للَّهِ الَّذي أَطْعَمنَا وسقَانا، وكفَانَا وآوانَا، فكمْ مِمَّنْ لا كافيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ" رواهُ مسلمٌ.

7/1464- وعنْ حُذيْفَةَ، رضي الله عنه، أَنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أَرَاد أَنْ يرْقُدَ، وضَع يَدهُ

ص: 411

اليُمنَى تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يقُولُ:"اللَّهمَّ قِني عَذَابكَ يوْمَ تَبْعثُ عِبادَكَ "رواهُ الترمِذيُّ وقال: حديثٌ حَسنٌ.

وَرَواهُ أَبو داودَ مِنْ رِوايةِ حفْصةَ، رضي الله عنها، وَفيهِ أَنَّهُ كَانَ يقُولهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

ص: 412

‌كتاب الدعوات

250 –‌

‌ باب فضل الدعاء

قَالَ الله تَعَالَى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} . [غافر: 60] . وقال تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55] . وقال تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الآية [البقرة: 186] وقال تَعَالَى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} الآية [النمل: 62] .

1/1465- وَعن النُّعْمانِ بْنِ بشيرٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الدُّعاءُ هوَ العِبَادةُ". رواه أَبُو داود والترمذي وقالا حديث حسن صحيح.

2/1466- وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَان رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ الجوامِعَ مِنَ الدُّعاءِ، ويَدَعُ مَا سِوى ذلكَ. رَوَاه أَبو داود بإِسنادٍ جيِّد.

3/1467- وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرةِ حَسنَةً، وَقِنَا عَذابَ النَّارِ" مُتَّفَقٌ عليهِ.

زاد مُسلِمٌ في رِوايتِهِ قَال: وكَانَ أَنَسٌ إِذا أَرَاد أَنْ يَدعُوَ بِدعوَةٍ دَعَا بِهَا، وَإِذا أَرَادَ أَن يَدعُو بدُعَاءٍ دَعا بهَا فيه.

4/1468-وعَن ابنِ مسْعُودٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إِنِي أَسْأَلُكَ الهُدَى، وَالتُّقَى، وَالعفَافَ، والغنَى" رواهُ مُسْلِمٌ.

5/1469- وعَنْ طارِقِ بنِ أَشْيَمَ، رضي الله عنه، قالَ: كَانَ الرَّجلُ إِذا أَسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم،

ص: 413

الصَّلاةَ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدعُوَ بهَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ:"اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي، وَارْحمْني، واهْدِني، وعافِني، وارْزُقني "رواهُ مسلمٌ.

وفي رِوايَةٍ لَهُ عَنْ طارقٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَتاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. كيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ: "قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْني، وَعَافِني، وَارْزُقني، فَإِنَّ هَؤُلاءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ ".

6/1470- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صرِّفْ قُلوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

7/1471- وَعَنْ أَبي هُريَرةَ رضي الله عنه، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَماتَةِ الأَعْدَاءِ "متفقٌ عَلَيْهِ.

وفي رِوَايةٍ: قالَ سُفْيَانُ: أَشُكُّ أَنِّي زِدْتُ وَاحِدَةً مِنها.

8/1472- وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ:"اللَّهمَّ أَصْلِحْ لِي دِيني الَّذي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتي الَّتي فِيها مَعَادي، وَاجْعلِ الحيَاةَ زِيادَةً لِي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الموتَ راحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍ "رَوَاهُ مسلِمٌ.

9/1473- وَعنْ علي رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قُلْ: اللَّهُمَّ اهْدِني، وَسدِّدْني".

وَفي رِوَايةٍ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدى، وَالسَّدَادَ "رواهُ مسلم.

10/1474- وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعجْزِ والكَسَلِ وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ، وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا وَالمَمَاتِ ".

ص: 414

وفي رِوايةٍ:"وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

11/1475- وَعن أَبي بكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، أَنَّه قَالَ لِرَسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم: عَلِّمني دُعَاءً أَدعُو بِهِ في صَلاتي، قَالَ: قُلْ: اللَّهمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كثِيراً، وَلا يَغْفِر الذُّنوبَ إِلَاّ أَنْتَ، فَاغْفِر لي مغْفِرَةً مِن عِنْدِكَ، وَارحَمْني، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفور الرَّحِيم" متَّفَقٌ عليهِ.

وفي رِوايةٍ:"وَفي بيْتي"وَرُوِي:"ظُلْماً كَثِيراً"وروِيَ"كَبِيراً"بِالثاءِ المثلثة وبِالباءِ الموحدة، فَيَنْبغِي أَن يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَيُقَالُ: كَثيراً كَبيراً.

12/1476- وَعَن أَبي موسَى رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه كَانَ يَدعُو بهَذا الدُّعَاءِ:"اللَّهمَّ اغْفِر لِي خَطِيئَتي وجهْلي، وإِسْرَافي في أَمْري، وَمَا أَنْتَ أَعلَم بِهِ مِنِّي، اللَّهمَّ اغفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلي، وَخَطَئي وَعمْدِي، وَكلُّ ذلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَما أَسْررْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْت المقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلى كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "متفقٌ عَلَيْهِ.

13/1477- وعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقُولُ في دُعَائِهِ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عمِلْتُ ومِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ". رَوَاهُ مُسْلِم.

14/1478- وعَنِ ابنِ عُمَر رضي الله عنهما قَالَ: كانَ مِنْ دُعاءِ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجميعِ سخَطِكَ "روَاهُ مُسْلِمٌ.

15/1479- وَعَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَم رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقَولُ: "اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، والبُخْلِ وَالهَرم، وعَذَاب الْقَبْر، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ ولِيُّهَا وَموْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلمٍ لا يَنْفَعُ، ومِنْ قَلْبٍ لَا يخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشبَعُ، ومِنْ دَعْوةٍ لا يُسْتجابُ لهَا" رواهُ مُسْلِمٌ.

16/1480- وَعنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ لَكَ

ص: 415

أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وعلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ، وإِلَيْكَ حَاكَمْتُ. فاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْررْتُ ومَا أَعلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ".

زادَ بعْضُ الرُّوَاةِ:"وَلَا حَولَ وَلَا قوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ "متفَقُ عليهِ.

17/1481- وَعَن عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدعو بهؤُلاءِ الكَلِمَاتِ:" اللَّهُمَّ إِني أَعوذُ بِكَ مِن فِتنةِ النَّارِ، وعَذَابِ النَّارِ، وَمِن شَرِّ الغِنَى وَالفَقْر ".

رَوَاهُ أَبو داوَد، والترمذيُّ وقال: حديث حسن صحيح، وهذا لفظُ أَبي داود.

18/1482- وعَن زيادِ بْن عِلاقَةَ عن عمِّه، وَهُوَ قُطبَةُ بنُ مالِكٍ، رضي الله عنه، قَال: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن منْكَرَاتِ الأَخلاقِ، والأعْمَالِ والأَهْواءِ "رواهُ الترمذي وقال: حديثُ حَسَنٌ.

19/1483- وعَن شكَلِ بنِ حُمَيْدٍ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ يَا رَسولَ اللَّهِ: عَلِّمْني دُعاءً. قَالَ: "قُلْ: اللَّهُمَّ إِني أعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِن شَرِّ بصَرِي، وَمِن شَرِّ لسَاني، وَمِن شَرِّ قَلبي، وَمِن شَرِّ منِيِّي" رواهُ أَبو داودَ، والترمذيُّ وقالَ: حديثٌ حسنٌ.

20/1484- وَعَن أَنسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوُذُ بِكَ مِنَ الْبرَصِ، وَالجُنُونِ، والجُذَامِ، وسّيءِ الأَسْقامِ" رَوَاهُ أَبو داود بإِسنادٍ صحيحٍ.

21/1485- وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: " اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ، فإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ منَ الخِيانَةِ، فَإِنَّهَا بئْسَتِ البِطانَةُ".

رواهُ أَبُو داودَ بإِسنادٍ صحيحٍ.

22/1486- وَعن عليٍّ رضي الله عنه، أَنَّ مُكَاتَباً جاءهُ، فَقَالَ إِني عجزتُ عَن كِتَابَتِي.

ص: 416

فَأَعِنِّي. قالَ: أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ عَلَّمَنيهنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَو كانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جبلٍ دَيْناً أَدَّاهُ اللَّهُ عنْكَ؟ قُلْ:"اللَّهمَّ اكْفِني بحلالِكَ عَن حَرَامِكَ، وَاغْنِني بِفَضلِكَ عَمَّن سِوَاكَ". رواهُ الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.

23/1487- وعَنْ عِمْرانَ بنِ الحُصينِ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم علَّم أَباهُ حُصيْناً كَلِمتَيْنِ يدعُو بهما:"اللَّهُمَّ أَلهِمْني رُشْدِي، وأَعِذني مِن شَرِّ نَفْسي".

رواهُ الترمذيُّ وقَالَ: حديثٌ حسنٌ.

24/1488- وَعَن أَبي الفَضلِ العبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه، قال: قُلْتُ يارسول اللَّهِ: عَلِّمْني شَيْئاً أَسْأَلُهُ اللَّه تَعَالى، قَالَ:"سَلُوا اللَّه العافِيةَ". فَمكَثْتُ أَيَّاماً، ثُمَّ جِئتُ فَقُلْتُ: يَا رسولَ اللَّه: علِّمْني شَيْئاً أَسْأَلُهُ اللَّه تَعَالَى، قَالَ لي:"يَا عبَّاسُ يَا عمَّ رَسولِ اللَّهِ، سَلُوا اللَّه العافيةَ في الدُّنْيا والآخِرةِ ".

رَواهُ الترمذيُّ وقَالَ: حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ.

25/1489- وعنْ شَهْرِ بْنِ حوشَبٍ قَالَ: قُلْتُ لأُمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها، يَا أُمَّ المؤمِنِين مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذا كانَ عِنْدكِ؟ قَالَتْ: كانَ أَكْثَرُ دُعائِهِ: "يَا مُقلبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قلْبي علَى دِينِكَ" رَواهُ الترمذيُّ، وقال حَديثٌ حسنٌ.

26/1490- وعن أَبي الدَّرداءِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كانَ مِن دُعاءِ دَاوُدَ صلى الله عليه وسلم:"اللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعمَل الَّذِي يُبَلِّغُني حُبَّكَ اللَّهُمَّ اجْعل حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِن نَفسي، وأَهْلي، ومِن الماءِ البارِدِ "روَاهُ الترمذيُّ وَقَالَ: حديثٌ حسنٌ.

27/1491- وعن أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَلِظُّوا بِياذا الجَلالِ وَالإِكرامِ".

رواه الترمذي وروَاهُ النَّسَائيُّ مِن رِوايةِ ربيعةَ بنِ عامِرٍ الصَّحابيِّ. قَالَ الحاكم: حديثٌ

ص: 417

صحيحُ الإِسْنَادِ.

"أَلِظُّوا"بكسر الَّلام وتشديد الظاءِ المعجمةِ معْنَاه: الْزَمُوا هذِهِ الدَّعْوَةِ وأَكْثِرُوا مِنها.

28/1492- وعن أَبي أُمامةَ رضي الله عنه قَالَ: دَعا رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِدُعَاءٍ كَثيرٍ، لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئاً، قُلْنا يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعَوْتَ بِدُعاءٍ كَثِيرٍ لَمْ نَحْفَظ منْهُ شَيْئاً، فقَالَ:"أَلا أَدُلُّكُم عَلَى مَا يَجْمَعُ ذَلكَ كُلَّهُ؟ تَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُك مِن خَيرِ مَا سأَلَكَ مِنْهُ نبيُّكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعاذَ مِنْهُ نَبيُّكَ مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتَ المُسْتَعَانُ، وعليْكَ البلاغُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ "رواهُ الترمذيُّ وقَالَ: حديثٌ حَسَنٌ.

29/1493- وَعَن ابْنِ مسْعُودٍ، رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ مِن دُعَاء رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِباتِ رحْمتِكَ، وَعزَائمَ مغفِرتِكَ، والسَّلامَةَ مِن كُلِّ إِثمٍ، والغَنِيمَةَ مِن كُلِّ بِرٍ، وَالفَوْزَ بالجَنَّةِ، وَالنَّجاةَ مِنَ النَّارِ ".

رواهُ الحاكِم أَبُو عبد اللَّهِ، وقال: حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلِمٍ.

ص: 418

251-

‌ باب فضل الدُّعاء بظهر الغيب

قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ} [الحشر: 10] وقال تَعَالَى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] وقال تَعَالَى: إخْبَاراً عَن إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41] .

1/1494- وَعَن أَبي الدَّردَاءِ رضي الله عنه أَنَّهُ سمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِن عبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعُو لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيْبِ إِلَاّ قَالَ المَلكُ ولَكَ بمِثْلٍ"ر واه مسلم.

2/1495- وعَنْهُ أَنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَ يقُولُ:"دَعْوةُ المرءِ المُسْلِمِ لأَخيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ

ص: 418

مُسْتَجَابةٌ، عِنْد رأْسِهِ ملَكٌ مُوكَّلٌ كلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بخيرٍ قَال المَلَكُ المُوكَّلُ بِهِ: آمِينَ، ولَكَ بمِثْلٍ" رواه مسلم.

ص: 419

252-

‌ باب في مسائل من الدعاء

1/1496- عنْ أُسامَةَ بْنِ زيْدٍ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مَنْ صُنِعَ إَلَيْهِ معْرُوفٌ، فقالَ لِفَاعِلِهِ: جزَاك اللَّه خَيْراً، فَقَد أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ".

رواه الترمذي وقَالَ: حَدِيثٌ حسنٌ صَحِيحٌ.

2/1497- وَعَن جَابرٍ رضي الله عنه قال: قَال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَدعُوا عَلى أَنْفُسِكُم، وَلا تدْعُوا عَلى أَولادِكُم، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُم، لا تُوافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسأَلُ فِيهَا عَطاءً، فيَسْتَجيبَ لَكُم "رواه مسلم.

3/1498- وعن أَبي هُريرةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِن ربِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ" رواه مسلم.

4/1499- وَعَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" يُسْتجَابُ لأَحَدِكُم مَا لَم يعْجلْ: يقُولُ قَد دَعوتُ رَبِّي، فَلم يسْتَجبْ لِي". متفقٌ عَلَيْهِ.

وفي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ: "لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ "قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ:"يَقُولُ: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ ".

5/1500- وَعَنْ أَبي أُمامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمعُ؟ قَالَ:"جوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ المكْتُوباتِ "رواه الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.

ص: 419

6/1501- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا عَلى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّه تَعالى بِدَعْوَةٍ إِلَاّ آتَاهُ اللَّه إِيَّاهَا، أَوْ صَرَف عنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. مَا لَم يدْعُ بإِثْم، أَوْ قَطِيعَةِ رحِمٍ"فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: إِذاً نُكْثِرُ. قَالَ:"اللَّه أَكْثَرُ".

رواه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسنٌ صَحِيحٌ: وَرَواهُ الحاكِمُ مِنْ رِوايةِ أَبي سعيِدٍ وَزَاد فِيهِ: "أَوْ يَدَّخر لهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَها".

7/1502- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم كَان يقُولُ عِنْد الكرْبِ: "لا إِلَه إِلَاّ اللَّه العظِيمُ الحلِيمُ، لا إِله إِلَاّ اللَّه رَبُّ العَرْشِ العظِيمِ، لا إِلَهَ إِلَاّ اللَّه رَبُّ السمَواتِ، وربُّ الأَرْض، ورَبُّ العرشِ الكريمِ "متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 420

253-

‌ باب كرامات الأولياء وفضلهم

قَالَ الله تَعَالَى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62، 64] وقال تَعَالَى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِي وَاشْرَبِي} [مريم: 25، 26] وقال تَعَالَى: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37] وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَاّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً ووَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 17،16] .

1/1503- وعنْ أبي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمن بنِ أَبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما أنَّ أصْحاب الصُّفَّةِ كانُوا أُنَاساً فُقَرَاءَ وأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مرَّةً"منْ كانَ عِنْدَهُ طَعامُ اثنَينِ، فَلْيذْهَبْ بِثَالث، ومَنْ كَانَ عِنْدهُ طعامُ أرْبَعَةٍ، فَلْيَذْهَبْ بخَامِسٍ وبِسَادِسٍ"أوْ كَما قَالَ، وأنَّ أبَا بَكْرٍ رضي الله عنه جاءَ بثَلاثَةٍ، وَانْطَلَقَ

ص: 420

النبيّ صلى الله عليه وسلم بِعَشرَةٍ، وَأنَّ أبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْد النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثُّمَّ لَبِثَ حَتَّى صلَّى العِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيلِ مَا شاءَ اللَّه. قَالَتْ له امْرَأَتُهُ: ما حبسَكَ عَنْ أضْيافِكَ؟ قَالَ: أوَ ما عَشَّيتِهمْ؟ قَالَتْ: أبوْا حَتَّى تَجِيءَ وَقدْ عرَضُوا عَلَيْهِم قَال: فَذَهَبْتُ أنَا، فَاختبأْتُ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ، فجدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ: كُلُوا لَا هَنِيئاً، واللَّه لا أَطْعمُهُ أبَداًِ، قَالَ: وايمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخذُ منْ لُقْمةٍ إلَاّ ربا مِنْ أَسْفَلِهَا أكْثَرُ مِنْهَا حتَّى شَبِعُوا، وصَارَتْ أكثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذلكَ، فَنَظَرَ إلَيْهَا أبُو بكْرٍ فَقَال لامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بني فِرَاسٍ مَا هَذا؟ قَالَتْ: لا وَقُرّةِ عَيني لهي الآنَ أَكثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلكَ بِثَلاثِ مرَّاتٍ، فَأَكَل مِنْهَا أبُو بكْرٍ وَقَال: إنَّمَا كَانَ ذلكَ مِنَ الشَّيطَانِ، يَعني يَمينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنهَا لٍقمةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصْبَحَت عِنْدَهُ. وكانَ بَيْننَا وبَيْنَ قَومٍ عهْدٌ، فَمَضَى الأجَلُ، فَتَفَرَّقنَا اثْنَيْ عشَرَ رَجُلاً، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُم أُنَاسٌ، اللَّه أعْلَم كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ.

وَفِي روايَة: فَحَلَفَ أبُو بَكْرٍ لا يَطْعمُه، فَحَلَفَتِ المرأَةُ لا تَطْعِمَه، فَحَلَفَ الضِّيفُ أوِ الأَضْيَافُ أنْ لَا يَطعَمَه، أوْ يطعَمُوه حَتَّى يَطعَمه، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: هذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَدَعا بالطَّعامِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا، فَجَعَلُوا لا يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إلَاّ ربَتْ مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا، فَقَال: يَا أُخْتَ بَني فِرَاس، مَا هَذا؟ فَقالَتْ: وَقُرَّةِ عَيْني إنهَا الآنَ لأَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ أنْ نَأْكُلَ، فَأَكَلُوا، وبَعَثَ بهَا إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فذَكَرَ أَنَّه أَكَلَ مِنهَا.

وَفِي روايةٍ: إنَّ أبَا بَكْرٍ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: دُونَكَ أَضْيافَكَ، فَإنِّي مُنْطَلِقٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَافْرُغْ مِنْ قِراهُم قَبْلَ أنْ أجِيءَ، فَانْطَلَقَ عبْدُ الرَّحمَن، فَأَتَاهم بمَا عِنْدهُ. فَقَال: اطْعَمُوا، فقَالُوا: أيْنَ رَبُّ مَنزِلَنَا؟ قَالَ: اطْعَمُوا، قَالُوا: مَا نَحْنُ بآكِلِين حتَى يَجِيىء ربُ مَنْزِلَنا، قَال: اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُم، فإنَّه إنْ جَاءَ ولَمْ تَطْعَمُوا لَنَلقَيَنَّ مِنْهُ، فَأَبَوْا، فَعَرَفْتُ أنَّه يَجِد عَلَيَّ، فَلَمَّا جاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ، فَقالَ: ماصنعتم؟ فأَخْبَروهُ، فقالَ يَا عَبْدَ الرَّحمَنِ فَسَكَتُّ ثم قال: يا عبد الرحمن. فَسَكَتُّ، فَقَالَ: يَا غُنثَرُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إنْ كُنْتَ تَسمَعُ صَوتِي لَمَا جِئْتَ، فَخَرَجتُ، فَقُلْتُ: سلْ أَضْيَافكَ، فَقَالُوا: صَدقَ، أتَانَا بِهِ. فَقَالَ: إنَّمَا انْتَظَرْتُموني وَاللَّه لا أَطعَمُه اللَّيْلَةَ، فَقالَ الآخَرون: وَاللَّهِ لا نَطعَمُه حَتَّى تَطعمه، فَقَالَ: وَيْلَكُم مَالَكُمْ لا تَقْبَلُونَ عنَّا قِرَاكُم؟ هَاتِ طَعَامَكَ، فَجاءَ بِهِ، فَوَضَعَ يَدَه، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، الأولَى مِنَ الشَّيطَانِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 421

قَوْله:"غُنْثَر"بغينٍ معجمةٍ مضمومةٍ، ثُمَّ نونٍ ساكِنةٍ، ثُمَّ ثاءٍ مثلثةٍ وَهُوَ: الغَبيُّ الجَاهٍلُ، وقولُهُ:"فجدَّع"أَيْ شَتَمه وَالجَدْع: القَطع. قولُه:"يجِدُ عليَّ"هُوَ بكسرِ الجيمِ، أيْ: يَغْضَبُ.

2/1504- وعنْ أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَقَدْ كَان فِيما قَبْلَكُمْ مِنَ الأُممِ نَاسٌ محدَّثونَ، فَإنْ يَكُ في أُمَّتي أَحَدٌ، فإنَّهُ عُمَرُ" رواه البخاري، ورواه مسلم من روايةِ عائشةَ، وفي رِوايتِهما قالَ ابنُ وَهْبٍ:"محدَّثُونَ"أَي: مُلهَمُون.

3/1505- وعنْ جَابِر بنِ سمُرَةَ، رضي الله عنهما. قَالَ: شَكَا أهْلُ الكُوفَةِ سَعْداً، يَعْنِي: ابْنِ أَبي وَقَّاصٍ، رضي الله عنه، إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، رضي الله عنه، فَعزَلَه وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عمَّاراً، فَشَكَوْا حَتَّى ذكَرُوا أَنَّهُ لا يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأْرسَلَ إلَيْهِ، فَقَالَ: ياأَبا إسْحاقَ، إنَّ هؤُلاءِ يزْعُمُونَ أنَّكَ لا تُحْسِنُ تُصَلِّي. فَقَالَ: أمَّا أَنَا واللَّهِ فَإنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهمْ صَلاةَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم لا أَخْرِمُ عَنْهَا أُصَلِّي صَلاةَ العِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيَنِ، وَأُخِفُّ في الأُخْرَييْنِ، قَالَ: ذَلِكَ الظَنُّ بكَ يَا أبَا إسْحاقَ، وأَرسلَ مَعَهُ رَجُلاً أَوْ رجَالاً إلَى الكُوفَةِ يَسْأَلُ عَنْهُ أَهْلَ الكُوفَةِ، فَلَمْ يَدَعْ مَسْجِداً إلَاّ سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفاً، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِداً لِبَني عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُ أُسامةُ بنُ قَتَادَةَ، يُكَنَّى أَبَا سَعْدَةَ، فَقَالَ: أَمَا إذْ نَشَدْتَنَا فَإنَّ سَعْداً كانَ لا يسِيرُ بِالسَّرِيّةِ وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّويَّةِ، وَلا يعْدِلُ في القَضِيَّةِ، قَالَ سعْدٌ: أَمَا وَاللَّهِ لأدْعُوَنَّ بِثَلاثٍ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ عبْدكَ هَذَا كَاذِباً، قَام رِيَآءً، وسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ للفِتَنِ، وَكَانَ بَعْدَ ذلكَ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُون، أصَابتْني دَعْوةُ سعْدٍ.

قَالَ عَبْدُ الملِكِ بنُ عُميْرٍ الرَّاوِي عنْ جَابرِ بنِ سَمُرَةَ فَأَنا رَأَيْتُهُ بَعْد قَدْ سَقَط حَاجِبَاهُ عَلى عيْنيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وَإنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ للجوارِي فِي الطُّرقِ فَيغْمِزُهُنَّ. متفقٌ عليهِ.

4/1506- وعنْ عُرْوَةَ بن الزُّبيْر أنَّ سعِيدَ بنَ زَيْدٍِ بْنِ عمْرو بْنِ نُفَيْلِ، رضي الله عنه خَاصَمتْهُ

ص: 422

أرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَم، وَادَّعَتْ أنَّهُ أَخَذَ شَيْئاً مِنْ أرْضِهَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: أنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أرْضِها شَيْئاً بعْدَ الَّذِي سمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم،؟ قَالَ: مَاذا سمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "مَنْ أَخَذَ شِبْراً مِنَ الأرْضِ ظُلْماً، طُوِّقَهُ إِلَى سبْعِ أرضينَ" فَقَالَ لَهُ مرْوَانٌ: لا أسْأَلُكَ بَيِّنَةً بعْد هَذَا، فَقَال سعيدٌ: اللَّهُمَّ إنْ كانَتْ كاذبِةً، فَأَعْمِ بصرهَا، وَاقْتُلْهَا في أرْضِهَا، قَالَ: فَمَا ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، وبيْنَما هِي تمْشي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ في حُفْرةٍ فَمَاتتْ. متفقٌ عَلَيْهِ.

وفي روايةٍ لمسلِمٍ عنْ مُحمَّدِ بن زَيْد بن عبد اللَّه بن عُمَر بمَعْنَاهُ وأَنَّهُ رآهَا عَمْياءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تَقُولُ: أصَابَتْني دعْوَةُ سعًيدٍ، وَأَنَّها مرَّتْ عَلى بِئْرٍ في الدَّارِ الَّتي خَاصَمَتْهُ فِيهَا، فَوقَعتْ فِيها، وَكانَتْ قَبْرهَا.

5/1507- وَعَنْ جَابِرِ بنِ عبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَال: لمَّا حَضَرَتْ أُحُدٌ دَعاني أَبي مِنَ اللَّيْلِ فَقَال: مَا أُرَاني إلَاّ مَقْتُولا في أوَّل مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أصْحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإنِّي لا أَتْرُكُ بعْدِي أعزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرِ نَفْسِ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وإنَّ علَيَّ دَيْناً فَاقْضِ، واسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْراً: فأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أوَّل قَتِيلٍ، ودَفَنْتُ مَعهُ آخَرَ في قَبْرِهِ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أنْ أتْرُكهُ مَعَ آخَرَ، فَاسْتَخْرَجته بعْدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ، فَإذا هُو كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْر أُذُنِهِ، فَجَعَلتُهُ في قَبْرٍ عَلى حٍدَةٍ. رواه البخاري.

6/1508- وَعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه أنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أصْحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم خَرَجا مِنْ عِنْدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةَ ومَعهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَينِ بيْنَ أيديهِما، فَلَمَّا افتَرَقَا، صارَ مَعَ كلِّ واحِدٍ مِنهما وَاحِدٌ حَتى أتَى أهْلَهُ.

رواهُ البُخاري مِنْ طرُقٍ، وفي بعْضِها أنَّ الرَّجُلَيْنِ أُسيْدُ بنُ حُضيرٍُ، وعبَّادُ بنُ بِشْرٍ رضي الله عنهما.

7/1509- وعنْ أَبي هُرَيْرةَ، رضي الله عنه، قَال: بَعثَ رَسُولُ اللِّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رهْطٍ عَيْناً سَريَّةً، وأمَّرَ عليْهِم عَاصِمَ بنَ ثابِتٍ الأنصاريَّ، رضي الله عنه، فَانطَلَقُوا حتَّى إِذَا كانُوا بالهَدْأةِ، بيْنَ عُسْفانَ ومكَّةَ، ذُكِرُوا لَحِيِّ منْ هُذَيْلٍ يُقالُ لهُمْ: بنُوا لِحيَانَ، فَنَفَرُوا لهمْ بقَريب منْ مِائِةِ رجُلٍ رَامٍ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا أحَسَّ بهِمْ عاصِمٌ ؤَأصحابُهُ، لجَأوا إِلَى مَوْضِعٍ، فَأحاطَ بهمُ القَوْمُ، فَقَالُوا:

ص: 423

انْزلوا، فَأَعْطُوا بأيْدِيكُمْ ولكُم العَهْدُ والمِيثاق أنْ لا نَقْتُل مِنْكُم أحَداً، فَقَالَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ: أَيُّهَا القومُ، أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ عَلَى ذِمةِ كَافرٍ. اللهمَّ أخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ صلى الله عليه وسلم فَرمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِماً، ونَزَل إلَيْهِمْ ثَلاثَةُ نَفَرٍ عَلَى العهدِ والمِيثاقِ، مِنْهُمْ خُبيْبٌ، وزَيْدُ بنُ الدَّثِنِة ورَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أطْلَقُوا أوْتَار قِسِيِّهمْ، فرَبطُوهُمْ بِها، قَال الرَّجلُ الثَّالِثُ: هَذَا أوَّلُ الغَدْرِ واللَّهِ لا أصحبُكمْ إنَّ لِي بهؤلاءِ أُسْوةً، يُريدُ القَتْلى، فَجرُّوهُ وعَالَجُوهُ، فَأبي أنْ يَصْحبَهُمْ، فَقَتَلُوهُ، وانْطَلَقُوا بخُبَيْبٍ، وَزيْدِ بنِ الدَّثِنَةِ، حَتَّى بَاعُوهُما بمكَّةَ بَعْد وَقْعةِ بدرٍ، فَابتَاعَ بَنُو الحارِثِ ابنِ عامِرِ بنِ نوْفَلِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ خُبَيْباً، وكانَ خُبَيبُ هُوَ قَتَل الحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ، فلَبِثَ خُبيْبٌ عِنْدهُم أسِيراً حَتى أجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ، فَاسْتَعارَ مِنْ بعْضِ بنَاتِ الحارِثِ مُوسَى يَسْتحِدُّ بهَا فَأَعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَيُّ لهَا وَهِي غَافِلةٌ حَتى أَتَاهُ، فَوَجَدْتُه مُجْلِسَهُ عَلى فَخذِهِ وَالمُوسَى بِيده، فَفَزِعتْ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ، فَقَال: أتَخْشيْنَ أن أقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأفْعل ذلكَ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا رأيْتُ أسِيراً خَيْراً مِنْ خُبيبٍ، فواللَّهِ لَقَدْ وَجدْتُهُ يوْماً يأَكُلُ قِطْفاً مِنْ عِنبٍ في يدِهِ، وإنَّهُ لمُوثَقٌ بِالحديدِ وَما بمَكَّةَ مِنْ ثمَرَةٍ، وَكَانَتْ تقُولُ: إنَّهُ لَرزقٌ رَزقَهُ اللَّه خُبَيباً، فَلَمَّا خَرجُوا بِهِ مِنَ الحَرمِ لِيقْتُلُوهُ في الحِلِّ، قَال لهُم خُبيبُ: دعُوني أُصلي ركعتَيْنِ، فتَرَكُوهُ، فَركعَ رَكْعَتَيْنِ، فقالَ: واللَّهِ لَوْلا أنْ تَحسَبُوا أنَّ مابي جزَعٌ لَزِدْتُ: اللَّهُمَّ أحْصِهمْ عَدَداً، واقْتُلهمْ بَدَداً، وَلَا تُبْقِ مِنْهُم أَحَداً. وقال:

فلَسْتُ أُبالي حينَ أُقْتلُ مُسْلِماً

عَلَى أيِّ جنْبٍ كَانَ للَّهِ مصْرعِي

وذلِكَ في ذَاتِ الإلَهِ وإنْ يشَأْ

يُبَارِكْ عَلَى أوْصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

وكانَ خُبيْبٌ هُو سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صبْراً الصَّلاةَ وأخْبَر يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم. أصْحَابهُ يوْمَ أُصِيبُوا خبرهُمْ، وبعَثَ نَاسٌ مِنْ قُريْشٍ إِلَى عاصِم بنِ ثابتٍ حينَ حُدِّثُوا أنَّهُ قُتِل أنْ يُؤْتَوا بشَيءٍ مِنْهُ يُعْرفُ. وكَانَ قتَل رَجُلاً مِنْ عُظَمائِهِمْ، فبَعثَ اللَّه لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يقْدِرُوا أنْ يَقْطَعُوا مِنهُ شَيْئاً. رواه البخاري.

قولُهُ: الهَدْأةُ: مَوْضِعٌ، وَالظُّلَّةُ: السَّحَابُ، والدَّبْرُ: النَّحْلُ. وقَوْلُهُ:"اقْتُلْهُمْ بِدَداً"بِكسرِ الباءِ وفتحهَا، فَمَنْ كَسَرَ، قَالَ هُوَ جمعٍ بِدَّةٍ بكسر الباءِ، وهو

ص: 424

النصِيب، ومعناه اقْتُلْهُمْ حِصَصاً مُنْقَسِمَةً لِكلِّ واحِدٍ مِنْهُمْ نصيبٌ، وَمَنْ فَتَح، قَالَ: مَعْنَاهُ: مُتَفَرِّقِينَ في القَتْلِ واحِداً بَعْدَ وَاحِد مِنَ التّبْدِيدِ.

وفي الباب أحاديثٌ كَثِيرَةٌ صحِيحَةُ سَبَقَتْ في مواضِعها مِنْ هَذَا الكِتَابِ مِنها حديثُ الغُلام الَّذِي كانَ يأتِي الرَّاهِبَ والسَّاحِرَ ومِنْهَا حَديثُ جُرَيجٍ، وحديثُ أصحَابِ الغَارِ الذين أَطْبقَتْ علَيْهمُ الصَّخْرةُ، وحديثُ الرَّجُلِ الَّذِي سَمِعَ صَوتاً في السَّحاب يقولُ: اسْقِ حدِيقة فلانٍ، وغيرُ ذَلِكَ والدَّلائِلُ في البابِ كثيرةٌ مَشْهُورةٌ، وبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

8/1510- وعَن ابْنِ عُمر رضي الله عنهما قال: مَا سمِعْتُ عُمرَ رضي الله عنه يَقُولُ لِشَيءٍ قطُّ: إنِّي لأظُنَّهُ كَذا إلَاّ كَانَ كَمَا يَظُنُّ، رواهُ البُخَاري.

ص: 425

‌كتَاب الأمُور المَنهي عَنْهَا

254-

‌ باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان

قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12] وقال تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 36] وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] .

اعْلَمْ أنَّهُ ينبغي لك مُكَلَّفٍ أنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلَاّ كَلَاماً ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلَامُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلَامُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ، والسَّلَامَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ.

1/1511- وَعنْ أَبي هُريْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَليقُلْ خَيْراً، أوْ ليَصْمُتْ" متفقٌ عَلَيهِ.

وَهذا الحَديثُ صَرِيحٌ في أَنَّهُ يَنْبغي أنْ لا يتَكَلَّم إلَاّ إِذَا كَان الكَلامُ خَيْراً، وَهُو الَّذي ظَهَرَتْ مصْلحَتُهُ، وَمَتى شَكَّ في ظُهُورِ المَصْلَحةِ، فَلا يَتَكَلَّمُ.

2/1512- وعَنْ أَبي مُوسَى رضي الله عنه قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أيُّ المُسْلِمِينَ أفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ". متفق عَلَيْهِ.

3/1513- وَعَنْ سَهْلِ بنِ سعْدٍ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بيْنَ رِجْلَيْهِ أضْمنْ لهُ الجَنَّة". متفقٌ عليهِ.

4/1514- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ". متفقٌ عليهِ.

ص: 427

ومعنى:"يَتَبَيَّنُ"يَتَفَكَّرُ أنَّهَا خَيْرٌ أمْ لا.

5/1515- وَعَنْهُ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالاً يهِوي بهَا في جَهَنَّم" رواه البخاري.

6/1516- وعَنْ أبي عَبْدِ الرَّحمنِ بِلال بنِ الحارثِ المُزنيِّ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ الرَّجُلَ ليَتَكَلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوانِ اللَّهِ تَعالى مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بلَغَتْ يكْتُبُ اللَّه لَهُ بهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يلْقَاهُ، وَإنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمةِ مِنْ سَخَطِ اللَّه مَا كَانَ يظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بلَغَتْ يكْتُبُ اللَّه لَهُ بهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يلْقَاهُ".

رواهُ مالك في"المُوطَّإِ"والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

7/1517- وعَنْ سُفْيان بنِ عبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ يَا رسُولَ اللَّهِ حَدِّثني بأمْرٍ أعْتَصِمُ بِهِ قالَ:" قُلْ ربِّي اللَّه، ثُمَّ اسْتَقِمْ"قُلْتُ: يَا رسُول اللَّهِ مَا أَخْوفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ، ثُمَّ قَال:"هَذَا". رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

8/1518- وَعَن ابنِ عُمَر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تُكْثِرُوا الكَلامَ بغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإنَّ كَثْرَة الكَلامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّه تَعالَى قَسْوةٌ لِلْقَلْبِ، وإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ القَلبُ القَاسي". رواه الترمذي.

9/1519- وعنْ أَبي هُريرَة رضي الله عنه قَالَ: قال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَقَاهُ اللَّه شَرَّ مَا بيْنَ لَحْييْهِ، وشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الجنَّةَ" رَوَاه التِّرمِذي وقال: حديث حسنٌ.

10/1520- وَعَنْ عُقْبةَ بنِ عامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسول اللَّهِ مَا النَّجاةُ؟ قَال: "أمْسِكْ عَلَيْكَ لِسانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بيْتُكَ، وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ" رواه الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.

ص: 428

11/1521- وعن أَبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا أَصْبح ابْنُ آدَمَ، فَإنَّ الأعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسانَ، تَقُولُ: اتِّقِ اللَّه فينَا، فَإنَّما نحنُ بِكًَ: فَإنِ اسْتَقَمْتَ اسَتقَمْنا وإنِ اعْوججت اعْوَججْنَا" رواه الترمذي.

معنى"تُكَفِّرُ اللِّسَان": أَي تَذِلُّ وتَخْضعُ لَهُ.

12/1522- وعنْ مُعاذ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رسُول اللَّهِ أخْبِرْني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجَنَّة، ويُبَاعِدُني عن النَّارِ؟ قَال:"لَقدْ سَأَلْتَ عنْ عَظِيمٍ، وإنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلى منْ يَسَّرَهُ اللَّه تَعَالى علَيهِ: تَعْبُد اللَّه لَا تُشْركُ بِهِ شَيْئاً، وتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤتي الزَّكَاةَ، وتصُومُ رمضَانَ وتَحُجُّ البَيْتَ إن استطعت إِلَيْهِ سَبِيْلاً، ثُمَّ قَال:"ألَا أدُلُّك عَلى أبْوابِ الخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ.،الصَّدَقةٌ تطْفِيءُ الخَطِيئة كما يُطْفِيءُ المَاءُ النَّار، وصلاةُ الرَّجُلِ منْ جوْفِ اللَّيْلِ "ثُمَّ تَلا:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} حتَّى بلَغَ {يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16] . ثُمَّ قَالَ: "ألا أُخْبِرُكَ بِرَأسِ الأمْرِ، وعمودِهِ، وذِرْوةِ سَنامِهِ"قُلتُ: بَلى يَا رسولَ اللَّهِ: قَالَ:"رأْسُ الأمْرِ الإسْلامُ، وعَمُودُهُ الصَّلاةُ. وذروةُ سنامِهِ الجِهَادُ"ثُمَّ قَالَ:"ألَا أُخْبِرُكَ بمِلاكِ ذلكَ كُلِّهِ؟ "قُلْتُ: بَلى يَا رسُولَ اللَّهِ. فَأَخذَ بِلِسَانِهِ قالَ:"كُفَّ علَيْكَ هَذَا"قُلْتُ: يَا رسُولَ اللَّهِ وإنَّا لمُؤَاخَذون بمَا نَتَكلَّمُ بِهِ؟ فقَال: "ثَكِلتْكَ أُمُّكَ، وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وَجُوهِهِم إلَاّ حصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟ ".

رواه الترمذي وقال: حدِيثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد سبق شرحه.

13/1523- وعنْ أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الغِيبةُ؟ "قَالُوا: اللَّه ورسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ:"ذِكرُكَ أَخَاكَ بِما يكْرَهُ"قِيل: أَفرأيْتَ إنْ كَانَ في أخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ:"إنْ كانَ فِيهِ مَا تقُولُ فَقَدِ اغْتَبْته، وإنْ لَمْ يكُن فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بهتَّهُ" رواه

ص: 429

مسلم.

14/1524- وعنْ أَبي بكْرةَ رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ في خُطْبتِهِ يوْم النَّحر بِمنىً في حجَّةِ الودَاعِ: "إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت" متفقٌ عَلَيهِ.

15/1525- وعنْ عائِشة رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ للنبيّ صلى الله عليه وسلم حسْبُك مِنْ صفِيَّة كذَا وكَذَا قَال بعْضُ الرُّواةِ: تعْني قَصِيرةً، فقالَ:"لقَدْ قُلْتِ كَلِمةً لَوْ مُزجتّ بماءِ البحْر لمَزَجتْه،" قَالَتْ: وحكَيْتُ لَهُ إنْسَاناً فَقَالَ: "مَا أحِبُّ أنِّي حكَيْتُ إنْساناً وأنَّ لِي كَذَا وَكَذَا" رواه أَبُو داود، والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ومعنى:"مزَجَتْهُ"خَالطته مُخَالَطة يَتغَيَّرُ بهَا طَعْمُهُ، أوْ رِيحُهُ لِشِدةِ نتنها وقبحها، وهَذا مِنْ أبلغَ الزَّواجِرِ عنِ الغِيبَةِ، قَال اللَّهُ تَعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4] .

16/1526- وَعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لمَّا عُرِجَ بي مررْتُ بِقَوْمٍ لهُمْ أظْفَارٌ مِن نُحاسٍ يَخمِشُونَ وجُوهَهُمُ وَصُدُورَهُم، فَقُلْتُ: منْ هؤلاءِ يَا جِبْرِيل؟ قَال: هؤلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُوم النَّاسِ، ويَقَعُون في أعْراضِهمْ،" رواهُ أَبُو داود.

17/1527- وعن أَبي هُريْرة رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ المُسلِمِ عَلى المُسْلِمِ حرَامٌ: دَمُهُ وعِرْضُهُ وَمَالُهُ" رواهُ مسلم.

ص: 430

255-

‌ باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً محرَّمة بردِّها، والإِنكار عَلَى قائلها

فإنْ عجز أَوْ لَمْ يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه

قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: 55] وقال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3] وقال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 36] وقال تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68] .

1/1528- وعنْ أَبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه عنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "منْ ردَّ عَنْ عِرْضِ أخيهِ، ردَّ اللَّه عنْ وجْههِ النَّارَ يوْمَ القِيَامَةِ" رواه الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.

2/1529- وعنْ عِتْبَانَ بنِ مالِكٍ رضي الله عنه في حدِيثِهِ الطَّويلِ المشْهورِ الَّذي تقدَّم في بابِ الرَّجاءِ قَالَ: قامَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي فَقال: "أيْنَ مالِكُ بنُ الدُّخْشُمِ؟ "فَقَال رَجُلٌ: ذلكَ مُنافِقٌ لا يُحِبُّ اللَّه ولارسُولَهُ، فَقَال النبي صلى الله عليه وسلم:"لَا تقُلْ ذلكَ، ألَا تَراه قَدْ قَال: لا إلهَ إلَاّ اللهُ يُريدُ بِذَلكَ وجْه اللَّه، وإنَّ اللَّه قدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ منْ قَالَ: لا إلهَ إلَاّ اللَّه يبْتَغِي بِذلكَ وجْهَ اللَّه" متفقٌ عَلَيْهِ.

"وعِتبانُ"بكسر العين عَلَى المشهور، وحُكِي ضمُّها، وبعدها تاءٌ مثناةٌ مِنْ فوق، ثُمَّ باءٌ موحدةٌ. و"الدُّخْشُمُ"بضم الدال وإسكان الخاءِ وضمِّ الشين المعجمتين.

3/1530- وعَنْ كعْبِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه في حدِيثِهِ الطَّويلِ في قصَّةِ توْبَتِهِ وَقَدْ سبقَ في باب التَّوْبةِ. قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهُو جَالِسٌ في القَوْم بِتبُوكَ: "ما فَعَلَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ؟ "فقالَ رجُلٌ مِنْ بَني سلِمَةَ: يا رسُولَ اللَّه حبسهُ بُرْداهُ، والنَّظَرُ في عِطْفيْهِ. فقَال لَهُ معاذُ بنُ جبلٍ رضي الله عنه: بِئس مَا قُلْتَ، واللَّهِ يا رسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنا علَيْهِ إلَاّ خيْراً، فَسكَتَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

ص: 431

"عِطْفَاهُ"جانِباهُ، وهو إشارةٌ إلى إعجابِهِ بنفسهِ.

ص: 432

256-

‌ باب مَا يُباح من الغيبة

اعْلَمْ أنَّ الغِيبَةَ تُبَاحُ لِغَرَضٍ صَحيحٍ شَرْعِيٍّ لا يُمْكِنُ الوُصُولُ إِلَيْهِ إِلَاّ بِهَا، وَهُوَ سِتَّةُ أسْبَابٍ:

الأَوَّلُ: التَّظَلُّمُ، فَيَجُوزُ لِلمَظْلُومِ أنْ يَتَظَلَّمَ إِلَى السُّلْطَانِ والقَاضِي وغَيرِهِما مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ، أَوْ قُدْرَةٌ عَلَى إنْصَافِهِ مِنْ ظَالِمِهِ، فيقول: ظَلَمَنِي فُلَانٌ بكذا.

الثَّاني: الاسْتِعانَةُ عَلَى تَغْيِيرِ المُنْكَرِ، وَرَدِّ العَاصِي إِلَى الصَّوابِ، فيقولُ لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتهُ عَلَى إزالَةِ المُنْكَرِ: فُلانٌ يَعْمَلُ كَذا، فازْجُرْهُ عَنْهُ ونحو ذَلِكَ ويكونُ مَقْصُودُهُ التَّوَصُّلُ إِلَى إزالَةِ المُنْكَرِ، فَإنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَانَ حَرَاماً.

الثَّالِثُ: الاسْتِفْتَاءُ، فيقُولُ لِلمُفْتِي: ظَلَمَنِي أَبي، أَوْ أخي، أَوْ زوجي، أَوْ فُلانٌ بكَذَا، فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ وَمَا طَريقي في الخلاصِ مِنْهُ، وتَحْصيلِ حَقِّي، وَدَفْعِ الظُّلْمِ؟ وَنَحْو ذَلِكَ، فهذا جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، ولكِنَّ الأحْوطَ والأفضَلَ أنْ يقول: مَا تقولُ في رَجُلٍ أَوْ شَخْصٍ، أَوْ زَوْجٍ، كَانَ مِنْ أمْرِهِ كذا، فَإنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الغَرَضُ مِنْ غَيرِ تَعْيينٍ وَمَعَ ذَلِكَ، فالتَّعْيينُ جَائِزٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ في حَدِيثِ هِنْدٍ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.

الرَّابعُ: تحذير المسلمين مِنَ الشَّرِّ وَنَصِيحَتُهُمْ، وذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:

مِنْهَا: جَرْحُ المَجْرُوحينَ مِنَ الرُّواةِ والشُّهُودِ، وذلكَ جَائِزٌ بإجْمَاعِ المُسْلِمينَ، بَلْ وَاجِبٌ للْحَاجَةِ.

ومنها: المُشَاوَرَةُ في مُصاهَرَةِ إنْسانٍ، أو مُشاركتِهِ، أَوْ إيداعِهِ، أو معاملته، أوغير ذَلِكَ، أَوْ مُجَاوَرَتِهِ، ويجبُ عَلَى المشاوَر أنْ لا يخفي حاله، بل يذكر المساوىء التي فيه بنية النصيحة.

ومنها: إِذَا رأى مُتَفَقِّهاً يَتَرَدَّدُ إِلَى مُبْتَدِعٍ، أَوْ فَاسِقٍ يَأَخُذُ عَنْهُ العِلْمَ، وخَافَ أنْ يَتَضَرَّرَ المُتَفَقِّهُ بِذَلِكَ، فَعَلَيْهِ نَصِيحَتُهُ بِبَيانِ حَالِهِ، بِشَرْطِ أنْ يَقْصِدَ النَّصِيحَةَ، وَهَذا مِمَّا يُغلَطُ فِيهِ. وَقَدْ يَحمِلُ المُتَكَلِّمَ بِذلِكَ الحَسَدُ، وَيُلَبِّسُ الشيطان عَلَيْهِ ذَلِكَ، ويُخَيْلُ إِلَيْهِ أنَّهُ نَصِيحَةٌ فَليُتَفَطَّنْ لذلك.

ومنها: أن يكون له ولاية لايقوم بها على وجهها، إما بأن لايكون صَالِحاً لَهَا، وإما بِأنْ يكونَ فَاسِقاً، أَوْ مُغَفَّلاً، وَنَحوَ ذَلِكَ فَيَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ ولايةٌ عامَّةٌ لِيُزيلَهُ، وَيُوَلِّيَ مَنْ يُصْلحُ، أَوْ يَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ لِيُعَامِلَهُ بِمُقْتَضَى حالِهِ، وَلَا يَغْتَرَّ بِهِ، وأنْ يَسْعَى في أنْ يَحُثَّهُ عَلَى الاسْتِقَامَةِ أَوْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ.

الخامِسُ: أنْ يَكُونَ مُجَاهِراً بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ كالمُجَاهِرِ بِشُرْبِ الخَمْرِ، ومُصَادَرَةِ النَّاسِ، وأَخْذِ المَكْسِ؛ وجِبَايَةِ الأمْوَالِ ظُلْماً وَتَوَلِّي الأمُورِ الباطِلَةِ، فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا يُجَاهِرُ بِهِ؛ وَيَحْرُمُ ذِكْرُهُ بِغَيْرِهِ مِنَ العُيُوبِ، إِلَاّ أنْ يكونَ لِجَوازِهِ سَبَبٌ آخر مما ذكرناه.

ص: 432

السَّادِسُ: التعرِيفُ، فإذا كَانَ الإنْسانُ مَعْرُوفاً بِلَقَبٍ، كالأعْمَشِ، والأعرَجِ، والأَصَمِّ، والأعْمى، والأحْوَلِ، وغَيْرِهِمْ جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على جهة التنقص، ولو أمكن تعريفهم بِغَيرِ ذَلِكَ كَانَ أوْلَى.

فهذه ستَّةُ أسبابٍ ذَكَرَهَا العُلَمَاءُ وأكثَرُها مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَدَلائِلُهَا مِنَ الأحادِيثِ الصَّحيحَةِ مشهورَةٌ.

فمن ذَلِكَ:

1/1531- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَجُلاً استأْذَن عَلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: " ائذَنُوا لهُ، بِئسَ أخُو العشِيرَةِ؟ " متفقٌ عَلَيْهِ.

احْتَجَّ بهِ البخاري في جَوازِ غيبةِ أهلِ الفسادِ وأهلِ الرِّيبِ.

2/1532- وعنْهَا قَالَتْ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَا أَظُن فُلاناً وفُلاناً يعرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئاً" رواه البخاريُّ. قَالَ الليثُ بنُ سعْدٍ أحدُ رُواةِ هَذَا الحَدِيثِ: هذَانِ الرَّجُلانِ كَانَا مِنَ المُنَافِقِينَ.

3/1533- وعنْ فَاطِمةَ بنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها قَالَتْ: أَتيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقُلْتُ: إنَّ أَبَا الجَهْمِ ومُعاوِيةَ خَطباني؟ فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أمَّا مُعَاوِيةُ، فَصُعْلُوكٌ لَا مالَ لَهُ، وأمَّا أَبُو الجَهْمِ فَلَا يضَعُ العَصا عنْ عاتِقِهِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

وفي روايةٍ لمسلمٍ: "وأمَّا أبُو الجَهْمِ فضَرَّابُ للنِّساءِ" وَهُوَ تفسير لرواية:"لا يَضَعُ العَصا عَنْ عاتِقِهِ"وقيل: معناه: كثيرُ الأسفارِ.

4/1534- وعن زيْد بنِ أرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: خَرجْنَا مَعَ رسولِ اللِّهِ صلى الله عليه وسلم في سفَرٍ أصَابَ النَّاس فيهِ شِدةٌ، فقال عبدُ اللَّه بنُ أبي لأصحابه: لَا تُنْفِقُوا عَلَى منْ عِنْد رسُولِ اللَّه حَتَّى ينْفَضُّوا وقال: لَئِنْ رجعْنَا إِلَى المدِينَةِ ليُخرِجنَّ الأعزُّ مِنْها الأذَلَّ، فَأَتَيْتُ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبرْتُهُ بِذلكَ، فأرسلَ إِلَى عبدِ اللَّه بن أُبَيِّ فَاجْتَهَد يمِينَهُ: مَا فَعَل، فقالوا: كَذَب زيدٌ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَوقَع في نَفْسِي مِمَّا

ص: 433

قالوهُ شِدَّةٌ حَتَّى أنْزَل اللَّه تَعَالَى تَصْدِيقي: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} ثُمَّ دعاهُمُ النبيّ صلى الله عليه وسلم، لِيَسْتغْفِرَ لَهُمْ فلَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ. متفقٌ عَلَيهِ.

5/1535- وعنْ عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: قالت هِنْدُ امْرأَةُ أَبي سُفْيانَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَبَا سُفيانَ رجُلٌ شَحِيحٌ ولَيْس يُعْطِيني مَا يَكْفِيني وولَدِي إلَاّ مَا أخَذْتُ مِنه، وهَو لا يعْلَمُ؟ قَالَ:"خُذِي مَا يكْفِيكِ ووَلَدَكِ بالمعْرُوفِ" متفقٌ عليه.

ص: 434

257-

‌ باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بَيْنَ الناس عَلَى جهة الإِفساد

قَالَ الله تَعَالَى {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [ن: 11] . وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] .

1/1536- وعَنْ حذَيْفَةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يَدْخُلُ الجنةَ نمَّامٌ" متفقٌ عَلَيْهِ.

2/1537- وعَنْ ابن عَباسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مرَّ بِقَبريْنِ فَقَالَ: "إنَّهُمَا يُعَذَّبان، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ، بَلى إنَّهُ كَبيرٌ: أمَّا أحَدُهمَا، فَكَانَ يمشِي بالنَّمِيمَةِ، وأمَّا الآخرُ فَكَانَ لَا يسْتَتِرُ مِنْ بولِه".

متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ إحدى روايات البخاري.

قالَ العُلَماءُ: معْنَى:"وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ"أيْ كَبيرٍ في زَعْمِهما وقيلَ: كَبِيرٌ تَرْكُهُ عَلَيهما.

ص: 434

3/1538- وعن ابن مسْعُودٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَلَا أُنَبِّئكُم مَا العَضْهُ؟ هي النَّمِيمةُ، القَالَةُ بيْنَ النَّاسِ" رواه مسلم.

"العَضْهُ": بفَتْح العين المُهْمَلَةِ، وإسْكان الضَّادِ المُعْجَمَةِ، وبالهاءِ عَلَى وزنِ الوجهِ، ورُوي:"العِضَةُ"بِكسْرِ العَيْنِ وفَتْحِ الضَّادِ المُعْجَمَةِ عَلى وَزْنِ العِدَةِ، وهِي: الكذِبُ والبُهتانُ، وعَلى الرِّواية الأولى: العَضْهُ مصدرٌ، يقال: عَضَهَهُ عَضْهاً، أيْ: رماهُ بالعَضْهِ.

ص: 435

258-

‌ باب النهي عن نَقْل الحديثِ وكلام الناس إِلَى ولاة الأمورِ إِذَا لَمْ تدْعُ إِلَيْهِ حاجةٌ كَخَوفِ مفسدةٍ ونحوها

قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] . وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله.

1/1539- وعن ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يُبَلِّغْني أحدٌ مِنْ أصْحابي عنْ أحَدٍ شَيْئاً، فَإنِّي أُحِبُّ أنْ أَخْرُجَ إِليْكُمْ وأنَا سليمُ الصَّدْرِ" رواه أَبُو داود والترمذي.

ص: 435

259-

‌ باب ذمِّ ذِي الوَجْهَيْن

قَالَ الله تَعَالَى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} [النساء: 108] .

1/1540- وعن أَبي هُريرةًَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَجدُونَ النَّاسَ معادِنَ: خِيارُهُم في الجاهِليَّةِ خيارُهُم في الإسْلامِ إِذَا فَقُهُوا، وتجدُونَ خِيارَ النَّاسِ في هذا الشَّأنِ أشدَّهُمْ لهُ كَراهِيةً، وتَجدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوجْهيْنِ، الَّذِي يَأتِي هؤلاءِ بِوجْهِ وَهؤلاءِ بِوَجْهِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

2/1541- وعنْ محمدِ بن زَيْدٍ أنَّ نَاسًا قَالُوا لجَدِّهِ عبدِ اللَّه بنِ عُمْرو رضي الله عنهما: إنَّا نَدْخُلُ عَلَى سَلاطِيننا فنقولُ لهُمْ بِخلافِ مَا نتكلَّمُ إذَا خَرَجْنَا مِنْ عِندِهِمْ قَالَ: كُنًا نعُدُّ هَذَا نِفَاقاً عَلى

ص: 435

عَهْدِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.

ص: 436

260-

‌ باب تحريم الكذب

قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] .

1/1542- وعنْ ابنِ مسعود رضي الله عنه قال: قالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنًَّ الصِّدْقَ يهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإنَّ البرِّ يهْدِي إِلَى الجنَّةِ، وإنَّ الرَّجُل ليَصْدُقُ حتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدّيقاً، وإنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ وإنَّ الفُجُورًَ يهْدِي إِلَى النارِ، وَإِنَّ الرجلَ ليكذبَ حَتى يُكْتبَ عنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً" متفقٌ عَلَيْهِ.

2/1543- وعن عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرو بنِ العاص رضي الله عنهما، أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَرْبعٌ منْ كُنَّ فِيهِ، كَانَ مُنافِقاً خالِصاً، ومنْ كَانتْ فيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ، كَانتْ فِيهِ خَصْلةٌ مِنْ نِفاقٍ حتَّى يَدعَهَا: إِذَا اؤتُمِنَ خَانَ، وَإذا حدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصمَ فجَرَ" متفقٌ عَلَيْهِ.

وَقَدْ سبقَ بيانه مَعَ حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ بنحوهِ في"باب الوفاءِ بالعهدِ".

3/1544- وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قالَ:"مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لمْ يرَهُ، كُلِّفَ أنْ يَعْقِدَ بيْن شَعِيرتينِ، ولَنْ يفْعَلَ، ومِنِ اسْتَمَع إِلَى حديثِ قَوْم وهُمْ لهُ كارِهُونَ، صُبَّ في أُذُنَيْهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيامَةِ، ومَنْ صوَّر صُورةً، عُذِّبَ وَكُلِّفَ أنْ ينفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَليْس بِنافخٍ" رواه البخاري.

"تَحلَّم"أيْ: قالَ أنهُ حَلم في نَوْمِهِ ورَأى كَذا وكَذا، وَهُوَ كاذبٌ و"الآنك"بالمدِّ وضمِّ النونِ وتخفيفِ الكاف: وهو الرَّصَاصُ المذابُ.

ص: 436

4/1545- وعن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما قالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: " أفْرَى الفِرَى أنْ يُرِيَ الرجُلُ عيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيا".

رواهُ البخاري. ومعناه: يقولُ: رأيتُ فيما لَمْ يَرَهُ.

5/1546- وعن سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قالَ: كانَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِما يُكْثِرُ أنْ يقولَ لأصحابهِ: "هَلْ رَأَى أحدٌّ مِنكُمْ مِن رُؤْيَا؟ "فيقُصُّ عليهِ منْ شَاءَ اللَّه أنْ يقُصَّ. وَإنَّهُ قَالَ لنا ذَات غَدَاةٍ:"إنَّهُ أتَاني اللَّيْلَةَ آتيانِ، وإنَّهُما قَالا لِي: انطَلقْ، وإنِّي انْطلَقْتُ معهُما، وإنَّا أتَيْنَا عَلى رجُلٍ مُضْطَجِعٌ، وإِذَا آَخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وإِذَا هُوَ يَهْوي بالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيثْلَغُ رَأْسهُ، فَيَتَدَهْدهُ الحَجَرُ هَاهُنَا. فيتبعُ الحَجَرَ فيأْخُذُهُ، فَلَا يَرجِعُ إلَيْه حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَما كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيفْعلُ بهِ مِثْلَ مَا فَعَل المَرَّةَ الأوْلَى،"قَالَ: قلتُ لهما: سُبْحانَ اللَّهِ، مَا هذانِ؟ قَالا لي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنا. فأَتيْنَا عَلى رَجُل مُسْتَلْقٍ لقَفَاه وَإذا آخَرُ قائمٌ عليهِ بكَلُّوبٍ مِنْ حَديدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتى أحَد شِقَّيْ وَجْهِهِ فيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفاهُ، ومنْخِرهُ إلى قَفَاهُ، وَعينَهُ إلى قَفاهُ، ثُمَّ يتَحوَّل إِلَى الجانبِ الآخرِ فَيَفْعَل بهِ مثْلَ مَا فعلًَ بالجَانِبِ الأوَّلِ، فَما يَفْرُغُ مِنْ ذلكَ الجانبِ حتَّى يصِحَّ ذلكَ الجانِبُ كما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عليْهِ، فَيَفْعَل مِثْلَ مَا فَعلَ فِي المَرَّةِ الأُوْلَى. قَالَ: قلتُ: سُبْحَانَ اللَّه، مَا هذانِ؟ قالا لي: انْطلِقْ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا. فَأتَيْنا عَلى مِثْل التَّنُّورِ فَأَحْسِبُ أنهُ قَالَ: فإذا فيهِ لَغَطٌ، وأصْواتٌ، فَاطَّلَعْنا فيهِ فَإِذَا فِيهِ رجالٌ ونِساء عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يأتِيهمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفلِ مِنْهُمْ، فإذا أتَاهُمْ ذلكَ اللَّهَبُ ضَوْضوا، قلتُ مَا هؤلاءِ؟ قَالا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ، فَانْطَلقْنَا. فَأَتيْنَا عَلَى نهرٍ حسِبْتُ أَنهُ كانَ يقُولُ:"أَحْمرُ مِثْلُ الدًَّمِ، وَإِذَا في النَّهْرِ رَجُلٌ سابِحٌ يَسْبحُ، وَإذا عَلَى شَطِّ النَّهْرِ رجُلٌ قَد جَمَعَ عِندَهُ حِجارةً كَثِيرَة، وَإِذَا ذلكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأتيْ ذلكَ الَّذِي قَدْ جمَعَ عِنْدهُ الحِجارةًَ، فَيَفْغَرُ لهَ فاهُ، فَيُلْقِمُهُ حَجَراً، فَيَنْطَلِقُ فَيَسْبَحُ، ثُمًَّ يَرْجِعُ إليهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إليْهِ، فَغَر لهُ فاهُ، فَألْقمهُ حَجَراً، قُلْتُ لهُما: مَا هذانِ؟ قالَا لِي: انْطلِقْ انطلِق، فانْطَلَقنا. فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كريِه المَرْآةِ، أوْ كأَكرَهِ مَا أنتَ رَاءٍ رجُلاً مَرْأَى، فإذا هُوَ عِندَه نارٌ يحشُّها وَيسْعى حَوْلَهَا، قلتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قالَا لي: انْطَلِقْ انْطلِقْ، فَانْطَلقنا. فَأتَينا عَلَى روْضةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيها مِنْ كلِّ نَوْرِ الرَّبيعِ، وَإِذَا بيْنَ ظهْرِي الرَّوضَةِ رَجلٌ طويلٌ لا أكادُ أَرَى رأسَهُ طُولاً في السَّماءِ، وَإِذَا حوْلَ الرجلِ منْ أَكْثَرِ وِلدانٍ رَأَيْتُهُمْ قطُّ، قُلتُ: مَا هَذَا؟ وَمَا هؤلاءِ؟ قالا لي: انطَلقْ انْطَلِقْ فَاَنْطَلقنا. فَأتيْنَا إِلَى دَوْحةٍ عظِيمَة لَمْ أَرَ دَوْحةً قطُّ

ص: 437

أعظمَ مِنها، وَلَا أحْسنَ، قالا لي: ارْقَ فِيهَا، فَارتَقينا فِيهَا، إِلَى مدِينةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنٍ ذَهبٍ ولبنٍ فضَّةٍ، فأتَينَا بَابَ المَدينة فَاسْتفتَحْنَا، فَفُتحَ لَنا، فَدَخَلناهَا، فَتَلَقَّانَا رجالٌ شَطْرٌ مِن خَلْقِهِم كأحْسنِ مَا أنت راءٍ، وشَطرٌ مِنهم كأَقْبحِ مَا أنتَ راءِ، قالا لَهُمْ: اذْهَبُوا فقَعُوا في ذَلِكَ النًّهْر، وَإِذَا هُوَ نَهرٌ معتَرِضٌ يجْرِي كأنَّ ماءَهُ المحضُ في البَيَاضِ، فذَهبُوا فوقعُوا فِيهِ، ثُمَّ رجعُوا إلَيْنَا قَدْ ذَهَب ذلكَ السُّوءُ عَنهمْ، فَصارُوا في أحْسَنِ صُورةٍ. قَالَ: قالا لِي: هذِهِ جَنَّةُ عدْن، وهذاك منزلُكَ، فسمَا بصَرِي صُعداً، فإذا قَصْرٌ مِثلُ الرَّبابة البيضاءِ. قالا لي: هذاكَ منزِلُكَ. قلتُ لهما: باركَ اللَّه فيكُما، فَذراني فأدخُلْه. قالا: أمَّا الآنَ فَلَا، وأنتَ داخلُهُ. قُلْتُ لهُما: فَإنِّي رأَيتُ مُنْذُ اللَّيلة عَجَباً؟ فما هَذَا الذي رأيت؟ قالا لي: إنَا سَنخبِرُك. أمَّا الرجُلُ الأوَّلُ الَّذِي أتَيتَ عَليه يُثلَغُ رأسُهُ بالحَجَرِ، فإنَّهُ الرَّجُلُ يأخُذُ القُرْآنَ فيرفُضُه، وينامُ عَنِ الصَّلاةِ المكتُوبةِ. وأمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أتَيتَ عَليْهِ يُشرْشرُ شِدْقُه إِلَى قَفاهُ، ومَنْخِرُه إِلَى قَفاهُ، وعَيْنهُ إِلَى قفاهُ، فإنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدو مِنْ بَيْتِه فَيكذبُ الكذبةَ تبلُغُ الآفاقَ. وأمَّا الرِّجالُ والنِّساءُ العُراةُ الَّذِينَ هُمْ في مِثل بِناءِ التَّنُّورِ، فإنَّهم الزُّناةُ والزَّواني. وأما الرجُلُ الَّذي أتَيْت عليْهِ يسْبَحُ في النَهْرِ، ويلْقمُ الحِجارة، فإنَّهُ آكِلُ الرِّبا. وأمَّا الرَّجُلُ الكَريهُ المَرآةِ الَّذِي عندَ النَّارِ يَحُشُّها ويسْعى حَوْلَها فإنَّهُ مالِكُ خازنُ جَهنَّمَ. وأمَّا الرَّجُلُ الطَّويلُ الَّذي في الرَّوْضةِ، فإنَّهُ إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وأمَّا الوِلدانُ الذينَ حوْله، فكلُّ مُوْلود ماتَ عَلَى الفِطْرَةِ"وفي رواية البَرْقَانِي:"وُلِد عَلَى الفِطْرَةِ". فَقَالَ بعض المسلمينَ: يَا رسولَ اللَّه، وأولادُ المشرِكينَ؟ فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"وأولادُ المشركينَ". وأما القومُ الذينَ كانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبيحٌ فإنَّهُمْ قَومٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وآخَرَ سَيِّئاً تَجاوَزَ الله عنهم". رواه البخاري.

وفي روايةٍ لَهُ: "رأيتُ اللَّيلَةَ رجُلَين أتَياني فأخْرجاني إِلَى أرْضِ مُقدَّسةِ"ثُمَّ ذكَره. وقال:"فانطَلَقْنَا إِلَى نَقبٍ مثلِ التنُّورِ، أعْلاهُ ضَيِّقٌ وأسْفَلُهُ وَاسعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحتهُ ناراً، فإذا ارتَفَعت ارْتَفَعُوا حَتى كادُوا أنْ يَخْرُجوا، وَإِذَا خَمَدت، رَجَعوا فِيهَا، وفيها رجالٌ ونِساءٌ عراةٌ. وفيها: حَتَّى أتَينَا عَلَى نَهرٍ مِنْ دًَم، ولم يشكَّ فِيهِ رجُلٌ قائمٌ عَلَى وَسَطِ النًَّهرِ، وعلى شطِّ النَّهر رجُلٌ، وبيْنَ يديهِ حجارةٌ، فأقبلَ الرَّجُلُ الذي في النَّهرِ، فَإذا أرَادَ أنْ يخْرُجَ، رمَى الرَّجُلُ بِحجرٍ في فِيه، فردَّهُ حيْثُ كانَ، فجعلَ كُلَّمَا جاءَ ليخْرج جَعَلَ يَرْمي في فِيهِ بحجرٍ، فيرْجِعُ كما كانَ. وفيهَا:"فَصَعِدَا بي الشَّجَرةَ، فَأدْخلاني دَاراً لَمْ أرَ قَطُّ أحْسنَ منْهَا، فيهَا رجالٌ شُيُوخٌ وَشَباب". وفِيهَا:"الَّذي رأيْتهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فكَذَّابٌ، يُحدِّثُ بالْكذبةِ فَتُحْملُ عنْهَ حتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فيصْنَعُ بهِ مَا رأيْتَ إِلَى يوْم الْقِيامةِ". وَفِيهَا:"الَّذي رأيْتهُ يُشْدَخُ رأسُهُ فرجُلُ علَّمهُ اللَّه الْقُرآنَ، فَنَامَ عنهُ بِاللَّيْلِ، ولَمْ يعْملْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، فيُفْعلُ بِه إِلَى يَوْمِ الْقِيامةِ". والدَّارُ الأولَى الَّتي دخَلْتَ دارُ

ص: 438

عامَّةِ المُؤمنينَ، وأمَّا هذِهِ الدَّارُ فدَارُ الشُّهَداءِ، وأنا جِبْريلُ، وهذا مِيكائيلُ، فارْفع رأسَك، فرفعتُ رأْسي، فإذَا فَوْقِي مِثلُ السَّحابِ، قالا: ذاكَ منزلُكَ، قلتُ: دَعاني أدْخُلْ مَنْزِلي، قالا: إنَّهُ بَقي لَكَ عُمُرٌ لَم تَستكمِلْهُ، فلَوْ اسْتَكْملته، أتَيْتَ منْزِلَكَ" رواه البخاري.

قَوْله:"يَثْلَغ رَأْسهُ"هُوَ بالثاءِ المثلثةِ والغينِ المعجمة، أيْ: يشدخُهُ ويَشُقُّه. قولهُ:"يَتَدهْده"أيْ: يتدحرجُ، و"الكَلُّوبُ"بفتح الكاف، وضم اللام المشددة، وَهُوَ معروف. قَوْله:"فيُشَرشِرُ"أيْ: يُقَطَّعُ. قَوْله:"ضوْضَوا"وَهُوَ بضادين معجمتين، أيْ صاحوا. قَوْله:"فيفْغَرُ"هُوَ بالفاءِ والغين المعجمة، أيْ: يفتحُ. قَوْله:"المرآةِ"هُوَ بفتح الميم، أيْ: المنْظَر. قَوْله:"يحُشُّها"هُوَ بفتح الياءِ وضم الحاءِ المهملة والشين المعجمة، أيْ: يوقِدُها، قَوْله:"روْضَةٍ مُعْتَمَّةِ"هُوَ بضم الميم وإسكان العين وفتح التاء وتشديد الميم، أيْ: وافيةِ النَّبات طويلَته. قَولُهُ:"دوْحَةٌ"وهي بفتحِ الدال، وإسكان الواو وبالحاءِ المهملة: وهِي الشَّجرَةُ الْكبيرةُ، قولُهُ:"المَحْضُ"هُوَ بفتح الميم وإسكان الحاءِ المهملة وبالضَّاد المعجمة: وهُوَ اللَّبَنُ. قولُهُ:"فَسَما بصرِي"أي: ارْتَفَعَ."وَصُعُداً": بضم الصاد والعين: أيْ: مُرْتَفِعاً."وَالرَّبابةُ": بفتح الراءِ وبالباءِ الموحدة مُكررة، وهي السَّحابة.

ص: 439

261-

‌ باب بيان مَا يجوز من الكذب

إْعْلَمْ أنَّ الْكَذب، وَإنْ كَانَ أصْلُهُ مُحرَّماً، فيَجُوزُ في بعْض الأحْوالِ بشرُوطٍ قَدْ أوْضَحْتُهَا في كتاب:"الأذْكارِ"ومُخْتَصَرُ ذَلِكَ أنَّ الكلامَ وسيلةٌ إِلَى المقاصدِ، فَكُلُّ مَقْصُودٍ محْمُودٍ يُمْكِن تحْصيلُهُ بغَيْر الْكَذِبِ يَحْرُمُ الْكذِبُ فِيهِ، وإنْ لَمْ يُمكِنْ تَحْصِيلُهُ إلَاّ بالكذبِ جازَ الْكذِبُ. ثُمَّ إنْ كانَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ المقْصُودِ مُباحاً كَانَ الْكَذِبُ مُباحاً، وإنْ كانَ واجِباً، كَانَ الكَذِبُ واجِباً، فإذا اخْتَفى مُسْلمٌ مِن ظالمٍ يُريدُ قَتلَه، أوْ أخْذَ مالِه، وأخَفي مالَه، وسُئِل إنسانٌ عَنْهُ، وَجَبَ الكَذبُ بإخفائِه، وكذا لو كانَ عِندهُ وديعَةٌ، وأراد ظالِمٌ أخذَها، وجبَ الْكَذِبُ بإخفائها، والأحْوطُ في هَذَا كُلِّه أنْ يُوَرِّي، ومعْنَى التَّوْرِيةِ: أنْ يقْصِد بِعبارَتِه مَقْصُوداً صَحيحاً ليْسَ هُوَ كاذِباً بالنِّسّبةِ إلَيْهِ، وإنْ كانَ كاذِباً في ظاهِرِ اللًّفظِ، وبِالنِّسْبةِ إِلَى مَا يفهَمهُ المُخَاطَبُ ولَوْ تَركَ التَّوْرِيةَ وَأطْلَق عِبارةَ الكذِبِ، فليْس بِحرَامٍ في هَذَا الحَالِ.

واسْتَدلَّ الْعُلَماءُ بجَوازِ الكَذِب في هَذَا الحَال بحدِيث أمِّ كُلْثومٍ رضي الله عنها أنَّها سَمِعَتْ رَسُولَ اللَْه صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لَيْس الكَذَّابُ الَّذي يُصلحُ بيْنَ النَّاسِ، فينمِي خَيْراً أَوْ يقولُ خَيْراً "متفقٌ عَلَيهِ.

ص: 439

زاد مسلم في رواية:"قالت: أمُّ كُلْثُومٍ: ولَم أسْمعْهُ يُرْخِّصُ في شَيءٍ مِمَّا يقُولُ النَّاسُ إلَاّ في ثلاثٍ: تَعْني: الحَرْبَ، والإصْلاحَ بيْن النَّاسِ، وحديثَ الرَّجُلَ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثَ المرْأَةِ زوْجَهَا.

ص: 440

262-

‌ باب الحثَّ عَلَى التثُّبت فيما يقوله ويحكيه

قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] .

1/1547- وعنْ أَبي هُريْرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كَفَى بالمَرءِ كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سمعِ" رواه مسلم.

2/1548- وعن سمُرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "منْ حدَّث عنِّي بِحَدِيثٍ يرَى أنَّهُ كذِبٌ، فَهُو أحدُ الكَاذِبين" رواه مسلم.

3/1549- وعنْ أسماءَ رضي الله عنها أنَّ امْرأة قالَتْ: يَا رَسُول اللَّه إنَّ لِي ضرَّةَ فهل علَيَّ جناحٌ إنْ تَشبعْتُ مِنْ زَوْجِي غيْرَ الَّذِي يُعطِيني؟ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "المُتشبِّعُ بِما لَمْ يُعْطَ كَلابِس ثَوْبَي زُورٍ" متفقٌ عليه.

المُتشبِّعُ: هو الذي يُظهرُ الشَّبع وليس بشبعان، ومعناها هُنا: أنَّهُ يُظهرُ أنَّهُ حَصلَ لَهُ فضِيلةٌ وليْستْ حاصِلة."ولابِس ثَوْبي زورٍ"أيْ: ذِي زُورٍ، وَهُوَ الَّذِي يزَوِّرُ عَلَى النَّاس، بِأنْ يَتَزَيَّى بِزيِّ أهْلِ الزُّهدِ أَو العِلم أَو الثرْوةِ، ليغْترَّ بِهِ النَّاسُ وليْس هُوَ بِتِلك الصِّفةِ، وَقَيلَ غَيْرُ ذَلِكَ واللَّه أعْلَمُ.

ص: 440

263-

‌ باب بيان غلظ تحريم شهادة الزُّور

قَالَ الله تَعَالَى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] . وقال تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] . وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] . وقال تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] . وَقالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72] .

1/1550- وعن أَبي بكْرةَ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا أُنبِّئكُم بِأكْبَرِ الكَبائِر؟ قُلنَا: بَلَى يَا رسولَ اللَّهِ. قَالَ:"الإشراكُ باللَّه، وعُقُوقُ الوالِديْنِ"وكان مُتَّكِئا فَجلَس، فَقَالَ:"ألَا وقَوْلُ

ص: 440

الزُّورِ، وشهادةُ الزورِ"فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قلنا: لَيْتَهُ سكَت. متفق عليه.

ص: 441

264-

‌ باب تحريم لَعْن إنسان بعَينه أَوْ دابة

1/1551- عن أَبي زيْدٍ ثابتِ بنِ الضَّحاكِ الأنصاريِّ رضي الله عنه، وَهُوَ من أهْل بيْعةِ الرِّضوانِ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَف عَلى يمِينٍ بِملَّةٍ غيْرٍ الإسْلامِ كاذِباً مُتَعَمِّداً، فهُو كَما قَالَ، ومنْ قَتَل نَفسهُ بشيءٍ، عُذِّب بِهِ يوْم القِيامةِ، وَليْس عَلَى رجُلٍ نَذْرٌ فِيما لا يَملِكهُ، ولعنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

2/1552- وعنْ أبي هُريْرةَ رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا ينْبغِي لِصِدِّيقٍ أنْ يكُونَ لَعَّاناً" رواه مسلم.

3/1553- وعنْ أبي الدَّردَاءِ رضي الله عنه قال: قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يكُونُ اللَّعَّانُون شُفعَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يوْمَ القِيامَةِ" رواه مسلم.

4/1554- وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَلاعنُوا بلعنةِ اللَّه، وَلَا بِغضبِهِ، وَلَا بِالنَّارِ" رواه أَبُو داود، والترمذي وقالا: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

5/1555- وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْس المؤمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ، وَلَا البذِيِّ" رواه الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.

6/1556- وعنْ أَبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ العبْد إِذَا لَعنَ شَيْئاً، صعِدتِ اللَّعْنةُ إِلَى السَّماء، فتُغْلَقُ أبْوابُ السَّماءِ دُونَها، ثُمَّ تَهبِطُ إِلَى الأرْضِ، فتُغلَقُ أبوابُها دُونَها، ثُّمَّ تَأخُذُ يَميناً وشِمالا، فَإذا لمْ تَجِدْ مَسَاغاً رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فإنْ كَانَ أهْلاً لِذلك، وإلَاّ رجعتْ إِلَى قائِلِها" رواه أَبُو داود.

7/1557- وعنْ عِمْرَانَ بنِ الحُصيْنِ رضي الله عنهما قَالَ: بينَما رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعضِ

ص: 441

أسْفَارِهِ، وامرأَةٌ مِنَ الأنصارِ عَلى نَاقَةٍ، فضجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا، فَسمع ذلكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ:"خُذوا مَا عَلَيْهَا ودعُوها، فإنَّها ملعُونَةٌُ" قالَ عِمرَانُ: فكَأَنِّي أرَاهَا الآنَ تَمْشِي في النَّاسِ مَا يعرِضُ لهَا أحدٌ. رواه مسلم.

8/1558- وعن أَبي برّزَةَ نَضلَةَ بْنِ عُبيْدٍ الأسلمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا جاريةٌ عَلَى ناقَةٍ علَيها بعضُ متَاع القَوْمِ، إذْ بَصُرَتْ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وتَضايَقَ بهمُ الجَبلُ، فقالتْ: حَلْ، اللَّهُم العنْها فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تُصاحِبْنا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لعْنةٌ "رواه مسلم.

قَوْله:"حلْ"بفتح الحاءِ المُهملةِ، وَإسكانِ اللَاّم، وهَي كلِمةٌ لزَجْرِ الإبلِ.

واعْلَم أنًَّ هَذَا الحَدِيثَ قَدْ يُسْتَشْكلُ معْنَاهُ، وَلا إشْكال فِيهِ، بَلِ المُرادُ النَّهيُ أنْ تُصاحِبَهُمُ تِلك النَّاقَةُ، وَلَيْسَ فِيهِ نهيٌ عَنْ بيْعِها وذَبْحِهَا وَرُكُوبِها فِي غَيْرِ صُحْبةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم بلْ كُلُّ ذَلِكَ وَما سوَاهُ منَ التَّصرُّفاتِ جائِزٌ لا منْع مِنْه، إلَاّ مِنْ مُصاحبَتِهِ صلى الله عليه وسلم بِها، لأنَّ هذِهِ التَّصرُّفاتِ كُلِّهَا كانتْ جَائِزَةً فمُنع بْعضٌ مِنْها، فبَقِي الباقِي عَلَى مَا كَانَ. واللَّه أعْلَمُ.

ص: 442

265-

‌ باب جواز لَعْن بعض أصحاب المعاصي غير المُعَيّنِين

قَالَ الله تَعَالَى: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] وقال تَعَالَى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 44] .

وَثَبت فِي الصَّحيحِ أَنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لعَنَ اللَّه الوَاصِلَةَ والمُسْتَوصِلةَ" وأنَّهُ قَالَ: "لعَنَ اللَّه آكِلَ الرِّبا" وأنَّهُ لَعَنَ المُصَوِّرين، وأنَّه قَالَ:"لعنَ اللَّه مَنْ غَيَّر منارَ الأرْض" أيْ: حُدُودها، وأنَّهُ قَالَ:"لَعنَ اللَّه السَّارِقَ يَسرِقُ البيضَة" وأنهُ قال: "لَعنَ اللَّه مَنْ لعن والِديْهِ"، "وَلَعَنَ اللَّه مَنْ ذَبَحَ لِغيْرِ اللَّه" وأنهُ قَالَ: "منْ أحْدَثَ فِيها حَدَثاً أوْ آوَى محدِثاً، فَعليّهِ لَعْنَةُ اللَّهِ والملائِكَةِ والنَّاسِ

ص: 442

أجْمعِينَ" وأنَّهُ قالَ: "اللَّهُمَّ العنْ رِعْلاً، وذَكوانَ وَعُصيَّةَ، عصَوا اللَّه ورَسُولَهُ" وَهذِهِ ثلاثُ قبائِل مِنَ العَرَبِ وأنَّه قَالَ:"لَعنَ اللَّه اليهودَ اتخَذُوا قُبورَ أنبيَائِهم مسَاجِدَ" وأنَّهُ "لَعن المُتشبهِينَ مِنَ الرِّجالِ بِالنِّساءِ، والمتشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجالِ".

وَجَميعُ هذِهِ الألفاظِ في الصحيحِ، بعْضُهَا في صَحيحَيّ البُخاري ومسلمٍ، وبعْضُها في أحدِهِمَا، وإنَّما قَصدْتُ الاختصَار بِالإشارةِ إليْهَا، وسأذكرُ مُعظَمَهَا في أبوابها مِنْ هَذَا الكتاب، إن شاءَ اللَّه تَعَالَى.

ص: 443

266-

‌ باب تحريم سَبّ المسلم بغير حق

قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب: 58] .

1/1559- وعنِ ابنِ مَسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سِباب المُسْلِمِ فُسوقٌ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ" متفقٌ عَلَيهِ.

2/1560- وعنْ أَبي ذرٍّ رضي الله عنه أنَّهُ سمِع رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لَا يَرمي رجُلٌ رَجُلاً بِالفِسْقِ أَوِ الكُفْرِ، إلَاّ ارْتَدَّتْ عليهِ، إنْ لمْ يَكُن صاحِبُهُ كذلكَ "رواه البخاريُّ.

3/1561- وعنْ أَبي هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قالَ: "المُتَسابانِ مَا قَالا فَعَلى البَادِي مِنْهُما حتَّى يَعْتَدِي المظلُومُ" رواه مسلم.

4/1562- وعنهُ قالَ: أُتيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِرجُلٍ قَدْ شَرِب قالَ: "اضربُوهُ" قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَمِنَّا الضَّاربُ بِيدِهِ، والضَّاربُ بِنعْلِه، والضَّارِبُ بثوبهِ، فلَمَّا انصَرفَ، قَالَ بَعضُ القَوم: أخزاكَ اللَّه، قَالَ:

ص: 443

"لا تقُولُوا هَذَا، لا تُعِينُوا عليهِ الشَّيطَانَ" رواه البخاري.

5/1563- وعنْهُ قالَ: سمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ قَذَف ممْلُوكَهُ بِالزِّنا يُقامُ عليهٍ الحَدُّ يومَ القِيامَةِ، إلَاّ أنْ يَكُونَ كما قالَ" متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 444

267-

‌ باب تحريم سَبّ الأموات بغير حقِّ ومصلحةٍ شرعية

وهو التَّحْذِيرُ مِنَ الاقْتِدَاء بِهِ في بِدْعَتِهِ، وَفِسْقِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِيهِ الآيةُ والأحاديثُ السَّابِقَةُ في البَابِ قَبْلَهُ.

1/1564- وعن عائِشةَ رضي الله عنها قالتْ: قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَسُبُّوا الأمواتَ، فَإنَّهُمْ قَدْ أفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّموا" رواه البخاري.

ص: 444

268-

‌ باب النهي عن الإيذاء

قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب: 58] .

1/1565- وعنْ عبدِ اللَّه بنِ عَمرو بن العاص رضي الله عنهما قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "المُسْلِمُ منْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ ويدِهِ، والمُهَاجِرُ منْ هَجَر مَا نَهَى اللَّه عنْهُ" متفقٌ عليه.

2/1566- وعنهُ قالَ: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أحبَّ أنْ يُزَحْزحَ عَنِ النَّارِ، ويَدْخَل الجنَّةَ، فلتَأتِهِ منِيَّتُهُ وهُوَ يُؤمِنُ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أنْ يُؤْتَي إليْهِ" رواه مسلم.

وهُو بعْضُ حَديثٍ طويلٍ سبقَ في بابِ طاعةِ وُلاةِ الأمُورِ.

ص: 444

269-

‌ باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] . وقال تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِين َ

ص: 444

أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54] . وقال تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] .

1/1567- وعنْ أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَباغَضُوا، وَلَا تحاسدُوا، ولَا تَدابَرُوا، وَلَا تَقَاطعُوا، وَكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوَاناً، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يهْجُرَ أخَاه فَوقَ ثلاثٍ" متفقٌ عليه.

2/1568- وعنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تُفْتَحُ أبْوابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الاثنَيْنِ ويَوْمَ الخَمِيس، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيئاً، إلَاّ رجُلاً كانَت بيْنهُ وبَيْنَ أخيهِ شَحْناءُ فيقالُ: أنْظِرُوا هذيْنِ حتَّى يصطَلِحا، أنْظِرُوا هذَيْنِ حتَّى يَصطَلِحا،" رواه مسلم.

وفي روايةٍ لَهُ: "تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يومِ خَميسٍ وَاثنَيْنِ" وذَكَر نحْوَهُ.

ص: 445

270-

‌ باب تحريم الحسد

وَهُوَ تمني زوالُ النعمة عن صاحبها: سواءٌ كَانَتْ نعمة دينٍ أَوْ دنيا قَالَ الله تَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 54] . وفِيهِ حديثُ أنسٍ السابق في الباب قبلَهُ.

1/1569- وعَنْ أبي هُرَيرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إيَّاكُمْ والحسدَ، فإنَّ الحسدَ يأكُلُ الحسناتِ كَما تَأْكُلُ النًارُ الحطبَ"، أوْ قَالَ "العُشْبَ" رواه أَبُو داود.

ص: 445

271-

باب النهي عن التجسّسوالتسمّع لكَلام مَن يكره استماعُهُ

قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12] . وقال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب: 58] .

1/1570- وعنْ أَبي هُريْرةَ رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إيًاكُمْ والظَّنَّ، فَإنَّ الظَّنَّ أكذبُ الحدِيثَ، ولا تحَسَّسُوا، وَلَا تَجسَّسُوا وَلَا تنافَسُوا وَلَا تحَاسَدُوا، وَلَا تَباغَضُوا، وَلَا تَدابَروُا،

ص: 445

وكُونُوا عِباد اللَّهِ إخْواناً كَما أمركُمْ. المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لَا يظلِمُهُ، وَلَا يخذُلُهُ وَلَا يحْقرُهُ، التَّقوى ههُنا، التَّقوَى ههُنا"ويُشير إِلَى صَدْرِه"بِحْسبِ امريءٍ مِن الشَّرِّ أنْ يحْقِر أخاهُ المسِلم، كُلُّ المُسلمِ عَلَى المُسْلِمِ حرَامٌ: دمُهُ، وعِرْضُهُ، ومَالُه، إنَّ اللَّه لَا يَنْظُرُ إِلَى أجْسادِكُمْ، وَلا إِلَى صُوَرِكُمْ، ولكنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وأعْمَالِكُمْ".

وَفِي رواية: "لَا تَحاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَجَسَّسُوا وَلَا تحَسَّسُوا وَلَا تَنَاجشُوا وكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَاناً".

وفي روايةٍ: "لَا تَقَاطَعُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَبَاغَضُوا وَلَا تحَاسدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَاناً".

وفي رواية: "لا تَهَاجَروا وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمِ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ".

رواه مسلم: بكلِّ هذِهِ الروايات، وروى البخاريُّ أكثَرَها.

2/1571- وعَنْ مُعَاويةَ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنَّكَ إنِ اتَّبعْتَ عَوْراتِ المُسْلِمينَ أفسَدْتَهُمْ، أوْ كِدْتَ أنْ تُفسِدَهُمَ" حديثٌ صحيح.

رواهُ أبو داود بإسناد صحيح.

3/1572- وعنِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه أنَّهُ أُتِىَ بِرَجُلٍ فَقيلَ لَهُ: هذَا فُلانٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمراً، فقالَ: إنَّا قَدْ نُهينَا عنِ التَّجَسُّسِ، ولكِنْ إنْ يظهَرْ لَنَا شَيءٌ، نَأخُذْ بِهِ، حَديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.

رواه أَبُو داود بإسْنادٍ عَلى شَرْطِ البخاري ومسلمٍ.

ص: 446

272-

‌ باب النهي عن سوء الظن بالمسلمين من غير ضرورة

قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12] .

1/1573- وعنْ أَبي هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إيَّاكُمْ وَالظًَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكذَبُ الحَدِيثِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 446

273-

‌ باب تحريم احتقار المسلمين

قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11] . وقال تَعَالَى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1] .

1/1574- وعنْ أبي هُرَيرة رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ "بِحَسْبِ امْرِيءٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يحْقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ" رواه مسلم، وقد سبق قرِيباً بطوله.

2/1575- وعَن ابْنِ مسعُودٍ رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ منْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ،"فَقَالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسناً، ونَعْلُهُ حَسَنَةً، فَقَالَ:"إنَّ اللَّه جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَال، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ" رواه مسلم.

وَمَعْنَى"بَطَرُ الحَقِّ": دَفْعه،"وغَمْطُهُم": احْتِقَارهُمْ، وقَدْ سَبَقَ بيانُهُ أوْضَح مِنْ هَذا في باب الكِبرِ.

3/1576- وعن جُنْدُبِ بن عبدِ اللَّه رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قالَ رَجُلٌ: واللَّهِ لا يَغْفِرُ اللَّه لفُلانٍ، فَقَالَ اللَّه عز وجل: مَنْ ذا الَّذِي يَتَأَلَّى عليَّ أنْ لا أغفِرَ لفُلانٍ إنِّي قَد غَفَرْتُ لَهُ، وًَأَحْبَطْتُ عمَلَكَ" رواه مسلم.

ص: 447

274-

‌ باب النهي عن إظهار الشماتة بِالمُسْلِم

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] . وقال تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ

ص: 447

تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور: 19] .

1/1577- وعنْ وَاثِلةَ بنِ الأسْقَعِ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لا تُظْهِرِ الشَّمَاتَة لأَخِيكَ فَيرْحمْهُ اللَّهُ وَيبتَلِيكَ" رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ.

وفي الباب حديثُ أَبي هريرةَ السابقُ في باب التَّجَسُّسِ: "كُلُّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حرَامٌ"الحديث.

ص: 448

275-

‌ باب تحريم الطَّعْن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع

قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب: 58] .

1/1578- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اثْنَتَان في النَّاسِ هُمَا بِهِم كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، والنِّيَاحةُ عَلَى المَّيت" رواه مسلم.

ص: 448

276 -

‌ باب النهي عن الغش والخِداع

قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب: 58] .

1/1579- وَعَنْ أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "منْ حمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ، فَلَيْسَ مِنَّا، ومَنْ غَشَّنَا، فَلَيْسَ مِنَّا" رواه مسلم.

وفي روايةٍ لَه أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم مرَّ عَلى صُبْرَةِ طَعامٍ، فَأدْخَلَ يدهُ فِيهَا، فَنالَتْ أصَابِعُهُ بَلَلاً،

ص: 448

فَقَالَ:"مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ "قَالَ أصَابتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّه قَالَ:"أفَلا جَعلْتَه فَوْقَ الطَّعَامِ حَتِّى يَراهُ النَّاس، مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا".

2/1580- وَعَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَنَاجشُوا" متفقٌ عَلَيْهِ.

3/1581- وَعَنْ ابنِ عُمر رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن النَّجَشِ. متفقٌ عَلَيْهِ.

4/1582- وعَنْهُ قَالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ يُخْدعُ في البُيُوعِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "منْ بايَعْتَ، فَقُلْ لَا خِلابَةَ" متفقٌ عَلَيْهِ.

"الخِلابةُ"بخاءٍ معجمةٍ مكسورةٍ، وباءٍ موحدة: وهي الخدِيعةُ.

5/1583- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَبَّب زَوْجَة امْرِيءٍ، أوْ ممْلُوكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا" رواهُ أَبُو داود.

"خَبب"بخاءٍ معجمة، ثُمَّ باءٍ موحدة مكررة: أيْ: أفسدَهُ وخدعَهُ.

ص: 449

277-

‌ باب تحريم الغَدر

قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] . وقال تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 34] .

1/1584- وعَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو بْنِ العاص رضي الله عنهما أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أرْبعٌ مَنْ كُنَّ فيهِ، كانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كانتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ، كانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إِذَا أؤتمِنَ خانَ، وَإِذَا حدَّثَ كَذَب، وَإِذَا عاهَدَ غَدَر، وَإِذَا خَاصَم فَجر". متفقٌ عليه.

2/1585- وعن ابن مسْعُودٍ، وابنِ عُمرَ، وأنسٍ رضي الله عنهم قَالُوا: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يوْمَ القِيامةِ، يُقَالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فُلانٍ" متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 449

3/1586- وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لِكُلِّ غَادِرٍ لِواءٌ عِندَ إسْتِه يَوْمَ القِيامةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقدْرِ غدْرِهِ، ألَا وَلَا غَادر أعْظمُ غَدْراً مِنْ أمِيرِ عامَّةٍ" رواه مسلم.

4/1587- وعنْ أَبي هُرَيرةَ رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" قَالَ اللَّه تَعَالَى ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أعطَى بي ثُمْ غَدَرَ، وَرجُلٌ بَاعَ حُراً فأَكل ثمنَهُ، ورجُلٌ استَأجرَ أجِيراً، فَاسْتَوْفى مِنهُ، ولَمْ يُعْطِهِ أجْرَهُ" رواه البخاري.

ص: 450

278-

‌ باب النهي عن المنِّ بالعطية ونحوها

قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264] . وقال تَعَالَى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً} [البقرة: 262] .

1/1588- وعنْ أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ثَلاثةٌ لا يُكلِّمُهُمْ اللَّه يوْمَ القيامةِ، وَلَا يَنْظُرُ إليْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلهُمْ عذابٌ أليمٌ"قَالَ: فَقرأها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثَلاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ أَبُو ذرٍّ: خَابُوا وخَسِروا منْ هُمْ يَا رسولَ اللَّه، قَالَ المُسبِلُ، والمَنَّانُ، والمُنَفِّقُ سلعتهُ بالحِلفِ الكَاذبِ" رواه مسلم.

وفي روايةٍ لَهُ:"المسبلُ إزارهُ"يعْني: المسْبِلُ إزَارهُ وثَوْبَهُ أسفَلَ مِنِ الكَعْبَيْنِ للخُيَلاءِ.

ص: 450

279-

‌ باب النهي عن الافتخار والبغي

قَالَ الله تَعَالَى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] . وقال تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 42] .

1/1589- وعَنْ عِياض بْنِ حمارٍ رضي الله عنه قَال قَال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّه تَعالى

ص: 450

أوْحَى إليَّ أنْ تواضعُوا حَتى لا يبْغِيَ أحَدٌ عَلَى أحدٍ، وَلَا يفْخرَ أحدٌ عَلَى أحدٍ" رواه مسلم.

قَالَ أهلُ اللغةِ: البَغيُ: التَّعَدِّي والاستِطالةُ.

2/1590- وعن أَبي هُريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هلَكَ النَّاسُ، فهُو أهْلَكُهُمْ" رواه مسلم.

الرِّوايةُ المشْهُورةُ:"أهْلكُهُمْ"بِرفعِ الكافِ، ورُوِي بِنَصبِهَا. وهذا النَّهي لمنْ قالَ ذلكَ عجْباً بِنفْسِهِ، وتصاغُراً للناسِ، وارْتِفاعاً علَيْهمْ، فهَذَا هُو الحَرامُ، وَأمَّا منْ قالهُ لِما يَرَى في النَّاسِ مِن نقْصٍ في أمْر دينِهِم، وقَالهُ تَحزُّناً علَيْهِمْ، وعَلَى الدِّينِ، فَلَا بَأسَ بهِ. هَكَذا فَسَّرهُ العُلماءُ وفصَّلوهُ، ومِمنْ قالَه مِنَ الأئمةِ الأعْلام: مالكُ ابنُ أنسٍ، والخَطَّابيُّ، والحميدِيُّ وآخرونَ، وَقَدْ أوْضَحْته في كتاب"الأذْكَارِ".

ص: 451

280-

‌ باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام إِلَاّ لبدعة في المهجور أَوْ تظاهرٍ بفسقٍ أَوْ نحو ذَلِكَ

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10] . وقال تَعَالَى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] .

1/1591- وعنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَقَاطَعُوا، وَلَا تَدابروا، وَلَا تباغضُوا، وَلَا تحاسدُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْواناً. وَلَا يحِلُّ لمُسْلِمٍ أنْ يهْجُرَ أخَاهُ فَوقَ ثَلاثٍ" متفقٌ عَلَيْهِ.

2/1592- وعنْ أَبي أيوبَ رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: "لا يحِلُّ لمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فوْقَ ثَلاثِ لَيالٍ: يلتَقِيانِ، فيُعرِضُ هَذَا ويُعرِضُ هَذَا، وخَيْرُهُما الَّذِي يبْدأ بالسَّلامِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

3/1593- وعنْ أبي هُريرةَ رضي الله عنه قَال: قَال رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تُعْرضُ الأعْمالُ في كُلِّ اثْنَيْنِ وخَميس، فيغفِر اللَّه لِكُلِّ امْريءٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً، إِلَاّ امْرءًا كَانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيقُولُ: اتْرُكُوا هذَينِ حتَّى يصْطلِحا" رواه مسلم.

4/1594- وعَنْ جابرٍ رضي الله عنه قَال: سمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أيسَ

ص: 451

أنْ يَعْبُدهُ المُصلُّون فِي جَزيرةِ العربِ ولكِن في التَّحْرِيشِ بيْنهم" رواه مسلم.

"التَحْرِيشُ"الإفسادُ وتغييرُ قُلُوبِهم وتَقَاطُعُهم.

5/1595- وعنْ أَبي هريرة رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم "لَا يحِلُّ لمسْلِمٍ أنْ يهْجُرَ أخَاه فوْقَ ثَلاثٍ، فمنْ هَجر فَوْقَ ثلاثٍ فَمَاتَ دخَل النَار".

رواهُ أَبُو داود بإسْنادٍ على شرْطِ البخاري ومسلم.

6/1596-وعَنْ أَبي خرَاشٍ حدْرَدِ بنِ أَبي حدْردٍ الأسْلمي، ويُقَالُ السُّلمي الصَّحابِي رضي الله عنه أنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ:"منْ هَجر أخاهُ سَنَةً فَهُو كَسفْكِ دمِهِ".

رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.

7/1597- وعنْ أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه أنًَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَحِلُّ لمُؤْمِنٍ أنْ يهْجُرَ مُؤْمِناً فَوْقَ ثَلاثٍ، فَإنْ مرَّتْ بِهِ ثَلاثٌ، فَلْيَلْقَهُ، ولْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإن رَدَّ عليه السلام، فقَدِ اشْتَرَكَا في الأجْرِ، وإنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَقَدْ باءَ بالإثمِ، وخَرَجَ المُسلِّمُ مٍن الهجْرةِ".

رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ حسن. قَالَ أَبُو داود: إِذَا كَانَتِ الهجْرَةُ للَّهِ تَعالى فَلَيْس مِنْ هذَا في شيءٍ.

ص: 452

281-

‌ باب النهي عن تناجي اثنين دونَ الثالث بغير إذنه إِلَاّ لحاجةٍ

وَهُوَ أن يتحدثا سراً بحيث لا يسمعهما. وفي معناه مَا إِذَا تحدثا بلسان لا يفهمه.

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ} [المجادلة: 10] .

1/1598-وعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً، فَلا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ" متفقٌ عليه.

ص: 452

ورواه أَبُو داود وَزاد: قَالَ أبُو صالح: قُلْتُ لابْنِ عُمرَ: فَأرْبَعَةً؟ قَالَ: لا يضرُّكَ".

ورواه مالك في"المُوطأ": عنْ عبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ قَالَ: كُنْتُ أنَا وَابْنُ عُمرَ عِند دارِ خالِدِ بنُ عُقبَةَ الَّتي في السُّوقِ، فَجاءَ رجُلٌ يُريدُ أنْ يُنَاجِيَهُ، ولَيْس مَعَ ابنِ عُمر أحَدٌ غَيْري، فَدعا ابنُ عُمرَ رجُلاً آخَرَ حتَّى كُنَّا أرْبَعَةً، فَقَالَ لِي وللرَّجُلِ الثَّالِثِ الَّذي دَعا: اسْتَأخِرا شَيْئاً، فإنِّي سَمِعْتُ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دونَ وَاحدٍ".

2/1599- وَعن ابنِ مسْعُودٍ رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا كُنْتُمْ ثَلاثة، فَلا يَتَنَاجى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ حتَّى تخْتَلِطُوا بالنَّاسِ، مِنْ أجْل أنَّ ذَلكَ يُحزِنُهُ" متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 453

282-

‌ باب النهي عن تعذيب العَبْد والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي أَوْ زائد عَلَى قدر الأدب

.

قَالَ الله تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} [النساء: 36] .

1/1600- وَعنِ ابنِ عُمر رضي الله عنهما أنَّْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "عُذِّبتِ امْرَأةٌ في هِرَّةٍ حبستها حَتَّى ماتَتْ، فَدَخلَتْ فِيهَا النَّارَ، لَا هِيَ أطْعمتْهَا وسقَتْها، إذ هي حبَستْهَا وَلَا هِي تَرَكتْهَا تَأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأرض " متفقٌ عليه.

"خَشَاشُ الأرْضِ"بفتح الخاءِ المعجمةِ، وبالشينِ المعجمة المكررة: وهي هَوامُّها وحشَراتُها.

2/1601- وعنْهُ أنَّهُ مرَّ بفِتْيَانٍ مِنْ قُريْشٍ قَدْ نصبُوا طَيْراً وهُمْ يرْمُونَهُ وقَدْ جعلُوا لِصاحبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ، فَلَمَّا رأوُا ابنَ عُمرَ تفَرَّقُوا فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: منْ فَعَلَ هَذَا؟ لَعنَ اللَّه مَن فَعلَ هَذَا، إنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئاً فِيهِ الرُّوحُ غَرضاً. متفقٌ عَلَيْهِ.

"الْغرَضُ": بفتحِ الغَين المعجمة، والراءِ وهُو الهَدفُ، والشَّيءُ الَّذي يُرْمَى إلَيهِ.

3/1602- وعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَال: نَهَى رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أنَّ تُصْبَرَ الْبَهَائمُ. متفقٌ عَلَيْهِ، ومَعْنَاه: تُحْبسَ للْقَتْلِ.

ص: 453

4/1603- وَعَنْ أَبي عَليٍّ سُوَيْدِ بنِ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَقَدْ رَأيْتُني سابِعَ سبْعَةٍ مِنْ بني مُقرِّنٍ مَالنَا خَادِمٌ إلَاّ واحِدةٌ لَطمها أصْغرُنَا فأمَرنَا رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أنْ نُعْتِقَها.

رواه مسلم. وفي روايةٍ:"سابِع إخْوةٍ لِي".

5/1604- وعنْ أَبي مَسْعُودٍ البدْرِيِّ رضي الله عنه قَال: كُنْتُ أضْرِبُ غُلامَاً لِي بالسَّوطِ، فَسمِعْتُ صَوْتاً مِنْ خَلفي:"اعلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ" فَلَمْ أفْهَمْ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضب، فَلَمَّا دنَا مِنِّي إِذَا هُو رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَإذا هُو يَقُولُ:"اعلَمْ أَبَا مسْعُودٍ اعلَمْ أبا مسْعُودٍ" قال: فألقيت السوط من يدي، فقال:"اعلَمْ أَبَا مسْعُودٍ أنَّ اللَّه أقْدرُ علَيْكَ مِنْكَ عَلى هَذَا الغُلامِ" فَقُلْتُ: لا أضْربُ مملُوكاً بعْدَهُ أَبَداً.

وَفِي روَايةٍ: فَسَقَطَ السَّوْطُ مِنْ يدِي مِنْ هيْبتِهِ.

وفي روايةٍ: فقُلْتُ: يَا رسُول اللَّه هُو حُرٌّ لِوجْهِ اللَّه تَعَالَى فَقَال: "أمَا لوْ لَمْ تَفْعَلْ، لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أوْ لمَسَّتكَ النَّارُ" رواه مسلم. بهذِهِ الرواياتِ.

6/1605- وَعنِ ابْنِ عُمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "منْ ضَرَبَ غُلاماً لَهُ حَداً لَمْ يأتِهِ، أَوْ لَطَمَهُ، فإنَّ كَفَّارتَهُ أنْ يُعْتِقَهُ" رواه مسلم.

7/1606- وعن هِشَام بن حكيمِ بن حزامٍ رضي الله عنهما أنَّهُ مرَّ بالشَّامِ عَلَى أنَاسٍ مِنَ الأنباطِ، وقدْ أُقِيمُوا في الشَّمْس، وصُبَّ عَلَى رُؤُوسِهِم الزَّيْتُ، فَقَال: مَا هَذا؟ قيل: يُعَذَّبُونَ في الخَراجِ، وَفي رِوايةٍ: حُبِسُوا في الجِزيةِ. فَقَال هِشَامٌ: أشْهَدُ لسمِعْتُ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "إنَّ اللَّه يُعذِّبُ الذِينَ يُعذِّبُونَ النَّاس في الدُّنْيا" فَدَخَل عَلَى الأمِيرِ، فحدَّثَهُ، فَأمر بِهم فخُلُّوا. رواه مسلم"الأنبَاطُ"الفلَاّحُونَ مِنَ العجمِ.

8/1607- وعنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: رَأى رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حِماراً مْوسُومَ الوجْهِ، فأَنْكَر ذلكَ؟ فَقَال:" وَاللَّهِ لا أسِمُهُ إِلَاّ أقْصى شَيءٍ مِنَ الوجْهِ"، وَأمرَ بِحِمَارِهِ، فَكُوِيَ في جاعِرتَيْهِ، فَهُوَ أوَّلُ مَنْ كوى الجَاعِرتَيْنِ. رواه مسلم.

ص: 454

"الجاعِرتَانِ": نَاحِيتَا الوركَيْن حوْل الدُّبُر.

9/1608- وعَنْهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: مَرَّ علَيهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِم في وجْهِه فقَال: لَعَنَ اللَّه الَّذي وسمهُ" رواه مسلم.

وفي رواية لمسلم أَيضاً: نَهى رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّرْبِ في الوجهِ، وعنِ الوسْمِ في الوجهِ.

ص: 455

283-

‌ باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حَتَّى النملة ونحوها

1/1609- عنْ أَبي هُريْرة رضي الله عنه قَال: بعثنا رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعثٍ فَقال: " إنْ وجدْتُم فُلاناً وفُلاناً"لِرجُلَيْنِ مِنْ قُريش سمَّاهُمَا"فأحْرِقُوهُمَا بالنَّارِ"ثُمَّ قَال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أردْنا الخُرُوج:"إنِّي كُنْتُ أمرْتُكمْ أنْ تُحْرقُوا فُلاناً وفُلاناً، وإنَّ النَّار لا يُعَذبُ بِهَا إِلَاّ اللَّه، فَإنْ وجَدْتُموهُما فَاقْتُلُوهُما" رواه البخاري.

2/1610-وعن ابنِ مسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: كُنَّا مَعَ رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفَر، فَانْطَلَقَ لحَاجتِهِ، فَرأيْنَا حُمَّرةً معَهَا فَرْخَانِ، فَأَخذْنَا فَرْخيْها، فَجَاءتْ الحُمَّرةُ تَعْرِشُ فجاءَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"منْ فَجع هذِهِ بِولَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدهَا إليْهَا "وَرأى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حرَّقْنَاهَا، فَقال:"مَنْ حرَّقَ هذِهِ؟ "قُلْنَا: نَحْنُ. قَالَ:"إنَّهُ لا ينْبَغِي أنْ يُعَذِّب بالنَّارِ إلَاّ ربُّ النَّارِ". رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.

قَوْله:"قَرْيةَ نَمْلٍ"معناهُ: موْضِعُ النَّمْلِ مَع النَّملِ.

ص: 455

284-

‌ باب تحريم مطل الغني بحقٍّ طلبه صاحبه

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] . وَقالَ تَعَالَى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] .

1/1611- وَعَنْ أَبي هُريرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإذَا أُتبِعَ أحَدُكُمُ عَلى مَلًيءٍ فَلْيَتْبَعُ "متفقٌ عَلَيْهِ.

ص: 455

مَعْنَى"أُتبِعَ"أُحِيلَ.

ص: 456

285-

‌ باب كراهة عودة الإِنسان في هبة لَمْ يُسلِّمها إِلَى الموهوب لَهُ وفي هبة وهبها لولده

وسلمها أَوْ لم يسلمهاوكراهة شراءه شَيْئاً تصدّق بِهِ من الَّذِي تصدق عَلَيْهِ أو أخرجه عن زكاةأو كفارة ونحوها ولا بأس بشراءه من شخص آخر قد انتقل إليه.

2/612- َنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الَّذِي يعُودُ في هِبَتهِ كَالكَلبِ يرجعُ في قَيْئِهِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

وفي روايةٍ:"مَثَلُ الَّذي يَرجِعُ في صدقَتِهِ، كَمَثلِ الكَلْبِ يَقيءُ، ثُّمَّ يعُودُ في قَيْئِهِ فَيَأكُلُهُ".

وفي روايةٍ:"العائِدُ في هِبَتِهِ كالعائدِ في قَيْئِهِ".

3/13- َعَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: حَمَلْتُ عَلى فَرَسٍ في سبيلِ اللَّه فأَضَاعَهُ الَّذي كَانَ عِنْدَه، فَأردتُ أنْ أشْتَريَهُ، وظَنَنْتُ أنَّهُ يَبيعُهُ بِرُخْصِ، فسَألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"لَا تَشتَرِهِ وَلا تَعُدْ فِي صدَقَتِكَ وإنْ أعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإنَّ الْعَائد في صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ في قيْئِهِ "متفقٌ عَلَيْهِ.

قَوْله:"حمَلْتُ عَلى فَرسٍ فِي سَبيلِ اللَّه"معْنَاهُ: تَصدَّقْتُ بِهِ عَلى بعْض المُجاهِدِينَ.

ص: 456

286-

‌ باب تأكيد تحريم مال اليتيم

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ً} [النساء: 10] . وقال تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] . وقال تَعَالَى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] .

1/1614- َعن أبي هُريْرة رضي الله عنه عَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه ومَا هُن؟ قَالَ: الشِّرْك بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حرَّمَ اللَّهُ إلَاّ بِالحقِّ، وَأكْلُ الرِّبَا،

ص: 456

وَأكْلُ مَالِ اليتِيمِ. والتَّولِّي يوْمَ الزَّحْفِ، وقذفُ المُحْصنَاتٍ المُؤمِنَات الغافِلاتِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

"المُوبِقَاتُ"المُهْلكَاتُ.

ص: 457

287-

‌ باب تغليظ تحريم الربا

قَالَ اللهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا} [البقرة: 275-278] .

وأما الأحاديث فكثيرة في الصحيح مشهورة، مِنْهَا حديث أَبي هريرة السابق في الباب قبله.

1/1615- وَعَن ابنِ مَسْعودٍ رضي الله عنه قَالَ: "لَعَنَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّباَ وموكِلهُ" رواهُ مسلم. زاد الترمذي وغيره: "وَشَاهديه، وَكَاتبَهُ".

ص: 457

288-

‌ باب تحريم الرياء

قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5] . وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة: 264] . وقال تعالى: {يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَاّ قَلِيلاً} [النساء: 142] .

1/1616- وَعَنْ أبي هُريْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَالَ اللَّه تعَالى: أنَا أغْنى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّركِ، منْ عَملَ عَمَلا أشْركَ فيهِ مَعِى غَيْرِى، تَركْتُهُ وشِرْكَهُ" رواه مسلم.

2/1617- وَعَنْهُ قَالَ: سمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يوْمَ الْقِيامَةِ عَليْهِ

ص: 457

رجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِىَ بِهِ، فَعرَّفَهُ نِعْمَتَهُ، فَعَرفَهَا، قالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيها؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ: قالَ كَذَبْت، وَلكِنَّكَ قَاتلْتَ لأنَ يُقالَ جَرِيء، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ في النَّارِ. وَرَجُل تَعلَّم الْعِلّمَ وعَلَّمَهُ، وقَرَأ الْقُرْآنَ، فَأتِىَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمهُ فَعَرَفَهَا. قالَ: فمَا عمِلْتَ فِيهَا؟ قالَ: تَعلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأتُ فِيكَ الْقُرآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، ولكِنَّك تَعَلَّمْت الْعِلْمَ ليقال عالم، وقَرَأتُ الْقرآن لِيقالَ: هو قَارِىءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أمِرَ، فَسُحِبَ عَلى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ في النَّارِ، وَرَجُلٌ وسَّعَ اللَّه عَلَيْهِ، وَأعْطَاه مِنْ أصنَافِ المَال، فَأُتِى بِهِ فَعرَّفَهُ نعمَهُ، فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْت فِيهَا؟ قَالَ: مَا تركتُ مِن سَبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فيهَا إلَاّ أنْفَقْتُ فِيهَا لَك. قَالَ: كَذَبْتَ، ولكِنَّكَ فَعَلْتَ ليُقَالَ: هو جَوَادٌ فَقَدْ قيلَ، ثُمَّ أمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وجْهِهِ ثُمَّ ألْقِىَ في النَّارِ" رواه مسلم.

"جَرِيء"بفتح الجيم وكسر الرَّاءَ وبالمدِّ أي: شُجَاعٌ حَاذقٌ.

3/1618- وَعَنْ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ نَاساً قَالُوا لَهُ: إنَّا نَدْخُلُ عَلى سَلاطِيننا فَنَقُولُ لهُمْ بِخِلافِ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا منْ عنْدِهمْ؟ قالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفَاقاً عَلى عَهْد رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.

4/1619- وعنْ جُنْدُب بن عَبْدِ اللَّه بنِ سُفْيانَ رضي الله عنه قَالَ: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَن سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّه بِهِ، ومَنْ يُرَاَئِي يُرَائِي اللَّه بِهِ" متفقٌ عَلَيهِ.

وَرَواهُ مُسْلِمٌ أيضاً مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

"سَمَّعَ"بتَشْدِيدِ المِيمِ، وَمَعْنَاهُ: أَظْهَرَ عمَلَهُ للنَّاس ريَاءً"سَمَّعَ اللَّه بِهِ"أيْ: فَضَحَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ومَعْنى:"منْ رَاءَى"أيْ: مَنْ أَظْهَرَ للنَّاسِ الْعَمَل الصَّالحَ لِيَعْظُمَ عِنْدهُمْ"رَاءَى اللَّه بِهِ"أيْ: أظْهَرَ سَرِيرَتَهُ عَلى رُؤوس الخَلائِقِ.

5/1620- وعَنْ أَبي هُريْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ تَعَلَّم عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عز وجل لا يَتَعَلَّمُهُ إلَاّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" يَعْنى: رِيحَهَا. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ. والأحاديثُ في الباب كثيرةٌ مشهورةٌ.

ص: 458

289-

‌ باب ما يتوهم أنه رياء وليس برياء

1/1621- عنْ أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه قَال: قِيل لِرسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أَرأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي يعْملُ الْعملَ مِنَ الخيْرِ، ويحْمدُه النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ:"تِلْكَ عاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِنِ"، رواه مسلم.

ص: 459

290-

‌ باب تحريم النظر إِلَى المرأة الأجنبية

والأمرد الحسن لغير حاجة شرعية

قَالَ الله تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] . وقال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 36] . وقال تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19] . وقال تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] .

1/1622- وَعَنْ أَبي هُريْرةَ رضي الله عنه عنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَال: كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذلكَ لا محالَةَ: الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، والأُذُنَانِ زِنَاهُما الاستِماعُ، واللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلامُ، وَالْيدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، والرَّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا، والْقَلْب يَهْوَى وَيَتَمنَّى، ويُصَدِّقُ ذلكَ الْفرْجُ أوْ يُكَذِّبُهُ".

متفقٌ عليه. وهذا لَفْظُ مسلمٍ، وروايةُ الْبُخاريِّ مُخْتَصَرَةٌ.

2/1623- وعنْ أَبي سعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إيَّاكُمْ والجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ،"قَالُوا: يَارَسُول اللَّه مالَنَا مِنْ مجالِسِنا بُدٌّ: نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فَإذَا أبَيْتُمْ إلَاّ المجْلِسَ، فأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ"قَالُوا: ومَا حَقُّ الطَّرِيق يَارَسُولَ اللَّه؟ قَالَ:"غَضَّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذَى، وردُّ السَّلامِ، والأمْرُ بِالمَعْرُوفِ والنَّهىُ عنِ المُنْكَرِ" متفقٌ عَلَيْهِ.

3/1624- وعَنْ أَبي طلْحةَ زيْدِ بنِ سهْلٍ رَضِىَ اللَّه عنْهُ قَالَ: كُنَّا قُعُوداً بالأفنِيةِ نَتحَدَّثُ فِيهَا فَجَاءَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَامَ علينا فقال: "مالكُمْ وَلمَجالِسِ الصُّعُداتِ؟ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُداتِ"فَقُلنا:

ص: 459

إنَّما قَعدنَا لغَير مَا بَأس: قَعدْنَا نَتَذاكرُ، ونتحدَّثُ. قَالَ:"إمَّا لَا فَأدُّوا حَقَّهَا: غَضُّ البصرِ، ورَدُّ السَّلام، وحُسْنُ الكَلام "رواه مسلم.

"الصُّعداتُ"بضَمِّ الصَّادِ والعيْن. أي: الطُّرقَات.

4/1625- وَعَنْ جَرِير رضي الله عنه قَالَ: سألْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الفجأةِ فَقَال:"اصْرِفْ بصَرَك" رواه مسلم.

5/1626- وَعنْ أمِّ سَلَمةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وعِنْدَهُ مَيمونهُ، فَأَقْبَلَ ابنُ أمُّ مكتُوم، وذلكَ بعْدَ أنْ أُمِرْنَا بِالحِجابِ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"احْتَجِبا مِنْهُ"فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ألَيْس هُوَ أعْمَى: لَا يُبْصِرُنَا، وَلَا يعْرِفُنَا؟ فقَال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أفَعَمْياوَانِ أنْتُما ألَسْتُما تُبصِرانِهِ؟ " رواه أَبُو داود والترمذي وقَالَ: حَدِيثٌ حسنٌ صَحِيحٌ.

6/1627- وعنْ أَبي سَعيدٍ رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عوْرةِ الرَّجُلِ، وَلا المَرْأةُ إِلَى عوْرَةِ المَرْأةِ، وَلَا يُفْضِى الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ في ثوبٍ واحِدٍ، وَلَا تُفْضِى المَرْأةُ إِلَى المَرْأةِ في الثَّوْبِ الواحِدِ" رواه مسلم.

ص: 460

291-

‌ باب تحريم الخلوة بالأجنبية

قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] .

1/1628- وَعَنْ عُقْبَةَ بْن عَامِرٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: "إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ أفَرأيْتَ الْحمْوَ؟ قالَ:"الْحمْوُ المَوْتُ،" متفقٌ عَلَيْهِ.

"الْحَموُ"قَرِيبُ الزَّوْجِ كأخِيهِ، وابْنِ أخِيهِ، وابْنِ عمِّهِ.

ص: 460

2/1629- وَعَن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا يَخْلُوَنَّ أحدُكُمْ بِامْرأةٍ إلاًَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ" متفقٌ عَلَيْهِ.

3/1630- وعن بُريْدةَ رضي الله عنه قَالَ: قَال رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "حُرْمةُ نِساءِ المُجاهِدِينَ علَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمةِ أمهاتِهمْ، مَا مِنْ رجُل مِنْ الْقَاعِدِين يخْلُفُ رجُلاً مِنَ المُجاهدينَ في أهلِهِ، فَيَخُونُهُ فِيهِم إلَاّ وقَف لهُ يَوْم الْقِيامةِ، فَيأخُذُ مِن حسَناتِهِ مَا شَاءَ حَتَّى يَرضي"ثُمَّ الْتَفت إليْنَا رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مَا ظَنُّكُمْ؟ " رواهُ مسلم.

ص: 461

292-

‌ باب تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذَلِكَ

1/1631- عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَعَنَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثين مِنَ الرِّجالِ، والمُتَرجِّلاتِ مِن النِّساءِ.

وفي رواية: لَعنَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ بِالرِّجالِ. رواه البخاري.

2/1632- وعنْ أَبي هُريْرةَ رضي الله عنه قَالَ: لَعنَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الرَّجُل يلْبسُ لِبْسةَ المرْأةِ، والمرْأةِ تَلْبِسُ لِبْسةَ الرَّجُلِ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.

3/1633- وعنْه قَال: قَال رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "صِنْفَانِ مِنْ أهلِ النَّارِ لمْ أرَهُما: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كأذْنَابِ الْبقَرِ يَضْرِبونَ بِها النَّاس، ونِساء كاسياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأسْنِمةِ الْبُخْتِ المائِلَةِ لَا يَدْخٌلنَ الجنَّةَ، وَلَا يجِدْنَ رِيحَهَا، وإنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مسِيرَةِ كذَا وكَذَا" رواه مسلم.

معنى"كَاسِيَاتٌ"أيْ: مِنْ نعْمَةِ اللَّه"عارِياتٌ"مِن شُكْرِهَا وَقِيل: معناهُ: تسْتُرُ بعْض بدنِها، وتَكْشِفُ بعْضَهُ إظْهاراً لِجمالِها وَنَحْوِهِ. وَقِيلَ: تَلْبِسُ ثَوْباً رقِيقاً يصِفُ لَوْنَ بدنِهَا. ومعْنى"مائِلاتٌ"قيل: عَن طاعة اللَّه تعالى وَمَا يَلزَمُهُنَّ حِفْظُهُ،"ممِيلاتٌ"أيْ: يُعلِّمْنَ غَيرهُنَّ فِعْلَهُنَّ المذْمُوم، وَقِيلَ مائِلاتٌ يَمْشِينَ مُتَبخْترات، مُمِيلاتٍ لأكْتَافِهنَّ، وقِيلَ: مائِلاتٌ يمْتَشِطْنَ المِشْطَةَ المَيْلاءَ: وهىَ مِشْطَةُ الْبغَايا

ص: 461

و"مُميلاتٌ": يُمشِّطْنَ غَيْرهُنَّ تِلْكَ المِشْطَةَ."رُؤُوسُهُنَّ كَأسْنِمةِ الْبُخْتِ"أيْ: يُكبِّرْنَها ويُعظِّمْنها بلَفِّ عِمَامة أوْ عِصابةٍ أو نَحْوه.

ص: 462

293-

‌ باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار

1/1634- عنْ جابرٍ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: " لَا تأْكُلُوا بِالشِّمَالِ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يأكُل ويَشْرَبُ بِشِمالِهِ "رواه مسلم.

2/1635- وعَن ابنِ عُمر رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَأْكُلَنَّ أحدُكُمْ بِشِمالِهِ، وَلا يَشْربَنَّ بِهَا. فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمالِهِ وَيشْربُ بِهَا" رواهُ مسلم.

3/1636- وعَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال: إنَّ الْيهُود والنَّصارى لَا يَصْبِغُونَ، فَخَالِفوهُمْ" متفقٌ عليه.

المُرَادُ: خِضَابُ شَعْرِ اللِّحْيةِ والرَّأسِ الأبْيضِ بِصُفْرةٍ أوْ حُمْرةٍ، وأمَّا السَّوادُ، فَمنْهيُّ عَنْهُ كَما سَنَذْكُرُ في الْباب بعْدَهُ، إنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.

ص: 462

294-

‌ باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد

1/1637- عنْ جابرٍ رضي الله عنه قَال: أُتِى بِأَبِي قُحافَةَ والِدِ أَبي بكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما يَومَ فتْحِ مكَّةَ ورأسُهُ ولِحيتُهُ كالثَّغَامَةِ بَيَاضاً، فَقَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:" غَيِّرُوا هَذا واجْتَنبُوا السَّوادَ "رواه مسلم.

ص: 462

295-

‌ باب النهي عن القَزَع وَهُوَ حلق بعض الرأس دون بعض، وإباحة حَلْقِهِ كُلّهِ للرجل دون المرأة

1/1638- عن ابن عُمر رضي الله عنهما قَالَ: نَ هَى رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عنِ القَزعِ. متفق عَلَيْهِ

ص: 462

2/1639- وعَنْهُ قَالَ: رَأى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم صبِياً قَدْ حُلِقَ بعْضُ شَعْر رأسِهِ وتُرِكَ بعْضُهُ، فَنَهَاهَمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَال:"احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ".

رواهُ أَبُو داود بإسناد صحيحٍ عَلَى شَرْطِ البُخَارِي وَمسْلِم.

3/1640- وعنْ عبْدِ اللَّه بنِ جعْفَر رضي الله عنهما أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أمْهَل آلَ جعْفَرٍ رضي الله عنه ثَلاثاً، ثُمَّ أتَاهُمْ فَقَالَ:"لَا تَبْكُوا عَلَى أخِى بَعْدَ الْيوم"ثُمَّ قَال:"ادْعُوا لِي بَنِيَّ أخِى"فجِىءَ بِنَا كَأَنَّا أفْرُخٌ فَقَال:"ادْعُوا لِي الحلَاّقَ"فَأَمرهُ، فَحَلَقَ رُؤُوسنَا. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح عَلَى شَرْطِ البخاري ومُسْلِمٍ.

4/1641- وعَن عَلِىٍّ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنْ تحْلِقَ المَرأةُ رَأسَهَا. رواهُ النِّسائى.

ص: 463

296-

‌ باب تحريم وصل الشعر والوشم والوَشر وهو تحديد الأسنان

قال الله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَاّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَاّ شَيْطَاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 117،119] .

1/1642- وعَنْ أسْمَاءَ رضي الله عنها أنَّ امْرأَةً سألتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالتْ: يا رَسُولَ اللَّه إنَّ ابْنَتِي أصَابَتْهَا الْحَصْبةُ، فتمرَّقَ شَعْرُهَا، وإنِّي زَوَّجْتُها، أفَأَصِلُ فِيهِ؟ فقالَ:"لَعَنَ اللَّه الْواصِلة والْمَوصولة" متفقٌ عليه.

وفي روايةٍ:"الواصِلَةَ، والمُسْتوصِلَةَ".

قَوْلَهَا:"فَتَمرَّقَ"هو بالرَّاءِ، ومعناهُ: انْتثر وَسَقَطَ،"والْوَاصِلة": التي تَصِلُ شَعْرهَا، أو شَعْر غَيْرِهَا

ص: 463

بشَعْرٍ آخَرَ."والمَوْصُولة": التي يُوصَلُ شَعْرُهَا. "والمُستَوصِلَةُ": التي تَسْأَلُ منْ يَفْعَلُ ذلكَ لَهَا.

وعَنْ عائشة رضي الله عنها نَحْوُهُ، متفقٌ عليه.

2/1643- وَعَنْ حميْدِ بن عبْدِ الرَّحْمن أنَّهُ سَمِعَ مُعاويَةَ رضي الله عنه عامَ حجَّ علَى المِنْبَر وَتَنَاول قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ في يَدِ حَرِسيٍّ فَقَالَ: يَا أهْل المَدِينَةِ أيْنَ عُلَمَاؤكُمْ؟، سمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عنْ مِثْلِ هَذِهِ ويقُولُ:"إنًَّمَا هَلَكَتْ بنُو إسْرَائِيل حِينَ اتخذ هذه نِسَاؤُهُمْ" متفقٌ عليه.

3/1644- وعَنِ ابنِ عُمر رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْواصِلَةَ وَالمُسْتوصِلَةَ، والْوَاشِمَة والمُستَوشِمة. متفقٌ عليه.

4/1645- وعن ابنِ مَسعُودٍ رضي عنْهُ قَال: لعنَ اللَّه الْواشِماتِ والمُستَوشمات والمُتَنَمِّصات، والمُتَفلِّجات لِلحُسْن، المُغَيِّراتِ خَلْق اللَّه، فَقَالَتْ لَهُ امْرأَةٌ في ذلكَ. فَقَالَ: وَمَا لِي لَا ألْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَهُو فِي كِتَابِ اللَّه؟، قَالَ اللَّه تَعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] . متفقٌ عليه.

"المُتَفَلِّجةُ": هيَ الَّتي تبْرُدُ مِنْ أسْنَانِهَا لِيَتَباعدَ بعْضُها مِنْ بعْضٍ قَليلاً وتُحَسِّنُهَا وهُوَ الْوَشْرُ، والنَّامِصَةُ: هِي الَّتي تَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ حَاجِبِ غَيْرِهَا، وتُرَقِّقُهُ لِيصِيرَ حَسناً، والمُتَنمِّصةُ: الَّتي تَأمُرُ منْ يفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ.

ص: 464

297-

‌ باب النهي عن نتف الشيب من اللحية والرأس وغيرهماوعن نتف الأمرد شعر لحيته عند أول طلوعه

1/1646- عنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عنْ جَدِّهِ رضي الله عنه، عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ، فَإنَّهُ نُورُ المُسْلِمِ يوْمَ الْقِيامةِ" رواهُ أبو داودَ والتِّرْمِذِيُّ، والنسائِيُّ بأَسَانِيدَ حسنَةٍ، قَالَ الترمذي: هُو حديثٌ حَسَنٌ.

ص: 464

2/1647- وعنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "منْ عمِل عَمَلاً لَيْس عليهِ أمْرُنَا فهُو رَدُّ" رواه مسلم.

ص: 465

298-

‌ باب كراهية الاستنجاء باليمين ومس الفرج باليمين من غير عذر

1/1648- عنْ أَبي قَتَادةَ رضي الله عنه عنِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "إذَا بَالَ أحدُكُمْ. فَلَا يأْخُذَنَّ ذَكَرهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يسْتَنْجِ بِيمِينِهِ، ولَا يتنَفَّسْ فِي الإنَاءِ".

متفقٌ عليه. وفي الْباب أحاديثٌ كَثِيرةٌ صحِيحةٌ.

ص: 465

299-

‌ باب كراهة المشي في نعلٍ واحدةٍ، أو خفّ واحد لغير عذروكراهة لبس النعل والخف قائماً لغير عذر

1/1649- عنْ أبي هُريرةَ رضي الله عنه أنًَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يمْشِ أحدُكُم فِي نَعْلٍ واحِدَةٍ، لِينْعَلْهُما جمِيعاً، أوْ لِيخْلَعْهُمَا جمِيعاً".

وفي روايةٍ "أوْ لِيُحْفِهِما جَمِيعاً" متفقٌ عليْهِ.

2/1650- وعنه قَال: سمِعتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أحدِكُمْ، فَلَا يمْشِ في الأخْرى حتَّى يُصْلِحَهَا" رواهُ مسلم.

3/1651- وعَنْ جابِرٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم نَهَى أنْ ينْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائماً. رواهُ أبُو داوُدَ بإسْنادٍ حَسنٍ.

ص: 465

300-

‌ باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره

1/1652- عنِ ابْنِ عُمرَ رضي الله عنهما عنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا تَتْرُكُوا النَّار فِي بُيُوتِكُمْ حِين تَنامُونَ" متفق عليه.

2/1653- وعَنْ أبي مُوسَى الأشْعريِّ رضي الله عنه قَالَ: احْتَرَقَ بيْتٌ بِالمدينةِ عَلَى أهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ. فَلَمَّا حُدِّثَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بِشَأْنِهِمْ قَال: "إنَّ هَذِهِ النَّار عدُوٌّ لكُمْ، فَإذَا نِمْتُمْ فأطْفِئُوها" متفق عليه.

3/1654- وعنْ جابِر رضي الله عنه عنْ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "غَطُّوا الإنَاء، وأوْكِئُوا السِّقَاءَ، وَأغْلِقُوا الْباب، وَأطفِئُوا السِّراجِ، فإنَّ الشَّيْطَانَ لَا يحِلُّ سِقَاءً، ولَا يفتَحُ بَاباً، ولَا يكْشِفُ إنَاءً، فإنْ لَمْ يجِدْ أحَدُكُمْ إلَاّ أنْ يَعْرُضَ عَلَى إنَائِهِ عُوداً، ويذْكُر اسْمَ اللَّهِ فَلْيفْعَلْ، فَإنَّ الفُويْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أهْلِ البيتِ بيْتَهُمْ" رواهُ مسلم.

"الفُويْسِقَةَ": الفأْرةُ، و"تُضْرِمُ": تُحْرِقُ.

ص: 466

301-

‌ باب النهي عن التكلف وهو فعلُ وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة

قال الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] .

1/1655- وعنْ ابن عُمر، رضي الله عنهما، قَالَ: نُهينَا عنِ التَّكلُّفِ. رواه البُخاري.

2/1656- وعنْ مسْرُوق قَال: دخَلْنَا على عبْدِ اللَّهِ بْنِ مسْعُودٍ رضي الله عنه فَقَال: يا أَيُّهَا النَّاس منْ عَلِم شَيئاً فَلْيقُلْ بهِ، ومنْ لَمْ يعْلَمْ، فلْيقُلْ: اللَّه أعْلَمُ، فإنَّ مِنَ الْعِلْمِ أن تَقُولَ لِمَا لا تَعْلَمُ: اللَّه أعْلَمُ. قَال اللَّه تَعالى لِنَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {قلْ مَا أسأْلُكُمْ عَليْهِ مِنْ أجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِين} رواهُ البخاري.

ص: 466

302-

‌ باب تحريم النياحة على الميت، ولطم الخدِّ وشقِّ الجيب ونتف الشعر وحلقه، والدعاء بالويل والثبور

1/1657- عَنْ عُمَر بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "الميِّتُ يُعذَّبُ فِي قَبرِهِ بِما نِيح علَيْهِ". وَفِي روايةٍ:"مَا نِيحَ علَيْهِ"متفقٌ عليه.

2/1658- وعن ابْنِ مسعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعا بِدَعْوَى الجَاهِليةِ" متفقٌ عليه.

3/1659- وَعنْ أبي بُرْدةَ قَالَ: وَجِعَ أبُو مُوسَى الأشعريُّ رضي الله عنه، فَغُشِيَ علَيْهِ، وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ امْرأَةٍ مِنْ أهْلِهِ، فَأَقْبلَتْ تَصِيحُ بِرنَّةٍ فَلَمْ يَسْتَطِع أنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئاً، فَلَمَّا أفَاقَ، قَال: أنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، أنَّ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بَرِيء مِنَ الصَّالِقَةِ، والحَالَقةِ، والشَّاقَّةَ، متفقٌ عليه.

"الصَّالِقَةُ": الَّتِي تَرْفَعُ صوْتَهَا بالنِّياحةِ والنَّدْبِ"والحَالِقَةُ": الَّتِي تَحْلِقُ رَأسَهَا عِنْدَ المُصِيبَةِ."والشَّاقَّةُ"الَّتي تَشُقُّ ثَوْبَهَا.

4/1660- وعَن المُغِيرةِ بنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ نِيحَ عَليْهِ، فَإنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ علَيْهِ يَوْم الْقِيامةِ" متفقٌ عليه.

5/1661- وعَنْ أمِّ عَطِيَّةَ نُسيْبَةَ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتحِهَا رضي الله عنها قَالَتْ: أخَذَ عَلَينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ البَيْعة أنْ لَا نَنُوح. متفقٌ عليه.

6/1662- وَعَنِ النُّعْمانِ بنِ بشيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: أُغْمِي علَى عبْدِ اللَّه بنِ رَواحَةَ رضي

ص: 467

اللَّه عنْهُ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي، وتَقُولُ: واجبلَاهُ، واكذَا، واكَذَا: تُعدِّدُ علَيْهِ. فقَال حِينَ أفَاقَ: مَا قُلْتِ شيْئاً إلَاّ قِيل لِي: أنْتَ كَذَلِكَ؟، رواهُ البُخَارِي.

7/1663- وَعَن ابن عُمر رضي الله عنهما قَال: اشْتَكَى سعْدُ بنُ عُبادَةَ رضي الله عنه شَكْوَى، فَأَتَاهُ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يعُودُهُ معَ عبْدِ الرَّحْمنِ بنِ عوْفٍ، وسَعْدِ بنِ أَبي وقَّاص، وعبْدِ اللَّه بن مسْعُودٍ رضي الله عنهم، فَلَمَّا دخَلَ عليْهِ، وجدهُ في غَشْيةٍ فَقالَ:"أقضَى؟ قَالُوا: لا يا رسُولَ اللَّه. فَبَكَى رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم. فَلمَّا رَأى الْقَوْمُ بُكاءَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بَكَوْا، قَالَ:"ألَا تَسْمعُون؟ إنَّ اللَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِدمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، ولَكِنْ يُعذِّبُ بِهذَا "وَأشَارَ إلَى لِسانِهِ"أوْ يَرْحَمُ" متفقٌ عليه.

8/1664- وعَنْ أبي مالِكٍ الأشْعَريِّ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تتُبْ قَبْل مَوْتِهَا تُقَامُ يوْمَ الْقِيامةِ وعَلَيْها سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، ودَرْعٌ مِنْ جرَبٍ" رواهُ مسلم.

9/1665- وعنْ أُسيدِ بنِ أبي أُسِيدِ التَّابِعِيِّ عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ المُبايعات قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أخَذَ علَيْنَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فِي المعْرُوفِ الَّذِي أخذَ علَيْنَا أنْ لَا نَعْصِيَهُ فِيهِ: أَنْ لا نَخْمِشَ وَجْهاً، ولَا نَدْعُوَ ويْلَا، وَلَا نَشُقَّ جيْباً، وأنْ لَا نَنْثُر شَعْراً.

رَواهُ أبو داوُدَ بإسْنادٍ حسنٍ.

10/1666- وعَنْ أَبي مُوسَى رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ ميِّتٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ باكيهمْ، فَيَقُولُ: وَاجبلاهُ، واسَيِّداهُ أوَ نَحْو ذَلِك إلَاّ وُكِّل بِهِ مَلَكَانِ يلْهَزَانِهِ: أهَكَذَا كُنتَ؟، "رَوَاهُ التِّرْمِذي وقال: حديثٌ حَسَنٌ.

"اللَّهْزُ": الدَّفْعُ بجُمْعِ الْيَدِ فِي الصَّدرِ.

11/1667- وعنْ أبي هُريْرةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اثْنتَانِ في النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، والنِّياحَة عَلى المَيِّتِ" رواهُ مسلم.

ص: 468

303-

‌ باب النَّهي عن إتيان الكُهّان والمنجِّمين والعُرَّاف وأصحاب الرمل، والطوارق بالحصى وبالشعير ونحو ذلك

1/1668- عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَأَلَ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أُنَاسٌ عنِ الْكُهَّانِ، فَقَالَ:"لَيْسُوا بِشَيءٍ" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه إنَّهُمْ يُحَدِّثُونَنَا أحْيَاناً بشْيءٍ فيكُونُ حَقّاً؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"تِلْكَ الْكَلمةُ مِنَ الْحَقِّ يخْطَفُهَا الجِنِّيُّ. فَيَقُرُّهَا فِي أذُنِ ولِيِّهِ، فَيخْلِطُونَ معهَا مِائَةَ كِذْبَةٍ" مُتَّفَقٌ عليْهِ.

وفي روايةٍ للبُخَارِيِّ عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أنَّهَا سَمِعَت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنَّ الملائكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنانِ وَهُوَ السَّحابُ فَتَذْكُرُ الأمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ، فيسْتَرِقُ الشَّيْطَانُ السَّمْع، فَيَسْمعُهُ، فَيُوحِيهِ إلى الْكُهَّانِ، فيكْذِبُونَ معَهَا مائَةَ كَذْبةٍ مِنْ عِنْدِ أنفُسِهِمْ".

قولُهُ:"فَيَقُرُّهَا"هو بفتح الياء، وضم القاف والراءِ: أي: يُلقِيهَا."والْعنَانُ"بفتح العين.

2/1669- وعنْ صفيَّةَ بنْتِ أبي عُبيدٍ، عَنْ بَعْضِ أزْواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ورَضِيَ اللَّه عنْهَا عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ أتَى عَرَّافاً فَسأَلَهُ عنْ شَىْءٍ، فَصدَّقَهُ، لَمْ تُقْبلْ لَهُ صلاةٌ أرْبَعِينَ يوْماً" رواهُ مسلم.

3/1670- وعنْ قَبِيصَةَ بنِ المُخَارِق رضي الله عنه قَالَ: سمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُولُ: الْعِيَافَةُ، والطَّيرَةُ، والطَّرْقُ، مِنَ الجِبْتِ".

رواهُ أبو داود بإسناد حسن، وقال: الطَّرْقُ: هُوَ الزَّجْرُ، أيْ: زجْرُ الطَّيْرِ، وهُوَ أنْ يَتَيمَّنَ أوْ يتَشاءَمَ بِطَيرانِهِ، فَإنْ طَار إلَى جهةِ الْيمِينَ تَيَمَّنَ، وَإنْ طَارَ إلَى جهةِ الْيَسَارِ تَشَاءَم: قال أبو داود:"وَالْعِيافَةُ": الخَطُّ.

قالَ الجَوْهَريُّ في"الصِّحاح": الجِبْتُ كَلِمةٌ تَقَع عَلَى الصَّنَم والكَاهِن والسَّاحِرِ ونَحْوِ ذلكَ.

4/1671- وعنْ ابْنِ عبَّاسِ رضي الله عنهما قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ اقْتَبَسَ عِلْماً مِنَ النُّجُومِ، اقْتَبسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ ما زَاد" رَوَاهُ أبو داود بإسناد صحيح.

5/1672- وعَنْ معاويَةَ بنِ الحَكَم رضي الله عنه قَال: قُلْتُ يا رسُول اللَّه إنَّى حَدِيثٌ عهْدٍ بِجاهِليَّةٍ، وقدّْ جَاءَ اللَّه تَعَالَى بالإسْلام، وإنَّ مِنَّا رِجَالاً يأتُونَ الْكُهَّانَ؟ قَال:"فَلا تَأْتِهِم"قُلْتُ: وَمِنَّا رجالٌ

ص: 369